هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4566 حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4566 حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر ، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4826] قَوْله يُؤْذِينِي بن آدَمَ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّعَن أبي كريب عَن بن عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُهْلِكُنَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ هُوَ الَّذِي يُمِيتُنَا وَيُحْيِينَا فَقَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا الْآيَةَ قَالَ فَيَسُبُّونَ الدَّهْرَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُؤْذِينِي بن آدَمَ فَذَكَرَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَاهُ يُخَاطِبُنِي مِنَ الْقَوْلِ بِمَا يَتَأَذَّى مَنْ يَجُوزُ فِي حَقِّهِ التَّأَذِّي وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ الْأَذَى وَإِنَّمَا هَذَا مِنَ التَّوَسُّعِ فِي الْكَلَامِ وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ تَعَرَّضَ لِسَخَطِ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَا الدَّهْرُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَا صَاحِبُ الدَّهْرِ وَمُدَبِّرُ الْأُمُورِ الَّتِي يَنْسُبُونَهَا إِلَى الدَّهْرِ فَمَنْ سَبَّ الدَّهْرَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ فَاعِلُ هَذِهِ الْأُمُورَ عَادَ سَبُّهُ إِلَى رَبِّهِ الَّذِي هُوَ فَاعِلُهَا وَإِنَّمَا الدَّهْرُ زَمَانٌ جُعِلَ ظَرْفًا لِمَوَاقِعِ الْأُمُورِ وَكَانَتْ عَادَتُهُمْ إِذَا أَصَابَهُمْ مَكْرُوهٌ أَضَافُوهُ إِلَى الدَّهْرِ فَقَالُوا بُؤْسًا لِلدَّهْرِ وَتَبًّا لِلدَّهْرِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ .

     قَوْلُهُ  أَنَا الدَّهْرُ بِالرَّفْعِ فِي ضَبْطِ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُحَقِّقِينَ وَيُقَالُ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِ أَيْ أَنَا بَاقٍ أَبَدًا وَالْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ الرَّفْعُ وَهُوَ مَجَازٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَسُبُّونَ الدَّهْرَ عِنْدَ الْحَوَادِثِ فَقَالَ لَا تَسُبُّوهُ فَإِنَّ فَاعِلَهَا هُوَ اللَّهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَسُبُّوا الْفَاعِلَ فَإِنَّكُمْ إِذَا سَبَبْتُمُوهُ سَبَبْتُمُونِي أَوِ الدَّهْرُ هُنَا بِمَعْنَى الدَّاهِرُ فَقَدْ حَكَى الرَّاغِبُ أَنَّ الدَّهْرَ فِي قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ غَيْرُ الدَّهْرِ فِي قَوْلِهِ يَسُبُّ الدَّهْرَ قَالَ وَالدَّهْرُ الْأَوَّلُ الزَّمَانُ وَالثَّانِي الْمُدَبِّرُ الْمُصَرِّفُ لِمَا يَحْدُثُ ثُمَّ اسْتُضْعِفَ هَذَا الْقَوْلُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَعُدَّ الدَّهْرُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ مُحْتَجًّا لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَكَانَ يَقُولُ لَوْ كَانَ بِضَمِّهَا لَكَانَ الدَّهْرُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَلَا سِيَّمَا مَعَ رِوَايَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْر قَالَ بن الْجَوْزِيُّ يُصَوَّبُ ضَمُّ الرَّاءِ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمَضْبُوطَ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ بِالضَّمِّ ثَانِيهَا لَوْ كَانَ بِالنَّصْبِ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ فَأَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُهُ فَلَا تَكُونُ عِلَّةُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّهِ مَذْكُورَةٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى يُقَلِّبُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ فَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ مَنْعُ الذَّمِّ ثَالِثُهَا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ انْتَهَى وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ لَا تُعَيِّنُ الرَّفْعَ لِأَنَّ لِلْمُخَالِفَ أَنْ يَقُولَ التَّقْدِيرُ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ يُقَلِّبُ فَتَرْجِعُ لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَكَذَا تَرْكُ ذِكْرِ عِلَّةِ النَّهْيِ لَا يُعَيِّنُ الرَّفْعَ لِأَنَّهَا تُعْرَفُ مِنَ السِّيَاقِ أَي لَا ذَنْب لَهُ فَلَا تسبوه ( .

     قَوْلُهُ  سُورَةُ حم الْأَحْقَافِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بَعضهم أَثَرَة وأثرة وأثارة بَقِيَّة من عِلْمٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ أَوْ أثارة من علم أَيْ بَقِيَّةٌ مِنْ عِلْمٍ وَمَنْ قَالَ أَثَرَةً أَيْ بِفَتْحَتَيْنِ فَهُوَ مَصْدَرُ أَثَرَهُ يَأْثِرُهُ فَذَكَرَهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ قَرَأَ الْجُمْهُورُ أَوْ أَثَارَةٌ بِالْأَلِفِ وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ أَوْ أَثَرَةٌ بِمَعْنَى أَوْ خَاصَّةٌ مِنْ عِلْمٍ أُوتِيتُمُوهُ وَأُوثِرْتُمْ بِهِ عَلَى غَيْرِكُمْ.

.

قُلْتُ وَبِهَذَا فَسَّرَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَثَرَةٌ مِنْ عِلْمٍ قَالَ أَثَرَةٌ شَيْءٌ يَسْتَخْرِجُهُ فَيُثِيرُهُ قَالَ.

     وَقَالَ  قَتَادَةُ أَوْ خَاصَّةٌ مِنْ عِلْمٍ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق أبي سَلمَة عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ قَالَ خَطٌّ كَانَتْ تَخُطُّهُ الْعَرَبُ فِي الْأَرْضِ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَيُرْوَى عَنِ بن عَبَّاسٍ جَوْدَةُ الْخَطِّ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ وَحَمَلَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ الْخَطَّ هُنَا عَلَى الْمَكْتُوبِ وَزَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ إِذَا عَرَفَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَتَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُهُمْ فِي تَجْوِيدِ الْخَطِّ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ عَلَى مَا كَانُوا يَعْتَمِدُونَهُ فَالْأَمْرُ فِيهِ لَيْسَ هُوَ لإباحته قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ مَا كُنْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُل وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاس وللطبري من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ مِثْلُهُ قَالَ وَيُقَالُ مَا هَذَا مِنِّي بِبِدْعٍ أَيْ بِبَدِيعٍ وَلِلطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ إِنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَانَتْ قَبْلِي .

     قَوْلُهُ  تُفِيضُونَ تَقُولُونَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقد وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ أَرَأَيْتُمْ هَذِهِ الْأَلِفَ إِنَّمَا هِيَ تَوَعُّدٌ إِنْ صَحَّ مَا تَدَّعُونَ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَلَيْسَ .

     قَوْلُهُ  أَرَأَيْتُمْ بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ إِنَّمَا هُوَ أتعلمون أبلغكم أَن مَا تدعون من دون اللَّهِ خَلَقُوا شَيْئًا هَذَا كُلُّهُ سَقْطٌ لِأَبِي ذَرٍّ ( قَولُهُ بَابُ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكمَا أتعدانني أَن أخرج إِلَى قَوْلِهِ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَاقَ غَيْرُهُ الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا وَأُفٍّ قَرَأَهَا الْجُمْهُورُ بِالْكَسْرِ لَكِنْ نَوَّنَهَا نَافِعٌ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِم وقرا بن كثير وبن عَامر وبن مُحَيْصِنٍ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ عَاصِمٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قَوْله الذكرى)
هُوَ وَالذكر سَوَاء .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ بن جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ .

     قَوْلُهُ  عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ الْأَعْمَشُ وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى حَصَّتْ بِمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ جَرَّدَتْ وَأَذْهَبَتْ يُقَالُ سَنَةٌ حَصَّاءُ أَيْ جَرْدَاءُ لَا غَيْثَ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَحَدُهُمْ كَذَا قَالَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ أَيْ أَحَدُ الرُّوَاةِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِي سِيَاقِ السَّدُوسِيِّ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ فِيهِ اثْنَانِ سُلَيْمَانُ وَمَنْصُورٌ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ قَالَ أَحَدُهُمَا لَكِنْ تُحْمَلُ عَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ .

     قَوْلُهُ  وَجَعَلَ يَخْرُجُ مِنَ الْأَرَضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَكَانَ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخَانِ مِنَ الْجُوعِ وَلَا تَدَافُعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَبْدَؤُهُ مِنَ الْأَرْضِ وَمُنْتَهَاهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَا مُعَارَضَةَ أَيْضًا بَيْنَ قَوْلِهِ يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْأَرْضِ بُخَارٌ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنْ شِدَّةِ حَرَارَةِ الْأَرْضِ وَوَهَجِهَا مِنْ عَدَمِ الْغَيْثِ وَكَانُوا يَرَوْنَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخَانِ مِنْ فَرْطِ حَرَارَةِ الْجُوعِ وَالَّذِي كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ بِحَسَبِ تَخَيُّلِهِمْ ذَلِكَ مِنْ غِشَاوَةِ أَبْصَارِهِمْ مِنْ فَرْطِ الْجُوعِ أَوْ لَفْظُ مِنْ الْجُوعِ صِفَةُ الدُّخَانِ أَيْ يرَوْنَ مثل الدُّخان الْكَائِن من الْجُوع .

     قَوْلُهُ  سُورَةُ حم الْجَاثِيَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ الْجَاثِيَةُ حَسْبُ .

     قَوْلُهُ  جَاثِيَةٌ مُسْتَوْفِزِينَ عَلَى الرُّكَبِ كَذَا لَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ جَاثِيَةٌ قَالَ عَلَى الرُّكَبِ وَيُقَالُ اسْتَوْفَزَ فِي قِعْدَتِهِ إِذَا قَعَدَ مُنْتَصِبًا قُعُودًا غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ .

     قَوْلُهُ  نَسْتَنْسِخُ نَكْتُبُ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ فَذكره وَقد أخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مَعْنَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ .

     قَوْلُهُ  نَنْسَاكُمْ نَتْرُكُكُمْ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله فاليوم ننساكم كَمَا نسيتم قَالَ الْيَوْم نترككم كَمَا تركْتُم وَأخرجه بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَيْضًا وَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ لِأَنَّ مَنْ نَسِيَ فَقَدْ تَرَكَ بِغَيْرِ عكس

[ قــ :4566 ... غــ :4826] قَوْله يُؤْذِينِي بن آدَمَ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَن أبي كريب عَن بن عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُهْلِكُنَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ هُوَ الَّذِي يُمِيتُنَا وَيُحْيِينَا فَقَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا الْآيَةَ قَالَ فَيَسُبُّونَ الدَّهْرَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُؤْذِينِي بن آدَمَ فَذَكَرَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَاهُ يُخَاطِبُنِي مِنَ الْقَوْلِ بِمَا يَتَأَذَّى مَنْ يَجُوزُ فِي حَقِّهِ التَّأَذِّي وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ الْأَذَى وَإِنَّمَا هَذَا مِنَ التَّوَسُّعِ فِي الْكَلَامِ وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ تَعَرَّضَ لِسَخَطِ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَا الدَّهْرُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَا صَاحِبُ الدَّهْرِ وَمُدَبِّرُ الْأُمُورِ الَّتِي يَنْسُبُونَهَا إِلَى الدَّهْرِ فَمَنْ سَبَّ الدَّهْرَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ فَاعِلُ هَذِهِ الْأُمُورَ عَادَ سَبُّهُ إِلَى رَبِّهِ الَّذِي هُوَ فَاعِلُهَا وَإِنَّمَا الدَّهْرُ زَمَانٌ جُعِلَ ظَرْفًا لِمَوَاقِعِ الْأُمُورِ وَكَانَتْ عَادَتُهُمْ إِذَا أَصَابَهُمْ مَكْرُوهٌ أَضَافُوهُ إِلَى الدَّهْرِ فَقَالُوا بُؤْسًا لِلدَّهْرِ وَتَبًّا لِلدَّهْرِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ .

     قَوْلُهُ  أَنَا الدَّهْرُ بِالرَّفْعِ فِي ضَبْطِ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُحَقِّقِينَ وَيُقَالُ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِ أَيْ أَنَا بَاقٍ أَبَدًا وَالْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ الرَّفْعُ وَهُوَ مَجَازٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَسُبُّونَ الدَّهْرَ عِنْدَ الْحَوَادِثِ فَقَالَ لَا تَسُبُّوهُ فَإِنَّ فَاعِلَهَا هُوَ اللَّهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَسُبُّوا الْفَاعِلَ فَإِنَّكُمْ إِذَا سَبَبْتُمُوهُ سَبَبْتُمُونِي أَوِ الدَّهْرُ هُنَا بِمَعْنَى الدَّاهِرُ فَقَدْ حَكَى الرَّاغِبُ أَنَّ الدَّهْرَ فِي قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ غَيْرُ الدَّهْرِ فِي قَوْلِهِ يَسُبُّ الدَّهْرَ قَالَ وَالدَّهْرُ الْأَوَّلُ الزَّمَانُ وَالثَّانِي الْمُدَبِّرُ الْمُصَرِّفُ لِمَا يَحْدُثُ ثُمَّ اسْتُضْعِفَ هَذَا الْقَوْلُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَعُدَّ الدَّهْرُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ مُحْتَجًّا لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَكَانَ يَقُولُ لَوْ كَانَ بِضَمِّهَا لَكَانَ الدَّهْرُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَلَا سِيَّمَا مَعَ رِوَايَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْر قَالَ بن الْجَوْزِيُّ يُصَوَّبُ ضَمُّ الرَّاءِ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمَضْبُوطَ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ بِالضَّمِّ ثَانِيهَا لَوْ كَانَ بِالنَّصْبِ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ فَأَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُهُ فَلَا تَكُونُ عِلَّةُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّهِ مَذْكُورَةٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى يُقَلِّبُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ فَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ مَنْعُ الذَّمِّ ثَالِثُهَا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ انْتَهَى وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ لَا تُعَيِّنُ الرَّفْعَ لِأَنَّ لِلْمُخَالِفَ أَنْ يَقُولَ التَّقْدِيرُ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ يُقَلِّبُ فَتَرْجِعُ لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَكَذَا تَرْكُ ذِكْرِ عِلَّةِ النَّهْيِ لَا يُعَيِّنُ الرَّفْعَ لِأَنَّهَا تُعْرَفُ مِنَ السِّيَاقِ أَي لَا ذَنْب لَهُ فَلَا تسبوه

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب { وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ} الآيَةَ
هذا ( باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ( { وما يهلكنا} ) وما يفنينا ( { إلا الدهر} ) [الجاثية: 24] الأمر الزمان وطول العمر واختلاف الليل والنهار ( الآية) .
وزاد في الفرع وما لهم
بذلك الذي قالوه من علم علموه إن هم إلا يظنون إذ لا دليل لهم عليه وضرب على ذلك في الأصل.


[ قــ :4566 ... غــ : 4826 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ.
حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ».

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن سعيد بن المسيب) بفتح التحتية المشددة ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبوي ذر والوقت قال النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( قال الله عز وجل يؤذيني ابن آدم) أي يخاطبني من القول بما يتأذى به من يجوز في حقه التأذّي والله تعالى منزّه عن أن يصير في حقه الأذى إذ هو محال عليه، وإنما هذا من التوسع في الكلام والمراد أن من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله عز وجل ( يسب الدهر) يقول إذا أصابه مكروه بؤسًا للدهر وتبًّا له ( وأنا الدهر) بالرفع في الفرع كالأصول المعتمدة وضبط الأكثرين والمحققين أي أنا خالق الدهر ( بيدي الأمر) الذي ينسبونه إلى الدهر ( أقلب الليل والنهار) .

وروي نصب الدهر من قوله أنا الدهر أي أقلب الليل والنهار في الدهر والرفع كما مر أوجه قال في شرح المشكاة لأنه لا طائل تحته على تقدير النصب لأن تقديم الظرف إما للاهتمام أو للاختصاص ولا يقتضي المقام ذلك لأن الكلام مفرغ في شأن المتكلم لا في الظرف ولهذا عرف الخبر لإفادة الحصر فكأنه قيل أنا أقلب الليل والنهار لا ما تنسبونه إليه، قيل الدهر الثاني غير الأول وإنما هو مصدر بمعنى الفاعل ومعناه أنا الداهر المصرف المدبر المقدر لما يحدث فإذا سب ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبّه إليّ لأني فاعلها، وإنما الدهر زمان جعلته ظرفًا لمواقع الأمور قاله الشافعي والخطابي وغيرهما.
وهذا مذهب الدهرية من الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب المنكرين للمعاد والفلاسفة الدهرية الدورية المنكرين للصانع المعتقدين أن في كل ستة وثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه وكابروا المعقول وكذبوا المنقول قال ابن كثير وقد غلط ابن حزم ومَن نحا نحوه من الظاهرية في عدّهم الدهر من الأسماء الحسنى أخذًا من هذا الحديث.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في التوحيد ومسلم وأبو داود في الأدب والنسائي في التفسير.


[46] سورة الأَحْقَافِ
( بِسم الله الرحمن الرحيم) .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ { تُفِيضُونَ} تَقُولُونَ..
     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ ( أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ
وَأَثَارَةٍ بَقِيَّةُ عِلْمٍ)
..
     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ { بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9] لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ..
     وَقَالَ  غَيْرُهُ { أَرَأَيْتُمْ} هَذِهِ الأَلِفُ إِنَّمَا هِيَ تَوَعُّدٌ، إِنْ صَحَّ مَا تَدَّعُونَ لاَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَلَيْسَ .

     قَوْلُهُ  { أَرَأَيْتُمْ} بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ، إِنَّمَا هُوَ: أَتَعْلَمُونَ أَبَلَغَكُمْ أَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَلَقُوا شَيْئًا.


( [46] سورة الأحقاف)
مكية وآيها أربع أو خمس وثلاثون، ولأبي ذر سورة حم الأحقاف ( بسم الله الرحمن الرحيم) .
( وقال مجاهد) مما وصله الطبري في ( { تفيضون} ) من قوله تعالى: { هو أعلم بما تفيضون فيه} [الأحقاف: 8] أي ( تقولون) من التكذيب بالقرآن والقول فيه بأنه سحر وهذا ساقط لأبي ذر ( وقال بعضهم: أثرة) بفتحات من غير ألف وعزيت لقراءة علي وابن عباس وغيرهما ( وأُثرة) بضم فسكون ففتح وعزيت لقراءة الكسائي في غير المشهور ( وأثارة) بالألف بعد المثلثة وهي قراءة العامة مصدر على فعالة كضلالة ومراده قوله تعالى: { إيتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم} [الأحقاف: 4] هي ( بقية علم) ولأبي ذر من علم وأثرة وإثرة وإثارة برفع الثلاثة والتنزيل بالجر وبهذا قاله أبو عبيدة والفرّاء.

( وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم ( { بدعًا من الرسل} ) [الأحقاف: 9] أي ( لست بأوّل الرسل) ولأبي ذر ما كنت بأول الرسل فكيف تنكرون نبوّتي وإخباري بأني رسول الله.

( وقال غيره) أي غير ابن عباس ( { أرأيتم} ) من قوله: { قل أرأيتم إن كان من عند الله} [الأحقاف: 10] ( هذه الألف) التي في أوّل أرأيتم المستفهم بها ( إنما هي توعد) لكفار مكة حيث ادعوا صحة ما عبدوه من دون الله ( إن صح ما تدّعون) بتشديد الدال في زعمكم ذلك ( لا يستحق أن يعبد) لأنه مخلوق ولا يستحق أن يعبد إلا الخالق ( وليس قوله: { أرأيتم} برؤية العين) التي هي الإبصار ( إنما هو) أي معناه ( أتعلمون أبلغكم أن ما تدعون) بسكون الدال مخففة ( من دون الله خلقوا شيئًا) ومفعولا أرأيتم محذوفان تقديره أرأيتم حالكم إن كان كذا ألستم ظالمين وجواب الشرط أيضًا محذوف تقديره فقد ظلمتم ولهذا أُتِيَ بفعل الشرط ماضيًا وسقط من قوله وقال غيره إلى هنا لأبي ذر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ: { وَمَا يُهْلِكُنا إلاّ الدَّهْرُ} ( الجاثية: 42) الآيَةَ)

فِي بعض النّسخ: بابُُ { وَمَا يُهْلِكنَا إِلَّا الدَّهْر وَمَا لَهُم بذلك من علم أَن هم إِلَّا يظنون} وَله ( وَمَا يُهْلِكنَا) أَي: وَمَا يفنينا الْأَمر الزَّمَان وَطول الدَّهْر.



[ قــ :4566 ... غــ :4826 ]
- حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ حدَّثنا سُفْيَانُ حدَّثنا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعيد بن المُسَيَّبِ عنِ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ يُؤْذِيني ابنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأنَا بِيَدِي الأمْرُ أُقَلَّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحميدِي عبد الله بن الزبير، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن الْحميدِي أَيْضا.
وَأخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن عمر.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن ابْن السَّرْح وَمُحَمّد بن الصَّباح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد.

قَوْله: ( يوذيني ابْن آدم) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: مَعْنَاهُ يخاطبني من القَوْل بِمَا يتأذي من يجوز فِي حَقه التأذي، وَالله منزه عَن أَن يصير إِلَيْهِ الْأَذَى، وَإِنَّمَا هَذَا من التَّوَسُّع فِي الْكَلَام، وَالْمرَاد، أَن من وَقع ذَلِك مِنْهُ تعرض لسخط الله عز وَجل..
     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: الْإِيذَاء إِيصَال الْمَكْرُوه إِلَى الْغَيْر قولا أَو فعلا أثر فِيهِ أَو لم يُؤثر، وإيذاء الله عبارَة عَن فعل مَا يكرههُ وَلَا يرضى بِهِ، وَكَذَا إِيذَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( يسب الدَّهْر) ، الدَّهْر فِي الأَصْل اسْم لمُدَّة الْعَالم وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: { هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} ( الْإِنْسَان: 1) ثمَّ يعبر بِهِ عَن كل مُدَّة كَثِيرَة، وَهُوَ خلاف الزَّمَان فَإِنَّهُ يَقع على الْمدَّة القليلة والكثيرة، فَإِذا المُرَاد فِي الحَدِيث بالدهر مُقَلِّب اللَّيْل وَالنَّهَار ومصرف الْأُمُور فيهمَا فَيَنْبَغِي أَن يُفَسر الأول بذلك كَأَنَّهُ قيل: تسب مُدبر الْأَمر ومقلب اللَّيْل وَالنَّهَار، وَأَنا الْمُدبر والمقدر، فجَاء الِاتِّحَاد.
قَوْله: { وَأَنا الدَّهْر} ، قَالَ الْخطابِيّ: مَعْنَاهُ أَنا صَاحب الدَّهْر ومدبر الْأُمُور الَّتِي تنسبونها إِلَى الدَّهْر، فَإِذا سبّ ابْن آدم الدَّهْر من أجل أَنه فَاعل هَذِه الْأُمُور عَاد سبه إليّ لِأَنِّي فاعلها، وَإِنَّمَا الدَّهْر زمَان جعلته ظرفا لمواقع الْأُمُور، وَكَانَ من عَادَتهم إِذا أَصَابَهُم مَكْرُوه أضافوه إِلَى الدَّهْر، وَقَالُوا: وَمَا يُهْلِكنَا إلاَّ الدَّهْر وسبوه، فَقَالُوا: بؤسا للدهر، وتبا لَهُ إِذا كَانُوا لَا يعْرفُونَ للدهر خَالِقًا ويرونه أزليا أبديا، فَلذَلِك سموا بالدهرية، فَاعْلَم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن الدَّهْر مُحدث يقلبه بَين ليل ونهار لَا فعل لَهُ فِي خير وَشر، لكنه ظرف للحوادث الَّتِي الله تَعَالَى يحدثها وينشئها..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: أَنا الدَّهْر بِالرَّفْع، وَقيل بِالنّصب على الظّرْف.
قلت: كَانَ أَبُو بكر بن دَاوُد الْأَصْفَهَانِي يرويهِ بِفَتْح الرَّاء من الدَّهْر مَنْصُوبَة على الظّرْف أَي: أَنا طول الدَّهْر بيَدي الْأَمر، وَكَانَ يَقُول: لَو كَانَ مضموم الرَّاء لصار من أَسمَاء الله تَعَالَى،.

     وَقَالَ  القَاضِي: نَصبه بَعضهم على التَّخْصِيص، قَالَ: والظرف أصح وأصوب،.

     وَقَالَ  أَبُو جَعْفَر النّحاس: يجوز النصب أَي: بِأَن الله بَاقٍ مُقيم أبدا لَا يَزُول.

قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: هَذَا بَاطِل من وُجُوه: الأول: أَنه خلاف النَّقْل، فَإِن الْمُحدثين الْمُحَقِّقين لم يضبطوه إلاَّ بِالضَّمِّ، وَلم يكن ابْن دَاوُد من الْحفاظ وَلَا من عُلَمَاء النَّقْل.
الثَّانِي: أَنه ورد بِأَلْفَاظ صِحَاح تبطل تَأْوِيله وَهِي: لَا تَقولُوا: يَا خيبة الدَّهْر، فَإِن الله هُوَ الدَّهْر.
أَخْرجَاهُ، وَلمُسلم: لَا تسبوا الدَّهْر فَإِن الله هُوَ الدَّهْر.
الثَّالِث: تَأْوِيله يَقْتَضِي أَن يكون عِلّة النَّهْي لم تذكر لِأَنَّهُ إِذا قَالَ لَا تسبوا الدَّهْر.
فَأَنا الدَّهْر أقلب اللَّيْل وَالنَّهَار، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا تسبوا الدَّهْر وَأَنا أقلبه، وَمَعْلُوم أَنه يقلب كل شَيْء من خير وَشر، وتقلبه للأشياء لَا يمْنَع ذمها وَإِنَّمَا يتَوَجَّه الْأَذَى فِي قَوْله: ( يُؤْذِينِي ابْن آدم) على مَا كَانَت عَلَيْهِ الْعَرَب إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة يسبون الدَّهْر، وَيَقُولُونَ: عِنْد ذكر موتاهم، أبادهم الدَّهْر، ينسبون ذَلِك إِلَيْهِ ويرونه الْفَاعِل لهَذِهِ الْأَشْيَاء وَلَا يرونها من قَضَاء الله وَقدره.
قلت: قَوْله: أقلب اللَّيْل وَالنَّهَار، قرينَة قَوِيَّة دَالَّة على أَن الْمُضَاف فِي قَوْله: إِنَّا الدَّهْر.
مَحْذُوف وَأَن أَصله خَالق الدَّهْر، لِأَن الدَّهْر فِي الأَصْل عبارَة عَن الزَّمَان مُطلقًا وَاللَّيْل وَالنَّهَار زمَان، فَإِذا كَانَ كَذَلِك يُطلق على الله أَنه مُقَلِّب اللَّيْل وَالنَّهَار، بِكَسْر اللَّام، والدهر يكون مقلبا بِالْفَتْح، فَلَا يُقَال: الله الدَّهْر مُطلقًا.
لِأَن المقلب غير المقلب فَافْهَم، وَقد تفردت بِهِ من ( الفتوحات الربانية) وعَلى هَذَا لَا يجوز نِسْبَة الْأَفْعَال الممدوحة والمذمومة للدهر حَقِيقَة، فَمن اعْتقد ذَلِك فَلَا شكّ فِي كفره، وَأما من يجْرِي على لِسَانه من غير اعْتِمَاد صِحَّته فَلَيْسَ بِكَافِر وَلكنه تشبه بِأَهْل الْكفْر وارتكب مَا نَهَاهُ عَنهُ الشَّارِع فليتب وليستغفر.