هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4329 حَدَّثَنَا صَدَقَةُ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبِيدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، - قَالَ يَحْيَى : بَعْضُ الحَدِيثِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ - قَالَ : قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْرَأْ عَلَيَّ قُلْتُ : آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ ؟ قَالَ : فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ ، حَتَّى بَلَغْتُ : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا } قَالَ : أَمْسِكْ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قال يحيى : بعض الحديث ، عن عمرو بن مرة قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : اقرأ علي قلت : آقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : فإني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء ، حتى بلغت : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } قال : أمسك فإذا عيناه تذرفان
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4582] قَوْله حَدثنَا صَدَقَة هُوَ بن الْفَضْلِ وَيَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَسُلَيْمَانُ هُوَ الْأَعْمَشُ وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ وَعَبِيدَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هُوَ بن عَمْرو وَعبد الله هُوَ بْنُ مَسْعُودٍ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ سِوَى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَشَيْخِهِ كُوفِيُّونَ فِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ أَوَّلُهُمُ الْأَعْمَشُ قَوْله قَالَ يحيي هوالقطان وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةٍ أَيْ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ حَيْثُ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.

     وَقَالَ  بَعْدَهُ قَالَ الْأَعْمَشُ وَبَعْضُ الْحَدِيثِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي بِإِسْنَادِهِ وَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ إِسْنَادُ عَمْرٍو مَقْطُوعٌ وَبَعْضُ الْحَدِيثِ مَجْهُولٌ.

.

قُلْتُ عَبَّرَ عَنِ الْمُنْقَطِعِ بِالْمَقْطُوعِ لِقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِ بِمُرَاعَاةِ الِاصْطِلَاحِ وَأما قَوْله مَجْهُول فيريد مَا حَدَّثَهُ بِهِ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ فَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْبَعْضَ عَنْ هَذَا وَالْبَعْضَ عَنْ هَذَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَهُ كُلُّهُ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ وَبَعْضُهُ فِي أَثْنَائِهِ أَيْضا ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط) هَذَا الْقَدرُ مُشْتَرَكٌ فِي آيَتَيِ النِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ وَإِيرَادُ الْمُصَنِّفِ لَهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ يُشْعِرُ بِأَنَّ آيَةَ النِّسَاءِ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَقَدْ سَبَقَ مَا فِيهِ فِي كِتَابِ التَّيَمُّمِ .

     قَوْلُهُ  صَعِيدًا وَجْهَ الْأَرْضِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا تيمموا أَيتَعَمَّدُوا قَالَ وَالصَّعِيدُ وَجْهُ الْأَرْضِ قَالَ الزَّجَّاجُ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الصَّعِيدَ وَجْهُ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا تُرَابٌ أَمْ لَا وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى صَعِيدًا جُرُزًا وصعيدا زلقا وَإِنَّمَا سُمِّيَ صَعِيدًا لِأَنَّهُ نِهَايَةُ مَا يَصْعَدُ مِنَ الْأَرْضِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَى مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ الصَّعِيدُ الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا نَبَاتٌ وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ قَالَ الصَّعِيدُ التُّرَابُ وَمَنْ طَرِيق بن زَيْدٍ قَالَ الصَّعِيدُ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الصَّوَابُ أَنَّ الصَّعِيدَ وَجْهُ الْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْغَرْسِ والنبات وَالْبِنَاءِ.

.
وَأَمَّا الطَّيِّبُ فَهُوَ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ مَنِ اشْتَرَطَ فِي التَّيَمُّمِ التُّرَابَ لِأَنَّ الطَّيِّبَ هُوَ التُّرَابُ الْمُنْبِتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وروى عبد الرَّزَّاق من طَرِيق بن عَبَّاسٍ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ الْحَرْثُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  جَابِرٌ كَانَتِ الطَّوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ وَفِي أَسْلَمَ وَاحِدٌ وَفِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِد كهان ينزل عَلَيْهِم الشَّيْطَان وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الطَّوَاغِيتِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ وَفِي هِلَالٍ وَاحِدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَسَبُ جُهَيْنَةَ وَأَسْلَمَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ.

.
وَأَمَّا هِلَالٌ فَقَبِيلَةٌ يَنْتَسِبُونَ إِلَى هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ مِنْهُمْ مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  الْجِبْتُ السِّحْرُ وَالطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَمُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رُسْتَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ أَبِي إِسْحَاقَ لَهُ مِنْ حَسَّانَ وَسَمَاعِ حَسَّانَ مِنْ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ رُسْتَةَ وَحَسَّانُ بْنُ فَائِدٍ بِالْفَاءِ عَبْسِيٌّ بِالْمُوَحَّدَةِ قَالَ أَبُو حَاتِم شيخ وَذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ مثل قَول عمر وَزَاد والطاغوت الشَّيْطَان فِي صُورَةُ إِنْسَانٍ يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ الْجِبْتُ السَّاحِرُ وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ وَهَذَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِالتَّأْوِيلِ إِلَى الَّذِي قَبْلَهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عِكْرِمَةُ الْجِبْتُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ شَيْطَانٌ وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ مِثْلَهُ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْحَبَشَةِ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْجِبْتَ الشَّيْطَانُ وَالطَّاغُوتَ الْكَاهِنُ وَمن طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْجِبْتُ الْأَصْنَامُ وَالطَّوَاغِيتُ الَّذِينَ كَانُوا يُعَبِّرُونَ عَنِ الْأَصْنَامِ بِالْكَذِبِ قَالَ وَزَعَمَ رِجَالٌ أَنَّ الْجِبْتَ الْكَاهِنُ وَالطَّاغُوتَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُدْعَى كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ الْجِبْتُ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ وَالطَّاغُوتُ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ جِنْسُ مِنْ كَانَ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ سَوَاءٌ كَانَ صَنَمًا أَوْ شَيْطَانًا جِنِّيًّا أَوْ آدَمِيًّا فَيَدْخُلُ فِيهِ السَّاحِرُ وَالْكَاهِنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ عِكْرِمَةَ إِنَّ الْجِبْتَ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الشَّيْطَانُ فَقَدْ وَافَقَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّاحِرِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ الْجِبْتُ السَّاحِرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُمَا إِلَى وُقُوعِ الْمُعَرَّبِ فِي الْقُرْآنِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ اخْتُلِفَ فِيهَا فَبَالَغَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ اللُّغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ فَحَمَلُوا مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى توارد اللغتين وَأَجَازَ ذَلِك جمَاعَة وَاخْتَارَهُ بن الْحَاجِبِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِوُقُوعِ أَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ فِيهِ كَإِبْرَاهِيمَ فَلَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ وَقَدْ وَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ جُمْلَةٌ مِنْ هَذَا وَتَتَبَّعَ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَلِكَ وَنَظَمَهُ فِي أَبْيَاتٍ ذَكَرَهَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ يَجْمَعُهَا هَذِهِ الْأَبْيَاتُ فَذَكَرَهَا وَقَدْ تَتَبَّعْتُ بَعْدَهُ زِيَادَةً كَثِيرَةً عَلَى ذَلِكَ تَقْرُبُ مِنْ عِدَّةِ مَا أَوْرَدَ وَنَظَمْتُهَا أَيْضًا وَلَيْسَ جَمِيعُ مَا أَوْرَدَهُ هُوَ مُتَّفَقًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ لَكِنِ اكْتَفَى بِإِيرَادِ مَا نُقِلَ فِي الْجُمْلَةِ فَتَبِعْتُهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رَأَيْتُ إِيرَادَ الْجَمِيعِ لِلْفَائِدَةِ فَأَوَّلُ بَيْتٍ مِنْهَا مِنْ نَظْمِي وَالْخَمْسَةُ الَّتِي تَلِيهِ لَهُ وَبَاقِيهَا لِي أَيْضًا فَقلتمِنَ الْمُعَرَّبِ عَدَّ التَّاجُ كَزَّ وَقَدْ أَلْحَقْتُ كَدَّ وَضَمَّتْهَا الْأَسَاطِيرُ السَّلْسَبِيلُ وَطَهَ كُوِّرَتْ بِيَعٌ رُومٌ وَطُوبَى وَسِجِّيلٌ وَكَافُورُ وَالزَّنْجَبِيلُ وَمِشْكَاةٌ سُرَادِقُ مَعْ إِسْتَبْرَقٍ صَلَوَاتٌ سُنْدُسٌ طُورُ كَذَا قَرَاطِيسُ ربانيهم وغساق ثُمَّ دِينَارُ الْقِسْطَاسِ مَشْهُورُ كَذَاكَ قَسْوَرَةٌ وَالْيَمُّ نَاشِئَةٌ وَيُؤْتِ كِفْلَيْنِ مَذْكُورٌ وَمَسْطُورُ لَهُ مَقَالِيدُ فردوس يعد كَذَا فِيمَا حكى بن دُرَيْدٍ مِنْهُ تَنُّورُ وَزِدْتُ حِرْمَ وَمُهْلَ وَالسِّجِلَّ كَذَا السَّرِيُّ وَالْأَبُّ ثُمَّ الْجِبْتُ مَذْكُورُ وَقِطَّنَا وَإِنَاهُ ثُمَّ مُتَّكَأً دَارَسْتَ يُصْهَرُ مِنْهُ فَهْوَ مَصْهُورُ وَهَيْتَ وَالسَّكْرَ الْأَوَّاهُ مَعْ حَصَبٍ وَأَوِّبِي مَعْهُ وَالطَّاغُوتُ مَنْظُورُ صُرْهُنَّ إِصْرِي وَغِيضَ الْمَاءُ مَعْ وَزَرَ ثُمَّ الرَّقِيمُ مَنَاصٌ وَالسَّنَا النُّورُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِي كَزَّ أَنَّ عِدَّةَ مَا ذَكَرَهُ التَّاجُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَبِقَوْلِي كَدَّ أَنَّ عِدَّةَ مَا ذَكَرْتُهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَنَا مُعْتَرِفٌ أَنَّنِي لَمْ أَسْتَوْعِبْ مَا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ فَقَدْ ظَفِرْتُ بَعْدَ نَظْمِي هَذَا بِأَشْيَاءَ تَقَدَّمَ مِنْهَا فِي هَذَا الشَّرْحِ الرَّحْمَنُ وَرَاعِنَا وَقَدْ عَزَمْتُ أَنِّي إِذَا أَتَيْتُ عَلَى آخِرِ شَرْحِ هَذَا التَّفْسِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أُلْحِقُ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَةٍ فِي ذَلِكَ مَنْظُومًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي سُقُوطِ عِقْدِهَا وَنُزُولِ آيَةِ التَّيَمُّمِ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كتاب التَّيَمُّم ( قَولُهُ بَابُ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ذَوِي الْأَمْرِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ذَوِي الْأَمْرِ وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَزَادَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ وَاحِدَهَا ذُو أَيْ وَاحِدٌ أَوْلَى لِأَنَّهَا لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذرة)
يَعْنِي زِنَةَ ذَرَّةٍ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِثْقَالَ ذَرَّةٍ أَيْ زِنَةَ ذَرَّةٍ وَيُقَالُ هَذَا مِثْقَالُ هَذَا أَيْ وَزْنُهُ وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنَ الثِّقَلِ وَالذَّرَّةُ النَّمْلَةُ الصَّغِيرَةُ وَيُقَالُ وَاحِدَةُ الْهَبَاءِ وَالذَّرَّةُ يُقَالُ زِنَتُهَا رُبُعُ وَرَقَةِ نُخَالَةٍ وَوَرَقَةُ النُّخَالَةِ وَزْنُ رُبُعِ خَرْدَلَةٍ وَزِنَةُ الْخَرْدَلَةِ رُبُعُ سِمْسِمَةٍ وَيُقَالُ الذَّرَّةُ لَا وَزْنَ لَهَا وَإِنَّ شَخْصًا تَرَكَ رَغِيفًا حَتَّى عَلَاهُ الذَّرُّ فَوَزَنَهُ فَلَمْ يَزِدْ شَيْئًا حَكَاهُ الثَّعْلَبِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ فِي الشَّفَاعَةِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ هُنَاكَ وَهُوَ بِطُولِهِ فِي مَعْنَاهُ وَقَدْ وَقَعَ ذِكْرُهُمَا بِتَمَامِهِمَا مُتَوَالِيَيْنِ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ وَشَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هُوَ الرَّمْلِيُّ يُعْرَفُ بِابْنِ الْوَاسِطِيِّ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَلَيَّنَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخر فِي الِاعْتِصَام قَولُهُ بَابُ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا وَقَعَ فِي الْبَابِ تَفَاسِيرُ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْآيَةِ وَقَدْ قَدَّمْتُ الِاعْتِذَارَ عَنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  الْمُخْتَالُ وَالْخَتَّالُ وَاحِدٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقَانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ الْمُخْتَالُ وَالْخَالُ وَاحِدٌ وَصَوَّبَهُ بن مَالِكٍ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مُخْتَالًا فَخُورًا الْمُخْتَالُ ذُو الْخُيَلَاءِ وَالْخَالُ وَاحِدٌ قَالَ وَيَجِيءُ مَصْدَرًا قَالَ العجاج وَالْخَال ثوب من ثِيَاب الْجُهَّال.

.

قُلْتُ وَالْخَالُ يُطْلَقُ لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَصِيدَةٍ فَبَلَغَ نَحْوًا مِنَ الْعِشْرِينَ وَيُقَالُ إِنَّهُ وُجِدَتْ قَصِيدَةٌ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ عِشْرِينَ أُخْرَى وَكَلَامُ عِيَاضٍ يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّةِ لَا الْفَوْقَانِيَّةِ وَلِهَذَا قَالَ كُلُّهُ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي الْخَاءِ وَالتَّاءِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَالْخَتَّالُ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقَانِيَّةٍ لَا معنى لَهُ هُنَا كَمَا قَالَ بن مَالِكٍ وَإِنَّمَا هُوَ فَعَّالٌ مِنَ الْخَتْلِ وَهُوَ الْغدر وَلِأَنَّ عَيْنَهُ يَاءٌ تَحْتَانِيَّةٌ لَا فَوْقَانِيَّةٌ وَالِاسْمُ الْخَلَاءُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَخْتِلُ فِي صُورَةِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ التَّكْبِيرِ وَالتَّعَاظُمِ .

     قَوْلُهُ  نَطْمِسَ وُجُوهًا نُسَوِّيَهَا حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ طَمَسَ الْكِتَابَ مَحَاهُ هُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا أَيْ نُسَوِّيَهَا حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ يُقَالُ لِلرِّيحِ طَمَسَتِ الْآثَارَ أَيْ مَحَتْهَا وَطَمَسَ الْكِتَابَ أَيْ مَحَاهُ وَأَسْنَدَ الطَّبَرِيُّ عَنْ قَتَادَةَ الْمُرَادُ أَنْ تَعُودَ الْأَوْجُهُ فِي الْأَقْفِيَةِ وَقِيلَ هُوَ تَمْثِيلٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَتَهُ حِسًّا .

     قَوْلُهُ  بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا وَقُودًا هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى وَكفى بجهنم سعيرا أَي وقودا وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ مِثْلَهُ تَنْبِيهٌ هَذِهِ التَّفَاسِيرُ لَيْسَتْ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَكَأَنَّهُ مِنَ النُّسَّاخِ كَمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ غير مرّة

[ قــ :4329 ... غــ :4582] قَوْله حَدثنَا صَدَقَة هُوَ بن الْفَضْلِ وَيَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَسُلَيْمَانُ هُوَ الْأَعْمَشُ وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ وَعَبِيدَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هُوَ بن عَمْرو وَعبد الله هُوَ بْنُ مَسْعُودٍ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ سِوَى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَشَيْخِهِ كُوفِيُّونَ فِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ أَوَّلُهُمُ الْأَعْمَشُ قَوْله قَالَ يحيي هوالقطان وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةٍ أَيْ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ حَيْثُ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.

     وَقَالَ  بَعْدَهُ قَالَ الْأَعْمَشُ وَبَعْضُ الْحَدِيثِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي بِإِسْنَادِهِ وَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ إِسْنَادُ عَمْرٍو مَقْطُوعٌ وَبَعْضُ الْحَدِيثِ مَجْهُولٌ.

.

قُلْتُ عَبَّرَ عَنِ الْمُنْقَطِعِ بِالْمَقْطُوعِ لِقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِ بِمُرَاعَاةِ الِاصْطِلَاحِ وَأما قَوْله مَجْهُول فيريد مَا حَدَّثَهُ بِهِ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ فَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْبَعْضَ عَنْ هَذَا وَالْبَعْضَ عَنْ هَذَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَهُ كُلُّهُ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ وَبَعْضُهُ فِي أَثْنَائِهِ أَيْضا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} الْمُخْتَالُ: وَالْخَتَّالُ وَاحِدٌ.

نَطْمِسَ وُجُوهًا: نُسَوِّيَهَا حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ.
طَمَسَ الْكِتَابَ: مَحَاهُ.
سَعِيرًا: وُقُودًا.

هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} ) استفهام توبيخ أي فكيف حال هؤلاء الكفار أو صنيعهم إذا جئنا من كل أمة بنبيهم يشهد على كفرهم كقوله تعالى: { وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم} [المائدة: 117] فكيف في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف والعامل في إذًا هو هذا المقدّر أو في محل نصب بفعل محذوف أي فكيف يكونون أو يصنعون، ويجري فيها الوجهان النصب على التشبيه بالحال كما هو مذهب سيبويه أو على التشبيه بالظرفية كما هو مذهب الأخفش وهو العامل في إذا أيضًا ومن كل أمة متعلق بجئنا والمعنى أنه يؤتى بنبي كل أمة يشهد عليها ولها ( { وجئنا بك} ) يا محمد ( { على هؤلاء شهيدًا} ) [النساء: 41] أي تشهد على صدق هؤلاء الشهداء لحصول علمك بعقائدهم لدلالة كتابك وشرعك على قواعدهم.
وقال أبو حيان: الأظهر أنّ هذه الجملة في موضع جر عطفًا على جئنا الأوّل أي فكيف يصنعون في وقت المجيئين.

( المختال والختال) بفتح الخاء المعجمة والمثناة الفوقية المشددة معناهما ( واحد) كذا في رواية الأكثر ولا ينتظم هذا مع المختال لأن المختال هو صاحب الخيلاء والكبر فهو مفتعل من الخيلاء وأما ختال فهو فعال من الختل وهو الخديعة، فلا يمكن أن يكون بمعنى المختال المراد به المتكبر، وللأصيلي والخال بدون الفوقية بدل المختال وصوّبه غير واحد لأنه يطلق على معان فيكون بمعنى الخائل وهو المتكبر.
وقال اليونيني: وعند أبي ذر والختال بالخاء والتاء ثالث الحروف في الأصل الذي قابلت به، وأنكر ذلك شيخنا الإمام أبو عبد الله بن مالك قال: والصواب والخال بغير تاء اهـ.

ومراده قوله تعالى: { إن الله لا يحب من كان مختالًا فخورًا} [النساء: 36] .

( { نطمس وجوهًا} ) [النساء: 47] أي ( نسوّيها حتى تعود كأقفائهم) حقيقة أو هو تمثيل وليس المراد حقيقته حسًّا، وأسند الطبري عن قتادة المراد أن تعود الأوجه في الأقفية يقال ( طمس الكتاب) إذا ( محاه) ومراده قوله تعالى: { من قبل أن نطمس وجوهًا} فنطمس هنا نصب على الحكاية كما لا يخفى.

وقوله تعالى: { وكفى بجهنم} ( { سعيرًا} ) [النساء: 55] أي ( وقودًا) ولأبي ذر جهنم سعيرًا وقودًا ولا محل لسياق هذه الآيات هنا فيحتمل أن يكون من النساخ.


[ قــ :4329 ... غــ : 4582 ]
- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَحْيَى: بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اقْرَأْ عَلَيَّ».

.

قُلْتُ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ: «فَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} قَالَ: «أَمْسِكْ» فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.
[الحديث 4582 - أطرافه في: 5049 - 5050 - 5055 - 5056] .

وبه قال: ( حدّثنا صدقة) بن الفضل المروزي قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر أخبرني بالإفراد ( يحيى) بن سعيد القطان ( عن سفيان) الثوري ( عن سليمان) بن مهران الأعمش ( عن إبراهيم) النخعي ( عن عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة ابن عمرو السلماني ( عن عبد الله) هو ابن مسعود ( قال يحيى) بن سعيد القطان بالإسناد السابق ( بعض الحديث عن عمرو بن مرة) بفتح العين ومرة بضم الميم وتشديد الراء الجملي بفتح الجيم والميم أبي عبد الله الكوفي الأعمى أي من رواية الأعمش عن عمرو بن مرة عن إبراهيم كما صرح بذلك في باب البكاء عند قراءة القرآن حيث أخرجه عن مسدد عن يحيى القطان بالإسناد المذكور، وقال بعده قال الأعمش: وبعض الحديث حدّثني عمرو بن مرة عن إبراهيم، والحاصل أن الأعمش سمع الحديث من إبراهيم النخعي وسمع بعضه من عمرو بن مرة عن إبراهيم يعني عن عبيدة عن ابن مسعود أنه ( قال: قال لي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( اقرأ عليّ) زاد في باب: من أحب أن يسمع القرآن من غيره من طريق عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش القرآن وهو يصدق بالبعض ( قلت: آقرأ) بمدّ الهمزة ( عليك وعليك أنزل؟ قال) : ( فإني أحب أن أسمعه من غيري) .

قال ابن بطال: يحتمل أن يكون أحب أن يسمعه من غيره ليكون عرض القرآن سنة أو ليتدبره ويتفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وأنشط لذلك من القارئ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها وهذا بخلاف قراءته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أبي بن كعب فإنه أراد أن يعلمه كيف أداء القراءة ومخارج الحروف.

( فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت: { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} قال) عليه الصلاة والسلام: ( أمسك) وفي باب: البكاء عند قراءة القرآن قال لي: كف أو أمسك على الشك ( فإذا عيناه تذوفان) بالذال المعجمة وكسر الراء خبر المبتدأ وهو عيناه وإذا للمفاجأة أي تطلقان دمعهما وبكاؤه عليه الصلاة والسلام على المفرطين أو لعظم ما تضمنته الآية من هول المطلع وشدة الأمر أو هو بكاء فرح لا بكاء جزع لأنه تعالى جعل أمته شهداء على سائر الأمم كما قال الشاعر:
طفح السرور عليّ حتى أنه ... من عظم ما قد سرّني أبكاني
وهذا الأخير نقله صاحب فتوح الغيب عن الزمخشري.

وفي هذا الحديث ثلاثة من التابعين على نسق واحد، وأخرجه أيضًا في فضائل القرآن وكذلك النسائي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِهِ { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} صَعِيدًا: وَجْهَ الأَرْضِ..
     وَقَالَ  جَابِرٌ كَانَتِ الطَّوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ وَفِي أَسْلَمَ وَاحِدٌ وَفِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِدٌ كُهَّانٌ، يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ..
     وَقَالَ  عُمَرُ: الْجِبْتُ: السِّحْرُ.
وَالطَّاغُوتُ: الشَّيْطَانُ..
     وَقَالَ  عِكْرِمَةُ: الْجِبْتُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ شَيْطَانٌ.
وَالطَّاغُوتُ: الْكَاهِنُ.

( باب قوله) تعالى، وسقط الباب وتاليه لغير أبي ذر ( { وإن كنتم مرضى} ) مرضًا يخاف معه من استعمال الماء أو مرضًا يمنع من الوصول إليه والمرض انحراف مزاج تصدر معه الأفعال غير مستقيمة، والمراد هنا كل ما يخاف منه محذور ولو شيئًا فاحشًا في عضو ظاهر.
وعن مجاهد فيما رواه ابن أبي حاتم أن قوله: { وإن كنتم مرضى} نزلت في رجل من الأنصار كان مريضًا فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ ولم يكن له خادم يناوله فأتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر ذلك له فأنزل الله تعالى هذه الآية وهذا مرسل.
( { أو على سفر} ) طويل أو قصير لا تجدون فيه الماء والسفر هو الخروج
عن الوطن، وينبغي أن يكون مباحًا ( { أو جاء أحد منكم من الغائط} ) [النساء: 43] فأحدث بخروج الخارج من أحد السبيلين وأصل الغائط المطمئن من الأرض وكانت عادة العرب إتيانه للحدث ليسترهم عن أعين الناس فكنوا به عن الخارج تسمية للشيء باسم مكانه.

( صعيدًا) يريد تفسير قوله تعالى: { فتيمموا صعيدًا طيبًا} قال: ( وجه الأرض) بالنصب ولأبي ذر وجه الأرض بالرفع بتقدير هو والمراد بوجه الأرض ظاهرها سواء كان عليها تراب أم لا.
ولذا قالت الحنفية لو ضرب المتيمم يده على حجر صلد ومسح أجزاءه.

وقالت الشافعية لا بدّ أن يعلق باليد شيء من التراب لقوله تعالى في سورة المائدة: { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} [المائدة: 6] أي من بعضه وجعل من لابتداء الغاية تعسف إذ لا يفهم من نحو ذلك إلا التبعيض والمسح ببعض الخشب والحجر غير مقصود هذا وأنه وصف بالطيب والأرض الطيبة هي المنبتة وغير الطيبة لا تنبت وغير التراب لا ينبت، والذي لا ينبت لا يكون طيبًا فهو أمر بالتراب فقط.
وقال الشافعي وهو القدوة في اللغة وقوله فيها الحجة لا يقع اسم الصعيد إلا على تراب ذي غبار، فأما البطحاء الغليظة والرقيقة فلا يقع عليها اسم الصعيد فإن خالطه تراب أو مدر يكون له غبار كان الذي خالطه هو الصعيد، وقد وافق الشافعي الفراء وأبو عبيد وفي حديث حذيفة عند الدارقطني في سننه وأبي عوانة في صحيحه مرفوعًا "جعلت لي الأرض مسجدًا وترابها لنا طهورًا".
وعند مسلم تربتها وهذا مفسر للآية والمفسر يقضي على المجمل.

( وقال جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: { يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} [النساء: 60] ( كانت الطواغيت) بالمثناة جمع طاغوت ( التي يتحاكمون إليها) في الجاهلية ( في) قبيلة ( جهينة) طاغوت ( واحد وفي) قبيلة ( أسلم) طاغوت ( واحد وفي كل حي) من أحياء العرب ( واحد) وهي ( كهان) بضم الكاف وتشديد الهاء جمع كاهن ( ينزل عليهم الشيطان) بالإخبار عن الكائنات في المستقبل ( وقال عمر) بن الخطاب مما هو موصول عند عبد بن حميد في قوله تعالى: { يؤمنون بالجبت والطاغوت} [النساء: 51] ( الجبت) هو ( السحر والطاغوت) هو ( الشيطان وقال عكرمة) مولى ابن عباس فيما وصله عد بن حميد أيضًا ( الجبت بلسان الحبشة) هو ( شيطان والطاغوت) هو ( الكاهن) وفيه جواز وقوع المعرّب في القرآن وحمله الشافعي على توارد اللغتين.


[ قــ :4329 ... غــ : 4583 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: هَلَكَتْ قِلاَدَةٌ لأَسْمَاءَ فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَلَبِهَا رِجَالًا فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً فَصَلَّوْا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَعْنِي آيَةَ التَّيَمُّمِ { أُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] ذَوِي الأَمْرِ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد ( محمد) هو ابن سلام البيكندي كما في رواية أبي ذر في الجهاد وبه جزم الكلاباذي وابن عساكر وغيرهما قال: ( أخبرنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن سليمان الكوفي يقال اسمه عبد الرحمن ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة رضي الله عنها) أنها ( قالت: هلكت) أي ضاعت ( قلادة) بكسر القاف كان ثمنها اثني عشر درهمًا ( لأسماء) بنت أبي بكر كانت عائشة استعارتها منها وقولها في كتاب التيمم انقطع عقد لي فإضافتها لها إنما ذلك باعتبار حيازتها لذلك واستيلائها لمنفعته ( فبعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في طلبها رجالًا) هم أسيد بن حضير ومن تبعه ( فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء ولم يجدوا ماء فصلوا وهم على غير وضوء فأنزل الله تعالى يعني آية التيمم) وسقط لأبي ذر قوله يعني آية، وحينئذٍ على المفعولية.
وهذا الحديث سبق تامًّا في كتاب التيمم.

( أولي الأمر) ولغير أبي ذر باب قوله تعالى: ( { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر} { منكم} ) [النساء: 59] أي ( ذوي الأمر) وهم الخلفاء الراشدون ومن سلك طريقهم في رعاية العدل ويدرج فيهم القضاة وأمراء السرية أمر الله تعالى الناس بطاعتهم بعد ما أمرهم بالعدل تنبيهًا على أن وجوب طاعتهم ما داموا على الحق وقيل علماء الشرع لقوله تعالى: { ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذي يستنبطونه منهم} [النساء: 83] .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ: { فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هاؤُلاءِ شَهِيدا} (النِّسَاء: 41)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: { إِذا جِئْنَا} الْآيَة، أخبر الله تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة عَن هول يَوْم الْقِيَامَة وَشدَّة أمره وشأنه فَكيف يكون الْأَمر وَالْحَال يَوْم الْقِيَامَة حِين يَجِيء من كل أمة بِشَهِيد يَعْنِي الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: فَكيف يصنع هَؤُلَاءِ الْكَفَرَة من الْيَهُود وَغَيرهم إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد يشْهد عَلَيْهِم بِمَا فعلوا وَهُوَ نَبِيّهم كَقَوْلِه: { وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ} (الْمَائِدَة: 117) المكذبين { شَهِيدا} وَفِي (التَّلْوِيح) وَاخْتلف فِي الْمَعْنى بقوله: هَؤُلَاءِ من هم، فَعِنْدَ الزَّمَخْشَرِيّ: هم المكذبون،.

     وَقَالَ  مقَاتل: هم كفار أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي (تَفْسِير ابْن النَّقِيب) هم سَائِر أمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه يشْهد عَلَيْهِم.
وَالثَّانِي: أَنه يشْهد لَهُم، فعلى هَذَا يكون على: بِمَعْنى اللَّام، وَقيل: المُرَاد بهم أمة الْكفَّار، وَقيل: أَنهم الْيَهُود وَالنَّصَارَى، وَقيل: هم كفار قُرَيْش دون غَيرهم، وَفِي الَّذِي يشْهد بِهِ أَقْوَال أَرْبَعَة: الأول: أَنه يشْهد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بلغ أمته، قَالَه ابْن مَسْعُود وَابْن جريج وَالسُّديّ وَمُقَاتِل.
الثَّانِي: أَنه يشْهد بإيمَانهمْ، قَالَه أَبُو الْعَالِيَة.
الثَّالِث: إِنَّه يشْهد بأعمالهم.
قَالَه مُجَاهِد وقادة.
الرَّابِع: إِنَّه يشْهد لَهُم وَعَلَيْهِم، قَالَه الزّجاج.

المُخْتال والخَتَالُ وَاحِدٍ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْله تَعَالَى: { إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخورا} والمختال المتكبر: أَي: يتخيل فِي صُورَة من هُوَ أعظم مِنْهُ كبرا..
     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: هُوَ التياه والجهول الَّذِي يتكبر عَن إكرام أَقَاربه وَأَصْحَابه.
قَوْله: (وَأحد) ، يَعْنِي: فِي الْمَعْنى، وَفِيه نظر، لِأَن المختال من الْخُيَلَاء، والختال: بتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق من الختل وَهُوَ الخديعة فَلَا يُنَاسب معنى الْكبر، وَهَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: المختال وَالْخَال وَاحِد وَالْخَال وَاحِد وَالْخَال بِدُونِ التَّاء وَصوب هَذَا جمَاعَة، وَكَذَا فِي كَلَام أبي عُبَيْدَة.
(فَإِن قلت) : مَا وَجه التصويب فِيهِ؟ فَكيف هُنَا بِمَعْنى وَاحِد؟ قلت: الْخَال يَأْتِي لمعان كَثِيرَة: (مِنْهَا) : معنى الْكبر لِأَن الْخَال بِمَعْنى الخائل وَهُوَ المتكبر،.

     وَقَالَ  بَعضهم: الْخَال يُطلق على معَان كَثِيرَة نظمها بَعضهم فِي قصيدة تبلغ نَحوا من الْعشْرين بَيْتا قلت: كتبت قصيدة فِي مُؤَلَّفِي (رونق الْمجَالِس) تنْسب إِلَى ثَعْلَب تبلغ هَذِه اللَّفْظَة فِيهَا نَحوا من أَرْبَعِينَ.

نَطْمِسَ وُجُوها نُسَوِّيها حَتَّى تَعُودَ كَأفْعَالِهِمْ طَمَسَ الكِتابَ مَحاهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} وَفَسرهُ بقوله نسويها بقوله: (حَتَّى تعود كأفقائهم) وَأسْندَ الطَّبَرِيّ عَن قَتَادَة أَن المُرَاد أَن تعود الْأَوْجه فِي الأفقية، وَعَن قَتَادَة: تذْهب بالشفاه والأعين والحواجب فيردها أقفاء،.

     وَقَالَ  أبي بن كَعْب: هُوَ تَمْثِيل وَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَتهَا حسا..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: نطمس مَنْصُوب على الْحِكَايَة من قَوْله: (من قبل أَن نطمس) وَأَشَارَ بقوله: طمس الْكتاب محاه إِلَى أَن الطمس يَجِيء بِمَعْنى المحو أَيْضا.

سَعِيرا وُقُودا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { كفى بجهنم سعيرا} (النِّسَاء: 55) وَفسّر سعيرا بقوله: وقودا.
لَو كَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة،.

     وَقَالَ  بَعضهم: هَذِه التفاسير لَيست لهَذِهِ الْآيَة وَكَأَنَّهَا من النساخ.
قلت: هَذَا بعيد جدا لِأَن غَالب الْكتاب جهلة فَمن أَيْن لَهُم هَذِه التفاسير؟ وَبِأَيِّ وَجه يلحقون مثل هَذِه فِي مثل هَذَا الْكتاب الَّذِي لَا يحلق أساطين الْعلمَاء شاؤه؟ وَمن شَأْن النساخ التحريف والتصحيف والإسقاط وَلَيْسَ من دأبهم أَن يزِيدُوا فِي كتاب مُرَتّب منقح من عِنْدهم، وَلَو قَالَ: وَكَأَنَّهُ من بعض الروَاة المعتنين بالجامع لَكَانَ لَهُ وَجه، وَلَا يبعد أَن يكون هَذَا من نفس البُخَارِيّ من غير تفكر فِيهِ، فَإِن تنبه عَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ مَا أدْرك إِلَى وضع هَذِه التفاسير فِي محلهَا ثمَّ استمرت على ذَلِك.



[ قــ :4329 ... غــ :4582 ]
- ح دَّثنا صَدْقَةُ أخْبرنا يَحْيَى عنْ سُفْيَانَ عنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عنْ عَبْدِ الله قَالَ يَحْيَى بَعْضُ الحَدِيثِ عَنْ عَمْرو بنِ مُرَّةَ قَالَ قَالَ لي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقْرَأْ عَلَيَّ.

.

قُلْتُ اقْرَأ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ فَإِنِّي أُحِبُّ أنْ أسُمَعَهُ مِنْ غَيْرِي فَقَرَأتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّساءِ حَتَّى بَلغْتُ (فَكَيْفَ إذَا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هاؤُلاءِ شَهيدا) قَالَ أمْسِك فَإذَا عَيْناهُ تَذْرِفانِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَصدقَة هُوَ ابْن الْفضل أَبُو الْفضل الْمروزِي، وَيحيى بن سعيد الْقطَّان، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَسليمَان هُوَ الْأَعْمَش، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَعبيدَة، بِفَتْح الْعين وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عَمْرو السَّلمَانِي.

وَمن سُفْيَان إِلَى آخِره كلهم كوفيون، وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد وهم لِسُلَيْمَان وَإِبْرَاهِيم وَعبيدَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود، وَعَمْرو بِفَتْح الْعين، ابْن مرّة، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء، الْجملِي بِفَتْح الْجِيم التَّابِعِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن مُحَمَّد بن يُوسُف وَعَن عمر بن حَفْص وَعَن مُسَدّد.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي بكر وَغَيره، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْعلم عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن مَحْمُود بن غيلَان وَغَيره.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن هناد بن السّري بِهِ وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن سُوَيْد بن نصر بِهِ وَعَن غَيره.

قَوْله: (قَالَ يحيى) هُوَ الْقطَّان،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قد ذكر البُخَارِيّ كَلَام يحيى للتقوية، وإلاّ فإسناد عَمْرو مَقْطُوع وَبَعض الحَدِيث مَجْهُول قلت: ظَاهره كَذَا، وَلكنه أوضحه فِي فَضَائِل الْقُرْآن فِي: بابُُ الْبكاء عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عُبَيْدَة عَن عبد الله.
قَالَ الْأَعْمَش: وَبَعض الحَدِيث حَدثنِي عَمْرو بن مرّة عَن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن أبي الضُّحَى عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (اقْرَأ عليّ) الحَدِيث.
قَوْله: (اقْرَأ عليّ) فِيهِ أَن الْقِرَاءَة من الْغَيْر أبلغ فِي التدبر والتفهم من قِرَاءَة الْإِنْسَان بِنَفسِهِ، وَفِيه فضل ظَاهر لعبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي (تَفْسِير عبد) لما قَرَأَ عبد الله هَذِه الْآيَة قَالَ سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من سره أَن يقْرَأ الْقُرْآن غضا كَمَا نزل فليقرأه على قِرَاءَة ابْن أم عبد) .
قَوْله: (فَإِذا عَيناهُ) ، كلمة إِذا للمفاجأة.
(وَعَيناهُ) مُبْتَدأ، وتذرفان، خَبره، أَي: عينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تطلقان دمعهما يُقَال: ذرف الدمع بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وذرفت الْعين دمعها.
وَفِي بكاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وُجُوه: الأول: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: بكاؤه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عِنْد هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة لِأَنَّهُ لَا بُد من أَدَاء الشَّهَادَة وَالْحكم على الْمَشْهُود عَلَيْهِ إِنَّمَا يكون يَقُول الشَّاهِد، فَلَمَّا كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هُوَ الشَّاهِد وَهُوَ الشافع بَكَى على المفرطين مِنْهُم.
الثَّانِي: أَنه بَكَى لعظم مَا تضمنته هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة من هول المطلع وَشدَّة الْأَمر إِذْ يُؤْتِي بالأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام، شُهَدَاء على أممهم بالتصديق والتكذيب.
الثَّالِث: أَنه بَكَى فَرحا لقبُول شَهَادَة أمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْم الْقِيَامَة وَقبُول تزكيته لَهُم فِي ذَلِك الْيَوْم الْعَظِيم.
<"

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ قَوْلِهِ: { وَإنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أوْ عَلَى سَفَرٍ أوْ جَاءَ أحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ} (النِّسَاء: 43)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَوْله تَعَالَى: { وَإِن كُنْتُم مرضى} الْآيَة.
قَوْله: (مرضى) ، جمع مَرِيض، وَأَرَادَ بِهِ مَرِيضا يضرّهُ المَاء كصاحب الجدري والجروح وَمن يتَضَرَّر بِاسْتِعْمَال المَاء هَذَا قَول جمَاعَة من الْفُقَهَاء إلاَّ مَا ذهب إِلَيْهِ عَطاء وَالْحسن أَنه لَا يتَيَمَّم مَعَ وجود المَاء احتجاجا بقوله تَعَالَى: { فَإِن لم تَجدوا مَاء} وَلم يُؤْخَذ بِهِ.
قَوْله: (أَو على سفر) ، أَي: أَو كُنْتُم على سفر وَلَيْسَ السّفر شرطا لإباحة التَّيَمُّم، وَإِنَّمَا الشَّرْط عدم المَاء، وَإِنَّمَا ذكر السّفر لِأَن المَاء يعْدم فِيهِ غَالِبا.
قَوْله: (أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط) ، وَهُوَ الْموضع المطمئن من الأَرْض، كَانُوا يتبرزون هُنَاكَ ليغيبوا عَن أعين النَّاس، فكنى عَن الْحَدث بمكانه، ثمَّ كثر الِاسْتِعْمَال حَتَّى صَار كالحقيقة، وَالْفِعْل مِنْهُ: غاط يغوط، مثل عَاد يعود.

صَعِيدٌ أوْجهَ الأَرْضِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} وَفسّر صَعِيدا بقوله: وَجه الأَرْض، ذكره أَبُو بكر بن الْمُنْذر عَن أبي عُبَيْدَة.

وَقَالَ جَابِرُ كَانَتِ الطَوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إلَيْها فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ وَفِي أسْلَمَ وَاحِدٌ وَفِي كُلِّ حَيِّ وَاحِدٌ كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمِ الشَّيْطَانُ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت} (النِّسَاء: 60) .
قَوْله: (كَانَت الطواغيت) ، هُوَ جمع طاغوت، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: الطاغوت اسْم وَاحِد مؤنث،.

     وَقَالَ  أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يزِيد هُوَ عِنْدِي جمَاعَة..
     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الطاغوت يكون جمعا وواحدا..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: وطاغوت وَإِن كَانَ على وزن لاهوت، فَهُوَ مقلوب لِأَنَّهُ من طَغى ولاهوت غير مقلوب لِأَنَّهُ من لاه.
لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الرغبوت والرهبوت انْتهى.
قلت: أَصله طغبوت فَقدمت الْيَاء على الْغَيْن فَصَارَ طيغوت فقلبت الْيَاء ألفا لتحركهاوانفتاح مَا قبلهَا، والطاغوت والكاهن والشياطن وكل رَأس فِي الضلال فَهُوَ طاغوت.
قَوْله: (فِي جُهَيْنَة وَاحِد) ، أَي: مُسَمّى بطاغوت، وجهينة قَبيلَة، وَكَذَلِكَ أسلم على وزن أفعل التَّفْصِيل.
قَوْله: (كهان) ، بِالرَّفْع لِأَنَّهُ خبر مُبْتَدأ أَي: الطواغيت الْمَذْكُورَة فِي الْقَبَائِل كهان، بِضَم الْكَاف، جمع كَاهِن ينزل عَلَيْهِم الشَّيْطَان فَيلقى إِلَيْهِم الْأَخْبَار، والكاهن هُوَ الَّذِي يتعاطى الْخَبَر عَن الكائنات فِي مُسْتَقْبل الزَّمَان ويدعى معرفَة الْأَسْرَار، وَهَذَا الْأَثر ذكره ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه عَن الْحسن بن الصَّباح: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الْكَرِيم حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن عقيل عَن أَبِيه عقيل بن معقل عَن وهب بن مُنَبّه.
قَالَ: سَأَلت جَابر ابْن عبد الله عَن الطواغيت الحَدِيث بِزِيَادَة، وَفِي هِلَال وَاحِد.

وَقَالَ عُمَرُ الجِبْتُ السِّحْرُ وَالطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ وَقَال عِكْرَمَةُ الجِبْتُ بِلِسانِ الحَبَشَةِ شَيْطَانٌ وَالطَاغُوتُ الكَاهِنُ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت} (النِّسَاء: 51) وَأثر عمر رَوَاهُ عبد بن حميد عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن حسان بن قَائِد عَن عمر، وَأثر عِكْرِمَة رَوَاهُ عبد أَيْضا عَن أبي الْوَلِيد عَن أبي عوَانَة عَن أبي بشر عَنهُ، وَاخْتَارَ الطَّبَرِيّ أَن المُرَاد بالجبت والطاغوت جنس مَا كَانَ يعبد من دون الله سَوَاء كَانَ صنما أَو شَيْطَانا أَو آدَمِيًّا، فَيدْخل فِيهِ السَّاحر والكاهن، وَأخرج الطَّبَرِيّ أَيْضا بِإِسْنَاد صَحِيح عَن سعيد بن جُبَير.
قَالَ: الجبت السَّاحر بِلِسَان الْحَبَشَة، والطاغوت الكاهن، وَهَذَا يدل على وُقُوع المعرب فِي الْقُرْآن.
وَاخْتلف فِيهِ فَأنْكر الشَّافِعِي وَأَبُو عُبَيْدَة وُقُوع ذَلِك فِي الْقُرْآن وحملا مَا وجد من ذَلِك على توارد اللغتين، وَأَجَازَ ذَلِك قوم وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَاحْتج لذَلِك بِوُقُوع إسماء الْإِعْلَام فِيهِ كإبراهيم وَغَيره، فَلَا مَانع من وُقُوع إسماء الْأَجْنَاس فِيهِ أَيْضا وَقد وَقع فِي البُخَارِيّ جملَة من ذَلِك، وَقيل: مَا وَقع من ذَلِك فِي الْقُرْآن سَبْعَة وَعِشْرُونَ وَهِي (السلسبيل) و (كورت) وَبيع (روم) و (طُوبَى) و (سجيل) و (كافور) و (زنجبيل) و (ومشكاة) و (وسرادق) و (استبرق) و (صلوَات) و (سندس) و (طور) و (قَرَاطِيس) و (ربانيين) و (غساق) و (دِينَار) و (قسطاس) و (قسورة) و (اليم) و (ناشئة) و (كِفْلَيْنِ) و (مقاليد) و (فردوس) و (تنور) .



[ قــ :4329 ... غــ :4583 ]
- ح دَّثنا مُحَمَّدٌ أخْبرنا عَبْدَةُ عنْ هِشامٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنها قَالَتْ هَلَكَتْ قِلادَةٌ لأَسْمَاءَ فَبَعَثَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَلَبِها رِجالاً فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ وَلَيْسُوا عَلَى وُضوءَ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً فَصَلَّوْا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضوءٍ فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى يَعْنِي آيَةَ التَّيَمُّمِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَمُحَمّد هُوَ ابْن سَلام قَالَه الْكرْمَانِي،.

     وَقَالَ  صَاحب (التَّلْوِيح) قَوْله هَذَا حَدثنِي مُحَمَّد أخبرنَا عَبدة، يشبه أَن يكون البيكندي لِأَنَّهُ ذكر رِوَايَته فِي (جَامعه) فِي غير مَوضِع قلت: البيكندي هَذَا هُوَ مُحَمَّد بن سَلام بن الْفرج أَبُو عبد الله السّلمِيّ مَوْلَاهُم البُخَارِيّ البيكندي، سمع عَبدة بن سُلَيْمَان الْكلابِي وَمن مَشَايِخ البُخَارِيّ البيكندي أخرجه أَيْضا وَهُوَ مُحَمَّد بن يُوسُف أَبُو أَحْمد البُخَارِيّ البيكندي، وَلم يذكر فِي (الْجَامِع) أَنه سمع عَبدة.
والْحَدِيث مر فِي التَّيَمُّم فِي: بابُُ إِذا لم يجد مَاء وَلَا تُرَابا، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.