هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4328 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ أُنَاسًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ ، هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ ، قَالُوا : لاَ ، قَالَ وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ ؟ : قَالُوا : لاَ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ ، إِلَّا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا ، إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ ، فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ ، إِلَّا يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ بَرٌّ أَوْ فَاجِرٌ ، وَغُبَّرَاتُ أَهْلِ الكِتَابِ فَيُدْعَى اليَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ : مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ؟ قَالُوا : كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ فَيُقَالُ لَهُمْ : كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ ، فَمَاذَا تَبْغُونَ ؟ فَقَالُوا : عَطِشْنَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا ، فَيُشَارُ أَلاَ تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى فَيُقَالُ لَهُمْ : مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ؟ قَالُوا : كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : كَذَبْتُمْ ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : مَاذَا تَبْغُونَ ؟ فَكَذَلِكَ مِثْلَ الأَوَّلِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ ، أَوْ فَاجِرٍ ، أَتَاهُمْ رَبُّ العَالَمِينَ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا ، فَيُقَالُ : مَاذَا تَنْتَظِرُونَ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ ، قَالُوا : فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِي كُنَّا نَعْبُدُ ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ ، فَيَقُولُونَ : لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4328 حدثني محمد بن عبد العزيز ، حدثنا أبو عمر حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن أناسا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم ، هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة ضوء ليس فيها سحاب ، قالوا : لا ، قال وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ضوء ليس فيها سحاب ؟ : قالوا : لا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما تضارون في رؤية الله عز وجل يوم القيامة ، إلا كما تضارون في رؤية أحدهما ، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن تتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فلا يبقى من كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب ، إلا يتساقطون في النار ، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله بر أو فاجر ، وغبرات أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم : من كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزير ابن الله فيقال لهم : كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تبغون ؟ فقالوا : عطشنا ربنا فاسقنا ، فيشار ألا تردون فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار ، ثم يدعى النصارى فيقال لهم : من كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد المسيح ابن الله ، فيقال لهم : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فيقال لهم : ماذا تبغون ؟ فكذلك مثل الأول حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر ، أو فاجر ، أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها ، فيقال : ماذا تنتظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد ، قالوا : فارقنا الناس في الدنيا على أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم ، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : لا نشرك بالله شيئا ، مرتين أو ثلاثا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ قَوْلِهِ: { إنَّ الله لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} ( 40) يَعْنِي زَنَةَ ذَرَّةٍ) أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة} وَفسّر مِثْقَال ذرة بقوله: زنة ذرة، ومثقال الشَّيْء مِيزَانه من مثله،.

     وَقَالَ  الزّجاج، هُوَ مِثْقَال من الثّقل، وَقيل: لكل مَا يعْمل وزن ومثقال تمثيلاً لِأَن الصَّلَاة وَالصِّيَام والأعمال لَا وزن لَهَا، وَلَكِن النَّاس خوطبوا على مَا يَقع فِي قُلُوبهم بتمثيل مَا يدْرك بِأَبْصَارِهِمْ،.

     وَقَالَ  أَبُو مَنْصُور الجواليقي، يظنّ النَّاس أَن المثقال وزن الدُّنْيَا لَا غير، وَلَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا مِثْقَال كل شَيْء وَزنه وكل وزن يُسمى مِثْقَالا وَإِن كَانَ وزن ألف.
قَالَ الشَّاعِر:
وكلا يُوفيه الجزا بمثقال
قَالَ الْهَرَوِيّ: أَي: يُوزن.
قَوْله: ( ذرة) ، الذّرة وَاحِدَة الذَّر وَهُوَ النَّمْل الْأَحْمَر الصَّغِير، وَسُئِلَ ثَعْلَب عَن الذّرة فَقَالَ: إِن مائَة نملة وزن حَبَّة.
قَالَ ابْن الْأَثِير: وَقيل: إِن الذّرة لَا وزن لَهَا وَيُرَاد بهَا مَا يرى فِي شُعَاع الشَّمْس، وَزعم بعض الْحساب أَن زنة الشعيرة حَبَّة، وزنة الْحبَّة أَربع زرات وزنة الذّرة أَربع سمسمات، وزنة السمسمة أَربع خردلات، وزنة الخردلة أَربع وَرَقَات نخالة، وزنة الورقة من النخالة أَربع ذرات، فَعلمنَا من هَذَا أَن الذّرة أَرْبَعَة فِي أَرْبَعَة فَأَدْرَكنَا أَن الذّرة جُزْء من ألف وَأَرْبَعَة وَعشْرين حَبَّة، وَذَلِكَ أَن الْحبَّة ضربناها فِي أَربع ذرات جَاءَت سِتّ عشرَة سمسمة والست عشرَة ضربناها فِي أَربع جَاءَت مِائَتَيْنِ وست وَخمسين نخالة، فضربناها فِي أَربع جَاءَت ألفا وَعشْرين ذرة وَقيل: الذّرة رَأس النملة الْحَمْرَاء.
وَقيل: الذّرة الخردلة،.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ.
قَالَ يزِيد بن هَارُون: زَعَمُوا أَن الذّرة لَيْسَ لَهَا وزن، ويحكى أَن رجلا وضع خبْزًا حَتَّى علاهُ الذَّر مِقْدَار مَا ستره ثمَّ وَزنه فَلم يزدْ على مِقْدَار الْخبز شَيْئا وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه أَدخل يَده فِي التُّرَاب ثمَّ نفخ فِيهِ.
.

     وَقَالَ : كل وَاحِد من هَؤُلَاءِ ذرة وَعَن قَتَادَة: كَانَ بعض الْعلمَاء يَقُول: لِأَن تفضل حسناتي وزن ذرة أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود يرفعهُ يَا رب لم يبْق لعبدك إلاَّ وزن ذرة، فَيَقُول عز وَجل، ضعفوها لَهُ وأدخلوه الْجنَّة.



[ قــ :4328 ... غــ :4581 ]
- ح دَّثني مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حدَّثنا أبُو عُمَرَ حَفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْد بنِ أسْلَمَ عنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله عَنْهُ أنَّ أُناسا فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا يَا رَسُولَ الله هَلْ نَرَى رَبَّنا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَال النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نَعَمْ هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ ضَوْءٍ لَيْسَ فِيهَا سَحابٌ قَالُوا لَا قَالَ: وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البدْرِ ضَوْءٍ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ قَالُوا لَا قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا تُضارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الله عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أحَدِهِما إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أذَّنَ مُؤَذِّنٌ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ فَلا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ الله مِنَ الأصْنَامِ وَالأنْصَابِ إلاَّ يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ إلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الله بَرٌّ أوْ فَاجِرٌ وَغُبَّرَاتُ أهْلِ الكِتابِ فَيُدعَى اليَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْز ابنَ الله فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ الله مِنْ صَاحِبَةٍ وَلا وَلَد فَمَاذا تَبْغُونَ فقالُوا عَطِشْنا رَبَّنا فَاسْقِنا فَيُشارُ أَلا تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُها بَعْضا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ ثُمَّ يُدْعَى النَّصارَى فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابنَ الله فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ الله مِنْ صَاحِبَةٍ وَلا وَلَدٍ فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا تَبْغُونَ فَكَذَلِكَ مِثْلَ الأوَّلِ حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ إلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الله مِنْ بِرٍ أوْ فَاجِرٍ أتاهُم رَبُّ العالَمِينَ فِي أَدْنَي صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رأوْهُ فِيها فَيُقالُ تَنْتَظِرُونَ تَتَّبَعُ كلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ قَالُوا فارَقْنا النَّاسَ فِي الدُّنْيا عَلَى أفْقَرِ مَا كُنَّا إلَيْهِم وَلَمْ نُصَاحِبْهُم وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنا الَّذِي كُنَّا نَعْبُدُ فَيَقُولُ أنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ لَا نُشْرِكُ بِالله شَيْئا مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلَاثًا.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمَفْهُوم من مَعْنَاهُ أَن الله تَعَالَى يحكم يَوْم الْقِيَامَة بَين عباده الْمُؤمنِينَ والكافرين بعدله الْعَظِيم وَلَا يظلم أحدا مِنْهُم مِثْقَال ذرة وَلم أر أحدا من الشُّرَّاح ذكر وَجه الْمُطَابقَة وَلَا انصف فِي شرح هَذَا الحَدِيث، فَمنهمْ من علقه بِشَيْء لم يمض، وَمِنْهُم من علقه بالمستقبل يذكر فِيهِ، وَمِنْهُم من شرح بَعْضًا دون بعض، فَنَقُول بعون الله ولطفه.
إِن شَيْخه فِيهِ مُحَمَّد ابْن عبد الْعَزِيز أَبُو عبد الله الرَّمْلِيّ يعرف بِابْن الوَاسِطِيّ لِأَن أَصله من وَاسِط وَثَّقَهُ الْعجلِيّ وَلينه أَبُو زرْعَة، وَأَبُو حَاتِم، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث وَآخر فِي الِاعْتِصَام، وَحَفْص بن ميسرَة، ضد الميمنة، وَعَطَاء بن يسَار ضد الْيَمين، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ اسْمه سعد بن مَالك الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن يحيى بن بكير، وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن سُوَيْد بن سعيد وَغَيره.

قَوْله: ( نعم) أَي: نعم ترَوْنَ ربكُم يَوْم الْقِيَامَة وَهَذِه الرُّؤْيَة غير الرُّؤْيَة الَّتِي هِيَ ثَوَاب للأولياء وكرامة لَهُم فِي الْجنَّة إِذْ هَذِه للتمييز بَين من عبد الله وَبَين من عبد غَيره، وَفِيه رد على أهل الْبدع من الْمُعْتَزلَة والخوارج وَبَعض المرجئة فِي قَوْلهم: إِن الله لَا يرَاهُ أحد من خلقه، وَأَن رُؤْيَته مستحيلة عقلا وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ خطأ صَرِيح وَجَهل قَبِيح.
وَقد تظاهرت أَدِلَّة الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ من سلف الْأمة على إِثْبَات رُؤْيَة الله تَعَالَى فِي الآخر للْمُؤْمِنين.
وَرَوَاهَا نَحْو من عشْرين صحابيا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْكَلَام فِيهِ مستقصًى فِي كتب الْكَلَام.
وَأما رُؤْيَة الله فِي الدُّنْيَا فممكنة وَلَكِن الْجُمْهُور من السّلف وَالْخلف من الْمُتَكَلِّمين.
وَغَيرهم على أَنَّهَا لَا تقع فِي الدُّنْيَا، وَحكى الإِمَام الْقشيرِي فِي ( رسَالَته) عَن الإِمَام أبي بكر بن فورك أَنه حُكيَ فِيهَا قَوْلَيْنِ للْإِمَام أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ: أَحدهمَا: وُقُوعهَا.
وَالْآخر: أَنَّهَا لَا تقع قَوْله: ( هَل تضَارونَ فِي ضَبطه رِوَايَات) الأولى: تضَارونَ بِضَم أَوله وَضم رائه من غير تَشْدِيد من الضير وَهُوَ الْمضرَّة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى.
قَالُوا: ( لَا ضير) أَي: لَا ضَرَر، وَمَعْنَاهُ: هَل يلحقكم فِي رُؤْيَته ضير أَي: ضَرَر.
الثَّانِيَة: هَل تضَارونَ بِفَتْح التَّاء وَتَشْديد الضَّاد وَالرَّاء من الضَّرَر.
وَمَعْنَاهُ هَل تضَارونَ غَيْركُمْ فِي حَال الرُّؤْيَة بزحمة وَمُخَالفَة فِي رُؤْيَة غَيرهَا أَو لخفائه كَمَا يَفْعَلُونَ أول لَيْلَة من الشَّهْر،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: وَأَصله هَل تتضارون.
أَي: تتزاحمون عِنْد رُؤْيَته حَتَّى يلحقكم الضَّرَر، ووزنه تتفاعلون، فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ.
الثَّالِثَة: تضَامون، بتَشْديد الْمِيم وَفتح أَوله: وَمَعْنَاهُ هَل تتضامون وتتوصلون إِلَى رُؤْيَته، وَأَصله من الانضمام.
الرَّابِعَة: هَل تضَامون، بِضَم التَّاء وَتَخْفِيف الْمِيم من الضيم، وَهُوَ الْمَشَقَّة والتعب، وَأورد الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة فِي غير هَذَا الْموضع.
قَوْله: ( بالظهيرة) ، وَهِي اشتداد حر الشَّمْس فِي نصف النَّهَار.
وَلَا يُقَال ذَلِك فِي الشتَاء.
قَوْله: ( ضوء) ، بِالْجَرِّ بدل عَمَّا قبله فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
قَوْله: ( إِلَّا كَمَا تضَارونَ) ، التَّشْبِيه إِنَّمَا وَقع فِي الوضوح وَزَوَال الشَّك وَالْمَشَقَّة وَالِاخْتِلَاف لَا فِي الْمُقَابلَة والجهة وَسَائِر الْأُمُور الَّتِي جرت الْعَادة بهَا عِنْد الرُّؤْيَة.
قَوْله: ( أذن مُؤذن) ، أَي: نَادَى منادٍ.
قَوْله: ( تتبع) ، بِالرَّفْع ويروى بِالْجَزْمِ بِتَقْدِير اللَّام كَمَا فِي قَوْله: تَعَالَى { قل لعبادي الَّذين يقيموا الصَّلَاة} قَوْله ( من الْأَصْنَام والانصاب) والاصنام جمع صنم قَالَ ابْن الْأَثِير الصَّنَم اتخذ إلاها من دون الله، وَقيل: هُوَ مَا كَانَ لَهُ جسم أَو صُورَة فَإِن لم يكن لَهُ جسم أَو صُورَة فَهُوَ وثن، والأنصاب جمع نصب، بِضَم الصَّاد وسكونها، وَهُوَ حجر كَانُوا ينصبونه فِي الْجَاهِلِيَّة ويتخذونه صنما يعبدونه، وَقيل: هُوَ حجر كَانُوا ينصبونه ويذبحون عَلَيْهِ فيحمر بِالدَّمِ.
قَوْله: ( برا وفاجرا) ، أَي: هُوَ برا وَهُوَ فَاجر، وَالْبر هُوَ الَّذِي يَأْتِي بِالْخَيرِ ويطيع ربه، يُقَال: فلَان يبر خالقه ويتبرره، أَي: يطيعه وَيجمع على أبرار، والبار يجمع على بررة، والفاجر المنبعث فِي الْمعاصِي والمحارم من فجر يفجر، من بابُُ نصر ينصر فجورا قَوْله: ( وغبرات أهل الْكتاب) بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة بعْدهَا رَاء جمع غبر، وَهُوَ جمع غابر وَالْمعْنَى: بقايا أهل الْكتاب، من غبر الشَّيْء يغبر غبورا إِذا مكث وَبَقِي، والغابر هُوَ الْمَاضِي.
قَالَ الْأَزْهَرِي: هُوَ من الأضداد ثمَّ قَالَ: وَالْمَعْرُوف الْكثير أَن الغابر هُوَ الْبَاقِي.
قَوْله: ( فَيُقَال لَهُم: كَذبْتُمْ) ، قَالَ الْكرْمَانِي: التَّصْدِيق والتكذيب راجعان إِلَى الحكم الْموقع لَا إِلَى الحكم الْمشَار إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا قيل: زيد بن عمر وَجَاء فكذبته فقد أنْكرت الْمَجِيء لَا كَونه ابْن عَمْرو، وَأجَاب بقوله: نفي اللَّازِم هُوَ كَونه ابْن الله تَعَالَى ليلزم نفي الْمَلْزُوم وَهُوَ عبَادَة ابْن الله، أَو نقُول: الرُّجُوع الْمَذْكُور هُوَ مُقْتَضى الظَّاهِر وَقد يتَوَجَّه بِحَسب الْمقَام إِلَيْهِمَا جَمِيعًا أَو إِلَى الْمشَار إِلَيْهِ فَقَط.
قَوْله: ( كَأَنَّهُ سراب يحطم بَعْضهَا بَعْضًا) أَي: بِكَسْر بَعْضهَا بَعْضًا، وَمِنْه سميت النَّار: الحطمة لِأَنَّهَا تحطم كل شَيْء أَي تكسره وَتَأْتِي عَلَيْهِ، والسراب هُوَ الَّذِي ترَاهُ نصف النَّهَار كَأَنَّهُ مَاء قَوْله: ( أَتَاهُم) أَي: ظهر لَهُم، والإتيان مجَاز عَن الظُّهُور.
وَقيل: الْإِتْيَان عبارَة عَن رُؤْيَتهمْ إِيَّاه، لِأَن الْعَادة أَن من غَابَ عَن غَيره لَا تمكنه رُؤْيَته إلاَّ بالإتيان، فَعبر بالإيتان هُنَا عَن الرُّؤْيَة مجَازًا وَقيل: فعل من أَفعَال الله تَعَالَى سَمَّاهُ إتيانا وَقيل المُرَاد بالإتيان إتْيَان بعض مَلَائكَته.

     وَقَالَ  عِيَاض: هَذَا الْوَجْه أشبه عِنْدِي فِي قَوْله: ( فِي أدنى صُورَة) أَي: أقربها.
قَالَ الْخطابِيّ: الصُّورَة الصّفة يُقَال: صُورَة هَذَا الْأَمر كَذَا أَي صفته، وَأطلق الصُّورَة على سَبِيل المشاكلة والمجانسة.
قَوْله: ( من الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا) ، أَي: من الصُّورَة الَّتِي عرفوه فِيهَا، والرؤية بِمَعْنى الْعلم لأَنهم لم يروه قبل ذَلِك، وَمَعْنَاهُ: يتجلى الله لَهُم بِالصّفةِ الَّتِي يعرفونه بهَا لِأَنَّهُ لَا يشبه شَيْئا من مخلوقاته فيعلمون أَنه رَبهم فَيَقُولُونَ: انت رَبنَا.
قَوْله: ( على أفقر مَا كُنَّا إِلَيْهِم) ، أَي: على أحْوج، يَعْنِي: لم نتبعهم فِي الدُّنْيَا مَعَ الِاحْتِيَاج إِلَيْهِم، فَفِي هَذَا الْيَوْم بِالطَّرِيقِ الأولى.
قَوْله: ( لَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا) ، وَفَائِدَة قَوْلهم هَذَا مَعَ أَن يَوْم الْقِيَامَة لَيْسَ يَوْم التَّكْلِيف استلذاذا وافتخارا بِهِ وتذكارا بِسَبَب النِّعْمَة الَّتِي وجدوها.