هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
370 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ ، مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي ؟ فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي ، مَاذَا عَلَيْهِ ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ ، خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ ، قَالَ أَبُو النَّضْرِ : لَا أَدْرِي أَقَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
370 وحدثني عن مالك ، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم يسأله ، ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي ؟ فقال أبو جهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو يعلم المار بين يدي المصلي ، ماذا عليه ، لكان أن يقف أربعين ، خيرا له من أن يمر بين يديه ، قال أبو النضر : لا أدري أقال أربعين يوما أو شهرا أو سنة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من شرح الزرقاني

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ، مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي؟ فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ، خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي أَقَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً.


التَّشْدِيدِ فِي أَنْ يَمُرَّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) العدوي ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي ثقة روى له مسلم والأربعة.
مات سنة اثنتي عشرة ومائة وله سبع وسبعون سنة ( عَنْ أَبِيهِ) الصحابي ابن الصحابي وعنه ابن وهب عن مالك عن زيد عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي) زاد الشيخان من رواية أبي صالح عن أبي سعيد إلى شيء يستره ( فَلَا يَدَعْ) يترك ( أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ) ولابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنّ المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته ( وَلْيَدْرَأْهُ) وللبخاري يدفعه ولمسلم ليدفع في نحره ( مَا اسْتَطَاعَ) قال القرطبي: أي بالإشارة ولطيف المنع ( فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ) بكسر اللام الجازمة وسكونها.

قال القرطبي: أي يزيد في دفعه الثاني أشد من الأوّل، وأجمعوا على أنه لا يلزمه أن يقاتله بالسلاح لمخالفة ذلك لقاعدة الإقبال على الصلاة والاشتغال بها والخشوع فيها.
وقال أبو عمر: أحسبه خرّج على التغليظ فإن دافعه مدافعة لا يقصد بها قتله فمات فالدية في ماله، وقيل على عاقلته وقيل هدر ولا قود لأن أصله مباح اهـ.

وأطلق جماعة من الشافعية أن له قتاله حقيقة واستبعده في القبس وقال: المراد بالمقاتلة المدافعة.

وقال الباجي: يحتمل أن يريد فليلعنه كما قال: { { قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ } } وقال تعالى: { { قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } } قيل معناه لعنهم، ويحتمل أن يريد يؤاخذه على ذلك بعد تمام صلاته ويؤنبه وقيل معناه فليدفعه دفعًا أشدّ من الدرء وسمي ذلك مقاتلة مبالغة للإجماع على أنه لا يجوز أن يقاتله مقاتلة تفسد صلاته، وتعقب بأنّ اللعن يستلزم التكلم في الصلاة وهو مبطل بخلاف الفعل اليسير ويمكن أنه أراد أنه يلعنه داعيًا لا مخاطبًا لكن فعل الصحابي يخالفه وهو أدرى بالمراد، ففي الصحيح عن أبي صالح رأيت أبا سعيد الخدري في يوم الجمعة يصلي إلى شيء يستره فأراد شاب أن يجتاز بين يديه فدفع أبو سعيد في صدره فنظر الشاب فلم يجد مساغًا إلا بين يديه فعاد ليجتاز فدفعه أبو سعيد أشدّ من الأولى، وقد رواه الإسماعيلي بلفظ: فإن أبى فليجعل يده في صدره وليدفعه وهو صريح في الدفع باليد.

ونقل ابن بطال وغيره الاتفاق على أنه لا يجوز له المشي من مكانه ليدفعه ولا العمل الكثير في مدافعته لأنه أشدّ في الصلاة من المرور، وذهب الجمهور إلى أنه إذا مرّ ولم يدفعه فلا يردّه لأنّ فيه إعادة للمرور.
قال النووي: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بوجوب هذا الدفع بل صرح أصحابنا بأنه مندوب، وصرح أهل الظاهر بوجوبه وكأن النووي لم يراجع كلامهم أو لم يعتدّ بخلافهم.

( فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ) أي فعله فعل الشيطان لأنه أبى إلا التشويش على المصلي أو المراد شيطان من الإنس وإطلاق الشيطان على المارّ من الإنس سائغ شائع كقوله تعالى: { { شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ } } وقال ابن بطال: فيه إطلاق لفظ شيطان على من يفتن في الدين وأنّ الحكم للمعاني دون الأسماء لاستحالة أن يصير المارّ شيطانًا بمجرّد مروره.

قال الحافظ: وهو مبني على أن لفظ شيطان يطلق حقيقة على الجنيّ ومجازًا على الإنسي وفيه بحث، ويحتمل أنّ المعنى فإنما الحامل له على ذلك شيطان، وفي رواية الإسماعيلي فإن معه الشيطان، ولمسلم من حديث ابن عمر فإن معه القرين.

واستنبط ابن أبي جمرة من قوله: فإنما هو شيطان أن المراد بقوله فليقاتله المدافعة لا حقيقة القتال لأن مقاتلة الشيطان إنما هي بالاستعاذة والتسمية ونحوهما، وإنما جاز الفعل اليسير في الصلاة للضرورة فلو قاتله حقيقة المقاتلة لكان أشدّ على صلاته من المارّ قال: وهل المقاتلة لخلل يقع في صلاة المصلي من المرور أو لدفع الإثم عن المارّ؟ الظاهر الثاني وقال غيره: بل الأوّل أظهر لأن إقبال المصلي على صلاته أولى له من اشتغاله بدفع الإثم من غيره.

وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته.
وروى أبو نعيم عن عمر لو يعلم المصلي ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه ما صلى إلا إلى شيء يستره من الناس، فمقتضى هذين الأمرين أن الدفع لخلل يتعلق بصلاة المصلي لا بالمار وهما وإن كانا موقوفين لفظًا فلهما حكم الرفع لأن مثلهما لا يقال بالرأي اهـ.

وهذا الحديث رواه مسلم عن يحيى عن مالك به، وأخرجه هو والبخاري من وجه آخر عن أبي سعيد وفيه قصة.

( مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ) بضاد معجمة سالم بن أبي أمية ( مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ) بضم العينين ( عَنْ بُسْرِ) بضم الموحدة وسكون المهملة ( بْنِ سَعِيدٍ) بكسر العين ( أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ) بضم الجيم وفتح الهاء الأنصاري الصحابي ( أَرْسَلَهُ) أي بسر ( إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ) بالتصغير ابن الحارث بن الصمة بكسر المهملة وشدّ الميم ابن عمرو الأنصاري قيل اسمه عبد الله وقد ينسب إلى جدّه، وقيل هو عبد الله بن جهيم بن الحارث بن الصمة، وقيل هو آخر غيره صحابي معروف وهو ابن أخت أبيّ بن كعب بقي إلى خلافة معاوية ( يَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي) أي أمامه بالقرب منه.

قال الحافظ: هكذا روى مالك هذا الحديث في الموطأ لم يختلف عليه فيه أن المرسل هو زيد وأن المرسل إليه هو أبو جهيم وتابعه سفيان الثوري عن أبي النضر عند مسلم وابن ماجه وغيرهما، وخالفهما ابن عيينة عن أبي النضر فقال عن بسر أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله فذكر الحديث.

قال ابن عبد البر: هكذا رواه ابن عيينة مقلوبًا أخرجه ابن أبي خيثمة عن أبيه عن ابن عيينة ثم قال ابن أبي خيثمة: سئل عنه يحيى بن معين.
فقال: هو خطأ إنما هو أرسلني زيد إلى أبي جهيم كما قال مالك، وتعقب ذلك ابن القطان فقال: ليس خطأ ابن عيينة فيه بمتعين لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بسرًا إلى زيد وبعثه زيد إلى أبي جهيم يستثبت كل واحد منهما ما عند الآخر.

قلت: تعليل الأئمة للأحاديث مبني على غلبة الظنّ فإذا قالوا أخطأ فلان في كذا لم يتعين خطؤه في نفس الأمر، بل وهو راجح الاحتمال فيعتمد ولولا ذلك لما اشترطوا انتفاء الشاذ وهو ما يخالف الثقة فيه من هو أرجح منه في حدّ الصحيح.

( فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي) أي أمامه بالقرب منه وعبر باليدين لكون أكثر الشغل بهما وفي تحديد ذلك بما إذا مرّ بينه وبين مقدار سجوده أو ثلاثة أذرع أو قدر رمية بحجر أقوال، ولأبي العباس السراج من طريق الضحاك بن عثمان عن أبي النضر لو يعلم المارّ بين يدي المصلي والمصلى فحمله بعضهم على ما إذا قصر المصلي في دفع المارّ أو صلى في الشارع، ويحتمل أن قوله والمصلى بفتح اللام أي بين يدي المصلي من داخل سترته وهذا أظهر ( مَاذَا عَلَيْهِ) زاد الكشميهني من رواية البخاري من الإثم.

قال الحافظ: وليست هذه الزيادة في شيء من الروايات غيره والحديث في الموطأ بدونها.
وقال ابن عبد البر: لم يختلف على مالك في شيء منه، وكذا رواه باقي الستة وأصحاب المسانيد والمستخرجات بدونها ولم أرها في شيء من الروايات مطلقًا لكن في مصنف ابن أبي شيبة يعني من الإثم، فيحتمل أن تكون ذكرت حاشية فظنها الكشميهني أصلاً لأنه لم يكن من أهل العلم ولا من الحفاظ، وقد عزاها المحب الطبري في الأحكام للبخاري وأطلق فعيب ذلك عليه وعلى صاحب العمدة في إيهامه أنها في الصحيحين انتهى.

وجملة ماذا عليه في محل نصب سادة مسد مفعولي يعلم وجواب لو قوله: ( لَكَانَ أَنْ يَقِفَ) أي وقوفه ( أَرْبَعِينَ خَيْرًا) بالنصب خبر كان وفي رواية بالرفع على أنه اسمها وسوغ الابتداء بالنكرة كونها موصوفة.
قاله ابن العربي: ويحتمل أن اسمها ضمير الشأن والجملة خبرها ( لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ) حتى لا يلحقه ذلك الإثم.
وقال الكرماني: جواب لو ليس هو المذكور بل التقدير لو يعلم ما عليه لوقف أربعين ولو وقف أربعين لكان خيرًا له وأبهم المعدود تفخيمًا للأمر وتعظيمًا.

قال الحافظ: ظاهر السياق أنه عين المعدود لكن شك الراوي فيه ثم أبدى الكرماني لتخصيص الأربعين بالذكر حكمتين.
إحداهما كون الأربعة أصل جميع الأعداد فلما أريد التكثير ضربت في عشرة.
ثانيهما كون كمال أطوار الإنسان بأربعين كالنطفة والعلقة والمضغة وكذا بلوغ الأشدّ ويحتمل غير ذلك انتهى.

وفي ابن ماجه وابن حبان من حديث أبي هريرة لكان أن يقف مائة عام خيرًا له من الخطوة التي خطاها وهذا مشعر بأن إطلاق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر لا لخصوص عدد معين، وجنح الطحاوي إلى أن التقييد بالمائة وقع بعد التقييد بالأربعين زيادة في تعظيم الأمر على المارّ لأنهما لم يقعا معًا إذ المائة أكثر من الأربعين والمقام مقام زجر وتخويف فلا يناسب أن يتقدّم ذكر المائة على الأربعين بل المناسب أن يتأخر ومميز الأربعين إن كان هو السنة ثبت المدّعى عليه أو ما دونها فمن باب أولى.

( قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي أَقَالَ) بهمزة الاستفهام بسر بن سعيد ( أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً) وللبزار من طريق أحمد بن عبدة الضبي عن ابن عيينة عن أبي النضر لكان أن يقف أربعين خريفًا، وجعل ابن القطان الجزم في طريق ابن عيينة والشك في طريق غيره دالاً على التعدّد.

قال الحافظ: لكن رواه أحمد وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وغيرهم من الحفاظ عن ابن عيينة عن أبي النضر بالشك أيضًا، ويبعد أن الجزم والشك وقعا من راوٍ واحد في حالة واحدة إلا أن يقال لعله تذكر في الحال فجزم وفيه ما فيه.

وفي الحديث دليل على تحريم المرور فإن معناه النهي الأكيد والوعيد الشديد على ذلك، ومقتضاه أن يعدّ في الكبائر وفيه أخذ القرين عن قرينه ما فاته أو استثباته فيما سمع معه والاعتماد على خبر الواحد لأن زيدًا اقتصر على النزول مع القدرة على العلو اكتفاء برسوله المذكور واحتمال أنه أرّسله ليعلم هل عنده علم فيلقاه فيأخذه عنه؟ ردّه الباجي بأنه أرسله يسأله ماذا سمع ولم يرسله يسأله هل سمع وفيه استعمال لو في الوعيد ولا يدخل ذلك في النهي لأن محله أن يشعر بما يعاند المقدور، واستنبط ابن بطال من قوله: لو يعلم أن الإثم يختص بمن يعلم بالنهي وارتكبه.
قال الحافظ: وأخذه من ذلك فيه بعد لكن هو معروف من أدلة أخرى، وظاهر الحديث أن الوعيد يختص بمن مرّ لا بمن وقف عامدًا مثلاً بين يدي المصلي أو قعد أو رقد لكن إن كانت العلة فيه التشويش على المصلي فهو في معنى المارّ، وظاهره عموم النهي في كل مصل، وخصه بعض المالكية يعني ابن عبد البر بالإمام والمنفرد لأن المأموم لا يضره من مر بين يديه لأن سترة إمامه سترة له أو إمامه سترة له والتعليل المذكور لا يطابق المدّعى لأن السترة تفيد رفع الحرج عن المصلي لا عن المارّ.

والحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ) بتحتية وخفة المهملة ( أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يُخْسَفَ بِهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ) لأن عذاب الدنيا بالخسف أسهل من عذاب الإثم، وهذا يحتمل أن يكون من الكتب السابقة لأن كعبًا حبرها.
وظاهر هذا كالحديث قبله يدل على منع المرور مطلقًا ولو لم يجد مسلكًا بل يقف حتى يفرغ المصلي من صلاته.
ويؤيده قصة أبي سعيد فإن فيها: فنظر الشاب فلم يجد مساغًا.

وقسم المالكية أحوال المارّ والمصلي في الإثم وعدمه أربعة أقسام.
يأثم المارّ دون المصلي وعكسه يأثمان جميعًا وعكسه.
فالأولى: إذا صلى إلى سترة، وللمارّ مندوحة فيأثم دون المصلي.
الثانية: إذا صلى في مشرع مسلوك بلا سترة أو متباعدًا عنها ولا يجد المارّ مندوحة فيأثم المصلي لا المارّ.
الثالثة: مثل الثانية، لكن يجد المارّ مندوحة فيأثمان جميعًا.
الرابعة: مثل الأولى لكن لا يجد المار مندوحة فلا يأثمان.

( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ أَيْدِي النِّسَاءِ وَهُنَّ يُصَلِّينَ) قال الباجي: خص النساء لأنهن في آخر الصفوف، وكره المرور بين أيديهن وإن كن في طريقه لدخوله المسجد وخروجه منه.
وقال أبو عمر: فيه كراهة المرور بين يدي المصلي وإن لم يكن بحيث تناله يده لأن صفوف النساء كان بينها وبين صفوف الرجال شيء من البعد.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدٍ) يصلي ( وَلَا يَدَعُ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ) وهو يصلي.
قال الباجي: يتعلق المنع من المرور بالمارّ لحديث أبي جهيم وبالمرور بين يديه لحديث أبي سعيد في أمره بمنعه ومن المرور بين يديه مناولة الشيء بين يديه لأنه مما يقطع الإقبال على صلاته، وإنما منع المرور لهذا المعنى.
وروى ابن القاسم عن مالك أنه كره أن يكلم من عن يمين المصلي من على يساره.