313 حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ سُلَيْمٍ الْعَنْبَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ الْفَقِيرُ ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ قَوْمًا يُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ يَحْتَرِقُونَ فِيهَا ، إِلَّا دَارَاتِ وُجُوهِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ |
313 حدثنا حجاج بن الشاعر ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا قيس بن سليم العنبري ، قال : حدثني يزيد الفقير ، حدثنا جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها ، إلا دارات وجوههم حتى يدخلون الجنة |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
[ سـ :313 ... بـ :191]
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ سُلَيْمٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ الْفَقِيرُ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ قَوْمًا يُخْرَجُونَ مِنْ النَّارِ يَحْتَرِقُونَ فِيهَا إِلَّا دَارَاتِ وُجُوهِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
قَوْلُهُ : ( كُنْتُ قَدْ شَغَفَنِي رَأْيٌ مَنْ رَأْيِ الْخَوَارِجِ ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ ، وَالرِّوَايَاتِ ( شَغَفَنِي ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - : أَنَّهُ رُوِيَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ .
وَمَعْنَاهُ : لَصِقَ بِشَغَافِ قَلْبِي وَهُوَ غِلَافُهُ ، وَأَمَّا رَأْيُ الْخَوَارِجِ فَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ مَرَّاتٍ : أَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ يَخْلُدُونَ فِي النَّارِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ دَخَلَهَا .
قَوْلُهُ : ( فَخَرَجْنَا فِي عِصَابَةٍ ذَوِي عَدَدٍ نُرِيدُ أَنْ نَحُجَّ ثُمَّ نَخْرُجَ عَلَى النَّاسِ ) مَعْنَاهُ : خَرَجْنَا مِنْ بِلَادِنَا وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ لِنَحُجَّ ثُمَّ نَخْرُجُ عَلَى النَّاسِ مُظْهِرِينَ مَذْهَبَ الْخَوَارِجِ وَنَدْعُو إِلَيْهِ وَنَحُثُّ عَلَيْهِ .
قَوْلُهُ : ( غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ زَعَمَ أَنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ ) ( زَعَمَ ) هُنَا بِمَعْنَى : قَالَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ إِيضَاحُهَا وَنَقْلُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِيهَا .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ عِيدَانُ السَّمَاسِمِ ) هُوَ بِالسِّينَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ : الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ ، وَالثَّانِيَةُ مَكْسُورَةٌ ، وَهُوَ جَمْعُ سِمْسِمٍ ، وَهُوَ هَذَا السِّمْسِمُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الشَّيْرَجُ ، قَالَ الْإِمَامُ أَبُو السَّعَادَاتِ الْمُبَارَكُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْأَثِيرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - : مَعْنَاهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ السَّمَاسِمَ جَمْعُ سِمْسِمٍ ، وَعِيدَانُهُ تَرَاهَا إِذَا قُلِعَتْ وَتُرِكَتْ فِي الشَّمْسِ لِيُؤْخَذُ حَبُّهَا دِقَاقًا سُودًا كَأَنَّهَا مُحْتَرِقَةٌ ، فَشَبَّهَ بِهَا هَؤُلَاءِ .
قَالَ : وَطَالَمَا طَلَبْتُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَسَأَلْتُ عَنْهَا فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا شَافِيًا ، قَالَ : وَمَا أَشْبَهَ أَنْ تَكُونَ اللَّفْظَةُ مُحَرَّفَةً وَرُبَّمَا كَانَتْ عِيدَانُ ( السَّاسَمِ ) وَهُوَ خَشَبٌ أَسْوَدُ كَالْآبَنُوسِ ، هَذَا كَلَامُ أَبِي السَّعَادَاتِ ( وَالسَّاسَمُ ) الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ بِحَذْفِ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ الثَّانِيَةِ كَذَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ .
وَأَمَّا الْقَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ : لَا يُعْرَفُ مَعْنَى السَّمَاسِمِ هُنَا قَالَ : وَلَعَلَّ صَوَابَهُ ( عِيدَانُ السَّاسَمِ ) وَهُوَ أَشْبَهُ ، وَهُوَ عُودٌ أَسْوَدُ وَقِيلَ : هُوَ الْآبَنُوسُ .
وَأَمَّا صَاحِبُ الْمَطَالِعِ فَقَالَ : قَالَ بَعْضُهُمْ : ( السَّمَاسِمُ ) كُلُّ نَبْتٍ ضَعِيفٍ كَالسِّمْسِمِ وَالْكُزْبَرَةِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : لَعَلَّهُ ( السَّأْسَمُ ) مَهْمُوزٌ وَهُوَ الْآبَنُوسُ ، شَبَّهَهُمْ بِهِ فِي سَوَادِهِ فَهَذَا مُخْتَصَرُ مَا قَالُوهُ فِيهِ ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ السِّمْسِمُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَلَى مَا بَيَّنَهُ أَبُو السَّعَادَاتِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ ( كَأَنَّهَا ) عِيدَانُ السَّمَاسِمِ بِأَلِفٍ بَعْدَ الْهَاءِ ، وَالصَّحِيحُ الْمَوْجُودُ فِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ وَالْكُتُبِ ( كَأَنَّهُمْ ) بِمِيمٍ بَعْدَ الْهَاءِ ، وَلِلْأَوَّلِ أَيْضًا وَجْهٌ : وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي ( كَأَنَّهَا ) عَائِدٌ عَلَى الصُّوَرِ أَيْ : كَأَنَّ صُوَرَهُمْ عِيدَانُ السَّمَاسِمِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ الْقَرَاطِيسُ ) الْقَرَاطِيسُ : جَمْعُ قِرْطَاسٍ بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ ، وَهُوَ : الصَّحِيفَةُ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا ، شَبَّهَهُمْ بِالْقَرَاطِيسِ لِشِدَّةِ بَيَاضِهِمْ بَعْدَ اغْتِسَالِهِمْ وَزَوَالِ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّوَادِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( فَقُلْنَا وَيْحَكُمْ ؟ .
أَتَرَوْنَ الشَّيْخَ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) يَعْنِي بِالشَّيْخِ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَجَحْدٍ أَيْ : لَا يُظَنُّ بِهِ الْكَذِبُ بِلَا شَكٍّ .
قَوْلُهُ : ( فَرَجَعْنَا فَلَا وَاللَّهِ مَا خَرَجَ مِنَّا غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ ) مَعْنَاهُ : رَجَعْنَا مِنْ حَجِّنَا وَلَمْ نَتَعَرَّضْ لِرَأْيِ الْخَوَارِجِ ، بَلْ كَفَفْنَا عَنْهُ وَتُبْنَا مِنْهُ إِلَّا رَجُلًا مِنَّا فَإِنَّهُ لَمْ يُوَافِقنَا فِي الِانْكِفَافِ عَنْهُ .
قَوْلُهُ : ( أَوْ كَمَا قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ ) الْمُرَادُ بِأَبِي نُعَيْمٍ : الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْإِسْنَادِ ، وَهُوَ شَيْخُ شَيْخِ مُسْلِمٍ ، وَهَذَا الَّذِي فَعَلَهُ أَدَبٌ مَعْرُوفٌ مِنْ آدَابِ الرُّوَاةِ ، وَهُوَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلرَّاوِي إِذَا رَوَى بِالْمَعْنَى أَنْ يَقُولَ عَقِبَ رِوَايَتِهِ : أَوْ كَمَا قَالَ ، احْتِيَاطًا وَخَوْفًا مِنْ تَغْيِيرٍ حَصَلَ .