هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
283 وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنِ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ ، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا ، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ ، قَالَ : فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ ، جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي ، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ ، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي ، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ - يَعْنِي نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ قَائِلٌ : يَا مُحَمَّدُ ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ ، فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  يعني نفسه فحانت الصلاة فأممتهم ، فلما فرغت من الصلاة قال قائل : يا محمد ، هذا مالك صاحب النار ، فسلم عليه ، فالتفت إليه ، فبدأني بالسلام
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It is narrated on the authority of Abu Huraira that the Messenger of Allah (ﷺ) said:

I found myself in Hijr and the Quraish were asking me about my might journey. I was asked about things pertaining to Bait-ul-Maqdis which I could not preserve (in my mind). I was very much vexed, so vexed as I had never been before. Then Allah raised it (Bait-ul-Maqdis) before my eyes. I looked towards it, and I gave them the information about whatever they questioned me I also saw myself among the group of apostles. I saw Moses saying prayer and found him to be a well-built man as if he was a man of the tribe of Shanu'a. I saw Jesus son of Mary (peace be upon him) offering prayer, of all of men he had the closest resemblance with 'Urwa b. Masu'd al-Thaqafi. I saw Ibrahim (peace be upon him) offering prayer; he had the closest resemblance with your companion (the Prophet himself) amongst people. When the time of prayer came I led them. When I completed the prayer, someone said: Here is Malik, the keeper of the Hell; pay him salutations. I turned to him, but he preceded me in salutation.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [172] .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى) هُوَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ جِيمٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ ثُمَّ نُونٍ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ) هُوَ بِضَمِّ الْكَافَيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي مِثْلِهِ يَعُودُ عَلَى مَعْنَى الْكُرْبَةِ وَهُوَ الْكَرْبُ أَوِ الْغَمُّ أَوِ الْهَمُّ أَوِ الشَّيْءُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْكُرْبَةُ بِالضَّمِّ الْغَمُّ الَّذِي يَأْخُذُ بِالنَّفْسِ وَكَذَلِكَ الْكَرْبُ وَكَرَبَهُ الْغَمُّ إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَإِذَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي وَإِذَا عِيسَى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ فِي صَلَاتِهِمْ عِنْدَ ذِكْرِ طَوَافِ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ وَقَدْ تَكُونُ الصَّلَاةُ هُنَا بِمَعْنَى الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَهِيَ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ قَالَ الْقَاضِي فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ رَأَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَنْبِيَاءِ بِبَيْتِ المقدس ووجدهم على مراتبهم فى السماوات وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَرَحَّبُوا بِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ رُؤْيَتُهُ مُوسَى فِي قَبْرِهِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ كَانَتْ قَبْلَ صُعُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ وَفِي طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ وَجَدَ مُوسَى قَدْ سَبَقَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَصَلَّى بِهِمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لِأَوَّلِ مَا رَآهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ وَرَحَّبُوا بِهِ أَوْ يَكُونَ اجْتِمَاعُهُ بِهِمْ وَصَلَاتُهُ وَرُؤْيَتُهُ مُوسَى بَعْدَ انْصِرَافِهِ وَرُجُوعِهِ عَنْ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ(فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ) هُوَ بِضَمِّ الْكَافَيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي مِثْلِهِ يَعُودُ عَلَى مَعْنَى الْكُرْبَةِ وَهُوَ الْكَرْبُ أَوِ الْغَمُّ أَوِ الْهَمُّ أَوِ الشَّيْءُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْكُرْبَةُ بِالضَّمِّ الْغَمُّ الَّذِي يَأْخُذُ بِالنَّفْسِ وَكَذَلِكَ الْكَرْبُ وَكَرَبَهُ الْغَمُّ إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَإِذَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي وَإِذَا عِيسَى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ فِي صَلَاتِهِمْ عِنْدَ ذِكْرِ طَوَافِ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ وَقَدْ تَكُونُ الصَّلَاةُ هُنَا بِمَعْنَى الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَهِيَ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ قَالَ الْقَاضِي فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ رَأَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَنْبِيَاءِ بِبَيْتِ المقدس ووجدهم على مراتبهم فى السماوات وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَرَحَّبُوا بِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ رُؤْيَتُهُ مُوسَى فِي قَبْرِهِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ كَانَتْ قَبْلَ صُعُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ وَفِي طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ وَجَدَ مُوسَى قَدْ سَبَقَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَصَلَّى بِهِمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لِأَوَّلِ مَا رَآهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ وَرَحَّبُوا بِهِ أَوْ يَكُونَ اجْتِمَاعُهُ بِهِمْ وَصَلَاتُهُ وَرُؤْيَتُهُ مُوسَى بَعْدَ انْصِرَافِهِ وَرُجُوعِهِ عَنْ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ(فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ) هُوَ بِضَمِّ الْكَافَيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي مِثْلِهِ يَعُودُ عَلَى مَعْنَى الْكُرْبَةِ وَهُوَ الْكَرْبُ أَوِ الْغَمُّ أَوِ الْهَمُّ أَوِ الشَّيْءُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْكُرْبَةُ بِالضَّمِّ الْغَمُّ الَّذِي يَأْخُذُ بِالنَّفْسِ وَكَذَلِكَ الْكَرْبُ وَكَرَبَهُ الْغَمُّ إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَإِذَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي وَإِذَا عِيسَى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ فِي صَلَاتِهِمْ عِنْدَ ذِكْرِ طَوَافِ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ وَقَدْ تَكُونُ الصَّلَاةُ هُنَا بِمَعْنَى الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَهِيَ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ قَالَ الْقَاضِي فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ رَأَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَنْبِيَاءِ بِبَيْتِ المقدس ووجدهم على مراتبهم فى السماوات وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَرَحَّبُوا بِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ رُؤْيَتُهُ مُوسَى فِي قَبْرِهِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ كَانَتْ قَبْلَ صُعُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ وَفِي طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ وَجَدَ مُوسَى قَدْ سَبَقَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَصَلَّى بِهِمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لِأَوَّلِ مَا رَآهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ وَرَحَّبُوا بِهِ أَوْ يَكُونَ اجْتِمَاعُهُ بِهِمْ وَصَلَاتُهُ وَرُؤْيَتُهُ مُوسَى بَعْدَ انْصِرَافِهِ وَرُجُوعِهِ عَنْ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَاللَّهُ أَعْلَمُرأيت بضم التاء وفتحها وهما ظاهران وقطن هَذَا بِفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [172] فكربت بِضَم الْكَاف كربَة بِالضَّمِّ الْغم الَّذِي يَأْخُذ بِالنَّفسِ مَا كربت مثله ذكر الضَّمِير عودا على معنى الْكُرْبَة وَهُوَ الكرب أَو الْغم أَو الْهم أَو الشَّيْء

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :283 ... بـ :172]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ قَالَ فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام قَائِمٌ يُصَلِّي أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام قَائِمٌ يُصَلِّي أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ يَعْنِي نَفْسَهُ فَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ قَائِلٌ يَا مُحَمَّدُ هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ
قَوْلُهُ ( عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ مُرَّةَ ) أَمَّا ( مِغْوَلٌ ) فَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ ، وَطَلْحَةُ هُوَ ابْنُ مُصَرِّفٍ ، وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ أَعْنِي الزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَمُرَّةَ تَابِعِيُّونَ كُوفِيُّونَ .

قَوْلُهُ : ( انْتَهَى بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ) كَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ ( السَّادِسَةِ ) وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهَا فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ .
قَالَ الْقَاضِي : كَوْنُهَا فِي السَّابِعَةِ هُوَ الْأَصَحُّ .
وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَعْنَى ، وَتَسْمِيَتُهَا بِالْمُنْتَهَى .

قُلْتُ : وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ أَصْلُهَا فِي السَّادِسَةِ وَمُعْظَمُهَا فِي السَّابِعَةِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْعِظَمِ .
وَقَدْ قَالَ الْخَلِيلُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : هِيَ سِدْرَةٌ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ قَدْ أَظَلَّتِ السَّمَوَاتِ وَالْجَنَّةَ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا حَكَيْنَاهُ عَنِ الْقَاضِي عِيَاضٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ : إِنَّ مُقْتَضَى خُرُوجِ النَّهْرَيْنِ الظَّاهِرَيْنِ النِّيلِ وَالْفُرَاتِ مِنْ أَصْلِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى أَنْ يَكُونَ أَصْلُهَا فِي الْأَرْضِ فَإِنْ سُلِّمَ لَهُ هَذَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا الْمُقْحِمَاتُ ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ ، وَمَعْنَاهُ : الذُّنُوبُ الْعِظَامُ الْكَبَائِرُ الَّتِي تُهْلِكُ أَصْحَابَهَا وَتُورِدُهُمُ النَّارَ وَتُقْحِمُهُمْ إِيَّاهَا ، وَالتَّقَحُّمُ : الْوُقُوعُ فِي الْمَهَالِكِ .

وَمَعْنَى الْكَلَامِ : مَنْ مَاتَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَيْرَ مُشْرِكٍ بِاللَّهِ غُفِرَ لَهُ الْمُقْحِمَاتُ وَالْمُرَادُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، بِغُفْرَانِهَا أَنَّهُ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِينَ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ أَصْلًا فَقَدْ تَقَرَّرَتْ نُصُوصُ الشَّرْعِ وَإِجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ عَذَابِ بَعْضِ الْعُصَاةِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا خُصُوصًا مِنَ الْأُمَّةِ أَيْ : يُغْفَرُ لِبَعْضِ الْأُمَّةِ الْمُقْحِمَاتُ ، وَهَذَا يَظْهَرُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ : إِنَّ لَفْظَةَ ( مِنْ ) لَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ مُطْلَقًا ، وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ : لَا تَقْتَضِيهِ فِي الْإِخْبَارِ وَإِنِ اقْتَضَتْهُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ كَوْنُهَا لِلْعُمُومِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَدْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ الْخُصُوصِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ النُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ هَلْ رَأَى نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ ؟ فَأَنْكَرَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَمَا وَقَعَ هُنَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ، وَجَاءَ مِثْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَمَاعَةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْمُتَكَلِّمِينَ ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ ، وَمِثْلُهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَكَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَالْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَانَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ ، وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَحَكَى أَصْحَابُ الْمَقَالَاتِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ رَآهُ ، وَوَقَفَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي هَذَا ،.

     وَقَالَ  : لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ وَلَكِنَّهُ جَائِزٌ ، وَرُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا جَائِزَةٌ وَسُؤَالُ مُوسَى إِيَّاهَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهَا إِذْ لَا يَجْهَلُ نَبِيٌّ مَا يَجُوزُ أَوْ يَمْتَنِعُ عَلَى رَبِّهِ ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي رُؤْيَةِ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ ، وَفِي مُقْتَضَى الْآيَةِ وَرُؤْيَةِ الْجَبَلِ ، فَفِي جَوَابِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَلَّمَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَمْ لَا ؟ فَحُكِيَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَقَوْمٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ كَلَّمَهُ ، وَعَزَا بَعْضُهُمْ هَذَا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا الدُّنُوَّ وَالتَّدَلِّي مُنْقَسِمٌ مَا بَيْنَ جِبْرِيلَ وَالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ مُخْتَصٌّ بِأَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ وَمِنَ السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى .
وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ دُنُوٌّ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الدُّنُوُّ وَالتَّدَلِّي مُتَأَوَّلًا لَيْسَ عَلَى وَجْهِهِ بَلْ كَمَا قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : الدُّنُوُّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا حَدَّ لَهُ وَمِنَ الْعِبَادِ بِالْحُدُودِ ، فَيَكُونُ مَعْنَى دُنُوِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقُرْبِهِ مِنْهُ ظُهُورُ عَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ لَدَيْهِ ، وَإِشْرَاقُ أَنْوَارِ مَعْرِفَتِهِ عَلَيْهِ ، وَإِطْلَاعُهُ مِنْ غَيْبِهِ وَأَسْرَارِ مَلَكُوتِهِ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ سِوَاهُ عَلَيْهِ .

وَالدُّنُوُّ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَهُ إِظْهَارُ ذَلِكَ لَهُ وَعَظِيمُ بِرِّهِ وَفَضْلِهِ الْعَظِيمِ لَدَيْهِ ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى : قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى عَلَى هَذَا عِبَارَةً عَنْ لُطْفِ الْمَحَلِّ وَإِيضَاحِ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِشْرَافِ عَلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنَ اللَّهِ إِجَابَةَ الرَّغْبَةِ وَإِبَانَةَ الْمَنْزِلَةِ وَيُتَأَوَّلُ فِي ذَلِكَ مَا يُتَأَوَّلُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ : " مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا .
.
.
الْحَدِيثَ " هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي .

وَأَمَّا صَاحِبُ التَّحْرِيرِ فَإِنَّهُ اخْتَارَ إِثْبَاتَ الرُّؤْيَةِ .
قَالَ : وَالْحُجَجُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً لَكِنَّا لَا نَتَمَسَّكُ إِلَّا بِالْأَقْوَى مِنْهَا وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ( أَتَعْجَبُونَ أَنْ تَكُونَ الْخُلَّةُ لِإِبْرَاهِيمَ وَالْكَلَامُ لِمُوسَى وَالرُّؤْيَةُ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) وَعَنْ عِكْرِمَةَ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : رَأَى مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ .
وَكَانَ الْحَسَنُ يَحْلِفُ لَقَدْ رَأَى مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ .
وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَبْرِ الْأُمَّةِ وَالْمَرْجُوعِ إِلَيْهِ فِي الْمُعْضِلَاتِ ، وَقَدْ رَاجَعَهُ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَرَاسَلَهُ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ ؟ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَآهُ .
وَلَا يَقْدَحُ فِي هَذَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِأَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تُخْبِرْ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : لَمْ أَرَ رَبِّي ، وَإِنَّمَا ذَكَرَتْ مُتَأَوِّلَةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَالصَّحَابِيُّ إِذَا قَالَ قَوْلًا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ حُجَّةً .

وَإِذَا صَحَّتِ الرِّوَايَاتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إِثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى إِثْبَاتِهَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ ، وَيُؤْخَذُ بِالظَّنِّ ، وَإِنَّمَا يُتَلَقَّى بِالسَّمَاعِ وَلَا يَسْتَجِيزُ أَحَدٌ أَنْ يَظُنَّ بِابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالظَّنِّ وَالِاجْتِهَادِ .
وَقَدْ قَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ حِينَ ذَكَرَ اخْتِلَافَ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ : مَا عَائِشَةُ عِنْدَنَا بِأَعْلَمَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَثْبَتَ شَيْئًا نَفَاهُ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي ، هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ .
وَإِثْبَاتُ هَذَا لَا يَأْخُذُونَهُ إِلَّا بِالسَّمَاعِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَشَكَّكَ فِيهِ .

ثُمَّ إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمْ تَنْفِ الرُّؤْيَةَ بِحَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ كَانَ مَعَهَا فِيهِ حَدِيثٌ لَذَكَرَتْهُ ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَتِ الِاسْتِنْبَاطَ مِنَ الْآيَاتِ وَسَنُوَضِّحُ الْجَوَابَ عَنْهَا .

فَأَمَّا احْتِجَاجُ عَائِشَةَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ فَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ ، فَإِنَّ الْإِدْرَاكَ هُوَ الْإِحَاطَةُ وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُحَاطُ بِهِ ، وَإِذَا وَرَدَ النَّصُّ بِنَفْيِ الْإِحَاطَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الرُّؤْيَةِ بِغَيْرِ إِحَاطَةٍ ، وَأُجِيبَ عَنِ الْآيَةِ بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى لَا حَاجَةَ إِلَيْهَا مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ ; فَإِنَّهُ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ مَعَ اخْتِصَارِهِ .

وَأَمَّا احْتِجَاجُهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا الْآيَةِ ، فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الرُّؤْيَةِ وُجُودُ الْكَلَامِ حَالَ الرُّؤْيَةِ فَيَجُوزُ وُجُودُ الرُّؤْيَةِ مِنْ غَيْرِ كَلَامٍ .

الثَّانِي أَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ .

الثَّالِثُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَحْيِ الْكَلَامُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا وَلَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَحْيِ هُنَا الْإِلْهَامُ وَالرُّؤْيَةُ فِي الْمَنَامِ وَكِلَاهُمَا يُسَمَّى وَحْيًا .

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فَقَالَ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ : مَعْنَاهُ غَيْرُ مُجَاهِرٍ لَهُمْ بِالْكَلَامِ بَلْ يَسْمَعُونَ كَلَامَهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هُنَاكَ حِجَابًا يَفْصِلُ مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ وَيَدُلُّ عَلَى تَحْدِيدِ الْمَحْجُوبِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا يُسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ حَيْثُ لَمْ يُرَ الْمُتَكَلِّمُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ ) هُوَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَاسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ .

قَوْلُ مُسْلِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ) هَذَا الْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ .
وَ ( غِيَاثٌ ) بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ .
وَ ( الشَّيْبَانِيُّ ) هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ وَاسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ ، وَقِيلَ : ابْنُ خَاقَانَ ، وَقِيلَ : ابْنُ عَمْرٍو وَهُوَ تَابِعِيٌّ ..
وَأَمَّا ( زِرٌّ ) فَبِكَسْرِ الزَّايِ ، وَحُبَيْشٌ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرَهُ الشِّينُ الْمُعْجَمَةُ وَهُوَ مِنَ الْمُعَمَّرِينَ زَادَ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةٍ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى قَالَ : رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةُ جَنَاحٍ ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ مَذْهَبُهُ فِي الْآيَةِ ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَبَّهُ بِفُؤَادِهِ دُونَ عَيْنَيْهِ ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنَيْهِ .
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ : قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو ذَرٍّ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : رَآهُ بِقَلْبِهِ .
قَالَ : وَعَلَى هَذَا رَأَى بِقَلْبِهِ رَبَّهُ رُؤْيَةً صَحِيحَةً وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ بَصَرَهُ فِي فُؤَادِهِ أَوْ خَلَقَ لِفُؤَادِهِ بَصَرًا حَتَّى رَأَى رَبَّهُ رُؤْيَةً صَحِيحَةً كَمَا يَرَى بِالْعَيْنِ .
قَالَ : وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَنَسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالرَّبِيعِ .
قَالَ الْمُبَرِّدُ : وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الْفُؤَادَ رَأَى شَيْئًا فَصَدَقَ فِيهِ وَ ( مَا رَأَى ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَيْ : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَرْئِيَّهُ ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ ( مَا كَذَّبَ ) بِالتَّشْدِيدِ .
قَالَ الْمُبَرِّدُ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ رَأَى شَيْئًا فَقَبِلَهُ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمُبَرِّدُ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ لِلْفُؤَادِ فَإِنْ جَعَلْتَهَا لِلْبَصَرِ فَظَاهِرٌ أَيْ : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَآهُ الْبَصَرُ .
هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْوَاحِدِيِّ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى قَالَ : رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ قَوْلُ كَثِيرِينَ مِنَ السَّلَفِ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَابْنُ زَيْدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ..
     وَقَالَ  الضَّحَّاكُ : الْمُرَادُ أَنَّهُ رَأَى سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى ، وَقِيلَ : رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ ، وَفِي الْكُبْرَى قَوْلَانِ لِلسَّلَفِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : نَعْتٌ لِلْآيَاتِ ، وَيَجُوزُ نَعْتُ الْجَمَاعَةِ بِنَعْتِ الْوَاحِدَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : مَآرِبُ أُخْرَى وَقِيلَ : هُوَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْآيَةَ الْكُبْرَى .