هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2822 وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ ، هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ ، قَالَ : قَالَتْ زَيْنَبُ : دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ - أَوْ غَيْرُهُ - فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا ، ثُمَّ قَالَتْ : وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ : لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أو غيره فدهنت منه جارية ، ثم مست بعارضيها ، ثم قالت : والله ما لي بالطيب من حاجة ، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول على المنبر : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Zainab (bint Abu Salama) (Allah be pleased with her) reported:

I went to Umm Habiba, the wife of Allah's Apostle (ﷺ), when her father Abu Sufyan had died. Umm Habiba sent for a perfume having yellowness in it or something else like it, and she applied it to a girl and then rubbed it on her cheeks and then said: By Allah, I need no perfume but for the fact that I heard Allah's Messenger (ﷺ) say on the pulpit: It is not permissible for a woman believing in Allah and the Hereafter to mourn for the dead beyond three days, but (in case of the death) of the husband it is permissible for four months and ten days. Zainab said: I then visited Zainab hint Jahsh (Allah be pleased with her) when her brother died and she sent for perfume and applied it and then said: By Allah, I don't feel any need for the perfume but that I heard Allah's Messenger (ﷺ) say on the pulpit: It is not permissible for a woman believing in Allah and the Hereafbler to mourn the dead beyond three days except in case of her husband (for whom she can mourn) for four months and ten days. Zainab (Allah be pleased with her) said: I heard my mother Umm Salama (Allah be pleased with her) as saying: A woman came to Allah's Messenger (ﷺ) and said: Allah's Messenger. I have a daughter whose husband has died and there has developed some trouble in her eye; should we apply collyrium to it? Thereupon Allah's Messenger (ﷺ) said: No (repeating it twice or thrice, saying only, NO all the time). Then he said: It is only four mouths and ten days, whereas in the preIslamic period none of you threw away the dung until one year had passed. Humaid said: I said to Zainab: What is this throwing of dung until a year is passed? Zainab said: When the husband of a woman died, she went into a hut and put on her worst clothes, and did not apply perfume or something like it until a year was over. Then an animal like a donkey, or a goat, or a bird was brought to her and she rubbed her hand over it, and it so happened that one on which she rubbed her hand died. She then came out of her house and she was given dung and she threw it and then she made use of anything like perfume or something else as she liked.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1486] .

     قَوْلُهُ )صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِهِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُعْتَدَّةٍ عَنْ وَفَاةٍ سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ بَلْ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ فَخَصَّهُ بِالْمُؤْمِنَةِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي يَشْمَلُ خِطَابَ الشَّارِعِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْقَادُ لَهُ فَلِهَذَا قَيَّدَ بِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا لَا إِحْدَادَ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَلَا عَلَى الزوجة الأمة وأجمعوا على أنه لا احداد عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا عَلَى الْأَمَةِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهُمَا سَيِّدُهُمَا وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فَقَالَ عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ ومالك والليث والشافعى وبن الْمُنْذِرِ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا.

     وَقَالَ  الْحَكَمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ وَلَا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَهَذَا شَاذٌّ غَرِيبٌ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ لَا احداد عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ فَخَصَّ الْإِحْدَادَ بِالْمَيِّتِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي وَاسْتُفِيدَ وُجُوبُ الْإِحْدَادِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَكِنِ اتَّفَقُوا عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْوُجُوبِ مَعَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْكُحْلِ وَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَمَنْعِهَا مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَالْمُرَادُ بِهِ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ وَأَنَّهَا تَحِلُّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا تَحِلُّ حَتَّى تَدْخُلَ لَيْلَةُ الْحَادِي عَشَرَ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ عِنْدَنَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ خَرَجَ عَلَى غَالِبِ الْمُعْتَدَّاتِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ أَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ وَيَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ فِي جَمِيعِ الْعِدَّةِ حَتَّى تَضَعَ سَوَاءٌ قَصُرَتِ الْمُدَّةُ أَمْ طَالَتْ فَإِذَا وَضَعَتْ فَلَا إِحْدَادَ بَعْدَهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ)صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِهِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُعْتَدَّةٍ عَنْ وَفَاةٍ سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ بَلْ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ فَخَصَّهُ بِالْمُؤْمِنَةِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي يَشْمَلُ خِطَابَ الشَّارِعِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْقَادُ لَهُ فَلِهَذَا قَيَّدَ بِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا لَا إِحْدَادَ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَلَا عَلَى الزوجة الأمة وأجمعوا على أنه لا احداد عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا عَلَى الْأَمَةِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهُمَا سَيِّدُهُمَا وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فَقَالَ عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ ومالك والليث والشافعى وبن الْمُنْذِرِ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا.

     وَقَالَ  الْحَكَمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ وَلَا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَهَذَا شَاذٌّ غَرِيبٌ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ لَا احداد عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ فَخَصَّ الْإِحْدَادَ بِالْمَيِّتِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي وَاسْتُفِيدَ وُجُوبُ الْإِحْدَادِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَكِنِ اتَّفَقُوا عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْوُجُوبِ مَعَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْكُحْلِ وَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَمَنْعِهَا مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَالْمُرَادُ بِهِ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ وَأَنَّهَا تَحِلُّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا تَحِلُّ حَتَّى تَدْخُلَ لَيْلَةُ الْحَادِي عَشَرَ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ عِنْدَنَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ خَرَجَ عَلَى غَالِبِ الْمُعْتَدَّاتِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ أَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ وَيَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ فِي جَمِيعِ الْعِدَّةِ حَتَّى تَضَعَ سَوَاءٌ قَصُرَتِ الْمُدَّةُ أَمْ طَالَتْ فَإِذَا وَضَعَتْ فَلَا إِحْدَادَ بَعْدَهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ)صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِهِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُعْتَدَّةٍ عَنْ وَفَاةٍ سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ بَلْ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ فَخَصَّهُ بِالْمُؤْمِنَةِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي يَشْمَلُ خِطَابَ الشَّارِعِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْقَادُ لَهُ فَلِهَذَا قَيَّدَ بِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا لَا إِحْدَادَ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَلَا عَلَى الزوجة الأمة وأجمعوا على أنه لا احداد عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا عَلَى الْأَمَةِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهُمَا سَيِّدُهُمَا وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فَقَالَ عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ ومالك والليث والشافعى وبن الْمُنْذِرِ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا.

     وَقَالَ  الْحَكَمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ وَلَا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَهَذَا شَاذٌّ غَرِيبٌ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ لَا احداد عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ فَخَصَّ الْإِحْدَادَ بِالْمَيِّتِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي وَاسْتُفِيدَ وُجُوبُ الْإِحْدَادِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَكِنِ اتَّفَقُوا عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْوُجُوبِ مَعَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْكُحْلِ وَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَمَنْعِهَا مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَالْمُرَادُ بِهِ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ وَأَنَّهَا تَحِلُّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا تَحِلُّ حَتَّى تَدْخُلَ لَيْلَةُ الْحَادِي عَشَرَ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ عِنْدَنَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ خَرَجَ عَلَى غَالِبِ الْمُعْتَدَّاتِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ أَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ وَيَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ فِي جَمِيعِ الْعِدَّةِ حَتَّى تَضَعَ سَوَاءٌ قَصُرَتِ الْمُدَّةُ أَمْ طَالَتْ فَإِذَا وَضَعَتْ فَلَا إِحْدَادَ بَعْدَهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ)صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِهِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُعْتَدَّةٍ عَنْ وَفَاةٍ سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ بَلْ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ فَخَصَّهُ بِالْمُؤْمِنَةِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي يَشْمَلُ خِطَابَ الشَّارِعِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْقَادُ لَهُ فَلِهَذَا قَيَّدَ بِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا لَا إِحْدَادَ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَلَا عَلَى الزوجة الأمة وأجمعوا على أنه لا احداد عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا عَلَى الْأَمَةِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهُمَا سَيِّدُهُمَا وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فَقَالَ عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ ومالك والليث والشافعى وبن الْمُنْذِرِ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا.

     وَقَالَ  الْحَكَمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ وَلَا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَهَذَا شَاذٌّ غَرِيبٌ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ لَا احداد عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ فَخَصَّ الْإِحْدَادَ بِالْمَيِّتِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي وَاسْتُفِيدَ وُجُوبُ الْإِحْدَادِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَكِنِ اتَّفَقُوا عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْوُجُوبِ مَعَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْكُحْلِ وَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَمَنْعِهَا مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَالْمُرَادُ بِهِ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ وَأَنَّهَا تَحِلُّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا تَحِلُّ حَتَّى تَدْخُلَ لَيْلَةُ الْحَادِي عَشَرَ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ عِنْدَنَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ خَرَجَ عَلَى غَالِبِ الْمُعْتَدَّاتِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ أَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ وَيَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ فِي جَمِيعِ الْعِدَّةِ حَتَّى تَضَعَ سَوَاءٌ قَصُرَتِ الْمُدَّةُ أَمْ طَالَتْ فَإِذَا وَضَعَتْ فَلَا إِحْدَادَ بَعْدَهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ)صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِهِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُعْتَدَّةٍ عَنْ وَفَاةٍ سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ بَلْ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ فَخَصَّهُ بِالْمُؤْمِنَةِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي يَشْمَلُ خِطَابَ الشَّارِعِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْقَادُ لَهُ فَلِهَذَا قَيَّدَ بِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا لَا إِحْدَادَ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَلَا عَلَى الزوجة الأمة وأجمعوا على أنه لا احداد عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا عَلَى الْأَمَةِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهُمَا سَيِّدُهُمَا وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فَقَالَ عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ ومالك والليث والشافعى وبن الْمُنْذِرِ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا.

     وَقَالَ  الْحَكَمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ وَلَا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَهَذَا شَاذٌّ غَرِيبٌ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ لَا احداد عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ فَخَصَّ الْإِحْدَادَ بِالْمَيِّتِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي وَاسْتُفِيدَ وُجُوبُ الْإِحْدَادِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَكِنِ اتَّفَقُوا عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْوُجُوبِ مَعَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْكُحْلِ وَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَمَنْعِهَا مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَالْمُرَادُ بِهِ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ وَأَنَّهَا تَحِلُّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا تَحِلُّ حَتَّى تَدْخُلَ لَيْلَةُ الْحَادِي عَشَرَ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ عِنْدَنَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ خَرَجَ عَلَى غَالِبِ الْمُعْتَدَّاتِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ أَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ وَيَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ فِي جَمِيعِ الْعِدَّةِ حَتَّى تَضَعَ سَوَاءٌ قَصُرَتِ الْمُدَّةُ أَمْ طَالَتْ فَإِذَا وَضَعَتْ فَلَا إِحْدَادَ بَعْدَهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ)فِي نَسَبِهِ غَيْرُ هَذَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1486] نعي أبي سُفْيَان بِكَسْر الْعين مَعَ تَشْدِيد الْيَاء وبإسكانها مَعَ تَخْفيف الْيَاء أَي خبر مَوته

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة؛ أنها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة.
قال: قالت زينب: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين توفي أبوها أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة.
خلوق أو غيره.
فدهنت منه جارية.
ثم مست بعارضيها.
ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة.
غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، على المنبر لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج، أربعة أشهر وعشرًا.

قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها.
فدعت بطيب فمست منه.
ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة.
غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، على المنبر لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، أربعة أشهر وعشرًا.

قالت زينب: سمعت أمي، أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها.
وقد اشتكت عينها.
أفنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ( مرتين أو ثلاثًا.
كل ذلك يقول: لا)
.
ثم قال إنما هي أربعة أشهر وعشر.
وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول.

قال حميد: قلت لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة، إذا توفي عنها زوجها، دخلت حفشًا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبًا ولا شيئًا.
حتى تمر بها سنة.
ثم تؤتى بدابة، حمار أو شاة أو طير، فتفتض به.
فقلما تفتض بشيء إلا مات.
ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها.
ثم تراجع، بعد، ما شاءت من طيب أو غيره.


المعنى العام

الجزع عند المصاب أمر طبيعي، لا يملك الإنسان دفعه، إنما يستطيع دفع الهلع، من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعوى الجاهلية، والصلق والصراخ والحلق، وطلاء الوجه بالزرقة والنيلة ونحو ذلك.

وبين الجزع والهلع مظاهر حزن، رخص فيها الإسلام للمرأة، لا للرجل، لأنها أرق عاطفة، وأسرع وأكثر تأثرًا بالحزن والفرح من الرجل، فرخص لها أن تظهر مظاهر الحزن، وأن تبتعد عن مظاهر الزينة والبهجة عند فقد حبيب أو قريب، ثلاثة أيام بلياليها، لا تزيد.

أما الزوجة المتوفى زوجها فقد أوجب عليها أن تبتعد عن الزينة بأنواعها، وعن مظاهر التنعم، وأن تعلن عن الحزن بالبعد عن الطيب والكحل والثياب الملونة والمزركشة مدة العدة التي أوجبها الله، وزادها عن عدة المطلقة، تقديسًا لرباط الزوجية، ووفاء لزوج لم يعد يدافع عن حقه، ومما هو واقع أن الزوجة التي كانت تكفر العشير في دنياه، وتنكر فضل زوجها وهو حي، تذكر فضله بعد مماته، وقد تنسى أو تتناسى مثالبه وعيوبه وشروره، ومما هو واقع أيضًا أن هذه الزوجة تحرص كل الحرص على أن تظهر للناس وفاءها لزوجها، وأن زوجها الراحل لا يعوضه أي رجل آخر، وأنها حزينة عليه حزنًا لا يساويه حزن، وأنها لن تفكر في غيره، وأنها ستبكيه الدهر كله، وستلبس عليه الحداد ما بقي لها من حياة، من هنا حرص الشارع على أن يمنع زيادة مدة الحداد، ولم يأمر بالحداد نفسه، لأنه واقع، ومبالغ فيه غالبًا، فكان التوجيه الشرعي أنه لا يحل ولا يجوز لزوجة تؤمن بالله وبقضائه وقدره، وتؤمن باليوم الآخر، وأجر المحتسبين الصابرين فيه، أن تزيد في الإحداد عما هو مقدر، على ميت غير زوج ثلاثة أيام بلياليها، وعلى الزوج أربعة أشهر وعشرًا، واستجابت النساء المسلمات لأوامر الشرع، وكان المثل الأعلى والقدوة الحسنة أمهات المؤمنين، فلم تكن مدة الحداد المقدرة تنتهي حتى تسارع المصابة إلى نقض مظاهرها، وتغيير حالة الحزن الظاهرية، وإن بقي الحزن في قلبها، فكانت تسارع بالتطيب ولبس الثياب المعتادة، اتباعًا لأوامر الشرع الحنيف.

المباحث العربية

( الإحداد) والحداد مشتق من الحد، وهو المنع، ومنه سميت العقوبة حدًا، لأنها تمنع وتردع عن المعصية، والإحداد امتناع المرأة المتوفى عنها زوجها من الزينة كلها من لباس وطيب، في بدنها أو ثيابها، لمنع الخطاب من خطبتها والطمع فيها، وامتناعها عن كل ما كان من دواعي النكاح، وله تفاصيل مشهورة في كتب الفقه، يقال: أحدت المرأة من الرباعي، تحد بضم التاء وكسر الحاء، إحدادًا، ويقال: حدت المرأة، من الثلاثي، تحد بفتح التاء، وبضم الحاء وكسرها، حدًا، كذا قال جمهور أهل اللغة.
وقال أبو حاتم: لم يعرف الأصمعي حدت الثلاثي وأنكره، ولم يعرف إلا الرباعي.

( عن زينب بنت أبي سلمة) وهي بنت أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، قيل: ولدتها أمها بأرض الحبشة، وقيل: ولدتها بالمدينة عقب استشهاد أبيها أبي سلمة، وتزوجت عبد الله بن زمعة بن الأسود، فولدت له، وكانت من أفقه نساء زمانها.

( دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان) ابن حرب، والد معاوية، وفي الرواية السادسة لما أتى أم حبيبة نعي أبي سفيان ونعي بسكون العين وتخفيف الياء، وبكسر العين وتشديد الياء، أي خبر موته.

قال الحافظ ابن حجر: مات أبو سفيان بالمدينة بلا خلاف بين أهل العلم بالأخبار، فرواية البخاري لما جاء نعي أبي سفيان من الشام أظنها وهما.
والذي جاء نعيه من الشام وأم حبيبة في الحياة هو أخوها يزيد بن أبي سفيان الذي كان أميرًا على الشام، فربما سقط لفظ ابن من هذه الرواية.
اهـ.

وفي الرواية الثانية توفي حميم لأم حبيبة والحميم القريب وفي مسند ابن أبي شيبة جاء نعي أخي أم حبيبة أو حميم لها وعند الدارمي إن أخًا لأم حبيبة مات أو حميمًا لها قال الحافظ ابن حجر: وإطلاق لفظ الحميم على الأخ أقرب من إطلاقه على الأب، فقوي الظن أن تكون القصة تعددت لزينب مع أم حبيبة عند وفاة أخيها يزيد، ثم عند وفاة أبيها، أبي سفيان، والجمهور على أن أبا سفيان مات سنة ثلاث وثلاثين، أو ثنتين وثلاثين، ويزيد قبل هذا بقليل.
اهـ.

( فدعت أم حبيبة بطيب) الفاء عاطفة على محذوف مطوي، تقديره: وأحدت ثلاثة أيام، يدل على ذلك قولها في الرواية السادسة دعت في اليوم الثالث بصفرة وكذا قولها في الرواية الثانية فدعت بصفرة أي بعد انتهاء مدة الحداد.

( فيه صفرة، خلوق أو غيره) في الرواية الثانية فدعت بصفرة أي بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره، فخلوق مرفوع، وكذلك غيره مرفوع، أي فيه صفرة، أودعت بصفرة، وهي خلوق أو غيره، والخلوق بفتح الخاء طيب مخلوط.

( ثم مست بعارضيها) أي جانبي وجههًا، مما فوق الذقن إلى ما دون الأذن، وفي الرواية الثانية فمسحته بذراعيها ولا تعارض، فقد فعلت الأمرين، كما صرحت بذلك الرواية السادسة، ولفظها فمسحت به ذراعيها وعارضيها.

( لا يحل لامرأة) هل يدخل في عمومها المدخول بها؟ وغير المدخول بها، حرة كانت أو أمة؟ وهل تخرج بهذا القيد الصغيرة؟ يأتي الخلاف في ذلك في فقه الحديث.

( تحد على ميت فوق ثلاث) تحد بضم التاء وكسر الحاء على الأشهر، والفعل مسبوك بمصدر من غير سابك، فاعل يحل أي لا يحل لامرأة الإحداد، وفي الرواية الثانية والسادسة والسابعة والثامنة وجد السابك، ولفظها أن تحد.

( وقد اشتكت عينها) قال النووي: عينها برفع النون، ووقع في بعض الأصول عيناها اهـ.
وقال ابن دقيق العيد: يجوز فيه وجهان، ضم النون على الفاعلية، على أن تكون العين هي المشتكية، وفتحها على أن يكون فاعل اشتكت ضمير المرأة، ورجح هذا المنذري، ورجح النووي الضم، واقتصر عليه.

( أفنكحلها) بفتح النون وسكون الكاف وضم الحاء.

( كل ذلك يقول: لا) أي لا تكتحل، كما صرح به في بعض الروايات.

( إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن...
إلخ)
فيه إشارة إلى تقليل المدة بالنسبة لما كان قبل ذلك، وتهوين الصبر عليها.
والمراد من قوله قد كانت إحداكن أي إحدى النساء، وليس المراد إحدى أمهات المؤمنين.

( ترمي بالبعرة على رأس الحول) البعرة رجيع وفضلات ذوات الخف وذوات الظلف إلا البقر الإنسي.

وقد فسرت زينب الكيفية والدافع بما سيأتي.

( دخلت حفشًا) بكسر الحاء وسكون الفاء بعدها شين، وهو البيت الصغير، أو الخص بضم الخاء بعدها صاد، وقال الشافعي: الحفش البيت الذليل الشعث البناء، وفي رواية للنسائي عمدت إلى شر بيت لها، فجلست فيه وفي الرواية الثالثة تكون في شر بيتها.

( ولبست شر ثيابها) أي أحقر ثيابها، وفي الرواية الثالثة في شر بيتها في أحلاسها أي في شر أحلاسها، أو في شر أحلاسها في بيتها أي في شر بيتها، والأحلاس بفتح الهمزة وإسكان الحاء، جمع حلس بكسر الحاء، وحلس البعير وغيره من الدواب الكساء الرقيق الذي يوضع تحت البرذعة، والمراد هنا شر ثيابها.
والترديد بين العبارتين في الرواية الثالثة للشك من الراوي في أي اللفظين وقع، وصف الثياب، أم وصف المكان، وعلى أي فالمقصود وصف الثياب والمكان بالحقارة.

( ولم تمس طيبًا ولا شيئًا) من الزينة والتنعم، وكأنه قال: ولم تمس طيبًا ولا نحوه من مظاهر الترف والرفاهية، كالخضاب والكحل والألوان والمساحيق والحلي والثياب الملونة بألوان الزينة، وهي المرادة من الثوب المصبوغ في الرواية التاسعة والعاشرة، إلا ثوب عصب بفتح العين وسكون الصاد، وهو من برود اليمن، يعصب له جملة من الخيوط كحزمة قبل النسيج، فتصبغ هذه الحزمة، ثم تدخل في النسيج، وثوب عصب من إضافة الموصوف إلى صفته، أي ثوبًا معصوبًا، به عصابات وحزم.
وسيأتي في فقه الحديث ما هو ممنوع من الثياب وما يرخص فيه منها.

( ثم تؤتى بدابة، حمار أو شاة، أو طير، فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات) الدابة ما يدب على الأرض من حيوان، وأصله من دب يدب دبيبًا إذا مشي مشيًا فيه تقارب خطو، فلفظ حمار أو شاة.
بدل بعض من كل، أما لفظ طير فإن اعتبر أنه يدب على الأرض أحيانًا، ويمشي على رجليه ولو نادرًا دخل مع الحمار والشاة في كونه بدلاً من دابة وإن كان مغايرًا للدابة عطف عليها، وهذا الثاني ظاهر في قوله تعالى: { { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم } } [الأنعام: 38] وتفتض بفتح التاءين بينهما فاء ساكنة، أخره ضاد، وأصل الفض الكسر، والمعنى تكسر ما كانت فيه من الإحداد، وتخرج من الإحداد بما تفعله بالدابة.
عادة وعقيدة جاهلية، كانت المرأة إذا انقضت مدة الحداد، وهي سنة كاملة، تؤتى بحمار أو شاة أو دجاجة أو حمامة فتمسح بها، وتمسح قبلها فيه، كما يتمسح المستجمر بالأحجار ثم تبعده عنها وتعتقد أنه غالبًا ما يموت هذا الذي تتمسح به، لأنه يفض الحالة الناشئة عن الموت، فكأنه أخذ الموت وذهب به بعيدًا عنها، عقيدة جاهلية أنكرها الإسلام، وقرر الحداد المشروع، وقيل: المراد تمسح بيدها على ظهر الدابة، ثم تمسح بيدها قبلها، تشير بذلك إلى حل زواجها، والخروج من حالة منع النكاح إلى حالة إباحته.

( ثم تخرج) من البيت الذي اعتدت وأحدت فيه إلى الفضاء أو إلى مكان آخر، إشارة إلى الخروج من حالة إلى حالة.

( فتعطى بعرة فترمي بها) في رواية ترمي ببعرة من بعر الغنم أو الإبل، فترمي بها أمامها، فيكون ذلك إحلالاً لها وفي رواية فترمي ببعرة من بعر الغنم من وراء ظهرها وفي رواية فإذا كان حول فمر كلب رمت ببعرة وفي روايتنا الثالثة فإذا مر كلب رمت ببعرة قال الحافظ ابن حجر: وظاهره أن رميها البعرة يتوقف على مرور كلب، سواء طال زمن انتظار مروره أم قصر، وبه جزم بعض الشراح - أقول: وهو سهل أن تؤتى في لحظة بكلب يمر عليها - ثم قال الحافظ: واختلف في المراد برمي البعرة، فقيل: هو إشارة إلى أنها رمت العدة رمي البعرة، وقيل: إشارة إلى أن مظاهر الحداد التي مرت بها لا تساوي بعرة بجانب حق زوجها عليها، وقيل: ترميها على سبيل التفاؤل رجاء عدم عودها إلى حداد.

( ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره) أي ثم ترجع بعد ذلك إلى ما شاءت من طيب وزينة.

( أفلا أربعة أشهر وعشرًا) الفاء عاطفة على محذوف، هو مدخول الاستفهام الإنكاري، أي أليس الحول الكامل كثيرًا؟ فلا تستكثرن أربعة أشهر وعشرًا، وفي الرواية الخامسة وإنما هي أربعة أشهر وعشر أي لا تتعجلن الكحل، فإنما المدة اللازمة لعدمه أربعة أشهر وعشر.

( ولا تمس طيبًا إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار) نبذة بالنصب على الاستثناء، أو بدل من طيبًا أي لا تمس إلا نبذة من قسط عند اغتسالها من حيض، والنبذة بضم النون وسكون الباء بعدها ذال القطعة، وتطلق على الشيء اليسير، والقسط بضم القاف وسكون السين بعدها طاء، ويقال فيه كست بكاف مضمومة بدل القاف، وبتاء بدل الطاء، وهو والأظفار نوعان معروفان من البخور وليسًا من مقصود الطيب، ورخص فيه للمغتسلة من الحيض، لإزالة الرائحة الكريهة المتخلفة من دم الحيض، ويتتبع به مجرى الدم، وفي ملحق الرواية التاسعة عند أدنى طهرها نبذة من قسط وأظفار أي لا تمس طيبًا إلا نبذة من قسط وأظفار عند آخر طهرها من حيضها، وفي الرواية العاشرة وقد رخص للمرأة في طهرها - إذا اغتسلت إحدانا من محيضها - في نبذة من قسط وأظفار.

فقه الحديث

نحصر الكلام عن فقه الحديث في نقاط:

الأولى: حكم إحداد من توفي عنها زوجها، ولا نعلم خلافًا بين أهل العلم في وجوبه عليها، إلا عن الحسن البصري، فإنه قال: لا يجب عليها الإحداد، وهو قول شذ به عن أهل العلم، وخالف به السنة.
فلا يعرج عليه.

ودليل الوجوب ليس قوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة...
بل قيل: إن هذا لا يصلح دليلاً للوجوب لأن الاستثناء وقع بعد النفي، فيدل على عدم الحل فوق الثلاث، أما الثلاث لغير الزوج والأربعة أشهر وعشرًا للزوج فلا يفيد الأسلوب الوجوب، قال الحافظ ابن حجر: الوجوب استفيد من دليل آخر كالإجماع.
وقيل: إن السياق يدل على الوجوب، فإن كل ما منع منه إذا دل دليل على جوازه كان ذلك الدليل بعينه دالاً على الوجوب.
وعندي أن الأسلوب لا يدل على الوجوب وإلا لوجب الإحداد على القريب ثلاثة أيام، وليس كذلك، فالأولى ما قاله الحافظ ابن حجر.
ومذهب الشافعي والجمهور أن الإحداد واجب على كل زوجة معتدة عن وفاة، سواء المدخول بها وغيرها، والصغيرة والكبيرة، والبكر والثيب، والحرة والأمة، والمسلمة والكافرة.

وقال أبو حنيفة وغيره من الكوفيين وأبو ثور وبعض المالكية: لا يجب على الزوجة الكتابية، بل يختص بالمسلمة، لقوله صلى الله عليه وسلم تؤمن بالله واليوم الآخر فخصه بالمؤمنة، ويجيب الجمهور: بأن هذا القيد ليس للاحتراز، بل هو للتهييج والإثارة للانصياع للحكم، لأن المؤمن هو الذي يستثمر خطاب الشرع، وينتفع به، وينقاد له، وحقوق الذمية في النكاح كحقوق المسلمة كالنفقة والسكنى وغيرها.

وقال أبو حنيفة أيضًا: لا إحداد على الصغيرة ولا على الزوجة الأمة، لقوله لا يحل لامرأة والصغيرة لا يعبر عنها بامرأة، ولأنها غير مكلفة، والجمهور على أن وليها مسئول عن تنفيذ ما يجب عليها، فهو المخاطب بمنعها مما تمنع منه.
وأجمعوا على أنه لا إحداد على أم الولد، ولا على الأمة الموطوءة بملك اليمين إذا توفي عنهما سيدهما.

الثانية: إحداد المطلقة التي توفي زوجها وهي في العدة.
قال النووي وغيره: المطلقة طلاقًا رجعيًا لا يجب عليها الإحداد اتفاقًا.

واختلفوا في المطلقة ثلاثًا، فقال عطاء وربيعة ومالك والليث والشافعي وابن المنذر: لا إحداد عليها، لأن الإحداد يجب في عدة الوفاة، وهذه معتدة عن غير وفاة، فلم يجب عليها الإحداد كالرجعية، ولأن الإحداد في عدة الوفاة لإظهار الأسف على فراق الزوج بموته، فأما الطلاق فباختيار الزوج نفسه، فلا معنى لتكليفها الحزن عليه.
واختلفت الرواية عن أحمد في وجوب الإحداد على المطلقة البائن.

الثالثة: الحكمة في الإحداد ومدته، يقول النووي: قال العلماء: والحكمة في وجوب الإحداد في عدة الوفاة دون الطلاق أن الزينة والطيب يدعوان إلى النكاح، ويوقعان فيه فنهيت عنه، ليكون الامتناع من ذلك زاجرًا عن النكاح، لكون الزوج ميتًا، لا يمنع معتدته من النكاح، ولا يراعيه ناكحها، ولا يخاف منه، بخلاف المطلق الحي، فإنه يستغني بوجوده عن زاجر آخر، ولهذه العلة وجبت العدة على كل متوفى عنها، وإن لم تكن مدخولاً بها، بخلاف الطلاق.

قال: وجعلت أربعة أشهر وعشرًا لأن الأربعة فيها ينفخ الروح في الولد إن كان، والعشر احتياطًا، وفي هذه المدة يتحرك الولد في البطن.

قال النووي: والتقييد عندنا بأربعة أشهر وعشر خرج مخرج الغالب، فالمعتاد غالبًا تعتد بالأشهر، أما إذا كانت حاملاً فعدتها بالحمل، ويلزمها الإحداد في جميع العدة حتى تضع، سواء قصرت المدة أم طالت، فإذا وضعت فلا إحداد عليها بعد الوضع، وقال بعض العلماء: لا يلزمها الإحداد بعد أربعة أشهر وعشر، وإن لم تضع.

الرابعة: مظاهر الإحداد.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للحادة لبس الثياب المعصفرة والمصبوغة، إلا ما صبغ بالسواد، رخص في المصبوغ بالسواد عروة بن الزبير ومالك والشافعي، وكرهه الزهري، ورخص جميع العلماء في الثياب البيض، ومنع بعض متأخري المالكية جيد البيض الذي يتزين به، وكذلك جيد السواد، قال النووي: وقال أصحابنا: يجوز كل ما صبغ ولا يقصد منه الزينة، ويجوز لها لبس الحرير في الأصح، ويحرم حلي الذهب والفضة، وكذلك اللؤلؤ.
اهـ.

أما الكحل فحرام بصريح الحديث، فإن اضطرت الحادة أن تكتحل للتداوي فلها أن تكتحل ليلاً وتمسحه نهارًا، ورخص فيه عند الضرورة عطاء والنخعي ومالك وأصحاب الرأي، والمقصود من الاكتحال الممنوع الاكتحال بما يتخذ للزينة، أما التوتيا والألوان التي لا يتزين بها فلا تمنع.

ولا تمنع من التنظيف بتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق الشعر المندوب حلقه، ولا من الاغتسال بالسدر والامتشاط ونحوه.

ويحرم عليها الطيب، لأنه يحرك الشهوة، ويدعو إلى المباشرة.

ويحرم عليها لبس الحلي، لأنه يزيد في الحسن، ويحرك الشهوة، قيل: حتى الخاتم، وقال عطاء: يباح حلي الفضة دون الذهب.

ومما يحرم عليها لبس الملابس المطرزة بالألوان، والملابس المحزقة للزينة والشفافة التي تصف ما تحتها من حمالات وقمص.

الخامسة: ما يؤخذ من الحديث، ويؤخذ منه فوق ما تقدم

1- جواز الإحداد على غير الزوج من أب أو أم أو أخ أو أخت أو قريب أو حبيب ثلاث ليال، فما دونها، وتحريمه فيما زاد عليها، وكأن هذا القدر أبيح لأجل حظ النفس، وغلبة الطباع البشرية، وتمنع الزيادة وإن بقيت آثار الحزن عندها.

2- مفهوم الحديث أن مظاهر الإحداد لا تحل للرجال، من ترك الحلاقة ولباس السواد وترك الطيب ونحو ذلك، لأننا إذا قلنا: يحل للمرأة الإحداد ثلاثة أيام، كان مفهومه أنه لا يحل للرجل ذلك.

3- يسر الإسلام، ومسايرته للطبائع، وشجبه عادات الجاهلية القبيحة.

4- تبصير المسلمين ومن خفي عليه منهم هذا التيسير، ليظهر فضل الله ومنته على خلقه.

5- استدل بقوله على ميت على أنه لا إحداد على امرأة المفقود، لأنه لم تتحقق وفاته، خلافًا للمالكية.

6- استدل به على أن قوله تعالى: { { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا وصية لأزواجهم متاعًا إلى الحول غير إخراج } } [البقرة: 240] منسوخ بقوله تعالى: { { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا } } [البقرة: 234] قال ابن عبد البر: لم يختلف العلماء أن العدة بالحول نسخت إلى أربعة أشهر وعشر.

واللَّه أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب وُجُوبِ الْإِحْدَادِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَتَحْرِيمِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
[ سـ :2823 ... بـ :1486]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ قَالَ قَالَتْ زَيْنَبُ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْإِحْدَادُ وَالْحِدَادُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَدِّ وَهُوَ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ الزِّينَةَ وَالطِّيبَ ، يُقَالُ : أَحَدَّتِ الْمَرْأَةُ تَحِدُّ إِحْدَادًا وَحَدَّتْ تَحُدُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَحِدُّ بِكَسْرِهَا حَدًّا ، كَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُقَالُ : أَحَدَّتْ وَحَدَّتْ ،.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِيُّ : لَا يُقَالُ إِلَّا أَحَدَّتْ رُبَاعِيًّا ، وَيُقَالُ : امْرَأَةٌ حَادٌّ ، وَلَا يُقَالُ : حَادَّةٌ.

وَأَمَّا الْإِحْدَادُ فِي الشَّرْعِ فَهُوَ تَرْكُ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ وَلَهُ تَفَاصِيلُ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِهِ ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُعْتَدَّةٍ عَنْ وَفَاةٍ سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ ..
     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ : لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ بَلْ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ ) فَخَصَّهُ بِالْمُؤْمِنَةِ .

وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي يَشْمَلُ خِطَابَ الشَّارِعِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْقَادُ لَهُ ، فَلِهَذَا قَيَّدَ بِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا : لَا إِحْدَادَ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ .
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا حْدَادَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا عَلَى الْأَمَةِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهُمَا سَيِّدُهُمَا وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ الرَّجْعِيَّةِ .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا ، فَقَالَ عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ .
لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا ،.

     وَقَالَ  الْحَكَمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ : عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ وَلَا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا ، وَهَذَا شَاذٌّ غَرِيبٌ .

وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ : لَا حْدَادَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ ) فَخَصَّ الْإِحْدَادَ بِالْمَيِّتِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ فِي غَيْرِهِ .
قَالَ الْقَاضِي : وَاسْتُفِيدَ وُجُوبُ الْإِحْدَادِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَكِنِ اتَّفَقُوا عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْوُجُوبِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْكُحْلِ وَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَمَنْعِهَا مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) فَالْمُرَادُ بِهِ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا .
هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً ، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ وَأَنَّهَا تَحِلُّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ ، وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا تَحِلُّ حَتَّى تَدْخُلَ لَيْلَةُ الْحَادِي عَشَرَ .

وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ عِنْدَنَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ خَرَجَ عَلَى غَالِبِ الْمُعْتَدَّاتِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ .
وَيَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ فِي جَمِيعِ الْعِدَّةِ حَتَّى تَضَعَ سَوَاءٌ قَصُرَتِ الْمُدَّةُ أَمْ طَالَتْ فَإِذَا وَضَعَتْ فَلَا إِحْدَادَ بَعْدَهُ ..
     وَقَالَ  بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : لَا يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَإِنْ لَمْ تَضَعِ الْحَمْلَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي وُجُوبِ الْإِحْدَادِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ دُونَ الطَّلَاقِ ، لِأَنَّ الزِّينَةَ وَالطِّيبَ يَدْعُوَانِ إِلَى النِّكَاحِ وَيُوقِعَانِ فِيهِ فَنُهِيَتْ عَنْهُ لِيَكُونَ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ زَاجِرًا عَنِ النِّكَاحِ ، لِكَوْنِ الزَّوْجِ مَيِّتًا لَا يَمْنَعُ مُعْتَدَّتَهُ مِنَ النِّكَاحِ وَلَا يُرَاعِيهِ نَاكِحُهَا ، وَلَا يَخَافُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُطَلِّقِ الْحَيِّ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِوُجُودِهِ عَنْ زَاجِرٍ آخَرَ وَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَجَبَتِ الْعِدَّةُ عَلَى كُلِّ مُتَوَفَّى عَنْهَا ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَاسْتُظْهِرَ لِلْمَيِّتِ بِوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَجُعِلَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ فِيهَا يُنْفَخُ الرُّوحُ فِي الْوَلَدِ إِنْ كَانَ وَالْعَشْرُ احْتِيَاطًا ، وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ يَتَحَرَّكُ الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ قَالُوا وَلَمْ يُوَكَّلْ ذَلِكَ إِلَى أَمَانَةِ النِّسَاءِ وَيُجْعَلْ بِالْأَقْرَاءِ كَالطَّلَاقِ ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الِاحْتِيَاطِ لِلْمَيِّتِ وَلَمَّا كَانَتِ الصَّغِيرَةُ مِنَ الزَّوْجَاتِ نَادِرَةً أُلْحِقَتْ بِالْغَالِبِ فِي حُكْمِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَالْإِحْدَادِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ ) هُوَ بِرَفْعِ ( خَلُوقٍ ) وَبِرَفْعِ ( غَيْرِهِ ) أَيْ دَعَتْ بِصُفْرَةٍ وَهِيَ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ وَالْخَلُوقُ بِفَتْحِ الْخَاءِ هُوَ طِيبٌ مَخْلُوطٌ .

قَوْلُهُ : ( مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا ) هُمَا جَانِبَا الْوَجْهِ فَوْقَ الذَّقَنِ إِلَى مَا دُونَ الْأُذُنِ وَإِنَّمَا فَعَلَتْ هَذَا لِدَفْعِ صُورَةِ الْإِحْدَادِ وَفِي هَذَا الَّذِي فَعَلَتْهُ أُمُّ حَبِيبَةَ وَزَيْنَبُ مَعَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ دَلَالَةٌ لِجَوَازِ الْإِحْدَادِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا .