هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
263 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْتَشِرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : ذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ : يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
263 حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، ويحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، قال : ذكرته لعائشة فقالت : يرحم الله أبا عبد الرحمن كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ، ثم يصبح محرما ينضخ طيبا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا

Narrated Muhammad bin Al-Muntathir:

on the authority of his father that he had asked `Aisha (about the Hadith of Ibn `Umar). She said, May Allah be Merciful to Abu `Abdur-Rahman. I used to put scent on Allah's Messenger (ﷺ) and he used to go round his wives, and in the morning he assumed the Ihram, and the fragrance of scent was still coming out from his body.

00267 D’après Ibrahim ben Muhammad ben al-Muntachir, son père dit : Je les (les propos d’ibn Umar citées dans le hadith 270) rapportai à Aicha qui dit : « Que Dieu fasse miséricorde à Abu Abd-ar-Rahman ! J’embaumais le Messager de Dieu qui commerçait ensuite avec ses épouses. Le lendemain matin l’odeur du baume persistait encore alors qu’il était en état d’ihrâm. »  

":"ہم سے محمد بن بشار نے حدیث بیان کی ، کہا ہم سے ابن ابی عدی اور یحییٰ بن سعید نے شعبہ سے ، وہ ابراہیم بن محمد بن منتشر سے ، وہ اپنے والد سے ، انھوں نے کہا کہمیں نے عائشہ رضی اللہ عنہا کے سامنے اس مسئلہ کا ذکر کیا ۔ تو آپ نے فرمایا ، اللہ ابوعبدالرحمن پر رحم فرمائے میں نے تو رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کو خوشبو لگائی پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم اپنی تمام ازواج ( مطہرات ) کے پاس تشریف لے گئے اور صبح کو احرام اس حالت میں باندھا کہ خوشبو سے بدن مہک رہا تھا ۔

00267 D’après Ibrahim ben Muhammad ben al-Muntachir, son père dit : Je les (les propos d’ibn Umar citées dans le hadith 270) rapportai à Aicha qui dit : « Que Dieu fasse miséricorde à Abu Abd-ar-Rahman ! J’embaumais le Messager de Dieu qui commerçait ensuite avec ses épouses. Le lendemain matin l’odeur du baume persistait encore alors qu’il était en état d’ihrâm. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [267] .

     قَوْلُهُ  وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقَطَّانُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ فِي الْقِرَاءَةِ قَبْلَ قَوْلِهِ عَنْ شُعْبَةَ لَفْظُ كِلَاهُمَا لِأَنَّ كلا من بن أَبِي عَدِيٍّ وَيَحْيَى رَوَاهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ شُعْبَةَ وَحَذْفُ كِلَاهُمَا مِنَ الْخَطِّ اصْطِلَاحٌ قَوْله ذكرته أَي قَول بن عُمَرَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ بَابٍ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا وَقَدْ بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ الرَّجُلِ يَتَطَيَّبُ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا فَذَكَرَهُ وَزَاد قَالَ بن عُمَرَ لَأَنْ أُطْلَى بِقَطْرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ وَكَذَا سَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِتَمَامِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَصَرَهُ لِكَوْنِ الْمَحْذُوفِ مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَوْ حَدَّثَهُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ مُخْتَصَرًا .

     قَوْلُهُ  أَبَا عبد الرَّحْمَن يَعْنِي بن عُمَرَ اسْتَرْحَمَتْ لَهُ عَائِشَةُ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ قَدْ سَهَا فِيمَا قَالَهُ إِذْ لَوِ اسْتَحْضَرَ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَيَطُوفُ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ وَبِذَلِكَ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجِمَاعُ وَأَنْ يُرَادَ بِهِ تَجْدِيدُ الْعَهْدِ بِهِنَّ.

.

قُلْتُ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ يُرَجِّحُهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي لِقَوْلِهِ فِيهِ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ وَيَطوف فِي الْأَوَّلِ مِثْلُ يَدُورُ فِي الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  يَنْضَخُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ النَّضْخُ بِالْمُعْجَمَةِ أَكْثَرُ مِنَ النَّضْحِ بِالْمُهْمَلَةِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا أَبُو زَيْدٍ.

     وَقَالَ  بن كَيْسَانَ إِنَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ لِمَا ثَخُنَ وَبِالْمُهْمَلَةِ لِمَا رَقَّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَيْنَ الطِّيبِ بَقِيَتْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِحَيْثُ إنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ يَتَسَاقَطُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ وَسَنَذْكُرُ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [267] حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قالَ حدّثنا ابنُ أبي عَدِىً وَيَحْيَى بنُ سَعِيدً عَنْ شُعَحبَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ المُنْتَشِرٍ عَنْ أبِيهِ قالَ ذَكَرْتَهُ لِعَائِشَةَ فقالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ كُنْتُ أطيبُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَي عطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً يَنْضَحُ طيبا.
( الحَدِيث 267 طرفه فِي: 270) .
مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فيطوف على نِسَائِهِ) .
فَإِن قلت: قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْجِمَاع، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ تَجْدِيد الْعَهْد بِهن.
قلت: الِاحْتِمَال الثَّانِي يُعِيد، وَالْمرَاد بِهِ الْجِمَاع، يدل عَلَيْهِ الحَدِيث الثَّانِي الَّذِي يَلِيهِ فَإِنَّهُ ذكر فِيهِ أَنه أعطي قُوَّة ثَلَاثِينَ، وَيَطوف هَاهُنَا مثل: يَدُور، فِي الحَدِيث الثَّانِي.
ثمَّ اعْلَم أَن نسخ البُخَارِيّ مُخْتَلفَة فِي تَقْدِيم حَدِيث أنس على حَدِيث عَائِشَة وَعَكسه، وَمَشى الدَّاودِيّ على تَقْدِيم حَدِيث عَائِشَة، وَكَذَا ابْن بطال فِي شَرحه.
ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: مُحَمَّد بن بشار، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة والشين الْمُعْجَمَة، الْمَعْرُوف ببندار، وَقد تقدم.
الثَّانِي: ابْن أبي عدي، هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة.
الثَّالِث: يحيى بن سعيد الْقطَّان.
تقدم.
الرَّابِع: شُعْبَة بن الْحجَّاج.
الْخَامِس: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر، بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الشين الْمُعْجَمَة.
السَّادِس: أَبوهُ مُحَمَّد الْمَذْكُور.
السَّابِع: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: الذّكر وَالْقَوْل وَفِيه: قَوْله: وَيحيى بن سعيد، وَبَين شُعْبَة لَفْظَة: كِلَاهُمَا مقدرَة، لِأَن كلاًّ من ابْن أبي عدي وَيحيى روى عَن شُعْبَة هَذَا الحَدِيث، وحذفت من الْكِتَابَة للاصطلاح، وَلَكِن عِنْد الْقِرَاءَة يَنْبَغِي أَن تثبت.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وبصري.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره رجه البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب وَفِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ كَمَا يَجِيء عَن قريب، وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن سعيد بن مَنْصُور وَأبي كَامِل الجحدري، كلاهماعن أبي عوَانَة وَعَن يحيى بن حبيب وَعَن أبي كريب أخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن هناد، وَعَن حميد بن مسْعدَة.
يتضخ مِنْهُ الطّيب.
قلت: يجوز أَن يكون دلكه لكنه بَقِي وبيصه، وَالطّيب إِذا كَانَ كثيرا رُبمَا غسله فَيذْهب وَيبقى وبيصه.
وَفِيه: عدم كَرَاهَة كَثْرَة الْجِمَاع عِنْد الطَّاقَة.
وَفِيه: عدم كَرَاهَة التَّزَوُّج بِأَكْثَرَ من وَاحِدَة إِلَى أَربع.
وَفِيه: أَن غسل الْجَنَابَة لَيْسَ على الْفَوْر، وَإِنَّمَا يتضيق على الْإِنْسَان عِنْد الْقيام إِلَى الصَّلَاة، وَهَذَا بِالْإِجْمَاع.
فَإِن قلت: مَا سَبَب وجوب الْغسْل قلت: الْجَنَابَة مَعَ إِرَادَة الْقيام إِلَى الصَّلَاة كَمَا أَن سَبَب الْوضُوء الْحَدث مَعَ إِرَادَة الْقيام إِلَى الصَّلَاة وَلَيْسَ الْجَنَابَة وَحدهَا، كَمَا هُوَ مَذْهَب بعض الشَّافِعِيَّة وإلاَّ يلْزم أَن يجب الْغسْل عقب الْجِمَاع، والْحَدِيث يُنَافِي هَذَا، وَلَا مُجَرّد إِرَادَة الصَّلَاة، وإلاَّ يلْزم أَن يجب الْغسْل بِدُونِ الْجَنَابَة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [267] من رواية: شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه قالَ: ذكرته لعائشة، فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمان، كنت أطيب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيطوف على نسائه، ثم يصبح محرماً، ينضخ طيباً.
الذي ذكر لعائشة، هوَ: أن ابن عمر كره الطيب عندَ الإحرام، فردت مقالته بهذه الرواية.
قالَ الإسماعيلي في ( ( صحيحه) ) : قول عائشة: ( ( يطوف على نسائه) ) ، ينظر: هل أردت به الجماع، أو تجديد العهد بهن للخروج، وذلك أنه لو كانَ معنى الطواف عليهن للوقاع لاحتاج إلى الغسل، ولا يكاد الطيب يبقى بعد إنقاء الغسل، لا سيما وهي تقول: ( ( ينضخ طيباً) ) ، بالحاء أو الخاء، وهو بالخاء معجمة أشبه؛ لأنه أخف من النضح، كأنه يتساقط منه الشيء بعد الشيء من الطيب.
انتهى ما ذكره.
وما ذكره من احتمال طوافه عليهن للتوديع فبعيد جداً، أو غير صحيح؛ فإن عائشة إنما أخبرت عن حجة الوداع، وقد جاء مصرحاً عنها في رواية خرجها مسلم، أنها طيبته في حجة الوداع،وحجة الوداع كانَ أزواجه كلهن معه فيها، فلم يكن يحتاج إلى وداعهن.
ووجه استدلال البخاري بالحديث على أن تكرار الجماع بغسل واحد: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لو اغتسل من كل واحدة من نسائه لكان قد اغتسل تسع مرات، فيبعد حينئذ أن يبقى للطيب أثر، فلما أخبرت أنه أصبح ينضخ طيباً، استدل بذلك على أنه اكتفى بغسل واحد.
واستبعاد الإسماعيلي بقاء أثر الطيب بعد الغسل الواحد ليس بشيء، فقد اخبرت عائشة أنها نظرت إلى الطيب في مفرق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو محرم بعد ثلاث.
وفي رواية، عنها: في رأسه ولحيته.
وقد كانَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوضأ في هذه المدة، بل كانت عادته الوضوء لكل صلاة، ومع هذا فلم يذهب اثره من شعره، وهذا يدل على أنه كانَ طيباً كثيراً لهُ جرم يبقى مدة.
الحديث الثاني:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ)
أَيْ مَا حُكْمُهُ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ عَاوَدَ أَيِ الْجِمَاعَ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِتِلْكَ الْمُجَامَعَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ بَيْنَهُمَا لَا يَجِبُ وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ حَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدُ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا قَالَ هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوُضُوءِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يسْتَحبّ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُور يسْتَحبّ.

     وَقَالَ  بن حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ يَجِبُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَفْصٍ عَنْ عَاصِم عَن أبي المتَوَكل عَنهُ وَأَشَارَ بن خُزَيْمَةَ إِلَى أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَمَلَهُ عَلَى الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ فَقَالَ الْمُرَادُ بِهِ غَسْلُ الْفَرْجِ ثُمَّ رَدَّهُ بن خُزَيْمَة بِمَا رَوَاهُ من طَرِيق بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَأَظُنُّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُوَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فقد نقل بن الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الْفَرْجِ إِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بن خُزَيْمَةَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ لِلنَّدْبِ لَا لِلْوُجُوبِ بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَاصِمٍ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ كَرِوَايَةِ بن عُيَيْنَةَ وَزَادَ فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِرْشَادِ أَوْ لِلنَّدْبِ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لِغَيْرِ الْوُجُوبِ مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَامِعُ ثُمَّ يَعُودُ وَلَا يَتَوَضَّأُ

[ قــ :263 ... غــ :267] .

     قَوْلُهُ  وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقَطَّانُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ فِي الْقِرَاءَةِ قَبْلَ قَوْلِهِ عَنْ شُعْبَةَ لَفْظُ كِلَاهُمَا لِأَنَّ كلا من بن أَبِي عَدِيٍّ وَيَحْيَى رَوَاهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ شُعْبَةَ وَحَذْفُ كِلَاهُمَا مِنَ الْخَطِّ اصْطِلَاحٌ قَوْله ذكرته أَي قَول بن عُمَرَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ بَابٍ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا وَقَدْ بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ الرَّجُلِ يَتَطَيَّبُ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا فَذَكَرَهُ وَزَاد قَالَ بن عُمَرَ لَأَنْ أُطْلَى بِقَطْرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ وَكَذَا سَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِتَمَامِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَصَرَهُ لِكَوْنِ الْمَحْذُوفِ مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَوْ حَدَّثَهُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ مُخْتَصَرًا .

     قَوْلُهُ  أَبَا عبد الرَّحْمَن يَعْنِي بن عُمَرَ اسْتَرْحَمَتْ لَهُ عَائِشَةُ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ قَدْ سَهَا فِيمَا قَالَهُ إِذْ لَوِ اسْتَحْضَرَ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَيَطُوفُ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ وَبِذَلِكَ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجِمَاعُ وَأَنْ يُرَادَ بِهِ تَجْدِيدُ الْعَهْدِ بِهِنَّ.

.

قُلْتُ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ يُرَجِّحُهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي لِقَوْلِهِ فِيهِ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ وَيَطوف فِي الْأَوَّلِ مِثْلُ يَدُورُ فِي الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  يَنْضَخُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ النَّضْخُ بِالْمُعْجَمَةِ أَكْثَرُ مِنَ النَّضْحِ بِالْمُهْمَلَةِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا أَبُو زَيْدٍ.

     وَقَالَ  بن كَيْسَانَ إِنَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ لِمَا ثَخُنَ وَبِالْمُهْمَلَةِ لِمَا رَقَّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَيْنَ الطِّيبِ بَقِيَتْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِحَيْثُ إنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ يَتَسَاقَطُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ وَسَنَذْكُرُ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بَابُ
إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَاوَدَ، وَمَنْ دار عَلَى نِسائِهِ
في غُسلٍ واحِدٍ
خرج فيهِ حديثين:
أحدهما:
[ قــ :263 ... غــ :267 ]
- من رواية: شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه قالَ: ذكرته لعائشة، فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمان، كنت أطيب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيطوف على نسائه، ثم يصبح محرماً، ينضخ طيباً.

الذي ذكر لعائشة، هوَ: أن ابن عمر كره الطيب عندَ الإحرام، فردت مقالته بهذه الرواية.

قالَ الإسماعيلي في ( ( صحيحه) ) : قول عائشة: ( ( يطوف على
نسائه)
)
، ينظر: هل أردت به الجماع، أو تجديد العهد بهن للخروج، وذلك أنه لو كانَ معنى الطواف عليهن للوقاع لاحتاج إلى الغسل، ولا يكاد الطيب يبقى بعد إنقاء الغسل، لا سيما وهي تقول: ( ( ينضخ طيباً) ) ، بالحاء أو الخاء، وهو بالخاء معجمة أشبه؛ لأنه أخف من النضح، كأنه يتساقط منه الشيء بعد الشيء من الطيب.
انتهى ما ذكره.

وما ذكره من احتمال طوافه عليهن للتوديع فبعيد جداً، أو غير صحيح؛ فإن عائشة إنما أخبرت عن حجة الوداع، وقد جاء مصرحاً عنها في رواية خرجها مسلم، أنها طيبته في حجة الوداع، وحجة الوداع كانَ أزواجه كلهن معه
فيها، فلم يكن يحتاج إلى وداعهن.

ووجه استدلال البخاري بالحديث على أن تكرار الجماع بغسل واحد:
أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لو اغتسل من كل واحدة من نسائه لكان قد اغتسل تسع مرات، فيبعد حينئذ أن يبقى للطيب أثر، فلما أخبرت أنه أصبح ينضخ طيباً، استدل بذلك على أنه اكتفى بغسل واحد.

واستبعاد الإسماعيلي بقاء أثر الطيب بعد الغسل الواحد ليس بشيء، فقد اخبرت عائشة أنها نظرت إلى الطيب في مفرق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو محرم بعد ثلاث.

وفي رواية، عنها: في رأسه ولحيته.

وقد كانَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوضأ في هذه المدة، بل كانت عادته الوضوء لكل صلاة، ومع هذا فلم يذهب اثره من شعره، وهذا يدل على أنه كانَ طيباً كثيراً لهُ جرم يبقى مدة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ.
وَمَنْ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ
هذا، ( باب) بالتنوين ( إذا جامع) الرجل امرأته أو أمته ( ثم عاد) إلى جماعها مرة أخرى ما يكون

حكمه؟ وللكشميهني ثم عاود أي الجماع وهو أعم من أن يكون لتلك المجامعة أو غيرها، ( ومن دار على نسائه في غسل واحد) ما حكمه؟ وأشار به إلى ما روي في بعض طرق الحديث الآتي إن شاء الله تعالى: وإن لم يكن منصوصًا فيما أخرجه.
وفي الترمذي وقال حسن صحيح أنه عليه الصلاة والسلام كان يطوف على نسائه في غسل واحد، ولم يختلفوا في أن الغسل بينهما لا يجب، واستدلوا لاستحبابه بين الجماعين بحديث أبي رافع عند أبي داود والنسائي أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طاف على نسائه يغتسل عند هذه وعند هذه.
قال: فقلت يا رسول الله ألا تجعله غسلاً واحدًا؟ قال: "هذا أزكى وأطيب".
اختلف هل يستحب له أن يتوضأ عند وطء كل واحدة وضوءه للصلاة؟ فقال أبو يوسف: لا.
وقال الجمهور: نعم، وحمله بعضهم على الوضوء اللغوي فيغسل فرجه، وعورض بحديث ابن خزيمة فليتوضأ وضوءه للصلاة.
وذهب ابن حبيب والظاهرية إلى وجوبه لحديث مسلم: إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ.
وأجيب بما في حديث ابن خزيمة فإنه أنشط للعود فدل على أن الأمر للإرشاد، وبحديث الطحاوي عن عائشة أنه عليه الصلاة والسلام كان يجامع ثم يعود ولا يتوضأ.


[ قــ :263 ... غــ : 267 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا.
[الحديث 267 - طرفه في: 270] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة والمعجمة المشددة المعروف ببندار ( قال: حدّثنا أبن أبي عديّ) محمد بن إبراهيم، المتوفى بالبصرة سنة أربع وتسعين ومائة، ( ويحيى بن سعيد) بالياء بعد العين هو القطان كلاهما ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر) بضم الميم وسكون النون وفتح المثناة الفوقية وكسر المعجمة ( عن أبيه) محمد ( قال ذكرته لعائشة) أي ذكرت لها قول ابن عمر ما أحب أن أصبح محرمًا أنضح طيبًا الحديث الآتي إن شاء الله تعالى بعد باب غسل المذي، واختصره هنا للعلم بالمحذوف عند أهل الشأن أو رواه كذلك.
( فقالت) عائشة ( يرحم الله أبا عبد الرحمن) تريد عبد الله بن عمر، وفي ترحمها له إشعار بأنه سها فيما قاله في شأن النضح وغفل عن فعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( كنت أطيب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيطوف) أي يدور ( على نسائه) أي في غسل واحد وهو كناية عن الجماع أو المراد تجديد العهد بهن كما ذكره الإسماعيلي، لكن قوله في الحديث الثاني أعطي قوة ثلاثين يدل على إرادة الأوّل، ( ثم يصبح محرمًا ينضخ) بالخاء المعجمة وفتح أوّله وثالثه المعجم أو بالحاء المهملة أي يرش ( طيبًا) أي ذريرة بالنصب على التمييز.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله فيطوف على نسائه، وفيه: أن غسل الجنابة ليس على الفور وإنما يتضيق عند إرادة القيام إلى الصلاة.


ورواته السبعة ما بين كوفي وبصري، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلف في الباب الذي يليه، ومسلم في الحج، والنسائي في الطهارة، وبقية مباحثه تأتي إن شاء الله تعالى.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا جَامع امْرَأَته ثمَّ عَاد إِلَى جِمَاعهَا مرّة أُخْرَى، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف تَقْدِيره: إِذا جَامع ثمَّ عَاد مَا يكون حكم , وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، عاود من المعاودة أَي: جَامع.
قَوْله: (وَمن دَار) عطف على قَوْله: إِذا جَامع 7 أَي: بابُُ أَيْضا يذكر فِيهِ من دَار على نِسَائِهِ فِي غسل وَاحِد، وَجَوَاب، من، محذوق أَيْضا، فَيقدر مثل ذَلِك.

     وَقَالَ  بَعضهم: قَوْله: عَاد أَعم من أَن يكون فِي لَيْلَة المجامعة أَو غَيرهَا.
قلت: الْجِمَاع فِي غير لَيْلَة فِيهَا لَا يُسمى عوداً عرفا وَعَادَة، وَالْمرَاد هَاهُنَا أَن يكون الِابْتِدَاء وَالْعود فِي لَيْلَة وَاحِدَة، أَو فِي يَوْم وَاحِد، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ حَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي رَافع: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف ذَات يَوْم على نِسَائِهِ يغْتَسل عِنْد هَذِه وَعند هَذِه، فَقلت: يَا رَسُول الله أَلا نجعله غسلا وَاحِدًا , قَالَ: (هَذَا أزكي وَأطيب) وَعنهُ قَالَ: فَإِن قلت: ظَاهر هَذَا يدل على أَن الِاغْتِسَال بَين الجماين وَاجِب.
قلت: أجمع الْعلمَاء على أَنه لَا يجب بَينهمَا، وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحبّ حَتَّى إِن بَعضهم اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث على اسْتِحْبابُُه، على أَن أَبَا دَاوُد روى هَذَا الحَدِيث، قَالَ: حَدِيث أنس أصح من هَذَا، وَحَدِيث أنس، رَضِي الله عَنهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا عَنهُ.
قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطوف على غسل وَاحِد) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا.

     وَقَالَ : حَدِيث حسن صَحِيح.
وَضعف ابْن الْقطَّان حَدِيث أبي رَافع، وَصَححهُ ابْن حزم، وَعبارَة أبي دَاوُد أَيْضا تدل على صِحَّته.

وَأما الْوضُوء بَين الجماعين فقد اخْتلفُوا فِيهِ فَعِنْدَ الْجُمْهُور لَيْسَ بِوَاجِب، قَوَّال ابْن حبيب الْمَالِكِي وَدَاوُد الظَّاهِرِيّ: إِنَّه وَاجِب.

     وَقَالَ  ابْن جزم، وَهُوَ قَول عَطاء وَإِبْرَاهِيم وَعِكْرِمَة وَالْحسن وَابْن سِيرِين، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أبي سعيد قَالَ: (قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى أحدكُم أَهله ثمَّ أَرَادَ أَن يعود، فَليَتَوَضَّأ بَينهمَا وضوأً) أخرجه مُسلم من طَرِيق حَفْص بن عَاصِم عَن أبي المتَوَكل عَنهُ، وَحمل الْجُمْهُور الْأَمر بِالْوضُوءِ على النّدب والاستحبابُ، لَا للْوُجُوب، مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود عَن عَائِشَة، قَالَت: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُجَامع ثمَّ يعود وَلَا يتَوَضَّأ) قَالَ أَبُو عمر: مَا أعلم أحدا من أهل الْعلم أوجبه إلاَّ طَائِفَة من أهل الظَّاهِر.
قلت: روى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) حَدثنَا وَكِيع عَن مسعر عَن محَارب بن دثار، سَمِعت ابْن عمر يَقُول: إِذا أَرَادَ أَن يعود تَوَضَّأ وَحدثنَا وَكِيع عَن عمر بن الْوَلِيد سَمِعت ابْن مُحَمَّد يَقُول إِذا أَرَادَ أَن يعود تَوَضَّأ، وَحدثنَا وَكِيع عَن الْفضل بن عبد الْملك عَن عَطاء مثله، وَمَا نسب ابْن حزم من إِيجَاب الْوضُوء إِلَى الْحسن وَابْن سِيرِين فَيردهُ مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) فَقَالَ: حَدثنَا ابْن إِدْرِيس عَن هِشَام عَن الْحسن أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يُجَامع الرجل امْرَأَته أَنه ثمَّ يعود قبل أَن يتَوَضَّأ قَالَ: وَكَانَ ابْن سِيرِين يَقُول: لَا أعلم بذلك بَأْسا إِنَّمَا قبل ذَلِك لِأَنَّهُ أجْرى أَن يعود.
وَنقل عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَنه حمل الْوضُوء الْمَذْكُور على الْوضُوء اللّغَوِيّ، حَيْثُ نقل ابْن الْمُنْذر عَنهُ أَنه قَالَ: لَا بُد من غسل الْفرج إِذا أَرَادَ الْعود.
قلت: يرد هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن عَاصِم فِي الحَدِيث الْمَذْكُور فَليَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة؟ وَفِي لفظ عِنْده: فَهُوَ أنشط للعود، وصحيح الْحَاكِم لفظ: وضوءه للصَّلَاة، ثمَّ قَالَ: هَذِه لَفْظَة تفرد بهَا شُعْبَة عَن عَاصِم، والتفرد من مثله مَقْبُول عِنْد الشَّيْخَيْنِ: فَإِن قلت: يُعَارض هَذِه الْأَخْبَار حَدِيث ابْن عَبَّاس (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا أمرت بِالْوضُوءِ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة) قَالَه أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) قلت قَيده أَبُو عوَانَة بقوله: إِن كَانَ صَحِيحا عِنْد أهل الحَدِيث.
قلت: الحَدِيث صَحِيح، وَلَكِن قَالَ الطَّحَاوِيّ: الْعَمَل على حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا..
     وَقَالَ  الضياء الْمَقْدِسِي والثقفي، من حَدِيث فِي نصْرَة الصِّحَاح، هَذَا كُله مَشْرُوع جَائِز، من شَاءَ أَخذ بِهَذَا، وَمن شَاءَ أَخذ بِالْآخرِ.



[ قــ :263 ... غــ :267 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قالَ حدّثنا ابنُ أبي عَدِىً وَيَحْيَى بنُ سَعِيدً عَنْ شُعَحبَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ المُنْتَشِرٍ عَنْ أبِيهِ قالَ ذَكَرْتَهُ لِعَائِشَةَ فقالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ كُنْتُ أطيبُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَي عطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً يَنْضَحُ طيبا.

(الحَدِيث 267 طرفه فِي: 270) .

مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فيطوف على نِسَائِهِ) .
فَإِن قلت: قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْجِمَاع، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ تَجْدِيد الْعَهْد بِهن.
قلت: الِاحْتِمَال الثَّانِي يُعِيد، وَالْمرَاد بِهِ الْجِمَاع، يدل عَلَيْهِ الحَدِيث الثَّانِي الَّذِي يَلِيهِ فَإِنَّهُ ذكر فِيهِ أَنه أعطي قُوَّة ثَلَاثِينَ، وَيَطوف هَاهُنَا مثل: يَدُور، فِي الحَدِيث الثَّانِي.
ثمَّ اعْلَم أَن نسخ البُخَارِيّ مُخْتَلفَة فِي تَقْدِيم حَدِيث أنس على حَدِيث عَائِشَة وَعَكسه، وَمَشى الدَّاودِيّ على تَقْدِيم حَدِيث عَائِشَة، وَكَذَا ابْن بطال فِي شَرحه.

ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: مُحَمَّد بن بشار، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة والشين الْمُعْجَمَة، الْمَعْرُوف ببندار، وَقد تقدم.
الثَّانِي: ابْن أبي عدي، هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة.
الثَّالِث: يحيى بن سعيد الْقطَّان.
تقدم.
الرَّابِع: شُعْبَة بن الْحجَّاج.
الْخَامِس: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر، بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الشين الْمُعْجَمَة.
السَّادِس: أَبوهُ مُحَمَّد الْمَذْكُور.
السَّابِع: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: الذّكر وَالْقَوْل وَفِيه: قَوْله: وَيحيى بن سعيد، وَبَين شُعْبَة لَفْظَة: كِلَاهُمَا مقدرَة، لِأَن كلاًّ من ابْن أبي عدي وَيحيى روى عَن شُعْبَة هَذَا الحَدِيث، وحذفت من الْكِتَابَة للاصطلاح، وَلَكِن عِنْد الْقِرَاءَة يَنْبَغِي أَن تثبت.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وبصري.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره رجه البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبابُُ وَفِي الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ كَمَا يَجِيء عَن قريب، وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن سعيد بن مَنْصُور وَأبي كَامِل الجحدري، كلاهماعن أبي عوَانَة وَعَن يحيى بن حبيب وَعَن أبي كريب أخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن هناد، وَعَن حميد بن مسْعدَة.
ذكر لغاته وَمَعْنَاهُ قَوْله: (ذكرته) أَي: ذكرت قَول ابْن عمر لعَائِشَة وَلَفظ فِي حَدِيث الآخر الَّذِي يَأْتِي: (سَأَلت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَذكرت لَهَا قَول ابْن عمر: مَا أحب أَن أصبح محرما أنضخ طيبا، فَقَالَت عَائِشَة: أَنا طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث وَقد بَين مُسلم أَيْضا فِي رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، قَالَ: (سَأَلت ابْن عمر عَن الرجل يتطيب ثمَّ يصبح محرما) فَذكره وَزَاد، قَالَ ابْن عمر: (لِأَن اطلى بقطران أحب لي من أَن أفعل ذَلِك) وَكَذَا سَاقه الْإِسْمَاعِيلِيّ بِتَمَامِهِ عَن الْحسن بن سُفْيَان عَن مُحَمَّد بن بشار،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: (ذكرته) أَي: قَول ابْن عمر: مَا أحب أَن أصبح محرما انضخ طيبا، وكنى بالضمي عَنهُ، لِأَنَّهُ مَعْلُوم عِنْد أهل الشَّأْن قلت: هَذَا كَلَام عَجِيب، فالوقوف على مثل هَذَا مُخْتَصّ بِأَهْل الشَّأْن، فَإِذا وقف أحد من غير أهل الشَّأْن على هَذَا الحَدِيث يتحير فَلَا يدْرِي أَي شَيْء يرجع إِلَيْهِ الضَّمِير فِي قَوْله (وذكرته) وَكَانَ يَنْبَغِي للْبُخَارِيّ، بل كَانَ الْمُتَعَيّن عَلَيْهِ أَن يقدم رِوَايَة أبي النُّعْمَان هَذَا الحَدِيث على رِوَايَة مُحَمَّد بن بشار، لِأَن رِوَايَة أبي النُّعْمَان ظَاهِرَة، وَالَّذِي يقف على رِوَايَة مُحَمَّد بن بشار بعد وُقُوفه على رِوَايَة أبي النُّعْمَان لَا يتَوَقَّف فِي مرجع الضَّمِير، وَيعلم أَنه يرجع إِلَى قَول ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فَكَأَن المُصَنّف اخْتَصَرَهُ لكَون الْمَحْذُوف مَعْلُوما عِنْد أهل الحَدِيث فِي هَذِه الْقِصَّة.
قلت: هَذَا أعجب من ذَلِك، مَعَ أَنه أَخذ مَا قَالَه مِنْهُ.

     وَقَالَ  أَيْضا أَو حَدثهُ بِهِ مُحَمَّد بن بشار مُخْتَصرا قلت: فعلى هَذَا كَانَ يتَعَيَّن ذكره بعد ذكر رِوَايَة أبي النُّعْمَان كَمَا ذكرنَا قَوْله: (فيطوف على نِسَائِهِ) قَالَ بَعضهم: هُوَ كِنَايَة عَن الْجِمَاع.
قلت: يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ تَجْدِيد الْعَهْد بِهن، ذكره الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَلَكِن الْقَرِينَة دلّت على أَن المُرَاد هُوَ الْجِمَاع، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله فِي حَدِيث أنس الَّذِي يَأْتِي: (كَانَ النَّبِي الله يَدُور على نِسَاءَهُ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة من اللَّيْل وَالنَّهَار) قَوْله: (ينضخ) بِفَتْح الْيَاء وَالضَّاد الْمُعْجَمَة بعْدهَا خاء مُعْجم، أَي: يفور، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: { فيهمَا عينان نضاختان} (سُورَة الرحمان: 66) وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور، وَضَبطه بَعضهم بِالْحَاء الْمُهْملَة، قَالَه الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَكَذَا ضَبطه عَامَّة من حَدثنَا وهما متقاربان فِي الْمَعْنى..
     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: وَقد اخْتلف فِي أَيهمَا أَكثر، وَالْأَكْثَر بِالْمُعْجَمَةِ أقل من الْمُهْملَة، وَقيل: بِالْمُعْجَمَةِ الْأَثر يبْقى فِي الثَّوْب والجسد، وبالمهملة الْفِعْل نَفسه، وَقيل: بِالْمُعْجَمَةِ مَا فعل مُتَعَمدا.
وبالمهملة من غير تعمد وَذكر صَاحب (الْمطَالع) عَن ابْن كيسَان أَنه بِالْمُهْمَلَةِ لما رق كَالْمَاءِ، وبالمعجمة لما ثخن كالطيب..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ أقل من المهلمة، عَكسه،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: من رَوَاهُ بِالْحَاء فالنضخ، عِنْد الْعَرَب كاللطخ، يُقَال: نضح ثَوْبه بالطيب، هَذَا قَول الْخَلِيل، وَفِي كتاب (الْأَفْعَال) نضخت الْعين بِالْمَاءِ نضخاً إِذا فارت، وَاحْتج بقوله تَعَالَى: { فيهمَا عينان نضاختان} وَمن رَوَاهُ بِالْحَاء فَقَالَ صَاحب (الْعين) نضخت الْعين بِالْمَاءِ إِذا رَأَيْتهَا تَفُور وَكَذَلِكَ الْعين الناطرة إِذا رَأَيْتهَا مغروقة وَفِي الصِّحَاح قَالَ أَبُو زيد النضخ بِلَا عجام الرش مثل النَّضْح، بالإهمال، وهما بِمَعْنى..
     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: يُقَال: أَصَابَهُ نضخ من كَذَا، وَهُوَ أَكثر من النضخ بِالْمُهْمَلَةِ.
قَوْله: (طيبا) نصب على التميز.

ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهُ فِيهِ: دلَالَة على اسْتِحْبابُُ الطّيب عِنْد الْإِحْرَام، وَإنَّهُ لَا بَأْس بِهِ إِذا استدام بعد الْإِحْرَام، وَإِنَّمَا يحرم ابتداؤه فِي الْإِحْرَام وَهَذَا مَذْهَب الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَأبي يُوسُف وَأحمد بن حَنْبَل وَدَاوُد وَغَيرهم، وَبِه قَالَ جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وجماهير الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء، فَمن الصَّحَابَة: سعد بن أبي وَقاص وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَمُعَاوِيَة وَعَائِشَة وَأم حَبِيبَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم..
     وَقَالَ  آخَرُونَ بِمَنْعه مِنْهُم: الزُّهْرِيّ وَمَالك وَمُحَمّد بن الْحسن، وَحكي عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَادّعى بَعضهم أَن هَذَا التَّطَيُّب كَانَ للنِّسَاء لَا للْإِحْرَام، وَادّعى أَن فِي هَذِه الرِّوَايَة تَقْدِيمًا وتأخيراً، التَّقْدِير: فيطوف على نِسَائِهِ ينضخ طيبا ثمَّ يصبح محرما وَجَاء ذَلِك فِي بعض الرِّوَايَات، وَالطّيب يَزُول بِالْغسْلِ لَا سِيمَا أَنه ورد أَنه كَانَ يغْتَسل عِنْد كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ، وَكَانَ هَذَا الطّيب ذريرة كَمَا أخرجه البُخَارِيّ فِي اللبَاس وَهُوَ مِمَّا يذهبه الْغسْل، وتقويه رِوَايَة البُخَارِيّ الْآتِيَة قَرِيبا: (طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ طَاف فِي نِسَائِهِ ثمَّ أصبح محرما) وَرِوَايَته الْآتِيَة أَيْضا: (كَأَنِّي انْظُر إِلَى وبيص الطّيب فِي مفرقه وَهُوَ محرم) .
وَفِي بعض الرِّوَايَات، بعد ثَلَاث،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: هَذَا الطّيب كَانَ دهناً لَهُ أثر فِيهِ مسك فَزَالَ وَبقيت رَائِحَته، وَادّعى بَعضهم خُصُوصِيَّة ذَلِك بالشارع، فَإِنَّهُ أَمر صَاحب الْجُبَّة بِغسْلِهِ.
قَالَ الْمُهلب، رَحمَه الله تَعَالَى السّنة اتِّحَاد الطّيب للنِّسَاء وَالرِّجَال عِنْد الْجِمَاع فَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم املك لاربه من سَائِر أمته فَلذَلِك كَانَ لَا يتَجَنَّب الطّيب.

فِي الْإِحْرَام.
ونهانا عَنهُ لضعفنا عَن ملك الشَّهَوَات، إِذْ الطّيب أَسبابُُ الْجِمَاع.
وَفِيه: الِاحْتِجَاج لمن لَا يُوجب الدَّلْك فِي الْغسْل، لِأَنَّهُ لَو كَانَ ذَلِك لم يتضخ مِنْهُ الطّيب.
قلت: يجوز أَن يكون دلكه لكنه بَقِي وبيصه، وَالطّيب إِذا كَانَ كثيرا رُبمَا غسله فَيذْهب وَيبقى وبيصه.
وَفِيه: عدم كَرَاهَة كَثْرَة الْجِمَاع عِنْد الطَّاقَة.
وَفِيه: عدم كَرَاهَة التَّزَوُّج بِأَكْثَرَ من وَاحِدَة إِلَى أَربع.
وَفِيه: أَن غسل الْجَنَابَة لَيْسَ على الْفَوْر، وَإِنَّمَا يتضيق على الْإِنْسَان عِنْد الْقيام إِلَى الصَّلَاة، وَهَذَا بِالْإِجْمَاع.
فَإِن قلت: مَا سَبَب وجوب الْغسْل قلت: الْجَنَابَة مَعَ إِرَادَة الْقيام إِلَى الصَّلَاة كَمَا أَن سَبَب الْوضُوء الْحَدث مَعَ إِرَادَة الْقيام إِلَى الصَّلَاة وَلَيْسَ الْجَنَابَة وَحدهَا، كَمَا هُوَ مَذْهَب بعض الشَّافِعِيَّة وإلاَّ يلْزم أَن يجب الْغسْل عقب الْجِمَاع، والْحَدِيث يُنَافِي هَذَا، وَلَا مُجَرّد إِرَادَة الصَّلَاة، وإلاَّ يلْزم أَن يجب الْغسْل بِدُونِ الْجَنَابَة.