هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2475 حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ : أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً ، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ : لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً ، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا ؟ ، قَالَ : لاَ ، قَالَ : فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ ، قَالَ : فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2475 حدثنا حامد بن عمر ، حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن عامر ، قال : سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، وهو على المنبر يقول : أعطاني أبي عطية ، فقالت عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية ، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله ، قال : أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ ، قال : لا ، قال : فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ، قال : فرجع فرد عطيته
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated 'Amir:

I heard An-Nu`man bin Bashir on the pulpit saying, My father gave me a gift but `Amra bint Rawaha (my mother) said that she would not agree to it unless he made Allah's Messenger (ﷺ) as a witness to it. So, my father went to Allah's Messenger (ﷺ) and said, 'I have given a gift to my son from `Amra bint Rawaha, but she ordered me to make you as a witness to it, O Allah's Messenger (ﷺ)!' Allah's Messenger (ﷺ) asked, 'Have you given (the like of it) to everyone of your sons?' He replied in the negative. Allah's Messenger (ﷺ) said, 'Be afraid of Allah, and be just to your children.' My father then returned and took back his gift.

Amir dit: «J'ai entendu anNu'mân ibn Bachîr (radiallahanho) dire de sur le minbar ceci: Mon père me fît une donation. Mais 'Amra bent Rawâha dit: Je n'accepte que si tu apportes le Messager d'Allah (r ) comme témoin. En effet, mon père alla voir le Messager d'Allah () et lui dit: Je viens de faire une donation à mon fîls que j'ai eu de 'Amra bent Rawâha; mais elle m'a demandé de te prendre à témoin, ô Messager d'Allah ()! — Astu donné la même chose au reste de tes enfants? demanda le Prophète. — Non. — Craignez Allah et soyez équitables envers vos enfants. A ces mots, mon père retourna [chez lui] et annula sa donation.»

":"ہم سے حامد بن عمر نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے ابوعوانہ نے بیان کیا حصین سے ، وہ عامر سے کہ میں نے نعمان بن بشیر رضی اللہ عنہما سے سناوہ منبر پر بیان کر رہے تھے کہ میرے باپ نے مجھے ایک عطیہ دیا ، تو عمرہ بنت رواحہ رضی اللہ عنہ ( نعمان کی والدہ ) نے کہا کہ جب تک آپ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کو اس پر گواہ نہ بنائیں میں راضی نہیں ہو سکتی ۔ چنانچہ ( حاضر خدمت ہو کر ) انہوں نے عرض کیا کہ عمرہ بنت رواحہ سے اپنے بیٹے کو میں نے ایک عطیہ دیا تو انہوں نے کہا کہ پہلے میں آپ کو اس پر گواہ بنا لوں ، آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے دریافت فرمایا کہ اسی جیسا عطیہ تم نے اپنی تمام اولاد کو دیا ہے ؟ انہوں نے جواب دیا کہ نہیں ، اس پر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اللہ سے ڈرو اور اپنی اولاد کے درمیان انصاف کو قائم رکھو ۔ چنانچہ وہ واپس ہوئے اور ہدیہ واپس لے لیا ۔

Amir dit: «J'ai entendu anNu'mân ibn Bachîr (radiallahanho) dire de sur le minbar ceci: Mon père me fît une donation. Mais 'Amra bent Rawâha dit: Je n'accepte que si tu apportes le Messager d'Allah (r ) comme témoin. En effet, mon père alla voir le Messager d'Allah () et lui dit: Je viens de faire une donation à mon fîls que j'ai eu de 'Amra bent Rawâha; mais elle m'a demandé de te prendre à témoin, ô Messager d'Allah ()! — Astu donné la même chose au reste de tes enfants? demanda le Prophète. — Non. — Craignez Allah et soyez équitables envers vos enfants. A ces mots, mon père retourna [chez lui] et annula sa donation.»

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ الإشْهَادِ فِي الهِبَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْإِشْهَاد فِي الْهِبَة.



[ قــ :2475 ... غــ :2587 ]
- حدَّثنا حامِدُ بنُ عُمَرَ قَالَ حدَّثناأبُو عَوَانَةَ عنْ حُصَيْنٍ عنْ عامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بنَ بَشيرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما وهْوَ علَى المِنْبَرِ يقُولُ أعْطَانِي أبي عَطِيَّةً فَقَالَت عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أرْضاى حتَّى تُشْهِدَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَواحَةَ عَطِيَّةً فأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يَا رسولَ الله قَالَ أعْطَيْت سائرَ ولدِكَ مثْلَ هاذَا قَالَ لَا قَالَ فاتَّقُوا الله واعْدِلُوا بَيْنَ أوْلادِكُمْ قَالَ فرَجَعَ فرَدَّ عَطِيَّتَهُ.

( انْظُر الحَدِيث 6852 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث، وَهُوَ ظَاهر،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قَالَ شَارِح التراجم: فَإِن قيل: لَيْسَ فِي حَدِيث النُّعْمَان مَا يدل على أكل الرجل مَال وَلَده، قُلْنَا: إِذا جَازَ للوالد انتزاع ملك وَلَده الثَّابِت بِالْهبةِ لغير حَاجَة، فَلِأَن يجوز عِنْد الْحَاجة أولى.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: حَامِد بن عمر بن حَفْص بن عبيد الله الثَّقَفِيّ.
الثَّانِي: أَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة: الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي.
الثَّالِث: حُصَيْن، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ: ابْن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ.
الرَّابِع: عَامر بن شُرَحْبِيل الشّعبِيّ.
الْخَامِس: النُّعْمَان بن بشير.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَأَبُو عوَانَة واسطي وحصين وعامر كوفيان.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( وَهُوَ على الْمِنْبَر) ، جملَة حَالية، وَكَذَا قَوْله: ( يَقُول) .
قَوْله: ( أَعْطَانِي أبي عَطِيَّة) ، وَكَانَ الْعَطِيَّة غُلَاما صرح بِهِ مُسلم فِي رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه، قَالَ: حَدثنَا النُّعْمَان بن بشير، قَالَ وَقد أعطَاهُ أَبوهُ غُلَاما، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( مَا هَذَا الْغُلَام؟) فَقَالَ أعطانيه أبي.
قَالَ: فَكل أخوته أَعْطيته كَمَا أَعْطَيْت هَذَا؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَرده.
وَكَذَا صرح بِهِ فِي حَدِيث جَابر رَوَاهُ مُسلم عَنهُ، قَالَ: قَالَت امْرَأَة بشير: إنحل ابْني غلامك وَأشْهد لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث.
فَإِن قلت: روى ابْن حبَان من رِوَايَة ابْن حريز، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَفِي آخِره زَاي، على وزن كريم، وَالطَّبَرَانِيّ أَيْضا عَن الشّعبِيّ: أَن النُّعْمَان خطب بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: إِن وَالِدي بشير بن سعد أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: إِن عمْرَة بنت رَوَاحَة نفست بِغُلَام، وَإِنِّي سميته النُّعْمَان، وَأَنَّهَا أَبَت أَن تربيه حَتَّى جعلت لَهُ حديقة من أفضل مَال هُوَ لي، فَإِنَّهَا قَالَت: أشهد على ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... وَفِيه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا أشهد على جور) قلت: وفْق ابْن حبَان بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِالْحملِ على وَاقِعَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا: عِنْد ولادَة النُّعْمَان، وَكَانَت الْعَطِيَّة حَدِيثَة، وَالْأُخْرَى: بعد أَن كبر النُّعْمَان، وَكَانَت الْعَطِيَّة عبدا.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: يُعَكر عَلَيْهِ أَنه يبعد أَن ينسى بشير بن سعد، مَعَ جلالته، الحكم فِي الْمَسْأَلَة حَتَّى يعود إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستشهد على الْعَطِيَّة الثَّانِيَة بعد أَن قَالَ لَهُ فِي الأولى: لَا أشهد على جور.
قلت: لَا بُعد فِي هَذَا أصلا، فَإِن الْإِنْسَان مَأْخُوذ من النسْيَان، وهموم أَحْوَال الدُّنْيَا وغم أَحْوَال الْآخِرَة تنسي أَن نِسْيَان، وَالنِّسْيَان غَالب، حَتَّى قيل: إِن الْإِنْسَان مَأْخُوذ من النسْيَان.
قَوْله: ( عمْرَة بنت رَوَاحَة) ، بِفَتْح الرَّاء: الْأَنْصَارِيَّة زَوْجَة بشير أم النُّعْمَان، وَهِي أُخْت عبد الله بن رَوَاحَة.
قَوْله: ( حَتَّى تُشهِد) من الْإِشْهَاد، وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَات من حَدِيث الشّعبِيّ سَبَب سُؤال شَهَادَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَفظه: عَن النُّعْمَان، قَالَ: سَأَلت أُمِّي أبي بعض الموهبة لي من مَاله، وَلَفظ مُسلم عَن الشّعبِيّ: حَدثنِي النُّعْمَان بن بشير أَن أمه ابْنة رَوَاحَة سَأَلت أَبَاهُ بعض الموهبة من مَاله، فالتوى بهَا سنة أَي: مطلها ثمَّ بدا لَهُ.
وَفِي رِوَايَة ابْن حبَان من هَذَا الْوَجْه: بعد حَوْلَيْنِ، والتوفيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ، بِأَن يُقَال: إِن الْمدَّة كَانَت سنة وشيئاً، فجبر الْكسر تَارَة وألغى أُخْرَى، ثمَّ فِي رِوَايَة مُسلم: فَأخذ أبي بيَدي، وَأَنا يَوْمئِذٍ غُلَام، فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ، قَالَ: انْطلق بَين أبي يحملني إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والتوفيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن يُقَال: إِنَّه أَخذ بِيَدِهِ فَمشى مَعَه بعض الطَّرِيق، وَحمله فِي بَعْضهَا لصِغَر سنه.
قَوْله: ( فَرجع فَرد عَلَيْهِ عطيته) ،، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: فَرجع أبي فَرد تِلْكَ الصَّدَقَة.
وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَات.
قَالَ: لَا تشهدني على جور.
وَفِي رِوَايَة لمُسلم: وَلَا تشهدني إِذا فَإِنِّي لَا أشهد على جور، وَفِي رِوَايَة لَهُ: وَإِنِّي لَا أشهد إلاَّ على حق.
وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ: فَأشْهد على هَذَا غَيْرِي، وَكَذَا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق من طَرِيق طَاوُوس مُرْسلا: لَا أشهد إلاَّ على الْحق، لَا أشهد بِهَذِهِ.
وَفِي رِوَايَة عُرْوَة عِنْد النَّسَائِيّ: فكره أَن يشْهد لَهُ، وَقد ذكرنَا وَجه امْتِنَاعه عَن الشَّهَادَة عَن قريب، وَاخْتِلَاف الْأَلْفَاظ فِي هَذِه الْقِصَّة الْوَاحِدَة يرجع إِلَى معنى وَاحِد.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهِ من أوجب التَّسْوِيَة فِي عَطِيَّة الْأَوْلَاد، وَبِه صرح البُخَارِيّ، وَهُوَ قَول طَاوُوس وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق، كَمَا ذَكرْنَاهُ،.

     وَقَالَ  بِهِ بعض الْمَالِكِيَّة.
ثمَّ الْمَشْهُور عِنْد هَؤُلَاءِ: أَنَّهَا بَاطِلَة، وَعَن أَحْمد: يَصح وَيجب عَلَيْهِ أَن يرجع، وَعنهُ: يجوز التَّفَاضُل إِن كَانَ لَهُ سَبَب، كاحتياح الْوَلَد لزمانته أَو دينه أَو نَحْو ذَلِك.
.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف: تجب التَّسْوِيَة إِن قصد بالتفضيل الْإِضْرَار، وَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن التَّسْوِيَة مُسْتَحبَّة، فَإِن فضل بَعْضًا صَحَّ وَكره، وحملوا الْأَمر على النّدب وَالنَّهْي على التَّنْزِيه.

ثمَّ اخْتلفُوا فِي صفة التَّسْوِيَة، فَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَأحمد وَإِسْحَاق وَبَعض الشَّافِعِيَّة وَبَعض الْمَالِكِيَّة: الْعدْل إِن يُعْطي الذّكر حظين كالميراث،.

     وَقَالَ  غَيرهم: لَا يفرق بَين الذّكر وَالْأُنْثَى، وَظَاهر الْأَمر بالتسوية يشْهد لَهُم، واستأنسوا بِحَدِيث أخرجه سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيقه عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: ( سووا بَين أَوْلَادكُم فِي الْعَطِيَّة، فَلَو كنت مفضلاً أحدا لفضلت النِّسَاء) .
وَأجَاب عَن حَدِيث النُّعْمَان من حمل الْأَمر بالتسوية على النّدب بِوُجُوه:
الأول: أَن الْمَوْهُوب للنعمان كَانَ جَمِيع مَال وَالِده، فَلذَلِك مَنعه، ورد هَذَا بِأَن كثيرا من طرق حَدِيث النُّعْمَان صَرِيح بالبعضية،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: وَمن أبعد التأويلات أَن النَّهْي إِنَّمَا يتَنَاوَل من وهب جَمِيع مَاله لبَعض وَلَده، كَمَا ذهب إِلَيْهِ سَحْنُون، وَكَأَنَّهُ لم يسمع فِي نفس هَذَا الحَدِيث أَن الْمَوْهُوب كَانَ غُلَاما، وَأَنه وهبه لَهُ لما سَأَلته الْأُم الْهِبَة من بعض مَاله، قَالَ: وَهَذَا يعلم مِنْهُ على الْقطع أَنه كَانَ لَهُ مَال غَيره.

الثَّانِي: أَن الْعَطِيَّة الْمَذْكُورَة لم تتنجز، وَإِنَّمَا جَاءَ بشير وَالِد النُّعْمَان يستشير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِأَن لَا يفعل، فَترك، حَكَاهُ الطَّحَاوِيّ.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَفِي أَكثر طرق الحَدِيث مَا ينابذه.
قلت: هَذَا كَلَام من لَا إنصاف لَهُ، لِأَنَّهُ يقْصد بِهَذَا تَضْعِيف مَا قَالَه، مَعَ أَنه لم يقل هَذَا إلاَّ بِحَدِيث شُعَيْب، يرويهِ شيخ البُخَارِيّ عَنهُ، وَهُوَ شُعَيْب بن أبي ضَمرَة، فَإِنَّهُ رَوَاهُ حَيْثُ قَالَ: حَدثنَا فَهد، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، قَالَ: حَدثنَا شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدثنِي حميد بن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن النُّعْمَان أَنَّهُمَا سمعا النُّعْمَان ابْن بشير، يَقُول: نَحَلَنِي أبي غُلَاما ثمَّ مَشى أبي حَتَّى إِذا أدخلني على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله { إِنِّي نحلت إبني غُلَاما فَإِن أَذِنت أَن أجيزه لَهُ أجزت، ثمَّ ذكر الحَدِيث، فَهَذَا يُنَادي بِأَعْلَى صَوته أَن بشيراً نحل ابْنه غُلَاما، وَلكنه لم يُنجزهُ حَتَّى اسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك، فَلم يَأْذَن لَهُ بِهِ فَتَركه.

الثَّالِث: أَن النُّعْمَان كَانَ كَبِيرا وَلم يكن قبض الْمَوْهُوب، فَجَاز لِأَبِيهِ الرُّجُوع.
ذكره الطَّحَاوِيّ أَيْضا.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَهُوَ خلاف مَا فِي أَكثر طرق الحَدِيث أَيْضا، قَوْله: أرجعه، فَإِنَّهُ يدل على تقدم وُقُوع الْقَبْض.
انْتهى.
قلت: هَذَا أَيْضا طعن فِي كَلَام الطَّحَاوِيّ من غير وَجه وَمن غير إنصاف، لِأَنَّهُ لم يقل هَذَا أَيْضا إلاَّ وَقد أَخذه من حَدِيث يُونُس بن عبد الْأَعْلَى شيخ مُسلم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة شيخ الشَّافِعِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن النُّعْمَان وَحميد بن عبد الرَّحْمَن أخبراه أَنَّهُمَا سمعا النُّعْمَان بن بشير يَقُول: نَحَلَنِي أبي غُلَاما، فأمرتني أُمِّي أَن أذهب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأُشهدَه على ذَلِك ... الحَدِيث، فَهَذَا يدل على أَن النُّعْمَان كَانَ كَبِيرا، إِذْ لَو كَانَ صَغِيرا كَيفَ كَانَت أمه تَقول لَهُ: إذهب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ وَقَول هَذَا الْقَائِل: إرجعه، يدل على تقدم الْقَبْض، غير دَال على الْقَبْض حَقِيقَة، لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه قَالَ لبشير: إرجع عَمَّا قلت بنحل ابْنك النُّعْمَان دون أخوته.

الرَّابِع: أَن قَوْله: أشهِد، فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وَغَيره، وَلَا يدل على أَن الْأَمر بالتسوية يدل على الْوُجُوب، لِأَن أَمر التوبيخ يدل عَلَيْهِ أَلْفَاظ كَثِيرَة فِي الحَدِيث يعرف بِالتَّأَمُّلِ.

الْخَامِس: أَن عمل الخليفتين أبي بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عدم التَّسْوِيَة قرينَة ظَاهِرَة فِي أَن الْأَمر للنَّدْب.
أما أثر أبي بكر فَأخْرجهُ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب أَن مَالِكًا حَدثهُ عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة، زوج النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنَّهَا قَالَت أَن أَبَا بكر الصّديق نحلهَا جدَاد عشْرين وسْقا من مَاله بِالْغَابَةِ، فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالَ: وَالله يَا بنية}
مَا من أحد من النَّاس أحب إِلَيّ غنى بعدِي مِنْك، وَلَا أعز عَليّ فقرا بعدِي مِنْك، وَإِنِّي كنت نحلتك جدَاد عشْرين وسْقا، فَلَو كنت جددته وأحرزته كَانَ لَك، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْم مَال الْوَارِث، وَإِنَّمَا هما أَخَوَاك وَأُخْتَاك، فَاقْتَسمُوهُ على بَيَان كتاب الله تَعَالَى.
فَقَالَت عَائِشَة: وَالله يَا أبتِ { لَو كَانَ كَذَا وَكَذَا لتركته، إِنَّمَا هِيَ أَسمَاء، فَمن الْأُخْرَى؟ فَقَالَ: ذُو بطن بنت خَارِجَة، أَرَاهَا جَارِيَة.
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا فِي ( سنَنه) من حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير، أَن عَائِشَة، قَالَت: كَانَ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، نَحَلَنِي جدَاد عشْرين وسْقا من مَاله، فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة جلس فاحتبى، ثمَّ تشهد ثمَّ قَالَ: أما بعد}
أَي بنية ... إِن أحب النَّاس إِلَيّ غنى بعدِي لأنتِ، وَإِنِّي كنت نحلتك جدَاد عشْرين وسْقا من مَالِي، فوددت وَالله لَو أَنَّك كنت خزنته وجددته، وَلَكِن إِنَّمَا هُوَ الْيَوْم مَال الْوَارِث، وَإِنَّمَا هما أَخَوَاك وَأُخْتَاك.
فَقلت: يَا أبتاه هَذِه أَسمَاء، فَمن الْأُخْرَى؟ قَالَ: ذُو بطن ابْنة خَارِجَة، أَرَاهَا جَارِيَة، فَقلت لَو أَعْطَيْتنِي مَا هُوَ كَذَا إِلَى كَذَا لرددته إِلَيْك.
قَالَ الشَّافِعِي: وَفضل عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَاصِمًا بِشَيْء، وَفضل ابْن عَوْف ولد أم كُلْثُوم.
وَأما أثر عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَذكره الطَّحَاوِيّ أَيْضا كَمَا ذكره الْبَيْهَقِيّ عَن الشَّافِعِي، رَحمَه الله، وَأخرج عبد الله بن وهب فِي ( مُسْنده) ،.

     وَقَالَ : بَلغنِي عَن عَمْرو بن دِينَار أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف نحل ابْنَته من أم كُلْثُوم بنت عقبَة ابْن أبي معيط أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم، وَله ولد من غَيرهَا.
قلت: هَذَا مُنْقَطع.

السَّادِس: هُوَ الْجَواب الْقَاطِع أَن الْإِجْمَاع انْعَقَد على جَوَاز إِعْطَاء الرجل مَاله لغير وَلَده، فَإِذا جَازَ لَهُ أَن يخرج جَمِيع وَلَده من مَاله جَازَ لَهُ أَن يخرج عَن ذَلِك لبَعْضهِم، ذكره ابْن عبد الْبر، قيل: فِيهِ نظر، لِأَنَّهُ قِيَاس مَعَ وجود النَّص.
قلت: إِنَّمَا يمْنَع ذَلِك ابْتِدَاء، وَأما إِذا عمل بِالنَّصِّ على وَجه من الْوُجُوه، ثمَّ إِذا قيس ذَلِك الْوَجْه إِلَى وَجه آخر، لَا يُقَال: إِنَّه عمل بِالْقِيَاسِ مَعَ وجود النَّص.
فَافْهَم.

وَفِي الحَدِيث من الْفَوَائِد: النّدب إِلَى التَّأْلِيف بَين الْأُخوة وَترك مَا يُوقع بَينهم الشحناء وَيُورث العقوق للآباء.
وَفِيه: إِن الْعَطِيَّة إِذا كَانَت من الْأَب لصغير لَا يحْتَاج إِلَى الْقَبْض، فَيَكْفِي قبُوله لَهُ.
وَفِيه: كَرَاهَة تحمل الشَّهَادَة فِيمَا لَيْسَ بمباح.
وَفِيه: أَن الْإِشْهَاد فِي الْهِبَة مَشْرُوع، وَلَيْسَ بِوَاجِب.
وَفِيه: جَوَاز الْميل إِلَى بعض الْأَوْلَاد والزوجات دون بعض، لِأَن هَذَا أَمر قلبِي وَلَيْسَ باختياري.
وَفِيه: مَشْرُوعِيَّة استفسار الْحَاكِم والمفتي عَمَّا يحْتَمل ذَلِك، كَقَوْلِه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أَلَك ولد غَيره؟ وأفكلهم أَعْطيته؟) .
وَفِيه: جَوَاز تَسْمِيَة الْهِبَة صَدَقَة.
وَفِيه: أَن للْأُم كلَاما فِي مصلحَة الْوَلَد.
وَفِيه: الْمُبَادرَة إِلَى قبُول قَول الْحق وأمرَ الْحَاكِم والمفتي بتقوى الله كل حَال.
وَفِيه: إِشَارَة إِلَى سوء عَاقِبَة الحرض أَن عمْرَة لَو رضيت بِمَا وهبه زَوجهَا لولدها لما رَجَعَ فِيهِ، فَلَمَّا اشْتَدَّ حرصها فِي تثبيت ذَلِك أفْضى إِلَى بُطْلَانه.