هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2474 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَمًا ، فَقَالَ : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ ، قَالَ : لاَ ، قَالَ : فَارْجِعْهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2474 حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، ومحمد بن النعمان بن بشير ، أنهما حدثاه عن النعمان بن بشير ، أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاما ، فقال : أكل ولدك نحلت مثله ، قال : لا ، قال : فارجعه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated An-Nu`man bin Bashir:

that his father took him to Allah's Messenger (ﷺ) and said, I have given this son of mine a slave. The Prophet asked, Have you given all your sons the like? He replied in the negative. The Prophet (ﷺ) said, Take back your gift then.

AnNu'mân ibn Bachîr [rapporte ceci]: Son père l'emmena auprès du Messager d'Allah () et lui dit: «Je viens d'offrir à mon enfantci un esclave. — Astu offert la même chose à tous tes enfants? demanda le Prophète. — Non. — Reprendsle alors!»

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم کو امام مالک نے خبر دی ابن شہاب سے ، وہ حمید بن عبدالرحمٰن اور محمد بن نعمان بن بشیر سے اور ان سے نعمان بن بشیر رضی اللہ عنہما نے کہاان کے والد انہیں رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں لائے اور عرض کیا کہ میں نے اپنے اس بیٹے کو ایک غلام بطور ہبہ دیا ہے ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے دریافت فرمایا ، کیا ایسا ہی غلام اپنے دوسرے لڑکوں کو بھی دیا ہے ؟ انہوں نے کہا نہیں ، تو آپ نے فرمایا کہ پھر ( ان سے بھی ) واپس لے لے ۔

AnNu'mân ibn Bachîr [rapporte ceci]: Son père l'emmena auprès du Messager d'Allah () et lui dit: «Je viens d'offrir à mon enfantci un esclave. — Astu offert la même chose à tous tes enfants? demanda le Prophète. — Non. — Reprendsle alors!»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2586] .

     قَوْلُهُ  عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ كَذَا لِأَكْثَرِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن بن شِهَابٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ النُّعْمَانِ وَحُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَاهُ عَنْ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ بَشِيرٍ فَشَذَّ بِذَلِكَ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النُّعْمَانِ وَبَشِيرٌ وَالِدُ النُّعْمَانِ هُوَ بن سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْجُلَاسِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ الْخَزْرَجِيُّ صَحَابِيٌّ شَهِيرٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَشَهِدَ غَيْرَهَا وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَيُقَالُ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقِيلَ عَاشَ إِلَى خِلَافَةِ عُمَرَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النُّعْمَانِ عَدَدٌ كَثِيرٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ وَأبي دَاوُد وَأَبُو الضُّحَى عِنْد النَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ وَأَحْمَدَ وَالطَّحَاوِيِّ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ الْمُهَلَّبِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَعَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَالشَّعْبِيُّ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأبي دَاوُد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وبن ماجة وبن حِبَّانَ وَغَيْرِهِمْ وَرَوَاهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَدَدٌ كَثِيرٌ أَيْضًا وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَاتِهِمْ مِنَ الْفَوَائِدِ الزَّائِدَةِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ مُفَصِّلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حِبَّانَ عَنِ الشَّعْبِيِّ سَبَبُ سُؤَالِهَا شَهَادَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ عَنِ النُّعْمَانِ قَالَ سَأَلَتْ أُمِّي أَبِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِي مِنْ مَالِهِ زَادَ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَالْتَوَى بهَا سنة أَي مطلها وَفِي رِوَايَة بن حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَعْدَ حَوْلَيْنِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّةَ كَانَتْ سَنَةً وَشَيْئًا فَجَبَرَ الْكَسْرَ تَارَةً وَأَلْغَى أُخْرَى قَالَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِي فَقَالَتْ لَهُ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَنَا غُلَامٌ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ أَخَذَ بِيَدِهِ فَمَشَى مَعَهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ وَحَمَلَهُ فِي بَعْضِهَا لِصِغَرِ سِنِّهُ أَوْ عَبَّرَ عَنِ اسْتِتْبَاعِهِ إِيَّاهُ بِالْحَمْلِ وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ الْبَابِ أَنَّ الْعَطِيَّةَ كَانَتْ غُلَامًا وَكَذَا فِي رِوَايَة بن حِبَّانَ الْمَذْكُورَةِ وَكَذَا لِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ وَحَدِيثِ جَابِرٍ مَعًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَرِيزٍ بِمُهْمَلَةٍ وَرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ بِوَزْنِ عَظِيم عِنْد بن حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النُّعْمَانَ خَطَبَ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ إِنَّ وَالِدِي بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ رَوَاحَةَ نَفِسَتْ بِغُلَامٍ وَإِنِّي سَمَّيْتُهُ النُّعْمَانَ وَإِنَّهَا أَبَتْ أَنْ تُرَبِّيَهُ حَتَّى جَعَلْتُ لَهُ حَدِيقَةً مِنْ أَفْضَلِ مَالٍ هُوَ لِي وَأَنَّهَا قَالَتْ أَشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَشْهَدُ عَلَى جور وَجمع بن حِبَّانَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِالْحَمْلِ عَلَى وَاقِعَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا عِنْدَ وِلَادَةِ النُّعْمَانِ وَكَانَتِ الْعَطِيَّةُ حَدِيقَةً وَالْأُخْرَى بعد أَن كبر النُّعْمَانُ وَكَانَتِ الْعَطِيَّةُ عَبْدًا وَهُوَ جَمْعٌ لَا بَأْسَ بِهِ إِلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَنْسَى بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ مَعَ جَلَالَتِهِ الْحُكْمَ فِي الْمَسْأَلَةِ حَتَّى يَعُودَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْتَشْهِدَهُ عَلَى الْعَطِيَّةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ أَنْقَالَ لَهُ فِي الْأُولَى لَا أَشْهَدُ عَلَى جور وَجوز بن حِبَّانَ أَنْ يَكُونَ بَشِيرٌ ظَنَّ نَسْخَ الْحُكْمِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَمَلَ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِامْتِنَاعِ فِي الْحَدِيقَةِ الِامْتِنَاعُ فِي الْعَبْدِ لِأَنَّ ثَمَنَ الْحَدِيقَةِ فِي الْأَغْلَبِ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي وَجْهٌ آخَرَ مِنَ الْجَمْعِ يَسْلَمُ مِنْ هَذَا الْخَدْشِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى جَوَابٍ وَهُوَ أَنَّ عَمْرَةَ لَمَّا امْتَنَعَتْ مِنْ تَرْبِيَتِهِ إِلَّا أَنْ يَهَبَ لَهُ شَيْئًا يَخُصُّهُ بِهِ وَهَبَهُ الْحَدِيقَةَ الْمَذْكُورَةَ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَارْتَجَعَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ فَعَاوَدَتْهُ عَمْرَةُ فِي ذَلِكَ فَمَطَلَهَا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ طَابَتْ نَفْسُهُ أَنْ يَهَبَ لَهُ بَدَلَ الْحَدِيقَةِ غُلَامًا وَرَضِيَتْ عَمْرَةُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنَّهَا خَشِيَتْ أَنْ يَرْتَجِعَهُ أَيْضًا فَقَالَتْ لَهُ أَشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُرِيدُ بِذَلِكَ تَثْبِيتَ الْعَطِيَّةِ وَأَنْ تَأْمَنَ مِنْ رُجُوعِهِ فِيهَا وَيَكُونُ مَجِيئِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِشْهَادِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ الْأَخِيرَةُ وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْ بَعْضٌ أَوْ كَانَ النُّعْمَانُ يَقُصُّ بَعْضَ الْقِصَّةِ تَارَةً وَيَقُصُّ بَعْضَهَا أُخْرَى فَسَمِعَ كُلٌّ مَا رَوَاهُ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَمْرَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ بِنْتُ رَوَاحَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيَّةُ أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَالصَّحِيحُ الأول وَبِذَلِك ذكرهَا بن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا كَانَتْ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النِّسَاءِ وَفِيهَا يَقُولُ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَعَمْرَةُ مِنْ سَرَوَاتِ النِّسَاءِ تَنْفَحُ بِالْمِسْكِ أَرْدَانُهَا .

     قَوْلُهُ  إِنِّي نَحَلْتُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُهْمَلَةِ وَالنِّحْلَةُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ الْعَطِيَّةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ فَقَالَ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ قَالَ نَعَمْ.

     وَقَالَ  مُسْلِمٌ لَمَّا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ أَمَّا يُونُسُ وَمَعْمَرٌ فَقَالَا أَكُلَّ بَنِيكَ وَأما اللَّيْث وبن عُيَيْنَةَ فَقَالَا أَكُلَّ وَلَدِكَ.

.

قُلْتُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا وَذُكُورًا.

.
وَأَمَّا لَفْظُ الْبَنِينَ فَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانُوا إِنَاثًا وَذُكُورًا فَعَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ وَلَمْ يَذْكُرِ بن سَعْدٍ لِبَشِيرٍ وَالِدِ النُّعْمَانِ وَلَدًا غَيْرَ النُّعْمَانِ وَذَكَرَ لَهُ بِنْتًا اسْمُهَا أُبَيَّةُ بِالْمُوَحَّدَةِ تَصْغِيرُ أبي .

     قَوْلُهُ  نَحَلْتَ مِثْلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ عِنْد مُسلم فَقَالَ أكلهم وهبت لَهُ مثل هَذَا قَالَ لَا وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فَقَالَ أَلَكَ بَنُونَ سِوَاهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مثل هَذَا قَالَ لَا وَفِي رِوَايَة بن الْقَاسِمِ فِي الْمُوَطَّآتِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ فَارْجِعْهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَن بن شِهَابٍ قَالَ فَارْدُدْهُ وَلَهُ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ مِثْلُهُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ وَلِمُسْلِمٍ فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ فِي الشَّهَادَاتِ قَالَ لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَرِيزٍ الْمَذْكُورَةِ لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَقَدْ عَلَّقَ مِنْهَا الْبُخَارِيُّ هَذَا الْقَدْرَ فِي الشَّهَادَاتِ وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ فَقَالَ فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ لِيَشْهَدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي وَلَهُ وَلِلنَّسَائِيِّ فِي رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ مُرْسَلًا لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى الْحَقِّ لَا أَشْهَدُ بِهَذِهِ وَفِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَكَرِهَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِيالنِّحَلِ كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَعْدِلُوا بَيْنَكُمْ فِي الْبِرِّ وَفِي رِوَايَةِ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ إِنَّ لِبَنِيكَ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ فَلَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً قَالَ بَلَى قَالَ فَلَا إِذًا وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ كَمَا أَنَّ لَكَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ أَنْ يَبَرُّوكَ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الضُّحَى أَلَا سَوَّيْتَ بَيْنَهُمْ وَلَهُ وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ سَوِّ بَيْنَهُمْ وَاخْتِلَافُ الْأَلْفَاظِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَوْجَبَ التَّسْوِيَة فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.

     وَقَالَ  بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ ثُمَّ الْمَشْهُورُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَعَنْ أَحْمَدَ تَصِحُّ وَيَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ وَعَنْهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ إِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ كَأَنْ يَحْتَاجَ الْوَلَدُ لِزَمَانَتِهِ وَدَيْنِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ دُونَ الْبَاقِينَ.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ إِنْ قَصَدَ بِالتَّفْضِيلِ الْإِضْرَارَ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ مُسْتَحَبَّةٌ فَإِنْ فَضَّلَ بَعْضًا صَحَّ وَكُرِهَ وَاسْتُحِبَّتِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى التَّسْوِيَةِ أَوِ الرُّجُوعُ فَحَمَلُوا الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ وَالنَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ أَوْجَبَهُ أَنَّهُ مُقَدَّمَةُ الْوَاجِبِ لِأَنَّ قَطْعَ الرَّحِمِ وَالْعُقُوقَ مُحَرَّمَانِ فَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا يَكُونُ مُحَرَّمًا وَالتَّفْضِيلُ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ التَّسْوِيَةِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الْعَدْلُ أَنْ يُعْطِيَ الذَّكَرَ حَظَّيْنِ كَالْمِيرَاثِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ حَظُّهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ لَوْ أَبْقَاهُ الْوَاهِبُ فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَظَاهِرُ الْأَمر بالتسوية يشْهد لَهُم واستأنسوا بِحَدِيث بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ فَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلًا أَحَدًا لَفَضَّلْتُ النِّسَاءَ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَأَجَابَ مَنْ حَمَلَ الْأَمْرَ بِالتَّسْوِيَةِ عَلَى النَّدْبِ عَنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمَوْهُوبَ لِلنُّعْمَانِ كَانَ جَمِيعَ مَالِ وَالِدِهِ وَلِذَلِكَ مَنَعَهُ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْعِ التَّفْضِيلِ حَكَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ.

.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ النُّعْمَانِ صَرَّحَ بِالْبَعْضِيَّةِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ وَمِنْ أَبْعَدِ التَّأْوِيلَاتِ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ وَهَبَ جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ وَلَدِهِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سَحْنُونٌ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ فِي نَفْسِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ كَانَ غُلَامًا وَأَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ لَمَّا سَأَلَتْهُ الْأُمُّ الْهِبَةَ مِنْ بَعْضِ مَالِهِ قَالَ وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْهُ عَلَى الْقَطْعِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيره ثَانِيهَا أَن الْعَطِيَّة الْمَذْكُورَة لم تتنجز وَإِنَّمَا جَاءَ بَشِيرٌ يَسْتَشِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا تَفْعَلَ فَتَرَكَ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَفِي أَكْثَرِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ مَا يُنَابِذُهُ ثَالِثُهَا أَنَّ النُّعْمَانَ كَانَ كَبِيرًا وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْمَوْهُوبَ فَجَازَ لِأَبِيهِ الرُّجُوعُ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي أَكْثَرِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَيْضًا خُصُوصًا .

     قَوْلُهُ  ارْجِعْهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ وُقُوعِ الْقَبْضِ وَالَّذِي تَضَافَرَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا وَكَانَ أَبُوهُ قَابِضًا لَهُ لِصِغَرِهِ فَأَمَرَ برد الْعَطِيَّة الْمَذْكُورَة بعد مَا كَانَتْ فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ رَابِعُهَا أَنَّ قَوْلَهُ ارْجِعْهُ دَلِيلٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَوْ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ لَمْ يَصِحَّ الرُّجُوعُ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ لِأَنَّ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ خِلَافَ ذَلِكَ لَكِنِ اسْتِحْبَابُ التَّسْوِيَةِ رُجِّحَ عَلَى ذَلِكَ فَلِذَلِكَ أَمَرَهُ بِهِ وَفِي الِاحْتِجَاجِ بِذَلِكَ نَظَرٌ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ارْجِعْهُ أَيْ لَا تُمْضِ الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَقَدُّمُ صِحَّةِ الْهِبَةِ خَامِسُهَا أَنَّ قَوْلَهُ أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي إِذْنٌ بِالْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ الْإِمَامَ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَشْهَدُ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنَّمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَحْكُمَ حَكَاهُ الطَّحَاوِيّ أَيْضا وارتضاه بن الْقَصَّارِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَلَا مِنْ أَدَائِهَا إِذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ الْمُحْتَجُّ بِهَذَا أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا شَهِدَ عِنْدَبَعْضِ نُوَّابِهِ جَازَ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ .

     قَوْلُهُ  أَشْهِدْ صِيغَةُ إِذْنٍ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ لِلتَّوْبِيخِ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْجُمْهُورُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

     وَقَالَ  بن حِبَّانَ .

     قَوْلُهُ  أَشْهِدْ صِيغَةُ أَمْرٍ وَالْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ الْجَوَازِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ لِعَائِشَةَ اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ انْتَهَى سَادِسُهَا التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ أَلَا سَوَّيْتَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ وَبِالنَّهْيِ التَّنْزِيهُ وَهَذَا جَيِّدٌ لَوْلَا وُرُودُ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الزَّائِدَةِ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَلَا سِيَّمَا أَنَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ بِعَيْنِهَا وَرَدَتْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ سَوِّ بَيْنَهُمْ سَابِعُهَا وَقَعَ عِنْدَ مُسلم عَن بن سِيرِينَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَحْفُوظَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ قَارِبُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ لَا سَوُّوا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمُخَالِفِينَ لَا يُوجِبُونَ الْمُقَارَبَةَ كَمَا لَا يُوجِبُونَ التَّسْوِيَةَ ثَامِنُهَا فِي التَّشْبِيهِ الْوَاقِعِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ بِالتَّسْوِيَةِ مِنْهُمْ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ لَكِنْ إِطْلَاقُ الْجَوْرِ عَلَى عَدَمِ التَّسْوِيَةِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ وَقَدْ قَالَ فِي آخِرِ الرِّوَايَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا التَّشْبِيهُ قَالَ فَلَا إِذًا تَاسِعُهَا عَمَلُ الْخَلِيفَتَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدَمِ التَّسْوِيَةِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَرَوَاهُ الْمُوَطَّأُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ نُحْلًا فَلَوْ كُنْتِ اخْتَرْتِيهِ لَكَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ لِلْوَارِثِ وَأما عمر فَذكره الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ نَحَلَ ابْنَهُ عَاصِمًا دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ وَقَدْ أَجَابَ عُرْوَةُ عَنْ قِصَّةِ عَائِشَةَ بِأَنَّ إِخْوَتَهَا كَانُوا رَاضِينَ بِذَلِكَ وَيُجَابُ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنْ قِصَّةِ عُمَرَ عَاشِرُ الْأَجْوِبَةِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى جَوَازِ عَطِيَّةِ الرَّجُلِ مَالَهُ لِغَيْرِ وَلَدِهِ فَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ جَمِيعَ وَلَدِهِ مِنْ مَالِهِ جَازَ لَهُ أَن يخرج عَن ذَلِك بَعضهم ذكره بن عَبْدِ الْبَرِّ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ لِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ أَيْ لَا أَشْهَدُ عَلَى مَيْلِ الْأَبِ لِبَعْضِ الْأَوْلَادِ دُونَ بَعْضٍ وَفِي هَذَا نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَيَرُدُّهُ .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى الْحق وَحكى بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ احْتَجَّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ حَدِيثِ النُّعْمَانِ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ فَرَّقُوا بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَقَالُوا لِلْأُمِّ أَنْ تَرْجِعَ إِنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا دُونَ مَا إِذَا مَاتَ وَقَيَّدُوا رُجُوعَ الْأَبِ بِمَا إِذَا كَانَ الِابْنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَسْتَحْدِثْ دَيْنًا أَوْ يَنْكِحْ وَبِذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ مُطْلَقًا.

     وَقَالَ  الْكُوفِيُّونَ إِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ صَغِيرًا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ وَكَذَا إِنْ كَانَ كَبِيرًا وَقَبَضَهَا قَالُوا وَإِنْ كَانَتِ الْهِبَةُ لِزَوْجٍ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ لِذِي رَحِمٍ لَمْ يَجُزِ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَوَافَقَهُمْ إِسْحَاقُ فِي ذِي الرَّحِمِ.

     وَقَالَ  لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْجِعَ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَالِاحْتِجَاجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ يَطُولُ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ أَن الْوَلَد وَمَا لَهُ لِأَبِيهِ فَلَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ رُجُوعًا وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ رُجُوعًا فَرُبَّمَا اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةُ التَّأْدِيبِ وَنَحْوِ ذَلِك وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هِبَةِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْبَابِ بَعْدَهُ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا النَّدْبُ إِلَى التَّآلُفِ بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَتَرْكِ مَا يُوقِعُ بَيْنَهُمُ الشَّحْنَاءَ أَوْ يُورِثُ الْعُقُوقَ لِلْآبَاءِ وَأَنَّ عَطِيَّةَ الْأَبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ لَا تَحْتَاجُ إِلَى قَبْضٍ وَأَنَّ الْإِشْهَادَ فِيهَا يُغْنِي عَنِ الْقَبْضِ وَقِيلَ إِنْ كَانَتِ الْهِبَةُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ عَزْلِهَا وَإِفْرَازِهَا وَفِيهِ كَرَاهَةُ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فِيمَا لَيْسَ بِمُبَاحٍ وَأَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الْهِبَةِ مَشْرُوعٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَفِيهِ جَوَازُ الْمَيْلِ إِلَى بَعْضِ الْأَوْلَادِ وَالزَّوْجَاتِدُونَ بَعْضٍ وَإِنْ وَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنْ يَتَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهَا إِمَّا لِيَحْكُمَ فِي ذَلِكَ بِعِلْمِهِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهُ أَوْ يُؤَدِّيَهَا عِنْدَ بَعْضِ نُوَّابِهِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ اسْتِفْصَالُ الْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي عَمَّا يَحْتَمِلُ الْاسْتِفْصَالَ لِقَوْلِهِ أَلَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُ فَلَمَّا قَالَ نَعَمْ قَالَ أَفَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَهُ فَلَمَّا قَالَ لَا قَالَ لَا أَشْهَدُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَعَمْ لَشَهِدَ وَفِيهِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ الْهِبَةِ صَدَقَةً وَأَنَّ لِلْإِمَامِ كَلَامًا فِي مَصْلَحَةِ الْوَلَدِ وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى قَبُولِ الْحَقِّ وَأَمْرُ الْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي بِتَقْوَى اللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى سُوءِ عَاقِبَةِ الْحِرْصِ وَالتَّنَطُّعِ لِأَنَّ عَمْرَةَ لَوْ رَضِيَتْ بِمَا وَهَبَهُ زَوْجُهَا لِوَلَدِهِ لَمَا رَجَعَ فِيهِ فَلَمَّا اشْتَدَّ حِرْصُهَا فِي تَثْبِيتِ ذَلِكَ أَفْضَى إِلَى بُطْلَانِهِ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ فِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّ الْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ مِمَّنْ يَعْرِفُ مِنْهُ هُرُوبًا عَن بعض الْوَرَثَة وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ هِبَةِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا) أَيْ هَلْ يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  قَالَ إِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ .

     قَوْلُهُ  جَائِزَةٌ أَيْ فَلَا رُجُوعَ فِيهَا وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا وَهَبَتْ لَهُ أَوْ وَهَبَ لَهَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَطِيَّتُهُ وَوَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا وَهَبَتِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا أَوْ وَهَبَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ بِمَنْزِلَةِ ذِي الرَّحِمِ إِذَا وَهَبَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَرْجِعَانِ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ مِثْلَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ .

     قَوْلُهُ  وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.

     وَقَالَ  النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَهُوَ مَوْصُولٌ فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي وَوَجْهُ دُخُولِهِ فِي التَّرْجَمَةِ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبْنَ لَهَا مَا اسْتَحْقَقْنَ مِنَ الْأَيَّامِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ رُجُوعٌ أَيْ فِيمَا مَضَى وَإِنْ كَانَ لَهُنَّ الرُّجُوعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَهُوَ مَوْصُولٌ أَيْضًا فِي آخِرِهِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ بَابًا وَوَجْهُ دُخُولِهِ فِي التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ ذَمَّ الْعَائِدَ فِي هِبَتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَدَخَلَ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ تَمَسُّكًا بِعُمُومِهِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هَبِي لِي بعض صداقك الخ وَصله بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْهُ وَقَولُهُ فِيهِ خَلَبَهَا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ خَدَعَهَا وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ رَأَيْتُ الْقُضَاةَ يُقِيلُونَ الْمَرْأَةَ فِيمَا وَهَبَتْ لِزَوْجِهَا وَلَا يُقِيلُونَ الزَّوْجَ فِيمَا وَهَبَ لِامْرَأَتِهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ عَنْهُ مَنْقُولَةٌ وَرِوَايَةَ يُونُسَ عَنْهُ اخْتِيَارُهُ وَهُوَ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ خَدَعَهَا فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ أَوْ لَا فَلَا وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ أَقَامَتِ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ مُطْلَقًا وَإِلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَإِلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي نَقَلَهُ الزُّهْرِيُّ ذَهَبَ شُرَيْحٌ فَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ امْرَأَةً وَهَبَتْ لِزَوْجِهَا هِبَةً ثُمَّ رَجَعَتْ فِيهَا فَاخْتَصَمَا إِلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ لِلزَّوْجِ شَاهِدَاكَ أَنَّهَا وَهَبَتْ لَكَ مِنْ غَيْرِ كُرْهٍ وَلَا هَوَانٍ وَإِلَّا فَيَمِينُهَا لَقَدْ وَهَبَتْ لَكَ عَنْ كُرْهٍ وَهَوَانٍ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِنَّ النِّسَاءَ يُعْطِينَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً فَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَعْطَتْ زَوْجَهَا فَشَاءَتْ أَنْ تَرْجِعَ رَجَعَتْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَرُدُّ شَيْئًا إِذَا خَالَعَهَا وَلَوْ كَانَ مُضِرًّا بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ هِبَةِ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا وَعِتْقِهَا إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَهُوَ جَائِزٌ إِذَا لَمْ تَكُنْ سَفِيهَةً فَإِذَا كَانَتْ سَفِيهَةً لَمْ يَجُزْ.

     وَقَالَ  الله تَعَالَى وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم وَبِهَذَا الْحُكْمِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَ طَاوُسٌ فَمَنَعَ مُطْلَقًا وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُعْطِيَ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا وَلَوْ كَانَتْ رَشِيدَةً إِلَّا مِنَ الثُّلُثِ وَعَنِ اللَّيْثِ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا إِلَّا فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ وَأَدِلَّةُ الْجُمْهُورِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرَةٌ وَاحْتُجَّ لِطَاوِسٍ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ لَا تَجُوزُ عَطِيَّةُ امْرَأَةٍ فِي مَالِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ أَصَحُّ وَحَمَلَهَا مَالِكٌ عَلَى الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَجَعَلَ حَدَّهُ الثُّلُثَ فَمَا دُونَهُ وَذكر المُصَنّف مِنْهَا ثَلَاثَة أَحَادِيث الأول حَدِيث أَسمَاء

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ)
وَإِذَا أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ وَيُعْطِيَ الْآخَرَ مِثْلَهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَيُعْطِي الْآخَرِينَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ سَيَأْتِي مَوْصُولًا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ بِدُونِ قَوْلِهِ فِي الْعَطِيَّةِ وَهِيَ بِالْمَعْنَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ فَذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَلَفْظُهُ سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يُسَوُّوا بَيْنَكُمْ فِي الْبر وَيَأْتِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ يَعْنِي لِوَلَدِهِ وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَتَعَدَّى اشْتَمَلَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ الْأَوَّلُ الْهِبَةُ لِلْوَلَدِ وَإِنَّمَا تَرْجَمَ بِهِ لِيَرْفَعَ إِشْكَالَ مَنْ يَأْخُذُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ لِأَنَّ مَالَ الْوَلَدِ إِذَا كَانَ لِأَبِيهِ فَلَوْ وَهَبَ الْأَبُ وَلَدَهُ شَيْئًا كَانَ كَأَنَّهُ وَهَبَ نَفْسَهُ فَفِي التَّرْجَمَةِ إِشَارَةٌ إِلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَوْ إِلَى تَأْوِيلِهِ وَهُوَ حَدِيث أخرجه بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ عِيسَى بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَيُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَن بن الْمُنْكَدر.

     وَقَالَ  بن الْقَطَّانِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

     وَقَالَ  الْمُنْذِرِيُّ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الصَّغِيرِ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ فِيهَا قِصَّةٌ مُطَوَّلَةٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ فِي صَحِيحِ بن حِبَّانَ وَعَنْ سَمُرَةَ وَعَنْ عُمَرَ كِلَاهُمَا عِنْدَ الْبَزَّار وَعَن بن مَسْعُود عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَعَن بن عُمَرَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى فَمَجْمُوعُ طُرُقِهِ لَا تَحُطُّهُ عَنِ الْقُوَّةِ وَجَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ الْحُكْمُ الثَّانِي الْعَدْلُ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي الْهِبَةِ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ كَمَا سِيَأْتِي وَحَدِيثُ الْبَابِ عَنِ النُّعْمَانِ حُجَّةُ مَنْ أَوْجَبَهُ الثَّالِثُ رُجُوعُ الْوَالِدِ فِيمَا وَهَبَ لِلْوَلَدِ وَهِيَ خِلَافِيَّةٌ أَيْضًا وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ فَلَا يَرْجِعُ فِي الصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهَا ثَوَابُ الْآخِرَةِ وَحَدِيثُ الْبَابِ ظَاهِرٌ فِي الْجَوَازِ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيثِ لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُعْطِي عَطِيَّةً أَوْ يَهَبُ هِبَةً فَيَرْجِعُ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ أخرجه أَبُو دَاوُد وبن ماجة بِهَذَا اللَّفْظ من حَدِيث بن عَبَّاس وبن عُمَرَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ الرَّابِعُ أَكْلُ الْوَالِد من مَال الْوَلَد بِالْمَعْرُوفِ قَالَ بن الْمُنِيرِ وَفِي انْتِزَاعِهِ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ خَفَاءٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ لِلْأَبِ بِالِاتِّفَاقِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ فَلَأَنْ يَسْتَرْجِعَ مَا وَهَبَهُ لَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .

     قَوْلُهُ  وَاشْتَرَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُمَرَ بَعِيرًا ثمَّ أعطَاهُ بن عُمَرَ.

     وَقَالَ  اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي الْبُيُوعِ وَيَأْتِي أَيْضًا مَوْصُولًا بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا قَالَ بن بطال مُنَاسبَة حَدِيث بن عُمَرَ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ سَأَلَ عُمَرَ أَنْ يَهَبَ الْبَعِيرَ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ لَبَادَرَ إِلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَوْ فَعَلَ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا بَيْنَ بَنِي عُمَرَ فَلِذَلِكَ اشْتَرَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ ثُمَّ وَهَبَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْمُهَلَّبُ وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَلْزَمُ الْمَعْدِلَةُ فِيمَا يَهَبُهُ غَيْرُ الْأَبِ لِوَلَدِ غَيْرِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ

[ قــ :2474 ... غــ :2586] .

     قَوْلُهُ  عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ كَذَا لِأَكْثَرِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن بن شِهَابٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ النُّعْمَانِ وَحُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَاهُ عَنْ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ بَشِيرٍ فَشَذَّ بِذَلِكَ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النُّعْمَانِ وَبَشِيرٌ وَالِدُ النُّعْمَانِ هُوَ بن سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْجُلَاسِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ الْخَزْرَجِيُّ صَحَابِيٌّ شَهِيرٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَشَهِدَ غَيْرَهَا وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَيُقَالُ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقِيلَ عَاشَ إِلَى خِلَافَةِ عُمَرَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النُّعْمَانِ عَدَدٌ كَثِيرٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ وَأبي دَاوُد وَأَبُو الضُّحَى عِنْد النَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ وَأَحْمَدَ وَالطَّحَاوِيِّ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ الْمُهَلَّبِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَعَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَالشَّعْبِيُّ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأبي دَاوُد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وبن ماجة وبن حِبَّانَ وَغَيْرِهِمْ وَرَوَاهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَدَدٌ كَثِيرٌ أَيْضًا وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَاتِهِمْ مِنَ الْفَوَائِدِ الزَّائِدَةِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ مُفَصِّلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حِبَّانَ عَنِ الشَّعْبِيِّ سَبَبُ سُؤَالِهَا شَهَادَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ عَنِ النُّعْمَانِ قَالَ سَأَلَتْ أُمِّي أَبِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِي مِنْ مَالِهِ زَادَ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَالْتَوَى بهَا سنة أَي مطلها وَفِي رِوَايَة بن حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَعْدَ حَوْلَيْنِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّةَ كَانَتْ سَنَةً وَشَيْئًا فَجَبَرَ الْكَسْرَ تَارَةً وَأَلْغَى أُخْرَى قَالَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِي فَقَالَتْ لَهُ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَنَا غُلَامٌ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ أَخَذَ بِيَدِهِ فَمَشَى مَعَهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ وَحَمَلَهُ فِي بَعْضِهَا لِصِغَرِ سِنِّهُ أَوْ عَبَّرَ عَنِ اسْتِتْبَاعِهِ إِيَّاهُ بِالْحَمْلِ وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ الْبَابِ أَنَّ الْعَطِيَّةَ كَانَتْ غُلَامًا وَكَذَا فِي رِوَايَة بن حِبَّانَ الْمَذْكُورَةِ وَكَذَا لِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ وَحَدِيثِ جَابِرٍ مَعًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَرِيزٍ بِمُهْمَلَةٍ وَرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ بِوَزْنِ عَظِيم عِنْد بن حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النُّعْمَانَ خَطَبَ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ إِنَّ وَالِدِي بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ رَوَاحَةَ نَفِسَتْ بِغُلَامٍ وَإِنِّي سَمَّيْتُهُ النُّعْمَانَ وَإِنَّهَا أَبَتْ أَنْ تُرَبِّيَهُ حَتَّى جَعَلْتُ لَهُ حَدِيقَةً مِنْ أَفْضَلِ مَالٍ هُوَ لِي وَأَنَّهَا قَالَتْ أَشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَشْهَدُ عَلَى جور وَجمع بن حِبَّانَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِالْحَمْلِ عَلَى وَاقِعَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا عِنْدَ وِلَادَةِ النُّعْمَانِ وَكَانَتِ الْعَطِيَّةُ حَدِيقَةً وَالْأُخْرَى بعد أَن كبر النُّعْمَانُ وَكَانَتِ الْعَطِيَّةُ عَبْدًا وَهُوَ جَمْعٌ لَا بَأْسَ بِهِ إِلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَنْسَى بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ مَعَ جَلَالَتِهِ الْحُكْمَ فِي الْمَسْأَلَةِ حَتَّى يَعُودَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْتَشْهِدَهُ عَلَى الْعَطِيَّةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُ فِي الْأُولَى لَا أَشْهَدُ عَلَى جور وَجوز بن حِبَّانَ أَنْ يَكُونَ بَشِيرٌ ظَنَّ نَسْخَ الْحُكْمِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَمَلَ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِامْتِنَاعِ فِي الْحَدِيقَةِ الِامْتِنَاعُ فِي الْعَبْدِ لِأَنَّ ثَمَنَ الْحَدِيقَةِ فِي الْأَغْلَبِ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي وَجْهٌ آخَرَ مِنَ الْجَمْعِ يَسْلَمُ مِنْ هَذَا الْخَدْشِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى جَوَابٍ وَهُوَ أَنَّ عَمْرَةَ لَمَّا امْتَنَعَتْ مِنْ تَرْبِيَتِهِ إِلَّا أَنْ يَهَبَ لَهُ شَيْئًا يَخُصُّهُ بِهِ وَهَبَهُ الْحَدِيقَةَ الْمَذْكُورَةَ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَارْتَجَعَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ فَعَاوَدَتْهُ عَمْرَةُ فِي ذَلِكَ فَمَطَلَهَا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ طَابَتْ نَفْسُهُ أَنْ يَهَبَ لَهُ بَدَلَ الْحَدِيقَةِ غُلَامًا وَرَضِيَتْ عَمْرَةُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنَّهَا خَشِيَتْ أَنْ يَرْتَجِعَهُ أَيْضًا فَقَالَتْ لَهُ أَشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُرِيدُ بِذَلِكَ تَثْبِيتَ الْعَطِيَّةِ وَأَنْ تَأْمَنَ مِنْ رُجُوعِهِ فِيهَا وَيَكُونُ مَجِيئِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِشْهَادِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ الْأَخِيرَةُ وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْ بَعْضٌ أَوْ كَانَ النُّعْمَانُ يَقُصُّ بَعْضَ الْقِصَّةِ تَارَةً وَيَقُصُّ بَعْضَهَا أُخْرَى فَسَمِعَ كُلٌّ مَا رَوَاهُ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَمْرَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ بِنْتُ رَوَاحَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيَّةُ أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَالصَّحِيحُ الأول وَبِذَلِك ذكرهَا بن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا كَانَتْ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النِّسَاءِ وَفِيهَا يَقُولُ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَعَمْرَةُ مِنْ سَرَوَاتِ النِّسَاءِ تَنْفَحُ بِالْمِسْكِ أَرْدَانُهَا .

     قَوْلُهُ  إِنِّي نَحَلْتُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُهْمَلَةِ وَالنِّحْلَةُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ الْعَطِيَّةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ فَقَالَ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ قَالَ نَعَمْ.

     وَقَالَ  مُسْلِمٌ لَمَّا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ أَمَّا يُونُسُ وَمَعْمَرٌ فَقَالَا أَكُلَّ بَنِيكَ وَأما اللَّيْث وبن عُيَيْنَةَ فَقَالَا أَكُلَّ وَلَدِكَ.

.

قُلْتُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا وَذُكُورًا.

.
وَأَمَّا لَفْظُ الْبَنِينَ فَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانُوا إِنَاثًا وَذُكُورًا فَعَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ وَلَمْ يَذْكُرِ بن سَعْدٍ لِبَشِيرٍ وَالِدِ النُّعْمَانِ وَلَدًا غَيْرَ النُّعْمَانِ وَذَكَرَ لَهُ بِنْتًا اسْمُهَا أُبَيَّةُ بِالْمُوَحَّدَةِ تَصْغِيرُ أبي .

     قَوْلُهُ  نَحَلْتَ مِثْلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ عِنْد مُسلم فَقَالَ أكلهم وهبت لَهُ مثل هَذَا قَالَ لَا وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فَقَالَ أَلَكَ بَنُونَ سِوَاهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مثل هَذَا قَالَ لَا وَفِي رِوَايَة بن الْقَاسِمِ فِي الْمُوَطَّآتِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ فَارْجِعْهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَن بن شِهَابٍ قَالَ فَارْدُدْهُ وَلَهُ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ مِثْلُهُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ وَلِمُسْلِمٍ فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ فِي الشَّهَادَاتِ قَالَ لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَرِيزٍ الْمَذْكُورَةِ لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَقَدْ عَلَّقَ مِنْهَا الْبُخَارِيُّ هَذَا الْقَدْرَ فِي الشَّهَادَاتِ وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ فَقَالَ فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ لِيَشْهَدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي وَلَهُ وَلِلنَّسَائِيِّ فِي رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ مُرْسَلًا لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى الْحَقِّ لَا أَشْهَدُ بِهَذِهِ وَفِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَكَرِهَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي النِّحَلِ كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَعْدِلُوا بَيْنَكُمْ فِي الْبِرِّ وَفِي رِوَايَةِ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ إِنَّ لِبَنِيكَ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ فَلَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً قَالَ بَلَى قَالَ فَلَا إِذًا وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ كَمَا أَنَّ لَكَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ أَنْ يَبَرُّوكَ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الضُّحَى أَلَا سَوَّيْتَ بَيْنَهُمْ وَلَهُ وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ سَوِّ بَيْنَهُمْ وَاخْتِلَافُ الْأَلْفَاظِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَوْجَبَ التَّسْوِيَة فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.

     وَقَالَ  بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ ثُمَّ الْمَشْهُورُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَعَنْ أَحْمَدَ تَصِحُّ وَيَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ وَعَنْهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ إِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ كَأَنْ يَحْتَاجَ الْوَلَدُ لِزَمَانَتِهِ وَدَيْنِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ دُونَ الْبَاقِينَ.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ إِنْ قَصَدَ بِالتَّفْضِيلِ الْإِضْرَارَ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ مُسْتَحَبَّةٌ فَإِنْ فَضَّلَ بَعْضًا صَحَّ وَكُرِهَ وَاسْتُحِبَّتِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى التَّسْوِيَةِ أَوِ الرُّجُوعُ فَحَمَلُوا الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ وَالنَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ أَوْجَبَهُ أَنَّهُ مُقَدَّمَةُ الْوَاجِبِ لِأَنَّ قَطْعَ الرَّحِمِ وَالْعُقُوقَ مُحَرَّمَانِ فَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا يَكُونُ مُحَرَّمًا وَالتَّفْضِيلُ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ التَّسْوِيَةِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الْعَدْلُ أَنْ يُعْطِيَ الذَّكَرَ حَظَّيْنِ كَالْمِيرَاثِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ حَظُّهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ لَوْ أَبْقَاهُ الْوَاهِبُ فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَظَاهِرُ الْأَمر بالتسوية يشْهد لَهُم واستأنسوا بِحَدِيث بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ فَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلًا أَحَدًا لَفَضَّلْتُ النِّسَاءَ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَأَجَابَ مَنْ حَمَلَ الْأَمْرَ بِالتَّسْوِيَةِ عَلَى النَّدْبِ عَنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمَوْهُوبَ لِلنُّعْمَانِ كَانَ جَمِيعَ مَالِ وَالِدِهِ وَلِذَلِكَ مَنَعَهُ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْعِ التَّفْضِيلِ حَكَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ.

.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ النُّعْمَانِ صَرَّحَ بِالْبَعْضِيَّةِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ وَمِنْ أَبْعَدِ التَّأْوِيلَاتِ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ وَهَبَ جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ وَلَدِهِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سَحْنُونٌ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ فِي نَفْسِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ كَانَ غُلَامًا وَأَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ لَمَّا سَأَلَتْهُ الْأُمُّ الْهِبَةَ مِنْ بَعْضِ مَالِهِ قَالَ وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْهُ عَلَى الْقَطْعِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيره ثَانِيهَا أَن الْعَطِيَّة الْمَذْكُورَة لم تتنجز وَإِنَّمَا جَاءَ بَشِيرٌ يَسْتَشِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا تَفْعَلَ فَتَرَكَ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَفِي أَكْثَرِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ مَا يُنَابِذُهُ ثَالِثُهَا أَنَّ النُّعْمَانَ كَانَ كَبِيرًا وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْمَوْهُوبَ فَجَازَ لِأَبِيهِ الرُّجُوعُ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي أَكْثَرِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَيْضًا خُصُوصًا .

     قَوْلُهُ  ارْجِعْهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ وُقُوعِ الْقَبْضِ وَالَّذِي تَضَافَرَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا وَكَانَ أَبُوهُ قَابِضًا لَهُ لِصِغَرِهِ فَأَمَرَ برد الْعَطِيَّة الْمَذْكُورَة بعد مَا كَانَتْ فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ رَابِعُهَا أَنَّ قَوْلَهُ ارْجِعْهُ دَلِيلٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَوْ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ لَمْ يَصِحَّ الرُّجُوعُ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ لِأَنَّ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ خِلَافَ ذَلِكَ لَكِنِ اسْتِحْبَابُ التَّسْوِيَةِ رُجِّحَ عَلَى ذَلِكَ فَلِذَلِكَ أَمَرَهُ بِهِ وَفِي الِاحْتِجَاجِ بِذَلِكَ نَظَرٌ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ارْجِعْهُ أَيْ لَا تُمْضِ الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَقَدُّمُ صِحَّةِ الْهِبَةِ خَامِسُهَا أَنَّ قَوْلَهُ أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي إِذْنٌ بِالْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ الْإِمَامَ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَشْهَدُ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنَّمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَحْكُمَ حَكَاهُ الطَّحَاوِيّ أَيْضا وارتضاه بن الْقَصَّارِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَلَا مِنْ أَدَائِهَا إِذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ الْمُحْتَجُّ بِهَذَا أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا شَهِدَ عِنْدَ بَعْضِ نُوَّابِهِ جَازَ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ .

     قَوْلُهُ  أَشْهِدْ صِيغَةُ إِذْنٍ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ لِلتَّوْبِيخِ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْجُمْهُورُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

     وَقَالَ  بن حِبَّانَ .

     قَوْلُهُ  أَشْهِدْ صِيغَةُ أَمْرٍ وَالْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ الْجَوَازِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ لِعَائِشَةَ اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ انْتَهَى سَادِسُهَا التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ أَلَا سَوَّيْتَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ وَبِالنَّهْيِ التَّنْزِيهُ وَهَذَا جَيِّدٌ لَوْلَا وُرُودُ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الزَّائِدَةِ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَلَا سِيَّمَا أَنَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ بِعَيْنِهَا وَرَدَتْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ سَوِّ بَيْنَهُمْ سَابِعُهَا وَقَعَ عِنْدَ مُسلم عَن بن سِيرِينَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَحْفُوظَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ قَارِبُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ لَا سَوُّوا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمُخَالِفِينَ لَا يُوجِبُونَ الْمُقَارَبَةَ كَمَا لَا يُوجِبُونَ التَّسْوِيَةَ ثَامِنُهَا فِي التَّشْبِيهِ الْوَاقِعِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ بِالتَّسْوِيَةِ مِنْهُمْ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ لَكِنْ إِطْلَاقُ الْجَوْرِ عَلَى عَدَمِ التَّسْوِيَةِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ وَقَدْ قَالَ فِي آخِرِ الرِّوَايَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا التَّشْبِيهُ قَالَ فَلَا إِذًا تَاسِعُهَا عَمَلُ الْخَلِيفَتَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدَمِ التَّسْوِيَةِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَرَوَاهُ الْمُوَطَّأُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ نُحْلًا فَلَوْ كُنْتِ اخْتَرْتِيهِ لَكَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ لِلْوَارِثِ وَأما عمر فَذكره الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ نَحَلَ ابْنَهُ عَاصِمًا دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ وَقَدْ أَجَابَ عُرْوَةُ عَنْ قِصَّةِ عَائِشَةَ بِأَنَّ إِخْوَتَهَا كَانُوا رَاضِينَ بِذَلِكَ وَيُجَابُ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنْ قِصَّةِ عُمَرَ عَاشِرُ الْأَجْوِبَةِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى جَوَازِ عَطِيَّةِ الرَّجُلِ مَالَهُ لِغَيْرِ وَلَدِهِ فَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ جَمِيعَ وَلَدِهِ مِنْ مَالِهِ جَازَ لَهُ أَن يخرج عَن ذَلِك بَعضهم ذكره بن عَبْدِ الْبَرِّ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ لِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ أَيْ لَا أَشْهَدُ عَلَى مَيْلِ الْأَبِ لِبَعْضِ الْأَوْلَادِ دُونَ بَعْضٍ وَفِي هَذَا نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَيَرُدُّهُ .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى الْحق وَحكى بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ احْتَجَّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ حَدِيثِ النُّعْمَانِ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ فَرَّقُوا بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَقَالُوا لِلْأُمِّ أَنْ تَرْجِعَ إِنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا دُونَ مَا إِذَا مَاتَ وَقَيَّدُوا رُجُوعَ الْأَبِ بِمَا إِذَا كَانَ الِابْنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَسْتَحْدِثْ دَيْنًا أَوْ يَنْكِحْ وَبِذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ مُطْلَقًا.

     وَقَالَ  الْكُوفِيُّونَ إِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ صَغِيرًا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ وَكَذَا إِنْ كَانَ كَبِيرًا وَقَبَضَهَا قَالُوا وَإِنْ كَانَتِ الْهِبَةُ لِزَوْجٍ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ لِذِي رَحِمٍ لَمْ يَجُزِ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَوَافَقَهُمْ إِسْحَاقُ فِي ذِي الرَّحِمِ.

     وَقَالَ  لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْجِعَ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَالِاحْتِجَاجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ يَطُولُ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ أَن الْوَلَد وَمَا لَهُ لِأَبِيهِ فَلَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ رُجُوعًا وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ رُجُوعًا فَرُبَّمَا اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةُ التَّأْدِيبِ وَنَحْوِ ذَلِك وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هِبَةِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْبَابِ بَعْدَهُ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا النَّدْبُ إِلَى التَّآلُفِ بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَتَرْكِ مَا يُوقِعُ بَيْنَهُمُ الشَّحْنَاءَ أَوْ يُورِثُ الْعُقُوقَ لِلْآبَاءِ وَأَنَّ عَطِيَّةَ الْأَبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ لَا تَحْتَاجُ إِلَى قَبْضٍ وَأَنَّ الْإِشْهَادَ فِيهَا يُغْنِي عَنِ الْقَبْضِ وَقِيلَ إِنْ كَانَتِ الْهِبَةُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ عَزْلِهَا وَإِفْرَازِهَا وَفِيهِ كَرَاهَةُ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فِيمَا لَيْسَ بِمُبَاحٍ وَأَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الْهِبَةِ مَشْرُوعٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَفِيهِ جَوَازُ الْمَيْلِ إِلَى بَعْضِ الْأَوْلَادِ وَالزَّوْجَاتِ دُونَ بَعْضٍ وَإِنْ وَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنْ يَتَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهَا إِمَّا لِيَحْكُمَ فِي ذَلِكَ بِعِلْمِهِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهُ أَوْ يُؤَدِّيَهَا عِنْدَ بَعْضِ نُوَّابِهِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ اسْتِفْصَالُ الْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي عَمَّا يَحْتَمِلُ الْاسْتِفْصَالَ لِقَوْلِهِ أَلَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُ فَلَمَّا قَالَ نَعَمْ قَالَ أَفَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَهُ فَلَمَّا قَالَ لَا قَالَ لَا أَشْهَدُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَعَمْ لَشَهِدَ وَفِيهِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ الْهِبَةِ صَدَقَةً وَأَنَّ لِلْإِمَامِ كَلَامًا فِي مَصْلَحَةِ الْوَلَدِ وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى قَبُولِ الْحَقِّ وَأَمْرُ الْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي بِتَقْوَى اللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى سُوءِ عَاقِبَةِ الْحِرْصِ وَالتَّنَطُّعِ لِأَنَّ عَمْرَةَ لَوْ رَضِيَتْ بِمَا وَهَبَهُ زَوْجُهَا لِوَلَدِهِ لَمَا رَجَعَ فِيهِ فَلَمَّا اشْتَدَّ حِرْصُهَا فِي تَثْبِيتِ ذَلِكَ أَفْضَى إِلَى بُطْلَانِهِ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ فِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّ الْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ مِمَّنْ يَعْرِفُ مِنْهُ هُرُوبًا عَن بعض الْوَرَثَة وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ
وَإِذَا أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ وَيُعْطِيَ الآخَرُ مِثْلَهُ، وَلاَ يُشْهَدُ عَلَيْهِ..
     وَقَالَ  النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ».

وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ؟ وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ يَتَعَدَّى؟
"وَاشْتَرَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عُمَرَ بَعِيرًا ثُمَّ أَعْطَاهُ ابْنَ عُمَرَ.

     وَقَالَ : اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ".

( باب) حكم ( الهبة للولد) من الوالد ( وإذا أعطى) الوالد ( بعض ولده شيئًا لم يجز) له ذلك ( حتى يعدل بينهم ويعطي الآخرين مثله) وللحموي والمستملي ويعطى بضم أوّله وفتح ثالثه الآخر بالإفراد والرفع نائبًا عن الفاعل ( ولا يشهد عليه) مبني للمفعول والضمير في عليه للأب أي لا يسع الشهود أن يشهدوا على الأب إذا فضل بعض بنيه على بعض.

( وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما وصله في الباب اللاحق من حديث النعمان ( اعدلوا بين أولادكم في العطية) هبة أو هدية أو صدقة وسقط لفظ في العطية في الباب اللاحق، ( وهل للوالد أن يرجع في عطيته) التي أعطاها لولده نعم له ذلك وكذا سائر الأصول من الجهتين ولو مع اختلاف الدين من دون حكم الحاكم سواء أقبضها الولد أم لا غنيًّا كان أو فقيرًا صغيرًا أو كبيرًا لحديث الترمذي والحاكم وصححاه لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلاّ الوالد فيما يعطي لولده، والوالد يشمل كل الأصول إن حمل اللفظ على حقيقته ومجازه وإلاّ لحق به بقية الأصول بجامع أن لكل ولادة كما في النفقة ( و) حكم ( ما يأكل) الوالد ( من مال ولده بالمعروف) إذا احتاج ( ولا يتعدى) ، لكن قال ابن المنير: وفي انتزاعه من حديث الباب خفاء وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند الحاكم مرفوعًا "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه فكلوا من مال أولادكم".

( واشترى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما وصله المؤلّف في كتاب البيوع في حديث طويل ( من عمر) ابن الخطاب ( بعيرًا ثم أعطاه) ( ابن عمر وقال) عليه الصلاة والسلام ( اصنع به ما شئت) فيه تأكيد للتسوية بين الأولاد في الهبة لأنه عليه الصلاة والسلام لو سأل عمر أن يهبه لابن عمر لم يكن عدلاً بين بني عمر، فلذلك اشتراه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم وهبه له وفيه دليل على أن الأجنبي يجوز له أن يخص بالهبة بعض ولد صديقه دون بعض ولا يعدّ ذلك جورًا.


[ قــ :2474 ... غــ : 2586 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: "أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَمًا.
فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟ قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَارْجِعْهُ".
[الحديث 2576 - طرفاه في: 2587، 2650] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن حميد بن عبد الرحمن) بضم الحاء المهملة ابن عوف ( ومحمد بن النعمان بن بشير) بفتح المؤكدة وكسر المعجمة ابن سعد بن ثعلبة بن الجلاس بضم الجيم وتخفيف اللام آخره سين مهملة التابعي ( أنهما حدّثاه عن النعمان بن بشير أن أباه) بشير بن سعد بن ثعلبة ( أتى به إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: إني نحلت) بفتح النون والحاء المهملة وسكون اللام أي أعطيت ( ابني هذا) النعمان ( غلانًا) لم يسم ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( أكل ولدك نحلت) أي أعطيت ( مثله) : وهمزة أكل للاستفهام على طريق الاستخبار وكل منصوب بقوله نحلت، ولمسلم من رواية أبي حيان فقال: أكلهم وهبت لهم مثل هذا ( قال: لا) وفي الموطآت للدارقطني من رواية ابن القاسم قال: لا والله يا رسول الله ( قال) ( فارجعه) بهمزة وصل ولمسلم من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال: فاردده وتمسك به من أوجب التسوية في عطية الأولاد، وبه صرح البخاري وهو مذهب طاوس والثوري، وحمل الجمهور الأمر على الندب والنهي على التنزيه فيكره للوالد وإن علا أن يهب لأحد ولديه أكثر من الآخر ولو ذكرًا لئلا يفضي ذلك إلى العقوق، وفارق الإرث بأن الوارث راضٍ بما فرض الله له بخلاف هذا، وبأن الذكر والأُنثى إنما يختلفان في الميراث بالعصوبة أما بالرحم المجردة فهما سواء كالأخوة والأخوات من الأم، والهبة للأولاد أمر بها صلة للرحم.
نعم إن تفاوتوا حاجة قال ابن الرفعة: فليس من التفضيل والتخصيص المحذور السابق وإذا ارتكب التفضيل المكروه فالأولى أن يعطي الآخرين ما يحصل به العدل ولو رجع جاز بل حكي في البحر استحبابه.
قال الأسنوي: ويتجه أن يكون محل جوازه أو استحبابه في الزائد وعن أحمد تصح التسوية، ويجب أن يرجع عنه يجوز التفاضل إن كان له سبب كأن يحتاج الولد لزمانته أو دينه أو نحو ذلك دون الباقين، وقال أبو يوسف: تجب التسوية إن قصد بالتفضيل الإضرار.

وفي هذا الحديث رواية الابن عن أبيه ورواته كلهم مدنيون إلاّ شيخ المؤلّف، وأخرجه أيضًا في الهبة والشهادات، ومسلم في الفرائض، والترمذي في الأحكام، والنسائي في النحل، وابن ماجه في الأحكام والله الموفق.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ الهِبَةِ لِلْولدِ وَإِذا أعْطاى بَعْضَ ولَدِه لم يَجُزْ حتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ ويُعْطِيَ الآخَرِينَ مِثْلَهُ وَلَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم هبة الْوَالِد لوَلَده، وَإِذا أعْطى أَي: الْأَب بعض وَلَده شَيْئا لم يجز حَتَّى يعدل، يَعْنِي: فِي الْعَطاء للْكُلّ وَيُعْطِي الآخرين، أَي: الْأَوْلَاد الآخرين، وَهَذِه رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: وَيُعْطى الآخر، بِصِيغَة الْإِفْرَاد.
وَصدر التَّرْجَمَة بِالْهبةِ للْوَلَد لدفع إِشْكَال من يَأْخُذ بِظَاهِر حَدِيث: أَنْت وَمَالك لأَبِيك، فَإِن المَال إِذا كَانَ للْأَب فَلَو وهب مِنْهُ شَيْئا لوَلَده كَانَ كَأَنَّهُ وهب مَال نَفسه لنَفسِهِ،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فَفِي التَّرْجَمَة إِشَارَة إِلَى ضعف هَذَا الحَدِيث أَو إِلَى تَأْوِيله.
قلت: بِأَيّ وَجه تدل هَذِه التَّرْجَمَة على ضعف هَذَا الحَدِيث؟ فَلَا وَجه لذَلِك أصلا على أَن الحَدِيث الْمَذْكُور صَحِيح، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي (سنَنه) : حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس حَدثنَا يُوسُف بن إِسْحَاق بن أبي إِسْحَاق السبيعِي عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر: أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله { إِن لي مَالا وَولدا.
وَإِن أبي يُرِيد أَن يجتاح مَال.
قَالَ: (أَنْت وَمَالك لأَبِيك) .
قَالَ ابْن الْقطَّان: إِسْنَاده صَحِيح..
     وَقَالَ  الْمُنْذِرِيّ: رِجَاله ثِقَات،.

     وَقَالَ  فِي (التَّنْقِيح) : ويوسف بن إِسْحَاق من الثِّقَات الْمخْرج لَهُم فِي (الصَّحِيحَيْنِ) قَالَ: وَقَول الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ: غَرِيب، تفرد بِهِ عِيسَى عَن يُوسُف، لَا يضرّهُ، فَإِن غرابة الحَدِيث والتفرد بِهِ لَا يُخرجهُ عَن الصِّحَّة.
وَطَرِيق آخر أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي (الصَّغِير) وَالْبَيْهَقِيّ فِي (دَلَائِل النُّبُوَّة) فِي حَدِيث جَابر، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله}
إِن أَبِيه يُرِيد أَن يَأْخُذ ماليه ... الحَدِيث، بِطُولِهِ، وَفِي آخِره: قَالَ: بَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ أَخذ بتلابيب ابْنه،.

     وَقَالَ  لَهُ: (إذهب، فَأَنت وَمَالك لأَبِيك) .
وَفِيه: عَن عَائِشَة أَيْضا، رَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) : أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَاصم أَبَاهُ فِي دين لَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَنْت وَمَالك لأَبِيك) .
وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب أخرجه الْبَزَّار فِي (مُسْنده) وَالطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه) ، فَذكره بِلَفْظ ابْن مَاجَه.
وَعَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه الْبَزَّار فِي (مُسْنده) عَنهُ مَرْفُوعا بِلَفْظ ابْن مَاجَه، وَفِي سَنَده مقَال.
وَعَن ابْن مَسْعُود أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه) : أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل: (أَنْت وَمَالك لأَبِيك) ، وَفِيه مقَال، وَعَن ابْن عمر أخرجه أَبُو يعلى فِي (مُسْنده) عَنهُ مَرْفُوعا بِلَفْظ ابْن مَسْعُود.

قَوْله: (وَإِذا أعْطى بعض وَلَده) إِلَى قَوْله: (مثله) .
وَاخْتلف الْعلمَاء من التَّابِعين وَغَيرهم فِيهِ، فَقَالَ طَاوُوس وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَمُجاهد وَعُرْوَة وَابْن جريج وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ وَابْن شبْرمَة وَأحمد وَإِسْحَاق وَسَائِر الظَّاهِرِيَّة: أَن الرجل إِذا نحل بعض بنيه دون بعض فَهُوَ بَاطِل..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: اخْتلف فِي ذَلِك عَن أَحْمد، وَأَصَح شَيْء عَنهُ فِي ذَلِك مَا ذكره الخرفي فِي (مُخْتَصره) عَنهُ، قَالَ: وَإِذا فضل بعض وَلَده فِي الْعَطِيَّة أَمر برده، فَإِن مَاتَ وَلم يردهُ فقد ثَبت لمن وهب لَهُ، إِذا كَانَ ذَلِك فِي صِحَّته، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث النُّعْمَان ابْن بشير، يَقُول: نَحَلَنِي أبي غُلَاما، فأمرتني أُمِّي أَن أذهب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأشهده على ذَلِك، فَقَالَ: أكل ولدك أَعْطيته؟ فَقَالَ: لَا.
قَالَ: فاردده، أخرجه الجماهير غير أبي دَاوُد،.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ وَاللَّيْث بن سعد وَالقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ فِي رِوَايَة: يجوز أَن ينْحل لبَعض وَلَده دون بعض، وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِيهِ مفصلا.
قَوْله: (وَلَا يشْهد عَلَيْهِ) ، أَي: على الْأَب، و: لَا يشْهد، على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ عطف على قَوْله: لم يجز،.

     وَقَالَ  أَيْضا: وَفِي بعض الرِّوَايَات: و: يشْهد، بِدُونِ كلمة: لَا، وَالْأولَى هِيَ الْمُنَاسبَة لحَدِيث عمر،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: مَعْنَاهُ الرَّد لفعل الْأَب إِذا فضل بعض بنيه، وَأَنه لَا يسع الشُّهُود أَن يشْهدُوا على ذَلِك.

وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْدِلوا بَيْنَ أوْلاَدِكُمْ فِي العطِيَّةِ
هَذَا التَّعْلِيق يَأْتِي مَوْصُولا فِي الْبابُُ الثَّانِي من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِدُونِ قَوْله: فِي الْعَطِيَّة، وروى الطَّحَاوِيّ، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا آدم، قَالَ: حَدثنَا وَرْقَاء عَن الْمُغيرَة عَن الشّعبِيّ، قَالَ: سَمِعت النُّعْمَان على منبرنا هَذَا يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (سووا بَين أَوْلَادكُم فِي الْعَطِيَّة كَمَا تحبون أَن يسووا بَيْنكُم فِي الْبر) .

وهَلْ لِلْوالِدِ أنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ وَمَا يأْكُلُ مِنْ مالِ ولدِهِ بالْمَعْرُوفِ وَلَا يتَعَدَّى
هَذَا الَّذِي ذكره مَسْأَلَتَانِ: الأول: أَن الْأَب إِذا وهب لِابْنِهِ، هَل لَهُ أَن يرجع؟ فِيهِ خلاف، فَعِنْدَ طَاوُوس وَعِكْرِمَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق: لَيْسَ للْوَاهِب أَن يرجع فِيمَا وهب، إلاَّ الَّذِي ينحله الْأَب لِابْنِهِ، وَغير الْأَب من الْأُصُول كَالْأَبِ، عِنْد الشَّافِعِي فِي الْأَصَح.
وَفِي (التَّوْضِيح) : لَا رُجُوع فِي الْهِبَة إلاَّ لِلْأُصُولِ، أَبَا كَانَ أَو أما أَو جدا، وَلَيْسَ لغير الْأَب الرُّجُوع عِنْد مَالك وَأكْثر أهل الْمَدِينَة، إلاَّ أَن عِنْدهم أَن الْأُم لَهَا الرُّجُوع أَيْضا مِمَّا وهبت لولدها إِذا كَانَ أَبوهُ حَيا، هَذَا هُوَ الْأَشْهر عِنْد مَالك، وَرُوِيَ عَنهُ الْمَنْع، وَلَا يجوز عِنْد أهل الْمَدِينَة أَن ترجع الْأُم مَا وهبت ليتيم من وَلَدهَا، كَمَا لَا يجوز الرُّجُوع فِي الْعتْق وَالْوَقْف وأشباهه.
انْتهى.
وَعند أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة: لَا رُجُوع فِيمَا يَهبهُ لكل ذِي رحم محرم بِالنّسَبِ، كالابن وَالْأَخ وَالْأُخْت وَالْعم والعمة.
وكل من لَو كَانَ امْرَأَة لَا يحل لَهُ أَن يَتَزَوَّجهَا، وَبِه قَالَ طَاوُوس وَالْحسن وَأحمد وَأَبُو ثَوْر.

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: أكل الْوَلَد من مَال الْوَلَد بِالْمَعْرُوفِ يجوز.
وروى الْحَاكِم مَرْفُوعا من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن أطيب مَا أكل الرجل من كَسبه، وَأَن وَلَده من كَسبه، فَكُلُوا من مَال أَوْلَادكُم، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا،.

     وَقَالَ : حَدِيث حسن، وَعند أبي حنيفَة: يجوز للْأَب الْفَقِير أَن يَبِيع عَرَضَ ابْنه الْغَائِب لأجل النَّفَقَة، لِأَن لَهُ تملك مَال الابْن عِنْد الْحَاجة، وَلَا يَصح بيع عقاره لأجل النَّفَقَة..
     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد: لَا يجوز فيهمَا، وَأَجْمعُوا أَن الْأُم لَا تبيع مَال وَلَدهَا الصَّغِير وَالْكَبِير، كَذَا فِي (شرح الطَّحَاوِيّ) .

واشْتَرَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ عُمَرَ بَعِيراً ثُمَّ أعْطَاهُ ابنَ عُمَرَ.

     وَقَالَ  اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ
هَذَا قِطْعَة من حَدِيث مضى فِي كتاب الْبيُوع فِي: بابُُ إِذا اشْترى شَيْئا فوهب من سَاعَته، فأرجع فراجع إِلَيْهِ تقف عَلَيْهِ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: مُنَاسبَة حَدِيث ابْن عمر للتَّرْجَمَة أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَو سَأَلَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن يهب الْبَعِير لِابْنِهِ عبد الله لبادر إِلَى ذَلِك، وَلكنه لَو فعل لم يكن عدلا بَين بني عمر، فَلذَلِك اشْتَرَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عمر ثمَّ وهبه لعبد الله، وَهَذَا يدل على مَا بوب لَهُ البُخَارِيّ من التَّسْوِيَة بَين الْأَبْنَاء فِي الْهِبَة.

وَاخْتلف الْفُقَهَاء فِي معنى التَّسْوِيَة: هَل هُوَ على الْوُجُوب أَو على النّدب؟ فَأَما مَالك وَاللَّيْث وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فأجازوا أَن يخص بعض بنيه دون بعض بالنحلة والعطية، على كَرَاهِيَة من بَعضهم، والتسوية أحب إِلَى جَمِيعهم..
     وَقَالَ  الشَّافِعِي: ترك التَّفْضِيل فِي عَطِيَّة الْأَبْنَاء فِيهِ حسن الْأَدَب، وَيجوز لَهُ ذَلِك فِي الحكم، وَكره الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك وَأحمد أَن يفضل بعض وَلَده على بعض فِي العطايا، وَكَانَ إِسْحَاق يَقُول مثل هَذَا، ثمَّ رَجَعَ إِلَى مثل قَول الشَّافِعِي..
     وَقَالَ  الْمُهلب: وَفِي الحَدِيث دلَالَة على أَنه لَا تلْزم المعدلة فِيمَا يَهبهُ غير الْأَب لولد غَيره.



[ قــ :2474 ... غــ :2586 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ ومُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ بنَ بَشِيرٍ أنَّهُما حدَّثاه عنِ النُّعْمانِ ابنَ بَشيرٍ أنَّ أبَاهُ أَتى بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إنِّي نَحَلْتُ ابْني هذَا غُلاماً فَقَالَ أكُلَّ ولَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ قَالَ لَا قَالَ فارْجِعْهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن التَّرْجَمَة فِيمَا إِذا أعْطى لبَعض وَلَده لم يجز حَتَّى يعدل وَيُعْطِي الآخرين مثله، والْحَدِيث يتَضَمَّن هَذَا على مَا لَا يخفى.

ذكر رِجَاله: عبد الله بن يُوسُف التنيسِي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَقد تكَرر ذكره، وَمَالك بن أنس وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَحميد، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة: ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَقد مر فِي الْإِيمَان، وَمُحَمّد بن النُّعْمَان بن بشير الْأنْصَارِيّ، ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات التَّابِعين،.

     وَقَالَ  الْعجلِيّ: هُوَ تَابِعِيّ ثِقَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة إلاَّ أَبَا دَاوُد، والنعمان، بِضَم النُّون: ابْن بشير ضد النذير ابْن سعد بن ثَعْلَبَة بن الْجلاس، بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف اللَّام: الْأنْصَارِيّ الخزرجي، وَأَبوهُ بشير من الْبَدْرِيِّينَ، قيل: إِنَّه أول من بَايع أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من الْأَنْصَار بالخلافة، وَقتل يَوْم عين التَّمْر مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، سنة ثِنْتَيْ عشرَة بعد انْصِرَافه من الْيَمَامَة.

حَتَّى ص 441
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة التَّثْنِيَة فِي مَوضِع.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التابعيين عَن الصَّحَابِيّ.
وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون إلاَّ شَيْخه فَإِنَّهُ فِي الأَصْل من دمشق وَسكن تنيس.
وَفِيه: عَن النُّعْمَان بن بشير، كَذَا هُوَ لأكْثر أَصْحَاب الزُّهْرِيّ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن ابْن شهَاب: أَن مُحَمَّد بن النُّعْمَان وَحميد بن عبد الرَّحْمَن حَدثنَا عَن بشير بن سعلة، فَجعله من مُسْند بشير، فشذ بذلك، وَالْمَحْفُوظ أَنه عَنْهُمَا عَن النُّعْمَان بن بشير، وروى هَذَا الحَدِيث عَن النُّعْمَان عدد كثير من التَّابِعين، مِنْهُم: عُرْوَة بن الزبير عِنْد مُسلم، وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، وَأَبُو الضُّحَى عِنْد النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَأحمد والطَّحَاوِي، والمفضل بن الْمُهلب عِنْد أَحْمد وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، وَعبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عِنْد أَحْمد، وَعون بن عبد الله عِنْد أبي عوَانَة، وَالشعْبِيّ فِي (الصَّحِيحَيْنِ) وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان وَغَيرهم، وَرَوَاهُ عَن الشّعبِيّ عدد كثير أَيْضا.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْهِبَة من رِوَايَة الشّعبِيّ عَن النُّعْمَان عَن حَامِد ابْن عمر، وَفِي الشَّهَادَات عَن عَبْدَانِ عَن ابْن الْمُبَارك.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مَالك فِي الْفَرَائِض عَن يحيى بن يحيى عَنهُ وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن أبي عمر وَعَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح وَعَن حَرْمَلَة وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن عبد بن حميد.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَحْكَام عَن نصر بن عَليّ وَسَعِيد بن عبد الرحمان وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي النَّحْل عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور عَن سُفْيَان بِهِ وَعَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن مَالك بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن هَاشم عَن الْوَلِيد بن مُسلم وَعَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان وَعَن عَمْرو بن عُثْمَان.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَحْكَام عَن هِشَام بن عمار، وَمن طَرِيق الشّعبِيّ أخرجه مُسلم فِي الْفَرَائِض عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن يحيى بن يحيى وَعَن أبي بكر عَن عَليّ وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن أَحْمد بن عُثْمَان.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْبيُوع عَن أَحْمد بن حَنْبَل.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي النَّحْل عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْملك وَعَن مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن.
وَعَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي وَفِي الْقَضَاء عَن مُحَمَّد بن قدامَة.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَحْكَام عَن بكر بن خلف.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَن أَبَاهُ) هُوَ: بشير بن سعد.
قَوْله: (إِنِّي نحلت) ، بالنُّون والحاء الْمُهْملَة، يُقَال: نحله أنحله نحلاً، بِضَم النُّون، أَي: أَعْطيته، ونحلت للْمَرْأَة مهرهَا أنحلها نحلة، بِكَسْر النُّون، هَكَذَا اقْتصر فِي النحلة على الْكسر، وَحكى غَيره فِيهَا الْوَجْهَيْنِ: الضَّم وَالْكَسْر، والنحلى، بِالضَّمِّ على وزن: فعلى: الْعَطِيَّة.
قَوْله: (هَذَا غُلَاما)

.
قَوْله: (أكل ولدك؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار، و: كل، مَنْصُوب بقوله: نحلت، وَفِي رِوَايَة ابْن حبَان: أَلَك ولد سواهُ؟ قَالَ: نعم.
وَفِي رِوَايَة لمُسلم: أكل بنيك؟ .
فَإِن قلت: مَا التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ؟ قلت: لَا مُنَافَاة بَينهمَا، لِأَن لفظ: الْوَلَد، يَشْمَل مَا لَو كَانُوا ذُكُورا أَو إِنَاثًا وذكورا، وَأما لفظ: الْبَنِينَ، فالذكور فيهم ظَاهر، وَإِن كَانَ فيهم إناث فَيكون على سَبِيل التغليب، وَلم يذكر مُحَمَّد بن سعد لبشير بن سعد وَالِد النُّعْمَان ولدا غير النُّعْمَان، وَذكر لَهُ بِنْتا اسْمهَا: أبيَّة، مصغر أبي.
وَالله أعلم.
قَوْله: (قَالَ: فأرجعه) ، أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرجع مَا نحلته لابنك.
اخْتلف فِي هَذَا اللَّفْظ، فَفِي بعض الرِّوَايَات: فاردده، وَفِي رِوَايَة: فَرده، وَفِي رِوَايَة: فَرد عطيته، وَفِي رِوَايَة: اتَّقوا الله واعدلوا بَين أَوْلَادكُم، وَفِي رِوَايَة: قاربوا بَين أَوْلَادكُم، روى: قاربوا بِالْبَاء الْمُوَحدَة وبالنون.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهِ جمَاعَة على أَن من نحل بعض بنيه دون بعض فَهُوَ بَاطِل، فَعَلَيهِ أَن يرجع حَتَّى يعدل بَين أَوْلَاده، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً وَبَقِي الْكَلَام فِي تَحْقِيق هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من غير وَجه عَن النُّعْمَان بن بشير، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن النُّعْمَان، وَحميد بن عبد الرَّحْمَن عَن النُّعْمَان مثل حَدِيث الْبابُُ ثمَّ قَالَ: وَاحْتج بِهِ قوم على أَن الرجل إِذا نحل بعض بنيه دون بعض أَنه بَاطِل، ثمَّ قَالَ: وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ، وَحَاصِل كَلَامه أَنهم جوزوا ذَلِك، ثمَّ قَالَ مَا ملخصه: إِن الحَدِيث الْمَذْكُور لَيْسَ فِيهِ أَن النُّعْمَان كَانَ صَغِيرا حِينَئِذٍ، وَلَعَلَّه كَانَ كَبِيرا، وَلم يكن قَبضه.
وَقد روى أَيْضا على معنى غير مَا فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، وَهُوَ أَن النُّعْمَان قَالَ: انْطلق بِي أبي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونحلني نحلاً ليشهده على ذَلِك، فَقَالَ: (أَو كل ولدك نحلته مثل هَذَا؟ فَقَالَ: لَا.
قَالَ: أَيَسُرُّك أَن يَكُونُوا إِلَيْك فِي الْبر كلهم سَوَاء؟ قَالَ: بلَى.
قَالَ: فَأشْهد على هَذَا غَيْرِي) .
فَهَذَا لَا يدل على فَسَاد العقد الَّذِي كَانَ عقده للنعمان، وَأما امْتِنَاعه عَن الشَّهَادَة فَلِأَنَّهُ كَانَ متوقياً عَن مثل ذَلِك، وَلِأَنَّهُ كَانَ إِمَامًا، وَالْإِمَام لَيْسَ من شَأْنه أَن يشْهد، وَإِنَّمَا من شَأْنه أَن يحكم.
وَقد اعْترض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يلْزم من كَون الإِمَام لَيْسَ من شَأْنه أَن يشْهد أَن يمْتَنع من تحمل الشَّهَادَة، وَلَا من أَدَائِهَا إِذا تعيّنت عَلَيْهِ.
قلت: لَا يلْزم أَيْضا أَن لَا يمْتَنع من تحمل الشَّهَادَة، فَإِن التَّحَمُّل لَيْسَ بمتعين، لَا سِيمَا فِي حق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِأَن مقَامه أجل من ذَلِك، وكلامنا فِي التَّحَمُّل لَا فِي الْأَدَاء، إِذا تحمل.
فَافْهَم.
ثمَّ روى الطَّحَاوِيّ حَدِيث النُّعْمَان الْمَذْكُور من رِوَايَة الشّعبِيّ عَنهُ كَمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ، على مَا يَأْتِي، وَلَيْسَ فِيهِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره برد الشَّيْء، وَإِنَّمَا فِيهِ الْأَمر بالتسوية.
فَإِن قلت: فِي رِوَايَة البُخَارِيّ: (فَرجع فَرد عطيته؟) قلت: رده عطيته فِي هَذِه الرِّوَايَات بِاخْتِيَارِهِ هُوَ لَا بِأَمْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سمع عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (فَاتَّقُوا الله واعدلوا بَين أَوْلَادكُم) .
فَإِن قلت: فِي حَدِيث الْبابُُ الْأَمر بِالرُّجُوعِ صَرِيحًا حَيْثُ قَالَ: (فارجعه) قلت: لَيْسَ الْأَمر على الْإِيجَاب، وَإِنَّمَا هُوَ من بابُُ الْفضل وَالْإِحْسَان، ألاَ ترى إِلَى حَدِيث أنس رَوَاهُ الْبَزَّار فِي (مُسْنده) عَنهُ: (أَن رجلا كَانَ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فجَاء ابْن لَهُ فَقبله وَأَجْلسهُ على فَخذه، وجاءته بنية لَهُ فأجلسها بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (ألاَ سويت بَينهمَا؟) انْتهى.
وَلَيْسَ هَذَا من بابُُ الْوُجُوب، وَإِنَّمَا هُوَ من بابُُ الْإِنْصَاف وَالْإِحْسَان.