هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2108 حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي العَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلًا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالعَرَايَا : نَخَلاَتٌ مَعْلُومَاتٌ تَأْتِيهَا فَتَشْتَرِيهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2108 حدثنا محمد هو ابن مقاتل ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلا قال موسى بن عقبة والعرايا : نخلات معلومات تأتيها فتشتريها
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn `Umar from Zaid bin Thabit:

Allah's Messenger (ﷺ) allowed the sale of 'Araya by estimating the dates on them for measured amounts of dried dates. Musa bin `Uqba said, Al- 'Araya were distinguished date palms; one could come and buy them (i.e. their fruits).

Zayd ibn Thâbit (radiallahanho): Le Messager d'Allah (salallahou alayhi wa sallam) donna la permission de vendre par conjecture les arâya contre des [dattes] mesurées. Musa ibn 'Uqba: Les arâya sont des palmiers bien précis dont on achète [les dattes].

Zayd ibn Thâbit (radiallahanho): Le Messager d'Allah (salallahou alayhi wa sallam) donna la permission de vendre par conjecture les arâya contre des [dattes] mesurées. Musa ibn 'Uqba: Les arâya sont des palmiers bien précis dont on achète [les dattes].

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2192] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا مُحَمَّد كَذَا للأكبر غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ هُوَ بن مقَاتل وَعبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَالْعَرَايَا نَخَلَاتٌ مَعْلُومَاتٌ تَأْتِيهَا فَتَشْتَرِيهَا أَيْ تَشْتَرِي ثَمَرَتَهَا بِتَمْرٍ مَعْلُومٍ وَكَأَنَّهُ اخْتَصَرَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَنْهُ إِلَّا هَكَذَا وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ عَرَوْتَ إِذَا أَتَيْتَ وَتَرَدَّدْتَ إِلَيْهِ لَا مِنَ الْعُرْيِ بِمَعْنَى التَّجَرُّدِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْعَرِيَّةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخَلَاتِ لِطَعَامِ أَهْلِهِ رُطَبًا بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ أَنَّ الْعَرِيَّةَ النَّخْلَةُ تُجْعَلُ لِلْقَوْمِ فَيَبِيعُونَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ كَأَنَّ الشَّافِعِيَّ اعْتَمَدَ فِي تَفْسِيرِ الْعَرِيَّةِ عَلَى قَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَلَيْسَ يَحْيَى صَحَابِيًّا حَتَّى يُعْتَمَدَ عَلَيْهِ مَعَ مُعَارَضَةِ رَأْيِ غَيْرِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ وَتَفْسِيرُ يَحْيَى مَرْجُوحٌ بِأَنَّهُ عَيَّنُ الْمُزَابَنَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا فِي قِصَّةٍ لَا تُرْهَقُ إِلَيْهَا حَاجَةٌ أَكِيدَةٌ وَلَا تَنْدَفِعُ بِهَا مَفْسَدَةٌ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي لَهَا بِالتَّمْرِ مُتَمَكِّنٌ مِنْ بَيْعِ ثَمَرِهِ بِعَيْنٍ وَشِرَائِهِ بِالْعَيْنِ مَا يُرِيدُ مِنَ الرُّطَبِ فَإِنْ قَالَ يَتَعَذَّرُ هَذَا قِيلَ لَهُ فَأَجِزْ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الرُّطَبُ عَلَى النَّخْلِ وَهُوَ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ انْتَهَى وَالشَّافِعِيُّ أَقْعَدُ بِاتِّبَاعِ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهَا نَاطِقَةٌ بِاسْتِثْنَاءِ الْعَرَايَا مِنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ.

.
وَأَمَّا إِلْزَامُهُ الْأَخِيرُ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ وَقَعَتْ مُقَيَّدَةً بِقَيْدٍ فَيُتَّبَعُ الْقَيْدُ وَهُوَ كَون الرطب على رُؤُوس النَّخْلِ مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الشَّافِعِيَّةِ ذَهَبُوا إِلَى إِلْحَاقِ الرُّطَبِ بَعْدَ الْقَطْعِ بِالرُّطَبِ عَلَى رُؤُوس النَّخْلِ بِالْمَعْنَى كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ تَفْسِيرِ الْعَرَايَا فِي الْأَحَادِيثِ لَا يُخَالِفُهُ الشَّافِعِيُّ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ الْعَرِيَّةُ الرَّجُلُ يُعْرِي الرَّجُلَ النَّخْلَةَ أَوِ الرَّجُلُ يَسْتَثْنِي مِنْ مَالِهِ النَّخْلَةَ يَأْكُلُهَا رُطَبًا فَيَبِيعُهَا تَمْرًا.

     وَقَالَ  أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ سَمِعْنَا فِي تَفْسِيرِ الْعَرِيَّةِ أَنَّهَا النَّخْلَةُ يَرِثُهَا الرَّجُلُ أَوْ يَشْتَرِيهَا فِي بُسْتَانِ الرَّجُلِ وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِصُورَةٍ مِنَ الصُّوَرِ الْوَارِدَةِ فِي تَفْسِيرِ الْعَرِيَّةِ وَمَنَعَ غَيْرَهَا.

.
وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ بِهَا كُلِّهَا وَنَظَمَهَا فِي ضَابِطٍ يَجْمَعُهَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ( قَولُهُ بَابُ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا) يَبْدُو بِغَيْرِ هَمْزٍ أَيْ يَظْهَرُ وَالثِّمَارُ بِالْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ ثَمَرَةٍ بِالتَّحْرِيكِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنَ الرُّطَبِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يُجْزَمْ بِحُكْمٍ فِي الْمَسْأَلَةِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهَا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ فَقِيلَ يَبْطُلُ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ بن أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيِّ وَوَهَمَ مَنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْبُطْلَانِ وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَلَوْ شُرِطَ التَّبْقِيَةُ وَهُوَ قَوْلُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَوَهَمَ مَنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ فِيهِ أَيْضًا وَقِيلَ إِنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ لَمْ يَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَقِيلَ يَصِحُّ إِنْ لَمْ يُشْتَرَطِ التَّبْقِيَةُ وَالنَّهْيُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تُوجَدَ أَصْلًا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكِنَّ النَّهْيَ فِيهِ لِلتَّنْزِيهِ وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمُصَدَّرُ بِهِ الْبَابُ يَدُلُّ لِلْأَخِيرِ وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّانِي وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ تَفْسِيرِ الْعَرَايَا)
هِيَ جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَهِيَ عَطِيَّةُ ثَمَرِ النَّخْلِ دُونَ الرَّقَبَةِ كَانَ الْعَرَبُ فِي الْجَدْبِ يَتَطَوَّعُ أَهْلُ النَّخْلِ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا ثَمَرَ لَهُ كَمَا يَتَطَوَّعُ صَاحِبُ الشَّاةِ أَوِ الْإِبِلِ بِالْمَنِيحَةِ وَهِيَ عَطِيَّةُ اللَّبن دون الرَّقَبَة قَالَ حسان بن ثَابت فِيمَا ذكر بن التِّينِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ هِيَ لِسُوَيْدِ بْنِ الصَّلْتِ لَيست بسنهاء وَلَا رحبية وَلَكِنْ عَرَايَا فِي السِّنِينِ الْجَوَائِحِ وَمَعْنَى سَنْهَاءٍ أَن تحمل سنة دون سنة والرحبية الَّتِي تُدْعَمُ حِينَ تَمِيلُ مِنَ الضَّعْفِ وَالْعَرِيَّةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَوْ فَاعِلَةٍ يُقَالُ عَرَّى النَّخْلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ بِالتَّعْدِيَةِ يَعْرُوهَا إِذَا أَفْرَدَهَا عَنْ غَيْرِهَا بِأَنْ أَعْطَاهَا لِآخَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمِنْحَةِ لِيَأْكُلَ ثَمَرَهَا وَتَبْقَى رَقَبَتُهَا لِمُعْطِيهَا وَيُقَالُ عَرِيَتِ النَّخْلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ تَعْرَى عَلَى أَنَّهُ قَاصِرٌ فَكَأَنَّهَا عَرِيَتْ عَنْ حُكْمِ أَخَوَاتِهَا وَاسْتَثْبَتَتْ بِالْعَطِيَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَا شَرْعًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مَالِكٌ الْعَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ أَيْ يَهَبُهَا لَهُ أَوْ يَهَبُ لَهُ ثَمَرَهَا ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَرَخَّصَ لَهُ أَيْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا أَيْ يَشْتَرِي رُطَبَهَا مِنْهُ أَيْ مِنَ الْمَوْهُوبَةِ لَهُ بِتَمْرٍ أَيْ يَابِسٍ وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ بن عبد الْبر من طَرِيق بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْعَرِيَّةَ النَّخْلَةُ لِلرَّجُلِ فِي حَائِطِ غَيْرِهِ وَكَانَتِ الْعَادَةُ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ بِأَهْلِيهِمْ فِي وَقْتِ الثِّمَارِ إِلَى الْبَسَاتِينِ فَيَكْرَهُ صَاحِبُ النَّخْلِ الْكَثِيرِ دُخُولَ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ أَنَا أُعْطِيكَ بِخَرْصِ نَخْلَتِكَ تَمْرًا فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَمِنْ شَرْطِ الْعَرِيَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تَكُونُ بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ إِلَّا مَعَ الْمُعْرِي خَاصَّةً لِمَا يَدْخُلُ عَلَى الْمَالِكِ مِنَ الضَّرَرِ بِدُخُولِ حَائِطِهِ أَوْ لِيَدْفَعَ الضَّرَرَ عَنِ الْآخَرِ بِقِيَامِ صَاحِبِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ وَالْكَلَفِ وَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَأَنْ يَكُونَ بِتَمْرٍ مُؤَجَّلٍ وَخَالَفَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الشَّرْطِ الْأَخِيرِ فَقَالَ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بن إِدْرِيسَ الْعَرِيَّةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْكَيْلِ مِنَ التَّمْر يدا بيد وَلَا تكون بالجزاف بن إِدْرِيس هَذَا رجح بن التِّينِ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ وَتَرَدَّدَ بن بَطَّالٍ ثُمَّ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَجَزَمَ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ بِأَنَّهُ الشَّافِعِيُّ وَالَّذِي فِي الْأُمِّ لِلشَّافِعِيِّ وَذَكَرَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ عَنْهُ قَالَ الْعَرَايَا أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخْلَةِ فَأَكْثَرَ بِخَرْصِهِ مِنَ التَّمْرِ بِأَنْ يَخْرُصَ الرُّطَبَ ثُمَّ يُقَدِّرَ كَمْ يَنْقُصُ إِذَا يَبِسَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِخَرْصِهِ تَمْرًا فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا فَسَدَ الْبَيْعُ انْتَهَى وَهَذَا وَإِنْ غَايَرَ مَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ لَفْظًا فَهُوَ يُوَافِقُهُ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ مُحَصِّلَهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ جُزَافًا وَلَا نَسِيئَةً وَقَدْ جَاءَ عَنِ الشَّافِعِيِّ بِلَفْظٍ آخَرَ قَرَأْتُهُ بِخَطِّ أَبِي عَلَى الصَّدَفِيِّ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ قَالَ لَفْظُ الشَّافِعِيِّ وَلَا تُبْتَاعُ الْعَرِيَّةُ بِالتَّمْرِ إِلَّا أَنْ تُخْرَصَ الْعَرِيَّةُ كَمَا يُخْرَصُ الْمُعَشَّرُ فَيُقَالُ فِيهَا الْآنَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الرُّطَبِ فَإِذَا يَبِسَ كَانَ كَذَا وَكَذَا فَيَدْفَعُ مِنَ التَّمْرِ بِكَيْلِهِ خَرْصًا وَيَقْبِضُ النَّخْلَةَ بِثَمَرِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِهَا فَسَدَ .

     قَوْلُهُ  وَمِمَّا يُقَوِّيهِ أَيْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِأَنْ لَا يَكُونَ جُزَافًا قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ بِالْأَوْسُقِ الْمُوسِقَةِ وَقَوْلُ سَهْلٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ سَهْلٍ مَوْقُوفًا وَلَفْظُهُ لَا يُبَاعُ الثَّمر فِي رُؤُوس النَّخْلِ بِالْأَوْسَاقِ الْمُوسَقَةِ إِلَّا أَوْسُقًا ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً أَوْ خَمْسَةً يَأْكُلُهَا النَّاسُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنِ الشَّافِعِيِّ هُوَ شَرْطُ الْعَرِيَّةِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَضَابِطُ الْعَرِيَّةِ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا بَيْعُ رُطَبٍ فِي نَخْلٍ يَكُونُ خَرْصُهُ إِذَا صَارَ تَمْرًا أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ بِنَظِيرِهِ فِي الْكَيْلِ مِنَ التَّمْرِ مَعَ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ احْتِجَاجُ الْبُخَارِيُّ لِابْنِ إِدْرِيسَ بِقَوْلِ سَهْلٍ بِالْأَوْسُقِ الْمُوسَقَةِ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ مُؤَجَّلَةً وَإِنَّمَا يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ يَعْنِي الْآتِي.

.

قُلْتُ لَعَلَّهُ أَرَادَ أَن مَجْمُوع مَا أوردهُ بعد قَول بن إِدْرِيس يُقَوي قَول بن إِدْرِيسَ ثُمَّ إِنَّ صُوَرَ الْعَرِيَّةِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِ حَائِطٍ بِعْنِي ثَمَرَ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ فَيَخْرُصُهَا وَيَبِيعُهُ وَيَقْبِضُ مِنْهُ التَّمْرَ وَيُسَلِّمُ إِلَيْهِ النَّخَلَاتِ بِالتَّخْلِيَةِ فَيَنْتَفِعُ بِرُطَبِهَا وَمِنْهَا أَنْ يَهَبَ صَاحِبُ الْحَائِطِ لِرَجُلٍ نَخَلَاتٍ أَوْ ثَمَرَ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ حَائِطِهِ ثُمَّ يَتَضَرَّرَ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَيَخْرُصَهَا وَيَشْتَرِيَ مِنْهُ رُطَبَهَا بِقَدْرِ خَرْصِهِ بِتَمْرٍ يُعَجِّلُهُ لَهُ وَمِنْهَا أَنْ يَهَبَهُ إِيَّاهَا فَيَتَضَرَّرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِانْتِظَارِ صَيْرُورَةِ الرُّطَبِ تَمْرًا وَلَا يُحِبُّ أَكْلَهَا رُطَبًا لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى التَّمْرِ فَيَبِيعَ ذَلِكَ الرُّطَبَ بِخَرْصِهِ مِنَ الْوَاهِبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِتَمْرٍ يَأْخُذُهُ مُعَجَّلًا وَمِنْهَا أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ تَمْرَ حَائِطِهِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةً يُبْقِيَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِعِيَالِهِ وَهِيَ الَّتِي عفى لَهُ عَنْ خَرْصِهَا فِي الصَّدَقَةِ وَسُمِّيَتْ عَرَايَا لِأَنَّهَا أُعْرِيَتْ مِنْ أَنْ تُخْرَصَ فِي الصَّدَقَةِ فَرُخِّصَ لِأَهْلِ الْحَاجَةِ الَّذِينَ لَا نَقْدَ لَهُمْ وَعِنْدَهُمْ فُضُولٌ مَنْ تَمْرِ قُوتِهِمْ أَنْ يَبْتَاعُوا بِذَلِكَ التَّمْرِ مَنْ رُطَبِ تِلْكَ النَّخَلَاتِ بِخَرْصِهَا وَمِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ عَرِيَّةٍ أَنْ يُعْرِيَ رَجُلًا تَمْرَ نَخَلَاتٍ يُبِيحُ لَهُ أَكْلَهَا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا وَهَذِهِ هِبَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَمِنْهَا أَنْ يُعْرِيَ عَامِلُ الصَّدَقَةِ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ مَنْ حَائِطِهِ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةً لَا يَخْرُصُهَا فِي الصَّدَقَةِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنَ الْعَرَايَا لَا يَبِيعُ فِيهَا وَجَمِيعُ هَذِهِ الصُّوَرِ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ وَقَصَرَ مَالِكٌ الْعَرِيَّةَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَقَصَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ عَلَى الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ وَزَادَ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا الرُّطَبَ وَلَا يَشْتَرُوهُ لِتِجَارَةٍ وَلَا ادِّخَارٍ وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ صُوَرَ الْبَيْعِ كُلَّهَا وَقَصَرَ الْعَرِيَّةَ عَلَى الْهِبَةِ وَهُوَ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ تَمْرَ نَخْلَةٍ مِنْ نَخْلِهِ وَلَا يُسَلِّمُ ذَلِكَ لَهُ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فِي ارْتِجَاعِ تِلْكَ الْهِبَةِ فَرَخَّصَ لَهُ أَنْ يَحْتَبِسَ ذَلِكَ وَيُعْطِيَهُ بِقَدْرِ مَا وَهَبَهُ لَهُ مِنَ الرُّطَبِ بِخَرْصِهِ تَمْرًا وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ أَخْذُهُ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ وَتُعُقِّبَ بالتصريح باستثناء الْعَرَايَا فِي حَدِيث بن عُمَرَ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ مِنْ أَصْحَابِهِمْ أَنَّ مَعْنَى الرُّخْصَةِ أَنَّ الَّذِي وُهِبَتْ لَهُ الْعَرِيَّةُ لَمْ يَمْلِكْهَا لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالْقَبْضِ فَلَمَّا جَازَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ بَدَلَهَا تَمْرًا وَهُوَ لَمْ يَمْلِكِ الْمُبْدَلَ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْبَدَلَ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى وَكَانَ رُخْصَةً.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ بَلْ مَعْنَى الرُّخْصَةِ فِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ مَأْمُورٌ بِإِمْضَاءِ مَا وَعَدَ بِهِ وَيُعْطِي بَدَلَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَلَمَّا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ مَا وَعَدَ بِهِ وَيُعْطِيَ بَدَلَهُ وَلَا يَكُونُ فِي حُكْمِ مَنْ أَخْلَفَ وَعْدَهُ ظَهَرَ بِذَلِكَ مَعْنَى الرُّخْصَةِ وَاحْتَجَّ لِمَذْهَبِهِ بِأَشْيَاءَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَرِيَّةَ الْعَطِيَّةُ وَلَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ أَصْلِ الْعَرِيَّةِ الْعَطِيَّةَ أَنْ لَا تُطْلَقَ الْعَرِيَّةُ شَرْعًا عَلَى صُوَرٍ أُخْرَى قَالَ بن الْمُنْذِرِ الَّذِي رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ مِنْ رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْإِذْنُ فِي السَّلَمِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عنْدك قَالَ فَمن أجَاز السّلم مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَمَنَعَ الْعَرِيَّةَ مَعَ كَوْنِهَا مُسْتَثْنَاةً مِنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فَقَدْ تَنَاقَضَ.

.
وَأَمَّا حَمْلُهُمُ الرُّخْصَةَ عَلَى الْهِبَةِ فَبَعِيدٌ مَعَ تَصْرِيحِ الْحَدِيثِ بِالْبَيْعِ وَاسْتِثْنَاءِ الْعَرَايَا مِنْهُ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْهِبَةَ لَمَا اسْتُثْنِيَتِ الْعَرِيَّةُ مِنَ الْبَيْعِ وَلِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالرُّخْصَةِ وَالرُّخْصَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ مَمْنُوعٍ وَالْمَنْعُ إِنَّمَا كَانَ فِي الْبَيْعِ لَا الْهِبَةِ وَبِأَنَّ الرُّخْصَةَ قُيِّدَتْ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ مَا دونهَا وَالْهِبَة لاتتقيد لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ بَيْنَ ذِي رَحِمٍ وَغَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الرُّجُوعُ جَائِزًا فَلَيْسَ إِعْطَاؤُهُ بِالتَّمْرِ بَدَلَ الرُّطَبِ بَلْ هُوَ تَجْدِيدُ هِبَةٍ أُخْرَى فَإِنَّ الرُّجُوعَ لَا يَجُوزُ فَلَا يَصِحُّ تَأْوِيلُهُمْ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بن إِسْحَاق فِي حَدِيثه عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ كَانَتِ الْعَرَايَا أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي مَاله النَّخْلَة والنخلتين أما حَدِيث بن إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ فَوَصَلَهُ التِّرْمِذِيُّ دُونَ تَفْسِيرِ بن إِسْحَاقَ.

.
وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ فَوَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ بِلَفْظِ النَّخَلَاتِ وَزَادَ فِيهِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ فَيَبِيعُهَا بِمِثْلِ خَرْصِهَا وَهَذَا قَرِيبٌ مِنَ الصُّورَةِ الَّتِي قَصَرَ مَالِكٌ الْعَرِيَّةَ عَلَيْهَا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  يَزِيدُ يَعْنِي بن هَارُونَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ الْعَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنَ التَّمْرِ وَهَذَا وَصَلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَرْفُوعًا فِي الْعَرَايَا قَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ فَذَكَرَهُ وَهَذِهِ إِحْدَى الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَاحْتَجَّ لِمَالِكٍ فِي قَصْرِ الْعَرِيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ بِلَفْظِ يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا فَتَمَسَّكَ بِقَوْلِهِ أَهْلُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الَّذِي أَعْرَاهَا وَيُحْتَمَلُ أَن يُرَاد بالأهل من نصير إِلَيْهِ بِالشِّرَاءِ وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ حَدِيثَ سَهْلٍ دَلَّ عَلَى صُورَةٍ مَنْ صُوَرِ الْعَرِيَّةِ وَلَيْسَ فِيهِ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِ غَيْرِهَا لَيْسَ عَرِيَّةً وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ تَقْيِيدُهَا بِالْمَسَاكِينِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ نَقْلَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَ مَنْ أَثْبَتَهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ.

.

قُلْتُ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ قَالَ فُلَانٌ وَأَصْحَابُهُ شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرُّطَبَ يَحْضُرُ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ يَشْتَرُونَ بِهَا مِنْهُ وَعِنْدَهُمْ فَضْلُ تَمْرٍ مِنْ قُوتِ سَنَتِهِمْ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَشْتَرُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَحَدِيثُ سُفْيَانَ يَدُلُّ لِهَذَا فَإِنَّ قَوْلَهُ يَأْكُلُهُ أَهْلُهَا رُطَبًا يُشْعِرُ بِأَنَّ مُشْتَرِي الْعَرِيَّةِ يَشْتَرِيهَا لِيَأْكُلَهَا وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رُطَبٌ يَأْكُلُهُ غَيْرُهَا وَلَوْ كَانَ الْمُرَخَّصُ لَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْحَائِطِ يَعْنِي كَمَا قَالَ مَالِكٌ لَكَانَ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ فِي حَائِطِهِ مِنَ الرُّطَبِ مَا يَأْكُلُهُ غَيْرُهَا وَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى بَيْعِ الْعرية.

     وَقَالَ  بن الْمُنْذِرِ هَذَا الْكَلَامُ لَا أَعْرِفُ أَحَدًا ذَكَرَهُ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ.

     وَقَالَ  السُّبْكِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَذْكُرِ الشَّافِعِيُّ إِسْنَادَهُ وَكُلُّ مَنْ ذَكَرَهُ إِنَّمَا حَكَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَجِدِ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ لَهُ إِسْنَادًا قَالَ وَلَعَلَّ الشَّافِعِيَّ أَخَذَهُ مِنَ السِّيَرِ يَعْنِي سِيَرَ الْوَاقِدِيِّ قَالَ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِلتَّقْيِيدِ بِالْفَقِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْقِصَّةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الرُّخْصَةُ وَقَعَتْ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ الْمَذْكُورَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ للسؤال فلايتم الِاسْتِدْلَالُ مَعَ إِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ الْمَنْصُوصَةِ مِنَ الشَّارِعِ وَقَدِ اعْتَبَرَ هَذَا الْقَيْدَ الْحَنَابِلَةُ مَضْمُومًا إِلَى مَا اعْتَبَرَهُ مَالِكٌ فَعِنْدَهُمْ لَا تَجُوزُ الْعَرِيَّةُ إِلَّا لِحَاجَةِ صَاحِبِ الْحَائِطِ إِلَى الْبَيْعِ أَوْ لِحَاجَةِ الْمُشْتَرِي إِلَى الرُّطَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[ قــ :2108 ... غــ :2192] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا مُحَمَّد كَذَا للأكبر غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ هُوَ بن مقَاتل وَعبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَالْعَرَايَا نَخَلَاتٌ مَعْلُومَاتٌ تَأْتِيهَا فَتَشْتَرِيهَا أَيْ تَشْتَرِي ثَمَرَتَهَا بِتَمْرٍ مَعْلُومٍ وَكَأَنَّهُ اخْتَصَرَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَنْهُ إِلَّا هَكَذَا وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ عَرَوْتَ إِذَا أَتَيْتَ وَتَرَدَّدْتَ إِلَيْهِ لَا مِنَ الْعُرْيِ بِمَعْنَى التَّجَرُّدِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْعَرِيَّةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخَلَاتِ لِطَعَامِ أَهْلِهِ رُطَبًا بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ أَنَّ الْعَرِيَّةَ النَّخْلَةُ تُجْعَلُ لِلْقَوْمِ فَيَبِيعُونَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ كَأَنَّ الشَّافِعِيَّ اعْتَمَدَ فِي تَفْسِيرِ الْعَرِيَّةِ عَلَى قَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَلَيْسَ يَحْيَى صَحَابِيًّا حَتَّى يُعْتَمَدَ عَلَيْهِ مَعَ مُعَارَضَةِ رَأْيِ غَيْرِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ وَتَفْسِيرُ يَحْيَى مَرْجُوحٌ بِأَنَّهُ عَيَّنُ الْمُزَابَنَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا فِي قِصَّةٍ لَا تُرْهَقُ إِلَيْهَا حَاجَةٌ أَكِيدَةٌ وَلَا تَنْدَفِعُ بِهَا مَفْسَدَةٌ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي لَهَا بِالتَّمْرِ مُتَمَكِّنٌ مِنْ بَيْعِ ثَمَرِهِ بِعَيْنٍ وَشِرَائِهِ بِالْعَيْنِ مَا يُرِيدُ مِنَ الرُّطَبِ فَإِنْ قَالَ يَتَعَذَّرُ هَذَا قِيلَ لَهُ فَأَجِزْ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الرُّطَبُ عَلَى النَّخْلِ وَهُوَ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ انْتَهَى وَالشَّافِعِيُّ أَقْعَدُ بِاتِّبَاعِ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهَا نَاطِقَةٌ بِاسْتِثْنَاءِ الْعَرَايَا مِنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ.

.
وَأَمَّا إِلْزَامُهُ الْأَخِيرُ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ وَقَعَتْ مُقَيَّدَةً بِقَيْدٍ فَيُتَّبَعُ الْقَيْدُ وَهُوَ كَون الرطب على رُؤُوس النَّخْلِ مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الشَّافِعِيَّةِ ذَهَبُوا إِلَى إِلْحَاقِ الرُّطَبِ بَعْدَ الْقَطْعِ بِالرُّطَبِ عَلَى رُؤُوس النَّخْلِ بِالْمَعْنَى كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ تَفْسِيرِ الْعَرَايَا فِي الْأَحَادِيثِ لَا يُخَالِفُهُ الشَّافِعِيُّ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ الْعَرِيَّةُ الرَّجُلُ يُعْرِي الرَّجُلَ النَّخْلَةَ أَوِ الرَّجُلُ يَسْتَثْنِي مِنْ مَالِهِ النَّخْلَةَ يَأْكُلُهَا رُطَبًا فَيَبِيعُهَا تَمْرًا.

     وَقَالَ  أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ سَمِعْنَا فِي تَفْسِيرِ الْعَرِيَّةِ أَنَّهَا النَّخْلَةُ يَرِثُهَا الرَّجُلُ أَوْ يَشْتَرِيهَا فِي بُسْتَانِ الرَّجُلِ وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِصُورَةٍ مِنَ الصُّوَرِ الْوَارِدَةِ فِي تَفْسِيرِ الْعَرِيَّةِ وَمَنَعَ غَيْرَهَا.

.
وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ بِهَا كُلِّهَا وَنَظَمَهَا فِي ضَابِطٍ يَجْمَعُهَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب تَفْسِيرِ الْعَرَايَا
وَقَالَ مَالِكٌ: الْعَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ.

وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: الْعَرِيَّةُ لاَ تَكُونُ إِلاَّ بِالْكَيْلِ مِنَ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ، لاَ يَكُونُ بِالْجِزَافِ.
وَمِمَّا يُقَوِّيهِ قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: بِالأَوْسُقِ الْمُوَسَّقَةِ..
     وَقَالَ  ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: كَانَتِ الْعَرَايَا أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ فِي مَالِهِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ..
     وَقَالَ  يَزِيدُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ: الْعَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنَ التَّمْرِ.

( باب تفسير العرايا) جمع عرية وهي لغة النخلة ووزنها فعيلة.
قال الجمهور: بمعنى فاعلة لأنها عريت بإعراء مالكها أي إفراده لها من باقي النخل فهي عارية.
وقال آخرون: بمعنى مفعولة من عراه يعروه إذا أتاه لأن مالكها يعروها أي يأتيها فهي معروّة وأصلها عريوة فقلبت الواو ياء وأدغمت فتسمية العقد بذلك على القولين مجاز عن أصل ما عقد عليه.

( وقال مالك) الإمام الأعظم ابن أنس الأصبحي مما وصله ابن عبد البرّ ( العرية) بتشديد التحتية ( أن يعري) بضم الياء من الإعراء أي يهب ( الرجل الرجل نخلة) من نخلات بستانه فيملكها لأن عند الإمام مالك أن الهبة تلزم بنفس العقد أي يهبه ثمرها ( ثم يتأذى) الواهب ( بدخوله) أي بدخول الموهوب له ( عليه) البستان لأجل الثمرة الموهوبة والتقاطها ( فرخص) بضم الراء مبنيًّا للمفعول ( له) أي للواهب ( أن يشتريها منه) أي يشتري رطبها من الموهوب له ( بتمر) يابس، ولا يجوز لغيره ذلك.
ومثله قول أبي حنيفة -رحمه الله- العرية أن يهبه نخلة ويشق عليه تردّد الموهوب له إلى بستانه ويكره أن يرجع في هبته وهذا بناء على مذهبه في أن الواهب الأجنبي يرجع في هبته متى شاء لكن يكره فيدفع إليه بدلها تمرًا ويكون هذا في معنى البيع لا أنه بيع حقيقة، وكِلا القولين بعيد عن لفظ الحديث لأن لفظ إرخاص العرية فيها عامّ وهما يقيدانها بصورة وأيضًا فقد صرّح بلفظ البيع فنفي كونه بيعًا مخالف لظاهر اللفظ وأيضًا الرخصة قيدت بخمسة أوسق أو ما دونها والهبة لا تتقيد.

( وقال ابن إدريس) : الإمام أبو عبد الله محمد الشافعي وجزم به المزي في التهذيب، أو هو عبد الله بن إدريس الأودي ورجحه السفاقسي وتردّد ابن بطال ثم السبكي في شرح المهذّب ( العرية) بالتشديد ( لا تكون إلا بالكيل) أي فيما دون خمسة أوسق ( من التمر) لتعلم المساواة ( يدًا بيد) قبل التفرق لكن قبض الرطب على النخل بالتخلية وقبض التمر بالنقل كغيره ( لا تكون بالجزاف) بكسر الجيم في الفرع وأصله: فيسلم المشتري التمر اليابس بالكيل ويخلي بينه وبين النخل، وعبارة الشافعي في الأم ونقلها عنه البيهقي في المعرفة من طريق الربيع عنه العرايا أن يشتري الرجل ثمر النخلة

وأكثر بخرصه من التمر بأن يخرص الرطب ثم يقدّر كم ينقص إذا يبس ثم يشتري بخرصه تمرًا، فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع انتهى.
قال في الفتح: وهذا وإن غاير ما علقه البخاري لفظًا فهو يوافقه في المعنى لأن محصلهما أن لا يكون جزافًا ولا نسيئة.

( ومما يقويه) أي القول السابق بأن لا يكون جزافًا ( قول سهل بن أبي حثمة) عند الطبري من طريق الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن سهل موقوفًا ( بالأوسق الموسقة) وفائدة قوله الموسقة التأكيد كما في قوله: { والقناطير المقنطرة} [آل عمران: 14] وهو يعطي أنها المكيلة عند البيع.

( وقال ابن إسحاق) : هو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي مما وصله الترمذي ( في حديثه عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه قال: ( كانت العرايا أن يعري الرجل الرجل في ماله النخلة والنخلتين) وصله الترمذي بدون تفسير، وأما التفسير فوصله أبو داود عنه بلفظ: النخلات وزاد فيه فيشق عليه فيبيعها بمثل خرصها.

( وقال يزيد) هو ابن هارون الواسطي ( عن سفيان بن حسين) الواسطي من أتباع التابعين مما وصله من حديثه الإمام أحمد عن الزهري عن سلم عن أبيه عن زيد بن ثابت مرفوعًا: في العرايا: قال سفيان بن حسين: ( العرايا نخل كانت توهب للمساكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها) أي إلى أن يصير رطبها تمرًا ولا يحبون أكلها رطبًا لاحتياجهم إلى التمر ( فرخص لهم) بضم الراء مبنيًّا للمفعول ( أن يبيعوها) بعد خرصها ( بما شاؤوا من التمر) من الواهب أو من غيره يأخذونه معجلاً.
وهذه إحدى صور العرية وهي صحيحة عند الشافعية كغيرها، وقد حكي عن الشافعي تقييدها بالمساكين على ما في هذا الحديث وهو اختيار المزني، والصحيح أنه لا يختص بالفقراء بل يجري في الأغنياء لإطلاق الأحاديث فيه، وما رواه الشافعي عن زيد بن ثابت: أن رجالاً محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبًا يأكلونه مع الناس وعندهم فضل قوتهم من التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر.

أجيب عنه: بأنه ضعيف وبتقدير صحته فهو حكمة المشروعية، ثم قد يعم الحكم كما في الرمل والاضطباع على أنه ليس فيه أكثر من أن قومًا بصفة سألوا فرخص لهم، واحتمل أن يكون سبب الرخصة فقرهم أو سؤالهم والرخصة عامّة فلما أطلقت في أحاديث أُخر تبين أن سببها السؤال كما لو سأل غيرهم، وإن ما بهم من الفقر غير معتبر إذ ليس في لفظ الشارع -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما يدل لاعتباره، وعند الحنابلة: لا تجوز العرية إلا لحاجة صاحب الحائط إلى البيع أو المشتري إلى الرطب.


[ قــ :2108 ... غــ : 2192 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رضي الله عنهم-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلاً".
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَالْعَرَايَا نَخَلاَتٌ مَعْلُومَاتٌ تَأْتِيهَا فَتَشْتَرِيهَا.


وبه قال: ( حدّثنا محمد) زاد أبو ذر: هو ابن مقاتل المروزي المجاور بمكة قال: ( أخبرنا عبد الله بن المبارك) قال: ( أخبرنا موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف الأسدي ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر عن زيد بن ثابت -رضي الله عنهم- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رخص في العرايا أن تباع) ثمرتها الرطب والعنب ( بخرصها) بقدره من اليابس ( كيلاً) نصب على التمييز أي من حيث الكيل.

( قال موسى بن عقبة) بالسند السابق ( والعرايا نخلاف معلومات تأتيها فتشتريها) بتاء الخطاب فيهما كما في الفرع وأصله، وفي بعض الأصول بياء الغيبة، وفي آخر بالنون أي تشتري ثمرتها بتمر معلوم.
قال في الفتح: وكأنه اختصره للعلم به ولم أجده في شيء من الطرق عنه إلا هكذا ولعله أراد أن يبين أنها مشتقة من عروت إذا أتيت وتردّدت إليه لا من العري الذي هو بمعنى التجرّد.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ تَفْسِير الْعَرَايَا)
أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان تَفْسِير الْعَرَايَا وَهُوَ جمع عَارِية وَقد استقصينا الْكَلَام فِي هَذَا الْبابُُ فِي بابُُ بيع الزَّبِيب بالزبيب (.

     وَقَالَ  مَالك الْعرية أَن يعري الرجل الرجل النَّخْلَة ثمَّ يتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَرخص لَهُ أَن يَشْتَرِيهَا مِنْهُ بِتَمْر)
مَالك هُوَ ابْن أنس صَاحب الْمَذْهَب قَوْله " أَن يعرى " بِضَم الْيَاء من الإعراء وَهُوَ الْإِعْطَاء يُقَال عروت الرجل إِذا أَتَيْته تسأله معروفه " فأعراه " أَي أعطَاهُ فالرجل الأول مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل وَالرجل الثَّانِي مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول وَقَوله " النَّخْلَة " مَنْصُوب أَيْضا على المفعولية قَوْله " بِتَمْر " بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن عبد الْبر من طَرِيق ابْن وهب عَن مَالك وروى الطَّحَاوِيّ من طَرِيق ابْن نَافِع عَن مَالك أَن الْعرية النَّخْلَة للرجل فِي حَائِط غَيره وَكَانَت الْعَادة أَنهم يخرجُون بأهلهم فِي وَقت الثِّمَار إِلَى الْبَسَاتِين فَيكْرَه صَاحب النّخل الْكثير دُخُول الآخر عَلَيْهِ فَيَقُول أَنا أُعْطِيك بخرص نخلتك تَمرا فَرخص لَهُ فِي ذَلِك (.

     وَقَالَ  ابْن إِدْرِيس الْعرية لَا تكون إِلَّا بِالْكَيْلِ من التَّمْر يدا بيد لَا يكون بالجزاف وَمِمَّا يقويه قَول سهل ابْن أبي حثْمَة بالأوسق الموسقة)
ابْن إِدْرِيس هَذَا هُوَ عبد الله الأودي الْكُوفِي كَذَا قَالَه ابْن التِّين وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ وَتردد ابْن بطال فِيهِ وَجزم الْمزي فِي التَّهْذِيب بِأَنَّهُ الشَّافِعِي حَيْثُ قَالَ هَذَا الْكَلَام كُله قَول مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَأَن لَهُ هَذَا الْموضع فِي صَحِيح مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ وَمَوْضِع آخر فِي كتاب الزَّكَاة وَكَلَام ابْن بطال يدل على أَن قَوْله وَمِمَّا يقويه إِلَى آخِره من كَلَام البُخَارِيّ لَا من كَلَام ابْن إِدْرِيس.

     وَقَالَ  ابْن بطال هَذَا إِجْمَاع فَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْوِيَة وَلم يَأْتِ ذكر الأوساق الموسقة إِلَّا فِي حَدِيث مَالك عَن دَاوُد بن الْحصين وَفِي حَدِيث جَابر من رِوَايَة ابْن إِسْحَق لَا فِي رِوَايَة ابْن أبي حثْمَة وَإِنَّمَا يرْوى عَن سهل من قَوْله من رِوَايَة اللَّيْث عَن جَعْفَر بن أبي ربيعَة عَن الْأَعْرَج قَالَ سَمِعت سهل بن أبي حثْمَة قَالَ لَا يُبَاع التَّمْر فِي رُؤْس النّخل بالأوسق الموسقة إِلَّا أوسق ثَلَاثَة أَو أَرْبَعَة أَو خَمْسَة فيأكلها النَّاس وَهِي الْمُزَابَنَة قَوْله " لَا يكون إِلَّا بِالْكَيْلِ " أَي لَا بُد أَن يكون مَعْلُوم الْقدر إِذْ لَا بُد من الْعلم بالمساواة قَوْله " يدا بيد " أَي لَا بُد من التَّقَابُض فِي الْمجْلس قَوْله " بالجزاف " بِضَم الْجِيم وَفتحهَا وَكسرهَا وَهُوَ مُعرب كزاف قَوْله " وَمِمَّا يقويه " أَي وَمِمَّا يُقَوي كَلَام ابْن إِدْرِيس بِأَنَّهُ لَا يكون جزَافا قَول سهل بن أبي حثْمَة يَعْنِي فِي كَونه مَكِيلًا مَعْلُوم الْمِقْدَار قَوْله " بالأوسق " جمع وسق جمع قلَّة وَقَوله " الموسقة " تَأْكِيد كَقَوْلِه تَعَالَى { والقناطير المقنطرة} وكقول النَّاس آلَاف مؤلفة (.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق فِي حَدِيثه عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَت الْعَرَايَا أَن يعري الرجل الرجل فِي مَاله النَّخْلَة والنخلتين)
أَي قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار صَاحب الْمَغَازِي وَحَدِيثه عَن نَافِع وَصله التِّرْمِذِيّ قَالَ حَدثنَا هناد حَدثنَا عَبدة عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن المحاقلة والمزابنة إِلَّا أَنه قد أذن لأهل الْعَرَايَا أَن يبيعوها بِمثل خرصها انْتهى وَأما تَفْسِيره فوصله أَبُو دَاوُد عَنهُ قَالَ حَدثنَا هناد حَدثنَا عَبدة عَن ابْن إِسْحَق قَالَ الْعَرَايَا أَن يهب الرجل للرجل النخلات فَيشق عَلَيْهِ أَن يقوم عَلَيْهَا فيبيعها بِمثل خرصها (.

     وَقَالَ  يزِيد عَن سُفْيَان بن حُسَيْن الْعَرَايَا نخل كَانَت توهب للْمَسَاكِين فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَن ينتظروا بهَا رخص لَهُم أَن يبيعوها بِمَا شاؤا من التَّمْر)
يزِيد من الزِّيَادَة هُوَ ابْن هرون الوَاسِطِيّ أحد الْأَعْلَام وسُفْيَان بن حُسَيْن الوَاسِطِيّ من أَتبَاع التَّابِعين قَوْله " أَن ينتظروا بهَا " أَي جذاذها وَالْجُمْهُور على أَنه بعكس هَذَا قَالُوا كَانَ سَبَب الرُّخْصَة أَن الْمَسَاكِين الَّذين مَا كَانَ لَهُم نخلات وَلَا نقود يشْتَرونَ بهَا الرطب وَقد فضل من قوتهم التَّمْر كَانُوا وعيالهم يشتهون الرطب فَرخص لَهُم فِي شِرَاء الرطب بِالتَّمْرِ وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الإِمَام أَحْمد فِي حَدِيث سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن زيد بن ثَابت مَرْفُوعا فِي الْعَرَايَا قَالَ سُفْيَان بن حُسَيْن فَذكره وَحكى عَن الشَّافِعِي أَنه قيد الْعرية بالمساكين محتجا بِحَدِيث سُفْيَان بن حُسَيْن هَذَا وَهُوَ اخْتِيَار الْمُزنِيّ وَأنْكرهُ الشَّيْخ أَبُو حَامِد نَقله عَن الشَّافِعِي قيل لَعَلَّ مُسْتَند الشَّافِعِي مَا ذكره فِي اخْتِلَاف الحَدِيث عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ قلت لزيد بن ثَابت مَا عراياكم هَذِه قَالَ فلَان وَأَصْحَابه شكوا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن الرطب يحضر وَلَيْسَ عِنْدهم ذهب وَلَا فضَّة يشْتَرونَ بهَا مِنْهُ وَعِنْدهم فضل تمر من قوت سنتهمْ فَرخص لَهُم أَن يشتروا الْعَرَايَا بِخرْصِهَا من التَّمْر يأكلونها رطبا

[ قــ :2108 ... غــ :2192 ]
- ( حَدثنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ أخبرنَا مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رخص فِي الْعَرَايَا أَن تبَاع بِخرْصِهَا كَيْلا) مُحَمَّد وَقع كَذَا غير مَنْسُوب فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر حَدثنَا مُحَمَّد بن مقَاتل أَبُو الْحسن الْمروزِي المجاور بِمَكَّة وَهُوَ من أَفْرَاده وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي ومُوسَى بن عقبَة بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف ابْن أبي عَيَّاش الْأَسدي الْمَدِينِيّ وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي بابُُ بيع الزَّبِيب بالزبيب قَوْله " كَيْلا " نصب على التَّمْيِيز أَي من حَيْثُ الْكَيْل ( قَالَ مُوسَى بن عقبَة والعرايا نخلات مَعْلُومَات تأتيها فتشتريها) هَذَا تَفْسِيره للعرايا قَالَ الْكرْمَانِي كَيفَ صَحَّ كَلَامه تَفْسِيرا للعرايا وَهُوَ صَادِق على كل مَا يُبَاع فِي الدُّنْيَا من النخلات بِأَيّ غَرَض كَانَ قلت غَرَضه بَيَان أَنَّهَا مُشْتَقَّة من عروت إِذا أتيت وترددت إِلَيْهِ لَا من العرى بِمَعْنى التجرد انْتهى قلت وَتَبعهُ بَعضهم بل أَخذ مِنْهُ بقوله لَعَلَّه أَرَادَ أَن يبين أَنَّهَا مُشْتَقَّة من عروت إِلَى آخِره نَحْو مَا قَالَه الْكرْمَانِي قلت هَذَا تَوْجِيه بعيد جدا فَأَي شَيْء من كَلَامه هَذَا يُوضح أَن غَرَضه بَيَان الِاشْتِقَاق وَيُمكن أَن يُقَال أَنه اخْتَصَرَهُ للْعلم بِهِ ( كمل الْجُزْء الْحَادِي عشر من عُمْدَة الْقَارِي شرح صَحِيح الإِمَام البُخَارِيّ قدس الله سره وَهُوَ أول العقد الثَّانِي ويتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْجُزْء الثَّانِي عشر ومطلعه ( بابُُ بيع الثِّمَار) نَسْأَلهُ سُبْحَانَهُ التَّوْفِيق لإتمامه على هَذَا الْوَجْه الْحسن وَمَا ذَلِك على الله بعزيز) <"