هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1855 حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1855 حدثنا معلى بن أسد ، حدثنا وهيب ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم ، واحتجم وهو صائم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn `Abbas:

The Prophet (ﷺ) was cupped while he was in the state of lhram, and also while he was observing a fast.

Ibn 'Abbâs (radiallahanho): Le Prophète (r ) s'était fait saigner avec des ventouses alors qu'il était en état d'ihrâm, et s'était fait saigner aussi alors qu'il était en était déjeune.

":"ہم سے معلی بن اسد نے بیان کیا ، ان سے وہیب نے ، وہ ایوب سے ، وہ عکرمہ سے ، وہ حضرت ابن عباس رضی اللہ عنہما سے روایت کرتے ہیں کہنبی اکرم صلی اللہ علیہ وسلم نے احرام میں اوروزے کی حالت میں پچھنا لگوایا ۔

Ibn 'Abbâs (radiallahanho): Le Prophète (r ) s'était fait saigner avec des ventouses alors qu'il était en état d'ihrâm, et s'était fait saigner aussi alors qu'il était en était déjeune.

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ الْحِجَامَةُ وَالْقَيْءُ لِلصَّائِمِ)

أَيْ هَلْ يُفْسِدَانِ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا الصَّوْمَ أَوْ لَا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ جَمَعَ بَيْنَ الْقَيْءِ وَالْحِجَامَةِ مَعَ تَغَايُرِهِمَا وَعَادَتُهُ تَفْرِيقُ التَّرَاجِمِ إِذَا نَظَمَهَا خَبَرٌ وَاحِدٌ فَضْلًا عَنْ خَبَرَيْنِ وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِاتِّحَادِ مَأْخَذِهِمَا لِأَنَّهُمَا إِخْرَاجٌ وَالْإِخْرَاجُ لَا يقتضى الْإِفْطَار وَقد أوما بن عَبَّاسٍ إِلَى ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ إِيرَادَهُ لِلْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يَرَى عَدَمَ الْإِفْطَارِ بِهِمَا وَلِذَلِكَ عَقَّبَ حَدِيثَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ بِحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَّا الْقَيْءُ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَنْ سَبَقَهُ فَلَا يُفْطِرُ وَبَيْنَ مَنْ تَعَمَّدَهُ فيفطر وَنقل بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلَانِ الصَّوْمِ بِتَعَمُّدِ الْقَيْءِ لَكِن نقل بن بطال عَن بن عَبَّاس وبن مَسْعُودٍ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَاسْتَدَلَّ الْأَبْهَرِيُّ بِإِسْقَاطِ الْقَضَاءِ عَمَّنْ تَقَيَّأَ عَمْدًا بِأَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُمْ قَالَ فَلَوْ وَجَبَ الْقَضَاءُ لَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ وَعَكَسَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُفْطِرَاتِ وَارْتَكَبَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ فَقَالُوا يَقْضِي وَيكفر وَنقل بن الْمُنْذِرِ أَيْضًا الْإِجْمَاعَ عَلَى تَرْكِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَلَمْ يَتَعَمَّدْهُ إِلَّا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ.
وَأَمَّا الْحِجَامَةُ فَالْجُمْهُورُ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْفِطْرِ بِهَا مُطْلَقًا وَعَنْ عَلِيٍّ وَعَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ يُفْطِرُ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ وَأَوْجَبُوا عَلَيْهِمَا الْقَضَاءَ وَشَذَّ عَطَاءٌ فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ أَيْضًا.

     وَقَالَ  بِقَوْلِ أَحْمَدَ من الشَّافِعِيَّة بن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذر وَأَبُو الْوَلِيد النَّيْسَابُورِي وبن حبَان وَنقل التِّرْمِذِيُّ عَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ عَلَّقَ الْقَوْلَ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَبِذَلِكَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَحُجَّةُ الْفَرِيقَيْنِ قَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ وَسَنَذْكُرُ الْبَحْثَ فِي ذَلِكَ فِي آخِرِ الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وقَال لِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ مِنَ الصَّحِيحِ وَعَادَةُ الْبُخَارِيِّ الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فِي الْمَوْقُوفَاتِ إِذَا أَسْنَدَهَا وَقَولُهُ فِي الْإِسْنَاد حَدثنَا يحيى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ .

     قَوْلُهُ  إِذَا قَاءَ فَلَا يُفْطِرْ إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلَا يُولِجُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَنه يخرج وَلَا يولج قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَن الصَّحَابَة كَانُوا يؤولون الظَّاهِرَ بِالْأَقْيِسَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَنَقَضَ غَيْرُهُ هَذَا الْحَصْرَ بِالْمَنِيِّ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَخْرُجُ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُفْطِرُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى مَا رَوَاهُ هُوَ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ قَالَ قَالَ لِي مُسَدَّدٌ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ قَالَ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنِ اسْتِقَاءَ فَلْيَقْضِ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَمْ يَصِحَّ وَإِنَّمَا يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ ضَعِيفٌ جِدًّا وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَنَقَلَ عَنْ عِيسَى أَنَّهُ قَالَ زَعَمَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنَّ هِشَامًا وَهَمَ فِيهِ.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُدَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ لَيْسَ مِنْ ذَا شَيْءٌ وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ بِهِ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ وَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْهُ فَقَالَ لَا أرَاهُ مَحْفُوظًا انْتهى وَقد أخرجه بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ أَيْضًا عَنْ هِشَامٍ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ وَلَكِنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.

قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا قَاءَ لَا يُفْطِرُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إِنَّهُ يُفْطِرُ مِمَّا فُصِّلَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا الْمَرْفُوعِ فَيَحْتَمِلُ .

     قَوْلُهُ  قَاءَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الْقَيْءَ وَاسْتَدْعَى بِهِ وَبِهَذَا أَيْضًا يُتَأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مُصَحَّحًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأَفْطَرَ أَيِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَأْوِيلِ مَنْ أَوَّلَهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَاءَ فَضَعُفَ فَأَفْطَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْقَيْءَ فَطَّرَهُ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ قَاءَ فَأفْطر بعد ذَلِك وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْحُكْمَ إِذَا عُقِّبَ بِالْفَاءِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْعِلَّةُ كَقَوْلِهِمْ سَهَا فَسَجَدَ .

     قَوْلُهُ  وقَال بن عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خرج أما قَول بن عَبَّاس فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أبي ظبْيَان عَن بن عَبَّاسٍ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ قَالَ الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ وَالْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ قَالَ عبد الله يَعْنِي بن مَسْعُود فَذكر مثله وَإِبْرَاهِيم لم يلق بن مَسْعُودٍ وَإِنَّمَا أَخَذَ عَنْ كِبَارِ أَصْحَابِهِ.
وَأَمَّا قَول عِكْرِمَة فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَة مثله قَوْله وَكَانَ بن عُمَرَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَهُ فَكَانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ وَصَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَكَانَ إِذَا صَامَ لَمْ يَحْتَجِمْ حَتَّى يُفْطِرَ وَرُوِّيْنَاهُ فِي نُسْخَةِ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَانَ بن عُمَرَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ ثُمَّ تَرَكَهُ لِأَجْلِ الضَّعْفِ هَكَذَا وَجَدْتُهُ مُنْقَطِعًا وَوَصَلَهُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالم عَن أَبِيه وَكَانَ بن عُمَرَ كَثِيرَ الِاحْتِيَاطِ فَكَأَنَّهُ تَرَكَ الْحِجَامَةَ نَهَارًا لِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا وَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ مُمْسِيًا فَوَجَدْتُهُ يَأْكُلُ تَمْرًا وَكَامِخًا وَقَدِ احْتَجَمَ فَقُلْتُ لَهُ أَلَا تَحْتَجِمُ نَهَارًا قَالَ أَتَأْمُرُنِي أَنْ أُهْرِيقَ دَمِي وَأَنَا صَائِمٌ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ بَكْرٍ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ يَحْتَجِمُ لَيْلًا فَقُلْتُ أَلَا كَانَ هَذَا نَهَارًا فَقَالَ أَتَأْمُرُنِي أَنْ أُهْرِيقَ دَمِي وَأَنَا صَائِمٌ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ قَالَ الْحَاكِمُ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ.

قُلْتُ لِعَبْدَانَ الْأَهْوَازِيِّ يَصِحُّ فِي أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ شَيْءٌ قَالَ سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ قَدْ صَحَّ حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي مُوسَى.

قُلْتُ إِلَّا أَنَّ مَطَرًا خُولِفَ فِي رَفْعِهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُمُ احْتَجَمُوا صِيَامًا هَكَذَا أَخْرَجَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ يَظْهَرُ بِالتَّخْرِيجِ فَأَمَّا أَثَرُ سعد وَهُوَ بن أَبِي وَقَّاصٍ فَوَصَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ بن شِهَابٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَا يَحْتَجِمَانِ وَهُمَا صَائِمَانِ وَهَذَا مُنْقَطع عَن سعد لَكِن ذكره بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ.
وَأَمَّا أَثَرُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَرْمِيِّ عَنْ دِينَارٍ قَالَ حَجَّمْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَهُوَ صَائِمٌ وَدِينَارٌ هُوَ الْحَجَّامُ مَوْلَى جَرْمٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ لَا يُعْرَفُ إِلَّا فِي هَذَا الْأَثَرِ.

     وَقَالَ  أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ لَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ وَأما أثر أم سَلمَة فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ أَيْضًا عَنْ فُرَاتٍ عَنْ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ سَلَمَةَ تَحْتَجِمُ وَهِيَ صَائِمَةٌ وَفُرَاتٌ هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثِقَةٌ لَكِنَّ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ مَجْهُول الْحَال قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ أَنَسٌ وَأَبُو سَعِيدٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثُمَّ سَاقَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ .

     قَوْلُهُ  وقَال بُكَيْرٌ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَا نُنْهَى أَمَّا بُكَيْرٌ فَهُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ.
وَأَمَّا أُمُّ عَلْقَمَةَ فَاسْمُهَا مُرْجَانَةُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ قَالَتْ كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ وَبَنُو أَخِي عَائِشَةَ فَلَا تَنْهَاهُمْ .

     قَوْلُهُ  وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ بِهِ.

     وَقَالَ  عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ رَوَى يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ حَدِيثَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ ثَوْبَانَ وَرَوَاهُ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَرَوَاهُ مَطَرٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيٍّ وَرَوَاهُ أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُسَامَةَ زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فِي الصَّحَابِيِّ فَقِيلَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ الْمُزَنِيُّ وَقِيلَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَيْضًا وَقِيلَ عَنْ مَطَرٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مُعَاذٍ وَاخْتُلِفَ عَلَى قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ فِي الصَّحَابِيِّ فَقِيلَ أَيْضًا عَلِيٌّ وَقِيلَ أَبُو هُرَيْرَةَ.

قُلْتُ وَاخْتُلِفَ عَلَى يُونُسَ أَيْضًا كَمَا سَأَذْكُرُهُ قَالَ.

     وَقَالَ  أَبُو حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَإِنْ كَانَ حَفِظَهُ صَحَّتِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا.

قُلْتُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ أَبُو حُرَّةَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ .

     قَوْلُهُ  وقَال لِي عَيَّاشٌ بِتَحْتَانِيَّةٍ وَمُعْجَمَةٍ وَعَبْدُ الْأَعْلَى هُوَ بن عبد الْأَعْلَى قَوْله حَدثنَا يُونُس هُوَ بن عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ أَيْ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا مُتَابِعٌ لِأَبِي حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَيَّاشٌ فَذَكَرَهُ رَوَاهُ عَن بن الْمَدِينِيِّ فِي الْعِلَلِ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ حَدثنَا الْمُعْتَمِر هُوَ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ بِهِ وَرِوَايَةُ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ يُونُسَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ .

     قَوْلُهُ  وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ تَمَّامٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُسَامَةَ وَالِاخْتِلَافُ عَلَى الْحَسَنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاضِحٌ لَكِنْ نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْكَبِيرِ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ إِنْ كَانَ قَوْلُ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَحْفُوظًا صَحَّتِ الْأَقْوَال كُلُّهَا.

قُلْتُ يُرِيدُ بِذَلِكَ انْتِفَاءَ الِاضْطِرَابِ وَإِلَّا فالحسن لم يسمع من أَكثر للمذكورين ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَشُكُّ فِي رَفْعِهِ وَكَأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْجَزْمِ تَرَدُّدٌ وَحَمَلَ الْكِرْمَانِيُّ جَزْمَهُ عَلَى وُثُوقِهِ بِخَبَرِ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ وَتَرَدُّدُهُ لِكَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ فَلَا يُفِيدُ الْيَقِينَ وَهُوَ حَمْلٌ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادٍ وَثَوْبَانَ.

قُلْتُ فَكَيْفَ بِمَا فِيهِمَا مِنَ الِاخْتلَافِ يَعْنِي عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ كِلَاهُمَا عِنْدِي صَحِيحٌ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ رَوَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ شَدَّادٍ رَوَى الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا يَعْنِي فَانْتَفَى الِاضْطِرَابُ وَتَعَيَّنَ الْجَمْعُ بِذَلِكَ وَكَذَا قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ صَحَّ حَدِيثُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ مِنْ طَرِيقِ ثَوْبَانَ وَشَدَّادٍ قَالَ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ يَذْكُرُ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْمَرْوَزِيُّ.

قُلْتُ لِأَحْمَدَ إِنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَثْبُتُ فَقَالَ هَذَا مُجَازَفَةٌ.

     وَقَالَ  بن خُزَيْمَة صَحَّ الحديثان جَمِيعًا وَكَذَا قَالَ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَأَطْنَبَ النَّسَائِيُّ فِي تَخْرِيجِ طُرُقِ هَذَا الْمَتْنِ وَبَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ فَأَجَادَ وَأَفَادَ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي بَابِ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.

قُلْتُ يُرِيد مَا أخرجه هُوَ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَافِعٍ لَكِنْ عَارَضَ أَحْمَدَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي هَذَا فَقَالَ حَدِيثُ رَافِعٌ أَضْعَفُهَا.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ هُوَ غير مَحْفُوظ.

     وَقَالَ  بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ هُوَ عِنْدِي بَاطِلٌ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ سَأَلْتُ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ عَنْهُ فَأَبِي أَنْ يُحَدِّثَنِي بِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

     وَقَالَ  هُوَ غَلَطٌ.

قُلْتُ مَا عِلَّتُهُ قَالَ رَوَى هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدِيثَ مَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ وَرَوَى عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّ أَبَا أَسْمَاءَ حَدَّثَهُ أَنَّ ثَوْبَانَ أَخْبَرَهُ بِهِ فَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ يَحْيَى فَكَأَنَّهُ دَخَلَ لِمَعْمَرٍ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَ شَدَّادٍ وَلَفْظُهُ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَمَانِ الْفَتْحِ فَرَأَى رَجُلًا يَحْتَجِمُ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي أَفْطَرَ الْحَاجِمُ والمحجوم ثمَّ سَاق حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ قَالَ وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ أَمْثَلُهُمَا إِسْنَادًا فَإِنْ تَوَقَّى أَحَدٌ الْحِجَامَةَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ احْتِيَاطًا وَالْقِيَاسُ مَعَ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ وَالَّذِي أَحْفَظُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ أَحَدٌ بِالْحِجَامَةِ.

قُلْتُ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ لِحَدِيثِ بن عَبَّاسٍ عَقِبَ حَدِيثِ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْحِجَامَةَ تُفْطِرُ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ ذَلِكَ بِبَغْدَادَ.
وَأَمَّا بِمِصْرَ فَمَالَ إِلَى الرُّخْصَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُمَا سَيُفْطِرَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا أَي مَا يؤول إِلَيْهِ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُ هَذَا التَّأْوِيلِ وَيُقَرِّبُهُ مَا قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مَعْنَى قَوْلِهِ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ أَيْ تَعَرَّضَا لِلْإِفْطَارِ أَمَّا الْحَاجِمُ فَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُصُولَ شَيْءٍ مِنَ الدَّمِ إِلَى جَوْفِهِ عِنْدَ الْمَصِّ.
وَأَمَّا الْمَحْجُومُ فَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ ضَعْفَ قُوَّتِهِ بِخُرُوجِ الدَّم فيؤول أَمْرُهُ إِلَى أَنْ يُفْطِرَ وَقِيلَ مَعْنَى أَفْطَرَا فَعَلَا مَكْرُوهًا وَهُوَ الْحِجَامَةُ فَصَارَا كَأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَبِّسِينَ بِالْعِبَادَةِ وَسَأَذْكُرُ بَقِيَّةَ كَلَامِهِمْ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ

[ قــ :1855 ... غــ :1938] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ هَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ عَنْ عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ وَتَابَعَهُ عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ مَوْصُولًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الطِّبّ وَرَوَاهُ بن عُلَيَّةَ وَمَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَاخْتُلِفَ عَلَى حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ النَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  مُهَنَّا سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ صَائِمٌ إِنَّمَا هُوَ وَهُوَ مُحْرِمٌ ثمَّ سَاقه من طرق عَن بن عَبَّاسٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا طَرِيقُ أَيُّوبَ هَذِهِ والْحَدِيث صَحِيح لامرية فِيهِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَسَبَقَ إِلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَاعْتَرَضَ بن خُزَيْمَةَ بِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ صَائِمًا مُحْرِمًا قَالَ وَلَمْ يَكُنْ قَطُّ مُحْرِمًا مُقِيمًا بِبَلَدِهِ إِنَّمَا كَانَ مُحْرِمًا وَهُوَ مُسَافِرٌ وَالْمُسَافِرُ إِنْ كَانَ نَاوِيًا لِلصَّوْمِ فَمَضَى عَلَيْهِ بَعْضُ النَّهَارِ وَهُوَ صَائِمٌ أُبِيحَ لَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِذَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَحْتَجِمَ وَهُوَ مُسَافِرٌ قَالَ فَلَيْسَ فِي خبر بن عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى إِفْطَارِ الْمَحْجُومِ فَضْلًا عَنِ الْحَاجِمِ اه وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ مَا وَرَدَ هَكَذَا إِلَّا لِفَائِدَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُجِدَتْ مِنْهُ الْحِجَامَةُ وَهُوَ صَائِمٌ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ صَوْمه وَاسْتمرّ.

     وَقَالَ  بن خُزَيْمَةَ أَيْضًا جَاءَ بَعْضُهُمْ بِأُعْجُوبَةٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ لِأَنَّهُمَا كَانَا يَغْتَابَانِ قَالَ فَإِذَا قِيلَ لَهُ فَالْغِيبَةُ تُفْطِرُ الصَّائِمَ قَالَ لَا قَالَ فَعَلَى هَذَا لَا يَخْرُجُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ بِلَا شُبْهَةٍ انْتَهَى وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ ثَوْبَانَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلَهُ وَيَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ مَتْرُوكٌ وَحَكَمَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ.

     وَقَالَ  بن حَزْمٍ صَحَّ حَدِيثُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ بِلَا رَيْبٍ لَكِنْ وَجَدْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَرْخَصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْعَزِيمَةِ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِ الْفِطْرِ بِالْحِجَامَةِ سَوَاءٌ كَانَ حَاجِمًا أَوْ مَحْجُومًا انْتَهَى وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَكِنِ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَفْظُهُ أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَمَرَّ بِهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَفْطَرَ هَذَانِ ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ مِنْ رِجَالِ الْبُخَارِيِّ إِلَّا أَنَّ فِي الْمَتْنِ مَا يُنْكَرُ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْفَتْحِ وَجَعْفَرٌ كَانَ قُتِلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ عَنِ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَعَنِ الْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَالْجَهَالَةُ بِالصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ وَقَولُهُ إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ نَهَى وَقد رَوَاهُ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَلَفْظُهُ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَكَرِهَهَا للضعيف أَي لِئَلَّا يضعف