هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
173 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَابْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ وَهُوَ ابْنُ الْمِقْدَامِ ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ سَلَّ عَلَيْنَا السَّيْفَ فَلَيْسَ مِنَّا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
173 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وابن نمير ، قالا : حدثنا مصعب وهو ابن المقدام ، حدثنا عكرمة بن عمار ، عن إياس بن سلمة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من سل علينا السيف فليس منا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Iyas b. Salama narrated from his father that the Apostle (ﷺ) observed:

He who draws the sword against us is not of us.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن إياس بن سلمة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سل علينا السيف فليس منا .



المعنى العام

كم حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتن، وكم نفر من مقاتلة المسلم للمسلم، وكم قال: ويل للعرب من شر قد اقترب.
إني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر .
لا يحمل بعضكم السلاح على بعض.
إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار.
من حمل علينا السلاح فليس منا.
من سل علينا السيف فليس منا.
لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.

ولم يغن حذر من قدر، ووقعت الفتن كالليل المظلم، وتقاتل المسلمون حتى قتل منهم في معركة واحدة أكثر من عشرة آلاف مسلم، وقتل في مجموع معارك علي رضي الله عنه أكثر من سبعين ألف مسلم، قتلوا جميعا بأيد مسلمة.

كان لكل منهم وجهة نظر، بناها على اجتهاد واستنباط من دليل، ولا شك أن البعض مخطئ، والبعض مصيب، ولكن تحديد المخطئ والمصيب مشكل.
ولا نقول إلا أن الجميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرهم إلى الله، وكل ما يعنينا من الحديث أنه أوعد وهدد وحذر وأنذر، وأدى صلى الله عليه وسلم الرسالة، وبلغ الأمانة ونصح الأمة، وشهد الله بذلك والملائكة وأولوا العلم، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، ووقانا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا خاصة، إنه على كل شيء قدير.

المباحث العربية

( من حمل علينا السلاح) الحمل كناية عن المقاتلة أو القتل، للملازمة الغالبة، وليس المراد مطلق الحمل، بقرينة قوله علينا والمراد من السلاح أي نوع من أنواع الإيذاء والقتال، سواء كان سيفا كما جاء في الرواية الثانية، أو عصا أو مدية أو نبلا، كما جاء في حديث أبي هريرة عند أحمد من رمانا بالنبل .

( فليس منا) الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين، والمعنى ليس من المسلمين الكاملين في الإسلام المتبعين سنة رسوله عليه الصلاة والسلام.
وقيل: ليس من أهل سنتنا، ففي الكلام مضافان محذوفان.

( من سل علينا السيف) سل السيف إخراجه من غمده، والمراد رفعه في وجه المسلمين.

فقه الحديث

لما كان أهل السنة لا يكفرون المسلم بالمعاصي غير الشرك فإنهم لا يكفرونه بقتال أخيه المسلم ولا بقتله مادام لا يعتقد حل ذلك.
ولهم في معنى هذا الحديث ونحوه عدة وجوه منها:

1 - أنه محمول على المستحل بغير تأويل، وكل مستحل للكبيرة المعلوم حرمتها من الدين بالضرورة كافر، ويكون معنى الحديث: من حمل السلاح على المسلم مستحلا دمه بغير حق فليس من المسلمين.

2 - أن معناه فليس على طريقنا، أو ليس متبعا لطريقنا، لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه، لا أن يرعبه بحمل السلاح عليه لإرادة قتاله أو قتله.

3 - وقد توقف كثير من السلف عن تأويله، وحملوا على من أوله التأويل السابق، وكان سفيان بن عيينة -رحمه الله- يكره قول من يفسره: بليس على هدينا، ويقول: بئس هذا القول، ويأمر بالإمساك عن تأويله ليكون أبلغ في الزجر، لما يوهمه من بعد فاعل ذلك عن الإسلام وعدم اندراجه تحت لواء المسلمين.

والحديث يعلق الحكم على حمل السلاح وسل السيف، سواء باشر به الضرب أو قصد به الإزعاج والتخويف ونشر الرعب، وإن كان إثم الأخير دون إثم المباشر للضرب، وإثم المقاتل من غير قتل دون القاتل.

بل لقد وردت أحاديث تنهى عن حمل السلاح ولو لعبا وهزلا، ففي البخاري: لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار وفي الترمذي من أشار إلى أخيه بحديدة لعنته الملائكة ولأحمد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم في مجلس يسلون سيفا يتعاطونه بينهم غير مغمود، فقال: ألم أزجر عن هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إذا سل أحدكم سيفه، فأراد أن يناوله أخاه فليغمده، ثم يناوله إياه.
قال ابن العربي: إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن فكيف الذي يصيب بها؟.

قال الحافظ ابن حجر: وإنما يستحق اللعن إذا كانت إشارته تهديدا سواء أكان جادا أم لاعبا، وإنما أوخذ اللاعب لما أدخله على أخيه من الروع، ولما يخاف من الغفلة عند الإشارة فيحصل الإيذاء من غير قصد، ولا يخفى أن إثم الهازل دون إثم الجاد.

وهذا الحديث يفرض علينا تساؤلا عن موقف الصحابة حين قاتل بعضهم بعضا في موقعة الجمل وصفين وغيرهما، هل كانوا يجهلون هذه الأحاديث ووعيدها؟ أو أقدموا وهم يعلمونها ويؤولونها؟

بسط القول على هذا التساؤل سيأتي إن شاء الله في كتاب الفتن، وخلاصته أن الصحابة كانوا -كما نعلم- ثلاث فرق: فرقة مع علي رضي الله عنه، وفرقة مع خصومه، وفرقة توقفت وفرت من الفتنة ولم تدخل المعارك.

أما الفرقة الأولى: فقد حملت الحديث على البغاة وعلى من بدأ بالقتال ظالما، أما من قاتل البغاة من أهل الحق فإنه لا يتناوله الوعيد المذكور.

وأما الفرقة الثانية: فقد حملته على الذين يقاتلون من غير تأويل واجتهاد، أو من قصر نظره عن معرفة صاحب الحق، أو الذين يقاتلون لطلب الدنيا والملك، أما الذين يحملون السلاح لنصرة الحق فإنه لا يتناولهم الوعيد المذكور.

قال الطبري في تبرير موقف هاتين الفرقتين: لو كان الواجب في كل اختلاف يقع بين المسلمين الهرب منه بلزوم المنازل وكسر السيوف لما أقيم حد، ولما أبطل باطل، ووجد أهل الفسوق سبيلا إلى ارتكاب المحرمات، وإلى أخذ الأموال، وسفك الدماء، وسبي الحريم، بأن يحاربوهم ويكف المسلمون أيديهم عنهم، بأن يقولوا: هذه فتنة، وقد نهينا عن القتال، وهذا مخالف للأمر بالأخذ على أيدي السفهاء.
اهـ

وأما الفرقة الثالثة: فقد أحست أن هذا النذير شامل لرفع السلاح على المؤمن أيا كان دافعه، مادام بغير الثلاث الواردة، النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة.

وقد اختلفت هذه الفرقة في طريقة العمل، فقالت طائفة بلزوم البيوت، وقالت طائفة بالتحول عن بلد الفتن أصلا, ثم اختلفوا: فمنهم من قال، إذا هجم عليه شيء من ذلك يكف يده ولو قتل، ومنهم من قال: بل يدافع عن نفسه وعن ماله وعن أهله، وهو معذور إن قتل أو قتل.

وظاهر الحديث مع هذه الفرقة، بل تؤيدهم أحاديث كثيرة في الفتن، منها ما رواه البخاري ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به، وما رواه مسلم فإذا نزلت فمن كان له إبل فليلحق بإبله، قال رجل: يا رسول الله.
أرأيت من لم يكن له؟ قال: يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر، ثم لينج إن استطاع، وما رواه أحمد من حديث ابن مسعود في ذكر الفتنة: قلت: يا رسول الله فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: كف يدك ولسانك، وادخل دارك، قلت يا رسول الله.
أرأيت إن دخل رجل على داري؟ قال: فادخل بيتك ( أي حجرة نومك) قال: أفرأيت إن دخل على بيتي؟ قال: فادخل مسجدك ( وقبض بيمينه على الكوع) وقل ربي الله حتى تموت على ذلك وما رواه الطبراني ليمسك بيده، وليكن عبد الله المقتول لا القاتل.

والحقيقة أنه لو علم المتقاتلون في الفتنة هذا المصير الذي صار إليه أمر المسلمين ما تقاتلوا سواء في ذلك منتصرهم ومهزومهم.
فقد روي أن عليا رضي الله عنه سار بين القتلى بعد انتهاء معركة الجمل، فأخذ يضرب فخذيه بيديه، وهو يقول: يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا.

هذا، وقد اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك، ولو عرف المحق منهم، لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد، وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا، وأن المصيب يؤجر أجرين.

فلنمسك عن إدانة هذا أو ذاك، وعن قولنا: لو كان كذا كان كذا وكذا، ولنقل قدر الله وما شاء فعل.

ويؤخذ من الحديث

1 - تحريم قتال المسلم وقتله.

2 - وتغليظ الأمر في ذلك.

3 - وتحريم تعاطي الأسباب المفضية إلى إيذائه.

4 - فيه حجة للقول بسد الذرائع.

5 - في الحديث حجة لمن لم ير القتال في الفتنة، وترك القتال مع علي في حروبه كسعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وغيرهم.

والله أعلم