هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1663 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، حَدَّثَهُ : أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ : كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ : كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا ، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا قَالَ : افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ ، تَابَعَهُ مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1663 حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن جريج ، حدثني الزهري ، عن عيسى بن طلحة ، أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ، حدثه : أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم النحر ، فقام إليه رجل فقال : كنت أحسب أن كذا قبل كذا ، ثم قام آخر فقال : كنت أحسب أن كذا قبل كذا ، حلقت قبل أن أنحر ، نحرت قبل أن أرمي ، وأشباه ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : افعل ولا حرج لهن كلهن ، فما سئل يومئذ عن شيء إلا قال : افعل ولا حرج ، حدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، حدثني عيسى بن طلحة بن عبيد الله ، أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته ، فذكر الحديث ، تابعه معمر ، عن الزهري
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Abdullah bin `Amr bin Al-`As:

I witnessed the Prophet (ﷺ) when he was delivering the sermon on the Day of Nahr. A man stood up and said, I thought that such and such was to be done before such and such. I got my hair shaved before slaughtering. (Another said), I slaughtered the Hadi before doing the Rami. So, the people asked about many similar things. The Prophet (ﷺ) said, Do it (now) and there is no harm in all these cases. Whenever the Prophet (ﷺ) was asked about anything on that day, he replied, Do it (now) and there is no harm in it.

'UbaydulLâh ibn 'Amrû ibn al'As () rapporte avoir vu le Prophète () faire un sermon le jour de l'Immolation... Un homme se leva et dit: Je croyais que tel [rite] est avant tel [rite]. Un autre se leva aussi: Je croyais que tel [rite] est avant tel [rite] ; Je me suis rasé la tête avant que je n'immole. J'ai immolé avant que je ne jette [les cailloux [disaient les uns et les autres et en avançant d'autres choses] similaires. A toutes [ces interrogations], le Prophète () répondait [au concerné] par: Fais! il n'y a aucun mal à cela. Et à chaque fois qu'on l'interrogeait en ce jourlà, il disait: Fais! il n'y a aucun mal à cela.

":"ہم سے سعید بن یحییٰ بن سعید نے بیان کیا ، ان سے ان کے والد نے بیان کیا ، ان سے ابن جریج نے بیان کیا ، ان سے زہری نے بیان کیا ، ان سے عیسیٰ بن طلحہ نے اور ان سے عبداللہ بن عمرو بن العاص رضی اللہ عنہما نے کہجب رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم دسویں تاریخ کو منیٰ میں خطبہ دے رہے تھے تو وہ وہاں موجود تھے ۔ ایک شخص نے اس وقت کھڑے ہو کر پوچھا کہ میں اس خیال میں تھا کہ فلاں کام فلاں سے پہلے ہے پھر دوسرا کھڑا ہوا اور کہا کہ میرا خیال تھا کہ فلاں کام فلاں سے پہلے ہے ، چنانچہ میں نے قربانی سے پہلے سر منڈالیا ، رمی جمار سے پہلے قربانی کر لی ، اور مجھے اس میں شک ہوا ۔ تو نبی اکرم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اب کر لو ۔ ان سب میں کوئی حرج نہیں ۔ اسی طرح کے دوسرے سوالات بھی آپ صلی اللہ علیہ وسلم سے کئے گئے آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے ان سب کے جواب میں یہی فرمایا کہ کوئی حرج نہیں اب کر لو ۔

'UbaydulLâh ibn 'Amrû ibn al'As () rapporte avoir vu le Prophète () faire un sermon le jour de l'Immolation... Un homme se leva et dit: Je croyais que tel [rite] est avant tel [rite]. Un autre se leva aussi: Je croyais que tel [rite] est avant tel [rite] ; Je me suis rasé la tête avant que je n'immole. J'ai immolé avant que je ne jette [les cailloux [disaient les uns et les autres et en avançant d'autres choses] similaires. A toutes [ces interrogations], le Prophète () répondait [au concerné] par: Fais! il n'y a aucun mal à cela. Et à chaque fois qu'on l'interrogeait en ce jourlà, il disait: Fais! il n'y a aucun mal à cela.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1737] .

     قَوْلُهُ  فِي الثَّانِيَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبِي هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي الْأُمَوِيُّ .

     قَوْلُهُ  فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثَةِ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَنَسَبَهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ فَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَوْرَدَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَهُوَ الْمُتَرَجِّحُ عِنْدِي لِتَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ لِأَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ لَا يُحَدِّثُ عَنْ مَشَايِخِهِ إِلَّا بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ بِخِلَافِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ فَيَقُولُ حَدَّثَنَا .

     قَوْلُهُ  وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَمْ يُعَيِّنِ الْمَكَانَ وَلَا الْيَوْمَ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مَالِكٍ بِمِنًى وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَفِيهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَن الزُّهْرِيّ عِنْد الْجَمْرَة وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ وَهِيَ الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ هُنَا يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ وَفِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَمَعْمَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَالَ عِيَاضٌ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّهُ مَوْقِفٌ وَاحِدٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَى خَطَبَ أَيْ عَلَّمَ النَّاسَ لَا أَنَّهَا مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ الْمَشْرُوعَةِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَوْطِنَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ وَلَمْ يَقُلْ فِي هَذَا خَطَبَ وَالثَّانِي يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَذَلِكَ وَقْتُ الْخُطْبَةِ الْمَشْرُوعَةِ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ يُعَلِّمُ الْإِمَامُ فِيهَا النَّاسَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَنَاسِكِهِمْ وَصَوَّبَ النَّوَوِيُّ هَذَا الِاحْتِمَالَ الثَّانِي فَإِنْ قِيلَ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا الَّذِي صَوَّبَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ من طرق الْحَدِيثين حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي خَطَبَ فِيهِ مِنَ النَّهَارِ.

.

قُلْتُ نَعَمْ لَمْ يَقَعِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ لَكِنْ فِي رِوَايَة بن عَبَّاس أَن بعض السَّائِلين قَالَ رميت بعد مَا أَمْسَيْتُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ الْمَسَاءَ يُطْلَقُ عَلَى مَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَكَأَنَّ السَّائِلَ عَلِمَ أَنَّ السُّنَّةَ لِلْحَاجِّ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ ضُحًى فَلَمَّا أَخَّرَهَا إِلَى بَعْدَ الزَّوَالِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ طَرِيقٌ إِلَّا طَرِيقُ الزُّهْرِيِّ هَذِهِ عَنْ عِيسَى عَنْهُ والِاخْتِلَافُ فِيهِ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَغَايَتُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ مَا لَمْ يذكرهُ الآخر وَاجْتمعَ من مرويهم وَرِوَايَة بن عَبَّاسٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَخْطُبُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ يَوْمَ النَّحْرِ تَعَيَّنَ أَنَّهَا الْخُطْبَةُ الَّتِي شُرِعَتْ لِتَعْلِيمِ بَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ فَلَيْسَ .

     قَوْلُهُ  خَطَبَ مَجَازًا عَنْ مُجَرَّدِ التَّعْلِيمِ بَلْ حَقِيقَةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوفِهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ رَمَاهَا فَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ من حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فَذَكَرَ خُطْبَتَهُ فَلَعَلَّ ذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ أَفَاضَ وَرَجَعَ إِلَى مِنًى .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ بَعْدَ الْبَحْثِ الشَّدِيدِ وَلَا عَلَى اسْمِ أَحَدٍ مِمَّنْ سَأَلَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَسَأُبَيِّنُ أَنَّهُمْ كَانُوا جَمَاعَةً لَكِنْ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِ كَانَ الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي عَدَمِ ضَبْطِ أَسْمَائِهِمْ .

     قَوْلُهُ  لَمْ أَشْعُرْ أَيْ لَمْ أَفْطِنْ يُقَالُ شَعَرْتُ بِالشَّيْءِ شُعُورًا إِذَا فَطِنْتُ لَهُ وَقِيلَ الشُّعُورُ الْعِلْمُ وَلَمْ يُفْصِحْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ بِمُتَعَلَّقِ الشُّعُورِ وَقَدْ بَيَّنَهُ يُونُسُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ لَمْأَشْعُرْ أَنَّ الرَّمْيَ قَبْلَ النَّحْرِ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ.

     وَقَالَ  آخَرُ لَمْ أَشْعُرْ أَنَّ النَّحْرَ قَبْلَ الْحَلْقِ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ وَزَادَ فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ.

     وَقَالَ  آخَرُ أَفَضْتُ إِلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ وَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ زِيَادَةُ الْحَلْقِ قَبْلَ الرَّمْيِ أَيْضًا فَحَاصِلُ مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو السُّؤَالُ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الْحَلْقُ قَبْلَ الذَّبْحِ وَالْحَلْقُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالنَّحْرُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْأُولَيَانِ فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ أَيْضًا كَمَا مَضَى وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا السُّؤَالُ عَنِ الْحَلْقِ قَبْلَ الرَّمْيِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ السُّؤَالُ عَنِ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ وَفِي حَدِيثِهِ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ السُّؤَالُ عَنِ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ مَعًا قَبْلَ الْحَلْقِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي علقه المُصَنّف فِيمَا مضى وَوَصله بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ السُّؤَالُ عَنِ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الذَّبْحِ وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ السُّؤَالُ عَنِ السَّعْيِ قَبْلَ الطَّوَافِ .

     قَوْلُهُ  اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ أَيْ لَا ضِيقَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الذَّبْحِ قَبْلَ الْحَلْقِ تَقْرِيرٌ تَرْتِيبُهُ وَذَلِكَ أَنَّ وَظَائِفَ يَوْمِ النَّحْرِ بِالِاتِّفَاقِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ثُمَّ نَحْرُ الْهَدْيِ أَوْ ذَبْحُهُ ثُمَّ الْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ ثُمَّ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى فَنَحَرَ.

     وَقَالَ  لِلْحَالِقِ خُذْ وَلِأَبِي دَاوُدَ رَمَى ثُمَّ نَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَطْلُوبِيَّةِ هَذَا التَّرْتِيب إِلَّا أَن بن الْجَهْمِ الْمَالِكِيَّ اسْتَثْنَى الْقَارِنَ فَقَالَ لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَطُوفَ كَأَنَّهُ لَاحَظَ أَنَّهُ فِي عَمَلِ الْعُمْرَةِ وَالْعُمْرَةُ يَتَأَخَّرُ فِيهَا الْحَلْقُ عَنِ الطَّوَافِ ورد عَلَيْهِ النَّوَوِيّ بِالْإِجْمَاع ونازعه بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَأَجْمَعُوا عَلَى الْإِجْزَاءِ فِي ذَلِك كَمَا قَالَه بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الدَّمِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ عَن بن عَبَّاسٍ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ انْتَهَى وَفِي نِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَى النَّخَعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ نَظَرٌ فَإِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ إِلَّا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءُ وَفُقَهَاءُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ إِلَى الْجَوَازِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الدَّمِ لِقَوْلِهِ لِلسَّائِلِ لَا حَرَجَ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي رَفْعِ الْإِثْمِ وَالْفِدْيَةِ مَعًا لِأَنَّ اسْمَ الضِّيقِ يَشْمَلُهُمَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى التَّوْسِعَةِ فِي تَقْدِيمِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى بَعْضٍ قَالَ إِلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  لَا حَرَجَ أَيْ لَا إِثْمَ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا.

.
وَأَمَّا مَنْ تَعَمَّدَ الْمُخَالَفَةَ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْحَاجَةِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ لَمْ يُسْقِطِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرَجَ إِلَّا وَقَدْ أَجْزَأَ الْفِعْلَ إِذْ لَوْ لَمْ يُجْزِئْ لَأَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ لِأَنَّ الْجَهْلَ وَالنِّسْيَانَ لَا يَضَعَانِ عَنِ الْمَرْءِ الْحُكْمَ الَّذِي يَلْزَمُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا لَوْ تَرَكَ الرَّمْيَ وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمْ بِتَرْكِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَحْمِلُ قَوْلَهُ وَلَا حَرَجَ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ فَقَطْ ثُمَّ يَخُصُّ ذَلِكَ بِبَعْضِ الْأُمُورِ دُونَ بَعْضٍ فَإِنْ كَانَ التَّرْتِيبُ وَاجِبًا يَجِبُ بِتَرْكِهِ دَمٌ فَلْيَكُنْ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَمَا وَجْهُ تَخْصِيصِ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ مَعَ تَعْمِيمِ الشَّارِعِ الْجَمِيعَ بِنَفْيِ الْحَرَجِ.

.
وَأَمَّا احْتِجَاجُ النَّخَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي تَقْدِيمِ الْحَلْقِ على غَيره بقوله تَعَالَى وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ قَالَ فَمَنْ حَلَقَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَهْرَاقَ دَمًا عَنهُ رَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ فَقَدْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِبُلُوغِ مَحِلِّهِ وُصُولُهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحِلُّ ذَبْحُهُ فِيهِ وَقَدْ حَصَلَوَإِنَّمَا يَتِمُّ مَا أَرَادَ أَنْ لَوْ قَالَ وَلَا تَحْلِقُوا حَتَّى تَنْحَرُوا وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا بقول بن عَبَّاسٍ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ أَوْ أَخَّرَهُ فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا قَالَ وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رَوَى أَنْ لَا حَرَجَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ الْحَرَجِ نَفْيُ الْإِثْمِ فَقَطْ وَأجِيب بِأَن الطَّرِيق بذلك إِلَى بن عَبَّاس فِيهَا ضعف فَإِن بن أَبِي شَيْبَةَ أَخْرَجَهَا وَفِيهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَيَلْزَمُ مَنْ يَأْخُذ بقول بن عَبَّاسٍ أَنْ يُوجِبَ الدَّمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَخُصُّهُ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الذّبْح أَو قبل الرَّمْي.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَنَعَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ تَقْدِيمَ الْحَلْقِ عَلَى الرَّمْيِ وَالذَّبْحِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ حَلْقًا قَبْلَ وُجُودِ التَّحَلُّلَيْنِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ مِثْلُهُ وَقَدْ بُنِيَ الْقَوْلَانِ لَهُ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ أَوِ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ نُسُكٌ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الرَّمْيِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ فَلَا قَالَ وَفِي هَذَا الْبِنَاءِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ نُسُكًا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ لِأَنَّ النُّسُكَ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَالِكٌ يَرَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ وَيَرَى أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الرَّمْيِ مَعَ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ أَفَاضَ قَبْلَ الرَّمْيِ أَهْرَاقَ دَمًا.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي تَقْدِيمِ الطَّوَافِ عَلَى الرَّمْي وروى بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الطَّوَافِ فَإِنْ تَوَجَّهَ إِلَى بَلَدِهِ بِلَا إِعَادَة وَجب عَلَيْهِ دم قَالَ بن بطال وَهَذَا يُخَالف حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ انْتَهَى.

.

قُلْتُ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة بن أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَكَأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَصَالِحٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَمَا سَمِعْتُهُ سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَنْ أَمْرٍ مِمَّا يَنْسَى الْمَرْءُ أَوْ يَجْهَلُ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْأُمُورِ عَلَى بَعْضٍ أَوْ أَشْبَاهِهَا إِلَّا قَالَ افْعَلُوا ذَلِكَ وَلَا حَرَجَ وَاحْتَجَّ بِهِ وَبِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لَمْ أَشْعُرْ بِأَنَّ الرُّخْصَةَ تَخْتَصُّ بِمَنْ نَسِيَ أَوْ جَهِلَ لَا بِمَنْ تَعَمَّدَ قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ إِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ لَمْ أَشْعُرْ وَأَجَابَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا سَقَطَ بِالسَّهْوِ كَالتَّرْتِيبِ بَيْنَ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ فَإِنَّهُ لَوْ سَعَى قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَجَبَ إِعَادَةُ السَّعْيِ.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ ثُمَّ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَعَى قَبْلَ الطَّوَافِ أَيْ طَوَافِ الرُّكْنِ وَلَمْ يَقُلْ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أُسَامَةَ إِلَّا أَحْمَدُ وَعَطَاءٌ فَقَالَا لَوْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَقَدَّمَ السَّعْيَ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَجْزَأَهُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جريج عَنهُ.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ قَوِيٌّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الدَّلِيلَ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ فِي الْحَجِّ بِقَوْلِهِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُرَخِّصَةُ فِي تَقْدِيمِ مَا وَقَعَ عَنْهُ تَأْخِيرُهُ قَدْ قُرِنَتْ بِقَوْلِ السَّائِلِ لَمْ أَشْعُرْ فَيَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ وَتَبْقَى حَالَةُ الْعَمْدِ عَلَى أَصْلِ وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ فِي الْحَجِّ وَأَيْضًا فَالْحُكْمُ إِذَا رُتِّبَ عَلَى وَصْفٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا لَمْ يَجُزِ اطِّرَاحُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ عَدَمَ الشُّعُورِ وَصْفٌ مُنَاسِبٌ لِعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ وَقَدْ عُلِّقَ بِهِ الْحُكْمُ فَلَا يُمْكِنُ اطِّرَاحُهُ بِإِلْحَاقِ الْعَمْدِ بِهِ إِذْ لَا يُسَاوِيهِ.

.
وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِقَوْلِ الرَّاوِي فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ إِلَخْ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ مُطْلَقًا غَيْرُ مُرَاعًى فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ مِنَ الرَّاوِي يَتَعَلَّقُ بِمَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ مُطْلَقٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالِ السَّائِلِ وَالْمُطْلَقُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْخَاصَّيْنِ بِعَيْنِهِ فَلَا يَبْقَى حُجَّةً فِي حَالِ الْعَمْدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَهُنَّ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَالَ أَيْ قَالَ لِأَجْلِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ قَالَ يَوْمَ النَّحْرِ لِأَجْلِهِنَّ أَوْ بِقَوْلِهِ لَا حَرَجَ أَيْ لَا حَرَجَ لِأَجْلِهِنَّ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ قَالَعَنْهُن كُلهنَّ تَكْمِيل قَالَ بن التِّينِ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْحَرَجِ فِي غَيْرِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمَا يَعْنِي الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ خَرَجَ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُهُ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ غَفَلَ عَنْ قَوْلِهِ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ وَكَأَنَّهُ حَمَلَ مَا أُبْهِمَ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ لَكِنَّ قَوْله فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا حَرَّرْنَاهُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ عِدَّةُ صُوَرٍ وَبَقِيَتْ عِدَّةُ صُوَرٍ لَمْ تَذْكُرْهَا الرُّوَاةُ إِمَّا اخْتِصَارًا وَإِمَّا لِكَوْنِهَا لَمْ تَقَعْ وَبَلَغَتْ بِالتَّقْسِيمِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ صُورَةً مِنْهَا صُورَةُ التَّرْتِيبِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ الْقُعُودِ عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْحَاجَةِ وَوُجُوبُ اتِّبَاعِ أَفْعَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِ الَّذِينَ خَالَفُوهَا لَمَّا عَلِمُوا سَأَلُوهُ عَنْ حُكْمِ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَقَفَ النَّبِيُّ فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَدْ سبق أَن أَحْمد وَصله(قَولُهُ بَابُ الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى) أَيْ مَشْرُوعِيَّتِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّهَا لَا تُشْرَعُ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ إِلَّا حَدِيثُ جَابِرِ بن زيد عَن بن عَبَّاسٍ وَهُوَ ثَانِي أَحَادِيثِ الْبَابِ فَإِنَّ فِيهِ التَّقْيِيد بِالْخطْبَةِ بِعَرَفَات وَقد أجَاب عَنهُ بن الْمُنِيرِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَيَّامُ مِنًى أَرْبَعَةٌ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ التَّصْرِيحُ بِغَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ كَحَدِيثِ الْهِرْمَاسِ بْنِ زِيَادٍ وَأَبِي أُمَامَةَ كِلَاهُمَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَحْمَدَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ أَيُّ يَوْمٍ أَعْظَمُ حُرْمَةً الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَفِيهِ ذِكْرُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَأما قَوْله فِي حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بِمِنًى فَهُوَ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَيَتَعَيَّنُ يَوْمَ النَّحْرِ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ كَمَا عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عَمِّهِ فَقَالَ كُنْتُ آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ فَ.

     قَوْلُهُ  فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ وَفِي حَدِيثِ سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الرُّءُوس فَقَالَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا أَلَيْسَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَفِي الْبَابِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ وَعَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَعَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَمَّنْ سَمِعَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد أَحْمد قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ لَا خُطْبَةَ فِيهِ لِلْحَاجِّ وَأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَبِيلِ الْوَصَايَا الْعَامَّةِ لَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ يُبَيِّنَ أَنَّ الرَّاوِيَ قَدْ سَمَّاهَا خُطْبَةً كَمَا سَمَّى الَّتِي وَقَعَتْ فِي عَرَفَاتٍ خُطْبَةً وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَاتٍ فَكَأَنَّهُ أَلْحَقَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ انْتَهَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَنَذْكُرُ نَقْلَ الِاخْتِلَافِ فِيأَشْعُرْ أَنَّ الرَّمْيَ قَبْلَ النَّحْرِ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ.

     وَقَالَ  آخَرُ لَمْ أَشْعُرْ أَنَّ النَّحْرَ قَبْلَ الْحَلْقِ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ وَزَادَ فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ.

     وَقَالَ  آخَرُ أَفَضْتُ إِلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ وَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ زِيَادَةُ الْحَلْقِ قَبْلَ الرَّمْيِ أَيْضًا فَحَاصِلُ مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو السُّؤَالُ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الْحَلْقُ قَبْلَ الذَّبْحِ وَالْحَلْقُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالنَّحْرُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْأُولَيَانِ فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ أَيْضًا كَمَا مَضَى وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا السُّؤَالُ عَنِ الْحَلْقِ قَبْلَ الرَّمْيِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ السُّؤَالُ عَنِ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ وَفِي حَدِيثِهِ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ السُّؤَالُ عَنِ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ مَعًا قَبْلَ الْحَلْقِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي علقه المُصَنّف فِيمَا مضى وَوَصله بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ السُّؤَالُ عَنِ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الذَّبْحِ وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ السُّؤَالُ عَنِ السَّعْيِ قَبْلَ الطَّوَافِ .

     قَوْلُهُ  اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ أَيْ لَا ضِيقَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الذَّبْحِ قَبْلَ الْحَلْقِ تَقْرِيرٌ تَرْتِيبُهُ وَذَلِكَ أَنَّ وَظَائِفَ يَوْمِ النَّحْرِ بِالِاتِّفَاقِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ثُمَّ نَحْرُ الْهَدْيِ أَوْ ذَبْحُهُ ثُمَّ الْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ ثُمَّ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى فَنَحَرَ.

     وَقَالَ  لِلْحَالِقِ خُذْ وَلِأَبِي دَاوُدَ رَمَى ثُمَّ نَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَطْلُوبِيَّةِ هَذَا التَّرْتِيب إِلَّا أَن بن الْجَهْمِ الْمَالِكِيَّ اسْتَثْنَى الْقَارِنَ فَقَالَ لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَطُوفَ كَأَنَّهُ لَاحَظَ أَنَّهُ فِي عَمَلِ الْعُمْرَةِ وَالْعُمْرَةُ يَتَأَخَّرُ فِيهَا الْحَلْقُ عَنِ الطَّوَافِ ورد عَلَيْهِ النَّوَوِيّ بِالْإِجْمَاع ونازعه بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَأَجْمَعُوا عَلَى الْإِجْزَاءِ فِي ذَلِك كَمَا قَالَه بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الدَّمِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ عَن بن عَبَّاسٍ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ انْتَهَى وَفِي نِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَى النَّخَعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ نَظَرٌ فَإِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ إِلَّا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءُ وَفُقَهَاءُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ إِلَى الْجَوَازِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الدَّمِ لِقَوْلِهِ لِلسَّائِلِ لَا حَرَجَ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي رَفْعِ الْإِثْمِ وَالْفِدْيَةِ مَعًا لِأَنَّ اسْمَ الضِّيقِ يَشْمَلُهُمَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى التَّوْسِعَةِ فِي تَقْدِيمِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى بَعْضٍ قَالَ إِلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  لَا حَرَجَ أَيْ لَا إِثْمَ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا.

.
وَأَمَّا مَنْ تَعَمَّدَ الْمُخَالَفَةَ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْحَاجَةِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ لَمْ يُسْقِطِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرَجَ إِلَّا وَقَدْ أَجْزَأَ الْفِعْلَ إِذْ لَوْ لَمْ يُجْزِئْ لَأَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ لِأَنَّ الْجَهْلَ وَالنِّسْيَانَ لَا يَضَعَانِ عَنِ الْمَرْءِ الْحُكْمَ الَّذِي يَلْزَمُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا لَوْ تَرَكَ الرَّمْيَ وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمْ بِتَرْكِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَحْمِلُ قَوْلَهُ وَلَا حَرَجَ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ فَقَطْ ثُمَّ يَخُصُّ ذَلِكَ بِبَعْضِ الْأُمُورِ دُونَ بَعْضٍ فَإِنْ كَانَ التَّرْتِيبُ وَاجِبًا يَجِبُ بِتَرْكِهِ دَمٌ فَلْيَكُنْ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَمَا وَجْهُ تَخْصِيصِ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ مَعَ تَعْمِيمِ الشَّارِعِ الْجَمِيعَ بِنَفْيِ الْحَرَجِ.

.
وَأَمَّا احْتِجَاجُ النَّخَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي تَقْدِيمِ الْحَلْقِ على غَيره بقوله تَعَالَى وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ قَالَ فَمَنْ حَلَقَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَهْرَاقَ دَمًا عَنهُ رَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ فَقَدْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِبُلُوغِ مَحِلِّهِ وُصُولُهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحِلُّ ذَبْحُهُ فِيهِ وَقَدْ حَصَلَوَإِنَّمَا يَتِمُّ مَا أَرَادَ أَنْ لَوْ قَالَ وَلَا تَحْلِقُوا حَتَّى تَنْحَرُوا وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا بقول بن عَبَّاسٍ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ أَوْ أَخَّرَهُ فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا قَالَ وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رَوَى أَنْ لَا حَرَجَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ الْحَرَجِ نَفْيُ الْإِثْمِ فَقَطْ وَأجِيب بِأَن الطَّرِيق بذلك إِلَى بن عَبَّاس فِيهَا ضعف فَإِن بن أَبِي شَيْبَةَ أَخْرَجَهَا وَفِيهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَيَلْزَمُ مَنْ يَأْخُذ بقول بن عَبَّاسٍ أَنْ يُوجِبَ الدَّمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَخُصُّهُ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الذّبْح أَو قبل الرَّمْي.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَنَعَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ تَقْدِيمَ الْحَلْقِ عَلَى الرَّمْيِ وَالذَّبْحِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ حَلْقًا قَبْلَ وُجُودِ التَّحَلُّلَيْنِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ مِثْلُهُ وَقَدْ بُنِيَ الْقَوْلَانِ لَهُ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ أَوِ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ نُسُكٌ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الرَّمْيِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ فَلَا قَالَ وَفِي هَذَا الْبِنَاءِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ نُسُكًا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ لِأَنَّ النُّسُكَ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَالِكٌ يَرَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ وَيَرَى أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الرَّمْيِ مَعَ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ أَفَاضَ قَبْلَ الرَّمْيِ أَهْرَاقَ دَمًا.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي تَقْدِيمِ الطَّوَافِ عَلَى الرَّمْي وروى بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الطَّوَافِ فَإِنْ تَوَجَّهَ إِلَى بَلَدِهِ بِلَا إِعَادَة وَجب عَلَيْهِ دم قَالَ بن بطال وَهَذَا يُخَالف حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ انْتَهَى.

.

قُلْتُ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة بن أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَكَأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَصَالِحٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَمَا سَمِعْتُهُ سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَنْ أَمْرٍ مِمَّا يَنْسَى الْمَرْءُ أَوْ يَجْهَلُ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْأُمُورِ عَلَى بَعْضٍ أَوْ أَشْبَاهِهَا إِلَّا قَالَ افْعَلُوا ذَلِكَ وَلَا حَرَجَ وَاحْتَجَّ بِهِ وَبِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لَمْ أَشْعُرْ بِأَنَّ الرُّخْصَةَ تَخْتَصُّ بِمَنْ نَسِيَ أَوْ جَهِلَ لَا بِمَنْ تَعَمَّدَ قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ إِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ لَمْ أَشْعُرْ وَأَجَابَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا سَقَطَ بِالسَّهْوِ كَالتَّرْتِيبِ بَيْنَ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ فَإِنَّهُ لَوْ سَعَى قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَجَبَ إِعَادَةُ السَّعْيِ.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ ثُمَّ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَعَى قَبْلَ الطَّوَافِ أَيْ طَوَافِ الرُّكْنِ وَلَمْ يَقُلْ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أُسَامَةَ إِلَّا أَحْمَدُ وَعَطَاءٌ فَقَالَا لَوْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَقَدَّمَ السَّعْيَ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَجْزَأَهُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جريج عَنهُ.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ قَوِيٌّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الدَّلِيلَ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ فِي الْحَجِّ بِقَوْلِهِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُرَخِّصَةُ فِي تَقْدِيمِ مَا وَقَعَ عَنْهُ تَأْخِيرُهُ قَدْ قُرِنَتْ بِقَوْلِ السَّائِلِ لَمْ أَشْعُرْ فَيَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ وَتَبْقَى حَالَةُ الْعَمْدِ عَلَى أَصْلِ وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ فِي الْحَجِّ وَأَيْضًا فَالْحُكْمُ إِذَا رُتِّبَ عَلَى وَصْفٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا لَمْ يَجُزِ اطِّرَاحُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ عَدَمَ الشُّعُورِ وَصْفٌ مُنَاسِبٌ لِعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ وَقَدْ عُلِّقَ بِهِ الْحُكْمُ فَلَا يُمْكِنُ اطِّرَاحُهُ بِإِلْحَاقِ الْعَمْدِ بِهِ إِذْ لَا يُسَاوِيهِ.

.
وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِقَوْلِ الرَّاوِي فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ إِلَخْ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ مُطْلَقًا غَيْرُ مُرَاعًى فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ مِنَ الرَّاوِي يَتَعَلَّقُ بِمَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ مُطْلَقٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالِ السَّائِلِ وَالْمُطْلَقُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْخَاصَّيْنِ بِعَيْنِهِ فَلَا يَبْقَى حُجَّةً فِي حَالِ الْعَمْدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَهُنَّ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَالَ أَيْ قَالَ لِأَجْلِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ قَالَ يَوْمَ النَّحْرِ لِأَجْلِهِنَّ أَوْ بِقَوْلِهِ لَا حَرَجَ أَيْ لَا حَرَجَ لِأَجْلِهِنَّ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ قَالَعَنْهُن كُلهنَّ تَكْمِيل قَالَ بن التِّينِ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْحَرَجِ فِي غَيْرِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمَا يَعْنِي الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ خَرَجَ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُهُ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ غَفَلَ عَنْ قَوْلِهِ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ وَكَأَنَّهُ حَمَلَ مَا أُبْهِمَ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ لَكِنَّ قَوْله فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا حَرَّرْنَاهُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ عِدَّةُ صُوَرٍ وَبَقِيَتْ عِدَّةُ صُوَرٍ لَمْ تَذْكُرْهَا الرُّوَاةُ إِمَّا اخْتِصَارًا وَإِمَّا لِكَوْنِهَا لَمْ تَقَعْ وَبَلَغَتْ بِالتَّقْسِيمِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ صُورَةً مِنْهَا صُورَةُ التَّرْتِيبِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ الْقُعُودِ عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْحَاجَةِ وَوُجُوبُ اتِّبَاعِ أَفْعَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِ الَّذِينَ خَالَفُوهَا لَمَّا عَلِمُوا سَأَلُوهُ عَنْ حُكْمِ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَقَفَ النَّبِيُّ فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَدْ سبق أَن أَحْمد وَصله(قَولُهُ بَابُ الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى) أَيْ مَشْرُوعِيَّتِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّهَا لَا تُشْرَعُ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ إِلَّا حَدِيثُ جَابِرِ بن زيد عَن بن عَبَّاسٍ وَهُوَ ثَانِي أَحَادِيثِ الْبَابِ فَإِنَّ فِيهِ التَّقْيِيد بِالْخطْبَةِ بِعَرَفَات وَقد أجَاب عَنهُ بن الْمُنِيرِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَيَّامُ مِنًى أَرْبَعَةٌ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ التَّصْرِيحُ بِغَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ كَحَدِيثِ الْهِرْمَاسِ بْنِ زِيَادٍ وَأَبِي أُمَامَةَ كِلَاهُمَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَحْمَدَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ أَيُّ يَوْمٍ أَعْظَمُ حُرْمَةً الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَفِيهِ ذِكْرُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَأما قَوْله فِي حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بِمِنًى فَهُوَ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَيَتَعَيَّنُ يَوْمَ النَّحْرِ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ كَمَا عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عَمِّهِ فَقَالَ كُنْتُ آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ فَ.

     قَوْلُهُ  فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ وَفِي حَدِيثِ سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الرُّءُوس فَقَالَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا أَلَيْسَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَفِي الْبَابِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ وَعَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَعَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَمَّنْ سَمِعَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد أَحْمد قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ لَا خُطْبَةَ فِيهِ لِلْحَاجِّ وَأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَبِيلِ الْوَصَايَا الْعَامَّةِ لَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ يُبَيِّنَ أَنَّ الرَّاوِيَ قَدْ سَمَّاهَا خُطْبَةً كَمَا سَمَّى الَّتِي وَقَعَتْ فِي عَرَفَاتٍ خُطْبَةً وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَاتٍ فَكَأَنَّهُ أَلْحَقَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ انْتَهَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَنَذْكُرُ نَقْلَ الِاخْتِلَافِ فِيفَتَفْتَضُّ بِهِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فتفتض بالفاء والضاد قال بن قُتَيْبَةَ سَأَلْتُ الْحِجَازِيِّينَ عَنْ مَعْنَى الِافْتِضَاضِ فَذَكَرُوا أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ كَانَتْ لَا تَغْتَسِلُ وَلَا تَمَسُّ مَاءً وَلَا تُقَلِّمُ ظُفْرًا ثُمَّ تَخْرُجُ بَعْدَ الْحَوْلِ بِأَقْبَحِ مَنْظَرٍ ثُمَّ تَفْتَضُّ أَيْ تَكْسِرُ مَا هِيَ فِيهِ مِنَ الْعِدَّةِ بِطَائِرٍ تَمْسَحُ بِهِ قُبُلَهَا وَتَنْبِذُهُ فَلَا يَكَادُ يَعِيشُ مَا تَفْتَضُّ بِهِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ مَعْنَاهُ تَمْسَحُ بِهِ جلدها وقال بن وَهْبٍ مَعْنَاهُ تَمْسَحُ بِيَدِهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ تَمْسَحُ بِهِ ثُمَّ تَفْتَضُّ أَيْ تَغْتَسِلُ وَالِافْتِضَاضُ الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ لِلْإِنْقَاءِ وَإِزَالَةِ الْوَسَخِ حَتَّى تَصِيرَ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً كَالْفِضَّةِ.

     وَقَالَ  الْأَخْفَشُ مَعْنَاهُ تَتَنَظَّفُ وَتَتَنَقَّى مِنَ الدَّرَنِ تَشْبِيهًا لَهَا بِالْفِضَّةِ فِي نَقَائِهَا وَبَيَاضِهَا وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ قَالَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ تُقْبَصُ بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقَبْضِ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ .

     قَوْلُهُ  (تُوُفِّيَ حَمِيمٌ لِأُمِّ حَبِيبَةَ) أَيْ قَرِيبٌ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :1663 ... غــ :1737] .

     قَوْلُهُ  فِي الثَّانِيَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبِي هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي الْأُمَوِيُّ .

     قَوْلُهُ  فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثَةِ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَنَسَبَهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ فَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَوْرَدَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَهُوَ الْمُتَرَجِّحُ عِنْدِي لِتَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ لِأَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ لَا يُحَدِّثُ عَنْ مَشَايِخِهِ إِلَّا بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ بِخِلَافِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ فَيَقُولُ حَدَّثَنَا .

     قَوْلُهُ  وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَمْ يُعَيِّنِ الْمَكَانَ وَلَا الْيَوْمَ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مَالِكٍ بِمِنًى وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَفِيهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَن الزُّهْرِيّ عِنْد الْجَمْرَة وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ وَهِيَ الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ هُنَا يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ وَفِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَمَعْمَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَالَ عِيَاضٌ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّهُ مَوْقِفٌ وَاحِدٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَى خَطَبَ أَيْ عَلَّمَ النَّاسَ لَا أَنَّهَا مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ الْمَشْرُوعَةِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَوْطِنَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ وَلَمْ يَقُلْ فِي هَذَا خَطَبَ وَالثَّانِي يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَذَلِكَ وَقْتُ الْخُطْبَةِ الْمَشْرُوعَةِ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ يُعَلِّمُ الْإِمَامُ فِيهَا النَّاسَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَنَاسِكِهِمْ وَصَوَّبَ النَّوَوِيُّ هَذَا الِاحْتِمَالَ الثَّانِي فَإِنْ قِيلَ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا الَّذِي صَوَّبَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ من طرق الْحَدِيثين حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي خَطَبَ فِيهِ مِنَ النَّهَارِ.

.

قُلْتُ نَعَمْ لَمْ يَقَعِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ لَكِنْ فِي رِوَايَة بن عَبَّاس أَن بعض السَّائِلين قَالَ رميت بعد مَا أَمْسَيْتُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ الْمَسَاءَ يُطْلَقُ عَلَى مَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَكَأَنَّ السَّائِلَ عَلِمَ أَنَّ السُّنَّةَ لِلْحَاجِّ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ ضُحًى فَلَمَّا أَخَّرَهَا إِلَى بَعْدَ الزَّوَالِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ طَرِيقٌ إِلَّا طَرِيقُ الزُّهْرِيِّ هَذِهِ عَنْ عِيسَى عَنْهُ والِاخْتِلَافُ فِيهِ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَغَايَتُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ مَا لَمْ يذكرهُ الآخر وَاجْتمعَ من مرويهم وَرِوَايَة بن عَبَّاسٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَخْطُبُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ يَوْمَ النَّحْرِ تَعَيَّنَ أَنَّهَا الْخُطْبَةُ الَّتِي شُرِعَتْ لِتَعْلِيمِ بَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ فَلَيْسَ .

     قَوْلُهُ  خَطَبَ مَجَازًا عَنْ مُجَرَّدِ التَّعْلِيمِ بَلْ حَقِيقَةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوفِهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ رَمَاهَا فَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ من حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فَذَكَرَ خُطْبَتَهُ فَلَعَلَّ ذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ أَفَاضَ وَرَجَعَ إِلَى مِنًى .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ بَعْدَ الْبَحْثِ الشَّدِيدِ وَلَا عَلَى اسْمِ أَحَدٍ مِمَّنْ سَأَلَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَسَأُبَيِّنُ أَنَّهُمْ كَانُوا جَمَاعَةً لَكِنْ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِ كَانَ الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي عَدَمِ ضَبْطِ أَسْمَائِهِمْ .

     قَوْلُهُ  لَمْ أَشْعُرْ أَيْ لَمْ أَفْطِنْ يُقَالُ شَعَرْتُ بِالشَّيْءِ شُعُورًا إِذَا فَطِنْتُ لَهُ وَقِيلَ الشُّعُورُ الْعِلْمُ وَلَمْ يُفْصِحْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ بِمُتَعَلَّقِ الشُّعُورِ وَقَدْ بَيَّنَهُ يُونُسُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ لَمْ أَشْعُرْ أَنَّ الرَّمْيَ قَبْلَ النَّحْرِ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ.

     وَقَالَ  آخَرُ لَمْ أَشْعُرْ أَنَّ النَّحْرَ قَبْلَ الْحَلْقِ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ وَزَادَ فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ.

     وَقَالَ  آخَرُ أَفَضْتُ إِلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ وَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ زِيَادَةُ الْحَلْقِ قَبْلَ الرَّمْيِ أَيْضًا فَحَاصِلُ مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو السُّؤَالُ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الْحَلْقُ قَبْلَ الذَّبْحِ وَالْحَلْقُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالنَّحْرُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْأُولَيَانِ فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ أَيْضًا كَمَا مَضَى وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا السُّؤَالُ عَنِ الْحَلْقِ قَبْلَ الرَّمْيِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ السُّؤَالُ عَنِ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ وَفِي حَدِيثِهِ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ السُّؤَالُ عَنِ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ مَعًا قَبْلَ الْحَلْقِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي علقه المُصَنّف فِيمَا مضى وَوَصله بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ السُّؤَالُ عَنِ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الذَّبْحِ وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ السُّؤَالُ عَنِ السَّعْيِ قَبْلَ الطَّوَافِ .

     قَوْلُهُ  اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ أَيْ لَا ضِيقَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الذَّبْحِ قَبْلَ الْحَلْقِ تَقْرِيرٌ تَرْتِيبُهُ وَذَلِكَ أَنَّ وَظَائِفَ يَوْمِ النَّحْرِ بِالِاتِّفَاقِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ثُمَّ نَحْرُ الْهَدْيِ أَوْ ذَبْحُهُ ثُمَّ الْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ ثُمَّ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى فَنَحَرَ.

     وَقَالَ  لِلْحَالِقِ خُذْ وَلِأَبِي دَاوُدَ رَمَى ثُمَّ نَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَطْلُوبِيَّةِ هَذَا التَّرْتِيب إِلَّا أَن بن الْجَهْمِ الْمَالِكِيَّ اسْتَثْنَى الْقَارِنَ فَقَالَ لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَطُوفَ كَأَنَّهُ لَاحَظَ أَنَّهُ فِي عَمَلِ الْعُمْرَةِ وَالْعُمْرَةُ يَتَأَخَّرُ فِيهَا الْحَلْقُ عَنِ الطَّوَافِ ورد عَلَيْهِ النَّوَوِيّ بِالْإِجْمَاع ونازعه بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَأَجْمَعُوا عَلَى الْإِجْزَاءِ فِي ذَلِك كَمَا قَالَه بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الدَّمِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ عَن بن عَبَّاسٍ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ انْتَهَى وَفِي نِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَى النَّخَعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ نَظَرٌ فَإِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ إِلَّا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءُ وَفُقَهَاءُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ إِلَى الْجَوَازِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الدَّمِ لِقَوْلِهِ لِلسَّائِلِ لَا حَرَجَ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي رَفْعِ الْإِثْمِ وَالْفِدْيَةِ مَعًا لِأَنَّ اسْمَ الضِّيقِ يَشْمَلُهُمَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى التَّوْسِعَةِ فِي تَقْدِيمِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى بَعْضٍ قَالَ إِلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  لَا حَرَجَ أَيْ لَا إِثْمَ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا.

.
وَأَمَّا مَنْ تَعَمَّدَ الْمُخَالَفَةَ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْحَاجَةِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ لَمْ يُسْقِطِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرَجَ إِلَّا وَقَدْ أَجْزَأَ الْفِعْلَ إِذْ لَوْ لَمْ يُجْزِئْ لَأَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ لِأَنَّ الْجَهْلَ وَالنِّسْيَانَ لَا يَضَعَانِ عَنِ الْمَرْءِ الْحُكْمَ الَّذِي يَلْزَمُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا لَوْ تَرَكَ الرَّمْيَ وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمْ بِتَرْكِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَحْمِلُ قَوْلَهُ وَلَا حَرَجَ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ فَقَطْ ثُمَّ يَخُصُّ ذَلِكَ بِبَعْضِ الْأُمُورِ دُونَ بَعْضٍ فَإِنْ كَانَ التَّرْتِيبُ وَاجِبًا يَجِبُ بِتَرْكِهِ دَمٌ فَلْيَكُنْ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَمَا وَجْهُ تَخْصِيصِ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ مَعَ تَعْمِيمِ الشَّارِعِ الْجَمِيعَ بِنَفْيِ الْحَرَجِ.

.
وَأَمَّا احْتِجَاجُ النَّخَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي تَقْدِيمِ الْحَلْقِ على غَيره بقوله تَعَالَى وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ قَالَ فَمَنْ حَلَقَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَهْرَاقَ دَمًا عَنهُ رَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ فَقَدْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِبُلُوغِ مَحِلِّهِ وُصُولُهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحِلُّ ذَبْحُهُ فِيهِ وَقَدْ حَصَلَ وَإِنَّمَا يَتِمُّ مَا أَرَادَ أَنْ لَوْ قَالَ وَلَا تَحْلِقُوا حَتَّى تَنْحَرُوا وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا بقول بن عَبَّاسٍ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ أَوْ أَخَّرَهُ فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا قَالَ وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رَوَى أَنْ لَا حَرَجَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ الْحَرَجِ نَفْيُ الْإِثْمِ فَقَطْ وَأجِيب بِأَن الطَّرِيق بذلك إِلَى بن عَبَّاس فِيهَا ضعف فَإِن بن أَبِي شَيْبَةَ أَخْرَجَهَا وَفِيهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَيَلْزَمُ مَنْ يَأْخُذ بقول بن عَبَّاسٍ أَنْ يُوجِبَ الدَّمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَخُصُّهُ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الذّبْح أَو قبل الرَّمْي.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَنَعَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ تَقْدِيمَ الْحَلْقِ عَلَى الرَّمْيِ وَالذَّبْحِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ حَلْقًا قَبْلَ وُجُودِ التَّحَلُّلَيْنِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ مِثْلُهُ وَقَدْ بُنِيَ الْقَوْلَانِ لَهُ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ أَوِ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ نُسُكٌ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الرَّمْيِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ فَلَا قَالَ وَفِي هَذَا الْبِنَاءِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ نُسُكًا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ لِأَنَّ النُّسُكَ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَالِكٌ يَرَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ وَيَرَى أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الرَّمْيِ مَعَ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ أَفَاضَ قَبْلَ الرَّمْيِ أَهْرَاقَ دَمًا.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي تَقْدِيمِ الطَّوَافِ عَلَى الرَّمْي وروى بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الطَّوَافِ فَإِنْ تَوَجَّهَ إِلَى بَلَدِهِ بِلَا إِعَادَة وَجب عَلَيْهِ دم قَالَ بن بطال وَهَذَا يُخَالف حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ انْتَهَى.

.

قُلْتُ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة بن أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَكَأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَصَالِحٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَمَا سَمِعْتُهُ سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَنْ أَمْرٍ مِمَّا يَنْسَى الْمَرْءُ أَوْ يَجْهَلُ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْأُمُورِ عَلَى بَعْضٍ أَوْ أَشْبَاهِهَا إِلَّا قَالَ افْعَلُوا ذَلِكَ وَلَا حَرَجَ وَاحْتَجَّ بِهِ وَبِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لَمْ أَشْعُرْ بِأَنَّ الرُّخْصَةَ تَخْتَصُّ بِمَنْ نَسِيَ أَوْ جَهِلَ لَا بِمَنْ تَعَمَّدَ قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ إِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ لَمْ أَشْعُرْ وَأَجَابَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا سَقَطَ بِالسَّهْوِ كَالتَّرْتِيبِ بَيْنَ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ فَإِنَّهُ لَوْ سَعَى قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَجَبَ إِعَادَةُ السَّعْيِ.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ ثُمَّ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَعَى قَبْلَ الطَّوَافِ أَيْ طَوَافِ الرُّكْنِ وَلَمْ يَقُلْ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أُسَامَةَ إِلَّا أَحْمَدُ وَعَطَاءٌ فَقَالَا لَوْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَقَدَّمَ السَّعْيَ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَجْزَأَهُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جريج عَنهُ.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ قَوِيٌّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الدَّلِيلَ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ فِي الْحَجِّ بِقَوْلِهِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُرَخِّصَةُ فِي تَقْدِيمِ مَا وَقَعَ عَنْهُ تَأْخِيرُهُ قَدْ قُرِنَتْ بِقَوْلِ السَّائِلِ لَمْ أَشْعُرْ فَيَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ وَتَبْقَى حَالَةُ الْعَمْدِ عَلَى أَصْلِ وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ فِي الْحَجِّ وَأَيْضًا فَالْحُكْمُ إِذَا رُتِّبَ عَلَى وَصْفٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا لَمْ يَجُزِ اطِّرَاحُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ عَدَمَ الشُّعُورِ وَصْفٌ مُنَاسِبٌ لِعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ وَقَدْ عُلِّقَ بِهِ الْحُكْمُ فَلَا يُمْكِنُ اطِّرَاحُهُ بِإِلْحَاقِ الْعَمْدِ بِهِ إِذْ لَا يُسَاوِيهِ.

.
وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِقَوْلِ الرَّاوِي فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ إِلَخْ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ مُطْلَقًا غَيْرُ مُرَاعًى فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ مِنَ الرَّاوِي يَتَعَلَّقُ بِمَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ مُطْلَقٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالِ السَّائِلِ وَالْمُطْلَقُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْخَاصَّيْنِ بِعَيْنِهِ فَلَا يَبْقَى حُجَّةً فِي حَالِ الْعَمْدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَهُنَّ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَالَ أَيْ قَالَ لِأَجْلِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ قَالَ يَوْمَ النَّحْرِ لِأَجْلِهِنَّ أَوْ بِقَوْلِهِ لَا حَرَجَ أَيْ لَا حَرَجَ لِأَجْلِهِنَّ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ قَالَ عَنْهُن كُلهنَّ تَكْمِيل قَالَ بن التِّينِ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْحَرَجِ فِي غَيْرِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمَا يَعْنِي الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ خَرَجَ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُهُ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ غَفَلَ عَنْ قَوْلِهِ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ وَكَأَنَّهُ حَمَلَ مَا أُبْهِمَ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ لَكِنَّ قَوْله فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا حَرَّرْنَاهُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ عِدَّةُ صُوَرٍ وَبَقِيَتْ عِدَّةُ صُوَرٍ لَمْ تَذْكُرْهَا الرُّوَاةُ إِمَّا اخْتِصَارًا وَإِمَّا لِكَوْنِهَا لَمْ تَقَعْ وَبَلَغَتْ بِالتَّقْسِيمِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ صُورَةً مِنْهَا صُورَةُ التَّرْتِيبِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ الْقُعُودِ عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْحَاجَةِ وَوُجُوبُ اتِّبَاعِ أَفْعَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِ الَّذِينَ خَالَفُوهَا لَمَّا عَلِمُوا سَأَلُوهُ عَنْ حُكْمِ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَقَفَ النَّبِيُّ فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَدْ سبق أَن أَحْمد وَصله

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1663 ... غــ : 1737 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنه- حَدَّثَهُ "أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ قَالَ: افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ".

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن يحيى بن سعيد) قال: ( حدّثنا أبي) هو يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاصي الأموي قال: ( حدّثنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز قال: ( حدثني) ولأبوي ذر والوقت أخبرني بالإفراد فيهما ( الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن عيسى بن طلحة) التابعي ( عن عبد الله بن عمرو بن العاصي) ولأبي ذر: أن عبد الله بن عمرو بن العاصي ( -رضي الله عنه-) أنه ( حدثه) .

( أنه شهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي حضره حال كونه ( يخطب يوم النحر) بمنى على راحلته ( فقام إليه رجل) لم يعرف اسمه ( فقال) يا رسول الله ( كنت أحسب) أي أظن ( أن كذا قبل كذا) الكاف للتشبيه وذا للإشارة ( ثم قام) إليه رجل ( آخر فقال: كنت أحسب أن كذا قبل كذا حلقت قبل أن أنحر نحرت قبل أن أرمي) أي قال الأول كنت أظن أن الحلق قبل النحر فحلقت قبل أن أنحر وقال الآخر كنت أظن أن النحر قبل الرمي فنحرت قبل أن أرمي ( وأشباه ذلك) أي من الأشياء التي كان يحسبها على خلاف الأصل، وفي رواية محمد بن أبي حفصة عن الزهري عند مسلم حلقت قبل أن أرمي وقال آخر: أفضت إلى البيت قبل أن أرمي.

وحاصل ما في حديث عبد الله بن عمر السؤال عن أربعة أشياء: الحلق قبل الذبح والذبح قبل الرمي والحلق قبل الرمي والإفاضة قبل الرمي، وفي حديث عليّ السؤال عن الإفاضة قبل الحلق، وفي حديثه عند الطحاوي السؤال عن الرمي والإفاضة قبل الحلق، وفي حديث جابر المعلق عند المؤلّف فيما سبق السؤال عن الإفاضة قبل الذبح، وفي حديث أسامة بن شريك عند أبي داود السؤال عن السعي قبل الطواف وهو محمول على من سعى بعد طواف القدوم، ثم طاف طواف الإفاضة فإنه يصدق عليه أنه سعى قبل الطواف أي طواف الركن.


قال في الفتح: وقد بقيت عدّة صور لم يذكرها الرواة إما اختصارًا وإما لكونها لم تقع وبلغت بالتقسيم أربعًا وعشرين صورة منها صورة الترتيب المتفق عليها.

( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( افعل) ما ذكر من التقديم والتأخير ( ولا حرج لهن) متعلق يقال أي قال لأجل هذه الأفعال ( كلهن) بجر اللام افعل أو لهن متعلق بمحذوف أي قال يوم النحر لهن أو متعلق بقوله: لا حرج أي لا حرج لأجلهن عليك قاله الكرماني.
قال في الفتح: ويحتمل أن تكون اللام بمعنى عن أبي قال عنهن كلهن إفعل ولا حرج، ( فما سئل يومئذ عن شيء) مما قدم أو أخر ( إلا قال) : ( افعل ولا حرج) وهو ظاهر في رفع الإثم والفدية معًا، وقول الطحاوي: إنه يحتمل أن يكون قوله لا حرج أي لا إثم في ذلك الفعل وهو كذلك لمن كان ناسيًا أو جاهلاً وأما من تعمد المخالفة فتجب عليه الفدية فيه نظر لأن وجوب الفدية يحتاج إلى دليل ولو كان واجبًا لبينه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حينئذٍ لأنه وقت الحاجة فلا يجوز تأخيره، وقد أجمع العلماء على الإجزاء في التقديم والتأخير كما قاله ابن قدامة في المغني إلا أنهم اختلفوا في وجوب الدم في بعض المواضع كما تقدم تقريره.

وفي هذا الحديث التحديث والإخبار والعنعنة وشيخه بغدادي وأبوه كوفي ورواية التابعي عن الصحابي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1663 ... غــ : 1738 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما- قَالَ "وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَاقَتِهِ .. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ".
تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر وابن عساكر: حدثني ( إسحاق) غير منسوب، لكن قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح وقع في رواية الأصيلي ورواية أبي علي بن شبويه معًا حدّثنا إسحاق بن منصور يعني ابن بهرام الكوسج المروزي صاحب مسائل أحمد بن حنبل قال: ( أخبرنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني نزيل بغداد المتوفى فيما نقله المزي فى التهذيب عن البخاري بنيسابور يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء لعشر خلون من جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين ومائتين قال: ( حدّثنا أبي) إبراهيم ( عن صالح) هو ابن كيسان ( عن ابن شهاب) الزهري قال: ( حدثني) بالإفراد ( عيسى بن طلحة بن عبيد الله) بضم العين مصغرًا التيمي المدني ( أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال) ( وقف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ناقته) زاد في الحديث الأول من هذا الباب حجة الوداع وفي الثاني يوم النحر وفي كتاب العلم عند الجمرة ( فذكر الحديث) نحو ما سبق.

( تابعه) أي تابع صالح بن كيسان ( معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين ساكنة ابن راشد في روايته ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب فيما وصله مسلم بلفظ: رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ناقته بمنى، وقوله بمنى لا يضاد قوله عند الجمرة.


وفي هذا الحديث رواية ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض صالح والزهري وعيسى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1663 ... غــ :1737 ]
- ( حَدثنَا سعيد بن يحيى بن سعيد قَالَ حَدثنَا أبي قَالَ حَدثنَا ابْن جريج قَالَ حَدثنِي الزُّهْرِيّ عَن عِيسَى بن طَلْحَة عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي رَضِي الله عَنهُ حَدثهُ أَنه شهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب يَوْم النَّحْر فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ كنت أَحسب أَن كَذَا قبل كَذَا ثمَّ قَامَ آخر فَقَالَ كنت أَحسب أَن كَذَا قبل كَذَا حلقت قبل أَن أنحر نحرت قبل أَن أرمي وَأَشْبَاه ذَلِك فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - افْعَل وَلَا حرج لَهُنَّ كُلهنَّ فَمَا سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَن شَيْء إِلَّا قَالَ افْعَل وَلَا حرج) مطابقته التَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله " يخْطب يَوْم النَّحْر " لِأَن فِي رِوَايَة صَالح بن كيسَان وَمعمر على رَاحِلَته ( فَإِن قلت) قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ إِن صَالح بن كيسَان تفرد بقوله " على رَاحِلَته " ( قلت) لَيْسَ كَمَا قَالَ فقد ذكر ذَلِك يُونُس عِنْد مُسلم وَمعمر عِنْد أَحْمد كِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ وَقد أَشَارَ البُخَارِيّ إِلَى ذَلِك بقوله " تَابعه معمر عَن الزُّهْرِيّ " أَي فِي قَوْله " وقف على رَاحِلَته " ( ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة.
الأول سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس.
الثَّانِي أَبوهُ يحيى بن سعيد الْمَذْكُور.
الثَّالِث عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج.
الرَّابِع مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس عِيسَى بن طَلْحَة ابْن عبيد الله.
السَّادِس عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ.
( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي موضِعين وَفِيه أَن شَيْخه بغدادي وَأَبوهُ كُوفِي وَابْن جريج مكي وَالزهْرِيّ وَعِيسَى مدنيان وَفِيه رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ وَقد ذكرنَا تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره فِي كتاب الْعلم فِي بابُُ الْفتيا وَهُوَ على ظهر الدَّابَّة.
( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " شهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَي حَضَره قَوْله " يخْطب يَوْم النَّحْر " جملَة فعلية وَقعت حَالا أَي يخْطب على رَاحِلَته كَمَا صرح بِهِ فِي رِوَايَة صَالح بن كيسَان وَمعمر بن رَاشد قَوْله " فَقَامَ إِلَيْهِ رجل " لم يدر اسْمه قَالَ شَيخنَا زين الدّين رَحمَه الله اخْتلفت أَلْفَاظ حَدِيث عبد الله بن عمر وَفِي مَكَان هَذَا السُّؤَال وَوَقفه فِي الصَّحِيحَيْنِ " وقف فِي حجَّة الْوَدَاع بمنى للنَّاس يسألونه " وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ " رَأَيْته عِنْد الْجَمْرَة وَهُوَ يسْأَل " وَفِي رِوَايَة لَهُ " وقف على نَاقَته " وَعند مُسلم " أَتَاهُ رجل يَوْم النَّحْر وَهُوَ وَاقِف عِنْد الْجَمْرَة " وَفِي رِوَايَة لَهُ " رَأَيْته على نَاقَته بمنى " وَفِي رِوَايَة لَهُ " بَيْنَمَا هُوَ يخْطب يَوْم النَّحْر ".

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه قَالَ لنا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي مَا وجدت يخْطب إِلَّا فِي حَدِيث ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ وَهُوَ حسن انْتهى وَجه الْجمع بَينهمَا أَنه لَا اخْتِلَاف فِي الْمَكَان فَقَوله " بمنى " لَا يُنَافِيهِ قَوْله " عِنْد الْجَمْرَة " لِأَنَّهَا أول منى وَقَوله " على نَاقَته " مَعَ قَوْله " يخْطب " لَا مُنَافَاة أَيْضا بَينهمَا إِذْ قد يكون خطب على رَاحِلَته.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ حِكَايَة عَن مَالك معنى يخْطب أَي وقف للنَّاس يعلمهُمْ لَا أَنَّهَا من خطب الْحَج قَالَ شَيخنَا وَيحْتَمل أَنه كَانَ فِي خطْبَة يَوْم النَّحْر وَهِي الْخطْبَة الثَّالِثَة من خطب الْحَج وَأما قَوْله " يَوْم النَّحْر " فَهُوَ معَارض لرِوَايَة البُخَارِيّ لحَدِيث ابْن عَبَّاس " رميت بَعْدَمَا أمسيت " فَهَذَا يدل على أَن السُّؤَال كَانَ بعد الْمسَاء إِمَّا فِي اللَّيْل وَإِمَّا فِي الْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ أَو مَا بعده انْتهى ( قلت) لَا مُعَارضَة لأَنا قد ذكرنَا أَن الْمسَاء يُطلق على مَا يُطلق عَلَيْهِ العشى والرواح والعشى يُطلق على مَا بعد الزَّوَال وَذكر ابْن حزم فِي حجَّة الْوَدَاع أَن هَذِه الأسئلة كَانَت بعد عوده إِلَى منى من إفَاضَة يَوْم النَّحْر.

     وَقَالَ  الْمُحب الطَّبَرِيّ يحْتَمل أَنَّهَا تَكَرَّرت قبله وَبعده وَفِي اللَّيْل وَالله أعلم.

     وَقَالَ  القَاضِي عِيَاض يحْتَمل أَن ذَلِك فِي موضِعين أَحدهمَا وقف على رَاحِلَته عِنْد الْجَمْرَة وَلم يقل فِي هَذَا الْوَجْه أَنه خطب وَإِنَّمَا فِيهِ أَنه وقف وَسُئِلَ وَالثَّانِي بعد صَلَاة الظّهْر يَوْم النَّحْر وقف للخطبة فَخَطب وَهِي إِحْدَى خطب الْحَج الْمَشْهُورَة يعلمهُمْ فِيهَا مَا بَين أَيْديهم من الْمَنَاسِك.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ وَهَذَا الِاحْتِمَال هُوَ الصَّوَاب قَوْله " فَقَالَ كنت أَحسب أَن كَذَا قبل كَذَا " أَي كنت أَظن مثلا أَن النَّحْر قبل الرَّمْي وَله نَظَائِر أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله " وَأَشْبَاه ذَلِك " أَي من الْأَشْيَاء الَّتِي كَانَ يحسبها على خلاف الأَصْل وَوَقع ذَلِك بعبارات مُخْتَلفَة فَفِي رِوَايَة يُونُس عِنْد مُسلم " لم أشعر أَن الرَّمْي قبل الْحلق فنحرت قبل أَن أرمي.

     وَقَالَ  آخر لم أشعر أَن النَّحْر قبل الْحلق فحلقت قبل أَن أنحر " وَفِي رِوَايَة ابْن جريج " كنت أَحسب أَن كَذَا قبل كَذَا " وَوَقع فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة عَن الزُّهْرِيّ عِنْد مُسلم " حلقت قبل أَن أرمي.

     وَقَالَ  آخر أفضت إِلَى الْبَيْت قبل أَن أرمي " وَفِي حَدِيث معمر عِنْد أَحْمد زِيَادَة الْحلق قبل الرَّمْي وَأَيْضًا فحاصل مَا فِي حَدِيث عبد الله بن عمر وَالسُّؤَال عَن أَرْبَعَة أَشْيَاء الْحلق قبل الذّبْح وَالْحلق قبل الرَّمْي والنحر قبل الرَّمْي والإفاضة قبل الرَّمْي والأولان فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَيْضا وَعند الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَيْضا السُّؤَال عَن الْحلق قبل الرَّمْي وَكَذَا فِي حَدِيث جَابر وَفِي حَدِيث أبي سعيد عِنْد الطَّحَاوِيّ السُّؤَال عَن منى والإفاضة مَعًا قبل الْحلق وَفِي حَدِيث جَابر الَّذِي علقه البُخَارِيّ فِيمَا مضى السُّؤَال عَن السَّعْي قبل الطّواف قَوْله " لَهُنَّ كُلهنَّ " اللَّام فِيهِ إِمَّا مُتَعَلق يُقَال أَي قَالَ لأجل هَذِه الْأَفْعَال كُلهنَّ افْعَل وَلَا حرج أَو مُتَعَلق بِمَحْذُوف نَحْو قَالَ يَوْم النَّحْر لَهُنَّ أَو مُتَعَلق بِلَا حرج أَي لَا حرج لأجلهن عَلَيْك قَوْله " عَن شَيْء " أَي من الْأُمُور الَّتِي هِيَ وظائف يَوْم النَّحْر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1663 ... غــ :1738 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ قَالَ أخبرنَا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا أبِي عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ حدَّثني عِيسَى بنُ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ الله أنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بنَ عَمْرِو بنِ العاصِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ وقَفَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى ناقَتِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ..
هَذَا طَرِيق ثَالِث للْحَدِيث الْمَذْكُور عَن إِسْحَاق، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: إِسْحَاق مُجَردا غير مَنْسُوب، وَنسبه أَبُو عَليّ بن السكن.
فَقَالَ: إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) من مُسْند إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَب، لِأَن أَبَا نعيم يروي من حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن شيرويه عَن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب، وَابْن شيرويه يروي عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه بِسَنَدِهِ، وَلم يعلم لَهُ رِوَايَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم ابْن سعيد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْقرشِي الزُّهْرِيّ، روى عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم بن سعد، يروي عَن صَالح بن كيسَان مؤدب ولد عمر بن عبد الْعَزِيز، يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

وَفِيه: من اللطائف: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب، وَرِوَايَة ثَلَاثَة من التَّابِعين، يروي بَعضهم عَن بعض، وهم صاحل وَالزهْرِيّ وَعِيسَى.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: مَاتَ صَالح بعد الْأَرْبَعين وَالْمِائَة، وَكَانَ تابعيا، رأى عبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَوْله: ( وقف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نَاقَته) قَالَ ابْن عبد الْبر: فِي وقُوف النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على نَاقَته مَعَ مَا رُوِيَ عَن جَابر وَغَيره دلَالَة لما استحبه حماعة مِنْهُم الشَّافِعِي وَمَالك قَالُوا: رمى جَمْرَة الْعقبَة رَاكِبًا، قَالَ مَالك: وَفِي غير يَوْم النَّحْر مَاشِيا، وَعَن أبي حنيفَة: يرميها كلهَا مَاشِيا أَو رَاكِبًا..
     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: ثَبت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رمى الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر رَاكِبًا..
     وَقَالَ  ابْن حزم: يرميها كلهَا رَاكِبًا.
قلت: يرد هَذَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مصححا عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، إِنَّه كَانَ إِذا رمى الْجمار مَشى إِلَيْهَا ذَاهِبًا وراجعا، ويخبر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل ذَلِك، وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم.
قَالَ:.

     وَقَالَ  بَعضهم: يركب يَوْم النَّحْر وَيَمْشي فِي الْأَيَّام الَّتِي بعد يَوْم النَّحْر.
انْتهى.

وَقد أجمع الْعلمَاء على جَوَاز الْأَمريْنِ مَعًا وَاخْتلفُوا فِي الْأَفْضَل من ذَلِك، فَذهب أَحْمد إِسْحَاق إِلَى اسْتِحْبابُُ الرَّمْي مَاشِيا، وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى جَابر بن عبد الله أَنه كَانَ يكره أَن يركب إِلَى شَيْء من الْجمار إلاَّ من ضَرُورَة، وَذهب مَالك إِلَى اسْتِحْبابُُ الْمَشْي فِي رمي أَيَّام التَّشْرِيق، وَأما جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر فيرميها على حسب حَاله كَيفَ كَانَ،.

     وَقَالَ  القَاضِي عِيَاض: لَيْسَ من سنة الرَّمْي الرّكُوب لَهُ وَلَا التَّرَجُّل، وَلَكِن يَرْمِي الرجل على هَيئته الَّتِي يكون حِينَئِذٍ عَلَيْهَا من ركُوب أَو مشي، وَلَا ينزل إِن كَانَ رَاكِبًا لرمي، وَلَا يركب إِن كَانَ مَاشِيا، وَأما الْأَيَّام بعْدهَا فَيَرْمِي مَاشِيا لِأَن النَّاس نازلون مَنَازِلهمْ بمنى فيمشون للرمي وَلَا يركبون، لِأَنَّهُ خُرُوج عَن التَّوَاضُع حِينَئِذٍ، هَذَا مَذْهَب مَالك.
انْتهى وَاخْتَارَ بَعضهم الرّكُوب فِي الْيَوْم الأول والأخير وَالْمَشْي فِيمَا بَينهمَا، وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: رمي الْجمار ركُوب يَوْمَيْنِ ومشي يَوْمَيْنِ، وَحمله الْبَيْهَقِيّ على ركُوب الْيَوْم الأول والأخير، وَحكى النَّوَوِيّ فِي ( شرح مُسلم) عَن الشَّافِعِي وموافقيه: أَنه يسْتَحبّ لمن وصل منى رَاكِبًا أَن يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر رَاكِبًا، وَلَو رَمَاهَا مَاشِيا جَازَ، وَأما من وَصلهَا مَاشِيا فيرميها مَاشِيا، قَالَ: وَهَذَا فِي يَوْم النَّحْر، وَأما اليومان الْأَوَّلَانِ من أَيَّام التَّشْرِيق فَالسنة أَن يَرْمِي فيهمَا جَمِيعًا الجمرات مَاشِيا، وَفِي الْيَوْم الثَّالِث يَرْمِي رَاكِبًا.
انْتهى..
     وَقَالَ  أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة: كل رمي بعده رمي كرمي الْجَمْرَتَيْن الأولى وَالْوُسْطَى فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة يَرْمِي مَاشِيا، وَإِن لم يكن بعده رمي كرمي جَمْرَة الْعقبَة، والجمرة الْأَخِيرَة فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة، فَيَرْمِي رَاكِبًا.
هَذَا هُوَ الْفَضِيلَة، وَأما الْجَوَاز فثابت كَيفَ مَا كَانَ.
تابَعَهُ مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ

أَي: تَابع صَالح بن كيسَان معمر بن رَاشد فِي رِوَايَة عَن الزُّهْرِيّ.
وَأخرج مُسلم هَذِه الْمُتَابَعَة عَن ابْن أبي عمر وَعبد بن حميد عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد: ( رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نَاقَته بمنى فجَاء رجل.
.
)
الحَدِيث.