هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
151 وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ ، وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ ، وَزَادَ : وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَمَا سَمَّاهُ لَنَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
151 وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، عن الوليد بن العيزار ، أنه سمع أبا عمرو الشيباني ، قال : حدثني صاحب هذه الدار ، وأشار إلى دار عبد الله قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : الصلاة على وقتها قلت : ثم أي ؟ قال : ثم بر الوالدين قلت : ثم أي ؟ قال : ثم الجهاد في سبيل الله قال : حدثني بهن ولو استزدته لزادني حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، بهذا الإسناد مثله ، وزاد : وأشار إلى دار عبد الله ، وما سماه لنا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي عمرو الشيباني قال: حدثني صاحب هذه الدار ( وأشار إلى دار عبد الله) قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال الصلاة على وقتها قلت: ثم أي؟ قال ثم بر الوالدين قلت: ثم أي؟ قال ثم الجهاد في سبيل الله قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني.

وحدثنا شعبة بهذا الإسناد مثله.
وزاد: وأشار إلى دار عبد الله وما سماه لنا.



المعنى العام

وفي مجال التنافس في الخير، والسؤال عن أفضل القربات يسأل عبد الله بن مسعود رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ وأي الطاعات أحب إلى الله؟ ويجيبه صلى الله عليه وسلم: أحب الأعمال إلى الله المحافظة على أداء الصلوات في مواقيتها، قال ابن مسعود: ثم ماذا من أعمال الصالحات أحب إلى الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بر الوالدين ورعاية أمورهما والإحسان إليهما.
قال: ثم أي الأعمال بعد بر الوالدين؟ قال: الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الإسلام ونشره بين الأمم.

وكان ابن مسعود يرغب في الاسترسال في أسئلته حرصا على الاستزادة من العلم ومعرفة أبواب الخير، لكنه استشعر أو خاف ملل الرسول صلى الله عليه وسلم فسكت شفقة منه عليه، وهو يعلم أنه لو سأل زيادة لأجيب.

فرضي الله عن ابن مسعود وعن سائر الصحابة الذين قال الله فيهم { { يحبهم ويحبونه } } [المائدة: 54] وصلى الله عليه وسلم على من قال فيه ربه { { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم } } [التوبة: 128] .

المباحث العربية

( أي العمل أفضل) وفي الرواية الثانية أي الأعمال أقرب إلى الجنة وفي الرواية الثالثة أي الأعمال أحب إلى الله والظاهر أن السؤال كان بالصيغة الأولى، والصيغتان الثانية والثالثة من تصرف الرواة، والرواية بالمعنى والتعبير بالملزوم بدل اللازم.

( الصلاة لوقتها) اللام للابتداء كقوله تعالى: { { أقم الصلاة لدلوك الشمس } } [الإسراء: 78] .

أي الصلاة لابتداء وقتها، وقيل: للاستقبال كقوله تعالى: { { فطلقوهن لعدتهن } } [الطلاق: 1] .

أي الصلاة مستقبلة وقتها، وقيل: بمعنى في أي الصلاة في وقتها.
ورواه الدارقطني بلفظ لأول وقتها وقال النووي عنها: إنها ضعيفة.

وفي روايتنا الثانية: الصلاة على مواقيتها وفي روايتنا الثالثة كرواية البخاري الصلاة على وقتها ويمكن أن يفهم من هذه الرواية أن المقصود أول وقتها، من حيث إن لفظة على تقتضي الاستعلاء على جميع الأوقات، فيتعين أول الوقت.

والتحقيق أن الاستعلاء المفهوم من لفظ على إنما يدل على تحقق دخول الوقت ليقع الأداء فيه، ولا يدل على أول الوقت، فالمراد التمكن من أدائها في أي جزء من أجزاء وقتها.

( ثم أي) قيل: الصواب أنه غير منون، لأن السائل ينتظر الجواب، والتنوين لا يوقف عليه، فتنوينه ووصله بما بعده خطأ، فيوقف عليه وقفة لطيفة، ثم يؤتى بما بعده، وهو مضاف تقديرا، والمضاف إليه محذوف لفظا، والتقدير: ثم أي العمل أفضل، فيوقف عليه بلا تنوين.

( بر الوالدين) قال أهل اللغة: بررت والدي - بكسر الراء- أبره- بضمها مع فتح الباء- برا، وأنا بر به - بفتح الباء- وبار، وجمع البر الأبرار وجمع البار البررة، والبر ضد العقوق.

( فما تركت أستزيده) أن المصدرية مقدرة، أو الفعل أستزيده مسبوك بمصدر من غير سابك على غير قياس، والمصدر مفعول تركت والتقدير: فما تركت الاستزادة منه إلا إشفاقا عليه.

( إلا إرعاء عليه) بكسر الهمزة وإسكان الراء وبالعين المهملة ممدود، ومعناه إبقاء عليه ورفقا به، وفي رواية الترمذي فسكت عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني فكأنه فهم منه السآمة، فسكت.

( حدثني بهن) مقول عبد الله بن مسعود، وفيه تقرير وتأكيد لما تقدم من أنه باشر السؤال وسمع الجواب.

( ولو استزدته) يريد من هذا النوع، وهو مراتب أفضل الأعمال.

فقه الحديث

قال ابن بطال: في الحديث أن البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها، لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب .
اهـ.

وقد اعترض ابن دقيق العيد على قول ابن بطال وقال: ليس في هذا اللفظ ما يقتضي أولا ولا آخرا، وكأن المقصود به الاحتراز عما إذا وقعت قضاء.
اهـ وتعقب بأن إخراجها عن وقتها محرم، ولفظ أحب يقتضي المشاركة في الاستحباب، فيكون المراد الاحتراز عن إيقاعها آخر الوقت.
وأجيب على التعقيب بأن المشاركة إنما هي بالنسبة إلى الصلاة وغيرها من الأعمال، فإن وقعت الصلاة في وقتها كانت أحب إلى الله من غيرها من الأعمال، فوقع الاحتراز عما إذا وقعت خارج وقتها من معذور كالنائم والناسي، فإن إخراجهما لها عن وقتها لا يوصف بالتحريم، ولا يوصف بكونه أفضل الأعمال مع كونه محبوبا، لكن إيقاعها في الوقت أحب.
اهـ.
فتح الباري.

ونحن مع ابن بطال في أن أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها لأن مجموع الروايات [الصلاة لوقتها والصلاة على مواقيتها والصلاة على وقتها] ترجح أن اللام للابتداء أو للاستقبال كما قلنا، لتتوافق مع الاستعلاء المأخوذ من على وتبعد أن اللام بمعنى في خصوصا وقد جاء التصريح بأول الوقت الصلاة في أول وقتها فيما أخرجه الحاكم والدارقطني والبيهقي عن علي بن حفص الذي قال عنه الحافظ ابن حجر: إنه شيخ صدوق من رجال مسلم: وهذا لا يمنع فضل الصلاة في وقتها، لكن الصلاة في أول وقتها أفضل من الصلاة في آخر وقتها ومن جميع الأعمال.

أما بر الوالدين فقد وضحه القرآن الكريم بقوله تعالى: { { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } } [العنكبوت: 8] .
وبقوله: { { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا } } [الإسراء: 23 ، 24] .

واقتضت الآيات الوصية بالوالدين والأمر بطاعتهما ولو كانا كافرين إلا إذا أمرا بالشرك فتجب معصيتهما في ذلك، عملا بقوله تعالى: { { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا } } [لقمان: 15] .

وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: حلفت أم سعد لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه، قالت: زعمت أن الله أوصاك بوالديك، فأنا أمك وأنا آمرك بهذا فنزلت { { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما } } [العنكبوت: 8] .

وفي رواية: قالت أمه: يا سعد لن آكل ولن أشرب حتى أموت، فتعير بي بين العرب، فيقال لك: يا قاتل أمه.
فقال سعد: يا أماه.
والله لقد علم العرب أنني أبر الناس بأمي، ولكن لو أن لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما رجعت عن ديني .

وقد اختلف العلماء في تقديم حق الأم في البر على الأب، فذهب الجمهور إلى أن للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، أخذا من الحديث الصحيح أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: يا رسول الله.
من أحق بحسن صحابتي؟ قال: أمك.
قال: ثم من؟ قال: أمك.
قال: ثم من؟ قال أمك.
قال: ثم من؟ قال: أبوك ومن الحديث الصحيح أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بآبائكم، ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب.

قال الجمهور: وكان ذلك لصعوبة الحمل، ثم الوضع، ثم الرضاع.
فهذه تنفرد بها الأم وتشقى بها، ثم تشارك الأب في التربية.
وقد وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: { { ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } } [الأحقاف: 15] فسوى بينهما في الوصاية وخص الأم بالأمور الثلاثة.

ونقل بعضهم عن مالك أنهما في البر سواء، أخذا مما روي عنه أنه سأله رجل قال: طلبني أبي فمنعتني أمي؟ قال مالك: أطع أباك ولا تعص أمك قال ابن بطال: هذا يدل على أنه يرى أن برهما سواء، إذ قال الليث حين سئل عن المسألة بعينها، قال: أطع أمك، فإن لها ثلثي البر، قال الحافظ ابن حجر: والصواب رأي الجمهور.

وعندي أن بعض الأمهات في بعض البلاد متخلفات العقل، قاصرات في التفكير، قد تأمر ابنها بما يضر دينه ودنياه، وتنهاه عما يصلح حاله.
قد تأمره بزواج قريبتها وهو لا يهواها وليست بكفء لحاله، وقد تنهاه عن الزواج لمجرد حرصها على إبقائه في أحضانها، فطاعة الأم، وكذا طاعة الأب -بعد كمال رشد الابن- ليست على الإطلاق.

ومع هذا ينبغي على الابن أن يعمل على إرضائهما، مع المحافظة على ما يصلحه في الدين والدنيا.

ولا يتعارض هذا الرأي مع بر الوالدين، ولا مع توقف الجهاد على إذن الأبوين، لأن الجهاد الذي يتوقف على إذن الوالدين هو فرض الكفاية، والذي يصير غير واجب على من له أبوان إذا قام به غيره.
وبر الوالدين واجب عيني، فصح توقف هذا الجهاد على إذنهما.
على أن هذا الجهاد يحرم الأبوين من البر زمنا قد يطول، بخلاف عصيان بعض أوامرهما لمصلحته، فإنه لا يحرمهما من البر والإحسان، ولا من طاعتهما في تعليماتهما الأخرى.
وستأتي تتمة لهذا البحث في شرح الحديث الذي يلي الحديث الآتي.

أما عدم ذكر الإيمان بالله في الحديث فقد أجاب عنه ابن دقيق العيد حيث قال: الأعمال في هذا الحديث محمولة على البدنية، وأراد بذلك الاحتراز عن الإيمان لأنه من أعمال القلوب، فلا تعارض بين هذا الحديث وبين حديث أبي هريرة السابق.

أما تقديم الصلاة على البر فلأن الصلاة شكر لله والبر شكر للوالدين، وشكر الله مقدم على شكر الوالدين، موافقة لقوله تعالى: { { أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير } } [لقمان: 14] .

وأما تقديم البر على الجهاد فلأن المراد من الجهاد هنا غير فرض العين، وهو يتوقف على إذن الوالدين.
بل يقدم بر الوالدين عليه، فقد روى النسائي أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله.. أردت الغزو وجئت لأستشيرك.
فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم قال: الزمها ولمسلم عن عبد الله بن عمرو في نحو هذه القصة ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ولأبي داود عن عبد الله بن عمرو ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما ولأبي داود أيضا ارجع فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما.

قال جمهور العلماء: يحرم الجهاد إذا منع الأبوان أو أحدهما، بشرط أن يكونا مسلمين، لأن برهما فرض عين عليه، والجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد فلا إذن.

قال الحافظ ابن حجر بعد أن ساق هذه الأحاديث: واستدل بهذا على تحريم السفر بغير إذنهما، لأن الجهاد إذا منع مع فضيلته فالسفر المباح أولى.
نعم إن كان سفره لتعلم فرض كفاية ففيه خلاف.
اهـ .

قال الطبري: إنما خص صلى الله عليه وسلم هذه الثلاثة بالذكر لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات، فإن من ضيع الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها في غير عذر مع خفة مؤونتها عليه، وعظم فضلها، فهو لما سواها أضيع، ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما عليه، كان لغيرهما أقل برا، ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عداوتهم للدين، كان لجهاد غيرهم من الفساق أترك.

فظهر أن الثلاثة تجتمع في أن من حافظ عليها كان لما سواها أحفظ، ومن ضيعها كان لما سواها أضيع.
اهـ.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

1- أن أعمال البر يفضل بعضها بعضا.

2- جواز السؤال عن مسائل متعددة في وقت واحد.

3- الرفق بالعالم والتوقف عن الإكثار عليه خشية الملل.

4- ما كان عليه الصحابة من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والشفقة عليه.

5- ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من إرشاد المسترشدين ولو شق عليه.

6- وفيه حسن المراجعة في السؤال.

7- وفيه جواز إخبار الإنسان عما لم يقع أنه لو كان كذا لوقع كذا.

8- ويؤخذ من قول الراوي وأشار إلى دار عبد الله وما سماه لنا أن الإشارة تنزل منزلة التصريح إذا كانت مفهمة معينة المشار إليه مميزة له عن غيره.

والله أعلم