هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
147 وَحَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ح ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ ، يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : إِيمَانٌ بِاللَّهِ ، قَالَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : حَجٌّ مَبْرُورٌ ، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
147 وحدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا إبراهيم بن سعد ح ، وحدثني محمد بن جعفر بن زياد ، أخبرنا إبراهيم ، يعني ابن سعد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان بالله ، قال : ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله قال : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور ، وفي رواية محمد بن جعفر قال : إيمان بالله ورسوله وحدثنيه محمد بن رافع ، وعبد بن حميد ، عن عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري بهذا الإسناد مثله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Huraira reported:

The Messenger of Allah was asked about the best of deeds. He observed: Belief in Allah. He (the inquirer) said: What next? He (the Holy Prophet) replied: Jihad (struggle to the utmost) in the cause of Allah. He (the inquirer) again said: What next? He (the Holy Prophet) replied: Pilgrimage accepted into the grace of the Lord. In the. tradition narrated on the authority of Muhammad b. Ja'far (the words are) that he (the Holy Prophet) said: Belief in Allah and His Messenger. Muhammad b. Rafi and 'Abd b. Humaid, 'Abdur-Razzaq and Ma'mar and Zuhri have narrated a hadith like this on the authority of the same chain of transmitters.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال إيمان بالله قال: ثم ماذا؟ قال الجهاد في سبيل الله قال: ثم ماذا؟ قال حج مبرور.
وفي رواية محمد بن جعفر قال: إيمان بالله ورسوله.



المعنى العام

لما دخل الإيمان قلوب الصحابة، وامتزج بأرواحهم ودمائهم أخذوا يتنافسون على عمل الصالحات، ويسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال التي تقرب من الجنة وتباعد من النار، بل التي ترفع الدرجات وتقرب من الله، ليصعدوا في سلم الكمال، وليصلوا إلى أرفع المنازل.

فهذا أبو ذر يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: يا رسول الله أي الصالحات أفضل عند الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: أفضل الأعمال الإيمان بالله ورسوله إيمانا بالغا حد الجزم لا يخالطه شك ولا يساوره قلق.
قال: يا رسول الله ثم أي الأعمال أفضل بعد الإيمان بالله ورسوله؟ قال: الجهاد في سبيل الله، والدفاع عن الإسلام بالنفس والمال قال: ثم أي الأعمال أفضل بعد الجهاد في سبيل الله؟ قال: الحج المبرور والمتقبل، الخالي من اللغو والرفث والفسوق والجدال قال: يا رسول الله، من كانت عنده رقاب يريد أن يعتق منها، فأي الرقاب أفضل في العتق؟ قال: أحسنها وأحبها عند صاحبها، وأغلاها ثمنا قال: يا رسول الله، إن لم يكن عندي رقاب أعتقها وأردت المنافسة في الخير، فماذا أفعل؟ قال صلى الله عليه وسلم: تساعد الصانع في صنعته، والمحتاج في حاجته، وتعين الضعفاء وأهل البطالة.

قال: يا رسول الله، لو أني ضعفت قوتي عن هذه المساعدة، فماذا أفعل لأسهم في الخير؟ قال: تكف شرك عن الناس، وتمسك لسانك وجوارحك عن الأذى، فتحسن بذلك إلى نفسك، وتحميها من السيئات والآثام.

المباحث العربية

( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم) السائل أبو ذر المصرح به في الرواية الثانية، وإنما سأل عن أفضل الأعمال ليلتزمه، كعادة الصحابة في الحرص على الخير.

( إيمان بالله) إذا اقتصر في الإيمان على الإيمان بالله أريد منه الإيمان بالله ورسوله، إذ هو المنجي من النار، فالمراد من هذه الرواية هو المراد من رواية إيمان بالله ورسوله.

( ثم ماذا؟) مبتدأ والخبر محذوف، أو خبر والمبتدأ محذوف، أي ثم ماذا الأفضل بعد الإيمان بالله؟ .

( الجهاد في سبيل الله) في بعض الروايات ثم جهاد في سبيل الله فتتوافق الثلاثة في التنكير، ويكون التنوين للإفراد الشخصي، والتعريف للكمال.
ويمكن أن يقال: إن التنكير للتعظيم، وهو يعطي الكمال.
قال صاحب الفتح: إن التنكير والتعريف من تصرف الرواة لأن مخرجه واحد.

( حج مبرور) أي مقبول، يقال: بر حجك بضم الباء، وبر الله حجك بفتحها، أي قبله، واعترض على هذا التفسير بأن القبول لا اطلاع لأحد عليه حتى يصح قوله صلى الله عليه وسلم أفضل الأعمال الحج المقبول وأجيب بأن من علامات القبول أن يزداد صاحبه بعده خيرا.

والأولى أن يقال: الحج المبرور هو الذي لا يخالطه شيء من المآثم، ومنه برت يمينه إذا سلم من الحنث، وبر بيعه إذا سلم من الخداع.
وقيل: هو الصادق الخالص لله تعالى.

( أي الرقاب؟) جمع رقبة والمراد الرقيق، وإطلاق الرقبة على الرقيق مجاز مرسل مشهور علاقته الجزئية والكلية.

( أنفسها عند أهلها) أرفعها وأجودها، وقيل، أكثرها رغبة عند أهلها لمحبتهم فيها قال الأصمعي: مال نفيس أي مرغوب فيه.

( وأكثرها ثمنًا) وفي رواية أعلاها ثمنا بالعين المهملة أو بالغين، فأفضل الرقاب من جمعت بين الصفتين.

( فإن لم أفعل؟) المفعول وجواب الشرط محذوفان للعلم بهما، والتقدير: فإن لم أفعل العتق فماذا أفعل من الخير؟ أي إن لم أقدر على ذلك، فأطلق الفعل وأراد القدرة عليه، وفي رواية فإن لم أستطع.

( تعين صانعا) وفي رواية الصانع روي بالصاد المهملة في صانعا وتصنع من الصنعة، وروي بالضاد المعجمة، وبالهمزة بدل النون، تكتب ياء في الخط من الضياع، والصحيح عند العلماء رواية الصاد المهملة لمقابلته بالأخرق، وإن كان المعنى بالضاد المعجمة صحيحا، إذ معونة الضائع مطلوبة.

( أو تصنع لأخرق) الأخرق هو الذي ليس بصانع، يقال: رجل أخرق وامرأة خرقاء لمن لا صنعة له.

( أرأيت) أي أخبرني عن جواب هذا الاستفهام وفي دلالة أرأيت على أخبرني مجازان.

الأول: في الاستفهام الذي هو طلب الفهم، بأن نريد منه مطلق الطلب عن طريق المجاز المرسل بعلاقة الإطلاق بعد التقييد.

الثاني: في رأي التي هي بمعنى علم أو أبصر، بأن نريد منها المسبب عن العلم أو الإبصار، وهو الإخبار، عن طريق المجاز المرسل أيضا بعلاقة السببية والمسببية، فيتحصل منهما طلب الإخبار المدلول عليه بلفظ أخبرني.

( إن ضعفت عن بعض العمل) أي لم أستطع عمل الخير المشار إليه صحيا أو ماليا.

( فإنها صدقة منك على نفسك) الضمير في فإنها عائد على كف الشر باعتباره خصلة وفعلة، أي فإن هذه الخصلة أو الفعلة صدقة، والصدقة في الأصل ما يخرجه المرء من ماله في ذات الله، والمراد منها هنا الثواب.
وإذا كف شره عن غيره فكأنه قد تصدق عليه لأمنه منه، فإن كان شرا لا يعدو نفسه فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الإثم.

فقه الحديث

جعل الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أفضل الأعمال الإيمان بالله ثم الجهاد ثم الحج، وفي حديث ابن مسعود الآتي جعل أفضل العمل الصلاة لوقتها ثم الجهاد في سبيل الله، وفي حديث عبد الله بن عمرو: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف .
وفي حديث أبي موسى: أي المسلمين خير؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده.
وفي حديث عثمان: خيركم من تعلم القرآن وعلمه وأمثال هذا في الصحيح كثيرة.

وقد اختلف العلماء في الجمع بينها، فقيل: يجوز أن يكون المراد: من أفضل الأعمال كذا، أو من خيرها كذا، أو من خيركم من فعل كذا، فحذفت من وهي مرادة، كما يقال: فلان أعقل الناس وأفضلهم ويراد أنه من أعقلهم وأفضلهم.

ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله ومن المعلوم أنه لا يصير بذلك خير الناس، ومن ذلك قولهم: أزهد الناس في العالم جيرانه، وقد يوجد في غيرهم من هو أزهد منهم فيه.

والأولى أن يقال: إن اختلاف جوابه صلى الله عليه وسلم مع اتحاد السؤال أو تشابه الأسئلة إنما كان مراعاة لمقتضى الحال، فقد يراعي حال السائل وما هو أنفع له وأخص به فإن كان السائل ذا نجدة فالجهاد في حقه أفضل، وإن كان له والدان يعتمدان عليه لو خرج للجهاد ضاعا فالبر في حقه أفضل، ومن ذلك ما ورد أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجهاد، فقال: ألك والدان؟ قال: نعم.
فقال: ففيهما فجاهد، وإن كان السائل امرأة تسأل عن الجهاد لم يكن بالنسبة لها أفضل الأعمال، ففي البخاري عن عائشة قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، قال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور .
وقد يراعي حال المخاطبين والسامعين فيعلم كل قوم بما بهم من حاجة إليه، أو بما لم يكملوه بعد من دعائم الإسلام فقد ورد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حجة لمن لم يحج أفضل من أربعين غزوة، وغزوة لمن حج أفضل من أربعين حجة وقد يراعي ما هو أليق بالزمان، كما لو نزل العدو بأرض المسلمين، وفي وقت الزحف الملجئ والنفير العام، فإن الجهاد حينئذ يجب على الجميع، وإن كان كذلك فالجهاد أولى بالتحريض والتقديم على ما سواه، وكما لو نزلت بالمسلمين ضائقة وفقر وجدب وشدة، فإن إطعام الطعام حينئذ يكون أولى بالتقديم، وبكونه أفضل الأعمال.

فكأن الأفضلية أمر نسبي، فما هو أفضل لي قد يكون غيره أفضل لغيري، بل قد يكون الشيء خير الأشياء لي في وقت، وغيره خيرا منه لي في وقت آخر.

ومرجع هذا الجواب إلى تقييد كل حديث بالحال والمقام، وهذا الجواب يصلح جوابا عن قول القائل: لم خص هذه الأمور بالذكر من بين سائر خصال الإسلام وشعبه، وكذلك عن قول القائل: لم قدم الجهاد -وليس بركن- على الحج وهو ركن؟ ولا يشكل على هذا الجواب ما جاءت به بعض الروايات من التعبير بحرف ثم وهي موضوعة للترتيب، فقد تقتضي الظروف والأحوال هذا الترتيب في مثل هذا، على أنهم قالوا إن الترتيب ترتيب في الذكر، من قبيل قوله تعالى: { { وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا } } [البلد: 12 - 17] ومعلوم أنه ليس المراد هنا الترتيب في الفعل بين الإطعام والإيمان.

وكقول الشاعر:

قل لمن ساد ثم ساد أبوه
ثم قد ساد قبل ذلك جده

وإذا صرفنا النظر عن الظروف ومقتضيات الأحوال فإنه لا خلاف في أن أفضل الأعمال الإيمان بالله ورسوله، لأنه شرط في كلها، وأساس في قبول أي منها، ثم إن شرف الصفة بشرف متعلقها، ومتعلق الإيمان الله ورسوله، ولا يدخل في الإيمان ها هنا الأعمال بسائر الجوارح كالصوم والحج والجهاد وغيرها لكونه جعل قسيما للجهاد والحج، ولا يمنع هذا من تسمية الأعمال المذكورة إيمانا باعتبارها من الإيمان المنجي من النار.
أما الشبهة الواردة في عد الإيمان من الأعمال مع أنه التصديق بالقلب عند جمهور المتكلمين.
فقد يجاب عنها بأن المراد من الأعمال المسئول عن أفضلها ما هو أعم من عمل القلب وعمل الجوارح، وهذا الجواب خير من قول بعضهم: إن المراد من الإيمان المجعول أفضل هو الذكر الخفي من تعظيم حق الله تعالى وحق رسوله صلى الله عليه وسلم وإدامة الذكر وتدبر آيات كتاب الله.

وأما عدم ذكر الحج في روايتنا الثانية وعدم ذكر العتق وما بعده في روايتنا الأولى فهو من تصرف الرواة.
والله أعلم.

وقد أفادت الرواية الثانية أن عتق أنفس الرقاب أفضل من عتق غير الأنفس.
وهذا فيمن أراد أن يعتق رقبة واحدة، أما إذا كان معه ألف درهم وأمكن أن يشتري رقبتين مفضولتين أو رقبة نفيسة، فالرقبتان أفضل، وهذا بخلاف الأضحية فإن التضحية بشاة سمينة أفضل من التضحية بشاتين دونها في السمن، قال الشافعي: في الأضحية استكثار القيمة مع استقلال العدد أحب إلي من استكثار العدد مع استقلال القيمة، وفي العتق استكثار العدد مع استقلال القيمة أحب إلي من استكثار القيمة مع استقلال العدد، لأن المقصود من الأضحية اللحم، ولحم السمين أوفر وأطيب، والمقصود من العتق تكميل حال الشخص وتخليصه من ذل الرق، وتخليص جماعة أفضل من تخليص واحد.

ويؤخذ من الحديث

1- حرص الصحابة على تتبع أفضل الأعمال والسؤال عنه لالتزامه.

2- حلم النبي صلى الله عليه وسلم ورفقه بالسائل حتى ولو تمادى في تساؤله.

3- الترغيب فيما ذكر من الأعمال باعتباره أفضل شعب الإيمان.

4- فيه حجة لمن جعل الترك والكف عملا وكسبا للعبد.

5- استدل بظاهره بعضهم على أنه ليس في الشرع شيء إلا وله أجر أو عليه وزر، والجمهور على خلافه.

6- فيه إشارة إلى أن الصدقة لا تنحصر في الأمر المحسوس.

7- فيه أن الكف عن الشرور والآثام يثاب عليه، والجمهور على أنه يثاب إذا قصد بالترك وجه الله تعالى.

8- الحث على فعل الخير مهما أمكن، وليس في الحديث ترتيب فيما تضمنه إنما هو لإيضاح ما يفعله من عجز عن خصلة من الخصال المذكورة، فمن أمكنه أن يفعل الجميع فليفعل، ومن عجز عن الأعلى انتقل إلى الأدنى.

9- أن الشفقة على خلق الله لا بد منها.

10- أخذ منه بعضهم أن إعانة الصانع أفضل من إعانة غير الصانع، لأن غير الصانع مظنة الإعانة، فكل أحد يعينه غالبا، بخلاف الصانع، فإنه لشهرته بصنعته يغفل عن إعانته.

والله أعلم