هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
119 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَخِي ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ : فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
119 حدثنا إسماعيل ، قال : حدثني أخي ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين : فأما أحدهما فبثثته ، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ : فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ .

Narrated Abu Huraira:

I have memorized two kinds of knowledge from Allah's Messenger (ﷺ) . I have propagated one of them to you and if I propagated the second, then my pharynx (throat) would be cut (i.e. killed).

0120 Abu Hurayra dit : « J’ai retenu du Messager de Dieu deux genres de science : l’une, je l’ai répandu; quant à l’autre, si je le divulgue on me coupera le cou. »

":"ہم سے اسماعیل نے بیان کیا ، ان سے ان کے بھائی ( عبدالحمید ) نے ابن ابی ذئب سے نقل کیا ۔ وہ سعید المقبری سے روایت کرتے ہیں ، وہ حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے ، وہ فرماتے ہیں کہمیں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے ( علم کے ) دو برتن یاد کر لیے ہیں ، ایک کو میں نے پھیلا دیا ہے اور دوسرا برتن اگر میں پھیلاؤں تو میرا یہ نرخرا کاٹ دیا جائے ۔ امام بخاری رحمہ اللہ نے فرمایا کہ «بلعوم» سے مراد وہ نرخرا ہے جس سے کھانا اترتا ہے ۔

0120 Abu Hurayra dit : « J’ai retenu du Messager de Dieu deux genres de science : l’une, je l’ai répandu; quant à l’autre, si je le divulgue on me coupera le cou. »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [120] .

     قَوْلُهُ  بَثَثْتُهُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَبَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ سَاكِنَةٌ تُدْغَمُ فِي الْمُثَنَّاةِ الَّتِي بَعْدَهَا أَيْ أَذَعْتُهُ وَنَشَرْتُهُ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي النَّاسِ .

     قَوْلُهُ  قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ الْبُلْعُومُ مَجْرَى الطَّعَامِ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنِ الْقَتْلِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَقُطِعَ هَذَا يَعْنِي رَأْسَهُ وَحَمَلَ الْعُلَمَاءُ الْوِعَاءَ الَّذِي لَمْ يَبُثَّهُ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا تَبْيِينُ أَسَامِي أُمَرَاءِ السُّوءِ وَأَحْوَالِهِمْ وَزَمَنِهِمْ وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَكُنِّي عَنْ بَعْضِهِ وَلَا يُصَرِّحُ بِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ كَقَوْلِهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ رَأْسِ السِّتِّينَ وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ يُشِيرُ إِلَى خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَمَاتَ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بن الْمُنِيرِ جَعَلَ الْبَاطِنِيَّةُ هَذَا الْحَدِيثَ ذَرِيعَةً إِلَى تَصْحِيحِ بَاطِلِهِمْ حَيْثُ اعْتَقَدُوا أَنَّ لِلشَّرِيعَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَذَلِكَ الْبَاطِنُ إِنَّمَا حَاصِلُهُ الِانْحِلَالُ مِنَ الدّين قَالَوَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِقَوْلِهِ قُطِعَ أَيْ قَطَعَ أَهْلُ الْجَوْرِ رَأْسَهُ إِذَا سَمِعُوا عَيْبَهُ لِفِعْلِهِمْ وَتَضْلِيلَهُ لِسَعْيِهِمْ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَكْتُوبَةَ لَوْ كَانَتْ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَا وَسِعَهُ كِتْمَانُهَا لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنَ الْآيَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَمِّ مَنْ كَتَمَ الْعِلْمَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَعَ الصِّنْفِ الْمَذْكُورِ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَتَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ وَالْمَلَاحِمِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَيُنْكِرُ ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَأْلَفْهُ وَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ مَنْ لَا شُعُور لَهُ بِهِ ( قَولُهُ بَابُ الْإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ) أَيِ السُّكُوتِ وَالِاسْتِمَاعِ لما يَقُولُونَهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [120] حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ.
وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدّثني) بالتوحيد وللأصيلي حدّثنا ( أخي) عبد الحميد بن أبي أويس ( عن ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن السابق قريبًا ( عن سعيد المقبري) بضم الموحدة ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه ( قال) : ( حفظت عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي رواية الكشميهني من بدل عن وهي أصرح في تلقّيه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلا واسطة ( وعاءين) بكسر الواو والمدّ تثنية وعاء وهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال أي نوعين من العلم.
( فأما أحدهما) أي أحد ما في الوعاءين من نوعي العلم ( فبثثته) بموحدة مفتوحة ومثلثتين بعدهما مثناة فوقية ودخلته الفاء لتضمنه معنى الشرط أي نشرته زاد الأصيلي فبثثته في الناس، ( وأما) الوعاء ( الآخر فلو بثثته) أي نشرته في الناس ( قطع) وفي روايهَ لقطع ( هذا البلعوم) بضم الموحدة مرفوعًا لكونه ناب عن الفاعل وكُنِّي به عن القتل، وزاد في رواية ابن عساكر والأصيلي وأبي الوقت وأبي ذر والمستملي، قال أبو عبد الله أي البخاري: البلعوم مجرى الطعام أي في الحلق وهو المريء.
قاله القاضي والجوهري وابن الأثير، وعند الفقهاء الحلقوم مجرى النفس خروجًا ودخولاً والمريء مجرى الطعام والشراب وهو تحت الحلقوم، والبلعوم تحت الحلقوم، وأراد بالوعاء الأوّل ما حفظه من الأحاديث وبالثاني ما كتمه من أخبار الفتن وأشراط الساعة وما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام من فساد الدين على يدي أغيلمة من سفهاء قريش، وقد كان أبو هريرة يقول: لو شئت أن أسميهم بأسمائهم أو المراد الأحاديث التي فيها تبيين أسماء أمراء الجور وأحوالهم وذمهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعض ذلك ولا يصرّح خوفًا على نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة، واستجاب الله تعالى دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة، وسيأتي ذلك مع مزيد له في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى أو المراد به علم الأسرار المصون عن الأغيار المختص بالعلماء بالله من أهل العرفان والمشاهدات والاتقان التي هي نتيجة علم الشرائع والعمل بما جاء به الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والوقوف عند ما حدّه وهذا لا يظفر به إلا الغوّاصون في بحر المجاهدات، ولا يسعد به إلا المصطفون بأنوار المشاهدات، لكن في كون هذا هو المراد نظر من حيث إنه لو كان كذلك لما وسع أبا هريرة كتمانه مع ذكره من الآية الدالّة على ذم كتمان العلم لا سيما هذا الشأن الذي هو لبّ ثمرة العلم وأيضًا فإنه نفى بثّه على العموم من غير تخصيص، فكيف يستدل به لذلك؟ وأبو هريرة لم يكشف مستوره فيما أعلم، فمن أين علم أن الذي كتمه هو هذا فمن ادّعى ذلك فعليه البيان فقد ظهر أن الاستدلال بذلك لطريق القوم فيه ما فيه على أنهم في غنية عن الاستدلال إذ الشريعة ناطقة بأدلتهم، ومن تصفح الأخبار وتتبع الآثار مع التأمّل والاستنارة بنور الله ظهر له ما قلته والله يهدينا إلى سواء السبيل.
43 - باب الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ هذا ( باب الإنصات) بكسر الهمزة أي السكوت والاستماع ( للعلماء) أي لأجل ما يقولونه.
121 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: اسْتَنْصِتِ النَّاسَ.
فَقَالَ: «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ».
[الحديث 121 - أطرافه في: 4405، 6869، 7080] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا حجاج) هو ابن منهال ( قال: حدّثنا شعبة) أي ابن الحجاج ( قال: أخبرني) بالتوحيد ( علي بن مدرك) بضم الميم وكسر الراء النخعي الكوفي،المتوفى سنة عشرين ومائة ( عن أبي زرعة) هرم بفتح الهاء وكسر الراء، زاد في رواية أبي ذر والأصيلي ابن عمرو ( عن جرير) هو ابن عبد الله البجلي، وهو جدّ أبي زرعة الراوي عنه هنا لأبيه وكان بديع الجمال طويل القامة بحيث يصل إلى سنام البعير وكان نعله ذراعًا وسبق في باب الدين النصيحة.
( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال له) وعند المؤلف في حجة الوداع أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لجرير ( في حجة الوداع) بفتح الحاء والواو عند جمرة العقبة واجتماع الناس للرمي وغيره ( استنصت الناس) استفعال من الإنصات ومعناه طلب السكوت، وقد أنكر بعضهم لفظه له من قوله قال له في حجة الوداع معلّلاً بأن جريرًا أسلم قبل وفاته عليه الصلاة والسلام بأربعين يومًا، وتوقف المنذري لثبوتها في الطرف الصحيحة وقد ذكر غير واحد أنه أسلم في رمضان سنة عشر فأمكن حضوره مسلمًا لحجة الوداع وحينئذ فلا خلل في الحديث ( فقال) عليه الصلاة والسلام بعد أن أنصتوا: ( لا ترجعوا) أي لا تصيروا ( بعدي) أي بعد موقفي هذا أو بعد موتي ( كفارًا) نصب خبر لا ترجعوا المفسر بلا تصيروا ( يضرب بعضكم رقاب بعض) مستحلين لذلك ويضرب بالرفع على الاستئناف بيانًا لقوله: لا ترجعوا أو حالاً من ضمير ترجعوا أي لا ترجعوا بعدي كفّارًا حال ضرب بعضكم رقاب بعض أو صفة.
أي لا ترجعوا بعدي كفارًاً متصفين بهذه الصفة القبيحة أي ضرب بعضكم، وجوّز ابن مالك وأبو البقاء جزم الباء بتقدير شرط أي: فإن ترجعوا يضرب بعضكم بعضًا، والمعنى لا تتشبهوا بالكفار في قتل بعضهم بعضًا، ويأتي تمام البحث إن شاء الله تعالى في الفتن أعاذ الله تعالى منها.
44 - باب مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَيَكِلُ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ هذا ( باب ما يستحب) أي الذي يستحب ( للعالم إذا سئل أي الناس) أي أيّ شخص من أشخاص الناس ( أعلم) من غيره ( فيكل) أي فهو يكل ( العلم إلى الله) وحينئذ فإذا شرطية والفاء في جوابها، والجملة بيان لا يستحب أو إذا ظرف ليستحب والفاء تفسيرية على أن يكل في تقدير أن أي ما يستحب وقت السؤال هو الوكول إلى الله تعالى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [120] حدّثنا إسْماعيلُ قالَ: حدّثني أخِي عَن ابنِ أبي ذِئْبٍ عنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: حَفظْتُ مِنْ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعاءَيْنِ، فَأمَّا أحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ وأمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة ذكرُوا كلهم، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَأَخُوهُ عبد الحميدقالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْبُلْعُومُ مَجْرَى الطَّعَامِ هَذَا ثَبت فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه.
و: ( البلعوم) بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة مجْرى الطَّعَام فِي الْحلق، وَهُوَ المريء كَمَا فسره القَاضِي الْجَوْهَرِي، وَكَذَا البلعم..
     وَقَالَ  الْفُقَهَاء: الْحُلْقُوم مجْرى النَّفس، والمريء مجْرى الطَّعَام وَالشرَاب، وَهُوَ تَحت الْحُلْقُوم، والبلعوم تَحت الْحُلْقُوم..
     وَقَالَ  ابْن بطال: البلعوم الْحُلْقُوم، وَهُوَ مجْرى النَّفس إِلَى الرئة، والمريء مجْرى الطَّعَام وَالشرَاب إِلَى الْمعدة مُتَّصِل بالحلقوم، وَالْمَقْصُود: كنى بذلك عَن الْقَتْل.
وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: ( لقطع هَذَا) ، يَعْنِي رَأسه.
43 - ( بابُ الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْإِنْصَات لأجل الْعلمَاء، وَاللَّام، فِيهِ للتَّعْلِيل، و: الْإِنْصَات، بِكَسْر الْهمزَة: السُّكُوت وَالِاسْتِمَاع للْحَدِيث.
يُقَال: نصت نصتا وأنصت إنصاتا إِذا سكت واستمع للْحَدِيث.
يُقَال: أنصتوه وأنصتوا لَهُ.
وانتصت سكت.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن الْعلم إِنَّمَا يحفظ من الْعلمَاء، وَلَا بُد فِيهِ من الْإِنْصَات لكَلَام الْعَالم حَتَّى لَا يشذ عَنهُ شَيْء، فبهذه الْحَيْثِيَّة تنَاسبا فِي الاقتران.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :119 ... غــ :120] .

     قَوْلُهُ  بَثَثْتُهُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَبَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ سَاكِنَةٌ تُدْغَمُ فِي الْمُثَنَّاةِ الَّتِي بَعْدَهَا أَيْ أَذَعْتُهُ وَنَشَرْتُهُ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي النَّاسِ .

     قَوْلُهُ  قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ الْبُلْعُومُ مَجْرَى الطَّعَامِ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنِ الْقَتْلِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَقُطِعَ هَذَا يَعْنِي رَأْسَهُ وَحَمَلَ الْعُلَمَاءُ الْوِعَاءَ الَّذِي لَمْ يَبُثَّهُ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا تَبْيِينُ أَسَامِي أُمَرَاءِ السُّوءِ وَأَحْوَالِهِمْ وَزَمَنِهِمْ وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَكُنِّي عَنْ بَعْضِهِ وَلَا يُصَرِّحُ بِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ كَقَوْلِهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ رَأْسِ السِّتِّينَ وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ يُشِيرُ إِلَى خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَمَاتَ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بن الْمُنِيرِ جَعَلَ الْبَاطِنِيَّةُ هَذَا الْحَدِيثَ ذَرِيعَةً إِلَى تَصْحِيحِ بَاطِلِهِمْ حَيْثُ اعْتَقَدُوا أَنَّ لِلشَّرِيعَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَذَلِكَ الْبَاطِنُ إِنَّمَا حَاصِلُهُ الِانْحِلَالُ مِنَ الدّين قَالَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِقَوْلِهِ قُطِعَ أَيْ قَطَعَ أَهْلُ الْجَوْرِ رَأْسَهُ إِذَا سَمِعُوا عَيْبَهُ لِفِعْلِهِمْ وَتَضْلِيلَهُ لِسَعْيِهِمْ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَكْتُوبَةَ لَوْ كَانَتْ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَا وَسِعَهُ كِتْمَانُهَا لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنَ الْآيَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَمِّ مَنْ كَتَمَ الْعِلْمَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَعَ الصِّنْفِ الْمَذْكُورِ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَتَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ وَالْمَلَاحِمِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَيُنْكِرُ ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَأْلَفْهُ وَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ مَنْ لَا شُعُور لَهُ بِهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  120 - 121

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :119 ... غــ : 120 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ،.

.
وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ.

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدّثني) بالتوحيد وللأصيلي حدّثنا ( أخي) عبد الحميد بن أبي أويس ( عن ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن السابق قريبًا ( عن سعيد المقبري) بضم الموحدة ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه ( قال) :
( حفظت عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي رواية الكشميهني من بدل عن وهي أصرح في تلقّيه من
النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلا واسطة ( وعاءين) بكسر الواو والمدّ تثنية وعاء وهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال أي نوعين من العلم.
( فأما أحدهما) أي أحد ما في الوعاءين من نوعي العلم ( فبثثته) بموحدة مفتوحة ومثلثتين بعدهما مثناة فوقية ودخلته الفاء لتضمنه معنى الشرط أي نشرته زاد الأصيلي فبثثته في الناس، ( وأما) الوعاء ( الآخر فلو بثثته) أي نشرته في الناس ( قطع) وفي روايهَ لقطع ( هذا البلعوم) بضم الموحدة مرفوعًا لكونه ناب عن الفاعل وكُنِّي به عن القتل، وزاد في رواية ابن عساكر والأصيلي وأبي الوقت وأبي ذر والمستملي، قال أبو عبد الله أي البخاري: البلعوم مجرى الطعام أي في الحلق وهو المريء.
قاله القاضي والجوهري وابن الأثير، وعند الفقهاء الحلقوم مجرى النفس خروجًا ودخولاً والمريء مجرى الطعام والشراب وهو تحت الحلقوم، والبلعوم تحت الحلقوم، وأراد بالوعاء الأوّل ما حفظه من الأحاديث وبالثاني ما كتمه من أخبار الفتن وأشراط الساعة وما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام من فساد الدين على يدي أغيلمة من سفهاء قريش، وقد كان أبو هريرة يقول: لو شئت أن أسميهم بأسمائهم أو المراد الأحاديث التي فيها تبيين أسماء أمراء الجور وأحوالهم وذمهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعض ذلك ولا يصرّح خوفًا على نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة، واستجاب الله تعالى دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة، وسيأتي ذلك مع مزيد له في كتاب
الفتن إن شاء الله تعالى أو المراد به علم الأسرار المصون عن الأغيار المختص بالعلماء بالله من أهل العرفان والمشاهدات والاتقان التي هي نتيجة علم الشرائع والعمل بما جاء به الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والوقوف عند ما حدّه وهذا لا يظفر به إلا الغوّاصون في بحر المجاهدات، ولا يسعد به إلا المصطفون بأنوار المشاهدات، لكن في كون هذا هو المراد نظر من حيث إنه لو كان كذلك لما وسع أبا هريرة كتمانه مع ذكره من الآية الدالّة على ذم كتمان العلم لا سيما هذا الشأن الذي هو لبّ ثمرة العلم وأيضًا فإنه نفى بثّه على العموم من غير تخصيص، فكيف يستدل به لذلك؟ وأبو هريرة لم يكشف مستوره فيما أعلم، فمن أين علم أن الذي كتمه هو هذا فمن ادّعى ذلك فعليه البيان فقد ظهر أن الاستدلال بذلك لطريق القوم فيه ما فيه على أنهم في غنية عن الاستدلال إذ الشريعة ناطقة بأدلتهم، ومن تصفح الأخبار وتتبع الآثار مع التأمّل والاستنارة بنور الله ظهر له ما قلته والله يهدينا إلى سواء السبيل.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :119 ... غــ :120 ]
- حدّثنا إسْماعيلُ قالَ: حدّثني أخِي عَن ابنِ أبي ذِئْبٍ عنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: حَفظْتُ مِنْ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعاءَيْنِ، فَأمَّا أحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ وأمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة ذكرُوا كلهم، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَأَخُوهُ عبد الحميد بن أبي أويس الأصبحي الْمدنِي الْقرشِي، أَبُو بكر الْأَعْمَش.
مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ.
وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وَقد مر عَن قريب.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة الْأَخ عَن الْأَخ.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مدنيون، وَهَذَا الحَدِيث انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ عَن الْجَمَاعَة.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( وعاءين) تَثْنِيَة وعَاء، بِكَسْر الْوَاو وبالمد، وَهُوَ الظّرْف الَّذِي يحفظ فِيهِ الشَّيْء، وَيجمع على: أوعية، وَيُؤْخَذ مِنْهُ الْفِعْل.
يُقَال: أوعيت الزَّاد وَالْمَتَاع إِذا جعلته فِي الْوِعَاء، قَالَ عبيد بن الأبرص:
( الْخَيْر يبْقى وَلَو طَال الزَّمَان بِهِ ... وَالشَّر أَخبث مَا أوعيت من زَاد)

قَوْله: ( فبثثته) أَي: نشرته، يُقَال: بَث الْخَيْر: وأبثه بِمَعْنى.
قَالَ ذُو الرمة:
( غيلَان وأسقيه حَتَّى كَاد مِمَّا أبثه)

وبثثت الْغُبَار: إِذا هيجته، وبثثت الْخَبَر: شدد للْمُبَالَغَة، وبثثت الْخَبَر: كشفته ونشرته، والتركيب يدل على تَفْرِيق الشَّيْء وإظهاره.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( حفظت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ: ( حفظت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَهِي أصرح لتلقيه من النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِلَا وَاسِطَة.
قَوْله: ( وعاءين) ، مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول: حفظت.
قَوْله: ( فَأَما أَحدهمَا) كلمة: أما، هِيَ التفصيلية وَقَوله ( فبثثته) جَوَاب: أما، وَإِنَّمَا دخلت عَلَيْهِ الْفَاء لتضمنها معنى الشَّرْط.
وَقَوله: ( وَأما الآخر) .
أَي: وَأما الْوِعَاء الآخر، وَجَوَابه قَوْله: ( فَلَو بثثته) ، وَقَوله: ( لقطع هَذَا البلعوم) جَوَاب: لَو، ويروى قطع بِدُونِ اللَّام، و: ( البلعوم) مَرْفُوع بِإِسْنَاد قطع، إِلَيْهِ وَهُوَ مفعول نَاب عَن الْفَاعِل.

بَيَان الْمَعْنى: فِيهِ ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال، وَهُوَ ذكر الْوِعَاء، وَإِرَادَة مَا يحل فِيهِ.
وَالْحَاصِل أَنه أَرَادَ بِهِ نَوْعَيْنِ من الْعلم، وَأَرَادَ بِالْأولِ: الَّذِي حفظه من السّنَن المذاعة لَو كتبت لاحتمل أَن يمْلَأ مِنْهَا وعَاء.
وَبِالثَّانِي: مَا كتمه من أَخْبَار الْفِتَن، كَذَلِك..
     وَقَالَ  ابْن بطال: المُرَاد من الْوِعَاء الثَّانِي أَحَادِيث أَشْرَاط السَّاعَة، وَمَا عرف بِهِ النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من فَسَاد الدّين على أَيدي أغيلمة سُفَهَاء من قُرَيْش، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول: لَو شِئْت أَن أسميهم بِأَسْمَائِهِمْ، فخشي على نَفسه فَلم يُصَرح، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لكل من أَمر بِمَعْرُوف إِذْ خَافَ على نَفسه فِي التَّصْرِيح أَن يعرض، وَلَو كَانَت الْأَحَادِيث الَّتِي لم يحدث بهَا فِي الْحَلَال وَالْحرَام مَا وَسعه كتمها بِحكم الْآيَة.
وَيُقَال: حمل الْوِعَاء الثَّانِي الَّذِي لم يُنَبه على الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا تَبْيِين أسامي أُمَرَاء الْجور وأحوالهم ووذمهم، وَقد كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يكني عَن بَعضهم وَلَا يُصَرح بِهِ خوفًا على نَفسه مِنْهُم، كَقَوْلِه: أعوذ بِاللَّه من رَأس السِّتين وإمارة الصّبيان، يُشِير بذلك إِلَى خلَافَة يزِيد بن مُعَاوِيَة لِأَنَّهَا كَانَت سنة سِتِّينَ من الْهِجْرَة، فَاسْتَجَاب الله دُعَاء أبي هُرَيْرَة، فَمَاتَ قبلهَا بِسنة.
فَإِن قيل: الْوِعَاء فِي كَلَام الْعَرَب الظّرْف الَّذِي يجمع فِيهِ الشَّيْء، فَهُوَ معَارض لما تقدم مِمَّا قَالَ: إِنِّي لَا أكتب، وَكَانَ أَي عبد الله بن عَمْرو يكْتب.
أُجِيب: بِأَن المُرَاد أَن الَّذِي حفظه من النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من السّنَن الَّتِي حدث بهَا وحملت عَنهُ، لَو كتبت لاحتمل أَن يمْلَأ مِنْهَا وعَاء، وَمَا كتمه من أَحَادِيث الْفِتَن الَّتِي لَو حدث بهَا لقطع مِنْهُ البلعوم، يحْتَمل أَن يمْلَأ وعَاء آخر، وَلِهَذَا الْمَعْنى قَالَ: وعاءين، وَلم يقل: وعَاء وَاحِدًا لاخْتِلَاف حكم الْمَحْفُوظ فِي الْإِعْلَام بِهِ والستر لَهُ..
     وَقَالَ ت المتصوفة: المُرَاد بِالْأولِ: علم الْأَحْكَام والأخلاق.
وَبِالثَّانِي: علم الْأَسْرَار، المصون عَن الأغيار، الْمُخْتَص بالعلماء بِاللَّه من أهل الْعرْفَان..
     وَقَالَ  آخَرُونَ مِنْهُم: الْعلم الْمكنون والسر المصون علمنَا، وَهُوَ نتيجة الْخدمَة وَثَمَرَة الْحِكْمَة، لَا يظفر بهَا إلاَّ الغواصون فِي بحار المجاهدات، وَلَا يسْعد بهَا إلاَّ المصطفون بأنوار المجاهدات والمشاهدات، إِذْ هِيَ أسرار متمكنة فِي الْقُلُوب لَا تظهر إلاَّ بالرياضة وأنوار لامعة فِي الغيوب لَا تنكشف إلاَّ للأنفس المرتاضة.
قلت: نعم مَا قَالَ، لَكِن بِشَرْط أَن لَا تَدْفَعهُ الْقَوَاعِد الإسلامية وَلَا تنفيه القوانين الإيمانية إِذْ مَا بعد الْحق إلاَّ الضلال.
فَإِن قلت: قد وَقع فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة: حفظت ثَلَاثَة أجربة.
فبثثت مِنْهَا جرابين، وَهَذَا مُخَالف لحَدِيث الْبابُُ؟ قلت: يحمل على أَن الجرابين مِنْهَا كَانَا من نوع وَاحِد وَهُوَ الْأَحْكَام، وَمَا يتَعَلَّق بظواهر الشَّرْع، والجراب الآخر الْأَحَادِيث الَّتِي لَو نشرها لقطع بلعومه، وَلَا شكّ أَن النَّوْع الأول كَانَ أَكثر من النَّوْع الثَّانِي، فَلذَلِك عبر عَنهُ بالجرابين، وَالنَّوْع الثَّانِي بجراب وَاحِد فَبِهَذَا حصل التَّوْفِيق بَين الْحَدِيثين.
وَلَقَد أبعد بَعضهم فِي قَوْله: يحمل على أَن أحد الوعاءين كَانَ أكبر من الآخر بِحَيْثُ يَجِيء مَا فِي الْكَبِير فِي جرابين، وَمَا فِي الصَّغِير فِي وَاحِد.
قَوْله: ( فبثثته) زَاد الْإِسْمَاعِيلِيّ: ( فِي النَّاس) .
قالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْبُلْعُومُ مَجْرَى الطَّعَامِ

هَذَا ثَبت فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه.
و: ( البلعوم) بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة مجْرى الطَّعَام فِي الْحلق، وَهُوَ المريء كَمَا فسره القَاضِي الْجَوْهَرِي، وَكَذَا البلعم..
     وَقَالَ  الْفُقَهَاء: الْحُلْقُوم مجْرى النَّفس، والمريء مجْرى الطَّعَام وَالشرَاب، وَهُوَ تَحت الْحُلْقُوم، والبلعوم تَحت الْحُلْقُوم..
     وَقَالَ  ابْن بطال: البلعوم الْحُلْقُوم، وَهُوَ مجْرى النَّفس إِلَى الرئة، والمريء مجْرى الطَّعَام وَالشرَاب إِلَى الْمعدة مُتَّصِل بالحلقوم، وَالْمَقْصُود: كنى بذلك عَن الْقَتْل.
وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: ( لقطع هَذَا) ، يَعْنِي رَأسه.