هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1187 حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ ، وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ الأَذَانَ ، فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ ، أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ ، يَقُولُ : اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا ، مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى ، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1187 حدثنا معاذ بن فضالة ، حدثنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان ، وله ضراط حتى لا يسمع الأذان ، فإذا قضي الأذان أقبل ، فإذا ثوب بها أدبر ، فإذا قضي التثويب ، أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه ، يقول : اذكر كذا وكذا ، ما لم يكن يذكر ، حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى ، فإذا لم يدر أحدكم كم صلى ثلاثا أو أربعا ، فليسجد سجدتين وهو جالس
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ ، وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ الأَذَانَ ، فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ ، أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ ، يَقُولُ : اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا ، مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى ، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ .

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, When the call for prayer is made, Satan takes to his heels passing wind so that he may not hear the Adhan and when the call is finished he comes back, and when the Iqama is pronounced, Satan again takes to his heels, and when the Iqama is finished he comes back again and tries to interfere with the person and his thoughts and say, Remember this and that (which he has not thought of before the prayer), till the praying person forgets how much he has prayed. If anyone of you does not remember whether he has offered three or four rak`at then he should perform two prostrations of Sahu while sitting.

Abu Hurayra (): «Le Messager d'Allah () a dit: Lorsqu'on lance l'appel à la prière, le diable se retire en émettant un bruit pour qu'il n'entende pas l'appel. Lorsqu'on termine avec l'appel, il revient. Lorsqu'on fait le second appel, il se retire de nouveau. A l'instant où le second appel se termine, il revient afin de semer le trouble entre le fidèle et son âme; il reste à lui dire: Rappelletoi ceci et cela, et à l'inciter à se rappeler ce qu'il avait oublié si bien que le fidèle ne sait plus combien de rak'a il a priées. Si l'un de vous ne sait pas combien de rak'a il a priées; trois ou quatre, alors qu'il fasse deux sajda tout en étant dans la station assise. » Ibn 'Abbâs () fît deux sajda après avoir accompli le witr

":"ہم سے معاذبن فضالہ نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے ہشام بن ابی عبداللہ دستوائی نے بیان کیا ، ان سے یحییٰ بن ابی کثیر نے ، ان سے ابوسلمہ نے اور ان سے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جب نماز کے لیے اذان ہوتی ہے تو شیطان ہوا خارج کرتا ہوا بھاگتا ہے تاکہ اذان نہ سنے ، جب اذان پوری ہو جاتی ہے تو پھر آ جاتا ہے ۔ جب اقامت ہوتی ہے تو پھر بھاگ پڑتا ہے ۔ لیکن اقامت ختم ہوتے ہی پھر آ جاتا ہے اور نمازی کے دل میں طرح طرح کے وسوسے ڈالتا ہے اور کہتا ہے کہ فلاں فلاں بات یاد کرو ، اس طرح اسے وہ باتیں یاد دلاتا ہے جو اس کے ذہن میں نہیں تھیں ۔ لیکن دوسری طرف نماز ی کو یہ بھی یاد نہیں رہتا کہ کتنی رکعتیں اس نے پڑھی ہیں ۔ اس لیے اگر کسی کو یہ یاد نہ رہے کہ تین رکعت پڑھیں یا چار تو بیٹھے ہی بیٹھے سہو کے دو سجدے کر لے ۔

Abu Hurayra (): «Le Messager d'Allah () a dit: Lorsqu'on lance l'appel à la prière, le diable se retire en émettant un bruit pour qu'il n'entende pas l'appel. Lorsqu'on termine avec l'appel, il revient. Lorsqu'on fait le second appel, il se retire de nouveau. A l'instant où le second appel se termine, il revient afin de semer le trouble entre le fidèle et son âme; il reste à lui dire: Rappelletoi ceci et cela, et à l'inciter à se rappeler ce qu'il avait oublié si bien que le fidèle ne sait plus combien de rak'a il a priées. Si l'un de vous ne sait pas combien de rak'a il a priées; trois ou quatre, alors qu'il fasse deux sajda tout en étant dans la station assise. » Ibn 'Abbâs () fît deux sajda après avoir accompli le witr

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1231] .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي فَ.

     قَوْلُهُ  إِنْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهِيَ نَافِيَةٌ وَقَولُهُ فَإِذَالَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى إِلَخْ مُسَاوٍ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ غَيْرِ مَزِيدٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى خَارِجِهَا فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.

.
وَأَمَّا دَاخِلُهَا فَهُوَ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي عِنْدَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْأَمْرِ بِطَرْحِ الشَّكِّ وَالْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ فَقِيلَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ وَقَدْ فَرَغَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى ذَلِكَ الشَّكِّ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  فِيهِ وَهُوَ جَالِسٌ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ إِذَا شَكَّ لَا بِقَوْلِهِ سَجَدَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ التَّرْجِيحِ فَقَالَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ بِخِلَافِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ وَافقه حَدِيث بن مَسْعُودٍ فَهُوَ أَرْجَحُ لِأَنَّ لِمُخَالِفِهِ أَنْ يَقُولَ بَلْ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ صَحَّحَهُ مُسْلِمٌ وَالَّذِي وَصَلَهُ حَافِظٌ فَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ وَقَدْ وَافَقَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي قَرِيبًا فَيَتَعَارَضُ التَّرْجِيحُ وَقِيلَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى حُكْمِ مَا يَجْبُرُ بِهِ السَّاهِي صَلَاتَهُ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى مَا يَصْنَعُهُ مِنَ الْإِتْمَامِ وَعَدَمِهِ تَنْبِيهٌ لَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَعْيِينُ مَحَلِّ السُّجُودِ وَلَا فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الَّتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَرْفُوعًا إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَزَادَ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ يُسَلِّمْ إِسْنَاده قوي وَلأبي دَاوُد من طَرِيق بن أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ نَحْوَهُ بِلَفْظِ وَهُوَ جَالس قبل التَّسْلِيم وَله من طَرِيق بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ بِإِسْنَادِهِ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ يُسَلِّمْ قَالَ الْعَلَائِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ لَا تَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحسن المحتج بِهِ وَالله أعلم ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ)
بِالتَّنْوِينِ .

     قَوْلُهُ  السَّهْوُ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ أَيْ هَلْ يَفْتَرِقُ حُكْمُهُ أَمْ يَتَّحِدُ إِلَى الثَّانِي ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بن سِيرِينَ وَقَتَادَةُ وَنُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ وَوَجْهُ أَخْذِهِ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ جِهَةِ قَوْلِهِ وَإِذَا صَلَّى أَيِ الصَّلَاةَ الشَّرْعِيَّةَ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِطْلَاقِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا هَلْ هُوَ مِنَ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوِ الْمَعْنَوِيِّ وَإِلَى الثَّانِي ذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْأُصُولِ لِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَنْفَكُّ وَمَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ إِلَى أَنَّهُ مِنَ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّبَايُنِ فِي بَعْضِ الشُّرُوطِ وَلَكِنَّ طَرِيقَةَ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي أَعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعَانِيهِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ تَقْتَضِي دُخُولَ النَّافِلَةِ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ قَرِينَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ الْفَرِيضَةُ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  إِذَا ثُوِّبَ أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ تَنَاوُلَ النَّافِلَةِ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ حِينَئِذٍ بِهَا مَطْلُوبٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاة قَوْله وَسجد بن عَبَّاسسَجْدَتَيْنِ بعد وتره وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ رَأَيْت بن عَبَّاسٍ يَسْجُدُ بَعْدَ وِتْرِهِ سَجْدَتَيْنِ وَتَعَلَّقَ هَذَا الْأَثر بالترجمه من جِهَة أَن بن عَبَّاسٍ كَانَ يَرَى أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ وَاجِبٍ وَيَسْجُدُ مَعَ ذَلِكَ فِيهِ لِلسَّهْوِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ ( قَولُهُ بَابُ إِذَا كُلِّمَ بِضَمِّ الْكَافِ فِي الصَّلَاةِ وَاسْتَمَعَ) أَيِ الْمُصَلِّي لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ قَوْله أَخْبرنِي عَمْرو هُوَ بن الْحَارِث وَبُكَيْر بِالتَّصْغِيرِ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ وَنِصْفُ هَذَا الْإِسْنَادِ الْمُبْدَأِ بِهِ مِصْرِيُّونَ وَالثَّانِي مَدَنِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ بَلَغَنَا فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا ذَلِكَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا بن عَبَّاسٍ فَقَدْ سَمَّى الْوَاسِطَةَ وَهُوَ عُمَرُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ مِنْ قَوْلِهِ شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ الْحَدِيثَ.

.
وَأَمَّا الْمسور وبن أَزْهَرَ فَلَمْ أَقِفْ عَنْهُمَا عَلَى تَسْمِيَةِ الْوَاسِطَةِ وَقَولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّا أُخْبِرْنَا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ الْمُخْبِرِ وَكَأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَسَيَأْتِي فِي الْحَجِّ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ عَائِشَةَ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَرَوَى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِث قَالَ دخلت مَعَ بن عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَجْلَسَهُ عَلَى السَّرِيرِ ثُمَّ قَالَ مَا رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهِمَا النَّاسُ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ ذَلِك مَا يُفْتِي بِهِ النَّاس بن الزبير فَأرْسل إِلَى بن الزُّبَيْرِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَخْبَرَتْنِي بِذَلِكَ عَائِشَةُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ فَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَانْطَلَقَتْ مَعَ الرَّسُولِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَاسْمُ الرَّسُولِ الْمَذْكُورِ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ سَمَّاهُ الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ لِكَثِيرِ بنالصَّلْتِ اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ فَاسْأَلْهَا فَقَالَ أَبُو سَلمَة فَقُمْت مَعَه.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ اذْهَبْ مَعَهُ فَجِئْنَاهَا فَسَأَلْنَاهَا فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  تُصَلِّينَهُمَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ تُصَلِّيهِمَا بِحَذْفِ النُّونِ وَهُوَ جَائِزٌ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ كُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ عُمَرَ عَنْهَا أَيْ لِأَجْلِهَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنْهُ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ نَهَى عَنْهَا وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ الضَّمِيرَ عَلَى إِرَادَةِ الْفِعْلِ وَهَذَا مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقد روى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ هُوَ بن يَزِيدَ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ يَضْرِبُ الْمُنْكَدِرَ عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ كُرَيْبٌ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلطَّحَاوِيِّ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَيْسَ عِنْدِي وَلَكِنْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ أَيْ فَصَلَّاهُمَا حِينَئِذٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا أَمَّا حِينَ صَلَّاهُمَا فَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عِنْدِي فَصَلَّاهُمَا .

     قَوْلُهُ  مِنْ بَنِي حَرَامٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِنْتَهَا زَيْنَبَ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنَّفِ فِي الْمَغَازِي فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ الْخَادِمَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ يَا ابْنَةَ أَبِي أُمَيَّةَ هُوَ وَالِدُ أُمِّ سَلَمَةَ وَاسْمُهُ حُذَيْفَة وَقيل سُهَيْل بن الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ أَيِ اللَّتَيْنِ صَلَّيْتُهُمَا الْآنَ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ زَادَ فِي الْمَغَازِي بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي وَلِلطَّحَاوِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَدِمَ عَلَيَّ قَلَائِصُ مِنَ الصَّدَقَةِ فَنَسِيتُهُمَا ثُمَّ ذَكَرْتُهُمَا فَكَرِهْتُ أَنْ أُصَلِّيَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَرَوْنَ فَصَلَّيْتُهُمَا عِنْدَكِ وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَجَاءَنِي مَال فَشَغَلَنِي وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَدِمَ عَلَيَّ وَفْدٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ جَاءَتْنِي صَدَقَةٌ وَقَولُهُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَهَمٌ وَإِنَّمَا هُمْ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَكَأَنَّهُمْ حَضَرُوا مَعَهُمْ بِمَالِ الْمُصَالَحَةِ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ وَأَرْسَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ فَأَتَاهُ بِجِزْيَتِهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ سَاعِيًا وَكَانَ قَدْ أَهَمَّهُ شَأْنُ الْمُهَاجِرِينَ وَفِيهِ فَقُلْتُ مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ فَقَالَ شَغَلَنِي أَمْرُ السَّاعِي .

     قَوْلُهُ  فَهُمَا هَاتَانِ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مِنَ الزِّيَادَةِ فَقُلْتُ أُمِرْتَ بِهِمَا فَقَالَ لَا وَلَكِنْ كُنْتُ أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَشُغِلْتُ عَنْهُمَا فَصَلَّيْتُهُمَا الْآنَ وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهَا لَمْ أَرَهُ صَلَّاهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ لَكِنْ هَذَا لَا يَنْفِي الْوُقُوعَ فَقَدْ ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْهُمَا فَقَالَتْ كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ فَشُغِلَ عَنْهُمَا أَوْ نَسِيَهُمَا فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا أَيْ دَاوَمَ عَلَيْهَا وَمِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْهَا مَا تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَ نَظَرُ الْعُلَمَاءِ فَقِيلَ تُقْضَى الْفَوَائِتُ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِمَنْ وَقَعَ لَهُ نَظِيرُ مَا وَقَعَ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي أَوَاخِرِ الْمَوَاقِيتِ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ سِوَى مَا مَضَى جَوَازُ اسْتِمَاعِ الْمُصَلِّي إِلَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَفَهْمِهِ لَهُ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ وَأَنَّ الْأَدَبَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُومَ الْمُتَكَلِّمُ إِلَى جَنْبِهِ لَا خَلْفَهُ وَلَا أَمَامَهُ لِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا تُمْكِنَهُ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ وَجَوَازُ الْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ وَفِيهِ الْبَحْثُ عَنْ عِلَّةِ الْحُكْمِ وَعَنْ دَلِيلِهِ وَالتَّرْغِيبُ فِي عُلُوِّ الْإِسْنَادِ وَالْفَحْصُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَعَارِضَيْنِ وَأَنَّ الصَّحَابِيَّ إِذَا عَمِلَ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ لَا يَكُونُ كَافِيًا فِي الْحُكْمِ بِنَسْخِ مَرْوِيِّهِ وَأَنَّ الْحُكْمَ إِذَا ثَبَتَ لَا يُزِيلُهُ إِلَّا شَيْءٌ مَقْطُوعٌ بِهِ وَأَنَّ الْأَصْلَ اتِّبَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَفْعَالِهِ وَأَنَّ الْجَلِيلَ مِنَ الصَّحَابَةِقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ لَا يُعْدَلُ إِلَى الْفَتْوَى بِالرَّأْيِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ وَأَنَّ الْعَالِمَ لَا نَقْصَ عَلَيْهِ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَدْرِي فَوَكَلَ الْأَمْرَ إِلَى غَيْرِهِ وَفِيهِ قَبُولُ أَخْبَارِ الْآحَادِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ وَلَوْ كَانَ شَخْصًا وَاحِدًا رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً لِاكْتِفَاءِ أُمِّ سَلَمَةَ بأَخْبَارِ الْجَارِيَةِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى فِطْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحُسْنِ تَأَتِّيهَا بِمُلَاطَفَةِ سُؤَالِهَا وَاهْتِمَامِهَا بِأَمْرِ الدِّينِ وَكَأَنَّهَا لَمْ تُبَاشِرِ السُّؤَالَ لِحَالِ النِّسْوَةِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدَهَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَاحْتِرَامُهُ وَفِيهِ زِيَارَةُ النِّسَاءِ الْمَرْأَةَ وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا عِنْدَهَا وَالتَّنَفُّلُ فِي الْبَيْتِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ وَكَرَاهَةُ الْقُرْبِ مِنَ الْمُصَلِّي لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَتَرْكُ تَفْوِيتِ طَلَبِ الْعِلْمِ وَإِنْ طَرَأَ مَا يَشْغَلُ عَنْهُ وَجَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ مُوَكِّلِهِ فِي الْفَضْلِ وَتَعْلِيمُ الْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَفِيهِ الِاسْتِفْهَامُ بَعْدَ التَّحَقُّقِ لِقَوْلِهَا وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ الْمُشْكِلِ فِرَارًا مِنَ الْوَسْوَسَةِ وَأَنَّ النِّسْيَانَ جَائِزٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ فَائِدَةَ اسْتِفْسَارِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ ذَلِكَ تَجْوِيزُهَا إِمَّا النِّسْيَانُ وَإِمَّا النَّسْخُ وَإِمَّا التَّخْصِيصُ بِهِ فَظَهَرَ وُقُوعُ الثَّالِثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُلَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى إِلَخْ مُسَاوٍ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ غَيْرِ مَزِيدٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى خَارِجِهَا فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.

.
وَأَمَّا دَاخِلُهَا فَهُوَ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي عِنْدَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْأَمْرِ بِطَرْحِ الشَّكِّ وَالْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ فَقِيلَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ وَقَدْ فَرَغَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى ذَلِكَ الشَّكِّ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  فِيهِ وَهُوَ جَالِسٌ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ إِذَا شَكَّ لَا بِقَوْلِهِ سَجَدَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ التَّرْجِيحِ فَقَالَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ بِخِلَافِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ وَافقه حَدِيث بن مَسْعُودٍ فَهُوَ أَرْجَحُ لِأَنَّ لِمُخَالِفِهِ أَنْ يَقُولَ بَلْ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ صَحَّحَهُ مُسْلِمٌ وَالَّذِي وَصَلَهُ حَافِظٌ فَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ وَقَدْ وَافَقَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي قَرِيبًا فَيَتَعَارَضُ التَّرْجِيحُ وَقِيلَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى حُكْمِ مَا يَجْبُرُ بِهِ السَّاهِي صَلَاتَهُ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى مَا يَصْنَعُهُ مِنَ الْإِتْمَامِ وَعَدَمِهِ تَنْبِيهٌ لَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَعْيِينُ مَحَلِّ السُّجُودِ وَلَا فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الَّتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَرْفُوعًا إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَزَادَ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ يُسَلِّمْ إِسْنَاده قوي وَلأبي دَاوُد من طَرِيق بن أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ نَحْوَهُ بِلَفْظِ وَهُوَ جَالس قبل التَّسْلِيم وَله من طَرِيق بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ بِإِسْنَادِهِ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ يُسَلِّمْ قَالَ الْعَلَائِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ لَا تَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحسن المحتج بِهِ وَالله أعلم ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ)
بِالتَّنْوِينِ .

     قَوْلُهُ  السَّهْوُ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ أَيْ هَلْ يَفْتَرِقُ حُكْمُهُ أَمْ يَتَّحِدُ إِلَى الثَّانِي ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بن سِيرِينَ وَقَتَادَةُ وَنُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ وَوَجْهُ أَخْذِهِ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ جِهَةِ قَوْلِهِ وَإِذَا صَلَّى أَيِ الصَّلَاةَ الشَّرْعِيَّةَ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِطْلَاقِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا هَلْ هُوَ مِنَ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوِ الْمَعْنَوِيِّ وَإِلَى الثَّانِي ذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْأُصُولِ لِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَنْفَكُّ وَمَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ إِلَى أَنَّهُ مِنَ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّبَايُنِ فِي بَعْضِ الشُّرُوطِ وَلَكِنَّ طَرِيقَةَ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي أَعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعَانِيهِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ تَقْتَضِي دُخُولَ النَّافِلَةِ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ قَرِينَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ الْفَرِيضَةُ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  إِذَا ثُوِّبَ أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ تَنَاوُلَ النَّافِلَةِ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ حِينَئِذٍ بِهَا مَطْلُوبٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاة قَوْله وَسجد بن عَبَّاسسَجْدَتَيْنِ بعد وتره وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ رَأَيْت بن عَبَّاسٍ يَسْجُدُ بَعْدَ وِتْرِهِ سَجْدَتَيْنِ وَتَعَلَّقَ هَذَا الْأَثر بالترجمه من جِهَة أَن بن عَبَّاسٍ كَانَ يَرَى أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ وَاجِبٍ وَيَسْجُدُ مَعَ ذَلِكَ فِيهِ لِلسَّهْوِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ ( قَولُهُ بَابُ إِذَا كُلِّمَ بِضَمِّ الْكَافِ فِي الصَّلَاةِ وَاسْتَمَعَ) أَيِ الْمُصَلِّي لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ قَوْله أَخْبرنِي عَمْرو هُوَ بن الْحَارِث وَبُكَيْر بِالتَّصْغِيرِ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ وَنِصْفُ هَذَا الْإِسْنَادِ الْمُبْدَأِ بِهِ مِصْرِيُّونَ وَالثَّانِي مَدَنِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ بَلَغَنَا فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا ذَلِكَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا بن عَبَّاسٍ فَقَدْ سَمَّى الْوَاسِطَةَ وَهُوَ عُمَرُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ مِنْ قَوْلِهِ شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ الْحَدِيثَ.

.
وَأَمَّا الْمسور وبن أَزْهَرَ فَلَمْ أَقِفْ عَنْهُمَا عَلَى تَسْمِيَةِ الْوَاسِطَةِ وَقَولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّا أُخْبِرْنَا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ الْمُخْبِرِ وَكَأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَسَيَأْتِي فِي الْحَجِّ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ عَائِشَةَ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَرَوَى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِث قَالَ دخلت مَعَ بن عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَجْلَسَهُ عَلَى السَّرِيرِ ثُمَّ قَالَ مَا رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهِمَا النَّاسُ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ ذَلِك مَا يُفْتِي بِهِ النَّاس بن الزبير فَأرْسل إِلَى بن الزُّبَيْرِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَخْبَرَتْنِي بِذَلِكَ عَائِشَةُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ فَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَانْطَلَقَتْ مَعَ الرَّسُولِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَاسْمُ الرَّسُولِ الْمَذْكُورِ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ سَمَّاهُ الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ لِكَثِيرِ بنالصَّلْتِ اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ فَاسْأَلْهَا فَقَالَ أَبُو سَلمَة فَقُمْت مَعَه.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ اذْهَبْ مَعَهُ فَجِئْنَاهَا فَسَأَلْنَاهَا فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  تُصَلِّينَهُمَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ تُصَلِّيهِمَا بِحَذْفِ النُّونِ وَهُوَ جَائِزٌ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ كُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ عُمَرَ عَنْهَا أَيْ لِأَجْلِهَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنْهُ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ نَهَى عَنْهَا وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ الضَّمِيرَ عَلَى إِرَادَةِ الْفِعْلِ وَهَذَا مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقد روى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ هُوَ بن يَزِيدَ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ يَضْرِبُ الْمُنْكَدِرَ عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ كُرَيْبٌ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلطَّحَاوِيِّ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَيْسَ عِنْدِي وَلَكِنْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ أَيْ فَصَلَّاهُمَا حِينَئِذٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا أَمَّا حِينَ صَلَّاهُمَا فَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عِنْدِي فَصَلَّاهُمَا .

     قَوْلُهُ  مِنْ بَنِي حَرَامٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِنْتَهَا زَيْنَبَ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنَّفِ فِي الْمَغَازِي فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ الْخَادِمَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ يَا ابْنَةَ أَبِي أُمَيَّةَ هُوَ وَالِدُ أُمِّ سَلَمَةَ وَاسْمُهُ حُذَيْفَة وَقيل سُهَيْل بن الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ أَيِ اللَّتَيْنِ صَلَّيْتُهُمَا الْآنَ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ زَادَ فِي الْمَغَازِي بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي وَلِلطَّحَاوِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَدِمَ عَلَيَّ قَلَائِصُ مِنَ الصَّدَقَةِ فَنَسِيتُهُمَا ثُمَّ ذَكَرْتُهُمَا فَكَرِهْتُ أَنْ أُصَلِّيَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَرَوْنَ فَصَلَّيْتُهُمَا عِنْدَكِ وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَجَاءَنِي مَال فَشَغَلَنِي وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَدِمَ عَلَيَّ وَفْدٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ جَاءَتْنِي صَدَقَةٌ وَقَولُهُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَهَمٌ وَإِنَّمَا هُمْ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَكَأَنَّهُمْ حَضَرُوا مَعَهُمْ بِمَالِ الْمُصَالَحَةِ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ وَأَرْسَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ فَأَتَاهُ بِجِزْيَتِهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ سَاعِيًا وَكَانَ قَدْ أَهَمَّهُ شَأْنُ الْمُهَاجِرِينَ وَفِيهِ فَقُلْتُ مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ فَقَالَ شَغَلَنِي أَمْرُ السَّاعِي .

     قَوْلُهُ  فَهُمَا هَاتَانِ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مِنَ الزِّيَادَةِ فَقُلْتُ أُمِرْتَ بِهِمَا فَقَالَ لَا وَلَكِنْ كُنْتُ أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَشُغِلْتُ عَنْهُمَا فَصَلَّيْتُهُمَا الْآنَ وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهَا لَمْ أَرَهُ صَلَّاهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ لَكِنْ هَذَا لَا يَنْفِي الْوُقُوعَ فَقَدْ ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْهُمَا فَقَالَتْ كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ فَشُغِلَ عَنْهُمَا أَوْ نَسِيَهُمَا فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا أَيْ دَاوَمَ عَلَيْهَا وَمِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْهَا مَا تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَ نَظَرُ الْعُلَمَاءِ فَقِيلَ تُقْضَى الْفَوَائِتُ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِمَنْ وَقَعَ لَهُ نَظِيرُ مَا وَقَعَ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي أَوَاخِرِ الْمَوَاقِيتِ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ سِوَى مَا مَضَى جَوَازُ اسْتِمَاعِ الْمُصَلِّي إِلَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَفَهْمِهِ لَهُ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ وَأَنَّ الْأَدَبَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُومَ الْمُتَكَلِّمُ إِلَى جَنْبِهِ لَا خَلْفَهُ وَلَا أَمَامَهُ لِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا تُمْكِنَهُ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ وَجَوَازُ الْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ وَفِيهِ الْبَحْثُ عَنْ عِلَّةِ الْحُكْمِ وَعَنْ دَلِيلِهِ وَالتَّرْغِيبُ فِي عُلُوِّ الْإِسْنَادِ وَالْفَحْصُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَعَارِضَيْنِ وَأَنَّ الصَّحَابِيَّ إِذَا عَمِلَ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ لَا يَكُونُ كَافِيًا فِي الْحُكْمِ بِنَسْخِ مَرْوِيِّهِ وَأَنَّ الْحُكْمَ إِذَا ثَبَتَ لَا يُزِيلُهُ إِلَّا شَيْءٌ مَقْطُوعٌ بِهِ وَأَنَّ الْأَصْلَ اتِّبَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَفْعَالِهِ وَأَنَّ الْجَلِيلَ مِنَ الصَّحَابَةِقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ لَا يُعْدَلُ إِلَى الْفَتْوَى بِالرَّأْيِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ وَأَنَّ الْعَالِمَ لَا نَقْصَ عَلَيْهِ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَدْرِي فَوَكَلَ الْأَمْرَ إِلَى غَيْرِهِ وَفِيهِ قَبُولُ أَخْبَارِ الْآحَادِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ وَلَوْ كَانَ شَخْصًا وَاحِدًا رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً لِاكْتِفَاءِ أُمِّ سَلَمَةَ بأَخْبَارِ الْجَارِيَةِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى فِطْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحُسْنِ تَأَتِّيهَا بِمُلَاطَفَةِ سُؤَالِهَا وَاهْتِمَامِهَا بِأَمْرِ الدِّينِ وَكَأَنَّهَا لَمْ تُبَاشِرِ السُّؤَالَ لِحَالِ النِّسْوَةِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدَهَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَاحْتِرَامُهُ وَفِيهِ زِيَارَةُ النِّسَاءِ الْمَرْأَةَ وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا عِنْدَهَا وَالتَّنَفُّلُ فِي الْبَيْتِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ وَكَرَاهَةُ الْقُرْبِ مِنَ الْمُصَلِّي لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَتَرْكُ تَفْوِيتِ طَلَبِ الْعِلْمِ وَإِنْ طَرَأَ مَا يَشْغَلُ عَنْهُ وَجَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ مُوَكِّلِهِ فِي الْفَضْلِ وَتَعْلِيمُ الْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَفِيهِ الِاسْتِفْهَامُ بَعْدَ التَّحَقُّقِ لِقَوْلِهَا وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ الْمُشْكِلِ فِرَارًا مِنَ الْوَسْوَسَةِ وَأَنَّ النِّسْيَانَ جَائِزٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ فَائِدَةَ اسْتِفْسَارِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ ذَلِكَ تَجْوِيزُهَا إِمَّا النِّسْيَانُ وَإِمَّا النَّسْخُ وَإِمَّا التَّخْصِيصُ بِهِ فَظَهَرَ وُقُوعُ الثَّالِثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَأْمُومِينَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَلَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِمَا إِذَا كَانَ الْإِمَامُ مُجَوِّزًا لِوُقُوعِ السَّهْوِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ مُتَحَقِّقًا لِخِلَافِ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ تَرْكِ رُجُوعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذِي الْيَدَيْنِ وَرُجُوعِهِ لِلصَّحَابَةِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ الْمَاضِي فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَذَكِّرُونِي أَيْ لِأَتَذَكَّرَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَرْجِعَ لِمُجَرَّدِ إِخْبَارِهِمْ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ تَذَكَّرَ عِنْدَ إِخْبَارِهِمْ لَا يُدْفَعُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ هَلْ يَأْخُذُ الْإِمَامُ بِقَوْلِ النَّاسِ مِنْ أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ مَا يُقَوِّي ذَلِكَ وَفَرَّقَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْمُخْبِرُونَ مِمَّنْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ فَيُقْبَلُ وَيُقَدَّمُ عَلَى ظَنِّ الْإِمَامِ أَنَّهُ قَدْ كَمَّلَ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ بِالرُّجُوعِ اشْتِرَاطَ الْعَدَدِ فِي مِثْلِ هَذَا وَأَلْحَقُوهُ بِالشَّهَادَةِ وَفَرَّعُوا عَلَيْهِ أَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا نَسِيَ حُكْمَهُ وَشَهِدَ بِهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِمَا وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْهِلَالَ لَا يُقْبَلُ بِشَهَادَةِ الْآحَادِ إِذَا كَانَتِ السَّمَاءُ مصحيه بل لابد فِيهِ مِنْ عَدَدِ الِاسْتِفَاضَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِثْبَاتِ كَوْنُهُ أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَإِنَّ الْأَبْصَارَ لَيْسَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي رُؤْيَتِهِ بَلْ مُتَفَاوِتَةً قَطْعًا وَعَلَى أَنَّ مَنْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ أَتَمَّ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ شَكٌّ هَلْ أَتَمَّ أَوْ نَقَصَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِاعْتِقَادِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ وَوَجْهُهُ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ لَمَّا أَخْبَرَ أَثَارَ خَبَرُهُ شَكًّا وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَثْبَتَ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى جَوَازِ تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَعَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَأْمُومِينَ إِذَا شَكَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْإِمَامَةِ وَعَلَى جَوَازِ التَّعْرِيفِ بِاللَّقَبِ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى التَّرْجِيح بِكَثْرَة الروَاة وَتعقبه بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَانَ تَقْوِيَةَ الْأَمْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ لَا تَرْجِيحَ خَبَرٍ عَلَى خَبَرٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1231] ثنا معاذ بن فضالة: ثنا هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضى الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: أذكر كذا وكذا – مالم يكن يذكر – حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى، فإذا لم يدر أحدكم كم صلى – ثلاثا أو أربعا -، فليسجد سجدتين وهو جالس) ) .
( ( يخطر) ) بضم الطاء عند الأكثر، والمراد: أنه يمر، فيحول بين المرء وما يريد من نفسه، من إقباله على صلاته.
وروي ( ( يخطر) ) – بكسر الطاء -، يعني:تحرك، فيكون المعنى: حركته بالوسوسة.
وقوله: ( ( حتى يظل الرجل) ) ، هكذا الرواية المشهورة بالظاء القائمة المفتوحة، والمراد: يصير، كما في قوله تعالى: { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً} [النحل: 58] .
وروى بعضهم ( ( يضل) ) بالضاد المكسورة، من الظلال، يعني: انه ينسى ويتحير.
وقوله: ( ( إن يدري) ) ، ( أن) بفتح الهمزة، حكاه ابن عبد البر عن الأكثرين، وقال: معناه: لايدري.
وقال القرطبي: ليست هذه الرواية بشيء، إلا مع رواية: ( ( الضاد) ) ، فتكون: ( ( أن) ) مع الفعل بتأويل المصدر مفعول ( ( ضل) ) إن، بأسقاط حرف الجر، أي يضل عن درايته وينسى عدد ركعاته.
قال: وفيه بعد، ورجح أن الرواية: ( ( إن) ) بكسر الهمزة، يعني: ما يدري.
قلت: أما وقوع ( ( إن) ) المكسورة نافية فظاهر، وأما ( ( أن) ) المفتوحة، فقد ذكر بعضهم أنها تأتى نافية – أيضا -، وأنكره أخرون.
فعلى قول من أثبته، لا فرق بين أن تكون الرواية هاهنا بالفتح أو بالكسر.
وقوله: ( ( فإذا لم يدر أحدكم كم صلى – ثلاثاً أو أربعا -، فليسجد سجدتين) ) ، ليس في هذا الحديث سوى الأمر بسجود السهو عند الشك، من غير أمر بعمل بيقين أو تحر.
وروي عن أبي هريرة، أنه أفتى بذلك.
قال عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه: سالت أبا هريرة، فقلت: شككت في صلاتي.
قال: يقولون: اسجد سجدتين وأنت جالس.
وهذا كله، ليس فيه بيان انه يتحرى أو يبني على اليقين، ولا بد من العمل بأحد الأمرين، وكلاهما قد ورد في أحاديث أخر، تقضي على هذا الحديث المجمل.
وقد روي من حديث أبي هريرة التحري، بالشك في رفعه ووقفه.
فروى شعبة، عن ابن إدريس الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة – قال شعبة: قلت: عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالَ: أحسبه، أكبر علمي، أنه قالَ: عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قالَ: ( ( لا يصلي أحدكم وبه شيء من الخبث) ) ، وقال في الوهم: ( ( يتحرى) ) .
وروي في حديث أبي هريرة ذكر السجود قبل السلام في هذا، من رواية ابن إسحاق: حدثني الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته، فيدخل بينه وبين نفسه، حتى لا يدري زاد أو نقص، فإذا كان ذلك، فليسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم يسلم) ) .
خرجه أبو داود وابن ماجه.
وخرجه ابن ماجه – أيضا – من رواية ابن إسحاق – أيضا -: اخبرني سلمة بن صفوان بن سلمة، [عن أبي سلمة] ، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - – بنحوه -، وقال: ( ( فليسجد سجدتينقبل أن يسلم) ) .
وخرجه أبو داود من طريق ابن أخي الزهري، عن الزهري، بهذا الإسناد، ولفظه: ( ( فليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم) ) .
وخرجه الدارقطني من رواية عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي، - فذكره، وقال: - بعد قوله: ( ( فليسجد سجدتين وهو جالس) ) -: ( ( ثم يسلم) ) .
وذكر في ( ( العلل) ) أن سليمان وعلي بن المبارك وهشاما والأوزاعي وغيرهم رووه، عن يحيى، ولم يذكروا فيه: التسليم قبل ولا بعد.
قال: وكذلك قال الزهري، عن أبي سلمة.
ولم يذكر رواية ابن إسحاق وابن أخي الزهري، عن الزهري، وذكر رواية ابن إسحاق، عن سلمة بن صفوان بن سلمة، كما رواه عكرمةبن عمار، عن يحيى.
قال: وهما ثقتان، وزيادة الثقة مقبولة.
قال: ورواه فليح بن سليمان، عن سلمة بن صفوان، وقال فيه: ( ( وليسلم، ثم ليسجد سجدتين) ) ، بخلاف رواية ابن إسحاق.
قلت: أما ابن إسحاق، فمضطرب في حديث الزهري خصوصاً، وينفرد عنه بما لا يتابع عليه، وروايته عن سلمة بن صفوان، قد خالفه فيها فليح، كما ترى.
ورواية عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، كثيرة الاضطراب عند يحيى القطان وأحمد وغيرهما من الأئمة.
ففي ثبوت هذه الزيادة نظر.
والله تعالى أعلم.
وقد روي من غير حديث أبي هريرة البناء على اليقين والتحري.
فأما الأول: فخرجه مسلم، من طريق سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا شك أحدكم في صلاته، فلا يدري كم صلى ثلاثا أو أربعا، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فان كان صلى خمساً، شفعن له صلاته، وان كان صلى إتمأما لأربع، كانتا ترغيما للشيطان) ) .
وخرجه – أيضا – من رواية داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، به – بمعناه.
وخرجه الدارقطني من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وهشام بن سعد بن سليمان وغيرهم، عن زيد بن أسلم – كذلك.
وكذلك رويناه من حديث عبد الله بن صالح، عن الليث، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم – بهذا الإسناد.
والمعروف من رواية ابن عجلان: أنه لم يذكر في حديثه: ( ( قبل السلام) ) .
وكذا رواه أبو غسان وغيره، عن زيد بن أسلم.
ورواه مالك في ( ( الموطأ) ) والثوري ويعقوب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء – مرسلاً.
ووصله الوليد بن مسلم وغيره، عن مالك.
وليس بمعروف عنهوصله.
ووصله بعضهم عن الثوري – أيضا.
ولعل البخاري ترك تخريجه؛ لإرسال مالك والثوري لهُ.
وحكم جماعة بصحة وصله، منهم: الإمام أحمد والدارقطني.
وقال أحمد: اذهب إليه.
قيل له: إنهم يختلفون في إسناده.
قال: إنما قصر به مالك، وقد أسنده عدة، فذكر منهم: ابن عجلان وعبد العزيز بن أبي سلمة.
ورواه الدراوردي وعبد الله بن جعفر وغيرهما، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ذكره الدارقطني.
وقال: القول قول من قال: عطاء، عن أبيسعيد.
وله شاهد عن أبي سعيد من وجه أخر، من رواية عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير: حدثني هلال بن عياض: حدثني أبو سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا صلى أحدكم، فلا يدري زاد أو نقص، فليسجد سجدتين وهو جالس) ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي.
وقال: حديث حسن.
وخرجه النسائي، وزاد في رواية له: ( ( ثم يسلم) ) .
وشيخ يحيى بن أبي كثير، مختلف في اسمه، وحاله.
وروى ابن إسحاق، عن مكحول، عن كريب، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا سهاأحدكم في صلاته، فلم يدر واحدة صلى أم ثنتين، فليبن على واحدة فان لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثاً، فليبن على ثنتين، فإن لم يدر صلى ثلاثا أو أربعا، فليبن على ثلاث، وليسجد سجدتين قبل أن يسلم) ) .
خرج الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي.
وقال: حسن صحيح.
والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
وله علة ذكرها ابن المديني.
قال: وكان عندي حسناً، حتى وقفت على علته، وذلك أن ابن إسحاق سمعه من مكحول مرسلا، وسمع إسناده من حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن مكحول.
قال: يضعف الحديث من هاهنا.
يعني: من جهة حسين الذي يرجع إسناده إليه.
وخرجه الإمام أحمد، عن ابن علية، عن ابن إسحاق – كما ذكره ابن المديني.
وكذا رواه عبد الله بن نمير وعبد الرحمن المحاربي، عن ابن إسحاق، عن مكحول – مرسلاً – وعن حسين عن مكحول – متصلاً.
ورواه حماد بن سلمة وغيره، عن ابن إسحاق، عن مكحول – مرسلاً.
ذكره الدارقطني.
وخرجه الإمام أحمد – أيضا - من رواية إسماعيل بن مسلم، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وإسماعيل، هو: المكي، ضعيف جداً.
وقد قيل: إنه توبع عليه، ولا يصح، وإنما مرجعه إلى إسماعيل -: ذكره الدارقطني.
روى أيوب بن سليمان بن بلال، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن عمر بن محمد بن زيد، عن سالم، عن أبيه، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا لم يدر أحدكم كم صلى – ثلاثا أو أربعا – فليركع ركعتين، يحسن ركوعهما وسجودهما، ثم ليسجد سجدتين) ) .
خرجه الحاكم.
وقال: صحيح على شرطهما.
والبخاري يخرج من هذه النسخة كثيراً، ولكن هذا رواه مالك في( ( الموطإ) ) ، عن عمر بن محمد، عن سالم، عن أبيه، - موقوفاً.
قال الدارقطني: رفعه غير ثابت.
وقال ابن عبد البر: لا يصح رفعه.
ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أنه قال: إذا شك الرجل في صلاته، فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا، فليبن على أتم ذلك في نفسه، وليس عليه سجود.
قال: فكان الزهري يقول: يسجد سجدتي السهو وهو جالس.
وأما الثاني: وهو التحري: فقد خرجه البخاري في ( ( أبواب استقبال القبلة) ) ، من رواية جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - – فذكر الحديث، وقال في آخره -: ( ( وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحرى الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين) ) .
وخرجه مسلم – أيضا.
وخرجه من طرق أخرى، عن منصور، وفي بعضها: ( ( فلينظر أحرى ذلك للصواب) ) .
وفي رواية: ( ( فليتحرى أقرب ذلك إلى الصواب) ) .
وفي رواية: ( ( فليتحرى الذي يرى أنه صواب) ) .
وخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي، وزادوا فيه: ( ( ثم يسلم، ثم يسجد سجدتي السهو) ) .
وقد رواه جماعة من ثقات أصحاب منصور، عنه، بهذا الزيادة.
وخرجه ابن ماجه، وعنده: ( ( ويسلم ويسجد سجدتين) ) – بالواو.
قال الإمام أحمد – في رواية الأثرم -: وحديث التحري ليس يرويه غير منصور، إلا أن شعبة روى عن الحكم، عن أبي وائل، عن عبد الله – موقوفاً – نحوه، قال: وإذا شك أحدكم فليتحر.
وخرجه النسائي كذلك.
وقد روي عن الحكم – مرفوعاً.
قال الدارقطني: الموقوف عن الحكم أصح.
وقد روي عن ابن مسعود التحري من وجه آخر، مختلف فيه: فروى خصيف، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا كنت في صلاة، فشككت في ثلاث أو أربع، وأكثر ظنك على أربع، تشهدت، ثم سجدت سجدتين، وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت – أيضا -، ثم تسلم) ) .
وخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي.
وذكر أبو داود، أنه اختلف في رفعه ووقفه، وفي لفظه – أيضا.
وقال أحمد: حديث اليقين أصح في الرواية من التحري.
وقال في حديث التحري: هو صحيح، وري من غير وجه.
ويظهر من تصرف البخاري عكس هذا؛ لأنه خرج حديث التحري دون اليقين.
وخرج مسلم الحديثين جميعاً.
وقد دلت هذه الأحاديث على أن من شك في عدد صلاته، فإنه ليس عليه إعادتها، ولا تبطل صلاته بمجرد شكه، بل يسجد سجدتي السهو بعد بنائه على يقينه أو تحريه، وهو قول جمهور العلماء.
وروي عن طائفة، أن من شك في صلاته فإنه يعيدها.
رواه همام بن منبه وابن سيرين، عن ابن عمر.
وهو خلاف رواية ابنه سالم ومولاه نافع وعبد الله بن دينار ومحارب بن دثار وغيرهم، كلهم رووا، عن ابن عمر، أنه يسجد ولا يعيد.
وقد سبق عن ابن عمر رواية أخرى، أنه لا يسجد.
وذكر عطاء، انه سمع ابن عباس يقول: إن نسيت الصلاة المكتوبة فعد لصلاتك.
وأنه بلغه عن ابن عمر وابن عباس، أنه إذا شك أعاد مرةواحدة، ثم لا يعيد، ويبني على أحرى ذلك في نفسه، ويسجد سجدتين بعد ما يسلم.
وكذلك قال طاوس: يعيد مرة، ثم لا يعيد.
وقال النخعي: أحب إلي أن أعيد، إلا أن أكون أكثر النسيان، فأسجد للسهو.
وهو قول أبي حنيفة والثوري.
ورويت الإعادة مع الشك مطلقاً عن الشعبي وشريح ومحمد ابن الحنفية.
وأما جمهور العلماء، فعلى أنه لا يعيد الصلاة.
لكن اختلفوا: هل يبني على الأقل – وهو اليقين -، أو يبني على غالب ظنه؟ فقالت طائفة: يبني على غالب ظنه.
روي عن ابن مسعود، وهو قول الكوفيين كالنخعي وأبي حنيفة والثوري – في رواية – والحسن بن حي.
وحكاه ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث.
وحكى ابن عبد البر عن الأوزاعي: يتحرى، فإن قام فلم يدر كم صلى، استأنف.
والتحري قول أحمد – في رواية عنه.
وعلى هذه الرواية، فهل ذلك عام في المنفرد والإمام، أم خاص بالإمام؟ على روايتين فيهِ.
وظاهر مذهبه: أنه يختص بالإمام؛ لأنه يعتمد على غلبة ظنه بإقرار المأمومين ومتابعتهم لهُ من غير نكير، فيقوى الظن بذلك.
واستدل هؤلاء بأحاديث تحري الصواب.
وأما حديث إطراح الشك، والبناء على ما استيقن، فحملوه على الشك المساوي، أو الأضعف.
فأما غلبة الظن، فقالوا: لا يسمى شكا عند الإطلاق، كما يدعيه أهل الأصول ومن تبعهم، وإن كان الفقهاء يطلقون عليه اسم الشك في مواضع كثيرة.
وقالت طائفة: بل يبني على اليقين، وهو الأقل.
وروي عن عمر وعلي وابن عمر، وعن الحسن والزهري، وهو قول مالك والليث والثوري – في رواية – والشافعي وأحمد – في رواية عنه – وإسحاق.
وعن الثوري، قال: كانوا يقولون: إن كان أول ما شك، فإنه يبني على اليقين، وإن ابتلي بالشك – يعني: أنه يتحرى -، وإن زاد به الشك ورأى انه من الشيطان، لم يلتفت إليه.
وهؤلاء استدلوا بحديث أبي سعيد الخدري المتقدم في البناء على ما استيقن.
وأما أحاديث التحري، فمنهم من تكلم فيها، حتى اعل حديث ابنمسعود المرفوع المخرج في ( ( الصحيحين) ) ، من رواية منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عنه، بأنه روي موقوفاً، من طريق الحكم، عن أبي وائل، عنه، كما فعل النسائي وغيره.
وقد رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن النخعي، عن علقمة، عن ابن مسعود – موقوفاً.
وهذا قد يتعلق به من يدعي أن هذه الرواية في أخر الحديث مدرجة من قول ابن مسعود.
ومنهم من حمل تحري الصواب على الرجوع إلى اليقين، ومنهم: الشافعي وأصحابه وسليمان الهاشمي والجوزجاني وابن عبد البر وغيرهم.
وفي بعض ألفاظ الحديث ما يصرح بخلاف ذلك، كما تقدم.
وحمل أحمد – في ظاهر مذهبه –التحري على الإمام؛ لأن عمله بغالب ظنه، مع إقرار المأمومين لهُ واتباعهم إياه يقوي ظنه، فيصير كالعمل باليقين، بخلاف المنفرد، فإنه ليس عنده إمارة تقوي ظنه.
وقد نص أحمد، أنه يجوز للإمام إذا شك أن يلحظ ما يفعله المأمومون خلفه، من قيام أو قعود، وغير ذلك، فيتبعهم فيه.
ومن متأخري أصحابنا من قال: يحمل الأمر بالتحري على من قدرعليه، بوجود إمارات توجب له غلبة الظن، ولا يختص ذلك بالإمام، بل المنفرد إذا كان عنده أمارة يتحرى بها عمل بها، فإن لم يكن عند المصلي أمارة توجب ترجيح أحد الأمرين، فقد استوى عنده الأمران، فيطرح الشك حينئذ، ويعمل باليقين.
وعلى هذا يحمل حديث أبي سعيد.
وهاهنا مسلك أخر: وهو حمل الأمر بالتحري على الرخصة والجواز، وحمل الأمر بإطراح الشك والبناء على [ما] استيقن على الأفضل والاحتياط، فيجوز للمصلي إذا شك العمل بكلا الأمرين، ويكون الأفضل الأخذ بالاحتياط.
وصرح بهذا القاضي أبو يعلى من أصحابنا في كتاب ( ( أحكام القرآن) ) ، وتبعه عليه جماعة من أصحابنا.
وهذه المسألة ترجع إلى قاعدة تعارض الأصل والظاهر، وللمسالة أقسام قد ذكرناها مستوفاة في كتاب ( ( القواعد في الفقه) ) .
وحملت طائفة أحاديث البناء على اليقين على من لم يعتبر الشك، ولم تلزمه أحاديث العمل بغلبة الظن على من لزمه الشك، وصار له عادة ووسواساً، فلا يلتفت إليه حينئذ، بل يجعل وجوده كالعدم، ويبني على غالب ظنه.
وذكر ابن عبد البر أن هذا تفسير الليث وابن وهب للحديث، وأنهمذهب مالك – أيضا.
يعني: أن الشك إذا لزم صاحبه وصار وسواسا، لم يلتفت إليه.
وهو قول الثوري، وروي عن القاسم بن محمد، وصرح به أصحابنا – أيضا.
وعلى هذا؛ يحمل حديث الأمر لمن شك في صلاته بان يسجد سجدتين، من غير ذكر تحر ولا يقين.
ولهذا ذكر في أول الحديث تلبيس الشيطان عليه، حتى لا يدري: كم صلى.
وعليه يحمل – أيضا – ما روي عم بعض المتقدمين: أن سجدتي السهو تكفي من شك في صلاته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما محل السجود للشك، فقد تقدم ذكره في الباب الماضي، واختلاف العلماء فيه، وأن أحمد يعمل بالأحاديث كلها في ذلك.
فإن شك وتحرى، سجد بعد السلام، وإن بنى على اليقين سجد قبله.
وهو قول أبي خيثمة زهير بن حرب – أيضا.
وذكرنا المعنى في ذلك فيما تقدم - أيضا.
ومذهب إسحاق، أنه يبني على اليقين، ويسجد بعد السلام -: نقله عنه حرب.
ولعله حمل تحري الصواب في حديث ابن مسعود على الأخذ باليقين، كما تقدم عن جماعة أنهم قالوه.
وفي ذكر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسوسة الشيطان للمصلى، وأمره بالسجود إذا لم يدر كم صلى، يدل على أنه لا يسجد بمجرد وسوسة الصلاة، إذا لميشك في عدد صلاته.
وعلى هذا جمهور العلماء، وحكاه بعضهم إجماعا.
وحكى إسحاق، عن الحسن بن علي، أنه سجد في الصلاة عن غير سهو ظهر منه، وقال: إني حدثت نفسي.
وروي عن أحمد، أنه سجد للسهو في صلاته، وقال: إني لحظت ذلك الكتاب.
وهذا خلاف المعروف من مذهبه.
وحكى أحمد، عن ابن عباس، قال: إن استطعت أن لا تصلي صلاة إلا سجدت بعدها سجدتين [فافعل] .
وفي أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسجود السهو في حديث أبي هريرة وابن مسعود المتفق عليهما: دليل على أن سجود السهو واجب، إذا كان لما يبطل الصلاة تعمده.
واختلف العلماء في وجوب سجود السهو: فذهب إلى وجوبه كثير من العلماء، منهم: الحكم وابن شبرمة وأبو حنيفة – فيما حكاه الكرخي، عنه – والثوري وأحمد وإسحاق.
لكن أحمد إنما يوجبه إذا كان لما يبطل عمدة الصلاة خاصة، فأما ما لا يبطل الصلاة عمده، كترك السنن وزيادة ذكر في غير محله، سوى السلام،فليس بواجب عنده؛ لأن السجود من أجله ليس بواجب فعله أو تركه، فجبرانه أولى، فأما ما يجب فعله أو تركه، فيجب جبرانه بالسجود كجبرانات الحج.
وحكي عن مالك وأبي ثور: إن كان من نقصان وجب؛ لأن محله قبل السلام، فيكون من جملة أجزاء الصَّلاة، بخلاف ما محله بعد السلام؛ لأن محله بعد التحلل من الصلاة.
وقال الشافعي: هو سنة بكل حال.
وحكي رواية عن أحمد، وتأولها بعض أصحابه.
واستدل لذلك، بأنه روي في حديث أبي سعيد الخدري المتقدم: ( ( فإن كانت صلاته تامة، كانت الركعة نافلة والسجدتان) ) .
وأجيب: بأن المراد بالنافلة الزيادة على آخر الصلاة، كما في حديث عثمان، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه توضأ، وقال: ( ( من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة) ) .
خرجه مسلم.
وأراد بالنافلة: زيادة في حسناته؛ حيث كانَ الوضوء مكفرا للذنوب.
فمن قالَ: إن سجود السهو سنة، لم تبطل الصَّلاة بتركه بحال، وهو قول الشافعي وعبد الملك المالكي.
وكذلك مذهب أبي حنيفة، لكنه عنده: إذا فعل وقع موقع الفرض، والتحق به، وإن كان بعد السلام حين لو أحدث فيه أو خرج الوقت بطلت الصلاة المتقدمة.
واختلفت الرواية عن أحمد: هل تبطل الصلاة بترك السجود للسهو عنه روايتان: أحدهما: إن تركه عمدا، وكان محله قبل السلام بطلت الصلاة، وإن كان محله بعد السلام لم تبطل، وإن كان تركه نسياناً لم تبطل بكل حال.
وحكي مثله عن أبي ثور.
لأن ما محله قبل السلام – وهو واجب – هو كالجزء من الصلاة، بخلاف ما محله بعد السلام، فإنه خارج عن الصلاة، فهو كالأذان، عند من يقول بوجوبه، لا يبطل الصلاة تركه.
والرواية الثانية: إذا نسيه حتى طال الفصل أعاد الصلاة.
وهذا يدل على أن تركه يبطل الصلاة بكل حال، وهو قول الحكم وابن شبرمة؛ لأنه سجود واجب في الصَّلاة أو لأجلها، فهوَ كسجود صلب الصَّلاة.
وكذلك قال مالك، فيما قبل السلام.
وقال فيما بعده: لايبطل تركه مطلقا.
وروي عن مالك: اختصاص البطلان فينا قبل السلام بترك الأفعال دون الأقوال.
ومذهب الثوري: أن سجود السهو واجب، وليس هو من صلب الصلاة، فمن ضحك فيه أو أحدث، فلا شيء عليه.
ولكنه قال، فيمن سلم وهو يرى أنه ينبغي أن يسجد [في] صلاته: أعاد الصلاة؛ لأنه أدخل في صلاته زيادة.
يعني به: السلام.
وهذا يدل على تفريقه بين سجود السهو الذي قبل السلام وبعده، كقول أحمد.
وكذلك قال الليث، فيمن نسي سجود السهو الذي قبل السلام، فلم يذكره حتى صلى صلاة أخرى، أنه يعيد الصلاة التي نسي سجودها، فإن كان السجود بعد السلام سجد سجدتي السهو، ولم يعد صلاته.
نقله عنه ابن وهب في ( ( كتاب سجود السهو) ) له، ووافقه عليه.
7 - باب [السهو] في الفرض والتطوع وسجد ابن عباس سجدتين بعد وتره.
قد تقدم أن الإمام أحمد حكى عن ابن عباس، أنه قال: إن استطعت أن لا تصلي صلاة إلا سجدت بعدها سجدتين فافعل.
وحمله أحمد على سجود السهو.
ومن الناس من حمله على [أنه] أراد به تصلي بعد كل مفروضة ركعتين.
وهذا على عمومه لا يصح؛ فإن الفجر والعصر لايصلى بعدهما.
وقد بوب النسائي على ( ( السجود بعد الفراغ من الصَّلاة) ) ، وخرج فيهِ: حديث عائشة: كانَ النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاةالعشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يوتر بواحدة، ويسجد سجدة قدر ما يقرا أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه.
وقد تقدم هذا الحديث بلفظ: ( ( ويسجد السجدة) ) .
والمراد: أنه مقدار السجدة الواحدة من سجوده بالليل، لا أنه يسجد بعد وتره سجدة واحدة.
وأما حكم السهو في الوتر، فحكمه حكم السهو في سائر الصلوات.
ومذهب الثوري وأبي حنيفة، إذا صلى الوتر أربعاً، أنه إن قعد في الثالثة قدر التشهد أجزاه، وسجد سجدتي السهو، وإن لم يكن جلس بعد الثالثة أعاد الوتر، كقولهم في صلاة المغرب، كما تقدم حكاية مذهبهم في ذلك.
ومذهب مالك في ( ( تهذيب المدونة) ) : ومن شفع وتره ساهياً سجد بعد السلام، واجتزأ بوتره، يعمل في السنن كما يعمل في الفرائض، ومن لم يدر جلوس في الشفع أو في الوتر سلم وسجد بعد السلام، ثم أوتر بواحدة، وإن لم يدر أفي الأولى هو جالس أو في الثانية، أو في الوتر، أتى بركعة، وسجد بعد السلام، ثم أوتر.
انتهى.
ففرق بين أن يتحقق الزيادة، فيسجد للسهو، ويجتزئ بوتره، وبين أن يشك فيها، فيبني على اليقين، ويسجد للسهو، ثم يوتر.
وقد روي عن ابن عباس، أنه يسجد في التطوع: قال حرب الكرماني: نا يحيى بن عبد الحميد: حدثنا ابن المبارك، عن يعقوب بن القعقاع، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: إذا اوهم في التطوع، سجد سجدتي السهو.
وهذا قول جمهور العلماء.
وللشافعي قول قديم، أنه لايسجد في التطوع.
وروي عن ابن سيرين.
وعن ابن المسيب – في رواية – عنه منقطعة.
وروي عنه من وجه متصل خلافه.
وقال عطاء: لابأس أن لا يسجد للسهو في التطوع.
وعنه، أنه قال: لا يعيد التطوع إذا شك فيه، وبني على أحرى ما عنده، وسجد.
وهذا بناء على قوله: إن الشاك في الفريضة يعيد صلاته.
وسئل عطاء، عمن سها قبل الوتر: أيسجد بعد الوتر؟ قالَ: نعم.
ولعله أراد أنه سها قبل الركعتين قبل الوتر، إذا صلى الوتر ثلاثا متصلة [...........] أنه أراد أن الركعة التي يوتر بها لا يسجد فيها للسهو حتَّى يتم وتره، وإن كانت مفصولة بالسلام بينهما؛ لأن الجميع يشملها اسم واحد، وهو الوتر، فيكون السجود للسهو بعد كمالها وتمامها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال البخاري:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ)
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِ الْمَتْنِ فِي أَبْوَابِ الْأَذَانِ.

.
وَأَمَّا

[ قــ :1187 ... غــ :1231] .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي فَ.

     قَوْلُهُ  إِنْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهِيَ نَافِيَةٌ وَقَولُهُ فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى إِلَخْ مُسَاوٍ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ غَيْرِ مَزِيدٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى خَارِجِهَا فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.

.
وَأَمَّا دَاخِلُهَا فَهُوَ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي عِنْدَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْأَمْرِ بِطَرْحِ الشَّكِّ وَالْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ فَقِيلَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ وَقَدْ فَرَغَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى ذَلِكَ الشَّكِّ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  فِيهِ وَهُوَ جَالِسٌ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ إِذَا شَكَّ لَا بِقَوْلِهِ سَجَدَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ التَّرْجِيحِ فَقَالَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ بِخِلَافِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ وَافقه حَدِيث بن مَسْعُودٍ فَهُوَ أَرْجَحُ لِأَنَّ لِمُخَالِفِهِ أَنْ يَقُولَ بَلْ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ صَحَّحَهُ مُسْلِمٌ وَالَّذِي وَصَلَهُ حَافِظٌ فَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ وَقَدْ وَافَقَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي قَرِيبًا فَيَتَعَارَضُ التَّرْجِيحُ وَقِيلَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى حُكْمِ مَا يَجْبُرُ بِهِ السَّاهِي صَلَاتَهُ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى مَا يَصْنَعُهُ مِنَ الْإِتْمَامِ وَعَدَمِهِ تَنْبِيهٌ لَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَعْيِينُ مَحَلِّ السُّجُودِ وَلَا فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الَّتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَرْفُوعًا إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَزَادَ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ يُسَلِّمْ إِسْنَاده قوي وَلأبي دَاوُد من طَرِيق بن أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ نَحْوَهُ بِلَفْظِ وَهُوَ جَالس قبل التَّسْلِيم وَله من طَرِيق بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ بِإِسْنَادِهِ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ يُسَلِّمْ قَالَ الْعَلَائِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ لَا تَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحسن المحتج بِهِ وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
إذا لم يدر كم صلى - ثلاثاً أو أربعا -
سجدة سجدتين وهو جالس.

[ قــ :1187 ... غــ :1231 ]
- ثنا معاذ بن فضالة: ثنا هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضى الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: أذكر كذا وكذا – مالم يكن يذكر – حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى، فإذا لم يدر أحدكم كم صلى – ثلاثا أو أربعا -، فليسجد سجدتين وهو جالس) ) .

( ( يخطر) ) بضم الطاء عند الأكثر، والمراد: أنه يمر، فيحول بين المرء وما يريد من نفسه، من إقباله على صلاته.

وروي ( ( يخطر) ) – بكسر الطاء -، يعني: تحرك، فيكون المعنى: حركته بالوسوسة.

وقوله: ( ( حتى يظل الرجل) ) ، هكذا الرواية المشهورة بالظاء القائمة المفتوحة، والمراد: يصير، كما في قوله تعالى: { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً} [النحل: 58] .

وروى بعضهم ( ( يضل) ) بالضاد المكسورة، من الظلال، يعني: انه ينسى ويتحير.

وقوله: ( ( إن يدري) ) ، ( أن) بفتح الهمزة، حكاه ابن عبد البر عن الأكثرين، وقال: معناه: لايدري.

وقال القرطبي: ليست هذه الرواية بشيء، إلا مع رواية: ( ( الضاد) ) ، فتكون: ( ( أن) ) مع الفعل بتأويل المصدر مفعول ( ( ضل) ) إن، بأسقاط حرف الجر، أي يضل عن درايته وينسى عدد ركعاته.

قال: وفيه بعد، ورجح أن الرواية: ( ( إن) ) بكسر الهمزة، يعني: ما يدري.

قلت: أما وقوع ( ( إن) ) المكسورة نافية فظاهر، وأما ( ( أن) ) المفتوحة، فقد ذكر بعضهم أنها تأتى نافية – أيضا -، وأنكره أخرون.

فعلى قول من أثبته، لا فرق بين أن تكون الرواية هاهنا بالفتح أو بالكسر.

وقوله: ( ( فإذا لم يدر أحدكم كم صلى – ثلاثاً أو أربعا -، فليسجد
سجدتين)
)
، ليس في هذا الحديث سوى الأمر بسجود السهو عند الشك، من غير أمر بعمل بيقين أو تحر.
وروي عن أبي هريرة، أنه أفتى بذلك.

قال عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه: سالت أبا هريرة، فقلت: شككت في صلاتي.
قال: يقولون: اسجد سجدتين وأنت جالس.

وهذا كله، ليس فيه بيان انه يتحرى أو يبني على اليقين، ولا بد من العمل بأحد الأمرين، وكلاهما قد ورد في أحاديث أخر، تقضي على هذا الحديث المجمل.

وقد روي من حديث أبي هريرة التحري، بالشك في رفعه ووقفه.

فروى شعبة، عن ابن إدريس الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة – قال شعبة: قلت: عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالَ: أحسبه، أكبر علمي، أنه قالَ: عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قالَ: ( ( لا يصلي أحدكم وبه شيء من الخبث) ) ، وقال في الوهم: ( ( يتحرى) ) .

وروي في حديث أبي هريرة ذكر السجود قبل السلام في هذا، من رواية ابن إسحاق: حدثني الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
( ( إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته، فيدخل بينه وبين نفسه، حتى لا يدري زاد أو نقص، فإذا كان ذلك، فليسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم يسلم) ) .

خرجه أبو داود وابن ماجه.

وخرجه ابن ماجه – أيضا – من رواية ابن إسحاق – أيضا -: اخبرني سلمة بن صفوان بن سلمة، [عن أبي سلمة] ، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - – بنحوه -، وقال: ( ( فليسجد سجدتين قبل أن يسلم) ) .

وخرجه أبو داود من طريق ابن أخي الزهري، عن الزهري، بهذا الإسناد، ولفظه: ( ( فليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم) ) .

وخرجه الدارقطني من رواية عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي، - فذكره، وقال: - بعد قوله: ( ( فليسجد سجدتين وهو جالس) ) -: ( ( ثم يسلم) ) .

وذكر في ( ( العلل) ) أن سليمان وعلي بن المبارك وهشاما والأوزاعي وغيرهم رووه، عن يحيى، ولم يذكروا فيه: التسليم قبل ولا بعد.

قال: وكذلك قال الزهري، عن أبي سلمة.

ولم يذكر رواية ابن إسحاق وابن أخي الزهري، عن الزهري، وذكر رواية ابن إسحاق، عن سلمة بن صفوان بن سلمة، كما رواه عكرمة بن عمار، عن يحيى.

قال: وهما ثقتان، وزيادة الثقة مقبولة.

قال: ورواه فليح بن سليمان، عن سلمة بن صفوان، وقال فيه: ( ( وليسلم، ثم ليسجد سجدتين) ) ، بخلاف رواية ابن إسحاق.

قلت: أما ابن إسحاق، فمضطرب في حديث الزهري خصوصاً، وينفرد عنه بما لا يتابع عليه، وروايته عن سلمة بن صفوان، قد خالفه فيها فليح، كما ترى.

ورواية عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، كثيرة الاضطراب عند يحيى القطان وأحمد وغيرهما من الأئمة.

ففي ثبوت هذه الزيادة نظر.
والله تعالى أعلم.

وقد روي من غير حديث أبي هريرة البناء على اليقين والتحري.

فأما الأول:
فخرجه مسلم، من طريق سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا شك أحدكم في
صلاته، فلا يدري كم صلى ثلاثا أو أربعا، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فان كان صلى خمساً، شفعن له صلاته، وان كان صلى إتمأما لأربع، كانتا ترغيما للشيطان)
)
.
وخرجه – أيضا – من رواية داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، به – بمعناه.

وخرجه الدارقطني من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وهشام بن سعد بن سليمان وغيرهم، عن زيد بن أسلم – كذلك.

وكذلك رويناه من حديث عبد الله بن صالح، عن الليث، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم – بهذا الإسناد.

والمعروف من رواية ابن عجلان: أنه لم يذكر في حديثه: ( ( قبل السلام) ) .

وكذا رواه أبو غسان وغيره، عن زيد بن أسلم.

ورواه مالك في ( ( الموطأ) ) والثوري ويعقوب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء – مرسلاً.

ووصله الوليد بن مسلم وغيره، عن مالك.

وليس بمعروف عنه وصله.

ووصله بعضهم عن الثوري – أيضا.

ولعل البخاري ترك تخريجه؛ لإرسال مالك والثوري لهُ.

وحكم جماعة بصحة وصله، منهم: الإمام أحمد والدارقطني.

وقال أحمد: اذهب إليه.
قيل له: إنهم يختلفون في إسناده.
قال: إنما قصر به مالك، وقد أسنده عدة، فذكر منهم: ابن عجلان وعبد العزيز بن أبي سلمة.

ورواه الدراوردي وعبد الله بن جعفر وغيرهما، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ذكره الدارقطني.

وقال: القول قول من قال: عطاء، عن أبي سعيد.

وله شاهد عن أبي سعيد من وجه أخر، من رواية عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير: حدثني هلال بن عياض: حدثني أبو سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا صلى أحدكم، فلا يدري زاد أو نقص، فليسجد سجدتين وهو جالس) ) .

خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي.

وقال: حديث حسن.

وخرجه النسائي، وزاد في رواية له: ( ( ثم يسلم) ) .

وشيخ يحيى بن أبي كثير، مختلف في اسمه، وحاله.

وروى ابن إسحاق، عن مكحول، عن كريب، عن ابن عباس، عن
عبد الرحمن بن عوف، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا سها أحدكم في صلاته، فلم يدر واحدة صلى أم ثنتين، فليبن على واحدة فان لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثاً، فليبن على ثنتين، فإن لم يدر صلى ثلاثا أو أربعا، فليبن على ثلاث، وليسجد سجدتين قبل أن يسلم) ) .

خرج الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي.

وقال: حسن صحيح.

والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.

وله علة ذكرها ابن المديني.

قال: وكان عندي حسناً، حتى وقفت على علته، وذلك أن ابن إسحاق سمعه من مكحول مرسلا، وسمع إسناده من حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن مكحول.
قال: يضعف الحديث من هاهنا.

يعني: من جهة حسين الذي يرجع إسناده إليه.

وخرجه الإمام أحمد، عن ابن علية، عن ابن إسحاق – كما ذكره ابن المديني.

وكذا رواه عبد الله بن نمير وعبد الرحمن المحاربي، عن ابن إسحاق، عن مكحول – مرسلاً – وعن حسين عن مكحول – متصلاً.
ورواه حماد بن سلمة وغيره، عن ابن إسحاق، عن مكحول – مرسلاً.

ذكره الدارقطني.

وخرجه الإمام أحمد – أيضا - من رواية إسماعيل بن مسلم، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وإسماعيل، هو: المكي، ضعيف جداً.

وقد قيل: إنه توبع عليه، ولا يصح، وإنما مرجعه إلى إسماعيل -: ذكره الدارقطني.

روى أيوب بن سليمان بن بلال، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن عمر بن محمد بن زيد، عن سالم، عن أبيه، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا لم يدر أحدكم كم صلى – ثلاثا أو أربعا – فليركع ركعتين، يحسن ركوعهما
وسجودهما، ثم ليسجد سجدتين)
)
.

خرجه الحاكم.

وقال: صحيح على شرطهما.

والبخاري يخرج من هذه النسخة كثيراً، ولكن هذا رواه مالك في ( ( الموطإ) ) ، عن عمر بن محمد، عن سالم، عن أبيه، - موقوفاً.

قال الدارقطني: رفعه غير ثابت.

وقال ابن عبد البر: لا يصح رفعه.

ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أنه قال: إذا شك الرجل في صلاته، فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا، فليبن على أتم ذلك في نفسه، وليس عليه سجود.

قال: فكان الزهري يقول: يسجد سجدتي السهو وهو جالس.

وأما الثاني: وهو التحري:
فقد خرجه البخاري في ( ( أبواب استقبال القبلة) ) ، من رواية جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - – فذكر الحديث، وقال في آخره -: ( ( وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحرى الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين) ) .

وخرجه مسلم – أيضا.

وخرجه من طرق أخرى، عن منصور، وفي بعضها: ( ( فلينظر أحرى ذلك للصواب) ) .

وفي رواية: ( ( فليتحرى أقرب ذلك إلى الصواب) ) .

وفي رواية: ( ( فليتحرى الذي يرى أنه صواب) ) .
وخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي، وزادوا فيه: ( ( ثم يسلم، ثم يسجد سجدتي السهو) ) .

وقد رواه جماعة من ثقات أصحاب منصور، عنه، بهذا الزيادة.

وخرجه ابن ماجه، وعنده: ( ( ويسلم ويسجد سجدتين) ) – بالواو.

قال الإمام أحمد – في رواية الأثرم -: وحديث التحري ليس يرويه غير منصور، إلا أن شعبة روى عن الحكم، عن أبي وائل، عن عبد الله – موقوفاً – نحوه، قال: وإذا شك أحدكم فليتحر.

وخرجه النسائي كذلك.

وقد روي عن الحكم – مرفوعاً.

قال الدارقطني: الموقوف عن الحكم أصح.

وقد روي عن ابن مسعود التحري من وجه آخر، مختلف فيه:
فروى خصيف، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا كنت في صلاة، فشككت في ثلاث أو أربع، وأكثر ظنك على أربع، تشهدت، ثم سجدت سجدتين، وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت – أيضا -، ثم تسلم) ) .

وخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي.

وذكر أبو داود، أنه اختلف في رفعه ووقفه، وفي لفظه – أيضا.
وقال أحمد: حديث اليقين أصح في الرواية من التحري.

وقال في حديث التحري: هو صحيح، وري من غير وجه.

ويظهر من تصرف البخاري عكس هذا؛ لأنه خرج حديث التحري دون اليقين.

وخرج مسلم الحديثين جميعاً.

وقد دلت هذه الأحاديث على أن من شك في عدد صلاته، فإنه ليس عليه
إعادتها، ولا تبطل صلاته بمجرد شكه، بل يسجد سجدتي السهو بعد بنائه على يقينه أو تحريه، وهو قول جمهور العلماء.

وروي عن طائفة، أن من شك في صلاته فإنه يعيدها.

رواه همام بن منبه وابن سيرين، عن ابن عمر.

وهو خلاف رواية ابنه سالم ومولاه نافع وعبد الله بن دينار ومحارب بن دثار وغيرهم، كلهم رووا، عن ابن عمر، أنه يسجد ولا يعيد.

وقد سبق عن ابن عمر رواية أخرى، أنه لا يسجد.

وذكر عطاء، انه سمع ابن عباس يقول: إن نسيت الصلاة المكتوبة فعد لصلاتك.
وأنه بلغه عن ابن عمر وابن عباس، أنه إذا شك أعاد مرة واحدة، ثم لا يعيد، ويبني على أحرى ذلك في نفسه، ويسجد سجدتين بعد ما يسلم.

وكذلك قال طاوس: يعيد مرة، ثم لا يعيد.

وقال النخعي: أحب إلي أن أعيد، إلا أن أكون أكثر النسيان، فأسجد للسهو.

وهو قول أبي حنيفة والثوري.

ورويت الإعادة مع الشك مطلقاً عن الشعبي وشريح ومحمد ابن الحنفية.

وأما جمهور العلماء، فعلى أنه لا يعيد الصلاة.

لكن اختلفوا: هل يبني على الأقل – وهو اليقين -، أو يبني على غالب ظنه؟
فقالت طائفة: يبني على غالب ظنه.

روي عن ابن مسعود، وهو قول الكوفيين كالنخعي وأبي حنيفة والثوري – في رواية – والحسن بن حي.

وحكاه ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث.

وحكى ابن عبد البر عن الأوزاعي: يتحرى، فإن قام فلم يدر كم صلى، استأنف.
والتحري قول أحمد – في رواية عنه.

وعلى هذه الرواية، فهل ذلك عام في المنفرد والإمام، أم خاص بالإمام؟ على روايتين فيهِ.

وظاهر مذهبه: أنه يختص بالإمام؛ لأنه يعتمد على غلبة ظنه بإقرار المأمومين ومتابعتهم لهُ من غير نكير، فيقوى الظن بذلك.

واستدل هؤلاء بأحاديث تحري الصواب.

وأما حديث إطراح الشك، والبناء على ما استيقن، فحملوه على الشك
المساوي، أو الأضعف.

فأما غلبة الظن، فقالوا: لا يسمى شكا عند الإطلاق، كما يدعيه أهل الأصول ومن تبعهم، وإن كان الفقهاء يطلقون عليه اسم الشك في مواضع كثيرة.

وقالت طائفة: بل يبني على اليقين، وهو الأقل.

وروي عن عمر وعلي وابن عمر، وعن الحسن والزهري، وهو قول مالك والليث والثوري – في رواية – والشافعي وأحمد – في رواية عنه – وإسحاق.

وعن الثوري، قال: كانوا يقولون: إن كان أول ما شك، فإنه يبني على
اليقين، وإن ابتلي بالشك – يعني: أنه يتحرى -، وإن زاد به الشك ورأى انه من الشيطان، لم يلتفت إليه.

وهؤلاء استدلوا بحديث أبي سعيد الخدري المتقدم في البناء على ما استيقن.

وأما أحاديث التحري، فمنهم من تكلم فيها، حتى اعل حديث ابن مسعود المرفوع المخرج في ( ( الصحيحين) ) ، من رواية منصور، عن إبراهيم، عن علقمة،
عنه، بأنه روي موقوفاً، من طريق الحكم، عن أبي وائل، عنه، كما فعل النسائي وغيره.

وقد رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن النخعي، عن علقمة، عن ابن مسعود – موقوفاً.

وهذا قد يتعلق به من يدعي أن هذه الرواية في أخر الحديث مدرجة من قول ابن مسعود.

ومنهم من حمل تحري الصواب على الرجوع إلى اليقين، ومنهم: الشافعي وأصحابه وسليمان الهاشمي والجوزجاني وابن عبد البر وغيرهم.

وفي بعض ألفاظ الحديث ما يصرح بخلاف ذلك، كما تقدم.

وحمل أحمد – في ظاهر مذهبه –التحري على الإمام؛ لأن عمله بغالب ظنه، مع إقرار المأمومين لهُ واتباعهم إياه يقوي ظنه، فيصير كالعمل باليقين، بخلاف المنفرد، فإنه ليس عنده إمارة تقوي ظنه.

وقد نص أحمد، أنه يجوز للإمام إذا شك أن يلحظ ما يفعله المأمومون خلفه، من قيام أو قعود، وغير ذلك، فيتبعهم فيه.

ومن متأخري أصحابنا من قال: يحمل الأمر بالتحري على من قدر عليه، بوجود إمارات توجب له غلبة الظن، ولا يختص ذلك بالإمام، بل المنفرد إذا كان عنده أمارة يتحرى بها عمل بها، فإن لم يكن عند المصلي أمارة توجب ترجيح أحد الأمرين، فقد استوى عنده الأمران، فيطرح الشك حينئذ، ويعمل باليقين.

وعلى هذا يحمل حديث أبي سعيد.

وهاهنا مسلك أخر: وهو حمل الأمر بالتحري على الرخصة والجواز، وحمل الأمر بإطراح الشك والبناء على [ما] استيقن على الأفضل والاحتياط، فيجوز للمصلي إذا شك العمل بكلا الأمرين، ويكون الأفضل الأخذ بالاحتياط.

وصرح بهذا القاضي أبو يعلى من أصحابنا في كتاب ( ( أحكام القرآن) ) ، وتبعه عليه جماعة من أصحابنا.

وهذه المسألة ترجع إلى قاعدة تعارض الأصل والظاهر، وللمسالة أقسام قد ذكرناها مستوفاة في كتاب ( ( القواعد في الفقه) ) .

وحملت طائفة أحاديث البناء على اليقين على من لم يعتبر الشك، ولم تلزمه أحاديث العمل بغلبة الظن على من لزمه الشك، وصار له عادة ووسواساً، فلا يلتفت إليه حينئذ، بل يجعل وجوده كالعدم، ويبني على غالب ظنه.

وذكر ابن عبد البر أن هذا تفسير الليث وابن وهب للحديث، وأنه مذهب مالك – أيضا.

يعني: أن الشك إذا لزم صاحبه وصار وسواسا، لم يلتفت إليه.

وهو قول الثوري، وروي عن القاسم بن محمد، وصرح به أصحابنا – أيضا.

وعلى هذا؛ يحمل حديث الأمر لمن شك في صلاته بان يسجد سجدتين، من غير ذكر تحر ولا يقين.

ولهذا ذكر في أول الحديث تلبيس الشيطان عليه، حتى لا يدري: كم صلى.

وعليه يحمل – أيضا – ما روي عم بعض المتقدمين: أن سجدتي السهو تكفي من شك في صلاته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

وأما محل السجود للشك، فقد تقدم ذكره في الباب الماضي، واختلاف العلماء فيه، وأن أحمد يعمل بالأحاديث كلها في ذلك.

فإن شك وتحرى، سجد بعد السلام، وإن بنى على اليقين سجد قبله.

وهو قول أبي خيثمة زهير بن حرب – أيضا.

وذكرنا المعنى في ذلك فيما تقدم - أيضا.

ومذهب إسحاق، أنه يبني على اليقين، ويسجد بعد السلام -: نقله عنه
حرب.

ولعله حمل تحري الصواب في حديث ابن مسعود على الأخذ باليقين، كما تقدم عن جماعة أنهم قالوه.

وفي ذكر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسوسة الشيطان للمصلى، وأمره بالسجود إذا لم يدر كم صلى، يدل على أنه لا يسجد بمجرد وسوسة الصلاة، إذا لم يشك في عدد صلاته.

وعلى هذا جمهور العلماء، وحكاه بعضهم إجماعا.

وحكى إسحاق، عن الحسن بن علي، أنه سجد في الصلاة عن غير سهو ظهر منه، وقال: إني حدثت نفسي.

وروي عن أحمد، أنه سجد للسهو في صلاته، وقال: إني لحظت ذلك الكتاب.

وهذا خلاف المعروف من مذهبه.

وحكى أحمد، عن ابن عباس، قال: إن استطعت أن لا تصلي صلاة إلا سجدت بعدها سجدتين [فافعل] .

وفي أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسجود السهو في حديث أبي هريرة وابن مسعود المتفق عليهما: دليل على أن سجود السهو واجب، إذا كان لما يبطل الصلاة تعمده.

واختلف العلماء في وجوب سجود السهو:
فذهب إلى وجوبه كثير من العلماء، منهم: الحكم وابن شبرمة وأبو حنيفة – فيما حكاه الكرخي، عنه – والثوري وأحمد وإسحاق.

لكن أحمد إنما يوجبه إذا كان لما يبطل عمدة الصلاة خاصة، فأما ما لا يبطل الصلاة عمده، كترك السنن وزيادة ذكر في غير محله، سوى السلام، فليس بواجب عنده؛ لأن السجود من أجله ليس بواجب فعله أو تركه، فجبرانه أولى، فأما ما يجب فعله أو تركه، فيجب جبرانه بالسجود كجبرانات الحج.

وحكي عن مالك وأبي ثور: إن كان من نقصان وجب؛ لأن محله قبل السلام، فيكون من جملة أجزاء الصَّلاة، بخلاف ما محله بعد السلام؛ لأن محله بعد التحلل من الصلاة.

وقال الشافعي: هو سنة بكل حال.

وحكي رواية عن أحمد، وتأولها بعض أصحابه.

واستدل لذلك، بأنه روي في حديث أبي سعيد الخدري المتقدم: ( ( فإن كانت صلاته تامة، كانت الركعة نافلة والسجدتان) ) .

وأجيب: بأن المراد بالنافلة الزيادة على آخر الصلاة، كما في حديث عثمان، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه توضأ، وقال: ( ( من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة) ) .

خرجه مسلم.

وأراد بالنافلة: زيادة في حسناته؛ حيث كانَ الوضوء مكفرا للذنوب.
فمن قالَ: إن سجود السهو سنة، لم تبطل الصَّلاة بتركه بحال، وهو قول الشافعي وعبد الملك المالكي.

وكذلك مذهب أبي حنيفة، لكنه عنده: إذا فعل وقع موقع الفرض، والتحق
به، وإن كان بعد السلام حين لو أحدث فيه أو خرج الوقت بطلت الصلاة المتقدمة.

واختلفت الرواية عن أحمد: هل تبطل الصلاة بترك السجود للسهو عنه روايتان:
أحدهما: إن تركه عمدا، وكان محله قبل السلام بطلت الصلاة، وإن كان محله بعد السلام لم تبطل، وإن كان تركه نسياناً لم تبطل بكل حال.

وحكي مثله عن أبي ثور.

لأن ما محله قبل السلام – وهو واجب – هو كالجزء من الصلاة، بخلاف ما محله بعد السلام، فإنه خارج عن الصلاة، فهو كالأذان، عند من يقول بوجوبه، لا يبطل الصلاة تركه.

والرواية الثانية: إذا نسيه حتى طال الفصل أعاد الصلاة.

وهذا يدل على أن تركه يبطل الصلاة بكل حال، وهو قول الحكم وابن شبرمة؛ لأنه سجود واجب في الصَّلاة أو لأجلها، فهوَ كسجود صلب الصَّلاة.
وكذلك قال مالك، فيما قبل السلام.

وقال فيما بعده: لايبطل تركه مطلقا.

وروي عن مالك: اختصاص البطلان فينا قبل السلام بترك الأفعال دون الأقوال.

ومذهب الثوري: أن سجود السهو واجب، وليس هو من صلب الصلاة، فمن ضحك فيه أو أحدث، فلا شيء عليه.

ولكنه قال، فيمن سلم وهو يرى أنه ينبغي أن يسجد [في] صلاته: أعاد الصلاة؛ لأنه أدخل في صلاته زيادة.

يعني به: السلام.

وهذا يدل على تفريقه بين سجود السهو الذي قبل السلام وبعده، كقول أحمد.

وكذلك قال الليث، فيمن نسي سجود السهو الذي قبل السلام، فلم يذكره حتى صلى صلاة أخرى، أنه يعيد الصلاة التي نسي سجودها، فإن كان السجود بعد السلام سجد سجدتي السهو، ولم يعد صلاته.

نقله عنه ابن وهب في ( ( كتاب سجود السهو) ) له، ووافقه عليه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى -ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا- سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهْوَ جَالِسٌ
( باب) بالتنوين ( إذا لم يدر) المصلي ( كم صلّى -ثلاثًا أو أربعًا، سجد سجدتين وهو جالس) أي: والحال أنه جالس.


[ قــ :1187 ... غــ : 1231 ]
- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ الأَذَانَ، فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا -مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ! حَتَّى يَظَلَّ
الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى.
فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى -ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا- فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهْوَ جَالِسٌ".

وبالسند قال: ( حدّثنا معاذ بن فضالة) بفتح الفاء، الزهراني، قال: ( حدّثنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي) بفتح الدال والفوقية مع المدّ ( عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إذا نودي بالصلاة، أدبر الشيطان وله) وللأصيلي، وابن عساكر: له ( ضراط حتى لا يسمع الأذان) أي: أدبر وله ضراط إلى غاية لا يسمع فيها الأذان.

ويحتمل أن تكون: حتى، ليست لغاية الإبعاد في الإدبار، بل غاية للزيادة في الضراط، أي: أنه يقصد بما يفعله من ذلك تصميم أذنه عن سماع صوت المؤذن.

لكن يدل على أن المراد زيادة البعد ما في مسلم عن جابر مرفوعًا: إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة، ذهب حتى يكون مكان الروحاء.
قال سليمان، يعني الأعمش، فسألته عن الروحاء، فقال: هي من المدينة على ستة وثلاثين ميلاً.

قال الطيبي: وشبه شغل الشيطان نفسه وإغفاله عن سماع الأذان بالصوت الذي يملأ السمع ويمنعه عن سماع غيره، ثم سماه ضراطًا تقبيحًا له.

( فإذا قضي الأذان) بضم القاف مبنيًا للمفعول، ولأبي ذر: قضى، بفتح القاف مبنيًّا للفاعل، والأذان نصب على المفعولية، أي: فرغ منه ( أقبل) الشيطان.
( فإذا ثوب بها) بضم المثلثة مبنيًا للمفعول، أي: أقيم ( أدبر) الشيطان، ( فإذا قضي التثويب) أي: فرغ من الإقامة ( أقبل) الشيطان ( حتى يخطر) .
قال القاضي عياض: بكسر الطاء، ضبطته عن المتقنين، وهو الوجه، يعني: يوسوس.
وأكثر الرواة على الضم، ومعناه: السلوك والمرور أي: يدنو فيمر ( بين المرء) الإنسان ( ونفسه) فيذهله عما هو فيه ( يقول: اذكر كذا وكذا -ما لم يكن يذكر- حتى يظل الرجل) بفتح الظاء أي: يصير ( إن يدري) بكسر الهمزة، وهي نافية أي: ما يدري ( كم صلى) .

قال المهلب: وإنما يهرب الشيطان من سماع الأذان، ويجيء عند الصلاة، لاتفاق الكل على الإعلان بشهادة التوحيد وإقامة الشريعة، كما يفعل يوم عرفة لما روي من اتفاق الكل على شهادة التوحيد، وتنزل الرحمة، فييأس أن يردّهم عما أعلنوا به من ذلك، ويوقن بالخيبة بما تفضل الله به عليهم من ثواب ذلك، لئلا يسمعه، ويذكر معصية الله ومصادمة أمره، فلا يملك الحدث لما حصل له من الخوف.
اهـ.

وقيل: لئلا يسمع الأذان، فيضطر إلى أن يشهد له يوم القيامة، لقوله عليه الصلاة والسلام: لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة.


أو: هو إبقاء له على مخالفة أمر الله، واستمراره على معصيته وعدم الانقياد إليه فإذا دعا داعي الله، فرّ منه وأعرض عنه، فإذا حضرت الصلاة حضر مع المصلين غير مشارك لهم في الصلاة، بل ساعيًا في إبطالها عليهم، وهذا أبلغ في المعصية مما لو غاب عن الصلاة بالكلية، فصار حضوره عند الصلاة من جنس هربه عند الأذان.
قاله في شرح التقريب.

( فإذا لم يدر أحدكم كم صلّى -ثلاثًا أو أربعًا- فليسجد سجدتين وهو جالس) أي: قبل التسليم بعد أن يأخذ بالأقل، لحديث أبي سعيد الخدري، المروي في مسلم: فليطرح الشك وليبن على ما استيقن فيحمل حديث أبي هريرة عليه فيأتي بركعة يتم بها.

قيل: ولا معنى للسجود، والأظهر أن له معنى، وهو تردّده.
فإن كان المأتي به زائدًا فالزيادة تقتضيه، وإلا فالتردد يضعف النية، ويحوج إلى الجبر، ولا يقلد غيره، وإن كثروا وراقبوه، لقوله في حديث أبي سعيد المذكور: وليبن على اليقين.
ولأنه تردد في فعل نفسه، فلا يأخذ بقول غيره فيه، كالحاكم إذا حكم ونسي حكمه، لا يأخذ بقول الشهود عليه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ إِذا لم يدر كم صلى ثَلَاثًا أَو أَرْبعا سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس)
أَي هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا لم يدر الْمُصَلِّي كم صلى ثَلَاث رَكْعَات أَو أَربع رَكْعَات فَإِنَّهُ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَالْحَال أَنه جَالس

[ قــ :1187 ... غــ :1231]
- ( حَدثنَا معَاذ بن فضَالة قَالَ حَدثنَا هِشَام بن أبي عبد الله الدستوَائي عَن يحيى ابْن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نُودي بِالصَّلَاةِ أدبر الشَّيْطَان وَله ضراط حَتَّى لَا يسمع الْأَذَان فَإِذا قضي الْأَذَان أقبل فَإِذا ثوب بهَا أدبر فَإِذا قضي التثويب أقبل حَتَّى يخْطر بَين الْمَرْء وَنَفسه يَقُول اذكر كَذَا وَكَذَا مَا لم يكن يذكر حَتَّى يظل الرجل إِن يدْرِي كم صلى فَإِذا لم يدر أحدكُم كم صلى ثَلَاثًا أَو أَرْبعا فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَإِذا لم يدر " إِلَى آخِره والْحَدِيث مضى فِي بابُُ تفكر الرجل الشَّيْء فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن جَعْفَر عَن الْأَعْرَج وَمضى أَيْضا فِي بابُُ فضل التأذين فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة وَقد ذكرنَا هُنَاكَ مَا يتَعَلَّق بِهِ وَنَذْكُر هَهُنَا مَا يتَعَلَّق بالمسائل مَعَ بعض التَّعَرُّض إِلَى بعض الْمَتْن قَوْله " فَإِذا قضى التثويب " أَي إِذا فرغ مِنْهُ وَهُوَ إِقَامَة الصَّلَاة قَوْله " حَتَّى يخْطر " أَكثر الروَاة على ضم الطَّاء والمتقنون على أَنه بِالْكَسْرِ قَوْله " أَن يدْرِي " بِكَسْر الْهمزَة لِأَنَّهَا نَافِيَة أَي مَا يدْرِي قَوْله " فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس " لَيْسَ فِيهِ تعْيين مَحل السُّجُود وَقد رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة بن عمار عَن يحيى بن أبي كثير بِهَذَا الْإِسْنَاد مَرْفُوعا " إِذا سَهَا أحدكُم فَلم يدر أزاد أَو نقص فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ثمَّ يسلم " وروى أَبُو دَاوُد من طَرِيق ابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن عَمه نَحوه بِلَفْظ " وَهُوَ جَالس قبل التَّسْلِيم " وروى أَيْضا من طَرِيق ابْن إِسْحَق قَالَ حَدثنِي الزُّهْرِيّ بِإِسْنَادِهِ.

     وَقَالَ  فِيهِ " فليسجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم ثمَّ يسلم " ( فَإِن قلت) هَذِه الرِّوَايَات تدل على أَن سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام ( قلت) رِوَايَات الْفِعْل متعارضة فَبَقيَ لنا رِوَايَة القَوْل وَهُوَ حَدِيث ثَوْبَان لكل سَهْو سَجْدَتَانِ بَعْدَمَا يسلم من غير فصل بَين الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان سالما من الْمعَارض فَيعْمل بِهِ لسلامته عَن الْمعَارض.
ثمَّ الْعلمَاء اخْتلفُوا فِي المُرَاد بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور فَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَطَائِفَة من السّلف بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث وَقَالُوا إِذا شكّ الْمُصَلِّي فَلم يدر زَاد أَو نقص فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا سَجْدَتَانِ وَهُوَ جَالس عملا بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث.

     وَقَالَ  الشّعبِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَجَمَاعَة كَثِيرَة من السّلف إِذا لم يدر كم صلى لزمَه أَن يُعِيد الصَّلَاة مرّة بعد أُخْرَى أبدا حَتَّى يستيقن.

     وَقَالَ  بَعضهم يُعِيد ثَلَاث مَرَّات فَإِذا شكّ فِي الرَّابِعَة فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَآخَرُونَ مَتى شكّ فِي صلَاته هَل صلى ثَلَاثًا أَو أَرْبعا لزمَه الْبناء على الْيَقِين فَيجب أَن يَأْتِي برابعة وَيسْجد للسَّهْو عملا بِحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه.
فَلفظ مُسلم قَالَ أَبُو سعيد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى ثَلَاثًا أم أَرْبعا فليطرح الشَّك وليبن على مَا استيقن ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم فَإِن صلى خمْسا شفعن لَهُ صلَاته وَإِن كَانَ صلى إتماما لأَرْبَع كَانَتَا ترغيما للشَّيْطَان " وَلَفظ أبي دَاوُد " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فليلق الشَّك وليبن على الْيَقِين فَإِذا استيقن التَّمام سجد سَجْدَتَيْنِ فَإِن كَانَت صلَاته تَامَّة كَانَت الرَّكْعَة نَافِلَة والسجدتين وَإِن كَانَت نَاقِصَة كَانَت الرَّكْعَة تَمامًا لصلاته وَكَانَت السجدتان مرغمتين للشَّيْطَان " أَي مغيظتين لَهُ ومذلتين لَهُ مَأْخُوذ من الرغام وَهُوَ التُّرَاب وَمِنْه أرْغم الله أَنفه وَإِنَّمَا يكون إرغاما لِأَنَّهُ يبغض السَّجْدَة لِأَنَّهُ مَا لعن إِلَّا من إبائه عَن سُجُود آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَت الشَّافِعِيَّة فَحَدِيث أبي سعيد هَذَا مُفَسّر لحَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور فَيحمل حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا إِن كَانَ الشَّك عرض لَهُ أول مرّة يسْتَقْبل وَإِن كَانَ يعرض لَهُ كثيرا بنى على أكبر رَأْيه لما رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم " إِذا شكّ أحدكُم فليتحر الصَّوَاب فليتم عَلَيْهِ " وَإِن لم يكن لَهُ رَأْي بنى على الْيَقِين لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا سَهَا أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر وَاحِدَة صلى أَو اثْنَيْنِ فليبن على وَاحِدَة فَإِن لم يدر ثِنْتَيْنِ صلى أَو وَاحِدَة فليبن على ثِنْتَيْنِ فَإِن لم يدر ثَلَاثًا صلى أَو أَرْبعا فليبن على ثَلَاث وليسجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يَقُول إِذا سَهَا أحدكُم " إِلَى آخِره.

     وَقَالَ  حَدِيث حسن صَحِيح رَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا وَلَفظه " إِذا سَهَا أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر وَاحِدَة صلى أَو ثِنْتَيْنِ فليجعلها وَاحِدَة وَإِذا شكّ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاث فليجعلها ثِنْتَيْنِ وَإِذا شكّ فِي الثَّلَاث والأربع فليجعلها ثَلَاثًا ثمَّ ليتم مَا بَقِي من صلَاته حَتَّى يكون الْوَهم فِي الزِّيَادَة ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس قبل أَن يسلم " وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَلَفظه " فَلم يدر أَثلَاثًا صلى أم أَرْبعا فليتم فَإِن الزِّيَادَة خير من النُّقْصَان ".

     وَقَالَ  صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره فِيهِ عمار بن مطر الرهاوي وَقد تَرَكُوهُ وعمار لَيْسَ فِي السّنَن وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا فِيمَا إِذا شكّ ثمَّ تحرى الصَّوَاب فَإِنَّهُ يَبْنِي على أكبر رَأْيه لما قُلْنَا وتبويب أبي دَاوُد يدل على هَذَا حَيْثُ قَالَ بابُُ من قَالَ يتم على أكبر ظَنّه وَذكر الطَّبَرِيّ عَن بعض أهل الْعلم أَنه يَأْخُذ بِأَيِّهِمَا أحب لعدم التَّارِيخ قَالَ وَمِنْهُم من رجح حَدِيث أبي سعيد بِالْقِيَاسِ لِأَن من شكّ أَنه لم يفعل والركعة فِي ذمَّته بِيَقِين فَلَا يبرأ بشك وَفِي التَّوْضِيح.

     وَقَالَ  أَبُو عبد الْملك حَدِيث أبي هُرَيْرَة يحمل على كل ساه وَأَن حكمه السُّجُود وَيرجع فِي بَيَان حكم الْمُصَلِّي فِيمَا يشك فِيهِ وَفِي مَوضِع سُجُوده من صلَاته إِلَى سَائِر الْأَحَادِيث المفسرة وَهُوَ قَول أنس وَأبي هُرَيْرَة وَالْحسن وَرَبِيعَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَق وَمَا حمله عَلَيْهِ أَبُو عبد الْملك هُوَ مَا فسره اللَّيْث بن سعد قَالَه مَالك وَابْن الْقَاسِم وَعَن مَالك قَول آخر لَا يسْجد لَهُ أَيْضا حَكَاهُ ابْن نَافِع عَنهُ.

     وَقَالَ  ابْن عبد الحكم لَو سجد بعد السَّلَام كَانَ أحب إِلَيّ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ إِذا لم يدر كم صلى أَعَادَهَا أبدا حَتَّى يحفظ رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَالشعْبِيّ وَشُرَيْح وَعَطَاء وَمَيْمُون بن مهْرَان وَسَعِيد بن جُبَير وَقَول آخر أَنهم إِذا شكوا فِي الصَّلَاة أعادوها ثَلَاث مَرَّات فَإِذا كَانَ الرَّابِعَة لم يعيدوها وَالْقَوْلَان مخالفان للآثار وَلَا معنى لمن حد ثَلَاث مَرَّات.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن حصل لَهُ الشَّك أول مرّة بطلت صلَاته وَإِن صَار عَادَة لَهُ اجْتهد وَعمل بغالب ظَنّه وَإِن لم يظنّ شَيْئا عمل بِالْأَقَلِّ ثمَّ قَالَ قَالَ أَبُو حَامِد قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم مَا رَأَيْت قولا أقبح من قَول أبي حنيفَة هَذَا وَلَا أبعد من السّنة ( قلت) النَّقْل عَن إِمَام بِمَا لَيْسَ قَوْله والتشنيع عَلَيْهِ بِغَيْر وَجه أقبح من هَذَا فَكيف رأى النووى نقل هَذَا التشنيع الْبَاطِل عَمَّن فِيهِ ميل إِلَى التعصب الْفَاحِش عَن مثل الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الَّذِي شهد لأبي حنيفَة بِأَن النَّاس عِيَال لَهُ فِي الْفِقْه وَهَذَا الَّذِي نَقله عَن أبي حنيفَة وَنَقله أَيْضا ابْن قدامَة وَغَيره من الْمُخَالفين لَيْسَ بِصَحِيح وَلَا هُوَ بموجود فِي أُمَّهَات كتب أَصْحَابنَا الْمَشْهُورَة بل الْمَشْهُور فِيهَا أَنهم قَالُوا يسْتَقْبل لتقع صلَاته على وصف الصِّحَّة بِيَقِين حَتَّى قَالَ أَبُو نصر الْبَغْدَادِيّ الْمَشْهُور بالأقطع الِاسْتِئْنَاف أولى لِأَنَّهُ يسْقط بِهِ الشَّك بِيَقِين وَمَعَ هَذَا فَأَبُو حنيفَة عمل فِي كل وَاحِدَة من الْأَحْوَال الثَّلَاث بِحَدِيث مَعَ كَون قَول ابْن عمر مثله وروى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه من حَدِيث ابْن سِيرِين عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه قَالَ أما أَنا فَإِذا لم أدر كم صليت فَإِنِّي أُعِيد وروى من حَدِيث جُبَير عَن ابْن عمر فِي الَّذِي لَا يدْرِي ثَلَاثًا صلى أَو أَرْبعا قَالَ يُعِيد حَتَّى يحفظ وَعَن جرير بن مَنْصُور قَالَ سَأَلت ابْن جُبَير عَن الشَّك فِي الصَّلَاة فَقَالَ أما أَنا فَإِذا كَانَ فِي الْمَكْتُوبَة فَإِنِّي أُعِيد وَعَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ قَالَ يُعِيد وَكَانَ شُرَيْح يَقُول يُعِيد وَعَن لَيْث عَن طَاوس قَالَ إِذا صليت فَلم تدر كم صليت فأعدها مرّة فَإِن التبست عَلَيْك مرّة أُخْرَى فَلَا تعدها..
     وَقَالَ  عَطاء يُعِيدهَا مرّة روى ذَلِك عَنهُ مَالك