1186 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَجِلَ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ |
1186 حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل به السير جمع بين المغرب والعشاء |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ
[ سـ :1186 ... بـ :703]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَجِلَ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ : يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ أَيَّتِهِمَا شَاءَ ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ أَيَّتهِمَا شَاءَ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ .
وَفِي جَوَازِهِ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا : لَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ .
وَالطَّوِيلُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً ، وَهُوَ مَرْحَلَتَانِ مُعْتَدِلَتَانِ كَمَا سَبَقَ ، وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ هُوَ فِي الْمَنْزِلِ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ إِلَيْهَا ، وَلِمَنْ هُوَ سَائِرٌ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزِلُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْأُولَى إِلَى الثَّانِيَةِ ، وَلَوْ خَالَفَ فِيهِمَا جَازَ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ .
وَشَرْطُ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَنْ يُقَدِّمَهَا وَيَنْوِيَ الْجَمْعَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنَ الْأُولَى ، وَأَلَّا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ أَرَادَ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَجَبَ أَنْ يَنْوِيَهُ فِي وَقْتِ الْأُولَى ، وَيَكُونَ قَبْلَ ضِيقِ وَقْتِهَا بِحَيْثُ يَبْقَى مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَأَكْثَرَ ، فَإِنْ أَخَّرَهَا بِلَا نِيَّةٍ عَصَى ، وَصَارَتْ قَضَاءً ، وَإِذَا أَخَّرَهَا بِالنِّيَّةِ اسْتُحِبَّ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى أَوَّلًا ، وَأَنْ يَنْوِيَ الْجَمْعَ ، وَأَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ، وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ .
هَذَا مُخْتَصَرُ أَحْكَامِ الْجَمْعِ ، وَبَاقِي فُرُوعِهِ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ ، وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بِالْمَطَرِ فِي وَقْتِ الْأُولَى ، وَلَا يَجُوزُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِاسْتِمْرَارِهِ إِلَى الثَّانِيَةِ .
وَشَرْطُ وُجُودِهِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْأُولَى وَالْفَرَاغِ مِنْهَا وَافْتِتَاحِ الثَّانِيَةِ ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ يَمْشِي إِلَى الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ كِنٍّ بِحَيْثُ يَلْحَقُهُ بَلَلُ الْمَطَرِ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ .
هَذَا مَذْهَبُنَا فِي الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ ، وَقَالَ بِهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَفِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ، وَخَصَّهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ، وَجَوَّزَهُ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ، وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الدَّلِيلِ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِسَبَبِ السَّفَرِ وَلَا الْمَطَرِ وَلَا الْمَرَضِ وَلَا غَيْرِهَا إِلَّا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَاتٍ بِسَبَبِ النُّسُكِ ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ بِسَبَبِ النُّسُكِ أَيْضًا ، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ .