هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
113 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ قَالَ : ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الوَجَعُ ، وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا . فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ ، قَالَ : قُومُوا عَنِّي ، وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ : إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ ، مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كِتَابِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
113 حدثنا يحيى بن سليمان ، قال : حدثني ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا . فاختلفوا وكثر اللغط ، قال : قوموا عني ، ولا ينبغي عندي التنازع فخرج ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ، ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ قَالَ : ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الوَجَعُ ، وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا . فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ ، قَالَ : قُومُوا عَنِّي ، وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ : إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ ، مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كِتَابِهِ .

Narrated 'Ubaidullah bin `Abdullah:

Ibn `Abbas said, When the ailment of the Prophet (ﷺ) became worse, he said, 'Bring for me (writing) paper and I will write for you a statement after which you will not go astray.' But `Umar said, 'The Prophet is seriously ill, and we have got Allah's Book with us and that is sufficient for us.' But the companions of the Prophet (ﷺ) differed about this and there was a hue and cry. On that the Prophet (ﷺ) said to them, 'Go away (and leave me alone). It is not right that you should quarrel in front of me. Ibn `Abbas came out saying, It was most unfortunate (a great disaster) that Allah's Messenger (ﷺ) was prevented from writing that statement for them because of their disagreement and noise. (Note: It is apparent from this Hadith that Ibn `Abbas had witnessed the event and came out saying this statement. The truth is not so, for Ibn `Abbas used to say this statement on narrating the Hadith and he had not witnessed the event personally. See Fath Al-Bari Vol. 1, p.220 footnote.) (See Hadith No. 228, Vol. 4).

0114 Selon Ubayd-ul-Lâh ben Abd-ul-Lâh, ibn Abbâs rapporta : Lorsque le mal du Prophète devint plus intense, il dit : « Apportez-moi sur quoi écrire afin que je vous dicte d’écrire ce qui vous évitera après moi de vous égarer ! » Et Umar d’intervenir : « Le mal domine le Prophète; nous avons le Livre de Dieu, il nous suffit. » Les présents divergèrent alors et les voix s’élevèrent bruyantes. « Levez-vous et laissez-moi ! Il ne sied qu’on se dispute en ma présence. » dit le Prophète Et ibn Abbâs de continuer en sortant dit : « Le malheur, tout le malheur, réside dans l’obstacle qui fut dressé entre le Messager de Dieu et son écrit. »  

":"ہم سے یحییٰ بن سلیمان نے بیان کیا ، ان سے ابن وہب نے ، انہیں یونس نے ابن شہاب سے خبر دی ، وہ عبیداللہ بن عبداللہ سے ، وہ ابن عباس سے روایت کرتے ہیں کہجب نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے مرض میں شدت ہو گئی تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ میرے پاس سامان کتابت لاؤ تاکہ تمہارے لیے ایک تحریر لکھ دوں ، تاکہ بعد میں تم گمراہ نہ ہو سکو ، اس پر حضرت عمر رضی اللہ عنہ نے ( لوگوں سے ) کہا کہ اس وقت آپ صلی اللہ علیہ وسلم پر تکلیف کا غلبہ ہے اور ہمارے پاس اللہ کی کتاب قرآن موجود ہے جو ہمیں ( ہدایت کے لیے ) کافی ہے ۔ اس پر لوگوں کی رائے مختلف ہو گئی اور شور و غل زیادہ ہونے لگا ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا میرے پاس سے اٹھ کھڑے ہو ، میرے پاس جھگڑنا ٹھیک نہیں ، اس پر ابن عباس رضی اللہ عنہما یہ کہتے ہوئے نکل آئے کہ بیشک مصیبت بڑی سخت مصیبت ہے ( وہ چیز جو ) ہمارے اور رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے اور آپ کی تحریر کے درمیان حائل ہو گئی ۔

0114 Selon Ubayd-ul-Lâh ben Abd-ul-Lâh, ibn Abbâs rapporta : Lorsque le mal du Prophète devint plus intense, il dit : « Apportez-moi sur quoi écrire afin que je vous dicte d’écrire ce qui vous évitera après moi de vous égarer ! » Et Umar d’intervenir : « Le mal domine le Prophète; nous avons le Livre de Dieu, il nous suffit. » Les présents divergèrent alors et les voix s’élevèrent bruyantes. « Levez-vous et laissez-moi ! Il ne sied qu’on se dispute en ma présence. » dit le Prophète Et ibn Abbâs de continuer en sortant dit : « Le malheur, tout le malheur, réside dans l’obstacle qui fut dressé entre le Messager de Dieu et son écrit. »  

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ قــ :113 ... غــ :114 ]
- حدّثنا يَحْيَى بنُ سُلَيْمانَ قَالَ: حدّثني ابنُ وَهْبٍ أخْبرني يُونُسُ عنِ ابنِ شهَابٍ عنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قالَ: لَمَّا اشْتدّ بالنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَعُهُ قَالَ: ( ائْتُونِي بِكِتَابٍ أكْتُبْ لَكُمْ كِتابا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ) قالَ عُمَرُ: إِن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَلَبَهُ الوجَعُ، وعنْدَنَا كِتابُ اللَّهِ حَسْبُنَا، فاخْتَلفوا وكَثُرَ اللَّغَطُ، قالَ: ( عَنِّي ولاَ يَنْبَغِي عِنْدِي التنَازُعُ) .
فَخَرَج ابنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزيَّةِ مَا حالَ بَيْنَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَيْنَ كِتابِهِ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: يحيى بن سُلَيْمَان بن يحيى بن سعيد الْجعْفِيّ الْكُوفِي أَبُو سعيد، سكن مصر وَمَات بهَا سنة سبع أَو ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: عبد الله بن وهب بن مُسلم الْمصْرِيّ.
الثَّالِث: يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: عبيد الله بن عبد الله، بتصغير الابْن وتكبير الْأَب ابْن عتبَة بن مَسْعُود أَبُو عبد الله الْفَقِيه الْأَعْمَى، أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة.
السَّادِس: عبد الله بن عَبَّاس.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي ومصري ومدني.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن عَليّ بن عبد الله، وَفِي الطِّبّ عَن عبيد الله بن مُحَمَّد كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق وَفِيه وَفِي الِاعْتِصَام عَن ابْن إِبْرَاهِيم ابْن مُوسَى عَن هِشَام بن يُوسُف كِلَاهُمَا عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ.
وَأخرجه مُسلم فِي الْوَصَايَا عَن مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَنهُ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن رَاهَوَيْه، وَفِي الطِّبّ عَن زَكَرِيَّا بن يحيى عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق عَنهُ.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( لما اشْتَدَّ) أَي: لما قوي.
قَوْله: ( اللَّغط) ، بِالتَّحْرِيكِ: الصَّوْت والجلبة.
.

     وَقَالَ  الْكسَائي: اللَّغط، بِسُكُون الْغَيْن، لُغَة فِيهِ، وَالْجمع ألغاط.
.

     وَقَالَ  اللَّيْث: اللَّغط أصوات مُبْهمَة لَا تفهم.
تَقول: لغط الْقَوْم وألغط الْقَوْم مثل: لغطوا.
قَوْله: ( الرزيئة) ، بِفَتْح الرَّاء وَكسر الزَّاي بعْدهَا يَاء ثمَّ همزَة، وَقد تسهل الْهمزَة وتشدد الْيَاء، وَمَعْنَاهَا: الْمُصِيبَة.
.
وَفِي ( الْعبابُ) الرزء الْمُصِيبَة وَالْجمع الارزاء وَكَذَلِكَ المرزية والرزيئة وَجمع الرزيئة الرزايا وَقد رزأته رزيئة أَي أَصَابَته مُصِيبَة ورزأته رزأ بِالضَّمِّ ومرزئة إِذا أصبت مِنْهُ خيرا مَا كَانَ، وَيَقُول: مَا رزأت مَاله، وَمَا رزئته بِالْكَسْرِ أَي: مَا نقصته.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( لما) ظرف بِمَعْنى: حِين.
قَوْله: ( وَجَعه) بِالرَّفْع فَاعل: ( اشْتَدَّ) .
قَوْله: ( قَالَ) جَوَاب ( لما) وَقَوله: ( ائْتُونِي) مقول القَوْل.
قَوْله: ( اكْتُبْ) مجزوم لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر، وَيجوز الرّفْع للاستئناف.
قَوْله: ( كتابا) مفعول: ( اكْتُبْ) .
قَوْله: ( لَا تضلوا) نفي، وَلَيْسَ بنهي، وَقد حذفت مِنْهُ النُّون لِأَنَّهُ بدل من جَوَاب الْأَمر، وَقد جوز بعض النُّحَاة تعدد جَوَاب الْأَمر من غير حرف الْعَطف، و: ( بعده) نصب على الظّرْف.
قَوْله: ( إِن رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، غَلبه الوجع) مقول قَول عمر، رَضِي الله عَنهُ، وغلبه الوجع، جملَة من الْفِعْل وَالْمَفْعُول، وَالْفَاعِل وَهُوَ: الوجع، فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر: إِن.
قَوْله: ( كتاب الله) .
كَلَام إضافي مُبْتَدأ، و ( عندنَا) مقدما خَبره، و: ( الْوَاو) ، للْحَال.
قَوْله: ( حَسبنَا) خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ حَسبنَا.
أَي: كافينا.
قَوْله: ( فَاخْتَلَفُوا) تَقْدِيره: فَعِنْدَ ذَلِك اخْتلفُوا.
قَوْله: ( وَكثر اللَّغط) بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة جملَة معطوفة على الْجُمْلَة الأولى، وَيجوز أَن تكون الْوَاو للْحَال، وَالْألف وَاللَّام فِي: اللَّغط، عوضا عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ، وَالتَّقْدِير: فَاخْتَلَفُوا وَالْحَال أَنهم قد كثر لغطهم.
قَوْله: ( قومُوا عني) أَي: قومُوا مبعدين عني، فَهَذَا الْفِعْل يسْتَعْمل بِاللَّامِ نَحْو: { قومُوا لله} ( الْبَقَرَة: 238) وبإلى نَحْو: { إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} ( الْمَائِدَة: 6) وبالباء نَحْو: قَامَ بِأَمْر كَذَا، وَبِغير صلَة نَحْو: قَامَ زيد.
وتختلف الْمعَانِي باخْتلَاف الصلات لتضمن كُله صلَة معنى يُنَاسِبهَا.
قَوْله: ( وَلَا يَنْبَغِي) من أَفعَال المطاوعة، تَقول: بغيته فانبغى، كَمَا تَقول: كَسرته فانكسر.
وَقَوله: ( التَّنَازُع) فَاعله.
قَوْله: ( يَقُول) حَال من ابْن عَبَّاس.
قَوْله: ( كل الرزيئة) مَنْصُوب على النِّيَابَة عَن الْمصدر، وَمثل هَذَا يعد من المفاعيل الْمُطلقَة.
قَوْله: ( مَا حَال) فِي مَحل الرّفْع، لِأَنَّهُ خبر: إِن.
و: مَا، مَوْصُولَة، و: حَال، صلتها أَي: حجز أَي: صَار حاجزا.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( وَجَعه) أَي: فِي مرض مَوته، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي: ( لما حضر) ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: ( لما حضرت النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، الْوَفَاة) .
وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ من رِوَايَة سعيد بن جُبَير: إِن ذَلِك كَانَ يَوْم الْخَمِيس وَهُوَ قبل مَوته بأَرْبعَة أَيَّام.
قَوْله: ( ائْتُونِي بِكِتَاب) فِيهِ حذف لِأَن حق الظَّاهِر أَن يُقَال: ائْتُونِي بِمَا يكْتب بِهِ الشَّيْء: كالدواة والقلم.
وَالْكتاب بِمَعْنى: الْكِتَابَة، وَالتَّقْدِير: ائْتُونِي بأدوات الْكِتَابَة، أَو يكون أَرَادَ بِالْكتاب مَا من شَأْنه أَن يكْتب فِيهِ نَحْو الكاغد والكتف.
وَقد صرح فِي ( صَحِيح) مُسلم بالتقدير الْمَذْكُور حَيْثُ قَالَ: ( ائْتُونِي بالكتف والدواة) ، وَالْمرَاد بالكتف عظم الْكَتف، لأَنهم كَانُوا يَكْتُبُونَ فِيهِ.
قَوْله: ( اكْتُبْ لكم كتابا) أَي: آمُر بِالْكِتَابَةِ.
نَحْو: كسى الْخَلِيفَة الْكَعْبَة، أَي: أَمر بالكسوة، وَيحْتَمل أَن يكون على حَقِيقَته، وَقد ثَبت أَن رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كتب بِيَدِهِ.
وَلَكِن ورد فِي ( مُسْند أَحْمد) من حَدِيث عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، أَنه الْمَأْمُور بذلك، وَلَفظه: أَمرنِي النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَن آتيه بطبق أَي: كتف، يكْتب مَا لَا تضل أمته من بعده.
وَاعْلَم أَن بَين الْكِتَابَيْنِ جناس تَامّ، وَلَكِن أَحدهمَا بِالْحَقِيقَةِ، وَالْآخر بالمجاز.
قَوْله: ( لَا تضلوا) ويروى: ( لن تضلوا) ، بِفَتْح التَّاء وَكسر الضَّاد من الضَّلَالَة ضد الرشاد، يُقَال: ضللت، بِكَسْر اللَّام: أضلّ، بِكَسْر الضَّاد وَهِي الفصيحة، وَأهل الْعَالِيَة يَقُول ضللت بِالْكَسْرِ أضلّ بِالْفَتْح.
وَجَاء: يضل بِالْكَسْرِ بِمَعْنى ضَاعَ وَهلك.

وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الْكتاب الَّذِي همَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكتابته، قَالَ الْخطابِيّ: يحْتَمل وَجْهَيْن.
أَحدهمَا: أَنه أَرَادَ أَن ينص على الْإِمَامَة بعده فترتفع تِلْكَ الْفِتَن الْعَظِيمَة كحرب الْجمل وصفين.
وَقيل: أَرَادَ أَن يبين كتابا فِيهِ مهمات الْأَحْكَام ليحصل الِاتِّفَاق على الْمَنْصُوص عَلَيْهِ، ثمَّ ظهر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْمصلحَة تَركه، أَو أُوحِي إِلَيْهِ بِهِ.
.

     وَقَالَ  سُفْيَان بن عُيَيْنَة: أَرَادَ أَن ينص على أسامي الْخُلَفَاء بعده حَتَّى لَا يَقع مِنْهُم الِاخْتِلَاف، وَيُؤَيِّدهُ أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ فِي أَوَائِل مَرضه، وَهُوَ عِنْد عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا: ( ادعِي لي أَبَاك وأخاك حَتَّى أكتب كتابا، فَإِنِّي أَخَاف أَن يتَمَنَّى متمني، وَيَقُول قَائِل، ويأبى الله والمؤمنون إلاَّ أَبَا بكر) .
أخرجه مُسلم.
وللبخاري مَعْنَاهُ، وَمَعَ ذَلِك فَلم يكْتب.
قَوْله: ( قَالَ عمر، رَضِي الله عَنهُ: إِن رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، غَلبه الوجع وَعِنْدنَا كتاب الله حَسبنَا) .
قَالَ النَّوَوِيّ: كَلَام عمر، رَضِي الله عَنهُ، هَذَا مَعَ علمه وفضله لِأَنَّهُ خشِي أَن يكْتب أمورا فيعجزوا عَنْهَا، فيستحقوا الْعقُوبَة عَلَيْهَا لِأَنَّهَا منصوصة لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِيهَا.
.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: قصد عمر، رَضِي الله عَنهُ، التَّخْفِيف على النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، حِين غَلبه الوجع.
وَلَو كَانَ مُرَاده، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَن يكْتب مَا لَا يستغنون عَنهُ لم يتركهم لاختلافهم.
.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: وَقد حكى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أهل الْعلم، قيل: إِن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَرَادَ أَن يكْتب اسْتِخْلَاف أبي بكر، رَضِي الله عَنهُ، ثمَّ ترك ذَلِك اعْتِمَادًا على مَا علمه من تَقْدِير الله تَعَالَى.
وَذَلِكَ كَمَا همَّ فِي أول مَرضه حِين قَالَ: وارأساه، ثمَّ ترك الْكتاب،.

     وَقَالَ : يأبي الله والمؤمنون إِلَّا أَبَا بكر، ثمَّ قدمه فِي الصَّلَاة.
وَقد كَانَ سبق مِنْهُ قَوْله، عَلَيْهِ السَّلَام: ( إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ، وَإِذا اجْتهد وَأَخْطَأ فَلهُ أجر) .
وَفِي تَركه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِنْكَار على عمر، رَضِي الله عَنهُ، دَلِيل على استصوابه.
فَإِن قيل: كَيفَ جَازَ لعمر، رَضِي الله عَنهُ، أَن يعْتَرض على مَا أَمر بِهِ النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام؟ قيل لَهُ: قَالَ الْخطابِيّ: لَا يجوز أَن يحمل قَوْله أَنه توهم الْغَلَط عَلَيْهِ أَو ظن بِهِ غير ذَلِك مِمَّا لَا يَلِيق بِهِ بِحَالهِ، لكنه لما رأى مَا غلب عَلَيْهِ من الوجع وَقرب الْوَفَاة خَافَ أَن يكون ذَلِك القَوْل مِمَّا يَقُوله الْمَرِيض مِمَّا لَا عَزِيمَة لَهُ فِيهِ، فيجد المُنَافِقُونَ بذلك سَبِيلا إِلَى الْكَلَام فِي الدّين.
وَقد كَانَت الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، يراجعون النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي بعض الْأُمُور قبل أَن يجْزم فِيهَا، كَمَا راجعوه يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَفِي الْخلاف وَفِي الصُّلْح بَينه وَبَين قُرَيْش، فَإِذا أَمر بالشَّيْء أَمر عَزِيمَة فَلَا يُرَاجِعهُ أحد.
قَالَ: وَأكْثر الْعلمَاء على أَنه يجوز عَلَيْهِ الْخَطَأ فِيمَا لم ينزل عَلَيْهِ فِيهِ الْوَحْي، وَأَجْمعُوا كلهم على أَنه لَا يقر عَلَيْهِ.
قَالَ: وَمَعْلُوم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِن كَانَ قد رفع دَرَجَته فَوق الْخلق كلهم، فَلم يتنزه من الْعَوَارِض البشرية، فقد سَهَا فِي الصَّلَاة، فَلَا يُنكر أَن يظنّ بِهِ حُدُوث بعض هَذِه الْأُمُور فِي مَرضه، فَيتَوَقَّف فِي مثل هَذِه الْحَال حَتَّى يتَبَيَّن حَقِيقَته، فلهذه الْمعَانِي وَشبههَا توقف عمر، رَضِي الله عَنهُ.
وَأجَاب الْمَازرِيّ عَن السُّؤَال بِأَنَّهُ: لَا خلاف أَن الْأَوَامِر قد تقترن بهَا قَرَائِن تصرفها من النّدب إِلَى الْوُجُوب، وَعَكسه عِنْد من قَالَ: إِنَّهَا للْوُجُوب وَإِلَى الْإِبَاحَة، وَغَيرهَا من الْمعَانِي، فَلَعَلَّهُ ظهر من الْقَرَائِن مَا دلّ على أَنه لم يُوجب ذَلِك عَلَيْهِم، بل جعله إِلَى اختيارهم، وَلَعَلَّه اعْتقد أَنه صدر ذَلِك مِنْهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من غير قصد جازم، فَظهر ذَلِك لعمر، رَضِي الله عَنهُ، دون غَيره.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: ( ائْتُونِي) أَمر، وَكَانَ حق الْمَأْمُور أَن يُبَادر للامتثال، لَكِن ظهر لعمر، رَضِي الله عَنهُ، وَطَائِفَة أَنه لَيْسَ على الْوُجُوب، وَأَنه من بابُُ الْإِرْشَاد إِلَى الْأَصْلَح، فكرهوا أَن يكلفوه من ذَلِك مَا يشق عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالة مَعَ استحضارهم قَوْله تَعَالَى: { مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء} ( الْأَنْعَام: 38) وَقَوله تَعَالَى: { تبيانا لكل شَيْء} ( النَّحْل: 89) وَلِهَذَا قَالَ عمر: رَضِي الله عَنهُ: حَسبنَا كتاب الله.
وَظهر لطائفة أُخْرَى أَن الأولى أَن يكْتب، لما فِيهِ من امْتِثَال أمره وَمَا يتضمنه من زِيَادَة الْإِيضَاح، وَدلّ أمره لَهُم بِالْقيامِ على أَن أمره الأول كَانَ على الِاخْتِيَار، وَلِهَذَا عَاشَ، عَلَيْهِ الصَّلَاة والسلامغ، بعد ذَلِك أَيَّامًا وَلم يعاود أَمرهم بذلك.
وَلَو كَانَ وَاجِبا لم يتْركهُ لاختلافهم، لِأَنَّهُ لم يتْرك التَّكْلِيف لمُخَالفَة من خَالف.
وَالله أعلم.

قَوْله: ( عِنْدِي) .
وَفِي بعض النّسخ: ( عني) أَي: عَن جهتي.
قَوْله: ( وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُع) فِيهِ إِشْعَار بِأَن الأولى كَانَ الْمُبَادرَة إِلَى امْتِثَال الْأَمر، وَإِن كَانَ مَا اخْتَارَهُ عمر، رَضِي الله عَنهُ، صَوَابا.
قَوْله: ( فَخرج ابْن عَبَّاس يَقُول) ظَاهره أَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنهُ، كَانَ مَعَهم، وَأَنه فِي تِلْكَ الْحَالة خرج قَائِلا هَذِه الْمقَالة، وَلَيْسَ الْأَمر فِي الْوَاقِع على مَا يَقْتَضِيهِ هَذَا الظَّاهِر، بل قَول ابْن عَبَّاس إِنَّمَا كَانَ يَقُول عِنْد مَا يتحدث بِهَذَا الحَدِيث، فَفِي رِوَايَة معمر فِي البُخَارِيّ فِي الِاعْتِصَام وَغَيره، قَالَ عبيد الله: فَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول، وَكَذَا لِأَحْمَد من طَرِيق جرير بن حَازِم عَن يُونُس بن يزِيد، وَوجه رِوَايَة حَدِيث الْبابُُ أَن ابْن عَبَّاس لما حدث عبيد الله بِهَذَا الحَدِيث، خرج من الْمَكَان الَّذِي كَانَ بِهِ، وَهُوَ يَقُول ذَلِك، وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) ، قَالَ عبيد الله: فَسمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول ... الخ، وَإِنَّمَا تعين حمله على غير ظَاهره لِأَنَّهُ عبيد الله تَابِعِيّ من الطَّبَقَة الثَّانِيَة لم يدْرك الْقِصَّة فِي وَقتهَا، لِأَنَّهُ ولد بعد النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِمدَّة طَوِيلَة، ثمَّ سَمعهَا من ابْن عَبَّاس بعد ذَلِك بِمدَّة أُخْرَى.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: الأول: فِيهِ بطلَان مَا يَدعِيهِ الشِّيعَة من وصاية رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِالْإِمَامَةِ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ عِنْد عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، عهد من رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لأحال عَلَيْهَا.
الثَّانِي: فِيهِ مَا يدل على فَضِيلَة عمر، رَضِي الله عَنهُ، وفقهه.
الثَّالِث: فِي قَوْله: ( ائْتُونِي بِكِتَاب أكتب لكم) دلَالَة على أَن للْإِمَام أَن يُوصي عِنْد مَوته بِمَا يرَاهُ نظرا للْأمة.
الرَّابِع: فِي ترك الْكتاب إِبَاحَة الِاجْتِهَاد، لِأَنَّهُ وَكلهمْ إِلَى أنفسهم واجتهادهم.
الْخَامِس: فِيهِ جَوَاز الْكِتَابَة، وَالْبابُُ مَعْقُود عَلَيْهِ.