غَزْوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ
1832 أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، وَعَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ ، قَالُوا : أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لأَصْحَابِهِ : إِنَّ هَذَا يَوْمُ قِتَالٍ فَأَفْطِرُوا . قَالَ شَبَابَةُ : قَالَ شُعْبَةُ : لَمْ يَسْمَعْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مِنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَحَادِيثٍ.
1833 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، قَالاَ : لَمَّا كَانَ يَوْمَ فَتْحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ كَانَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَهُوَ يَقُولُ : يَا حَبَّذَا مَكَّةَ مِنْ وَادِي ... أَرْضٌ بِهَا أَهْلِي وَعُوَّادِي أَرْضٌ بِهَا أَمْشِي بِلاَ هَادِي ... أَرْضٌ بِهَا تَرْسَخُ أَوْتَادِي
1852 أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ ، أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ أَخْبَرَتْهُ : أَنَّهَا دَخَلَتْ مَنْزِلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْفَتْحِ تُكَلِّمُهُ فِي رَجُلٍ تَسْتَأَمِنُ لَهُ ، قَالَتْ : فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَقَدْ وَقَعَ الْغُبَارُ عَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ فَسُتِرَ بِثَوْبٍ فَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْ ثَوْبِهِ ، فَصَلَّى الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ.
1834 أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَمَرَ بِقَتْلِ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ يَوْمَ الْفَتْحِ وَفَرْتَنَا وَابْنِ الزَّبَعْرَى وَابْنِ خَطَلٍ فَأَتَاهُ أَبُو بَرْزَةَ ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَبَقَرَ بَطْنَهُ , وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ نَذَرَ إِنْ رَأَى ابْنَ أَبِي سَرْحٍ أَنْ يَقْتُلَهُ فَجَاءَ عُثْمَانُ وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَشَفَعَ لَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَقَدْ أَخَذَ الأَنْصَارِيُّ بِقَائِمِ السَّيْفِ يَنْتَظِرُ النَّبِيَّ مَتَى يُومِئُ إِلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَشَفَعَ لَهُ عُثْمَانُ حَتَّى تَرَكَهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِلأَنْصَارِيِّ : هَلاَّ وَفَّيْتَ بِنَذْرِكَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَائِمِ السَّيْفِ أَنْتَظِرُ مَتَى تُومِئُ فَأَقْتُلَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : الإِيمَاءُ خِيَانَةٌ ، لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِئَ.
1813 ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. قَالُوا : لَمَّا دَخَلَ شَعْبَانُ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ كَلَّمْتُ بَنُو نُفَاثَةَ وَهُمْ مِنْ بَنِي بَكْرٍ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ أَنْ يُعِينُوهُمْ عَلَى خُزَاعَةَ بِالرِّجَالِ وَالسِّلاَحِ فَوَعَدُوهُمْ وَوَافَوْهُمْ بِالْوَتِيرِ مُتَنَكِّرِينَ مُتَنَقِّبِينَ فِيهِمْ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى وَمِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنُ الأَخْيَفِ فَبَيَّتُوا خُزَاعَةَ لَيْلاَّ وَهُمْ غَارُّونَ آمِنُونَ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ عِشْرِينَ رَجُلاَّ . ثُمَّ نَدِمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى مَا صَنَعَتْ وَعَلِمُوا أَنَّ هَذَا نَقْضٌ لِلْمُدَّةِ وَالْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِيُّ فِي أَرْبَعِينَ رَاكِبًا مِنْ خُزَاعَةَ فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُخْبِرُونَهُ بِالَّذِي أَصَابَهُمْ وَيَسْتَنْصِرُونَهُ ، فَقَامَ وَهُوَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ ، وَهُوَ يَقُولُ : لاَ نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ مِمَّا أَنْصُرُ مِنْهُ نَفْسِي ، وَقَالَ : إِنَّ هَذَا السَّحَابَ لَيَسْتَهِلُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ .وَقَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْمَدِينَةَ يَسْأَلُهُ أَنْ يُجَدِّدَ الْعَهْدَ وَيَزِيدَ فِي الْمُدَّةِ فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ بَيْنَ النَّاسِ ، وَلاَ أَظُنُّ مُحَمَّدًا يَخْفِرُنِي ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَا أَظُنُّ أَنْ تَرُدَّ جِوَارِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ ؟ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَكَّةَ ، فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَخْفَى أَمَرَهُ وَأَخَذَ بِالأَنْقَابِ وَقَالَ اللَّهُمَّ خُذْ عَلَى أَبْصَارَهُمْ فَلاَ يَرَوْنِي إِلاَّ بَغْتَةً فَلَمَّا أَجْمَعَ الْمَسِيرَ كَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ بِذَلِكَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو فَأَخَذَا رَسُولَهُ وَكِتَابَهُ فَجَاءَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْعَرَبِ فَجُلُّهُمْ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ وَأَشْجَعُ وَسُلَيْمٌ ، فَمِنْهُمْ مَنْ وَافَاهُ بِالْمَدِينَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَحِقَهُ بِالطَّرِيقِ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ عَشْرَةُ آلاَفٍ . وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللهِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ وَخَرَجَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الصَّلْصُلِ قَدَّمَ أَمَامَهُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي مِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَنَادَى مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِرْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ ثُمَّ سَارَ فَلَمَّا كَانَ بِقُدَيْدٍ عَقَدَ الأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ وَدَفَعَهَا إِلَى الْقَبَائِلِ ، ثُمَّ نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ عِشَاءً فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَوْقَدُوا عَشَرَةَ آلاَفِ نَارٍ وَلَمْ يَبْلُغْ قُرَيْشًا مَسِيرُهُ وَهُمْ مُغْتَمُّونَ لِمَا يَخَافُونَ مِنْ غَزْوِهِ إِيَّاهُمْ فَبَعَثُوا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ يَتَحَسَّبُ الأَخْبَارَ وَقَالُوا : إِنْ لَقِيتَ مُحَمَّدًا فَخُذْ لَنَا مِنْهُ أَمَانًا .فَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فَلَمَّا رَأَوُا الْعَسْكَرَ أَفْزَعَهُمْ , وَقَدِ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَلَى الْحَرَسِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَسَمِعَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ صَوْتَ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ أَبَا حَنْظَلَةَ فَقَالَ : لَبَّيْكَ فَمَا وَرَاءَكَ فَقَالَ : هَذَا رَسُولُ اللهِ فِي عَشْرَةِ آلاَفٍ فَأَسْلِمْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكُ وَعَشِيرَتُكَ فَأَجَارَهُ وَخَرَجَ بِهِ وَبِصَاحِبَيْهِ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَسْلَمُوا وَجَعَلَ لأَبِي سُفْيَانَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ . ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ ، وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَقَدْ حُبِسَ أَبُو سُفْيَانَ فَرَأَى مَا لاَ قِبَلَ لَهُ بِهِ فَقَالَ : يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنُ أَخِيكَ عَظِيمًا فَقَالَ الْعَبَّاسُ : وَيْحَكَ إِنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ وَلَكِنَّهَا نُبُوَّةٌ قَالَ : فَنَعَمْ . وَكَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَئِذٍ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَبَلَغَهُ عَنْهُ فِي قُرَيْشٍ كَلاَمٌ وَتَوَاعُدٌ لَهُمْ فَأَخَذَهَا مِنْهُ فَدَفَعَهَا إِلَى ابْنِهِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءٍ وَالزُّبَيْرَ مِنْ كُدًى وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ مِنَ اللِّيطِ وَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ أَذَاخِرَ ، وَنَهَى عَنِ الْقِتَالِ وَأَمَرَ بِقَتْلِ سِتَّةِ نَفَرٍ وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ : عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَهَبَّارُ بْنُ الأَسْوَدِ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ اللَّيْثِيُّ وَالْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْذٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ هِلاَلِ بْنِ خَطَلٍ الأَدْرَمِيُّ وَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ وَسَارَةُ مَوْلاَةُ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ وَفَرْتَنَا وَقَرِيبَةَ فَقُتِلَ مِنْهُمُ ابْنُ خَطَلٍ وَالْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْذٍ وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ وَكُلُّ الْجُنُودِ لَمْ يُلْقَوْا جَمْعًا غَيْرَ خَالِدٍ لَقِيَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ فِي جَمَعٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِالْخَنْدَمَةِ فَمَنَعُوهُ مِنَ الدُّخُولِ وَشَهَرُوا السِّلاَحَ وَرَمَوْا بِالنَّبْلِ فَصَاحَ خَالِدٌ فِي أَصْحَابِهِ وَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ رَجُلاَّ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَرْبَعَةَ نَفَرٍ مِنْ هُذَيْلٍ وَانْهَزَمُوا أَقْبَحَ الاِنْهِزَامِ فَلَمَّا ظَهْرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى حدثنيَّةِ أَذَاخِرَ رَأَى الْبَارِقَةَ فَقَالَ : أَلَمْ أَنْهَ عَنِ الْقِتَالِ ؟ فَقِيلَ : خَالِدٌ قُوتِلَ فَقَاتَلَ فَقَالَ : قَضَاءُ اللهِ خَيْرٌ .وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلاَنِ أَخْطَآ الطَّرِيقَ ، أَحَدُهُمَا كُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ ، وَالآخر خَالِدٌ الأَشْقَرُ الْخُزَاعِيُّ وَضُرِبَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قُبَّةٌ مِنْ أَدَمٍ بِالْحَجُونِ فَمَضَى الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بِرَايَتِهِ حَتَّى رَكَزَهَا عِنْدَهَا وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَدَخَلَهَا فَقِيلَ لَهُ : أَلاَ تَنْزِلُ مَنْزِلَكَ ؟ فَقَالَ وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ لَنَا مَنْزِلاَّ وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ عَنْوَةً فَأَسْلَمَ النَّاسُ طَائِعِينَ وَكَارِهِينَ وَطَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلاَثُمِئَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا فَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ بِصَنَمٍ مِنْهَا يُشِيرُ إِلَيْهِ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ : { جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} فَيَقَعُ الصَّنَمُ لِوَجْهِهِ وَكَانَ أَعْظَمَهَا هُبَلُ ، وَهُوَ وِجَاهَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْمَقَامِ ، وَهُوَ لاَصِقٌ بِالْكَعْبَةِ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ نَاحِيَةً مِنَ الْمَسْجِدِ وَأَرْسَلَ بِلاَلاَّ إِلَى عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ أَنْ يَأْتِيَ بِمِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ فَجَاءَ بِهِ عُثْمَانُ فَقَبَضَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَفَتَحَ الْبَابَ وَدَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى فِيهَا رَكْعَتَيْنِ وَخَرَجَ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ وَالْمِفْتَاحُ مَعَهُ وَقَدْ لُبِطَ بِالنَّاسِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَخَطَبَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ وَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وَقَالَ : خُذُوهَا يَا بَنِي أَبِي طَلْحَةَ تَالِدَةً خَالِدَةً لاَ يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ظَالِمٌ ، وَدَفَعَ السِّقَايَةَ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَقَالَ : أَعْطَيْتُكُمْ مَا تَرْزَأُكُمْ وَلاَ تَرْزَؤُونَهَا . ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم تَمِيمَ بْنَ أَسَدٍ الْخُزَاعِيَّ فَجَدَّدَ أَنْصَابَ الْحَرَمِ . وَحَانَتِ الظُّهْرُ فَأَذَّنَ بِلاَلٌ فَوْقَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لاَ تُغْزَى قُرَيْشٌ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَعْنِي عَلَى الْكُفْرِ وَوَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْحَزْوَرَةِ ، وَقَالَ : إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَيَّ ، يَعْنِي مَكَّةَ ، وَلَوْلاَ أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ وَبَثَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم السَّرَايَا إِلَى الأَصْنَامِ الَّتِي حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَكَسَرَهَا مِنْهَا ، الْعُزَّى وَمَنَاةُ وَسُوَاعٌ وَبُوَانَةُ وَذُو الْكَفَّيْنِ فَنَادَى مُنَادِيَهُ بِمَكَّةَ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَدَعُ فِي بَيْتِهِ صَنَمًا إِلاَّ كَسَرَهُ . وَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَهِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَمْ تَحِلُّ لِي إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَجَعَتْ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ فَلْيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ وَلاَ يَحِلُّ لَنَا مِنْ غَنَائِمِهَا شَيْءٌ . وَفَتَحَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَقَامَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يُعَلِّمُهُمُ السُّنَنَ وَالْفِقْهَ.
1814 وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي عَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَصَامَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ أَفْطَرَ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ الآخِرَ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
1815 أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ أَخَذَ قَعْبًا فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ قَبِلَ الرُّخْصَةَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ قَبِلَهَا وَمَنْ صَامَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ صَامَ . فَكَانُوا يَتَّبِعُونَ الأَحْدَثَ فَالأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ وَيَرَوْنَ الْمُحْكَمَ النَّاسِخَ.
1816 أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَتَّبِعُونَ الأَحْدَثَ فَالأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ.
1819 أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ حَتَّى أَتَى قُدَيْدًا فَأُتِيَ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَأَفْطَرَ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا.
(ح) وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ ، قَالاَ : أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حِينَ فَتَحْنَا مَكَّةَ لِثَمَانِي عَشْرَةَ أَوْ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ فَصَامَ بَعْضُنَا وَأَفْطَرَ بَعْضُنَا : فَلَمْ يَعِبِ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ وَلاَ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ.
1818 وَأَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ