حديث رقم 3001 - من كتاب شرح معاني الآثار للطحاوي - كِتَابُ الطَّلَاقِ

نص الحديث

3001 حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ , قَالَ : ثنا أُبَيٌّ , قَالَ : ثنا شُعْبَةُ , عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , قَالَ : لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ . فَهَذَا مُنْتَهَى مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ , مِنْ عِلْمِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ , أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ ؟ مِمَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَمَّا مَا رُوِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَتَابِعِيهِمْ , فَمَعْنَاهُ دَاخِلٌ فِي الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَا . وَإِنَّمَا احْتَجْنَا إِلَى ذِكْرِ مَا رُوِيَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , لِمَا قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , مَتَى يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ . فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ , لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ . لِمَا قَدِ اخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ لَيَالِي شَهْرِ رَمَضَانَ , عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابَ , مِمَّا رُوِيَ أَنَّهَا فِي الشَّهْرِ كُلِّهِ , وَمِمَّا قَدْ رُوِيَ أَنَّهَا فِي خَاصٍّ مِنْهُ , قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَلَا أَحْكُمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ , إِلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ , لِأَنِّي أَعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِيهِ , وَأَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ وَقَعَ . قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لَهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ , فِي أَوَّلِهِ , أَوْ فِي آخِرِهِ , أَوْ فِي وَسَطِهِ , لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ , حَتَّى يَمْضِيَ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ , وَحَتَّى يَمْضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ أَيْضًا كُلُّهُ , مِنَ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ . قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ , فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ كُلُّهُ , مِنَ السَّنَةِ الْجَائِيَةِ , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ , فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهَا , فَيَكُونُ كَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ , قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ لَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَلَمَّا أَشْكَلَ ذَلِكَ , لَمْ أَحْكُمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إِلَّا بَعْدَ عِلْمِي بِوُقُوعِهِ , وَلَا أَعْلَمُ ذَلِكَ , إِلَّا بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرِ رَمَضَانَ , الَّذِي هُوَ فِيهِ , وَشَهْرِ رَمَضَانَ الْجَائِي بَعْدَهُ . فَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ , قَالَ مَرَّةً بِهَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا , وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى : إِذَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ الْقَوْلَ فِي بَعْضِ شَهْرِ رَمَضَانَ , لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حَتَّى يَمْضِيَ مِثْلُ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ , مِنَ السَّنَةِ الْجَائِيَةِ . قَالَ : لِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ , فَقَدْ كَمُلَ حَوْلٌ , مُنْذُ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَهِيَ فِي كُلِّ حَوْلٍ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا قَوْلٌ - عِنْدِي - لَيْسَ بِشَيْءٍ , لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَنَا , إِنَّ كُلَّ حَوْلٍ يَكُونُ فَفِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ , عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَوْلَ لَيْسَ فِيهِ شَهْرُ رَمَضَانَ بِكَمَالِهِ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ . وَإِنَّمَا قِيلَ لَنَا : إِنَّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ , هَكَذَا دَلَّنَا عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَقَالَهُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إِذَا قَالَ لَهَا فِي بَعْضِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِيمَا مَضَى مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ . فَيَكُونُ إِذَا مَضَى حَوْلٌ مِنْ حِينَئِذٍ , إِلَى مِثْلِهِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ , مِنَ السَّنَةِ الْجَائِيَةِ , لَا لَيْلَةَ قَدْرٍ فِيهِ . فَفَسَدَ بِمَا ذَكَرْنَا , قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ الَّذِي وَصَفْنَا , وَثَبَتَ - عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ - مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى : إِذَا قَالَ لَهَا الْقَوْلَ فِي بَعْضِ شَهْرِ رَمَضَانَ : إِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ , حَتَّى يَمْضِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ . وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ - فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِلَى أَنَّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَنَّهَا فِي لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَيْنِهَا هُوَ حَدِيثُ بِلَالٍ , وَحَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَإِذَا مَضَتْ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ , عُلِمَ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَدْ كَانَتْ , فَحَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَقِيلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِعِلْمِ كَوْنِهَا فَكَذَلِكَ لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ . وَهَذَا الْقَوْلُ تَشْهَدُ لَهُ الْآثَارُ الَّتِي رَوَيْنَاهَا , فِي هَذَا الْبَابِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :