شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد - الحديث رقم 32

رقم الحديث 32 اعلم أن من أضر بأخيه فقد ظلمه والظلم حرام كما تقدم في حديث أبي ذر [ يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ] وقال النبي صلى الله عليه و سلم [ إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ] وأما قوله [ لا ضرر ولا ضرار ] فقال بعضهم : هما لفظان بمعنى واحد تكلم بهما جميعا على وجه التأكيد وقال ابن حبيب : الضرر عند أهل العربية الإسم والضرار الفعل : فمعنى [ لا ضرار ] أي لا يدخل أحد على أحد ضررا لم يدخله على نفسه ومعنى [ لا ضرار ] لا يضار أحد بأحد وقال المحاسني : الضرر هو الذي لك فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة وهذا وجه حسن وقال بعضهم : الضرر والضرار مثل القتل والقتال فالضرر أن تضر من لا يضرك : والضرار : أن تضر من أضر بك من غير جهة الإعتداء بالمثل والإنتصار بالحق وهذا نحو قوله صلى الله عليه و سلم [ أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ] وهذا معناه عند بعض العلماء : لا تخن من خانك بعد أن انتصرت منه في خيانته لك كأن النهي إنما وقع على الإبتداء وأما من عاقب بمثل ما عوقب به وأخذ حقه فليس بخائن : وإنما الخائن من أخذ ما ليس له أو أكثر مما له واختلف الفقهاء في الذي يجحد حقا عليه ثم يظفر المجحود بمال للجاحد قد ائتمنه عليه أو نحو ذلك فقال بعضهم : ليس له أن يأخذ حقه في ذلك لظاهر قوله [ أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ] وقال آخرون : له أن ينتصر منه ويأخذ حقه من تحت يده واحتجوا بحديث عائشة في قصة هند مع أبي سفيان وللفقهاء في هذه المسألة وجوه واعتلالات ليس هذا موضوع ذكرها والذي يصح في النظر : أنه ليس لأحد يضر بأخيه سواء ضره أم لا إلا أن له أن ينتصر ويعاقب إن قدر بما أبيح له بالحق وليس ذلك ظلما ولا ضرارا إذا كان على الوجه الذي أباحته السنة وقال الشيخ أبو عمرو بن صلاح رحمه الله : أسند الدارقطني هذا الحديث من وجوه مجموعها يقوي الحديث ويحسنه وقد نقله جماهير أهل العلم واحتجوا به فعن أبي داود قال : الفقه يدور على خمسة أحاديث وعد هذا الحديث منها قال الشيخ : فعد أبي داود له من الخمسة وقوله فيه : يشعر بكونه عنده غير ضعيف وقال فيه : هو على مثال ضرار وقتال وهو على ألسنة كثير من الفقهاء والمحدثين [ لاضرر ولا إضرار ] بهمزة مكسورة قبل الضاد ولا صحة لذلك