شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد - الحديث رقم 21

رقم الحديث 21 معنى قوله [ قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك ] أي علمني قولا جامعا لمعاني الإسلام واضحا في نفسه بحيث لا يحتاج إلى تفسير غيرك أعمل عليه وأتقي به فأجابه صلى الله عليه و سلم بقوله [ قل آمنت بالله ثم استقم ] هذا من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم فإنه جمع لهذا السائل في هاتين الكلمتين معاني الإسلام والإيمان كلها فإنه أمره أن يجدد إيمانه بلسانه متذكرا بقلبه وأمره أن يستقيم على أعمال الطاعات والإنتهاء عن جميع المخالفات : إذ لا تأتي الإستقامة مع شئ من الإعوجاج فإنها ضده وهذا كقوله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } الآية : أي آمنوا بالله وحده ثم استقاموا على ذلك وعلى الطاعة إلى أن توفاهم الله عليها قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : استقاموا والله على طاعته ولم يروغوا روغان الثعلب ومعناه : اعتدلوا على أكثر طاعة الله عقدا وقولا وفعلا وداموا على ذلك وهذا معنى قوله أكثر المفسرين وهي معنى الحديث إن شاء الله تعالى وكذلك قوله سبحانه { فاستقم كما أمرت } قال ابن عباس : ما نزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم في جميع القرآن آية كانت أشق عليه من هذه الآية لذلك قال صلى الله عليه و سلم : [ شيبتني هود وأخواتها ] قال الأستاذ أبو القاسم القشيرى رحمه الله تعالى : الإستقامة درجة بها كمال الأمور وتمامها وبوجودها حصول الخيرات ونظامها ومن لم يكن مستقيما في حال سعيه ضاع سعيه وخاب جده قال : وقيل الإستقامة لا يطيقها إلا الأكابر لأنها الخروج عن المعهودات ومفارقة الرسول والعادات والقيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق ولذلك قال النبى صلى الله عليه و سلم : [ استقيموا ولن تحصوا ] وقال الواسطي : الخصلة التي بها كملت المحاسن وبفقدها قبحت المحاسن : الإستقامة والله أعلم