فهرس الكتاب

شرح السيوطى - بَابُ بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ إِفْرَادُ الْحَجِّ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ

رقم الحديث 1211 [1211] حجَّة الْوَدَاع سميت بذلك لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودع النَّاس فِيهَا وَلم يحجّ بعد الْهِجْرَة غَيرهَا وَكَانَت سنة عشر من الْهِجْرَة وَاخْتلف هَل كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا مُفردا أَو مُتَمَتِّعا أَو قَارنا قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّحِيح أَنه كَانَ أَولا مُفردا ثمَّ أحرم بِالْعُمْرَةِ بعد ذَلِك وأدخلها على الْحَج فَصَارَ قَارنا فَمن روى بِالْإِفْرَادِ فَهُوَ الأَصْل وَمن روى الْقرَان اعْتمد آخر الْأَمريْنِ وَمن روى التَّمَتُّع أَرَادَ التَّمَتُّع اللّغَوِيّ وَهُوَ الِانْتِفَاع والارتفاق وَقد ارتفق بالقران كارتفاق الْمُتَمَتّع وَزِيَادَة وَهُوَ الِاقْتِصَار على فعل وَاحِد قَالَ وَبِهَذَا الْجمع تنتظم الْأَحَادِيث كلهَا هدي بِسُكُون الدَّال وَتَخْفِيف الْيَاء على الْأَفْصَح وَلم أهلل إِلَّا بِعُمْرَة قَالَ القَاضِي اخْتلفت الرِّوَايَات عَن عَائِشَة فِيمَا أَحرمت بِهِ اخْتِلَافا كثيرا وَاخْتلف كَلَام الْعلمَاء على حَدِيثهَا فَقَالَ مَالك لَيْسَ الْعَمَل على حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة عندنَا قَدِيما وَلَا حَدِيثا.

     وَقَالَ  بَعضهم يتَرَجَّح أَنَّهَا كَانَت مُحرمَة بِحَجّ لِأَنَّهَا رِوَايَة عمْرَة وَالْأسود وَالقَاسِم وغلطوا عُرْوَة فِي الْعمرَة قَالَ القَاضِي وَلَيْسَ هَذَا بواضح بل الْجمع بَين الرواياات مُمكن فأحرمت أَولا بِالْحَجِّ كَمَا صَحَّ عَنْهَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وكما هُوَ الْأَصَح من فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأكْثر أَصْحَابه ث احرمت بِالْعُمْرَةِ حِين أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه بِفَسْخ الْحَج إِلَى الْعمرَة وَهَذَا فسره الْقَاسِم فِي حَدِيثه فَأخْبر عُرْوَة باعتمارها فِي آخر الْأَمر وَلم يذكر أول أمرهَا ثمَّ لما حَاضَت وَتعذر عَلَيْهَا إتْمَام الْعمرَة والتحلل مِنْهَا وَأدْركت الْإِحْرَام بِالْحَجِّ أمرهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فأحرمت بِهِ فَصَارَت مدخلة لِلْحَجِّ على الْعمرَة وقارنة وَقَوله ارفضي عمرتك لَيْسَ مَعْنَاهُ إِبْطَالهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَإِن الْإِحْرَام لَا يَزُول بنية الْخُرُوج بل التَّحَلُّل وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ ارفضي الْعَمَل عَنْهَا وإتمام أفعالها وَيدل عَلَيْهِ وأمسكي عَن الْعمرَة وَقَوْلها يرجع النَّاس بِحَجّ وَعمرَة أَي مُنْفَرد ومنفردة وَقَوله مَكَان عمرتك أَي الَّتِي لم تتمّ لَك مُنْفَرِدَة كَمَا تمت لسَائِر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَالنَّاس الَّذين فسخوا الْحَج إِلَى الْعمرَة وَأَتمُّوا الْعمرَة وتحللوا مِنْهَا قبل يَوْم التَّرويَة ثمَّ أَحْرمُوا بِالْحَجِّ من مَكَّة يَوْم التَّرويَة فحصلت لَهُم عمْرَة مُنْفَرِدَة انْتهى لَيْلَة الحصبة بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ اللَّيْلَة الَّتِي ينزل النَّاس فِيهَا بالمحصب عِنْد انصرافهم من منى إِلَى مَكَّة وَلم يكن فِي ذَلِك هدي وَلَا صَدَقَة وَلَا صَوْم أَي لعدم ارْتِكَاب شَيْء من مَحْظُورَات الْإِحْرَام لَا نرى إِلَّا الْحَج أَي لَا نعتقد أَنا نحرم إِلَّا بِالْحَجِّ لأَنا كُنَّا نظن امْتنَاع الْعمرَة فِي أشهر الْحَج سرف بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء مَاء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة بِقرب مَكَّة على أَمْيَال مِنْهَا قيل سِتَّة وَقيل أَكثر أنفست مَعْنَاهُ أحضت وَهُوَ بِفَتْح النُّون وَضمّهَا وَالْفَتْح أفْصح وَالْفَاء مَكْسُورَة فِيهَا وَأما النّفاس الَّذِي هُوَ الْولادَة فَيُقَال فِيهِ نفست بِالضَّمِّ لَا غير فطمثت بِفَتْح الطَّاء وَكسر الْمِيم أَي حِضْت أنعس بِضَم الْعين وَفِي حرم الْحَج ضَبطه الْجُمْهُور بِضَم الْحَاء وَالرَّاء على إِرَادَة الْأَوْقَات والمواضع والحالات وَضَبطه الْأصيلِيّ بِفَتْح الرَّاء على انه جمع حرمه أَي ممنوعاته ومحرماته سَمِعت كلامك مَعَ أَصْحَابك فَسمِعت الْعمرَة قَالَ القَاضِي كَذَا لأكْثر الروَاة وَرَوَاهُ بَعضهم فتمتعت بِالْعُمْرَةِ وَهُوَ الصَّوَاب لَا أُصَلِّي كِنَايَة عَن الْحيض عقرى حلقى بِأَلف التَّأْنِيث غير منون وَمَعْنَاهُ عقرهَا الله وحلقها أَي عقر الله جَسدهَا وأصابها بوجع فِي حلقها وَقيل عقر قَومهَا وحلقهم بسومها وَقيل العقرى الْحَائِض وَقيل عقرى جعلهَا الله عاقرا لَا تَلد وحلقى مشؤومة وَقيل حلقى حلق شعرهَا وعَلى كل قَول فَهِيَ كلمة كَانَ أَصْلهَا مَا ذَكرْنَاهُ ثمَّ اتسعت الْعَرَب فِيهَا فَصَارَت تطلقها وَلَا تُرِيدُ حَقِيقَة مَا وضعت لَهُ أَولا وَنَظِيره تربت يداك وقاتله الله مَا أشجعه وَمَا أشعره وَرُوِيَ عقرا حلقا بِالتَّنْوِينِ مصدران للدُّعَاء قَالَ أَبُو عبيد هَذَا على مَذْهَب الْعَرَب فِي الدُّعَاء على الشَّيْء من غير إِرَادَة لوُقُوعه قَالَ الحكم كَأَنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ أَحسب أَي أَظن أَن هَذَا لَفظه وَلَكِن صَوَابه كَأَنَّهُ يَتَرَدَّدُونَ كَمَا رَوَاهُ بن أبي شيبَة عَن الحكم وَمَعْنَاهُ أَن الحكم شكّ فِي لفظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ ضَبطه لمعناه فَشك هَل قَالَ يَتَرَدَّدُونَ أَو نَحوه من الْكَلَام أحسره بِكَسْر السِّين وَضمّهَا أكشفه وأزيله فَيضْرب رجْلي بعلة الرَّاحِلَة الْمَشْهُور فِي النّسخ بباء مُوَحدَة ثمَّ عين مُهْملَة مكسورتين ثمَّ لَام مُشَدّدَة ثمَّ هَاء أَي بِسَبَب الرَّاحِلَة أَي يضْرب رجْلي عَامِدًا لَهَا فِي صُورَة من يضْرب الرَّاحِلَة حِين تكشف خمارها عَن عُنُقهَا غيرَة عَلَيْهَا فَتَقول لَهُ هَل ترى من أحد أَي نَحن فِي خلاء لَيْسَ هُنَا أَجْنَبِي حَتَّى أستتر مِنْهُ وَرُوِيَ نعلة بالنُّون.

     وَقَالَ  القَاضِي بنعلة السَّيْف وَهُوَ بالحصبة أَي المحصب

رقم الحديث 1213 [1213] عركت بِفَتْح الْعين وَالرَّاء أَي حَاضَت طهرت بِفَتْح الْهَاء وَضمّهَا وَالْفَتْح أفْصح رجلا سهلا أَي سهل الْخلق كريم الشَّمَائِل ميسرًا فِي الْحق قَالَ تَعَالَى وَإنَّك لعَلي خلق عَظِيم إِذا هويت الشَّيْء تابعها عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ إِذا هويت شَيْئا لَا نقص فِيهِ فِي الدّين مثل طلبَهَا الاعتمار وَغَيره أجابها إِلَيْهِ ومسسنا الطّيب بِكَسْر السِّين فِي الْأَفْصَح

رقم الحديث 1214 [1214] من الأبطح هُوَ بطحاء مَكَّة وَهُوَ مُتَّصِل بالمحصب

رقم الحديث 1216 [1216] صبح رَابِعَة بِضَم الصَّاد قَالَ عَطاء وَلم يعزم عَلَيْهِم أَي لم يُوجب عَلَيْهِم وَطْء النِّسَاء تقطر مذاكيرنا الْمَنِيّ هُوَ إِشَارَة إِلَى قرب الْعَهْد بِوَطْء النِّسَاء فَقدم عَليّ من سعايته بِكَسْر السِّين قيل أَي من عمله فِي السَّعْي فِي الصَّدقَات وَتعقب بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسْتَعْمل الْفضل بن عَبَّاس وَعبد الْمطلب بن ربيعَة حِين سألاه ذَلِك.

     وَقَالَ  لَهما إِن الصَّدَقَة لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد وَورد فِي حَدِيث أَنه كَانَ بَعثه أَمِيرا عَاملا على الصَّدقَات.

     وَقَالَ  القَاضِي يحْتَمل أَن عليا ولي الصَّدقَات احتسابا أَو أعطي عمالته عَلَيْهَا من غَيرهَا فَإِن السّعَايَة تخْتَص بِالصَّدَقَةِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ لَيْسَ كَذَلِك بل تسْتَعْمل فِي مُطلق الْولَايَة وَإِن كَانَ أَكثر اسْتِعْمَالهَا فِي ولَايَة الصَّدقَات وَأهْدى لَهُ عَليّ هَديا قَالَ النَّوَوِيّ يَعْنِي أَنه اشْتَرَاهَا لَا أَنه من السّعَايَة على الصَّدَقَة فَقَالَ بل لِلْأَبَد قَالَ الْجُمْهُور مَعْنَاهُ أَن الْعمرَة يجوز فعلهَا فِي أشهر الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالْمَقْصُود بِهِ بَيَان إبِْطَال مَا كَانَت الْجَاهِلِيَّة تزعمه من امْتنَاع الْعمرَة فِي أشهر الْحَج وَقيل مَعْنَاهُ جَوَاز الْقرَان وَتَقْدِير الْكَلَام دخلت أَفعَال الْعمرَة فِي أَفعَال الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.

     وَقَالَ  بعض الظَّاهِرِيَّة مَعْنَاهُ جَوَاز نسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة