فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب وقت المغرب

باب
وقت المغرب
وقال عطاء: يجمع المريض بين المغرب والعشاء.

قد سبق الكلام على جمع المريض مستوفى في الكلام على حديث ابن عباس في الجمع لغير عذر.

وخرج في هذا الباب أربعة أحاديث:
الحديث الأول:
قال:
[ قــ :544 ... غــ :559 ]
- حدثنا محمد بن مهران: ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي: حدثني أبو النجاشي مولى رافع – هو: عطاء بن صهيب -، قال: سمعت رافع بن خديج قال: كنا نصلي المغرب مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله.

وقد روي هذا المعنى عن غير واحد من الصحابة في صلاتهم مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المغرب، ولم يخرج في ( ( الصحيحين) ) من غير هذه الطريق.

وقد روى شعبة، عن أبي بشر، عن حسان بن بلال، عن رجال من أسلم من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ أنهم كانوا يصلون مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم يرجعون إلى أهليهم إلى أقصى المدينة يرمون، يبصرون مواقع سهامهم.

خرجه النسائي.

وخرجه الإمام أحمد عن هشيم، عن أبي بشر، عن علي بن بلال الليثي، عن ناس من الأنصار، قالوا: كنا نصلي مع رسول الله المغرب، ثم ننصرف فنترامى حتى نأتي ديارنا، فيما يخفى علينا مواقع سهامنا.

وخرجه –أيضا - من رواية أبي عوانة، عن أبي بشر – بنحوه.

وهو أشبه من رواية شعبة -: قاله البخاري في ( ( تاريخه) ) .

وروى الزهري، عن رجل من أبناء النقباء، عن أبيه، قال: كنا نصلي مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المغرب، ثم ننصرف فننظر إلى مواقع النبل، وبينهم نحو من ميل – يعني: قباء.

وفي رواية: ثم نخرج إلى منازلنا، وإن أحدنا لينظر إلى موقع نبله، قيل للزهري: كم كان منازلهم؟ قال: ثلثا ميل.

وخرج الإمام أحمد وابن خزيمة في ( ( صحيحه) ) من حديث جابر، قال: كنا نصلي مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المغرب، ثم نأتي بني سلمة ونحن نبصر مواقع النبل.

وخرجه الإمام أحمد من رواية ابن عقيل، عن جابر – بنحوه، إلا أنه قال: ثم نرجع إلى منازلنا وهي [على قدري] ميل وأنا أبصر موقع النيل.
وهذا كله يدل على شدة تعجيل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لصلاة المغرب، ولهذا كانت تسمى صلاة البصر.

كما خرجه الإمام أحمد من رواية أبي طريف الهذلي، قال: كنت مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين جاء خبر أهل الطائف، فكان يصلي بنا صلاة البصر، حتى لو أن رجلاً رمي لرأى موقع نبله.
قال الإمام أحمد: صلاة البصر: هي صلاة المغرب.




[ قــ :545 ... غــ :560 ]
- ثنا محمد بن بشار: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي، قال: قدم الحجاج، فسألنا جابر بن عبد الله، فقال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت، والعشاء أحياناً وأحياناً، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر، والصبح كانوا – أو كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصليها بغلس.

مقصوده من هذا الحديث في هذا الباب: صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المغرب إذا وجبت – يعني: الشمس -، ووجوبها: سقوطها، كقوله تعالى: { فَإذا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: 36] ، والمعنى: إذا سقط قرص الشمس وذهب في الأرض وغاب عن أعين الناس.


قال: 561 - حدثنا المكي بن إبراهيم: ثنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة، قال: كنا نصلي مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المغرب إذا توارت بالحجاب.

هذا [أحد] ثلاثيات البخاري، والضمير يعود إلى غير مذكور، وهو الشمس، وقرينة صلاة المغرب تدل عليه، وهو كقوله تعالى في قصة سليمان: { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 31، 3] ، فحذف ذكر الشمس لدلالة العشي عليها، والمعني بتواريها بالحجاب: تواري قرصها عن أعين الناظرين، بما حجبها عنها من الأرض.

وخرج مسلم حديث سلمة، ولفظه: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب.

وخرجه أبو داود، ولفظه: كان يصلي ساعة تغرب الشمس، إذا غاب حاجبها.

وهذا الحديث والذي قبله يدلان على أن مجرد غيبوبة القرص يدخل به وقت صلاة المغرب، كما يفطر الصائم بذلك، وهذا إجماع من أهل العلم -: حكاه ابن المنذر وغيره.

قال أصحابنا والشافعية وغيره: ولا عبرة ببقاء الحمرة الشديدة في السماء بعد سقوط قرص الشمس وغيبوبته عن الأبصار.

ومنهم من حكى رواية عن أحمد باعتبار غيبوبة هذه الحمرة، وبه قال الماوردي من الشافعية.
ولا يصح ذلك.

وأماإن بقي شيء من شعاعها على الجدران أو تلك الجبال فلابد من ذهابه.

وحكى الطحاوي عن قوم، أنهم اعتبروا مع مغيب الشمس طلوع النجم، ولم يسمهم.

والظاهر: أنه قول طائفة من أهل البدع كالروافض ونحوهم، ولم يقل أحد من العلماء المعتد بهم.

وروى أبو نعيم الفضل بن دكين: ثنا إسرائيل، عن طارق، عن سعيد بن المسيب، قال: كتب عمر إلى أمراء الأمصار: لا تصلوا المغرب حتى تشتبك النجوم.

وهذا إنما يدل على استحباب ذلك، وقد روي عن عمر خلاف ذلك موافقة لجمهور الصحابة.

والأحاديث والآثار في كراهة التأخير حتى يطلع النجم كثيرة جداً:
ومن أجودها: ما روى ابن إسحاق: ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، قال: قدم علينا أبو أيوب غازياً وعقبة بن عامر يومئذ على مصر، فأخر المغرب، فقام إليه أبو أيوب، فقال له: ما هذه الصلاة يا عقبة؟ قال: شغلنا.
قال: أماسمعت من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( لا تزال أمتي بخير – أو قال: على الفطرة – ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم) ) ؟
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن خزيمة في ( ( صحيحه) ) والحاكم وصححه.

وقد خولف ابن إسحاق في إسناده، فرواه حيوة بن شريح، عن يزيد ابن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران، عن أبي أيوب، قال: كنا نصلي المغرب حين تجب الشمس.

ورواه ابن لهيعة، عن يزيد، ورفعه إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقال أبو زرعة: حديث حيوة أصح.

وخرج الإمام أحمد معناه من حديث السائب بن يزيد، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وخرجه ابن ماجه من حديث العباس بن عبد المطلب، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقد روي عن عمر بن عبد العزيز، أنه أخر ليلة المغرب حتى طلع نجمان، فأعتق رقبتين كفارة لتأخيره.

فأماالحديث الذي خرجه مسلم من حديث أبي بصرة الغفاري، قال: صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العصر، فقال: ( ( إن هذه الصلاة عرضت على من قبلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها كان له أجره مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد) ) ، والشاهد النجم.
فقد اختلف العلماء في تأويله:
فمنهم من حمله على كراهة التنفل قبل المغرب حتى تصلى، وهو قول من كره ذلك من العلماء، وقال: قوله: ( ( لا صلاة بعدها) ) إنما هو نهي عن التنفل بعد العصر فيستمر النهي حتى تصلى المغرب، فإذا فرغ منها حينئذ جاز التنفل، وحينئذ تطلع النجوم غالباً.

ومنهم من قال: إنما أراد أن النهي يزول بغروب الشمس، وإنما علقه بطلوع الشاهد لأنه مظنة له، والحكم يتعلق بالغروب نفسه.

ومنهم من زعم أن الشاهد نجم خفي يراه من كان حديد البصر بمجرد غروب الشمس، فرؤيته علامة لغروبها.

وزعم بعضهم: أن المراد بالشاهد الليل، وفيه بعد.

وقد أجمع العلماء على أن تعجيل المغرب في أول وقتها أفضل، ولا خلاف في ذلك مع الصحو في الحضر، إلا ما روي عن عمر كما تقدم، وروي عنه خلافه من وجوه.

فأمافي الغيم ففيه اختلاف سبق ذكره، وأمافي السفر فيستحب تأخيرها ليلة النحر بالمزدلفة من دفع من عرفة حتى يصليها مع العشاء بالمزدلفة كما فعل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وفي صحة صلاتها في طريقه قبل وصوله إلى المزدلفة اختلاف يذكر في موضع آخر – إن شاء الله.

وأمافي غير تلك الليلة في السفر فيجوز تأخيرها للجمع بينها وبين العشاء.

وقال مالك: يصلي المقيم المغرب إذا غربت الشمس، والمسافر لا بأس أن يمد ميلاً ثم ينزل فيصلي.

وقد روي ذلك عن ابن عمر.
وروي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيضا.

وكذلك رخص الثوري في تأخيرها في السفر دون الحضر، وقال: كانوا يكرهون تأخيرها [في الحضر دون السفر] .

وهل يستحب أن يفصل بين آذان المغرب وإقامتها بجلسة خفيفة؟ فيه قولان:
أحدهما: يستحب، وهو قول النخعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبي يوسف ومحمد.

وقال أبو حنيفة: يفصل بينهما بسكتة بقدر ثلاث آيات قائماً؛ لأن مبناها على التعجيل، والقائم أقرب إليه، فإن وصل الإقامة بالأذان كره عنده.

والقول الثاني: لا يستحب الفصل بجلوس ولا غيره؛ لأن وقتها مضيق، وهو قول مالك.

وقال أحمد: الفصل بينهما بقدر ركعتين كما كانوا يصلون الركعتين في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين الأذان والإقامة للمغرب.
كما سيأتي في موضعه – إن شاء الله تعالى.

وعند الشافعي وأصحابه: يفصل بينهما فصلاً يسيراً بقعدة أو سكوت ونحوهما.


قال:


[ قــ :547 ... غــ :56 ]
- ثنا آدم: ثنا شعبة ثنا عمرو بن دينار، قال: سمعت جابر بن زيد، عن عبد الله بن عباس، قال: صلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعاً جميعاً، وثمانياً جميعاً.

قد سبق هذا الحديث في ( ( باب: تأخير الظهر إلى العصر) ) والكلام عليه مستوفى.

ومقصود البخاري بتخريجه في هذا الباب: أن يستدل به على جواز تأخير المغرب إلى آخر وقتها قبل غروب الشفق، وأن وقتها ممتد إلى غروب الشفق، فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاها مع العشاء جميعاً في الحضر من علة، وقد حمله طائفة من العلماء على أنه أخر المغرب إلى آخر وقتها، وقدم العشاء في أول وقتها، كذلك حمله عليه أبو الشعثاء وعمرو بن دينار، وأحمد في رواية عنه، وتبويب البخاري هنا يدل عليه.

وعلى هذا التقدير، فهو دليل ظاهر على امتداد وقت المغرب إلى مغيب الشفق.

ويدل على ذلك صريحاً: ما في ( ( صحيح مسلم) ) عن عبد الله بن شقيق، قال: خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم، فجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة.
قال: فجاءه رجل من بني تميم، لا يفتر ولا ينثني: الصلاة الصلاة، فقال ابن عباس: أتعلمني السنة لا أم لك؟! ثم قال: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.

قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء، فأتيت أبا هريرة فسألته، فصدق مقالته.

وممن ذهب إلى أن وقت المغرب يمتد إلى مغيب الشفق: الحسن بن حي والثوري وأبو حنيفة ومالك في ( ( الموطأ) ) ، والشافعي في قول له رجحه طائفة من أصحابه، وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وروي عن ابن عباس وغيره.

وخرج مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا صليتم المغرب، فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق) ) .

وفي رواية له – أيضا -: ( ( وقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق) ) .

وفي رواية له – أيضا -: ( ( وقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق) ) .

وقد اختلف في رفعه ووقفه.

وخرج مسلم – أيضا – من حديث بريدة، أن سائلاً سأل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن مواقيت الصلاة – فذكر الحديث بطوله، وفيه: أنه صلى في اليوم الأول المغرب حين وجبت الشمس، وفي اليوم الثاني صلى قبل أن يقع الشفق، وقال: ( ( ما بين ما رأيت وقت) ) .

وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن للصلاة أولاً وآخراً) ) – فذكر الحديث، وفيه: ( ( وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق) ) .

وله علة، وهي أن جماعة رووه عن الأعمش، عن مجاهد، قال: كان يقال ذلك.

وهذا هو الصحيح عند ابن معين والبخاري والترمذي وأبي حاتم والبزار والعقيلي والدارقطني وغيرهم.

وذهب طائفة إلى أن للمغرب وقتاً واحداً حين تغرب الشمس، ويتوضأ ويصلي ثلاث ركعات، وهو قول ابن المبارك، ومالك في المشهور عنه، والأوزاعي، والشافعي في ظاهر مذهبه.

واستدلوا: بأن جبريل صلى بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المغرب في اليومين في وقت واحد، وصلى به سائر الصلوات في وقتين.

وزعم الأثرم أن هذه الأحاديث أثبت، وبها يعمل.

ومن قال: يمتد وقتها، قال: قد صح حديث بريدة، وكان ذلك من فعل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، فهو متأخر عن أحاديث صلاة جبريل.

وفي حديث عبد الله بن عمرو: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين ذلك بقوله، وهو أبلغ من بيانه بفعله.

ويعضده: عموم قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث أبي قتادة: ( ( إنما التفريط في اليقظة، أن يؤخر صلاة حتى يدخل وقت الأخرى) ) ، خرج من عموم ذلك الصبح بالنصوص والإجماع، بقي ما عداها داخلاً في العموم.

ولأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر من حضره العشاء بتقديمه على الصلاة، ولولا اتساع وقت المغرب لكان تقديم العشاء تفويتاً للمغرب عن وقتها للأكل، وهو غير جائز.

ولأن الجمع بين المغرب والعشاء جائز في وقت المغرب للعذر بالاتفاق من القائلين: بأن وقتها واحد، ولا يمكن الجمع بينهما في وقت المغرب إلا مع امتداد وقتها واتساعه لوقوع الصلاتين.

ولعل البخاري إنما صدر الباب بقول عطاء: ( ( يجمع المريض بين المغرب والعشاء) ) لهذا المعنى الذي أشرنا إليه.
والله أعلم.

ومتى غاب الشفق، فات وقت المغرب بإجماع من سمينا ذكره.

وروي عن عطاء وطاوس: لا يفوت حتى يفوت العشاء بطلوع الفجر، وحكي رواية عن مالك – أيضا -، والأحاديث المذكورة ترد ذلك.

واختلفوا في الشفق الذي يفوت وقت المغرب بمغيبه: هل هو الحمرة، أو البياض؟ على قولين.

ومذهب الثوري ومالك والشافعي: أنه الحمرة.

ومذهب أبي حنيفة والمزني: أنه البياض.

واختلف قول أحمد وأصحابه في ذلك، وسنذكره فيما بعد – إن شاء الله تعالى.