فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب: أي الإسلام أفضل؟

5 - فصل
خرج البخاري من حديث:
[ قــ :11 ... غــ :11 ]
- بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن جده أبي بردة عن أبيه أبي موسى قالوا: يا رسول الله! أي الإسلام أفضل؟ قال: " من سلم المسلمون من لسانه ويده ".

وخرجه مسلم - أيضا -، وخرج - أيضا - من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل: أي المسلمين خير؟ قال: " من سلم المسلمون من لسانه ويده " - كما تقدم ذكره .
فعلى هذه الرواية: أي المسلمين خير؟ وفي رواية أبي موسى: أي الإسلام أفضل؟ .
قال ابن رجب: والذي ظهر لي في الفرق بين " خير " أن لفظ " أفضل " إنما تستعمل في شيئين اشتركا في غير فضل، وامتاز أحدهما عن الآخر بفضل اختص به، فهذا الممتاز قد شارك ذاك في الفضل واختص عنه بفضل زائد فهو ذاك.
وأما لفظه " خير " فتستعمل في شيئين: في كل منهما نوع من الخير أرجح مما في الآخر سواء كان لزيادة عليه في ذاته أو في نفعه أو غير ذلك، وإن اختلف جنساهما فترجيح أحدهما على الآخر يكون بلفظة خير، فيقال مثلا: النفع المتعدي خير من النفع القاصر، وإن كان جنسهما مختلفا ويقال: زيد أفضل من عمرو، إذا اشتركوا في علم أو دين ونحو ذلك، وامتاز أحدهما على الآخر بزيادة.
وإن استعمل في النوع الأول لفظة " أفضل " مع اختلاف الجنسين، فقد يكون المراد: أن ثواب أحدهما أفضل من ثواب الآخر وأزيد منه، فقد وقع الاشتراك في الثواب وامتاز أحدهما بزيادة منه - وحينئذ - فمن سلم المسلمون من لسانه ويده إسلامه أفضل من إسلام غيره ممن ليس كذلك، لاشتراكهما في الإتيان بحقوق الله في الإسلام من الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ونحو ذلك، وامتاز أحدهما بالقيام بحقوق المسلمين، فصار هذا الإسلام أفضل من ذاك.
وأما المسلم: فيقال: هذا أفضل من ذاك لأن إسلامه أفضل من إسلامه ويقال: هو خير من ذاك لترجيح خيره على خير غيره وزيادته عليه.