فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب إثم من لم يتم الصفوف

بَابُ
إثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصَّفَّ
[ قــ :703 ... غــ :724 ]
- حدثنا معاذ بن أسد: ثنا الفضل بن موسى: أنا سعيد بن عبيد الطائي، عن بشير بن يسار الأنصاري، عن أنس بن مالك، أنه قدم المدينة، فقيل لهُ: ما أنكرت منا منذ يوم عهدت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالَ: ما أنكرت شيئاً، إلا أنكم لا تقيمون الصفوف.

وقال عقبة بن عبيد، عن بشير بن يسار: قدم علينا أنس المدينة - بهذا.

عقبة بن عبيد الطائي، هوَ: أخو سعيد بن عبيد الذي روى هذا الحديث عن
أنس، ويكنى أبى الرحال.

لم يخرج لهُ في الكتب الستة سوى هذا الحديث الذي علقه البخاري هاهنا.

وقد خرج حديثه الإمام أحمد، عن أبي معاوية، عن عقبة بن عبيد، عن بشير بن يسار، قالَ: قلت لأنس بن مالك: ما أنكرت من حالنا في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالَ: أنكرت أنكم لا تقيمون الصفوف.

وفي هذا الحديث: دليل على أن تسوية الصفوف كانَ معروفا في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأن الناس غيروا ذَلِكَ بعده.

والظاهر: أن أنس بن مالك إنما قالَ هذا في أوائل الأمر، قبل أن يؤخر بنو أمية الصلوات عن مواقيتها، فلما غير بنو أمية مواقيت الصلاة قالَ أنس: ما أعرف شيئا مما كانَ على عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قيل لهُ: ولا الصلاة؟ قالَ: أو ليس قد صنعتم فيها ما صنعتم.
وقد سبق هذا الحديث في أوائل ( ( المواقيت) ) .

وأما استدلال البخاري به على إثم من لم يتم الصف ففيه نظر؛ فإن هذا إنما يدل على أن هذا مما ينكر، وقد ينكر المحرم والمكروه.

وكان الاستدلال بحديث: ( ( لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) ) على الإثم أظهر، كما سبق التنبيه عليهِ.