فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب قول الرجل: فاتتنا الصلاة

باب
قول الرجل: ( ( فاتتنا الصلاة) )
وكره ابن سيرين أن يقول: فاتتنا الصلاة، وليقل: لم ندرك.

وقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اصح.

[ قــ :617 ... غــ :635 ]
- حدثنا ابو نعيم: حدثنا شيبان، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: بينما نحن نصلي مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذ سمع جلبة الرجال، فلما صلى قال: ( ( ما شأنكم؟) ) قالوا: استعجلنا إلى الصلاة.
قال: ( ( فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) ) .

مقصود البخاري بهذا الباب: أن يرد ما حكاه عن ابن سيرين، أنه كره أن يقول: ( ( فاتتنا الصلاة) ) ، ويقول: ( ( م ندركها) ) ، من ذلك بقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( وما فاتكم) ) فسمى القدر المسبوق به مع الإمام فائتاً، مع قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( من ادرك ركعة من الصلاة فقد ادركها) ) ، فكيف بما لم يدرك مع الإمام من صلاته شيئاً، فإنه أولى أن يسمى فائتاً.

والظاهر: أن ابن سيرين إنما يكره أن يقول: ( ( فاتتنا الصلاة) ) ؛ فإنها فاتته حقيقة.

وقد يفرق بين أن تفوته بعذر كنوم ونسيان، أو بغير عذر، فإن كان بعذر لم تفت - أيضا -؛ لإمكان التدارك بالقضاء.

وقد تقدم قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الذي تفوته صلاة [العصر] كانما وتر أهله وماله" والكلام عليه مستوفى، وهل المراد به: من تفوته بعذر او بغير عذر، وذكرنا هناك من حديث أبي قتادة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إنما تفوت النائم، ولا تفوت اليقظان) ) .

خرجه الإمام أحمد.

وكان ابن سيرين لشدة ورعه يتورع في منطقه، ويتحفظ فيه، ويكره أن يتكلم بما فيه نوع توسع أو تجوز، وإن كان سائغاً في لغة العرب.

وقد وجد في بعض نسخ ( ( صحيح البخاري) ) في حديث أبي قتادة هذا: ( ( وما فاتكم فاقضوا) ) .

وقد خرجه الطبراني من طريق أبي نعيم الذي خرجه عنه البخاري، وقال في حديثه: " ليصل أحدكم ما أدرك، وليقض ما فاته".

وخرجه بقي بن مخلد في ( ( مسنده) ) عن ابن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام، عن شيبان، وقال في حديثه: ( ( وما سبقتم فاقضوا) ) .

وخرجه الإسماعيلي، ولفظه: ( ( وما فاتكم فاقضوا) ) .