هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
973 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : كَانَ القُنُوتُ فِي المَغْرِبِ وَالفَجْرِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
973 حدثنا مسدد ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا خالد ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك ، قال : كان القنوت في المغرب والفجر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : كَانَ القُنُوتُ فِي المَغْرِبِ وَالفَجْرِ .

Narrated Anas:

The Qunut used to be recited in the Maghrib and the Fajr prayers.

D'après Abu Qilâba, 'Anas dit: «Le qunût se faisait pendant les prières du maghrib et du fajr.»

":"ہم سے مسدد بن مسرہد نے بیان کیا ، کہا کہ ہمیں اسماعیل بن علیہ نے خبر دی ، کہا کہ ہمیں خالد حذاء نے خبر دی ، انہیں ابوقلابہ نے ، انہیں انس بن مالک رضی اللہ عنہ نے ، آپ نے فرمایا کہآنحضور صلی اللہ علیہ وسلم کے عہد میں قنوت مغرب اور فجر میں پڑھی جاتی تھی ۔

D'après Abu Qilâba, 'Anas dit: «Le qunût se faisait pendant les prières du maghrib et du fajr.»

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ قــ :973 ... غــ :1004 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثنا خالِدٌ عنْ أبِي قِلاَبَةَ عنْ أنَسٍ قَالَ كانَ القُنُوتُ فِي المَغْرِبِ والفَجْرِ.

(انْظُر الحَدِيث 897) .

مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة الْحَدِيثين السَّابِقين.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة كلهم قد ذكرُوا غير مرّة، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية، وخَالِد هُوَ الْحذاء، وَأَبُو قلَابَة، بِكَسْر الْقَاف: هُوَ عبد الله بن زيد الْجرْمِي.

وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد كَذَلِك فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: ثَلَاثَة مذكورون بِغَيْر نِسْبَة وَوَاحِد بكنيته.
وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي، وَشَيخ شَيْخه واسطي، وَالثَّالِث بَصرِي وَالرَّابِع شَامي.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عبد الله بن أبي الْأسود عَن ابْن علية، وَاحْتج الشَّافِعِي بِهَذَا الحَدِيث فِيمَا ذهب إِلَيْهِ من الْقُنُوت فِي صَلَاة الْفجْر، وَاحْتج أَيْضا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث الْبَراء: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقنت فِي صَلَاة الصُّبْح، زَاد ابْن معَاذ: وَصَلَاة الْمغرب.
وَأخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مُشْتَمِلًا على الصَّلَاتَيْنِ وَاحْتج أَيْضا بِمَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) : أخبرنَا أَبُو جَعْفَر الرَّاوِي عَن الرّبيع بن أنس (عَن أنس بن مَالك، قَالَ: مَا زَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقنت فِي الْفجْر حَتَّى فَارق الدُّنْيَا) .
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي (سنَنه) وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي (مُسْنده) وَلَفظه: (عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: قَالَ رجل لأنس بن مَالك: أقنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا يَدْعُو على حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب؟ قَالَ: فزجره أنس،.

     وَقَالَ : مَا زَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقنت فِي صَلَاة الْفجْر حَتَّى فَارق الدُّنْيَا) .
وَفِي (الْخُلَاصَة) للنووي: صَححهُ الْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه) .
.

     وَقَالَ  صَاحب (التَّنْقِيح) : على التَّحْقِيق هَذَا الحَدِيث أَجود أَحَادِيثهم، وَذكر جمَاعَة وثقوا أَبَا جَعْفَر الرَّازِيّ وَله طرق فِي كتاب الْقُنُوت لأبي مُوسَى الْمَدِينِيّ.
قَالَ: وَإِن صَحَّ فَهُوَ مَحْمُول على أَنه مَا زَالَ يقنت فِي النَّوَازِل، أَو على أَنه مَا زَالَ يطول فِي الصَّلَاة، فَإِن الْقُنُوت لفظ مُشْتَرك بَين الطَّاعَة وَالْقِيَام والخشوع وَالسُّكُوت وَغير ذَلِك، قَالَ الله تَعَالَى: { إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة قَانِتًا لله حَنِيفا} (النَّحْل: 21) .
.

     وَقَالَ : { أم من هُوَ قَانِت آنَاء اللَّيْل} (الزمر: 9) .
.

     وَقَالَ : { وَمن يقنت مِنْكُن لله} (الْأَحْزَاب: 13) .
.

     وَقَالَ : { يَا مَرْيَم اقنتي} (آل عمرَان: 34) .
.

     وَقَالَ : { وَقومُوا لله قَانِتِينَ} (الْبَقَرَة: 832) .
.

     وَقَالَ : { كل لَهُ قانتون} (الْبَقَرَة: 611 وَالروم: 62) .
وَفِي الحَدِيث: (أفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت) ، انْتهى.
وَقد ذكر ابْن الْعَرَبِيّ أَن للقنوت عشرَة معَان.
.

     وَقَالَ  شَيخنَا زين الدّين: وَقد نظمتها فِي بَيْتَيْنِ بِقَوْلِي:
(وَلَفظ الْقُنُوت اعدد مَعَانِيه تَجدهُ ... مزيدا على عشر مَعَاني مرضية)

(دُعَاء خشوع، وَالْعِبَادَة طَاعَة ... إِقَامَتهَا إقرارنا بالعبودية)

(سكُوت صَلَاة، وَالْقِيَام، وَطوله ... كَذَاك دوَام الطَّاعَة الرابح الْقنية)

وَابْن الْجَوْزِيّ ضعف هَذَا الحَدِيث،.

     وَقَالَ  فِي (الْعِلَل المتناهية: هَذَا حَدِيث لَا يَصح، فَإِن أَبَا جَعْفَر الرَّازِيّ اسْمه عِيسَى بن ماهان.
.

     وَقَالَ  ابْن الْمَدِينِيّ: كَانَ يخلط.
.

     وَقَالَ  يحيى: كَانَ يخطىء.
.

     وَقَالَ  أَحْمد: لَيْسَ بِالْقَوِيّ فِي الحَدِيث.
.

     وَقَالَ  أَبُو زرْعَة: كَانَ يهيم كثيرا.
.

     وَقَالَ  ابْن حبَان: كَانَ ينْفَرد بِالْمَنَاكِيرِ عَن الْمَشَاهِير، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فِي (شرح الْآثَار) ، وَسكت عَنهُ، إلاّ أَنه قَالَ: وَهُوَ معَارض بِمَا رُوِيَ عَن أنس، أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّمَا قنت شهرا على أَحيَاء من الْعَرَب، ثمَّ تَركه.
انْتهى.
قلت: ويعارضه أَيْضا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث غَالب بن فرقد الطَّحَّان، قَالَ: كنت عِنْد أنس بن مَالك شَهْرَيْن فَلم يقنت فِي صَلَاة الْغَدَاة، وَمَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْحسن فِي كِتَابه (الْآثَار) : أخبرنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: لم ير النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَانِتًا فِي الْفجْر حَتَّى فَارق الدُّنْيَا،.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ فِي (التَّحْقِيق) : أَحَادِيث الشَّافِعِيَّة على أَرْبَعَة أَقسَام، مِنْهَا مَا هُوَ مُطلق، وَأَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قنت.
وَهَذَا لَا نزاع فِيهِ، لِأَنَّهُ ثَبت أَنه قنت.
وَالثَّانِي: مُقَيّد بِأَنَّهُ قنت فِي صَلَاة الصُّبْح فَيحمل على فعله شهرا بأدلتنا.
وَالثَّالِث: مَا رُوِيَ عَن الْبَراء بن عَازِب، وَقد ذَكرْنَاهُ.
.

     وَقَالَ  أَحْمد: لَا يرْوى عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه قنت فِي الْمغرب إلاّ فِي هَذَا الحَدِيث.
وَالرَّابِع: مَا هُوَ صَرِيح فِي حجتهم نَحْو مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) ، وَقد ذَكرْنَاهُ، انْتهى.
قلت: كَيفَ تستدل الشَّافِعِيَّة بِهَذَا الحَدِيث وهم لَا يرَوْنَ الْقُنُوت فِي الْمغرب، فيعملون بِبَعْض الحَدِيث ويتركون بعضه، وَهَذَا تحكم.

وَقد أورد الْخَطِيب فِي كِتَابه الَّذِي صنفه فِي (الْقُنُوت) أَحَادِيث أظهر فِيهَا تعصبه.
فَمِنْهَا: مَا أخرجه عَن دِينَار بن عبد الله خَادِم أنس بن مَالك (عَن أنس، قَالَ: مَا زَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يقنت فِي صَلَاة الصُّبْح حَتَّى مَاتَ) .
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: وسكوته عَن الْقدح فِي هَذَا الحَدِيث واحتجاحه بِهِ وقاحة عَظِيمَة وعصبية بَارِدَة وَقلة دين، لِأَنَّهُ يعلم أَنه بَاطِل.
.

     وَقَالَ  ابْن حبَان: دِينَار يروي عَن أنس أَشْيَاء مَوْضُوعَة لَا يحل ذكرهَا فِي الْكتب إلاّ على سَبِيل الْقدح فِيهَا، فواعجبا للخطيب، أما سمع فِي الصَّحِيح: (من حدث عني حَدِيثا وَهُوَ يرى أَنه كذب فَهُوَ أحد الْكَذَّابين؟) وَهل مثله إلاّ مثل من أنْفق بهرجا ودلسه فَإِن أَكثر النَّاس لَا يعْرفُونَ الصَّحِيح من السقيم، وَإِنَّمَا يظْهر ذَلِك للنقاد، فَإِذا أورد الحَدِيث مُحدث وَاحْتج بِهِ حَافظ لم يَقع فِي النُّفُوس إلاّ أَنه صَحِيح؟ وَلَكِن عصبيته حَملته على هَذَا، وَمن نظر فِي كِتَابه الَّذِي صنفه فِي (الْقُنُوت) ، وَكتابه الَّذِي صنفه فِي (الْجَهْر بالبسملة) وَمَسْأَلَة العتم، واحتجاجه بالأحاديث الَّتِي يعلم بُطْلَانهَا، اطلع على فرط عصبيته وَقلة دينه، ثمَّ ذكر لَهُ أَحَادِيث أُخْرَى كلهَا عَن أنس: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم يزل يقنت فِي الصُّبْح حَتَّى مَاتَ، وَطعن فِي أسانيدها.

وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ حكم الْقُنُوت فِي الْمغرب؟ قلت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تَارَة يقنت فِي جَمِيع الصَّلَوَات وَتارَة فِي طرفِي النَّهَار، لزِيَادَة شرف وقتهما حرصا على إِجَابَة الدُّعَاء حَتَّى نزل: { لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} (آل عمرَان: 821) .
فَترك إلاّ فِي الصُّبْح، كَمَا روى أنس أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم يزل يقنت فِي الصُّبْح حَتَّى فَارق الدُّنْيَا.
انْتهى.
قلت: قَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد حَدثنَا الْمقدمِي حَدثنَا أَبُو معشر حَدثنَا أَبُو حَمْزَة عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود، قَالَ: (قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا يَدْعُو على عصبَة وذكوان، فَلَمَّا ظهر عَلَيْهِم ترك الْقُنُوت، وَكَانَ ابْن مَسْعُود لَا يقنت فِي صلَاته) .
ثمَّ قَالَ: فَهَذَا ابْن مَسْعُود يخبر أَن قنوت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كَانَ إِنَّمَا كَانَ من أجل من كَانَ يَدْعُو عَلَيْهِ، وَأَنه قد كَانَ ترك ذَلِك، فَصَارَ الْقُنُوت مَنْسُوخا فَلم يكن هُوَ من بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقنت، وَكَانَ أحد من روى أَيْضا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن عمر، ثمَّ أخْبرهُم أَن الله عز وَجل نسخ ذَلِك حِين أنزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: { لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} (آل عمرَان: 821) .
الْآيَة، فَصَارَ ذَلِك عَن ابْن عمر مَنْسُوخا أَيْضا، فَلم يكن هُوَ يقنت بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ يُنكر على من كَانَ يقنت، وَكَانَ أحد من روى عَنهُ الْقُنُوت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، فَأخْبر فِي حَدِيثه بِأَن مَا كَانَ يقنت بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دُعَاء على من كَانَ يَدْعُو عَلَيْهِ، وَأَن الله عز وَجل نسخ ذَلِك بقوله: { لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} (آل عمرَان: 821) .
الْآيَة، فَفِي ذَلِك أَيْضا وجوب ترك الْقُنُوت فِي الْفجْر.
انْتهى.
فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك، فَمن أَيْن للكرماني حَيْثُ يَقُول: إلاّ فِي الصُّبْح؟ والْحَدِيث الَّذِي اسْتدلَّ بِهِ على ذَلِك لَا يفِيدهُ؟ لأَنا قد ذكرنَا أَن الْقُنُوت يَأْتِي لمعان كَثِيرَة مِنْهَا: الطول فِي الصَّلَاة،.

     وَقَالَ  صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت) .
فَإِن قلت: قد ثَبت عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يقنت فِي الصُّبْح بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَكيف تكون الْآيَة ناسخة لجملة الْقُنُوت؟ وَكَذَا أنكر الْبَيْهَقِيّ ذَلِك، فَبسط فِيهِ كلَاما فِي (كتاب الْمعرفَة) فَقَالَ: وَأَبُو هُرَيْرَة أسلم فِي غَزْوَة خَيْبَر وَهُوَ بعد نزُول الْآيَة بِكَثِير، لِأَنَّهَا نزلت فِي أحد، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يقنت فِي حَيَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعد وَفَاته؟ قلت: يحْتَمل أَن أَبَا هُرَيْرَة لم يكن علم نزُول هَذِه الْآيَة، فَكَانَ يعْمل على مَا علم من فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقنوته إِلَى أَن مَاتَ، لِأَن الْحجَّة لم تثبت عِنْده بِخِلَاف ذَلِك، أَلا ترى أَن عبد الله بن عمر وَعبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، لما علما بنزول الْآيَة وعلما كَونهَا ناسخة لما كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله تركا الْقُنُوت؟ وَعَن إِبْرَاهِيم بِسَنَد صَحِيح: أَنه لَا يقنت فِي صَلَاة الصُّبْح، وَعَن عَمْرو بن مَيْمُون وَالْأسود أَن عمر بن الْخطاب لم يقنت فِي الْفجْر، وَكَانَ ابْن عَبَّاس وَابْن عمر لَا يقنتان فِيهِ، وَكَذَلِكَ ابْن الزبير وجده أَبُو بكر الصّديق وَسَعِيد بن جُبَير وَإِبْرَاهِيم.
.

     وَقَالَ  الشّعبِيّ: إِنَّمَا جَاءَ الْقُنُوت فِي الْفجْر من قبل الشَّام، وَعَن ابْن عمر وطاووس: الْقُنُوت فِي الْفجْر بِدعَة، وَقد ذَكرْنَاهُ فِيمَا مضى، وَبِه قَالَت جمَاعَة، وروى التِّرْمِذِيّ (عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه عمر، قَالَ: صليت خلف النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلم يقنت، وَخلف أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي فَلم يقنتوا، يَا بني إِنَّه مُحدث) .
وَزَاد ابْن مَنْدَه فِي (كتاب الْقُنُوت) : رَوَاهُ جمَاعَة من الثِّقَات عَن أبي مَالك، وَاسم أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ: سعد بن طَارق بن أَشْيَم،.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم، والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا.
وروى الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَاس: الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح بِدعَة، وَفِي سَنَده أَبُو ليلى عبد الله بن ميسرَة.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: مَتْرُوك، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة بشر بن حَرْب، قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يَقُول: أَرَأَيْت قيامهم عِنْد فرَاغ القاريء من السُّورَة بِهَذَا الْقُنُوت؟ إِنَّهَا لبدعة مَا فعلهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ،.

     وَقَالَ  بشر بن حَرْب: ضَعِيف.
قلت: وَثَّقَهُ أَيُّوب، وَمَشاهُ ابْن عدي، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة وَالْأسود (عَن عبد الله ابْن مَسْعُود، قَالَ: مَا قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء من صلَاته إلاّ فِي الْوتر، وَإنَّهُ كَانَ إِذا حَارب يقنت فِي الصَّلَوَات كُلهنَّ يَدْعُو على الْمُشْركين، وَلَا قنت أَبُو بكر وَلَا عمر وَلَا عُثْمَان حَتَّى مَاتُوا، وَلَا قنت عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حَتَّى حَارب أهل الشَّام، وَكَانَ يقنت فِي الصَّلَوَات كُلهنَّ، وَكَانَ مُعَاوِيَة يَدْعُو عَلَيْهِ أَيْضا، يَدْعُو كل وَاحِد مِنْهُمَا على الآخر) .
.

     وَقَالَ  شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله: ابْن مَسْعُود لم يدْرك محاربة عَليّ أهل الشَّام، وَلَا موت عُثْمَان، فَإِنَّهُ مَاتَ فِي زمن عُثْمَان.
قلت: يحْتَمل أَن يكون قَوْله: وَلَا عُثْمَان إِلَى آخِره من كَلَام إِبْرَاهِيم أَو من عَلْقَمَة أَو من الْأسود، وروى ابْن مَاجَه من حَدِيث أم سَلمَة، قَالَت: (نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْقُنُوت فِي الْفجْر) .
وَقد ذكرنَا أَن الطَّحَاوِيّ قد روى حَدِيث ابْن مَسْعُود، وَذكر فِيهِ أَن مَا رُوِيَ من الْقُنُوت فِي الصَّلَوَات مَنْسُوخ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يعلى الْموصِلِي، وَأَبُو بكر الْبَزَّار، وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) وَالْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة شريك عَن أبي حَمْزَة الْأَعْوَر عَن إِبْرَاهِيم (عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله، قَالَ: قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا يَدْعُو على عصية وذكوان، فَلَمَّا ظهر عَلَيْهِم ترك الْقُنُوت) .
.

     وَقَالَ  الْبَزَّار فِي رِوَايَته: (لم يقنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاّ شهرا وَاحِدًا، لم يقنت قبله وَلَا بعده) .
.

     وَقَالَ : لَا نعلم روى هَذَا الْكَلَام عَن أبي حَمْزَة إلاّ شريك.
قلت: بل قد رَوَاهُ عَنهُ أَيْضا أَبُو معشر يُوسُف بن يزِيد بِاللَّفْظِ الأول رَوَاهُ أَبُو معِين أَيْضا،.

     وَقَالَ  الشَّيْخ زين الدّين: وَأَبُو معشر الْبَراء، وَإِن احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ، فقد ضعفه ابْن معِين، وَأَبُو دَاوُد، وَأَبُو حَمْزَة الْأَعْوَر القصاب اسْمه: مَيْمُون، ضَعِيف.
انْتهى.
قلت: مَا انصف الشَّيْخ هَهُنَا حَيْثُ أَشَارَ بِكَلَامِهِ إِلَى تَضْعِيف الحَدِيث الْمَذْكُور لأجل مذْهبه، فَإِذا ضعف هَذَا الحَدِيث بِأبي معشر الَّذِي احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ لَا يبْقى فِي (الصَّحِيحَيْنِ) حَدِيث مُتَّفق على صِحَّته إلاّ شَيْء يسير، وَكم من حَدِيث فيهمَا ضعف ابْن معِين أحد رُوَاته، وَكَذَلِكَ غير ابْن معِين، وَمَعَ هَذَا لم يلتفتوا إِلَى ذَلِك، فَكَذَلِك هَذَا.
وَأَبُو حَمْزَة قد روى عَن التَّابِعين الْكِبَار مثل: الْحسن وَسَعِيد بن الْمسيب وَالشعْبِيّ وَإِبْرَاهِيم وَغَيرهم، وروى عَنهُ مثل: الثَّوْريّ والحمادان وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، وَهُوَ من أقرانه، وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ.
.

     وَقَالَ : تكلم فِيهِ من قبل حفظه،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِقَوي يكْتب حَدِيثه، وَكَذَلِكَ طعن الشَّيْخ فِي حَدِيث أم سَلمَة الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن قريب.
قَالَ: وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَضَعفه، لِأَن ابْن مَاجَه رَوَاهُ من رِوَايَة مُحَمَّد بن يعلى عَن عَنْبَسَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله بن نَافِع عَن أَبِيه عَن أم سَلمَة، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَؤُلَاءِ ضعفاء وَلَا يَصح لنافع سَماع من أم سَلمَة.
قلت: مُحَمَّد بن يعلى وَثَّقَهُ أَبُو كريب، وَلما رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) قَالَ: لَا يرْوى عَن أم سَلمَة إلاّ بِهَذَا الْإِسْنَاد تفرد بِهِ مُحَمَّد بن يعلى، وَأما أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَإِنَّهَا مَاتَت فِي شَوَّال سنة تسع وَخمسين، وَنَافِع مَاتَ سنة سِتّ عشرَة وَمِائَة، حَكَاهُ النَّسَائِيّ عَن هَارُون بن حَاتِم.
.

     وَقَالَ  الشَّيْخ أَيْضا: قَالَ أَكثر السّلف وَمن بعدهمْ أَو كثير مِنْهُم اسْتِحْبابُُ الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح، سَوَاء نزلت نازلة أم لم تنزل، ثمَّ عد مِنْهُم: أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وعليا وَأَبا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأَبا هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس والبراء بن عَازِب، وعد من التَّابِعين: الْحسن الْبَصْرِيّ وَحميد الطَّوِيل وَالربيع بن خَيْثَم وَزِيَاد بن عُثْمَان وَسَعِيد بن الْمسيب وسُويد بن غَفلَة وطاووسا وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَعبيدَة السَّلمَانِي وَعبيد بن عُمَيْر وَعُرْوَة بن الزبير وَأَبا عُثْمَان النَّهْدِيّ، وعد من الْأَئِمَّة: مَالِكًا وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن أبي ليلى وَالْحسن بن صَالح وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز، فَقِيه أهل الشَّام، وَمُحَمّد بن جرير الطَّبَرِيّ وَدَاوُد.
قلت: قد ذكرنَا فِيمَا مضى أَن أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي ابْن أبي طَالب وَابْن عَبَّاس وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عمر وَعبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وَعبد الله بن الزبير وَأَبا مَالك الْأَشْجَعِيّ لم يَكُونُوا يقنتون وَلَا رَأَوْا الْقُنُوت فِي الصَّلَوَات، وَقد ذكرنَا عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس: أَن الْقُنُوت فِي الصُّبْح بِدعَة، وَقد ذكرنَا أَن ابْن عمر كَانَ يُنكر على من يقنت، وَقد ذكرنَا من التَّابِعين الَّذين لَا يرَوْنَ الْقُنُوت: عَمْرو بن مَيْمُون وَالْأسود وَالشعْبِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَإِبْرَاهِيم وطاووسا حَتَّى قَالَ طَاوُوس: الْقُنُوت فِي الْفجْر بِدعَة، وَحكي عَن الزُّهْرِيّ أَيْضا، وَمن الْأَئِمَّة الَّذينلَا يرَوْنَ بِهِ الإِمَام أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَعبد الله بن الْمُبَارك وَأحمد وَإِسْحَاق وَاللَّيْث بن سعد.
فَإِن قلت: فِيمَا ذكرت إِثْبَات وَنفي، فَإِذا تَعَارضا قدم الْمُثبت على النَّافِي؟ قلت: نَحن لَا نقُول: إِن هَهُنَا تَعَارضا حَتَّى نعمل بالمثبت، بل ندعي النّسخ كَمَا ذكرنَا وَجهه، وَمِمَّنْ قَالَ بالنسخ هَهُنَا الزُّهْرِيّ، وَالله تَعَالَى أعلم.