هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
626 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ ، فَيُحْطَبَ ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ ، فَيُؤَذَّنَ لَهَا ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ ، أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا ، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ ، لَشَهِدَ العِشَاءَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
626 حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب ، فيحطب ، ثم آمر بالصلاة ، فيؤذن لها ، ثم آمر رجلا فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال ، فأحرق عليهم بيوتهم ، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم ، أنه يجد عرقا سمينا ، أو مرماتين حسنتين ، لشهد العشاء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ ، فَيُحْطَبَ ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ ، فَيُؤَذَّنَ لَهَا ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ ، أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا ، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ ، لَشَهِدَ العِشَاءَ .

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, By Him in Whose Hand my soul is I was about to order for collecting firewood (fuel) and then order Someone to pronounce the Adhan for the prayer and then order someone to lead the prayer then I would go from behind and burn the houses of men who did not present themselves for the (compulsory congregational) prayer. By Him, in Whose Hands my soul is, if anyone of them had known that he would get a bone covered with good meat or two (small) pieces of meat present in between two ribs, he would have turned up for the `Isha' prayer.'

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف تنیسی نے بیان کیا ، کہا کہ ہمیں امام مالک نے ابوالزناد سے خبر دی ، انھوں نے اعرج سے ، انھوں نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے کہرسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اس ذات کی قسم جس کے ہاتھ میں میری جان ہے میں نے ارادہ کر لیا تھا کہ لکڑیوں کے جمع کرنے کا حکم دوں ۔ پھر نماز کے لیے کہوں ، اس کے لیے اذان دی جائے پھر کسی شخص سے کہوں کہ وہ امامت کرے اور میں ان لوگوں کی طرف جاؤں ( جو نماز باجماعت میں حاضر نہیں ہوتے ) پھر انہیں ان کے گھروں سمیت جلا دوں ۔ اس ذات کی قسم جس کے ہاتھ میں میری جان ہے اگر یہ جماعت میں نہ شریک ہونے والے لوگ اتنی بات جان لیں کہ انہیں مسجد میں ایک اچھے قسم کی گوشت والی ہڈی مل جائے گی یا دو عمدہ کھر ہی مل جائیں گے تو یہ عشاء کی جماعت کے لیے مسجد میں ضرور حاضر ہو جائیں

شرح الحديث من

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    [644] حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن يوسف: أنا مَالِك، عَن أَبِي الزناد، عَن الأعرج، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أن رَسُول الله - رضي الله عنه - قَالَ: ( ( والذي نفسي بيده، لَقَدْ هممت بحطب [يجمع] ليحتطب، ثُمَّ آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثُمَّ آمررجلاً فيؤم النَّاس، ثُمَّ أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، فوالذي نفسي بيده، لَوْ يعلم أحدهم أَنَّهُ يجد عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء) ) .
قَالَ ابن عَبْد البر: قوله: ( ( لَقَدْ هممت أن آمر بخطب ليحطب) ) أي: يجمع.
والعرق، المراد بِهِ: بضعة اللحم السمين عَلَى عظمة.
والمرماتان، قيل: هما السهمان.
وقيل: هما حديدتان من حدائد كانوا يلعبون بهما، وهي ملس كالأسنة، كانوا يثبتونها فِي الأكوام والأغراض، ويقال لها - فيها زعم بعضهم -: المداحي.
قَالَ أبو عُبَيْدِ: يقال: إن المرماتين ظلفا الشاة.
قَالَ: وهذا حرف لا أدري مَا وجهه، إلا أن هَذَا تفسيره.
ويروى المرماتين - بكسر الميم وفتحها -: ذكره الأخفش.
وذكر العرق والمرماتين عَلَى وجه ضرب المثال بالأشياء التافهة الحقيرة من الدنيا، وَهُوَ توبيخ لمن رغب عَن فضل شهود الجماعة للصلاة، مَعَ أَنَّهُ لَوْ طمع فِي إدراك يسير من عرض الدنيا لبادر إليه، ولو نودي إلى ذَلِكَ لأسرع الإجابة إليه، وَهُوَ يسمع منادي الله فلا يجيبه.
قَالَ الخطابي: وقوله: ( ( حسنتين) ) لا أدري عَلَى أي شيء يتأول معنى الْحَسَن فيهما، إلا عَلَى تأويل من فسر المرماة بظلف الشاة.
ثُمَّ ذكر عَنالمبرد، أَنَّهُ قَالَ: الْحَسَن والحسن العظيم الَّذِي فِي المرفق مِمَّا يلي البطن.
والقبح والقبيح العظم الَّذِي فِي المرفق مِمَّا يلي المرفق.
قَالَ: فلعله شبه أحد العظمين بالآخر - أعني المرماة - والعظم الَّذِي فِي المرفق مِمَّا يلي البطن.
قَالَ: وَهُوَ شيء لا أحق ولا اثق بِهِ.
انتهى.
قُلتُ: وقد قَالَ بعضهم: ان الرواية ( ( خشبتين) ) بالخاء والشين المعجمتين والباء الموحدة، وَهُوَ غلط وتصحيف.
والذي يظهر - والله أعلم - ان النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخرج هَذَا الكلام مخرج تعظيم شهور العشاء فِي جماعة، والتنويه بفضله وشرفه ونفاسته، والنفوس مجبولة عَلَى محبة الأشياء الحسنة الشريفة النفيسة، والميل إليها، فوبخ من لَوْ طمع فِي وجود قطعة من لحم سمينة أو مرماتين حسنتين، وهما من ادنى الأشياء الدنيوية لبادر الى الخروج إليها، وشهد العشاء لذلك، وَهُوَ يتخلف عَن شهود العشاء فِي الجماعة مَعَ فضل الجماعة عِنْدَ الله، وعظم فضل الجماعة مَا يدخره لمن شهدها عنده من جميل الجزاء وجزيل العطاء، فيكون مَا يعجل لَهُ وإن كَانَ يسيراً من أمور الدنيا المستحسنة عنده مِمَّا يأكله أو يلهو بِهِ أهم عنده من ثواب الله الموعود بِهِ.
ويشبه هَذَا: قَوْلِ الله تعالى: { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة:11] ، فإنه توبيخ لمن ترك الجمعة أو اشتغل عَنْهَا بالتجارة أو باللهو.
وهذا الحَدِيْث: ظاهر فِي وجوب شهود الجماعة فِي المساجد، وإجابةالمنادي بالصلاة؛ فإن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر أَنَّهُ هم بتحريق بيوت المتخلفين عَن الجماعة، ومثل هذه العقوبة الشديدة لا تكون إلا عَلَى ترك واجبٍ.
وقد اعترض المخالفون فِي وجوب الجماعة عَلَى هَذَا الاستدلال، وأجابوا عَنْهُ بوجوهٍ.
مِنْهَا: حمل هَذَا الوعيد عَلَى الجمعة خاصة.
واستدلوا عَلِيهِ بما فِي ( ( صحيح مُسْلِم) ) عَن ابن مَسْعُود، ان النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لقوم يتخلفون عَن الجمعة: ( ( لَقَدْ هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثُمَّ أحرق عَلَى رجال يتخلفون عَن الجمعة) ) .
ومنها: أَنَّهُ أراد تحريق بيوت المنافقين لنفاقهم؛ ولهذا قَالَ ابن مَسْعُود: ولقد رأيتنا وما يتخلف عَنْهَا إلا منافق معلوم نفاقه، وقد سبق ذكره.
والمنافق إذا تخلف عَن الصلاة مَعَ المُسْلِمِين لا يصلي فِي بيته بالكلية، كما أخبر الله عنهم، أنهم { يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} [النِّسَاء: 142] .
وهذا التأويل عَن الشَّافِعِيّ وغيره.
ومنها: أَنَّهُ لَمْ يفعل التحريق، وإنما توعد بِهِ.
وقد ذهب قوم من العلماء الى جواز أن يهدد الحَاكِم رعيته بما لا يفعله بهم، واستدل بعضهم لذلك بما أخبر بِهِ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن سُلَيْمَان، أَنَّهُ قَالَ حِينَ اختصمت إليه المراتان في الولد: ( ( ايتوني بالسكين حَتَّى أشقه) ) ، ولم يرد فعل ذَلِكَ، إنما قصد بِهِ التوصل الى معرفة أمه منهما بظهور شفقتها ورقتها عَلَى ولدها.
والجواب: أَنَّهُ لا يصح حمل الحَدِيْث عَلَى شيء من ذَلِكَ.
أما حمله عَلَى الجمعة وحدها فغير صحيح.
وفي ذكر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شهود العشاء فِي تمام الحَدِيْث مَا يدل عَلَى ان صلاة العشاء الموبخ عَلَى ترك شهودها هِيَ المراد.
وقد روي ذَلِكَ عَن سَعِيد بْن المُسَيِّب، وأنها داخلة فِي عموم الصلاة؛ فإن الاسم المفرد المحلي بالألف واللام يعم، كما فِي قوله تعالى: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] ، وهذا قَوْلِ جماعة من العلماء.
وقد جَاءَ التصريح بالتحريق عَلَى من تخلف عَن صلاة العشاء.
فروى الحميدي عَن سُفْيَان: ثنا أبو الزناد، عَن الأعرج، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( لَقَدْ هممت أن أقيم الصلاة صلاة العشاء، ثُمَّ آمر فتياني فيخالفوا الى بيوت أقوام يتخلفون عَن صلاة العشاء، فيحرقون عليهم بحزم الحطب) ) - وذكر بقية الحَدِيْث.
وروى ابن أَبِي ذئب، عَن عجلان مَوْلَى المشمعل، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( لينتهين رجال ممن حول المسجد، لا يشهدون العشاء الآخرة فِي الجمع، أو لأحرقن حول بيوتهم بحزم الحطب) ) .
خرجه الإمام أحمد.
وخرج - أيضاً - من حَدِيْث أَبِي معشر، عَن سَعِيد المقبري، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( لولا مَا فِي البيوت من النِّسَاء والذرية أقمت صلاة العشاء، وأمرت فتياني يحرقون مَا فِي البيوت بالنار) ) .
وروى عاصم، عَن أَبِي صالح، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أخر رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة العشاء حَتَّى تهور الليل وذهب ثلثه أو قريباً مِنْهُ، ثُمَّ خرج الى المسجد، فإذا النَّاس عزون، وإذا هم قليل، فغضب غضباً مَا أعلم اني رأيته غضب غضباً قط أشد مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ( ( لَوْ ان رجلاً نادى النَّاس الى عرق أو مرماتين أتوه لذلك [ولم يتخلفوا] ، وهم يتخلفون عَن هذه الصلاة، لَقَدْ هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثُمَّ اتتبع هذه الدور الَّتِيْ تخلف أهلوها عَن هذه الصلاة، فأحرقها عليهم بالنيران) ) .
وورد التصريح بأن العقوبة عَلَى ترك الجماعة دون الجمعة.
خرجه الطبراني فِي ( ( أوسطه) ) : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْم - هُوَ ابن هاشم البغوي -: ثنا حوثرة بْن أشرس: ثنا حماد بْن سَلَمَة، عَن ثابت، عَن أنس، ان النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ( ( لَوْ ان رجلاً دعا النَّاس الى عرق أو مرماتين لأجابوه، وهم يدعون الى هذه الصلاة فِي جماعة فلا يأتونها، لَقَدْ هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس فِي جماعة، ثُمَّ أنصرف إلى قوم سمعوا النداء، فَلَمْ يجيبوا فأضرمها عليهم ناراً؛ فإنه لا يتخلف عَنْهَا إلا منافق) ) .
حوثرة، ضَعِيف -: قَالَ ابن نقطة فِي ( ( تكملة الإكمال) ) .
وأما ذكر الجمعة فِي حَدِيْث ابن مَسْعُود، فلا يدل عَلَى اختصاها بذاك؛ فإنه كما هم أن يحرق عَلَى المتخلف عَن الجمعة فَقَدْ هم أن يحرق عَلَى المتخلف عَن العشاء.
وقد قيل إنه عبر بالجمعة عَن الجماعة للاجتماع لها.
قَالَ البيهقي: هَذَا هُوَ الَّذِي عَلِيهِ سائر الرواة.
واستدل بما خرجه من ( ( سنن أَبِي داود) ) عَن يزيد بْن يزيد، عَن يزيد بْن الأصم، قَالَ: [سَمِعْت أبا هُرَيْرَةَ يَقُول] : سَمِعْت رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول: ( ( لَقَدْ هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزماً من حطبٍ، ثُمَّ آتي قوماً يصلون فِي بيوتهم، ليس بهم علة فأحرقها عليهم) ) .
قيل ليزيد بْن الأصم: الجمعة عنى أو غيرها؟ فَقَالَ: صمتا أذناي إن لَمْ أكن سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يأثره عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مَا ذكر جمعة ولا غيرها.
وخرجه - أيضاً - من طريق معمر، عَن جَعْفَر بْن برقان، عَن يزيد بْن الأصم مختصراً، وفي حديثه: ( ( لا يشهدون الجمعة) ) .
وهذه الرواية، أو أَنَّهُ اراد بالجمعة الجماعة، كما قَالَ البيهقي؛ فإن مسلماً خرجه من طريق وكيع، عَن جَعْفَر بْن برقان،.

     وَقَالَ  فِي حديثه: ( ( لا يشهدو الصلاة) ) .
ورواية أَبِي داود صريحة فِي أن التحريق عقوبة عَلَى المتخلف عَن الجماعة.
وإن صلى المتخلف فِي بيته.
وأما دعوى أن التحريق كَانَ للنفاق فهو غير صحيح؛ فإن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -صرح بالتعليل بالتخلف عَن الجماعة، ولكنه جعل ذَلِكَ من خصال النفاق، وكل مَا كَانَ علماً عَلَى النفاق فهو محرم.
وفي حَدِيْث أَبِي زرارة الأنصاري، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( من سَمِعَ النداء ثلاثاً فَلَمْ يجب كتب من المنافقين) ) .
وإسناده صحيح؛ لكن أبو زرارة، قَالَ أبو الْقَاسِم البغوي: لا أدري أله صحبة أم لا؟ وخرج الإمام أحمد من رِوَايَة ابن لهيعة، عَن زبان بْن فائد، عَن سَهْل بْن معاذ بْن أنس، عَن أبيه، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( الجفاء كل الجفاء، والكفر والنفاق من سَمِعَ منادي الله ينادي بالصلاة ويدعو بالفلاح فلا يجيبه) ) .
ورواه رشدين بْن سعد، عَن زبان.
قَالَ الحافظ أبو موسى: رواه جماعة عَن زبان، وتابعه عَلِيهِ يزيد بْن أَبِي حبيب.
وَقَالَ النخعي: كفى علماً عَلَى النفاق أن يكون الرَّجُلُ جار المسجد، لا يرى فِيهِ.
وقد كَانَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعلم نفاق خلق من المنافقين ولا يعاقبهم عَلَى نفاقهم، بل يكل سرائرهم إلى الله، ويعاملهم معاملة المُسْلِمِين فِيالظاهر، ولا يعاقبهم إلا عَلَى ذنوب تظهر منهم، فَلَمْ تكن العقوبة بالتحريق إلا عَلَى الذنب الظاهر، وَهُوَ التخلف عَن شهود الصلاة فِي المسجد، لا عَلَى النفاق الباطن.
وأما دعوى أن ذَلِكَ كَانَ تخويفاً وإرهابا مِمَّا لا يجوز فعله، فَقَدْ اختلف فِي جواز ذَلِكَ.
فروي جوازه عَن طائفة من السلف، منهم: عَبْد الحميد بْن عَبْد الرحمن عامل عُمَر بْن عَبْد العزيز عَلَى الكوفة، وميمون بْن مهران، وروي - أيضاً - عن عُمَر بْن الخَطَّاب من وجه منقطع ضَعِيف، وعن عَلِيّ بْن أَبِي طالب.
وأنكر ذَلِكَ عُمَر بْن عَبْد العزيز وتغيظ عَلَى عَبْد الحميد لما فعله،.

     وَقَالَ : إن خصلتين خيرهما الكذب لخصلتا سوءٍ.
وقد ذكر هذه الآثار عُمَر بْن شبة البصري فِي ( ( كِتَاب أدب السلطان) ) .
وبكل حال؛ فليس مَا ذكره النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من التحريق من هَذَا فِي شيء؛ لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر بأنه هم، وأنما يهم بما يجوز لَهُ فعله، والتخويف يكون عِنْدَ من أجازه بما لا يجوز فعله ولا الهم بفعله، فتبين أَنَّهُ ليس من التخويف فِي شيء، وإنما امتنع من التحريق لما فِي البيوت من النِّسَاء والذرية وهم الأطفال، كما فِي الرواية الَّتِيْ خرجها الإمام أحمد، وهم لا يلزمون شهود الجماعة؛ فإنها لا تجب عَلَى امرأة ولا طفل، والعقوبة إذا خشي أن تتعدى إلى من لا ذنب لَهُ امتنعت، كما يؤخرالحد عَن الحامل إذا وجب عَلَيْهَا حَتَّى تضع حملها.
فإن زعم زاعم أن التحريق منسوخ؛ لأنه من العقوبات المالية، وقد نسخت، وربما عضل ذَلِكَ بنهي النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن التحريق بالنار.
قيل لَهُ: دعوى نسخ العقوبات المالية بإتلاف الأموال لا تصح، والشريعة طافحة بجواز ذَلِكَ، كأمره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتحريق الثوب المعصفر بالنار، وأمره بتحريق متاع الغال، وأمره بكسر القدور الَّتِيْ طبخ فيها لحوم الحمر الأهلية، وحرق عُمَر بيت خمار.
ونص عَلَى جواز تحريق بيت الخمار أحمد وإسحاق -: نقله عنهما ابن منصور فِي ( ( مسائله) ) ، وَهُوَ قَوْلِ يَحْيَى بْن يَحْيَى الأندلسي، وذكر أن بعض أصحابه نقله عَن مَالِك، واختاره ابن بطة من أصحابنا.
وروي عَن عَلِيّ - أيضاً - وروي عَنْهُ أَنَّهُ أنهب ماله.
وعن عُمَر، قَالَ فِي الَّذِي يبيع الخمر: كسورا كل آنية لَهُ، وسيروا كل ماشية لَهُ.
خرجه وكيع فِي ( ( كتابه) ) .
وأما نهيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن التحريق بالنار، فإنما أراد بِهِ تحريق النفوس وذوات الأرواح.
فإن قيل: فتحريق بيت العاصي يؤدي إلى تحريق نفسه، وَهُوَ ممنوع.
قيل: إنما يقصد بالتحريق دارهُ ومتاعهُ، فإن أتى عَلَى نفسه لَمْ يكن بالقصد، بل تبعاً، كما يجوز تبييتُ المشركين وقتلهم ليلاً، وقد أتى القتلعَلَى ذراريهم ونسائهم.
وقد سئل النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن ذَلِكَ، فَقَالَ: ( ( هم منهم) ) .
وهذا مِمَّا يحسن الاستدلال بِهِ عَلَى قتل تارك الصلاة؛ فإنه إذا جازت عقوبة تارك الجماعة فِي ماله وإن تعدت إلى نفسه بالهلاك، فقتل من ترك الصلاة بالكلية أولى بالجواز، فلا جرم كَانَ قتله واجباً عِنْدَ جمهور العلماء.
وفي الحَدِيْث: دليل عَلَى أَنَّهُ إنما يعاقب تارك الصلاة أو بعض واجباتها فِي حال إخلاله بِهَا، لا بعد ذَلِكَ؛ فإن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما أراد عقوبتهم فِي حال التخلف، وقد كَانَ يمكنه أن يؤخر العقوبة حَتَّى يصلي وتنقضي صلاته.
وهذا يعضد قَوْلِ من قَالَ من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم: إن تارك الصلاة لا يقتل حَتَّى يدعى إلى الصلاة، ويصر عَلَى تركها حَتَّى يضيق وقت الأخرى، ليكون قتله عَلَى الترك المتلبس بِهِ فِي الحال.
وفي الحَدِيْث - أيضاً - أن الإمام لَهُ أن يؤخر الصلاة عَن أول الوقت لمصلحة دينية، ولكنه يستخلف من يصلي بالناس فِي أول الوقت؛ لئلا تفوتهم فضيلة أول الوقت.
وفيه - أيضاً -: أن إنكار المنكر فرض كفاية، وأنه إذا قام اكتفى بذلك، ولا يلزم جميع النَّاس الاجتماع عَلِيهِ؛ فإنه لَوْ كَانَ كذلك لأخذ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ جميع النَّاس.
30 - بَابُ فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَةِ وكان الأسود إذا فاتته الجماعة ذهب إلى مسجد آخر.
وجاء أنس إلى مسجد قَدْ صلي فِيهِ، فأذن وأقام، وصلى جماعة.
هاهنا مسألتان: إحداهما: أن من فاتته الجماعة فِي مسجد لَمْ يجد فِيهِ جماعةً، فإنه يذهب إلى مسجد آخر لتحصيل الجماعة، كما فعله الأسود.
وَقَالَ حماد بْن زيد: كَانَ ليث بْن أبي سليم إذا فاتته الصلاة فِي مسجد حيه اكترى حماراً، فطاف عَلِيهِ المساجد حَتَّى يدرك جماعةً.
ونص الإمام أحمد عَلَى أن من فاتته الجماعة فِي مسجد حيه أَنَّهُ يذهب إلى مسجد آخر ليدرك الجماعة.
قَالَ: وإن فاتته تكبيرة الإحرام مَعَ الإمام فِي مسجد حية صلى معهم، ولم يذهب إلى مسجد آخر لإدراك تكبيرة الإحرام مَعَ إمامه.
وحكى عَن هشيم، أَنَّهُ كَانَ يذهب إلى مسجد آخر لإدراك تكبيرة الإحرام مَعَ الإمام.
ومذهب مَالِك: أن من وجد مسجداً قَدْ جمع أهله، فإن طمع بإدراك جماعة فِي مسجد غيره خرج إليها، وإن كانوا جماعةً فلا بأس أنيخرجوا فيجمعوا كراهة إعادة الجماعة عندهم فِي المسجد، كما سيأتي.
واستثنوا من ذَلِكَ المسجد الحرام ومسجد النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومسجد بيت المقدس، فقالوا: يصلوا فيها أفذاذاً، هُوَ أعظم لأجورهم من الجماعة خارج المسجد -: ذكره فِي ( ( تهذيب المدونة) ) .
المسألة الثانية: أن من دَخَلَ مسجداً قَدْ صلي فِيهِ جماعة، فإنه يصلى فِيهِ جماعة مرة ثانية، صح ذَلِكَ عَن أنس بْن مَالِك، كما علقه عَنْهُ البخاري، واحتج بِهِ الإمام أحمد.
وَهُوَ من رِوَايَة الجعد أَبِي عُثْمَان، أَنَّهُ رأى أَنَس بْن مَالِك دَخَلَ مسجداً قَدْ صلي فِيهِ، فأذن وأقام وصلى بأصحابه.
وقد رواه غير واحد من الثقات، عَن الجعد، وخرجه عَبْد الرزاق والأثرام وابن أَبِي شيبة والبيهقي وغيرهم فِي ( ( تصانيفهم) ) من طرق متعددة عَن الجعد.
وقد روي عَن أَنَس من وجه آخر؛ وأنه رَوَى فِي ذَلِكَ حديثاً مرفوعاً.
خرجه ابن عدي من طريق عباد بْن منصور، قَالَ: رأيت أَنَس بْن مَالِك دَخَلَ مسجداً بعد العصر، وقد صلى القوم، ومعه نفر من أصحابه، فأمهم، فلما انفتل قيل لَهُ: أليس يكره هَذَا؟ فَقَالَ: دَخَلَ رَجُل المسجد، وقد صلى رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفجر، فقام قائماً ينظر، فَقَالَ: ( ( مَالِك؟) ) قَالَ: أريد أن أصلي، فَقَالَ: ( ( أما رَجُل يصلي مَعَ هَذَا؟) ) فدخل رَجُل، فأمرهم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يصلو جميعاً.
وعباد بْن منصور، تكلموا فِيهِ.
وقد اختلف النَّاس فِي هَذَا المسألة فِي موضعين: أحدهما: أن من دَخَلَ مسجداً قَدْ صلي فِيهِ فصلى وحده أو جماعة: هَلْ يؤذن ويقيم، أم يكفيه أذان الجماعة الأولى وإقامتهم؟ فِيهِ قولان مشهوران للعلماء، قَدْ سبق ذكرهما فِي مواضع من الكتاب.
ومذهب أَبِي حنيفة وأصحابه وسفيان وإسحاق؛ أَنَّهُ يجزئهم الأذن والإقامة الأولى، وَهُوَ نَصَّ أحمد، وقد جعله صاحب ( ( المغني) ) المذهب، وَهُوَ كما قَالَ؛ لكن أحمد لا يكره إعادة الأذان والإقامة.
وروي عَن طائفة من السلف كراهة إعادتهما، منهم: عَبْد الرحمن بْن أَبِي ليلي وغيره، وحكي - أيضاً - عن أَبِي يوسف ومحمد.
وعن الشَّعْبِيّ، قَالَ: إذا صلى فِي المسجد جماعة فإن إقامتهم تجزىء عمن صلى صلاة إلى الصلاة الأخرى.
وَقَالَ الزُّهْرِيّ: يقيم، ولم يذكر الأذان.
وعن قتادة، قَالَ: إن لَمْ يسمع الإقامة أقام، ثُمَّ صلى.
والموضع الثاني: إعادة الجماعة فِي مسجد قَدْ صلى فِيهِ إمامه الراتب.
واختلف العلماء فِي ذَلِكَ: فمنهم: من كرهه،.

     وَقَالَ  يصلون فِيهِ وحداناً، روي ذَلِكَ عَن سَالِم وأبي قلابة، وحكاه بعض العلماء عَن سَعِيد بْن المُسَيِّب والحسن والنخعي والضحاك والقاسم بْن مُحَمَّد والزهري وغيرهم، وَهُوَ قَوْلِ الليث والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة ومالك، وحكاه الترمذي فِي ( ( كتابه) ) عَن ابن المبارك والشافعي،وقد رواه الربيع عَن الشَّافِعِيّ، وأنه لَمْ يفعله السلف، بل قَدْ عابه بعضهم.
وكان هَذَا القول هُوَ المعمول بِهِ فِي زمن بني أمية؛ حذراً من أن يظن بمن صلى جماعة بعد جماعة المسجد الأولى أَنَّهُ مخالف للسلطان مفتئت عَلِيهِ، لا يرى الصلاة مَعَهُ، ولا مَعَ من أقامه فِي إمامه المساجد.
وقد استدل بعضهم لهذا بما رَوَى معاوية بْن يَحْيَى، عَن خَالِد الحذاء، عَن عَبْد الرحمن بْن أَبِي بكرة، عَن أَبِيه، أن رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقبل من نواحي المدينة يريد الصلاة، فوجد النَّاس قَدْ صلوا، فمال إلى منزله، فجمع أهله، فصلى بهم.
خرجه الطبراني.
ومعاوية بْن يَحْيَى، لا يحتج بِهِ.
وذهب أكثر العلماء إلى جواز إعادة الجماعة فِي المساجد فِي الجملة كما فعله أَنَس بْن مَالِك، منهم: عَطَاء وقتادة ومكحول، وَهُوَ قَوْلِ إِسْحَاق وأبي يوسف ومحمد وداود.
واختلف فِيهِ عَن الْحَسَن والنخعي، فروي عنهما كالقولين.
والمشهور: أَنَّهُ يكره ذَلِكَ فِي مسجدي مكة والمدينة خاصة، ويجوز فيما سواهما.
ومن تأخري أصحابه من ألحق بمسجدي مكة والمدينة المسجد الأقصى فِي الكراهة.
وعن أحمد رِوَايَة أخرى: لا يكره بحال.
ومن أصحابنا من كرهه فِي المساجد العظام الَّتِيْ يتولى السلطان عادة ترتيب أئمتها كالجوامع ونحوها؛ لئلا يتطرق بذلك إلى الافتئات عَلِيهِ، ولم يكرهه فِي المساجد الَّتِيْ يرتبأئمتها جيرانها.
وحكي عَن الشَّافِعِيّ، أَنَّهُ يكره إعادة الجماعة فِي مساجد الدروب ونحوها دون مساجد الأسواق الَّتِيْ يكثر فيها تكرار الجماعات، لكثرة استطراق النَّاس إليها؛ دفعاً للحاجة.
ومتى لَمْ يكن للمسجد إمام راتب لَمْ يكره إعادة الجماعة فِيهِ عِنْدَ أحد من العلماء، مَا خلا الليث بْن سعد، فإنه كره الإعادة فِيهِ - أيضاً.
واستدل من لَمْ يكره الإعادة بحديث أَبِي سَعِيد الْخُدرِيَّ، قَالَ: جَاءَ رجلٌ وقد صلى رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: ( ( أيكم يتجر عَلَى هَذَا؟) ) فقام رَجُل، فصلى مَعَهُ.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي - وهذا لفظه،.

     وَقَالَ : هَذَا حَدِيْث حسن - وابن خزيمة وابن حبان فِي ( ( صحيحهما) ) والحاكم،.

     وَقَالَ : صحيح الإسناد.
وقد قواه الإمام أحمد وأخذ بِهِ، وَهُوَ مشكل عَلَى أصله؛ فإنه يكره إعادة الجماعة فِي مسجد المدينة.
وقد اعتذر الإمام أحمد عَنْهُ من وجهين: أحدهما: أن رغبة الصَّحَابَة فِي الصلاة مَعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ متوفرة، وإنما كَانَ يتخلف من لَهُ عذر، وأما بعده فليس كذلك، فكره تفريق الجماعات فِي المسجدين الفاضلين توقيراً للجماعة فيهما.
والثاني: أن هَذَا يغتفر فِي الجماعة القليلة دون الكثيرة، ولهذا لَمْيأمر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثر من واحد بالصلاة مَعَهُ.
وكذلك قَالَ أحمد فِي الجماعة تفوتهم الجمعة: إنهم إن كانوا ثَلاَثَة صلوا جماعةً، فإن كثروا فتوقف فِي صلاتهم جماعةً،.

     وَقَالَ : لا أعرفه.
ومأخذه فِي ذَلِكَ: أن فِي إظهار صلاة الظهر يوم الجمعة فِي المساجد افتئاتاً عَلَى الأئمة، ويتستر بِهِ أهل البدع إلى ترك الجمعة، وصلاة الظهر فِي المساجد كسائر الأيام.
وقد كره طائفة من السلف لمن فاتته الجمعة أن يصلوا جماعة، منهم: الْحَسَن وأبو قلابة، وَهُوَ قَوْلِ أَبِي حنيفة.
ورويت الرخصة فِيهِ عَن ابن مَسْعُود وإياس بْن معاوية، وَهُوَ قَوْلِ الشَّافِعِيّ وأحمد وإسحاق.
وعن أحمد رِوَايَة: أَنَّهُ يكره صلاة الظهر جماعة إذ كثروا، ولا يكره إذا قلوا.
وقد ذكرناها آنفاً.
ومن أصحابنا من كره الجماعة فِي مكان الجمعة خاصة.
واختلف فِيهِ عَن الثوري ومالك.
وروي عَن حذيفة وزيد بْن ثابت، أن من فاتته الجمعة لا يصلي الظهر فِي المسجد بالكلية حياء من النَّاس.
قَالَ حذيفة: لا خير فيمن لا حياء فِيهِ.
وَقَالَ زيد: من لا يستحي من النَّاس لا يستحي من الله.
وقد روي فِي حَدِيْث أَنَس الموقوف الَّذِي علقه البخاري زيادة: أَنَّهُ أمر بعض أصحابه فأذن وصلى ركعتين، ثُمَّ أمره فأقام ثُمَّ تقدم أَنَس فصلى بهم.
خرجه عَبْد الرزاق عَن جَعْفَر بْن سُلَيْمَان، عَن الجعد، عَن أَنَس.
وخرجه الجوزجاني من رِوَايَة ابن علية، عَن الجعد، قَالَ: كنا فِي مسجد بني رِفَاعَة، فجاء أَنَس بْن مَالِك ومعه نفر، وقد صلينا صلاة الصبح، فَقَالَ: أصليتم؟ قَالَ: نَعَمْ، فإذن رَجُل من القوم، ثُمَّ صلوا ركعتين، ثُمَّ أقام، ثُمَّ تقدم أَنَس فصلى بهم.
وهذا يدل عَلَى أن من دَخَلَ مسجداً قَدْ صلي فِيهِ والوقت باقٍ، فإنه يجوز لَهُ أن يتطوع قَبْلَ صلاة المكتوبة، ويصلي السنن الرواتب قَبْلَ الفرائض، وَهُوَ قَوْلِ الأكثرين، منهم: [.. .. ..] وأبو حنيفة ومالك والشافعي.
وقالت طائفة: يبدأ بالمكتوبة، منهم: ابن عُمَر -: رواه مَالِك وأيوب وابن جُرَيْج، عَن نافعٍ، عَنْهُ.
وكذا روي عَن عَبْد الرحمن بْن أَبِي ليلى والشعبي والنخعي وعطاء، وَهُوَ قَوْلِ الثوري والحسن بْن حي والليث بْن سعد.
وعن الْحَسَن، قَالَ: ابدأ بالمكتوبة إلا ركعتيالفجر.
وكذا قَوْلِ الثوري.
واختلفت الرواية عَن أحمد فِي ذَلِكَ: فنقل عَنْهُ ابن منصور وصالح وحنبل: يبدأ بالمكتوبة، واستدل فِي رِوَايَة ابن منصور وصالح بما روي عَن ابن عُمَر.
ونقل عَنْهُ أبو الْقَاسِم البغوي، فِي الرَّجُلُ يخرج إلى المسجد فيجدهم قَدْ صلوا، ووجد رجلاً يتطوع: أيتطوع حَتَّى يجيء الرَّجُلُ؟ قَالَ: إن شاء تطوع.
ومن كره ذَلِكَ جعل الدخول إلى المسجد لإرادة الصلاة المكتوبة كإقامة الصلاة، فلا يبدأ قبلها بشيء وإنما يشرع التطوع لمن ينتظر الإمام؛ لأنه إذا لَمْ يخرج إلى النَّاس لَمْ يمنعوا من التطوع.
ولو كَانَتْ الصلاة فِي غير مسجد فله أن يتطوع قَبْلَ المكتوبة -: قاله عَطَاء وغيره.
وقياس هَذَا: أن الإمام إذا حضر المسجد، فإنه يكره لَهُ أن يتطوع قَبْلَ المكتوبة - أيضاً.
وقد ذكرنا فيها تقدم فِي ( ( بَاب: متى يقوم النَّاس إذا رأوا الإمام) ) الحَدِيْث الَّذِي خرجه أبو داود، أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ حِينَ تقام الصلاة فِي المسجد إذا رآهم قليلاً جلس ثُمَّ صلى، وإذا رآهم جماعة صلى.
وخرجه البيهقي، ولفظه: كَانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخرج بعد النداء إلى المسجد، فإذا رأى أهل المسجد قليلاً جلس حَتَّى يرى منهم جماعة ثُمَّيصلي.
وقد تقدم فِي ( ( بَاب: القيام للصلاة) ) الحَدِيْث المرسل، أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ وبلال فِي الإقامة فجلس.
خرج البخاري - رحمه الله - في هَذَا الباب ثَلاَثَة أحاديث: الحَدِيْث الأول: