هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
434 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَأَبُو كُرَيْبٍ ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ح ، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، وَوَكِيعٌ - وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى - قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هَمَّامٍ ، قَالَ : بَالَ جَرِيرٌ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ، فَقِيلَ : تَفْعَلُ هَذَا ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ . قَالَ الْأَعْمَشُ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ : كَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ ، كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ . وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ ، قَالَا : أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، ح ، وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، ح ، وَحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عِيسَى ، وَسُفْيَانَ قَالَ : فَكَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  واللفظ ليحيى قال : أخبرنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام ، قال : بال جرير ، ثم توضأ ، ومسح على خفيه ، فقيل : تفعل هذا ؟ فقال : نعم ، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ، ثم توضأ ومسح على خفيه . قال الأعمش : قال إبراهيم : كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير ، كان بعد نزول المائدة . وحدثناه إسحاق بن إبراهيم ، وعلي بن خشرم ، قالا : أخبرنا عيسى بن يونس ، ح ، وحدثناه محمد بن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان ، ح ، وحدثنا منجاب بن الحارث التميمي ، أخبرنا ابن مسهر ، كلهم عن الأعمش ، في هذا الإسناد بمعنى حديث أبي معاوية ، غير أن في حديث عيسى ، وسفيان قال : فكان أصحاب عبد الله يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    باب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
[ سـ :434 ... بـ :272]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو كُرَيْبٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ بَالَ جَرِيرٌ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقِيلَ تَفْعَلُ هَذَا فَقَالَ نَعَمْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَالَ الْأَعْمَشُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ وَحَدَّثَنَاه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَا أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ح وَحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عِيسَى وَسُفْيَانَ قَالَ فَكَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ

قَوْلُهُ : ( كَانَ يُعْجِبهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ ) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ : فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ فَلَوْ كَانَ إِسْلَامُ جَرِيرٍ مُتَقَدِّمًا عَلَى نُزُولِ الْمَائِدَةِ لَاحْتُمِلَ كَوْنُ حَدِيثِهِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ مَنْسُوخًا بِآيَةِ الْمَائِدَةِ ، فَلَمَّا كَانَ إِسْلَامُهُ مُتَأَخِّرًا عَلِمْنَا أَنَّ حَدِيثَهُ يُعْمَلُ بِهِ ، وَهُوَ مُبَيِّنٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ غَيْرُ صَاحِبِ الْخُفِّ فَتَكُونُ السُّنَّةُ مُخَصِّصَةٌ لِلْآيَةِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَرُوِّينَا فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ قَالَ : مَا سَمِعْتُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَحْسَنَ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ : ( كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا فَتَنَحَّيْتُ فَقَالَ : ادْنُهْ فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ) أَمَّا ( السُّبَاطَةُ ) فَبِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ، وَهِيَ مَلْقَى الْقُمَامَةِ وَالتُّرَابِ وَنَحْوِهِمَا تَكُونُ بِفِنَاءِ الدُّورِ مُرْفَقًا لِأَهْلِهَا .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ سَهْلًا مُنْثَالًا يَحُدُّ فِيهِ الْبَوْلُ وَلَا يَرْتَدُّ عَلَى الْبَائِلِ ، وَأَمَّا سَبَبُ بَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمًا فَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ أَوْجُهًا حَكَاهَا الْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ أَحَدُهَا : قَالَا : وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَشِفِي لِوَجَعِ الصُّلْبِ بِالْبَوْلِ قَائِمًا ، قَالَ فَتَرَى أَنَّهُ كَانَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعُ الصُّلْبِ إِذْ ذَاكَ ؟ وَالثَّانِي : أَنَّ سَبَبَهُ مَا رُوِيَ فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ رَوَاهَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ : أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ قَائِمًا لِعِلَّةٍ بِمَأْبِضِهِ وَ ( الْمَأْبِضُ ) بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْمِيمِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَهُوَ بَاطِنُ الرُّكْبَةِ ، وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا لِلْقُعُودِ فَاضْطُرَّ إِلَى الْقِيَامِ لِكَوْنِ الطَّرَفِ الَّذِي مِنَ السُّبَاطَةِ كَانَ عَالِيًا مُرْتَفِعًا ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَجْهًا رَابِعًا وَهُوَ : أَنَّهُ بَالَ قَائِمًا لِكَوْنِهَا حَالَةً يُؤْمَنُ فِيهَا خُرُوجُ الْحَدَثِ مِنَ السَّبِيلِ الْآخَرِ فِي الْغَالِبِ بِخِلَافِ حَالَةِ الْقُعُودِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ : الْبَوْلُ قَائِمًا أَحْصَنُ لِلدُّبُرِ ، وَيَجُوزُ وَجْهٌ خَامِسٌ : أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ لِلْجَوَازِ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ ، وَكَانَتْ عَادَتُهُ الْمُسْتَمِرَّةُ يَبُولُ قَاعِدًا ، يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا .
رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَآخَرُونَ ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَقَدْ رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ قَائِمًا أَحَادِيثُ لَا تَثْبُتُ ، وَلَكِنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا ثَابِتٌ فَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ : يُكْرَهُ الْبَوْلُ قَائِمًا إِلَّا لِعُذْرٍ ، وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَاقِ : اخْتَلَفُوا فِي الْبَوْلِ قَائِمًا فَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُمْ بَالُوا قِيَامًا ، قَالَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - .
وَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ سِيرِينَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَكَرِهَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ مَنْ بَالَ قَائِمًا ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ : أَنَّهُ كَانَ فِي مَكَانٍ يَتَطَايَرُ إِلَيْهِ مِنَ الْبَوْلِ شَيْءٌ فَهُوَ مَكْرُوهٌ ، فَإِنْ كَانَ لَا يَتَطَايَرُ فَلَا بَأْسَ بِهِ .
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : الْبَوْلُ جَالِسًا أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَائِمًا مُبَاحٌ ، وَكُلُّ ذَلِكَ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
هَذَا كَلَامُ ابْنُ الْمُنْذِرِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَأَمَّا بَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَيَحْتَمِلُ أَوْجُهًا : أَظْهَرُهَا : أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤْثِرُونَ ذَلِكَ وَلَا يَكْرَهُونَهُ بَلْ يَفْرَحُونَ بِهِ ، وَمَنْ كَانَ هَذَا حَالَهُ جَازَ الْبَوْلُ فِي أَرْضِهِ ، وَالْأَكْلُ مِنْ طَعَامِهِ ، وَنَظَائِرُ هَذَا فِي السُّنَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى .
وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : ( احْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ ) .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُخْتَصَّةً بِهِمْ بَلْ كَانَتْ بِفِنَاءِ دُورِهِمْ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ فَأُضِيفَتْ إِلَيْهِمْ لَقُرْبِهَا مِنْهُمْ .
وَالثَّالِثُ : أَنْ يَكُونُوا أَذِنُوا لِمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ إِمَّا بِصَرِيحِ الْإِذْنِ وَإِمَّا بِمَا فِي مَعْنَاهُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَأَمَّا بَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السُّبَاطَةِ الَّتِي بِقُرْبِ الدُّورِ مَعَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ عَادَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّبَاعُدُ فِي الْمَذْهَبِ ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ سَبَبَهُ : أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مِنَ الشُّغْلِ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّظَرِ فِي مَصَالِحِهِمْ بِالْمَحَلِّ الْمَعْرُوفِ ، فَلَعَلَّهُ طَالَ عَلَيْهِ مَجْلِسٌ حَتَّى حَفَزَهُ الْبَوْلُ فَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّبَاعُدُ ، وَلَوْ أَبْعَدَ لَتَضَرَّرَ ، وَارْتَادَ السُّبَاطَةَ لِدَمَثِهَا ، وَأَقَامَ حُذَيْفَةُ بِقُرْبِهِ لِيَسْتُرَهُ عَنِ النَّاسِ .
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي حَسَنٌ ظَاهِرٌ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( فَتَنَحَّيْتُ فَقَالَ ادْنُهْ فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : إِنَّمَا اسْتَدْنَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَسْتَتِرَ بِهِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاظِرِينَ لِكَوْنِهَا حَالَةً يُسْتَخْفَى بِهَا وَيُسْتَحْيَى مِنْهَا فِي الْعَادَةِ ، وَكَانَتِ الْحَاجَةُ الَّتِي يَقْضِيهَا بَوْلًا مِنْ قِيَامٍ يُؤْمَنُ مَعَهَا خُرُوجُ الْحَدَثِ الْآخَرِ وَالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ ، فَلِهَذَا اسْتَدْنَاهُ .
وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَمَّا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ قَالَ : ( تَنَحَّ ) لِكَوْنِهِ كَانَ يَقْضِيهَا قَاعِدًا ، وَيَحْتَاجُ إِلَى الْحَدَثَيْنِ جَمِيعًا فَتَحْصُلُ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ وَمَا يَتْبَعُهَا .
وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : مِنَ السُّنَّةِ الْقُرْبُ مِنَ الْبَائِلِ إِذَا كَانَ قَائِمًا ، فَإِذَا كَانَ قَاعِدًا فَالسُّنَّةُ الْإِبْعَادُ عَنْهُ .
وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .


وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْفَوَائِدِ تَقَدَّمَ بَسْطُ أَكْثَرِهَا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَنُشِيرُ إِلَيْهَا هَاهُنَا مُخْتَصَرَةً ، فَفِيهِ : إِثْبَاتُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ .
وَفِيهِ : جَوَازُ الْمَسْحِ فِي الْحَضَرِ .
وَفِيهِ جَوَازُ الْبَوْلِ قَائِمًا .
وَجَوَازُ قُرْبِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْبَائِلِ .
وَفِيهِ : جَوَازُ طَلَبِ الْبَائِلِ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْبُ مِنْهُ لِيَسْتُرَهُ .
وَفِيهِ : اسْتِحْبَابُ السِّتْرِ .
وَفِيهِ : جَوَازُ الْبَوْلِ بِقُرْبِ الدِّيَارِ .
وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .