هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4187 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، يَقُولُ : أَذْكُرُ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ الغِلْمَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ ، نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً : مَعَ الصِّبْيَانِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4187 حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، قال : سمعت الزهري ، عن السائب بن يزيد ، يقول : أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع ، نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال سفيان مرة : مع الصبيان
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4426] .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  سُفْيَانُ مَرَّةً مَعَ الصِّبْيَانِ هُوَ مَوْصُولٌ وَلَكِنْ بَيَّنَ الرَّاوِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَرَّةً الْغِلْمَانَ وَمَرَّةً الصِّبْيَانَ وَهُوَ بِالْمَعْنَى ثُمَّ سَاقَهُ عَنْ شَيْخٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ مَقْدَمَهُ مِنْ تَبُوكَ فَأنْكر الدَّاودِيّ هَذَا وَتَبعهُ بن الْقَيِّمِ.

     وَقَالَ  ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ لَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ بَلْ هِيَ مُقَابِلُهَا كَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ثَنِيَّةٌ أُخْرَى فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَالثَّنِيَّةُ مَا ارْتَفَعَ فِي الْأَرْضِ وَقِيلَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ.

.

قُلْتُ لَا يَمْنَعُ كَوْنُهَا مِنْ جِهَةِ الْحِجَازِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُ الْمُسَافِرِ إِلَى الشَّامِ مِنْ جِهَتِهَا وَهَذَا وَاضِحٌ كَمَا فِي دُخُولِ مَكَّةَ مِنْ ثَنِيَّةٍ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا مِنْ أُخْرَى وَيَنْتَهِيكِلَاهُمَا إِلَى طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ رُوِّينَا بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ فِي الْحَلَبِيَّاتِ قَوْلَ النِّسْوَةِ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعِ فَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ قُدُومِهِ فِي الْهِجْرَةِ وَقِيلَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ تَنْبِيهٌ فِي إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ آخِرَ هَذَا الْبَابِ إِشَارَةٌ إِلَى أَن إرْسَال الْكتب إلىالملوك كَانَ فِي سنة غَزْوَة تَبُوك وَلَكِن لايدفع ذَلِكَ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَاتَبَ الْمُلُوكَ فِي سَنَةِ الْهُدْنَةِ كَقَيْصَرَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ كَاتَبَ قَيْصَرَ مَرَّتَيْنِ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ قَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَكَاتَبَ النَّجَاشِيَّ الَّذِي أَسْلَمَ وَصَلَّى عَلَيْهِ لَمَّا مَاتَ ثُمَّ كَاتَبَ النَّجَاشِيَّ الَّذِي وَلِيَ بَعْدَهُ وَكَانَ كَافِرًا وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَسَمَّى مِنْهُمْ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيَّ قَالَ وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي أسلم ( قَولُهُ بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم ميتون) سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذِهِ الْآيَةِ لِهَذَا الْبَابِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَابِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى جِنْسِ مَرَضِهِ كَمَا سَيَأْتِي.

.
وَأَمَّا ابْتِدَاؤُهُ فَكَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ كَمَا سَيَأْتِي وَوَقَعَ فِي السِّيرَةِ لِأَبِي مَعْشَرٍ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَفِي السِّيرَةِ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ فِي بَيْتِ رَيْحَانَةَ وَالْأَوَّلُ الْمُعْتَمَدُ وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَقِيلَ يَوْمَ السَّبْتِ.

     وَقَالَ  الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ مَرَضِهِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقِيلَ بِزِيَادَةِ يَوْمٍ وَقِيلَ بِنَقْصِهِ وَالْقَوْلَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَصَدَرَ بِالثَّانِي وَقِيلَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَبِهِ جَزَمَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِي مَغَازِيهِ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِلَا خِلَافٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَكَادَ يَكُونُ إِجْمَاعًا لَكِنْ فِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ فِي حَادِي عَشَرَ رَمَضَانَ ثمَّ عِنْد بن إِسْحَاقَ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهَا فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنْهُ وَعند مُوسَى بن عقبَة وَاللَّيْث والخوارزمي وبن زَبْرٍ مَاتَ لِهِلَالِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَعِنْدَ أَبِي مِخْنَفٍ وَالْكَلْبِيِّ فِي ثَانِيهِ وَرَجَّحَهُ السُّهَيْلِيُّ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يَتَنَزَّلُ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ عَاشَ بَعْدَ حَجَّتِهِ ثَمَانِينَ يَوْمًا وَقِيلَ أَحَدًا وَثَمَانِينَ.

.
وَأَمَّا عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فَيَكُونُ عَاشَ بَعْدَ حَجَّتِهِ تِسْعِينَ يَوْمًا أَوْ أَحَدًا وَتِسْعِينَ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ السُّهَيْلِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَعْنِي كَوْنَهُ مَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ شَهْرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ذَا الْحَجَّةِ كَانَ أَوَّلُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَمَهْمَا فُرِضَتِ الشُّهُورُ الثَّلَاثَةُ تَوْأَمٌ أَوْ نَوَاقِصُ أَوْ بَعْضُهَا لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لمن تَأمله وَأجَاب الْبَارِزِيّ ثمَّ بن كَثِيرٍ بِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ كَوَامِلَ وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ اخْتَلَفُوا فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ ذِي الْحَجَّةِ فَرَآهُ أَهْلُ مَكَّةَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ وَلَمْ يَرَهُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَّا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَحَصَلَتِ الْوَقْفَةُ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ مَكَّةَ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَرَّخُوا بِرُؤْيَةِ أَهْلِهَا فَكَانَ أَوَّلُ ذِي الْحَجَّةِ الْجُمُعَةَ وَآخِرُهُ السَّبْتَ وَأَوَّلُ الْمُحَرَّمِ الْأَحَدَ وَآخِرُهُ الِاثْنَيْنِ وَأَوَّلُ صَفَرٍ الثُّلَاثَاءَ وَآخِرُهُ الْأَرْبِعَاءَ وَأَوَّلُ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ الْخَمِيسَ فَيَكُونُ ثَانِي عَشَرَهُ الِاثْنَيْنِ وَهَذَا الْجَوَابُ بَعِيدٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَلْزَمُ تَوَالِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَوَامِلَ وَقَدْ جزم سُلَيْمَان التَّيْمِيّ أحد الثقاة بِأَن ابْتِدَاء مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ وَمَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَعَلَى هَذَا كَانَ صَفَرٌ نَاقِصًا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ صَفَرٍ السَّبْتَ إِلَّا إِنْ كَانَ ذُو الْحَجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ نَاقِصَيْنِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ نَقْصُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍمُتَوَالِيَةٍ.

.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مَاتَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ اثْنَانِ نَاقِصَيْنِ وَوَاحِدٌ كَامِلًا وَلِهَذَا رَجَّحَهُ السُّهَيْلِيُّ وَفِي الْمَغَازِي لِأَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ صَفَرٍ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ الْمُقْتَضِي لِأَنَّ أَوَّلَ صَفَرٍ كَانَ السَّبْتَ.

.
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالب قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ فَاشْتَكَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَمَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَيَرِدُ عَلَى هَذَا الْإِشْكَالِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أول صفر الْأَحَد فَيكون تَاسِعُ عِشْرِينِهِ الْأَرْبِعَاءَ وَالْغَرَضُ أَنَّ ذَا الْحَجَّةِ أَوَّلُهُ الْخَمِيسُ فَلَوْ فُرِضَ هُوَ وَالْمُحَرَّمُ كَامِلَيْنِ لَكَانَ أَوَّلُ صَفَرٍ الِاثْنَيْنِ فَكَيْفَ يَتَأَخَّرُ إِلَى يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَكَأَنَّ سَبَبَ غَلَطِ غَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا مَاتَ فِي ثَانِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَتَغَيَّرَتْ فَصَارَتْ ثَانِي عَشَرَ وَاسْتَمَرَّ الْوَهْمُ بِذَلِكَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ بِجَوَابٍ آخَرَ فَقَالَ يُحْمَلُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ أَيْ بِأَيَّامِهَا فَيَكُونُ مَوْتُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَيُفْرَضُ الشُّهُورُ كَوَامِلَ فَيَصِحُّ قَوْلُ الْجُمْهُورُ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا يُعَكِّرُ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ مَعَ زِيَادَةِ مُخَالَفَةِ اصْطِلَاحِ أَهْلِ اللِّسَان فِي قَوْلهم لِاثْنَتَيْ عشرَة فَإِنَّهُم لايفهمون مِنْهَا إِلَّا مُضِيَّ اللَّيَالِي وَيَكُونُ مَا أُرِّخَ بِذَلِكَ وَاقِعًا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَشَرَ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ حَدِيثًا ( الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ)
هِيَ وَالِدَة بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِهَا فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاة الحَدِيث الثَّانِي قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنهُ يدني بن عَبَّاسٍ هُوَ مِنْ إِقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ الْمَذْكُورَةِ بِلَفْظِ كَانَ عُمَرُ يَسْأَلُنِي مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ الْبَابِ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ أَتَمَّ سِيَاقًا وَأَكْثَرَ فَوَائِدَ وَأَطَلْنَا بِشَرْحِهِ عَلَى تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّصْرِ وَتقدم فِي حجَّة الْوَدَاع حَدِيث بن عُمَرَ نَزَلَتْ سُورَةُ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيّ عَن بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ أَخَذَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدُّ مَا كَانَ اجْتِهَادًا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَكِلَاهُمَا إِلَى طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ رُوِّينَا بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ فِي الْحَلَبِيَّاتِ قَوْلَ النِّسْوَةِ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعِ فَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ قُدُومِهِ فِي الْهِجْرَةِ وَقِيلَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ تَنْبِيهٌ فِي إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ آخِرَ هَذَا الْبَابِ إِشَارَةٌ إِلَى أَن إرْسَال الْكتب إلىالملوك كَانَ فِي سنة غَزْوَة تَبُوك وَلَكِن لايدفع ذَلِكَ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَاتَبَ الْمُلُوكَ فِي سَنَةِ الْهُدْنَةِ كَقَيْصَرَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ كَاتَبَ قَيْصَرَ مَرَّتَيْنِ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ قَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَكَاتَبَ النَّجَاشِيَّ الَّذِي أَسْلَمَ وَصَلَّى عَلَيْهِ لَمَّا مَاتَ ثُمَّ كَاتَبَ النَّجَاشِيَّ الَّذِي وَلِيَ بَعْدَهُ وَكَانَ كَافِرًا وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَسَمَّى مِنْهُمْ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيَّ قَالَ وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي أسلم ( قَولُهُ بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم ميتون) سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذِهِ الْآيَةِ لِهَذَا الْبَابِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَابِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى جِنْسِ مَرَضِهِ كَمَا سَيَأْتِي.

.
وَأَمَّا ابْتِدَاؤُهُ فَكَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ كَمَا سَيَأْتِي وَوَقَعَ فِي السِّيرَةِ لِأَبِي مَعْشَرٍ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَفِي السِّيرَةِ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ فِي بَيْتِ رَيْحَانَةَ وَالْأَوَّلُ الْمُعْتَمَدُ وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَقِيلَ يَوْمَ السَّبْتِ.

     وَقَالَ  الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ مَرَضِهِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقِيلَ بِزِيَادَةِ يَوْمٍ وَقِيلَ بِنَقْصِهِ وَالْقَوْلَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَصَدَرَ بِالثَّانِي وَقِيلَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَبِهِ جَزَمَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِي مَغَازِيهِ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِلَا خِلَافٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَكَادَ يَكُونُ إِجْمَاعًا لَكِنْ فِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ فِي حَادِي عَشَرَ رَمَضَانَ ثمَّ عِنْد بن إِسْحَاقَ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهَا فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنْهُ وَعند مُوسَى بن عقبَة وَاللَّيْث والخوارزمي وبن زَبْرٍ مَاتَ لِهِلَالِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَعِنْدَ أَبِي مِخْنَفٍ وَالْكَلْبِيِّ فِي ثَانِيهِ وَرَجَّحَهُ السُّهَيْلِيُّ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يَتَنَزَّلُ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ عَاشَ بَعْدَ حَجَّتِهِ ثَمَانِينَ يَوْمًا وَقِيلَ أَحَدًا وَثَمَانِينَ.

.
وَأَمَّا عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فَيَكُونُ عَاشَ بَعْدَ حَجَّتِهِ تِسْعِينَ يَوْمًا أَوْ أَحَدًا وَتِسْعِينَ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ السُّهَيْلِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَعْنِي كَوْنَهُ مَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ شَهْرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ذَا الْحَجَّةِ كَانَ أَوَّلُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَمَهْمَا فُرِضَتِ الشُّهُورُ الثَّلَاثَةُ تَوْأَمٌ أَوْ نَوَاقِصُ أَوْ بَعْضُهَا لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لمن تَأمله وَأجَاب الْبَارِزِيّ ثمَّ بن كَثِيرٍ بِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ كَوَامِلَ وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ اخْتَلَفُوا فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ ذِي الْحَجَّةِ فَرَآهُ أَهْلُ مَكَّةَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ وَلَمْ يَرَهُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَّا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَحَصَلَتِ الْوَقْفَةُ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ مَكَّةَ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَرَّخُوا بِرُؤْيَةِ أَهْلِهَا فَكَانَ أَوَّلُ ذِي الْحَجَّةِ الْجُمُعَةَ وَآخِرُهُ السَّبْتَ وَأَوَّلُ الْمُحَرَّمِ الْأَحَدَ وَآخِرُهُ الِاثْنَيْنِ وَأَوَّلُ صَفَرٍ الثُّلَاثَاءَ وَآخِرُهُ الْأَرْبِعَاءَ وَأَوَّلُ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ الْخَمِيسَ فَيَكُونُ ثَانِي عَشَرَهُ الِاثْنَيْنِ وَهَذَا الْجَوَابُ بَعِيدٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَلْزَمُ تَوَالِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَوَامِلَ وَقَدْ جزم سُلَيْمَان التَّيْمِيّ أحد الثقاة بِأَن ابْتِدَاء مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ وَمَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَعَلَى هَذَا كَانَ صَفَرٌ نَاقِصًا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ صَفَرٍ السَّبْتَ إِلَّا إِنْ كَانَ ذُو الْحَجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ نَاقِصَيْنِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ نَقْصُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍمُتَوَالِيَةٍ.

.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مَاتَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ اثْنَانِ نَاقِصَيْنِ وَوَاحِدٌ كَامِلًا وَلِهَذَا رَجَّحَهُ السُّهَيْلِيُّ وَفِي الْمَغَازِي لِأَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ صَفَرٍ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ الْمُقْتَضِي لِأَنَّ أَوَّلَ صَفَرٍ كَانَ السَّبْتَ.

.
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالب قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ فَاشْتَكَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَمَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَيَرِدُ عَلَى هَذَا الْإِشْكَالِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أول صفر الْأَحَد فَيكون تَاسِعُ عِشْرِينِهِ الْأَرْبِعَاءَ وَالْغَرَضُ أَنَّ ذَا الْحَجَّةِ أَوَّلُهُ الْخَمِيسُ فَلَوْ فُرِضَ هُوَ وَالْمُحَرَّمُ كَامِلَيْنِ لَكَانَ أَوَّلُ صَفَرٍ الِاثْنَيْنِ فَكَيْفَ يَتَأَخَّرُ إِلَى يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَكَأَنَّ سَبَبَ غَلَطِ غَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا مَاتَ فِي ثَانِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَتَغَيَّرَتْ فَصَارَتْ ثَانِي عَشَرَ وَاسْتَمَرَّ الْوَهْمُ بِذَلِكَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ بِجَوَابٍ آخَرَ فَقَالَ يُحْمَلُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ أَيْ بِأَيَّامِهَا فَيَكُونُ مَوْتُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَيُفْرَضُ الشُّهُورُ كَوَامِلَ فَيَصِحُّ قَوْلُ الْجُمْهُورُ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا يُعَكِّرُ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ مَعَ زِيَادَةِ مُخَالَفَةِ اصْطِلَاحِ أَهْلِ اللِّسَان فِي قَوْلهم لِاثْنَتَيْ عشرَة فَإِنَّهُم لايفهمون مِنْهَا إِلَّا مُضِيَّ اللَّيَالِي وَيَكُونُ مَا أُرِّخَ بِذَلِكَ وَاقِعًا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَشَرَ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ حَدِيثًا ( الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ)
هِيَ وَالِدَة بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِهَا فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاة الحَدِيث الثَّانِي قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنهُ يدني بن عَبَّاسٍ هُوَ مِنْ إِقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ الْمَذْكُورَةِ بِلَفْظِ كَانَ عُمَرُ يَسْأَلُنِي مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ الْبَابِ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ أَتَمَّ سِيَاقًا وَأَكْثَرَ فَوَائِدَ وَأَطَلْنَا بِشَرْحِهِ عَلَى تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّصْرِ وَتقدم فِي حجَّة الْوَدَاع حَدِيث بن عُمَرَ نَزَلَتْ سُورَةُ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيّ عَن بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ أَخَذَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدُّ مَا كَانَ اجْتِهَادًا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي لِلنَّاسِ كَافَّةً فَأَدُّوا عَنِّي وَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيَّ فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ إِلَى كِسْرَى وَسَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ بِالْيَمَامَةِ وَالْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى بِهَجَرَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى جَيْفَرٍ وَعَبَّادٍ ابْنَيِ الْجُلَنْدِيِّ بِعُمَانَ وَدِحْيَةَ إِلَى قَيْصَرَ وَشُجَاعَ بْنَ وهب إِلَى بن أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ وَعَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَرَجَعُوا جَمِيعًا قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَزَاد أَصْحَاب السّير أَنه بعث المهاجربن أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كَلَالٍ وجريرا إِلَى ذِي الْكَلَاعِ وَالسَّائِبِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ وَحَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ وَفِي حَدِيثَ أَنَسٍ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّجَاشِيَّ الَّذِي بَعَثَ إِلَيْهِ مَعَ هَؤُلَاءِ غَيْرُ النَّجَاشِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :4187 ... غــ :4426] .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  سُفْيَانُ مَرَّةً مَعَ الصِّبْيَانِ هُوَ مَوْصُولٌ وَلَكِنْ بَيَّنَ الرَّاوِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَرَّةً الْغِلْمَانَ وَمَرَّةً الصِّبْيَانَ وَهُوَ بِالْمَعْنَى ثُمَّ سَاقَهُ عَنْ شَيْخٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ مَقْدَمَهُ مِنْ تَبُوكَ فَأنْكر الدَّاودِيّ هَذَا وَتَبعهُ بن الْقَيِّمِ.

     وَقَالَ  ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ لَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ بَلْ هِيَ مُقَابِلُهَا كَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ثَنِيَّةٌ أُخْرَى فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَالثَّنِيَّةُ مَا ارْتَفَعَ فِي الْأَرْضِ وَقِيلَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ.

.

قُلْتُ لَا يَمْنَعُ كَوْنُهَا مِنْ جِهَةِ الْحِجَازِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُ الْمُسَافِرِ إِلَى الشَّامِ مِنْ جِهَتِهَا وَهَذَا وَاضِحٌ كَمَا فِي دُخُولِ مَكَّةَ مِنْ ثَنِيَّةٍ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا مِنْ أُخْرَى وَيَنْتَهِي كِلَاهُمَا إِلَى طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ رُوِّينَا بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ فِي الْحَلَبِيَّاتِ قَوْلَ النِّسْوَةِ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعِ فَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ قُدُومِهِ فِي الْهِجْرَةِ وَقِيلَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ تَنْبِيهٌ فِي إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ آخِرَ هَذَا الْبَابِ إِشَارَةٌ إِلَى أَن إرْسَال الْكتب إلىالملوك كَانَ فِي سنة غَزْوَة تَبُوك وَلَكِن لايدفع ذَلِكَ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَاتَبَ الْمُلُوكَ فِي سَنَةِ الْهُدْنَةِ كَقَيْصَرَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ كَاتَبَ قَيْصَرَ مَرَّتَيْنِ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ قَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَكَاتَبَ النَّجَاشِيَّ الَّذِي أَسْلَمَ وَصَلَّى عَلَيْهِ لَمَّا مَاتَ ثُمَّ كَاتَبَ النَّجَاشِيَّ الَّذِي وَلِيَ بَعْدَهُ وَكَانَ كَافِرًا وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَسَمَّى مِنْهُمْ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيَّ قَالَ وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي أسلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4187 ... غــ : 4426 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ يَقُولُ: أَذْكُرُ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ الْغِلْمَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،.

     وَقَالَ  سُفْيَانُ مَرَّةً: مَعَ الصِّبْيَانِ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: سمعت الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن السائب بن يزيد) ولأبي ذر: سمع الزهري يقول: سمعت السائب بن يزيد -رضي الله عنه- ( يقول: أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع نتلقى) بفتح القاف المشددة ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وثنية الوداع بفتح الواو: هي ما ارتفع من الأرض أو هي الطريق في الجبل، وسميت بذلك لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودّعه بها بعض المقيمين بالمدينة في بعض أسفاره، وقيل لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيّع إليها بعض سراياه فودّعه عندها، وقيل لأن المسافر من المدينة كان يشيع إليها ويودّع عندها قديمًا وما قيل من أنهم كانوا يشيعون الحاج ويودّعونهم عندها، ردّه الحافظ أو الفضل العراقي وابن القيم بأن ثنية الوداع إنما هي من ناحية الشام لا يراها القادم من مكة ولا يمر بها إلا إذا توجه من الشام، وإنما وقع ذلك عند قدومه من تبوك، ويحتمل أن تكون في جهة الحجاز ثنية إخرى.

( وقال سفيان) بن عيينة بالسند السابق ( مرة) أخرى ( مع الصبيان) بدل قوله الأوّل مع الغلمان وهما بمعنى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4187 ... غــ : 4427 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ أَذْكُرُ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ نَتَلَقَّى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ مَقْدَمَهُ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن السائب) بن يزيد بن سعيد بن ثمامة -رضي الله عنه- أنه قال: ( أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ثنية الوداع مقدمه) بفتح الميم وسكون القاف وفتح الدال أي وقت قدومه ( من غزوة تبوك) .
قال في الفتح: وفي إيراد هذا الحديث هنا إشارة إلى أن إرسال الكتب إلى الملوك كان في سنة غزوة تبوك وهي سنة تسع.

وتقدم هذا الحديث في باب استقبال الغزاة من الجهاد.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَاتِه وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 30 - 31]
( باب) ذكر ( مرض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-و) وقت ( وفاته وقول الله تعالى) يخاطب نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( { إنك ميت} ) أي ستموت ( { وإنهم ميتون} ) [الزمر: 30] أي سيموتون وبالتخفيف من حلّ به الموت.

قال الخليل أنشد أبو عمرو:
أيا سائلي تفسير ميت وميت ... فدونك قد فسرت إن كنت تعقل
فمن كان ذا روح فذلك ميت ... وما الميت إلا من إلى القبر يحمل
وكانوا يتربصون برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- موته، فأخبر أن الموت يعمهم فلا معنى للتربص وشماتة الباقي بالفاني.
وعن قتادة: نعى إلى نبيه نفسه ونعى إليكم أنفسكم أي إنك إياهم في عداد الموتى لأن ما هو كائن فكأن قد كان ( { ثم إنكم} ) أي إنك وإياهم فغلب ضمير المخاطب على ضمير الغائب ( { يوم القيامة عند ربكم تختصمون} ) [الزمر: 30 - 31] فتحتج أنت عليهم بأنك بلغت فكذبوا، واجتهدت في الدعوة فلجوا في العناد ويعتذرون بما لا طائل تحته.
قالت الصحابة -رضي الله عنهم-: ما خصومتنا ونحن إخوان فلما قتل عثمان قالوا: هذه خصومتنا.
وعن أبي العالية نزلت في أهل القبلة وذلك في الدماء والمظالم التي بينهم والوجه هو الأوّل وسقط قوله ثم إنكم الخ لأبي ذر.


[ قــ :4187 ... غــ : 4428 ]
- وَقَالَ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ».

( وقال) : ولأبي ذر فقال: ( يونس) بن يزيد الأيلي فيما وصله البزار والحاكم ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: ( قال عروة) بن الزبير: ( قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول في مرضه الذي مات فيه) :
( يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام) أي أحس الألم في جوفي بسبب الطعام المسموم ( الذي أكلت بخيبر) .
وعند الواقدي مما رواه ابن سعد عنه أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عاش بعد أكله ثلاث سنين ( فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري) بفتح الهاء عرق مستبطن بالصلب متصل بالقلب ثم تتشعب منه سائر الشرايين إذا انقطع مات صاحبه ( من ذلك السم) بفتح السين وضمها وأوان رفع على الخبرية وهو الذي في الفرع، وبالفتح لإضافته إلى مبني وهو الماضي لأن المضاف والمضاف إليه كالشيء الوحيد وهو في موضع رفع خبر المبتدأ.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4187 ... غــ :4426 ]
- ح دَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدّثنا سُفْيانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عنِ السَّائِبِ بن يَزِيدَ يَقُولُ أذْكُرُ أنِّي خَرَجْتُ مَعَ الْغِلْمانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ نَتَلَقَّى رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ  سُفيانُ مَرَّةً مَعَ الصِّبْيَانِ.
( انْظُر الحَدِيث 3083 وطرفه) .


وَجه ذكر هَذَا الحَدِيث هُنَا من حَيْثُ أَن تلقيهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ عِنْد مقدمه من غَزْوَة تَبُوك، كَمَا صرح بِهِ فِي الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ، وَأَن كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى الْمُلُوك كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك، فَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة يكون مُتَعَلقا بِقصَّة كسْرَى.

وَعلي بن عبد الله المعروب بِابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، والسائب بن يزِيد بن سعيد بن ثُمَامَة بن الْأسود ابْن أُخْت النمر، فيل: إِنَّه كناني، وَقيل: ليثي، وَقيل هذلي، وَقيل: أزدي، ولد فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة،.

     وَقَالَ  السَّائِب: حج بِي أبي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنا ابْن سبع سِنِين، مَاتَ فِي سنة ثَمَانِينَ، وَقيل: فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ، وَقيل: سنة إِحْدَى وَتِسْعين، وَهُوَ ابْن أَربع وَتِسْعين.

والْحَدِيث قد مر فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ اسْتِقْبَال الْغُزَاة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مَالك بن إِسْمَاعِيل عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
الحَدِيث.

قَوْله: ( سَمِعت الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب) ، ويروى: سَمِعت الزُّهْرِيّ يَقُول: سَمِعت السَّائِب.
قَوْله: ( إِلَى ثنية الْوَدَاع) ، الثَّنية: طَرِيق الْعقبَة، وَكَانَ ثمَّة يودع أهل الْمَدِينَة الْمُسَافِرين.
قَوْله: (.

     وَقَالَ  سُفْيَان)
، هُوَ ابْن عُيَيْنَة الرَّاوِي، وَهُوَ مَوْصُول وَلَكِن الرَّاوِي عَنهُ بيّن أَنه قَالَ تَارَة: مَعَ الغلمان، وَتارَة: مَعَ الصّبيان.
<"

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَرَضِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووَفاتِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَيَان وَقت وَفَاته، وَلَا خلاف أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ، وروى الإِمَام أَحْمد من حَدِيث عَائِشَة، قَالَت: توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَدفن لَيْلَة الْأَرْبَعَاء، وَتفرد بِهِ، وَعَن عُرْوَة: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ حِين زاغت الشَّمْس لهِلَال ربيع الأول، وَعَن الْأَوْزَاعِيّ: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ قبل أَن ينشب النَّهَار، وَفِي حَدِيث أبي يعلى بِإِسْنَادِهِ عَن أنس أَنه توفّي آخر يَوْم الْإِثْنَيْنِ، وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي، قَالَ: مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإثنين وَعشْرين لَيْلَة من صفر، وبدىء وَجَعه عِنْد وليدة لَهُ يُقَال لَهَا: رَيْحَانَة، كَانَت من سبي الْيَهُود، وَكَانَ أول يَوْم مرض يَوْم السبت، وَكَانَت وَفَاته يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول لتَمام عشر سِنِين من مقدمه الْمَدِينَة..
     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: حَدثنَا أَبُو معشر عَن مُحَمَّد بن قيس، قَالَ: اشْتَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَرْبَعَاء لإحدى عشرَة لَيْلَة بقيت من صفر سنة إِحْدَى عشرَة فِي بَيت زَيْنَب بنت جحش شكوى شَدِيدَة، فاجتمعت عِنْده نساؤه كُلهنَّ، فاشتكى ثَلَاثَة عشر يَوْمًا، وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة إِحْدَى عشرَة..
     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: قَالُوا: بديء برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَرْبَعَاء لليلتين بَقِيَتَا من سفر، وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة من ربيع الأول، وَبِه جزم مُحَمَّد بن سعد كَاتبه، وَزَاد: وَدفن يَوْم الْأَرْبَعَاء.
وَعَن الْوَاقِدِيّ من حَدِيث أم سَلمَة: أَنه بدىء بِهِ فِي بَيت مَيْمُونَة،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: توفّي لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول فِي الْيَوْم الَّذِي قدم فِيهِ الْمَدِينَة مُهَاجرا، وَعَن يَعْقُوب بن سُفْيَان عَن ابْن بكير عَن اللَّيْث، أَنه قَالَ: توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلة خلت من ربيع الأول،.

     وَقَالَ  سعد بن إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين خلتا من ربيع الأول،.

     وَقَالَ  أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ مستهل ربيع الأول، وروى سيف بن عمر بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لما قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة الْوَدَاع ارتحل فَأتى الْمَدِينَة وَأقَام بهَا ذَا الْحجَّة ومحرم وصفر، وَمَات يَوْم الْإِثْنَيْنِ لثاني عشر خلون من ربيع الأول من سنة إِحْدَى عشرَة..
     وَقَالَ  السُّهيْلي فِي ( الرَّوْض) لَا يتَصَوَّر وُقُوع وَفَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر ربيع الأول من سنة إِحْدَى عشرَة، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف فِي حجَّة الْوَدَاع سنة عشر يَوْم الْجُمُعَة، وَكَانَ أول ذِي الْحجَّة يَوْم الْخَمِيس، فعلى تَقْدِير أَن تحسب الشُّهُور تَامَّة أَو نَاقِصَة أَو بَعْضهَا تَامّ وَبَعضهَا نَاقص لَا يتَصَوَّر أَن يكون يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَانِي عشر ربيع الأول.
وَأجِيب: باخْتلَاف الْمطَالع بِأَن يكون أهل مَكَّة رَأَوْا هِلَال ذِي الْحجَّة لَيْلَة الْخمس، وَأما أهل الْمَدِينَة فَلم يروه إِلَّا لَيْلَة الْجُمُعَة.

وقَوْل الله تَعَالَى: { إنَّك مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} ( الزمر: 31)
وَقَول الله تَعَالَى، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالتَّقْدِير: وَفِي بَيَان قَول الله تَعَالَى: إِنَّك ميت: إِلَى آخِره، وَجه ذكر هَذِه الْآيَة جُزْءا من التَّرْجَمَة لأجل صِحَة الْجُزْء الثَّانِي من التَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ قَوْله: بابُُ مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووفاته، حَتَّى لَا يُنكر إِطْلَاق الْمَوْت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَيف يُنكر وَقد خَاطب الله تَعَالَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: { إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} ؟ فَأخْبر الله تَعَالَى بِأَن الْمَوْت يعمهم، وَكَانَ مشركو قُرَيْش يتربصون برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَوته، فَأخْبر الله تَعَالَى أَن لَا معنى للتربص وَأنزل: { إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} .

     وَقَالَ  قَتَادَة: نعيت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَفسه ونعيت إِلَيْكُم أَنفسكُم.
قَوْله: { ثمَّ إِنَّكُم} أَي: إِنَّك وإياهم، فغلب ضمير الْمُخَاطب على ضمير الْغَائِب: { يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} فتحتج عَلَيْهِم بأنك بلغت، ويعتذرون بمالاً طائل تَحْتَهُ، يَقُول الأتباع: أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا، وَتقول السادات: أغوتنا الشَّيَاطِين وآباؤنا الأقدمون.



[ قــ :4187 ... غــ :4428 ]
- وَقَالَ يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ قالتْ عائِشَةُ رَضِي الله عَنْهَا كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي ماتَ فِيهِ يَا عائِشَةُ مَا أزَالُ أجدُ ألَمَ الطعامِ الَّذِي أكَلْت بخيْبَرَ فهَذَا أوَانُ وجَدْتُ انْقِطاعَ أبْهَرِي مِنْ ذالِكَ السُّمِّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَعُرْوَة هُوَ ابْن الزبير بن الْعَوام.

وَهَذَا مُعَلّق وَصله الْبَزَّار وَالْحَاكِم والإسماعيلي من طَرِيق عَنْبَسَة بن خَالِد عَن يُونُس بِهَذَا الْإِسْنَاد.

وَقَوله: ( مَا أزل أجد ألم الطَّعَام) أَي: أحس الْأَلَم فِي جوفي بِسَبَب الطَّعَام،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: المُرَاد أَنه نقص من لَذَّة ذوقه،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء، لِأَن نقص الذَّوْق لَيْسَ بألم.
قَوْله: ( فَهَذَا أَوَان) مُبْتَدأ وَخبر، وَقيل: أَوَان، بِالْفَتْح على الظَّرْفِيَّة وبنيت على الْفَتْح لإضافتها إِلَى مبْنى وَهُوَ الْمَاضِي، لِأَن الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ كالشيء الْوَاحِد.
قَوْله: ( أَبْهَري) ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْهَاء، وَهُوَ عرق مستبطن الْقلب، قيل: وَهُوَ النياط الَّذِي علق بِهِ الْقلب، فَإِذا انْقَطع مَاتَ، وَقيل: هما أبهران يخرجَانِ من الْقلب ثمَّ يتشعب مِنْهُمَا سَائِر الشرايين، وَقيل: هُوَ عرق فِي الصلب مُتَّصِل بِالْقَلْبِ.
قَوْله: ( من ذَلِك السم) ، بِفَتْح السِّين وَضمّهَا، الَّذِي سمته تِلْكَ الْمَرْأَة فِي غَزْوَة خَيْبَر، وَاسْمهَا زَيْنَب بنت الْحَارِث، وَقيل: أُخْت مرحب من شجعان أهل خَيْبَر، وَقد مر بَيَانه فِي الْبابُُ الَّذِي ذكرت فِي غَزْوَة خَيْبَر حِكَايَة الشَّاة المسمومة.