هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3685 وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ ، يَقُولُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ عُلَمَائِنَا بِالْحِجَازِ حَتَّى حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ ، وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الشَّامِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3685 وحدثني حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي إدريس الخولاني ، أنه سمع أبا ثعلبة الخشني ، يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع ، قال ابن شهاب : ولم أسمع ذلك من علمائنا بالحجاز حتى حدثني أبو إدريس ، وكان من فقهاء أهل الشام
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Tha'laba reported that Allah's Apostle (may peace be upon prohibited the eating of every fanged beast of prey. Zuhri added:

We did not bear of it until we came to Syria.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي ثعلبة رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السبع.
زاد إسحق وابن أبي عمر في حديثهما قال الزهري: ولم نسمع بهذا حتى قدمنا الشام.


المعنى العام

الطعام والشراب من الأمور العادية البشرية، يألف بعض الناس طعاماً لا يألفه آخرون، ويستقذر بعض الناس طعاماً يستلذه آخرون، فكان الفاصل فيما يحل أو يحرم هو النص الشرعي، وقد قال الله تعالى { { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } } [الأعراف: الآية 157] .

فالله سبحانه وتعالى حرم أن يطعم المؤمن الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وما ذبح على النصب، وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريم بعض اللحوم، وعافت نفسه بعض اللحوم ولم يحرمها.

ولما كانت بعض هذه الأحاديث متعارضة مع قوله تعالى { { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به } } [الأنعام: 145] .

كان للمذاهب الفقهية مواقف مختلفة، وتوجيهات متقابلة في أكل كل ذي ناب من السباع، وأكل كل ذي مخلب من الطيور، ولما كان الامتناع عن أكل هذه الحيوانات إن لم ينفع لا يضر، وكان أكلها إن لم يضر ديناً لا ينفع، فإننا نميل -والله أعلم...إلى عدم أكلها، سواء قلنا بتحريمها، أو قلنا بكراهتها.
وعلى الله قصد السبيل.

المباحث العربية

( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السبع) الناب السن الذي يلي الرباعية، والسبع بضم الباء وسكونها كل ذي ناب يصطاد به، ويتقوى به ويعدو به على الناس وعلى الدواب فيفترسها، كالأسد والذئب والنمر والكلب وأمثالها، والجمع سباع بكسر السين، وأسبع بضم الباء، وسبوع بضم السين والباء.

( قال الزهري: ولم نسمع بهذا، حتى قدمنا الشام) في الرواية الثانية قال الزهري: ولم أسمع ذلك من علمائنا بالحجاز، حتى حدثني أبو إدريس، وكان من فقهاء أهل الشام وظاهر هذا أن الزهري كان يشك في هذا الحكم، فعلماء الحجاز آخر الناس عهداً وأعلمهم بأحكام الشريعة.

( نهى عن كل ذي ناب من السبع) دون ذكر الأكل في الرواية، لكنه مراد من الروايات التي لم يذكر فيها، فيكون توجيهها على تقدير مضاف.

( وعن كل ذي مخلب من الطير) المخلب بكسر الميم وفتح اللام، وهو للطير والسباع بمنزلة الظفر من الإنسان.

فقه الحديث

قال النووي: في هذه الأحاديث دلالة لمذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد وداود والجمهور أنه يحرم أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، وقال مالك: يكره، ولا يحرم، واحتج بقوله تعالى: { { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به } } واحتج أصحابنا بهذه الأحاديث، قالوا: والآية ليس فيها إلا الإخبار بأنه لم يجد في ذلك الوقت محرماً إلا المذكورات في الآية، ثم أوحي إليه بتحريم كل ذي ناب من السباع، فوجب قبوله والعمل به.
اهـ

ويحاول الجمهور أن يتخلصوا من ظاهر الآية، فيقول بعضهم -بالإضافة إلى قول النووي- إن الآية مكية، وحديث التحريم بعد الهجرة، فعند أبي داود عن ابن عباس نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير فالنص المحرم متأخر، فالأخذ به يكون أولى، ويقول بعضهم: إن آية الأنعام خاصة ببهيمة الأنعام، لأنه تقدم قبلها حكاية عن الجاهلية أنهم كانوا يحرمون أشياء من الأزواج الثمانية بآرائهم، فنزلت الآية { { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً } } أي من المذكورات -الإبل والبقر والغنم والماعز ذكوراً وإناثاً- إلا الميتة منها والدم المسفوح، ولا يرد كون لحم الخنزير ذكر معها، لأنها قرنت به علة تحريمه، وهي كونه رجساً، فالآية أريد بها خصوص السبب، وليس عموم اللفظ، ويقول بعضهم: بأن الآية، وإن دلت على الحصر، فإنا نخصصها بالأخبار الصحيحة، لأنه لا معنى للحصر فيها إلا أن الأربعة محرمة، وما عداها ليس بمحرم، وهذا عام، وإثبات محرم آخر تخصيص لهذا العام، وتخصيص العام بخبر الواحد جائز.

وفي الجانب الآخر تمسك بظاهر الآية كثير من السلف، فأباحوا ما عدا المذكور فيها، حتى الحمر الأهلية، فقد أخرج البخاري عن عمرو بن دينار، قال: قلت لجابر بن عبد الله: إنهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر، فقال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا بالبصرة، ولكن أبى ذلك البحر ابن عباس، وقرأ { { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً....
}
}
وسيأتي الكلام عن الحمر الإنسية قريباً من باب خاص.

وأخرج أبو داود عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سئل عن أكل القنفذ، فقرأ الآية، وأخرج ابن أبي حاتم وغيره بسند صحيح عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت إذا سئلت عن كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير قالت: { { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً... } } إلى آخر الآية.

وأخرج أبو داود أيضاً عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ليس من الدواب شيء محرم إلا ما حرم الله تعالى في كتابه { { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً... } }

ويقول بعضهم: إن الدليل قائم على الفرق بين تحريم كل ذي ناب، وتحريم الخنزير، ولذا اختلف الصحابة في كل ذي ناب، ولم يختلفوا في تحريم الخنزير، فدل ذلك على أن النهي عن أكل كل ذي ناب للكراهة، لا للتحريم، قالوا: وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أجاز أكل الضبع، وأخرجه الحاكم من حديث جابر، وقال صحيح الإسناد، وهو ذو ناب، فدل بهذا على أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بالنهي عن كل ذي ناب من السباع الكراهة، وليس التحريم.

ويقوي بعضهم هذا المذهب، ويقول: إن الحديث المحرم ليس من قبيل تخصيص الآية، كما زعموا، بل هو صريح النسخ، لأنها لما كان معناها: أن لا محرم سوى الأربعة، فإثبات محرم آخر قول بأن الأمر ليس كذلك، وهو رفع للحصر، ونسخ القرآن بخبر الواحد غير جائز.

ويقول الإمام الرازي: إن كثيراً من الفقهاء خصوا عموم هذه الآية بما نقل أنه صلى الله عليه وسلم قال: ما استخبثته العرب فهو حرام وقد علم أن الذي تستخبثه غير مضبوط، فسيد العرب، بل سيد العالمين عليه الصلاة والسلام، لما رآهم يأكلون الضب قال: يعافه طبعي ولم يكن ذلك سبباً لتحريمه، وأما سائر العرب ففيهم من لا يستقذر شيئاً، وقد يختلفون في بعض الأشياء، فيستقذرها قوم، ويستطيبها آخرون، فعلم أن أمر الاستقذار غير مضبوط، بل هو مختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، فكيف يجوز نسخ هذا النص القاطع بذلك الأمر الذي ليس له ضابط معين ولا قانون معلوم.

ثم قال: فثبت بالتقرير الذي ذكرناه قوة هذا الكلام، وصحة هذا المذهب، وهو الذي يقول به مالك بن أنس.
والله أعلم.

( إضافة) اختلف الناس في حل أكل لحم الضبع، فروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضبع، وعن ابن عباس إباحة أكل الضبع، وكذا أباح عطاء والشافعي وأحمد وإسحق وأبو ثور أكل الضبع والثعلب، وقالوا: إن نابهما ضعيف، واستدلوا بما أخرجه النسائي وابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع، فقال: هو صيد، ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم.

فقد جعله صلى الله عليه وسلم صيداً، ورأى فيه الفداء، فأباح أكله كالظباء والحمر الوحشية وغيرها من أنواع صيد البر، فقوله هو صيد دليل على أن من السباع والوحش ما ليس بصيد، فلم يدخل تحت قوله { { وحرم عليكم صيد البر } } [المائدة: 96] .

وكره أكله الثوري وأبو حنيفة وأصحابه ومالك، واحتجوا بأن الضبع سبع ذو ناب، وحديث النهي عن أكل كل ذي ناب عام يشمله، قالوا: وحديث جابر ليس بمشهور، وهو محلل، والمحرم يقضي على المبيح احتياطاً، وقيل: حديث جابر انفرد به عبد الرحمن بن أبي عمار، وليس بمشهور بنقل العلم، ولا هو حجة إذا انفرد، فكيف إذا خالفه من هو أثبت منه.

والله أعلم