هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
361 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ ، - وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ - ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ يَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ : أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لِي يَا ابْنَ عُمَرَ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ ، وَكُنْتَ عَلَى الْبَصْرَةِ . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح ، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ - قَالَ : أَبُو بَكْرٍ - وَوَكِيعٌ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ كُلُّهُمْ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  واللفظ لسعيد ، قالوا : حدثنا أبو عوانة ، عن سماك بن حرب ، عن مصعب بن سعد ، قال : دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض فقال : ألا تدعو الله لي يا ابن عمر ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول ، وكنت على البصرة . حدثنا محمد بن المثنى ، وابن بشار ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ح ، وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا حسين بن علي ، عن زائدة قال : أبو بكر ووكيع ، عن إسرائيل كلهم عن سماك بن حرب بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن مصعب بن سعد، قال: دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض.
فقال: ألا تدعو الله لي، يا ابن عمر؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول وكنت على البصرة.



المعنى العام

عبد الله بن عامر هو ابن خال عثمان بن عفان، ولاه عثمان البصرة بعد أن عزل عنها أبا موسى الأشعري، وهو الذي افتتح خراسان، وأحرم من نيسابور شكرا لله تعالى، وجمع له عثمان ولاية فارس مع البصرة وهو ابن أربع وعشرين سنة، ولم يزل واليا لعثمان إلى أن قتل عثمان، ثم عقد له معاوية على البصرة، ثم عزله عنها، ومات قبل ابن الزبير بقليل، والحديث يحكي زيارة ابن عمر له في مرض وفاته، وكان ابن عامر يعرف فضل ابن عمر وصلاحه، ومن أجل ذلك حرص على استرضائه وطلب دعائه في وقت الشدة والفزع إلى الله تعالى، فقال: ألا تدعو الله لي يا ابن عمر؟ ورغم ما قيل من أن ابن عامر كان في ولايته سخيا كريما حليما، ورغم ما قيل من أنه هو الذي عمل السقايات بعرفة، فإن ابن عمر التقي الورع، الغيور على الحق والعدل كان يعتقد أن ابن عامر لم يسلم من الغلول، ولا من المال الحرام في ولايته وأن ما قام به من سخاء وكرم، ومن نفقة في الخير إنما كان مصدره حراما، وأن المال الحرام موبق لصاحبه ولو أنفق في الصدقات، وأنه لا ينجي صاحبه إلا رده إلى أصحابه، ومن هذه العقيدة أراد ابن عمر أن يوجه ابن عامر إلى اتخاذ أسباب النجاة، ولسان حاله يقول:

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس

وكأنه يقول: ماذا يفيدك دعائي لك وأنت مكبل بالمظالم؟ لقد أقمت زمنا طويلا واليا على البصرة، أكلت فيه المال الحرام، ولبست فيه ثوب الحرام، إن كنت تظن أنك تصدقت وأنك أنفقت في وجوه الخير، فاعلم أن ذلك غير نافعك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقبل صدقة من غلول وخيانة، كما لا تقبل صلاة بغير طهارة، إن طهارة المال شرط لقبول إنفاقه كما أن طهارة البدن شرط لقبول الصلاة، فسدد وقارب قبل أن تطلب الدعاء.

وإذا كان ابن عمر قد بدا في هذا الموقف شديدا فإن الذي فعله كان شدة في الحق وتوجيها لما هو خير، إن ابن عمر يؤمن بأن الدعاء ينفع، وهو يحب الخير للناس، ولا يأبى الدعاء للمؤمن بالخير، وخاصة إذا كان على مشارف الموت، ولكنه يخشى الاتكال أو التواكل، ويدفع للعمل، ويحذر غير ابن عامر من الولاة، ويغرس في نفوسهم الخوف ويحارب ركونهم إلى الرجاء والطمع مع التهاون والمظالم.

فرضي الله عنه وأرضاه ورضي عن الصحابة أجمعين.

المباحث العربية

( يعوده) العود الرجوع، وأطلق على زيارة المريض؛ لما أن الشأن فيها التكرار والرجوع، والجملة في محل النصب على الحال من فاعل دخل.

( وهو مريض) الجملة حال من ابن عامر أو من ضميره في يعوده.

( ألا تدعو الله لي) ألا للعرض أو التحضيض، ومعناها طلب الشيء، لكن العرض طلب بلين، والتحضيض طلب بحث، والمعنى هنا: أطلب منك الدعاء لي.

( ولا صدقة من غلول) أصل الغلول السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة، وسميت بذلك لأن الآخذ يغل المال في متاعه، أي يخفيه فيه، ويطلق على الخيانة مطلقا، والمراد منه هنا مطلق المال الحرام أخذ خفية أو جهرة.

( وكنت على البصرة) أي كنت واليا على البصرة، ولم تسلم من الغلول والخيانة.

فقه الحديث

يمكن حصر نقاط الحديث في خمس:

1- الوضوء، وموجبه، ومتى فرض؟ وطلبه لكل صلاة.

2- الفرق بين القبول والصحة، وتوجيه قوله لا تقبل صلاة بغير طهور.

3- الطاعة بالمال الحرام، وإنفاقه في وجوه الخير.

4- تحليل موقف ابن عمر من مطلب ابن عامر.

5- ما يؤخذ من الحديث من الأحكام.

وهذا هو التفصيل:

1- الوضوء وموجبه، ومتى فرض؟ وطلبه لكل صلاة: في موجب الوضوء ذهب أهل الظاهر إلى أنه القيام إلى الصلاة، مستدلين بقوله تعالى: { { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا... } } [المائدة: 6] وذهب آخرون إلى أنه الحدث، وذهب الأكثرون إلى أنه إرادة الصلاة بشرط الحدث.

قال النووي: اختلف أصحابنا في الموجب للوضوء على ثلاثة أوجه: أحدها أنه يجب بالحدث وجوبا موسعا، والثاني لا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة، والثالث: يجب بالأمرين وهو الراجح عند أصحابنا.
اهـ.

واختلفوا متى فرضت الطهارة للصلاة، فذهب ابن الجهم من المالكية إلى أن الوضوء في أول الإسلام كان سنة، ثم نزل فرضه في آية التيمم، وقال ابن حزم بأنه لم يشرع إلا بالمدينة، والجمهور أنه كان فرضا قبل نزول آية التيمم في سورة المائدة، وهذا ما لا يجهله عالم.
اهـ.

ويمكن الرد على من أنكر وجود الوضوء قبل الهجرة بما رواه الحاكم عن ابن عباس دخلت فاطمة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، وتقول: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاهدوا ليقتلوك، فقال: إيتوني بوضوء فتوضأ بل نقل ابن عبد البر أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل قط إلا بوضوء، قال: واختلفوا في أن الوضوء فرض على كل قائم إلى الصلاة أم على المحدث خاصة؟ فذهب جماعة من السلف إلى أن الوضوء واجب لكل صلاة ولو من غير حدث، روي ذلك عن ابن عمر وأبي موسى وجابر بن عبد الله وسعيد بن المسيب وغيرهم، واحتجوا بقوله تعالى: { { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا... } } فالحكم في الآية وهو الغسل معلق بالشرط، فيقتضي تكراره بتكرار الشرط.

وذهب قوم إلى أن ذلك قد كان ثم نسخ، ويؤيدهم ما أخرجه أحمد وأبو داود عن عبد الله بن حنظلة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة، طاهرا كان أو غير طاهر، فلما شق عليه وضع عنه الوضوء إلا من حدث.
وعن النخعي أنه لا يصلي بوضوء واحد أكثر من خمس صلوات.

وجمهور العلماء والأئمة الأربعة وأكثر أصحاب الحديث وغيرهم أن الوضوء لا يجب إلا من حدث، ولكن تجديده لكل صلاة مستحب، قال النووي: وعلى هذا أجمع أهل الفتوى بعد ذلك، ولم يبق بينهم فيه خلاف.
اهـ.

واستدلوا بالأحاديث الصحيحة الكثيرة منها ما رواه البخاري لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ وما رواه مسلم من حديث بريدة كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: إنك فعلت شيئا لم تكن تفعله فقال: عمدا فعلته وفي مسند الدارمي لا وضوء إلا من حدث وعند أبي داود والنسائي عن أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ كل صلاة وكنا نصلي الصلوات بوضوء واحد.

قال بعض العلماء: كانت هذه عادته صلى الله عليه وسلم الغالبة، وإلا فقد جمع بين صلاتين فأكثر بوضوء واحد، كما في حديث بريدة السابق، وكما جاء في حديث سويد بن النعمان عند البخاري بلفظ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر، حتى إذا كنا بالصهباء صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، فلما صلى دعا بالأطعمة، فلم يؤت إلا بالسويق، فأكلنا وشربنا، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم إلى المغرب، فمضمض، ثم صلى لنا المغرب، ولم يتوضأ.

قال بعض العلماء: يحتمل أن ذلك كان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم خاصة، ثم نسخ يوم الفتح، ويحتمل أنه كان يفعله استحبابا، ثم خشي أن يظن وجوبه، فتركه لبيان الجواز، وهذا أقرب، وأجابوا عن قوله تعالى { { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا... } } بأنها في حق المحدثين، أو أن الأمر بالغسل فيها للندب، وحكى الشافعي عمن لقيه من أهل العلم أن التقدير: إذا قمتم من النوم.

قال الزمخشري عند تفسير الآية: فإن قلت: ظاهر الآية يوجب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة، محدث وغير محدث، فما وجهه؟ قلنا: يحتمل أن يكون الأمر للوجوب، فيكون الخطاب للمحدثين خاصة، وأن يكون للندب، فإن قلت: هل يجوز أن يكون الأمر شاملا للمحدثين وغيرهم؟ لهؤلاء على وجه الإيجاب، ولهؤلاء على وجه الندب؟ قلت: لا.
لأن تناول الكلمة الواحدة لمعنيين مختلفين من باب الإلغاز والتعمية.
اهـ.

وفي استحباب تجديد الوضوء ذكر النووي أوجها: أحدها: أنه يستحب لمن صلى به صلاة، سواء أكانت فريضة أم نافلة، الثاني: لا يستحب إلا لمن صلى فريضة، الثالث: يستحب لمن فعل به ما لا يجوز إلا بطهارة، كمس المصحف وسجود التلاوة، الرابع: يستحب وإن لم يفعل به شيئا أصلا بشرط أن يتخلل بين التجديد والوضوء زمن يقع بمثله تفريق.

ولا يستحب تجديد الغسل على المذهب المشهور، وفي استحباب تجديد التيمم وجهان أشهرهما ولا يستحب.

والوضوء واجب على المحدث عند القيام إلى أي نوع من أنواع الصلاة.
قال النووي: وأجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة من ماء أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة والنافلة وسجود التلاوة والشكر وصلاة الجنازة إلا ما حكي عن الشعبي ومحمد بن جرير الطبري من قولهما: تجوز صلاة الجنازة بغير طهارة، وهذا مذهب باطل، وأجمع العلماء على خلافه، ولو صلى محدثا متعمدا بلا عذر أثم، ولا يكفر عند الشافعية وعند الجماهير وحكي عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- أنه يكفر لتلاعبه، ودليل الشافعية: أن الكفر للاعتقاد، وهذا المصلي اعتقاده صحيح، وهذا كله إذا لم يكن للمصلي محدثا عذر، وأما المعذور، كمن لم يجد ماء ولا ترابا ففيه أربعة أقوال للشافعي -رحمه الله تعالى- وهي مذاهب العلماء، قال بكل واحد منها قائلون: أصحها يجب عليه أن يصلي على حاله، ويجب أن يعيد إذا تمكن من الطهارة، والثاني يحرم عليه أن يصلي، ويجب القضاء، والثالث يستحب أن يصلي ويجب القضاء، والرابع يجب أن يصلي ولا يجب القضاء، وهو أقوى الأقوال دليلا، فأما وجوب الصلاة فلقوله صلى الله عليه وسلم وإذا أمرتكم بأمر فافعلوا منه ما استطعتم وأما الإعادة فإنها تجب بأمر مجدد، والأصل عدمه.
اهـ.

والقول الأول مشهور وهو مذهب الشافعية، وقول لبعض المالكية، والقول الثاني قول أبي حنيفة.
وقال أبو يوسف: يتشبه بالمصلي فلا ينوي ولا يقرأ ويركع ويسجد، ويعيد الصلاة متى قدر على إحدى الطهارتين، والقول الرابع قول أحمد، واختاره المزني من الشافعية.

2- والفرق بين القبول والصحة دقيق، فالقبول يفسر بوقوع الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة، والصحة الإتيان بها مستوفية الأركان والشروط، وقد يتخلف القبول مع تحقق الصحة، فصلاة العبد الآبق، وشارب الخمر مادام في جسده شيء منها، والصلاة في الدار المغصوبة صحيحة عند الشافعية غير مقبولة، فقد تقع العبادة صحيحة ولا تقبل لمانع.

وقد يطلق القبول ويراد به الصحة لما بينهما من تلازم غالبا، كما في قوله صلى الله عليه وسلم لا تقبل صلاة بغير طهور أي لا تقبل ولا تصح صلاة بغير طهور، وسيأتي مزيد إيضاح لهذه النقطة في الحديث التالي.

3- الطاعة بالمال الحرام وإنفاقه في وجوه الخير: وأما الطاعة بالمال الحرام فباطلة غير مقبولة، وإذا بطلت الصدقة بسبب ما يتبعها من معصية بنص قوله تعالى { { لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } } [البقرة: 264] بطلت إن قارنتها السيئة من باب أولى، بل إن المتصدق من غلول يجعل الصدقة بعين المعصية، لأن الغال في دفعه المال إلى الفقير غاصب متصرف في ملك الغير، فهو آثم باستيلائه على المال، آثم بتصرفه فيه، لأن كل من أخذ مال غيره بلا وجه شرعي لزمه رده لصاحبه إن كان حيا، وإلا رده على ورثته، ولا يغني عنه شيئا التصدق به.

نعم إن لم يكن له ورثة، أو لم يدر صاحبه، أو استولى عليه بعقد فاسد ولم يتمكن من فسخه فإنه يتصدق به، وثوابه لمالكه، ويرجى لهذا الغال الخلاص يوم القيامة إن أدركه عفو الله.

قال الأبي: وانظر الحج بالمال الحرام، والظاهر الصحة كالصلاة في الدار المغصوبة، وأما النكاح به فقال مالك فيه: أخاف أن يضارع الزنا.
اهـ.

4- وفي تحليل موقف ابن عمر من مطلب ابن عامر يقول النووي: معناه أنك لست بسالم من الغول، فقد كنت واليا على البصرة، وتعلقت بك تبعات من حقوق الله تعالى وحقوق العباد، ولا يقبل الدعاء لمن هذه صفته، كما لا تقبل الصلاة والصدقة إلا من متصون، والظاهر -والله أعلم- أن ابن عمر قصد زجر ابن عامر، وحثه على التوبة وتحريضه على الإقلاع عن المخالفات، ولم يرد القطع حقيقة بأن الدعاء للفساق لا ينفع، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم والسلف والخلف يدعون للكفار وأصحاب المعاصي بالهداية والتوبة.
اهـ.

ويقول الأبي: لعله مذهب لابن عمر أنه لا يدعي للمتلبس بالمخالفة، وإلا فهو جائز.
اهـ.

والذي تستريح إليه النفس أن ابن عمر لم يقصد بكلامه أن الدعاء لا يقبل لمن هذه صفته، كما لا تقبل الصلاة والصدقة إلا من متصون، كما يقول النووي، لأن ابن عمر وفقهه يبعد هذا الفهم الخطأ، ويبعد أن يراد بالفتوى الخاطئة الزجر والتغليظ.

كما أن ابن عمر وفقهه يبعد أن يكون ذلك مذهبا له كما ذهب إليه الأبي.

إن الحديث لم يتعرض لدعاء ابن عمر بنفي ولا إثبات، فيحتمل الإثبات، ويكون المعنى: لقد ارتكبت ظلما في ولايتك، وما أنفقته من مال حرام غير مقبول، فرد المظالم والجأ إلى التوبة لتساعد على قبول الدعاء، وأسأل الله لك العفو والقبول.
فسكت الراوي عن حكاية الدعاء، وحكى الزجر والوعظ، ويحتمل النفي، ويكون المعنى: سأحجب دعائي عنك حتى تتخلص من معاصيك، ويكون قد قصد بذلك وعظه ودفعه إلى عدم الاتكال على الدعاء، وإلى إبراء الذمة مادام قادرا بنفسه على إبرائها.
والله أعلم.

5- ويؤخذ من الحديث

1- عيادة المريض، وهي مشروعة، وتكرارها ومقدارها يختلف باختلاف الظروف.

2- أن الصلوات كلها مفتقرة إلى الطهارة، ويدخل فيها صلاة الجنازة وغيرها؛ لأن لفظ صلاة نكرة في سياق النفي، فتفيد العموم.

3- قال الكرماني: فيه أن الطواف لا يجزئ بغير طهور، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه صلاة فقال الطواف صلاة إلا أنه أبيح فيه الكلام ورد العيني هذا الاستدلال، وحمل الحديث على التشبيه، وقال: الطواف كالصلاة في الثواب دون الحكم، ثم يقول: ألا ترى أن الانحراف والمشي في الطواف لا يفسده؟

4- وفيه أن الصدقة من المال الحرام غير مقبولة.

5- وفيه طلب الدعاء من أهل التقوى والصلاح، فإنه لم ينكر أحد على ابن عامر طلبه.

6- فيه شدة ابن عمر في الدين، وقيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خير قيام دون مجاملة أو مداراة.

7- وفيه جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بين الصلاة والصدقة، ووضعهما في قرن واحد كعنوان للعبادات البدنية، والعبادات المالية.

والله أعلم