هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3334 وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ حُجْرَتِهِ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ ، فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ ، فَأَقْضِي لَهُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ ، فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ ، فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا ، وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ يُونُسَ ، وَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ ، قَالَتْ : سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَجَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ أُمِّ سَلَمَةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3334 وحدثني حرملة بن يحيى ، أخبرنا عبد الله بن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني عروة بن الزبير ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع جلبة خصم بباب حجرته ، فخرج إليهم ، فقال : إنما أنا بشر ، وإنه يأتيني الخصم ، فلعل بعضهم أن يكون أبلغ من بعض ، فأحسب أنه صادق ، فأقضي له ، فمن قضيت له بحق مسلم ، فإنما هي قطعة من النار ، فليحملها أو يذرها ، وحدثنا عمرو الناقد ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا أبي ، عن صالح ، ح وحدثنا عبد بن حميد ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، كلاهما عن الزهري ، بهذا الإسناد نحو حديث يونس ، وفي حديث معمر ، قالت : سمع النبي صلى الله عليه وسلم لجبة خصم بباب أم سلمة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع جلبة خصم بباب حجرته فخرج إليهم فقال إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضهم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها.


المعنى العام

إن حكم الحاكم المبني على القواعد الشرعية واجب النفاذ وليس للمحكوم عليه أن يمتنع عن التنفيذ مادامت قد قامت البينة لدى الحاكم أو حلف المدعى عليه عند عدم البينة.

وقد يكون الحق في جانب والحكم في جانب آخر نتيجة شهادة زور أو نتيجة عجز المدعي من إثبات دعواه أو فصاحة المدعى عليه بحيث يلبس على القاضي الحق بالباطل والباطل بالحق ومع ذلك يكون الحكم واجب النفاذ والإثم في هذه الحالة على المحكوم له بحق ليس له إن هو أخذ حق امرئ مسلم وإن كان شبرا من عود شجر وإن كان سواكا من أراك فهو قطعة من النار يأتي هذا العود يوم القيامة سيخا من نار حامية يحرق بدنه فيكوى به جبهته وجنبه وظهره ويقال له: هذا ما استوليت عليه بغير وجه حق.

إن الدنيا لا تغني عن الآخرة وما متاع الدنيا في الآخرة إلا قليل فليحذر الذين يأكلون أموال الناس بالباطل يوم يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء.

إن الرسول صلى الله عليه وسلم يحذر الفصحاء من أن يستغلوا فصاحتهم في دعواهم الباطلة يحذر الذين يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون ويعلن أنه صلى الله عليه وسلم بشر لا يعلم الغيب وقد أمر أن يحكم بين الناس بمقتضى قواعد الشرع وربما حكم لامرئ بحق أخيه ظنا أنه صادق فمن قضى له بحق مسلم فليعلم أنها قطعة من النار فليأخذها أو يتركها وكل نفس بما كسبت رهينة.

المباحث العربية

( إنكم تختصمون إلي) الخطاب للخصوم الذين سمع أصواتهم وهو في بيت زوجه أم سلمة فخرج إليهم كما سيأتي في الرواية الثانية ولفظها سمع جلبة خصم بباب حجرته فخرج إليهم فقال...
والجلبة بفتح الجيم واللام اختلاط الأصوات وفي ملحق الرواية الثانية لجبة بتقديم اللام على الجيم وهي لغة فيها والخصم فتح الخاء وسكون الصاد مصدر يطلق على الواحد وعلى الاثنين وعلى الأكثر وعلى المذكر والمؤنث وقد يثنى كما في قوله تعالى { { هذان خصمان اختصموا } } [الحج: 19] وقد يجمع كما في رواية بلفظ خصوم كما جاء في رواية للبخاري سمع خصوم وقد وقع التصريح في بعض الروايات عند أبي داود أن الخصومة كانت بين اثنين وأنها كانت في مواريث لهما ولفظها أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان يختصمان في مواريث لهما فلعل الجمع في إنكم تختصمون إلي على لغة من يطلق الجمع على الاثنين فصاعدا أو الخطاب لهما ولمن تجمع من المارة على خصومتهما ولعل الرجلين كانا في طريقهما إليه صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما وارتفعت أصواتهما بغير قصد أو بقصد إثارة انتباهه ليخرج إليهم إن شاء بدلا من طرق بابه أو أنهما كانا في الطريق إلى مكان آخر فوقعت الجلبة في هذا المكان صدفة ورواية أبي داود تفيد أنهما كانا قاصدين داره صلى الله عليه وسلم.

والمقصود من الباب ومن الحجرة الواردين في الرواية الثانية بلفظ بباب حجرته منزل أم سلمة كما صرح به في ملحق الرواية ولم تكن الخصومة بالباب بل عند الباب قريبة منه كأنها مصاحبة له.

( ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض) اللحن القدرة على التعبير عما يريد وقال النووي: ألحن بالحاء معناه أبلغ وأعلم بالحجة كما صرح به في الرواية الثانية.
اهـ.

واختلف في تعريف البلاغة فقيل: أن يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه وقيل: إيصال المعنى إلى الغير بأحسن لفظ وقيل إجمال اللفظ واتساع المعنى وعرفها المتأخرون من أهل المعاني والبيان بأنها مطابقة الكلام لمقتضى الحال والفصاحة خلو الكلام عن التعقيد.

والمراد هنا لعل بعض الخصوم يكون أقدر على إلباس الحق ثوب الباطل والباطل ثوب الحق بأدلته من البعض الآخر.

( فأقضي له على نحو مما أسمع منه) أي فأقضي له بناء على ما يقع من إقناعه لي بحجته وفي الرواية الثانية فأحسب أنه صادق وفي رواية فأظنه صادقا وفي الكلام حذف تقديره: وهو في الباطن والحقيقة كاذب.

( فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه) أي فمن أعطيته من حق أخيه شيئا فلا يأخذه وفي الرواية الثانية فمن قضيت له بحق مسلم والتقييد بالمسلم خرج على الغالب إذ الكثير في معاملات المسلم أن تكون مع المسلم وليس المراد به الاحتراز عن الكافر فإن مال الذمي والمعاهد والمرتد في هذا كمال المسلم فالمراد من الأخوه الأخوة في الإنسانية.

( فإنما أقطع له به قطعة من النار) الفاء للتعليل أي لا يأخذه لأنه قطعة من النار وليس المراد أنه الآن حين القضاء قطعة من نار تحرق فقد يكون نافعا للمحكوم له في الدنيا ولكن المراد أنه سيتحول إلى قطعة من النار يوم القيامة يجبر على أخذها لتحرقه وفي الرواية الثانية فإنما هي قطعة من النار قال الحافظ ابن حجر: ضمير هي للحالة أو القصة.
اهـ ويصح أن يعود إلى القضية أي المقضي به أي فإن ما أقضي به بغير حق من مال المسلم قطعة من النار.

( فليحملها أو يذرها) في رواية للبخاري فليأخذها أو ليتركها قال النووي: ليس معناه التخيير بل هو التهديد والوعيد كقوله تعالى { { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } } [الكهف: 29] وكقوله سبحانه { { اعملوا ما شئتم } } [فصلت: 40] .
اهـ.

وحاصله النهي والتحذير من أخذها لأنها غير حق ولأنها قطعة من النار.

وقال ابن التين: هو خطاب للمقضي له ( يقصد مطلقا سواء قضي له بحقه أو بحق أخيه) ومعناه أنه أعلم من نفسه هل هو محق؟ أو مبطل فإن كان محقا فليأخذ وإن كان مبطلا فليترك فإن الحكم لا ينقل الأصل عما كان عليه اهـ وهذا المعنى لا يستقيم مع الحكم السابق وأنه حق الغير وأنه قطعة من النار.

( إنما أنا بشر) البشر الخلق يطلق على الجماعة والواحد والمراد أنه صلى الله عليه وسلم مشارك للبشر في أصل الخلقة وإن زاد عليهم بمزايا اختص بها في ذاته وصفاته والحصر هنا مجازي قصر قلب لأنه أتى به ردا على من زعم أن من كان رسولا فإنه يعلم كل غيب حتى لا يخفى عليه المظلوم أي ما أنا إلا بشر والبشر لا يعلمون من الغيب وبواطن الأمور شيئا إلا أن يطلعهم تعالى على شيء من ذلك وأنه يجوز عليه في أمور الأحكام ما يجوز عليهم.

فقه الحديث

هذا الحديث حجة لمن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد يحكم بالشيء في الظاهر ويكون الأمر في الباطن خلافه ولا مانع من ذلك إنما الممتنع أن يخبر عن أمر بأن الحكم الشرعي فيه كذا ويكون ناشئا عن اجتهاده ويكون خطأ فهو في هذه الحالة لا يقر على الخطأ أما ما نحن فيه فهو الحكم في القضايا بين الناس بناء على البينة واليمين وقد أمر أن يحكم بالظاهر والله يتولى السرائر وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ولو شاء الله لأطلعه صلى الله عليه وسلم على باطن أمر الخصمين فحكم بالواقع واليقين من غير حاجة إلى شهادة أو يمين لكن لما أمر الله تعالى أمته باتباعه والإقتداء به في أقواله وأفعاله وأحكامه أجرى له حكمهم في عدم الاطلاع على باطن الأمور ليكون حكم الأمة في ذلك حكمه فأجرى الله تعالى أحكامه على الظاهر الذي يستوي فيه هو وغيره ليصح الاقتداء به وتطيب نفوس العباد للانقياد للأحكام الظاهرة التي سيحكم بها الحكام من بعده من غير نظر إلى الباطن والواقع.

قال النووي: فإن قيل: هذا الحديث ظاهره أنه قد يقع منه صلى الله عليه وسلم في الظاهر مخالف الباطن وقد اتفق الأصوليون على أنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على خطأ في الأحكام؟ فالجواب أنه لا تعارض بين الحديث وقاعدة الأصوليين لأن مراد الأصوليين فيما حكم فيه باجتهاده فهل يجوز أن يقع فيه الخطأ؟ فيه خلاف الأكثرون على جوازه ومنهم من منعه لكن الذين جوزوه قالوا: لا يقر على إمضائه بل يعلمه الله تعالى به ويتداركه وأما الذي في الحديث فمعناه إذا حكم بغير اجتهاد كما إذا حكم بالبينة واليمين فهذا إذا وقع منه ما يخالف ظاهره باطنه لا يسمى الحكم خطأ بل الحكم صحيح بناء على ما استقر به التكليف وهو وجوب العمل بشاهدين مثلا فإن كانا شاهدي زور فالتقصير منهما وممن ساعدهما وأما الحكم فلا حيلة له في ذلك ولا عيب عليه بسببه بخلاف ما إذا أخطأ في الاجتهاد فإن هذا الذي حكم به ليس هو حكم الشرع.
اهـ.

وزاد بعضهم الأمر إيضاحا فقال: في قصة ابن وليدة زمعة السابقة في باب الولد للفراش حكم صلى الله عليه وسلم بالولد لعبد بن زمعة وألحقه بزمعة بناء على قاعدة: الولد للفراش فلما كان الوالد شبيها بعتبة وليس شبيها بزمعة قال لسودة بنت زمعة: احتجبي منه أي احتياطا أنه ليس أخاها وليس ابنا لزمعة فحكم بالظاهر واحتاط للباطن.

وفي قصة المتلاعنين لما لاعنت المرأة فرق بينها وبين زوجها ولم يبطل لعانها ولم يحكم عليها بالزنا مع أن ابنها جاء مشبها من رميت به ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لولا الإيمان ( أي بحكم الله وقضاء الله والاحتكام إلى اللعان) لكان لي ولها شأن.

ومنع قوم وقوع الخطأ في اجتهاده وقالوا: لو جاز وقوع الخطأ في حكمه للزم أمر المكلفين بالخطأ لثبوت الأمر باتباعه في جميع أحكامه حتى قال الله تعالى { { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } } [النساء: 65] وقالوا: إن الإجماع معصوم من الخطأ فالرسول أولى بذلك لعلو رتبته.

قال الحافظ ابن حجر: والجواب عن الأول: أن الأمر إذا استلزم إيقاع الخطأ لا محذور فيه لأنه موجود في حق المقلدين فإنهم مأمورون باتباع المفتي والحاكم ولو جاز عليه الخطأ والجواب عن الثاني: أن الملازمة مردودة فإن الإجماع إذا فرض وجوده دل على أن مستندهم ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فرجع الأتباع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إلى نفس الإجماع.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

1- قال النووي: في هذا الحديث دلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير علماء الإسلام وفقهاء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم: أن حكم الحاكم لا يحيل الباطن ولا يحل حراما فإذا شهد شاهدا زور لإنسان بمال فحكم به الحاكم لم يحل للمحكوم له ذلك المال ولو شهدا عليه بقتل لم يحل للولي قتله مع علمه بكذبهما وإن شهدا بالزور أنه طلق امرأته لم يحل لمن علم بكذبهما أن يتزوجها بعد حكم القاضي بالطلاق وقال أبو حنيفة: يحل حكم الحاكم الفروج دون الأموال فقال: يحل نكاح المذكورة وهذا مخالف لهذا الحديث الصحيح ولإجماع من قبله ومخالف لقاعدة وافق عليها هو وغيره وهي أن الأبضاع أولى بالاحتياط من الأموال.
اهـ.

قال الشافعي: إنه لا فرق في دعوى حل الزوجة لمن قام بتزويجها بشاهدي زور وهو يعلم بكذبهما وبين من ادعى على حر أنه في ملكه وأقام بذلك شاهدي زور وهو يعلم حريته فإذا حكم له الحاكم بأنه ملكه لم يحل له أن يسترقه بالإجماع.

وقال القرطبي: شنعوا على من قال ذلك -يقصد أبا حنيفة- قديما وحديثا لمخالفة الحديث الصحيح ولأن في هذا القول صيانة المال وابتذال الفروج وهي أحق أن يحتاط لها وتصان.
اهـ.

وقد حاول بعض الحنفية تبرير هذا القول والدفاع عنه.
فقال:

أ- جاء عن علي رضي الله عنه أن رجلا خطب امرأة فأبت فادعى أنه زوجها وأقام شاهدين فقالت المرأة: إنهما شهدا بالزور فزوجني أنت منه فقد رضيت فقال شاهداك زوجاك وأمضى عليها النكاح.

ورد بأن هذا لم يثبت عن علي رضي الله عنه وكيف يتوهم أن عليا رضي الله عنه حكم بصحة النكاح بعد علمه بشهادة الزور؟ وكيف يتوهم أنه حكم بصحة النكاح مع أن المرأة أنكرت الركن الأساسي فيه وهو الإيجاب والقبول؟ وكيف تقول المرأة: زوجني أنت منه فقد رضيت فلا يزوجها زواجا شرعيا صحيحا متفقا عليه ويمضي ويحكم بصحة زواج ثابت الفساد؟ أعتقد لو أن هذه القصة ثابتة لكان معنى شاهداك زوجاك أي كانا سببا في رضاها بك وقبولها اليوم بزواجك بعد أن كانت غير راضية بك وكان معنى قول الراوي وأمضى عليها النكاح أي زوجها وعقد لها عليه ويكفي في هذا الدليل هذا الاحتمال ليسقط به الاستدلال؟ ثم كيف ينهض هذا الأثر لمقاومة الحديث الصحيح؟

ب- وقال تبريرا لهذا الحكم: إن الحاكم في النكاح قضى بحجة شرعية أمر الله تعالى بها وهي البينة العادلة في علمه ولم يكلف بالاطلاع على صدقهم في باطن الأمر ( وهذا يرد الأثر السابق فإن عليا رضي الله عنه لم يحكم بناء على البينة العادلة في علمه بل ثبت له أن البينة غير عادلة) فإذا حكم بشهادتهم فقد امتثل ما أمر الله فلو قلنا: لا ينفذ في باطن الأمر للزم إبطال ما وجب بالشرع وصيانة الحكم عن الإبطال مطلوبة.

ورد هذا من وجوه: أولا: صيانة الحكم عن الإبطال مطلوبة إذا صادف حجة صحيحة.

ثانيا: لسنا في مسألة الحكم وإثم القاضي وإنما نحن في التنفيذ ولا يلزم من حكم الحاكم التنفيذ الفعلي في باطن الأمر فالرسول صلى الله عليه وسلم إذا قضى لامرئ بحق امرئ لا إثم عليه ومع ذلك فالتنفيذ قطعة من النار فكيف يباح للمنفذ أن يأخذها وهو يعلم حقيقتها.

ثالثا: أن أبا حنيفة يقع في هذه الاعتراضات حين يقول بعدم التنفيذ في الأموال فهو لم يصن الحكم عن الإبطال وأبطل ما وجب بالشرع.

ج- وقال أيضا تبريرا لهذا الحكم: لو حكم الحاكم بالطلاق بناء على شهادتي زور فتزوجت رجلا غيره لو لم ينفذ هذا الحكم باطنا لبقيت حلالا للزوج الأول باطنا وللثاني ظاهرا ولو ابتلي الثاني بمثل ما ابتلي به الأول وحكم بالطلاق منه بناء على شاهدي زور حلت للثالث وهكذا فتحل لجمع متعدد في زمن واحد.

ورد بأن هذا إلزام بما لا يقال من الذي أباح لها أن تتزوج الثاني بناء على حكم الحاكم؟ وهي وزوجها الثاني يعلمان أنه زور؟ إنهما إذا علما أن الحكم ترتب على شهادتي زور واعتمدا على هذا الحكم وتعمدا الدخول فقد ارتكبا المحرم كما لو كان الحكم بالمال فأكله ولو ابتلي الثاني كان الحكم كذلك بالنسبة للثالث وهكذا فكانوا كما لو زنوا ظاهرا واحدا بعد واحد.

د- وأخيرا قال: إن الحديث صريح في المال وليس النزاع فيه.

ورد بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولفظ الحديث عام فمن قضيت له بحق مسلم والحق يكون في الأموال وفي النكاح وغيرهما.

والحق أن هذا القول جدير بالتشنيع وليس قائله معصوما من الخطأ.
والله أعلم.

2- ويؤخذ من الحديث أيضا إثم من خاصم في باطل حتى استحق به في الظاهر شيئا هو في الباطن ليس حقا له.

3- وإثم من احتال لأمر باطل بأي وجه من وجوه الحيل.

4- وفيه أن المجتهد قد يخطئ فيرد به على من زعم أن كل مجتهد مصيب.

5- وفيه أن المجتهد إذا أخطأ لا يلحقه إثم بل يؤجر على بذل الجهد.

6- وأن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقضي بالاجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه شيء قال الحافظ ابن حجر: وخالف في ذلك قوم وهذا الحديث من أصرح ما يحتج به عليهم.

7- وفيه أن الحكم بين الناس يقع على ما يسمع من الخصمين بما لفظوا به وإن كان في قلوبهم غيره.

8- واستدل بالحديث لمن قال: إن الحاكم لا يحكم بعلمه أخذا من رواية إنما أقضي له بما أسمع.

بدليل الحصر فيها وفي المسألة خلاف لكن لو شهدت البينة مثلا بخلاف ما يعلمه علما حسيا بمشاهدة أو سماع يقينيا أو ظنيا راجحا لم يجزله أن يحكم بما قامت به البينة.

9- قال الحافظ ابن حجر: وفيه أن التعمق في البلاغة بحيث يحصل اقتدار صاحبها على تزيين الباطل في صورة الحق وعكسه مذموم.
اهـ.
وهذه العبارة غير سليمة وسلامتها أن يقال: إن استخدام القدرة البلاغية في تزيين الباطل وعكسه مذموم.
ولذلك قال الحافظ ابن حجر بعد: لو كان ذلك في التوصل إلى الحق لم يذم وإنما يذم من ذلك ما يتوصل به إلى الباطل في صورة الحق فالبلاغة إذن لا تذم لذاتها وإنما تذم بحسب ما تستخدم فيه وهي في ذاتها ممدوحة وهذا كما يذم صاحبها إذا طرأ عليه بسببها الإعجاب وتحقير غيره ممن لم يصل إلى درجته ولا سيما إن كان هذا الغير من أهل الصلاح فإن البلاغة إنما تذم من هذه الحيثية بحسب ما ينشأ عنها من الأمور الخارجة عنها ولا فرق في ذلك بين البلاغة وغيرها بل كل فتنة توصل إلى المطلوب محمودة في حد ذاتها وقد تذم أو تمدح بحسب متعلقها.
اهـ.

10- وفيه أيضا موعظة الإمام الخصوم ليعتمدوا الحق.

11- وفيه عمل الحاكم بالنظر الراجح وبناء الحكم عليه وهو أمر إجماعي للحاكم والمفتي.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :3334 ... بـ :1713]
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي لَهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ يُونُسَ وَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ قَالَتْ سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَجَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ أُمِّ سَلَمَةَ
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ) مَعْنَاهُ التَّنْبِيهُ عَلَى حَالَةِ الْبَشَرِيَّةِ ، وَأَنَّ الْبَشَرَ لَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْغَيْبِ وَبَوَاطِنِ الْأُمُورِ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يُطْلِعَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ فِي أُمُورِ الْأَحْكَامِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ بِالظَّاهِرِ ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ ، فَيُحْكَمُ بِالْبَيِّنَةِ وَبِالْيَمِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الظَّاهِرِ مَعَ إِمْكَانِ كَوْنِهِ فِي الْبَاطِنِ خِلَافَ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا كُلِّفَ الْحُكْمَ بِالظَّاهِرِ ، وَهَذَا نَحْوَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي حَدِيثِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ : لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِيَ وَلَهَا شَأْنٌ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَأَطْلَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَاطِنِ أَمْرِ الْخَصْمَيْنِ فَحَكَمَ بِيَقِينِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى شَهَادَةٍ أَوْ يَمِينٍ ، لَكِنْ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أُمَّتَهُ بِاتِّبَاعِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْكَامِهِ أَجْرَى لَهُ حُكْمَهُمْ فِي عَدَمِ الِاطَّلَاعِ عَلَى بَاطِنِ الْأُمُورِ ، لِيَكُونَ حُكْمُ الْأُمَّةِ فِي ذَلِكَ حُكْمَهُ ، فَأَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى أَحْكَامَهُ عَلَى الظَّاهِرِ الَّذِي يَسْتَوِي فِيهِ هُوَ وَغَيْرُهُ ; لِيَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ، وَتَطِيبُ نُفُوسُ الْعِبَادِ لِلِانْقِيَادِ لِلْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى الْبَاطِنِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

فَإِنْ قِيلَ : هَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظَّاهِرِ مُخَالِفٌ لِلْبَاطِنِ ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فِي الْأَحْكَامِ ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَقَاعِدَةِ الْأُصُولِيِّينَ ; لِأَنَّ مُرَادَ الْأُصُولِيِّينَ فِيمَا حَكَمَ فِيهِ بِاجْتِهَادِهِ ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ خَطَأٌ ؟ فِيهِ خِلَافٌ ، الْأَكْثَرُونَ عَلَى جَوَازِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ ، فَالَّذِينَ جَوَّزُوهُ قَالُوا : لَا يُقَرُّ عَلَى إِمْضَائِهِ ، بَلْ يُعْلِمُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَيَتَدَارَكُهُ ،.

وَأَمَّا الَّذِي فِي الْحَدِيثِ فَمَعْنَاهُ : إِذَا حَكَمَ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ كَالْبَيِّنَةِ وَالْيَمِينِ فَهَذَا إِذَا وَقَعَ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ بَاطِنَهُ لَا يُسَمَّى الْحُكْمُ خَطَأً ، بَلِ الْحُكْمُ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بِهِ التَّكْلِيفُ ، وَهُوَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِشَاهِدَيْنِ مَثَلًا ، فَإِنْ كَانَا شَاهِدَيْ زُورٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَالتَّقْصِيرُ مِنْهُمَا وَمِمَّنْ سَاعَدَهُمَا ،.

وَأَمَّا الْحُكْمُ فَلَا حِيلَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، وَلَا عَيْبَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا أَخْطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ ، فَإِنَّ هَذَا الَّذِي حَكَمَ بِهِ لَيْسَ هُوَ حُكْمَ الشَّرْعِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُحِيلُ الْبَاطِنَ ، وَلَا يُحِلُّ حَرَامًا ، فَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَا زُورٍ لِإِنْسَانٍ بِمَالٍ ، فَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ ; لَمْ يَحِلَّ لِلْمَحْكُومِ لَهُ ذَلِكَ الْمَالُ ، وَلَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِقَتْلٍ لَمْ يَحِلَّ لِلْوَلِيِّ قَتْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا ، وَإِنْ شَهِدَا بِالزُّورِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ لَمْ يَحِلَّ لِمَنْ عَلِمَ بِكَذِبِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ ،.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : يُحِلُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ الْفُرُوجَ دُونَ الْأَمْوَالِ ، فَقَالَ : يَحِلُّ نِكَاحُ الْمَذْكُورَةِ ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَلِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ ، وَمُخَالِفٌ لِقَاعِدَةٍ وَافَقَ هُوَ وَغَيْرُهُ عَلَيْهَا ، وَهِيَ أَنَّ الْأَبْضَاعَ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ مِنَ الْأَمْوَالِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ ) مَعْنَاهُ : إِنْ قَضَيْتُ لَهُ بِظَاهِرٍ يُخَالِفُ الْبَاطِنَ فَهُوَ حَرَامٌ يَئُولُ بِهِ إِلَى النَّارِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا ) لَيْسَ مَعْنَاهُ التَّخْيِيرَ ، بَلْ هُوَ التَّهْدِيدُ وَالْوَعِيدُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ وَكَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ .

قَوْلُهُ : ( سَمِعَ لَجَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ أُمِّ سَلَمَةَ ) هِيَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْجِيمِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ، وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ : ( جَلَبَةُ خَصْمٍ ) بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ وَهُمَا صَحِيحَانِ ، وَالْجَلَبَةُ وَاللَّجَبَةُ اخْتِلَاطُ الْأَصْوَاتِ ، وَالْخَصْمُ هُنَا الْجَمَاعَةُ ، وَهُوَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ ) هَذَا التَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الِاحْتِرَازَ مِنَ الْكَافِرِ ، فَإِنَّ مَالَ الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ وَالْمُرْتَدِّ فِي هَذَا كَمَالِ الْمُسْلِمِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .