هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3270 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا ، فَجَعَلَ الفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ ، وَقَالَ : كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا ، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا ، فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا : إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ ، وَقَالَتِ الأُخْرَى : إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ ، فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى ، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ ، فَقَالَ : ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا ، فَقَالَتِ الصُّغْرَى : لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، هُوَ ابْنُهَا ، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلَّا يَوْمَئِذٍ ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا المُدْيَةُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3270 حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، حدثنا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن ، حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : مثلي ومثل الناس ، كمثل رجل استوقد نارا ، فجعل الفراش وهذه الدواب تقع في النار ، وقال : كانت امرأتان معهما ابناهما ، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما ، فقالت صاحبتها : إنما ذهب بابنك ، وقالت الأخرى : إنما ذهب بابنك ، فتحاكمتا إلى داود ، فقضى به للكبرى ، فخرجتا على سليمان بن داود فأخبرتاه ، فقال : ائتوني بالسكين أشقه بينهما ، فقالت الصغرى : لا تفعل يرحمك الله ، هو ابنها ، فقضى به للصغرى قال أبو هريرة : والله إن سمعت بالسكين إلا يومئذ ، وما كنا نقول إلا المدية
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

D'après 'AbdarRahmân, Abu Hurayra entendit le Messager d'Allah () dire: «Ma semblance par rapport aux gens [qui sont avides des plaisirs de l'icibas] est celle d'un homme qui allume un feu; attirés par ce feu, les papillons et autres insectes s'y précipiteront pour y venir tomber...

":"ہم سے ابواالیمان نے بیان کیا ، کہا ہم کوشعیب نے خبر دی ، کہا ہم سے ابوالزناد نے بیان کیا ، ان سے عبدالرحمان نے بیان کیا ، انہوں نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے سنا اور انہوں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا ، آپ نے فرمایا کہمیری اور تمام انسانوں کی مثال ایک ایسے شخص کی سی ہے جس نے آگ روشن کی ہو ۔ پھر پروانے اور کیڑے مکوڑے اس میں گرنے لگے ہوں ۔ اور آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ دو عورتیں تھیں اور دونوں کے ساتھ دونوں کے بچے تھے ۔ اتنے میں ایک بھیڑیا آیا اور ایک عورت کے بچے کو اٹھا لے گیا ۔ ان دونوں میں سے ایک عورت نے کہا بھیڑیا تمہارے بیٹے کو لے گیا ہے اور دوسری نے کہا کہ تمہارے بیٹے کو لے گیا ہے ۔ دونوں داؤد علیہ السلام کے یہاں اپنا مقدمہ لے گئیں ۔ آپ نے بڑی عورت کے حق میں فیصلہ کر دیا ۔ اس کے بعد وہ دونوں حضرت سلیمان بن داؤد علیہ السلام کے یہاں آئیں اور انہیں اس جھگڑے کی خبر دی ۔ انہوں نے فرمایا کہ اچھا چھری لاؤ ۔ اس بچے کے دو ٹکڑے کر کے دونوں کے درمیان بانٹ دوں ۔ چھوٹی عورت نے یہ سن کر کہا ، اللہ آپ پر رحم فرمائے ایسا نہ کیجئے ، میں نے مان لیا کہ اسی بڑی کا لڑکا ہے ۔ اس پر سلیمان علیہ السلام نے اس چھوٹی کے حق میں فیصلہ کیا ۔ حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہا کہ میں نے سکین کا لفظ اسی دن سنا ، ورنہ ہم ہمیشہ ( چھری کے لئے ) مدیہ کا لفظ بولا کرتے تھے ۔

D'après 'AbdarRahmân, Abu Hurayra entendit le Messager d'Allah () dire: «Ma semblance par rapport aux gens [qui sont avides des plaisirs de l'icibas] est celle d'un homme qui allume un feu; attirés par ce feu, les papillons et autres insectes s'y précipiteront pour y venir tomber...

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [3426] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْأَعْرَجُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ.

     وَقَالَ  كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا هَكَذَا أَوْرَدَهُ وَمُرَادُهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَدْخُلُ فِي تَرْجَمَةِ سُلَيْمَانَ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ لِكَوْنِهِ سَمِعَ نُسْخَةَ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآخَرِ وَسَمِعَ الْإِسْنَادَ فِي السَّابِقِ دُونَ الَّذِي يَلِيهِ فَاحْتَاجَ أَنْ يَذْكُرَ شَيْئًا مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لِأَجْلِ الْإِسْنَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ لِلْمُصَنِّفِ مِثْلُ هَذَا الصَّنِيعِ فَذَكَرَ مِنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ بِعَيْنِهَا حَدِيثَ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَذَكَرَ قَبْلَهُ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْجُمُعَةِ حَدِيثَ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ لَمْ يَضُمَّ مَعَهُ شَيْئًا وَذَكَرَ فِي الْجِهَادِ حَدِيثَ مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ الْحَدِيثَ فَقَالَ قَبْلَهُ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ أَيْضًا وَذَكَرَ فِي الدِّيَاتِ حَدِيثَ لَوِ اطَّلَعَ عَلَيْكَ رَجُلٌ وَقَدَّمَ ذَلِكَ قَبْلَهُ أَيْضًا لَكِنَّهُ أَوْرَدَ حَدِيثَ الْمَرْأَتَيْنِ فِي الْفَرَائِضِ وَلَمْ يَضُمَّ مَعَهُ فِي أَوَّلِهِ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ هَذِهِ النُّسْخَةِ فَلَمْ يَطَّرِدْ لِلْمُصَنِّفِ فِي ذَلِكَ عَمَلٌ وَكَأَنَّهُ حَيْثُ ضَمَّ إِلَيْهِ شَيْئًا أَرَادَ الِاحْتِيَاطَ وَحَيْثُ لَمْ يَضُمَّ نَبَّهَ عَلَى الْجَوَازِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ فِي نُسْخَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يُنَبِّهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعِ الْإِسْنَادَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَسُوقُ الْإِسْنَادَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ يَقُولُ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وَصَنِيعُهُ فِي ذَلِكَ حَسَنٌ جِدًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ تَامًّا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ هَذِهِ وَسَاقَ الْمَتْنَ بِتَمَامِهِ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُغِيرَةَ وَسُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِهِ وَمِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ أَطْلَقَ الْمِزِّيُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنْ كَانَ عَنَى هَذَا الْمَوْضِعَ فَلَيْسَ هُوَ فِيهِ بِتَمَامِهِ وَإِنْ كَانَ عَنَى مَوْضِعًا آخَرَ فَلَمْ أَرَهُ فِيهِ ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي بَابِ الِانْتِهَاءِ عَنِ الْمَعَاصِي مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ وَيَأْتِي شَرْحُهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  مَثَلِي أَيْ فِي دُعَائِيَ النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ الْمُنْقِذِ لَهُمْ مِنَ النَّارِ وَمَثَلُ مَا تُزَيِّنُ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ مِنَ التَّمَادِي عَلَى الْبَاطِلِ كَمَثَلِ رَجُلٍ إِلَخْ وَالْمُرَادُ تَمْثِيلُ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ لَا تَمْثِيلَ فَرْدٍ بِفَرْدٍ .

     قَوْلُهُ  اسْتَوْقَدَ أَيْ أَوْقَدَ وَزِيَادَةُ السِّينِ وَالتَّاءِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ عَالَجَ إِيقَادَهَا وَسَعَى فِي تَحْصِيلِ آلَاتِهَا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا زَادَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلَ الْفَرَاشُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَعْرُوفٌ وَيُطْلَقُ الْفَرَاشُ أَيْضًا عَلَى غَوْغَاءِ الْجَرَادِ الَّذِي يَكْثُرُ وَيَتَرَاكَمُ.

     وَقَالَ  فِي الْمُحْكَمِ الْفَرَاشُ دَوَابٌّ مِثْلُ الْبَعُوضِ وَاحِدَتُهَا فَرَاشَةٌ وَقَدْ شَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى النَّاسَ فِي الْمَحْشَرِ بِالْفِرَاشِ الْمَبْثُوثِ أَيْ فِي الْكَثْرَةِ وَالِانْتِشَارِ وَالْإِسْرَاعِ إِلَى الدَّاعِي .

     قَوْلُهُ  وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ.

.

قُلْتُ مِنْهَا الْبَرْغَشُ وَالْبَعُوضُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَجَعَلَ الْجَنَابِذُ وَالْفَرَاشُ وَالْجَنَابِذُ جَمْعُ جُنْبُذٍ وَهُوَ عَلَى الْقَلْبِ وَالْمَعْرُوفُ الْجَنَادِبُ جَمْعُ جُنْدُبٍ بِفَتْحِ الدَّالِ وَضَمِّهَا وَالْجِيم مَضْمُومَةوَقَدْ تُكْسَرُ وَهُوَ عَلَى خِلْقَةِ الْجَرَادَةِ يَصِرُّ فِي اللَّيْلِ صَرَّا شَدِيدًا وَقِيلَ إِنَّ ذَكَرَ الْجَرَادِ يُسَمَّى أَيْضًا الْجُنْدُبَ .

     قَوْلُهُ  تَقَعُ فِي النَّارِ كَذَا فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي نُسْخَةِ شُعَيْبٍ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعْنَ فِي النَّارِ تَقَعْنَ فِيهَا قَالَ النَّوَوِيُّ مَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّهَ الْمُخَالِفِينَ لَهُ بِالْفَرَاشِ وَتَسَاقُطَهُمْ فِي نَارِ الْآخِرَةِ بِتَسَاقُطِ الْفِرَاشِ فِي نَارِ الدُّنْيَا مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ وَمَنْعِهِ إِيَّاهُمْ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا اتِّبَاعُ الْهَوَى وَضَعْفُ التَّمْيِيزِ وَحِرْصُ كُلٍّ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى هَلَاكِ نَفْسِهِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا مَثَلٌ كَثِيرُ الْمَعَانِي وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْخَلْقَ لَا يَأْتُونَ مَا يَجُرُّهُمْ إِلَى النَّارِ عَلَى قَصْدِ الْهَلَكَةِ وَإِنَّمَا يَأْتُونَهُ عَلَى قَصْدِ الْمَنْفَعَةِ وَاتِّبَاعِ الشَّهْوَةِ كَمَا أَنَّ الْفَرَاشَ يَقْتَحِمُ النَّارَ لَا لِيَهْلِكَ فِيهَا بَلْ لِمَا يُعْجِبُهُ مِنَ الضِّيَاءِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا لَا تُبْصِرُ بِحَالٍ وَهُوَ بَعِيدٌ وَإِنَّمَا قِيلَ إِنَّهَا تَكُونُ فِي ظُلْمَةٍ فَإِذَا رَأَتِ الضِّيَاءَ اعْتَقَدَتْ أَنَّهَا كُوَّةٌ يَظْهَرُ مِنْهَا النُّورُ فَتَقْصِدُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ فَتَحْتَرِقُ وَهِيَ لَا تَشْعُرُ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ لِضَعْفِ بَصَرِهَا فَتَظُنُّ أَنَّهَا فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَأَنَّ السِّرَاجَ مَثَلًا كُوَّةٌ فَتَرْمِي بِنَفْسِهَا إِلَيْهِ وَهِيَ مِنْ شِدَّةِ طَيَرَانِهَا تُجَاوِزُهُ فَتَقَعُ فِي الظُّلْمَةِ فَتَرْجِعُ إِلَى أَنْ تَحْتَرِقَ وَقِيلَ إِنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِشِدَّةِ النُّورِ فَتَقْصِدُ إِطْفَاءَهُ فَلِشِدَّةِ جَهْلِهَا تُوَرِّطُ نَفْسَهَا فِيمَا لَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَيْهِ ذَكَرَ مُغَلْطَايْ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ مَشَايِخِ الطِّبِّ يَقُولُهُ.

     وَقَالَ  الْغَزَالِيُّ التَّمْثِيلُ وَقَعَ عَلَى صُورَةِ الْإِكْبَابِ عَلَى الشَّهَوَاتِ مِنَ الْإِنْسَانِ بِإِكْبَابِ الْفَرَاشِ عَلَى التَّهَافُتِ فِي النَّارِ وَلَكِنَّ جَهْلَ الْآدَمِيِّ أَشَدُّ مِنْ جَهْلِ الْفَرَاشِ لِأَنَّهَا بِاغْتِرَارِهَا بِظَوَاهِرِ الضَّوْءِ إِذَا احْتَرَقَتِ انْتَهَى عَذَابُهَا فِي الْحَالِ وَالْآدَمِيُّ يَبْقَى فِي النَّارِ مُدَّةً طَوِيلَةً أَوْ أَبْدًا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  كَانَتِ امْرَأَتَانِ لَيْسَ فِي سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ تَصْرِيحٌ بِرَفْعِهِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ عِنْدَهُ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ أَوْرَدَهُ هُنَاكَ وَكَذَا هُوَ فِي نُسْخَةِ شُعَيْبٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ مِمَّا حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ.

.

قُلْتُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ وَلَا عَلَى اسْمِ وَاحِدٍ مِنَ ابْنَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ .

     قَوْلُهُ  فَتَحَاكَمَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَتَحَاكَمَتَا وَفِي نُسْخَةِ شُعَيْبٍ فَاخْتَصَمَا .

     قَوْلُهُ  فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى إِلَخْ قِيلَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْفُتْيَا مِنْهُمَا لَا الْحُكْمِ وَلِذَلِكَ سَاغَ لِسُلَيْمَانَ أَنْ يَنْقُضَهُ.

.
وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَضَى بِأَنَّهُمَا تَحَاكَمَا وَبِأَنَّ فُتْيَا النَّبِيِّ وَحُكْمَهُ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ تَنْفِيذِ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاوَرَةِ فَوَضَحَ لداود صِحَة رَأْي سُلَيْمَان فأمضاه.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ اسْتَوَيَا عِنْدَ دَاوُدَ فِي الْيَدِ فَقَدَّمَ الْكُبْرَى لِلسِّنِّ.

.
وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَحَكَى أَنَّهُ قِيلَ كَانَ مِنْ شَرْعِ دَاوُدَ أَنْ يَحْكُمَ لِلْكُبْرَى قَالَ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْكِبَرَ وَالصِّغَرَ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ كَالطُّولِ وَالْقِصَرِ وَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَلَا أَثَرَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي التَّرْجِيحِ قَالَ وَهَذَا مِمَّا يَكَادُ يُقْطَعُ بِفَسَادِهِ قَالَ وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى لِسَبَبٍ اقْتَضَى بِهِ عِنْدَهُ تَرْجِيحَ قَوْلِهَا إِذْ لَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَكَوْنُهُ لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْحَدِيثِ اخْتِصَارًا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ وُقُوعِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْوَلَدَ الْبَاقِيَ كَانَ فِي يَدِ الْكُبْرَى وَعَجَزَتِ الْأُخْرَى عَنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَالَ وَهَذَا تَأْوِيلٌ حَسَنٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَأْبَاهُ وَلَا يَمْنَعُهُ فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ سَاغَ لِسُلَيْمَانَ نَقْضُ حُكْمِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَدْ إِلَى نَقْضِ الْحُكْمِ وَإِنَّمَا احْتَالَ بِحِيلَةٍ لَطِيفَةٍ أَظْهَرَتْ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَذَلِكَ أَنَّهُمَا لَمَّا أَخْبَرَتَا سُلَيْمَانَ بِالْقِصَّةِ فَدَعَا بِالسِّكِّينِ لِيَشُقَّهُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَاطِنِ وَإِنَّمَا أَرَادَ اسْتِكْشَافَ الْأَمْرِ فَحَصَلَ مَقْصُودُهُ لِذَلِكَ لِجَزَعِ الصُّغْرَى الدَّالِّ عَلَى عَظِيمِ الشَّفَقَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى إِقْرَارِهَا بِقَوْلِهَا هُوَ بن الْكُبْرَى لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَاآثَرَتْ حَيَاتَهُ فَظَهَرَ لَهُ مِنْ قَرِينَةِ شَفَقَةِ الصُّغْرَى وَعَدَمِهَا فِي الْكُبْرَى مَعَ مَا انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهَا مَا هَجَمَ بِهِ عَلَى الْحُكْمِ لِلصُّغْرَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّنْ يَسُوغُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ أَوْ تَكُونَ الْكُبْرَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ اعْتَرَفَتْ بِالْحَقِّ لَمَّا رَأَتْ مِنْ سُلَيْمَانَ الْجِدَّ وَالْعَزْمَ فِي ذَلِكَ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ عَلَى مُدَّعٍ مُنْكِرٍ بِيَمِينٍ فَلَمَّا مَضَى لِيُحَلِّفَهُ حَضَرَ مَنِ اسْتَخْرَجَ مِنَ الْمُنْكِرِ مَا اقْتَضَى إِقْرَارَهُ بِمَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى جَحْدِهِ فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْيَمِينِ أَوْ بَعْدَهَا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ نَقْضِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ مِنْ بَاب تبدل الْأَحْكَام بتبدل الْأَسْبَاب.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ اسْتَنْبَطَ سُلَيْمَانُ لَمَّا رَأَى الْأَمْرَ مُحْتَمَلًا فَأَجَادَ وَكِلَاهُمَا حَكَمَ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ دَاوُدُ حَكَمَ بِالنَّصِّ لَمَا سَاغَ لِسُلَيْمَانَ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِهِ وَدَلَّتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ عَلَى أَنَّ الْفِطْنَةَ وَالْفَهْمَ مَوْهِبَةٌ مِنَ اللَّهِ لَا تَتَعَلَّقُ بِكِبَرِ سِنٍّ وَلَا صِغَرِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَقَّ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَسُوغُ لَهُمُ الْحُكْمُ بِالِاجْتِهَادِ وَإِنْ كَانَ وُجُودُ النَّصِّ مُمْكِنًا لَدَيْهِمْ بِالْوَحْيِ لَكِنَّ فِي ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي أُجُورِهِمْ وَلِعِصْمَتِهِمْ مِنَ الْخَطَإِ فِي ذَلِكَ إِذْ لَا يُقِرُّونَ لِعِصْمَتِهِمْ عَلَى الْبَاطِلِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ إِنَّ سُلَيْمَانَ فَعَلَ ذَلِكَ تَحَيُّلًا عَلَى إِظْهَارِ الْحَقِّ فَكَانَ كَمَا لَوِ اعْتَرَفَ الْمَحْكُومُ لَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الْحَقَّ لِخَصْمِهِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْحِيَلِ فِي الْأَحْكَامِ لِاسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إِلَّا بِمَزِيدِ الْفِطْنَةِ وَمُمَارَسَةِ الْأَحْوَالِ .

     قَوْلُهُ  لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ لَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَنْبَغِي عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَقِفَ قَلِيلًا بَعْدَ لَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لِلسَّامِعِ أَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لِأَنَّهُ إِذَا وَصَلَهُ بِمَا بَعْدَهُ يَتَوَهَّمُ السَّامِعُ أَنَّهُ دَعَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ دُعَاء لَهُ وَيَزُول الْإِبْهَام فِي مِثْلِ هَذَا بِزِيَادَةِ وَاوٍ كَأَنْ يَقُولَ لَا وَيَرْحَمُكَ اللَّهُ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ إِن الْأُم تستلحق وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقَدْ تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَعْنِي بِالْإِسْنَادِ إِلَيْهِ وَلَيْسَ تَعْلِيقًا وَقَدْ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَالْمُدْيَةُ مُثَلَّثَةٌ الْمِيمُ قِيلَ لِلسِّكِّينِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَقْطَعُ مَدَى حَيَاةِ الْحَيَوَانِ وَالسِّكِّينُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا تسكن حَرَكَة الْحَيَوَان( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة إِلَى قَوْله عَظِيم) اخْتُلِفَ فِي لُقْمَانَ فَقِيلَ كَانَ حَبَشِيًّا وَقِيلَ كَانَ نُوبِيًّا وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ نَبِيًّا قَالَ السُّهَيْلِيُّ كَانَ نُوبِيًّا مِنْ أَهْلِ أَيْلَةَ وَاسْمُ أَبِيهِ عنقًا بْنُ شيرون.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ هُوَ بن بأعور بن ناحر بن آزر فَهُوَ بن أَخِي إِبْرَاهِيمَ وَذَكَرَ وَهْبٌ فِي الْمُبْتَدَإِ أَنَّهُ كَانَ بن أُخْت أَيُّوب وَقيل بن خَالَتِهِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَشْعَثَ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ لُقْمَانُ عَبْدًا حَبَشِيًّا نَجَّارًا وَفِي مُصَنف بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ ثَابِتٍ الرَّبَعِيِّ أَحَدِ التَّابِعِينَ مِثْلُهُ وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ فِي شَرْحِ الْأَمَالِي أَنَّهُ كَانَ مَوْلًى لِقَوْمٍ مِنَ الْأَزْدِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَانَ لُقْمَان من سودان مصر ذومشافر أَعْطَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ وَمَنَعَهُ النُّبُوَّةَ وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ لُقْمَانُ عِنْدَ دَاوُدَ وَهُوَ يَسْرُدُ الدِّرْعَ فَجَعَلَ لُقْمَانُ يَتَعَجَّبُ وَيُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ فَائِدَتِهِ فَتَمْنَعُهُ حِكْمَتُهُ أَنْ يَسْأَلَ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عاصر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَقد ذكره بن الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ قَبْلَ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ دَاوُدَ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ قَاضِيًا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ زَمَنَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ إِنَّهُ عَاشَ أَلْفَ سَنَةٍ نقل عَن بن إِسْحَاقَ وَهُوَ غَلَطٌ مِمَّنْ قَالَهُ وَكَأَنَّهُ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ بِلُقْمَانَ بْنِ عَادٍ وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ يُفْتِي قَبْلَ بَعْثِ دَاوُدَ وَأَغْرَبَ الْوَاقِدِيُّ فَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ عِيسَى وَنَبِيِّنَا عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَشُبْهَتُهُ مَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ الْبَكْرِيُّ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِبَنِي الْحِسْحَاسِ بْنِ الْأَزْدِ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ كَانَ صَالِحًا قَالَ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ كَانَ صَالِحًا وَلَمْ يَكُنْ نَبيا وَقيل كَانَ نَبيا أخرجه بن أبي حَاتِم وبن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ.

.

قُلْتُ وَجَابِرٌ هُوَ الْجُعْفِيُّ ضَعِيفٌ وَيُقَالُ إِنَّ عِكْرِمَةَ تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ كَانَ نَبِيًّا وَقِيلَ كَانَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَعْتَقَهُ وَأَعْطَاهُ مَا لَا يتجر فِيهِ وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ لُقْمَانَ خُيِّرَ بَيْنَ الْحِكْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ فَاخْتَارَ الْحِكْمَةَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ خِفْتُ أَنْ أَضْعُفَ عَنْ حَمْلِ أَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ وَفِي سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ ضَعْفٌ وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله تَعَالَى وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة قَالَ التَّفَقُّهَ فِي الدِّينِ وَلَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِالْحِكْمَةِ فِي أَوَائِلِ كتاب الْعلم فِي شرح حَدِيث بن عَبَّاسٍ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَقِيلَ كَانَ خَيَّاطًا وَقِيلَ نَجَّارًا وَقَولُهُ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ اسْمُ ابْنِهِ بَارَانُ بِمُوَحَّدَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَقِيلَ فِيهِ بِالدَّالِ فِي أَوَّلِهِ وَقِيلَ اسْمُهُ أَنْعَمُ وَقِيلَ شَكُورٌ وَقِيلَ بَابِلِيٌّ .

     قَوْلُهُ  وَلَا تُصَعِّرْ الْإِعْرَاضُ بِالْوَجْهِ هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تصعر خدك للنَّاس وَهُوَ تَفْسِيرُ عِكْرِمَةَ أَوْرَدَهُ عَنْهُ الطَّبَرِيُّ وَأَوْرَدَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ لَا تَتَكَبَّرْ عَلَيْهِمْ قَالَ الطَّبَرِيُّ أَصْلُ الصَّعَرِ يَعْنِي بِالْمُهْمَلَتَيْنِ دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِبِلَ فِي أَعْنَاقِهَا حَتَّى تلفت أعناقها عَن رؤوسها فَيُشَبَّهُ بِهِ الرَّجُلُ الْمُتَكَبِّرُ الْمُعْرِضُ عَنِ النَّاسِ انْتهى وَقَوله تصعر هِيَ قِرَاءَة عَاصِم وبن كَثِيرٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْقِرَاءَاتِ لَهُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَهَا كَذَلِكَ وَقَرَأَهَا الْبَاقُونَ تُصَاعِرْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ لِمَا فِي الثَّانِيَةِ مِنَ الْمُفَاعَلَةِ وَالْغَالِبُ أَنَّهُ مِنَ اثْنَيْنِ وَتَكُونُ الْأُولَى أَشْمَلُ فِي اجْتِنَابِ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ الْقِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَمَعْنَاهُمَا صَحِيحٌ وَاللَّهُ أعلم ثمَّ ذكر المُصَنّف حَدِيث بن مَسْعُودٍ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :3270 ... غــ :3426] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْأَعْرَجُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ.

     وَقَالَ  كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا هَكَذَا أَوْرَدَهُ وَمُرَادُهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَدْخُلُ فِي تَرْجَمَةِ سُلَيْمَانَ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ لِكَوْنِهِ سَمِعَ نُسْخَةَ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآخَرِ وَسَمِعَ الْإِسْنَادَ فِي السَّابِقِ دُونَ الَّذِي يَلِيهِ فَاحْتَاجَ أَنْ يَذْكُرَ شَيْئًا مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لِأَجْلِ الْإِسْنَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ لِلْمُصَنِّفِ مِثْلُ هَذَا الصَّنِيعِ فَذَكَرَ مِنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ بِعَيْنِهَا حَدِيثَ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَذَكَرَ قَبْلَهُ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْجُمُعَةِ حَدِيثَ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ لَمْ يَضُمَّ مَعَهُ شَيْئًا وَذَكَرَ فِي الْجِهَادِ حَدِيثَ مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ الْحَدِيثَ فَقَالَ قَبْلَهُ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ أَيْضًا وَذَكَرَ فِي الدِّيَاتِ حَدِيثَ لَوِ اطَّلَعَ عَلَيْكَ رَجُلٌ وَقَدَّمَ ذَلِكَ قَبْلَهُ أَيْضًا لَكِنَّهُ أَوْرَدَ حَدِيثَ الْمَرْأَتَيْنِ فِي الْفَرَائِضِ وَلَمْ يَضُمَّ مَعَهُ فِي أَوَّلِهِ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ هَذِهِ النُّسْخَةِ فَلَمْ يَطَّرِدْ لِلْمُصَنِّفِ فِي ذَلِكَ عَمَلٌ وَكَأَنَّهُ حَيْثُ ضَمَّ إِلَيْهِ شَيْئًا أَرَادَ الِاحْتِيَاطَ وَحَيْثُ لَمْ يَضُمَّ نَبَّهَ عَلَى الْجَوَازِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ فِي نُسْخَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يُنَبِّهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعِ الْإِسْنَادَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَسُوقُ الْإِسْنَادَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ يَقُولُ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وَصَنِيعُهُ فِي ذَلِكَ حَسَنٌ جِدًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ تَامًّا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ هَذِهِ وَسَاقَ الْمَتْنَ بِتَمَامِهِ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُغِيرَةَ وَسُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِهِ وَمِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ أَطْلَقَ الْمِزِّيُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنْ كَانَ عَنَى هَذَا الْمَوْضِعَ فَلَيْسَ هُوَ فِيهِ بِتَمَامِهِ وَإِنْ كَانَ عَنَى مَوْضِعًا آخَرَ فَلَمْ أَرَهُ فِيهِ ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي بَابِ الِانْتِهَاءِ عَنِ الْمَعَاصِي مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ وَيَأْتِي شَرْحُهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  مَثَلِي أَيْ فِي دُعَائِيَ النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ الْمُنْقِذِ لَهُمْ مِنَ النَّارِ وَمَثَلُ مَا تُزَيِّنُ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ مِنَ التَّمَادِي عَلَى الْبَاطِلِ كَمَثَلِ رَجُلٍ إِلَخْ وَالْمُرَادُ تَمْثِيلُ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ لَا تَمْثِيلَ فَرْدٍ بِفَرْدٍ .

     قَوْلُهُ  اسْتَوْقَدَ أَيْ أَوْقَدَ وَزِيَادَةُ السِّينِ وَالتَّاءِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ عَالَجَ إِيقَادَهَا وَسَعَى فِي تَحْصِيلِ آلَاتِهَا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا زَادَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلَ الْفَرَاشُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَعْرُوفٌ وَيُطْلَقُ الْفَرَاشُ أَيْضًا عَلَى غَوْغَاءِ الْجَرَادِ الَّذِي يَكْثُرُ وَيَتَرَاكَمُ.

     وَقَالَ  فِي الْمُحْكَمِ الْفَرَاشُ دَوَابٌّ مِثْلُ الْبَعُوضِ وَاحِدَتُهَا فَرَاشَةٌ وَقَدْ شَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى النَّاسَ فِي الْمَحْشَرِ بِالْفِرَاشِ الْمَبْثُوثِ أَيْ فِي الْكَثْرَةِ وَالِانْتِشَارِ وَالْإِسْرَاعِ إِلَى الدَّاعِي .

     قَوْلُهُ  وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ.

.

قُلْتُ مِنْهَا الْبَرْغَشُ وَالْبَعُوضُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَجَعَلَ الْجَنَابِذُ وَالْفَرَاشُ وَالْجَنَابِذُ جَمْعُ جُنْبُذٍ وَهُوَ عَلَى الْقَلْبِ وَالْمَعْرُوفُ الْجَنَادِبُ جَمْعُ جُنْدُبٍ بِفَتْحِ الدَّالِ وَضَمِّهَا وَالْجِيم مَضْمُومَة وَقَدْ تُكْسَرُ وَهُوَ عَلَى خِلْقَةِ الْجَرَادَةِ يَصِرُّ فِي اللَّيْلِ صَرَّا شَدِيدًا وَقِيلَ إِنَّ ذَكَرَ الْجَرَادِ يُسَمَّى أَيْضًا الْجُنْدُبَ .

     قَوْلُهُ  تَقَعُ فِي النَّارِ كَذَا فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي نُسْخَةِ شُعَيْبٍ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعْنَ فِي النَّارِ تَقَعْنَ فِيهَا قَالَ النَّوَوِيُّ مَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّهَ الْمُخَالِفِينَ لَهُ بِالْفَرَاشِ وَتَسَاقُطَهُمْ فِي نَارِ الْآخِرَةِ بِتَسَاقُطِ الْفِرَاشِ فِي نَارِ الدُّنْيَا مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ وَمَنْعِهِ إِيَّاهُمْ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا اتِّبَاعُ الْهَوَى وَضَعْفُ التَّمْيِيزِ وَحِرْصُ كُلٍّ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى هَلَاكِ نَفْسِهِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا مَثَلٌ كَثِيرُ الْمَعَانِي وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْخَلْقَ لَا يَأْتُونَ مَا يَجُرُّهُمْ إِلَى النَّارِ عَلَى قَصْدِ الْهَلَكَةِ وَإِنَّمَا يَأْتُونَهُ عَلَى قَصْدِ الْمَنْفَعَةِ وَاتِّبَاعِ الشَّهْوَةِ كَمَا أَنَّ الْفَرَاشَ يَقْتَحِمُ النَّارَ لَا لِيَهْلِكَ فِيهَا بَلْ لِمَا يُعْجِبُهُ مِنَ الضِّيَاءِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا لَا تُبْصِرُ بِحَالٍ وَهُوَ بَعِيدٌ وَإِنَّمَا قِيلَ إِنَّهَا تَكُونُ فِي ظُلْمَةٍ فَإِذَا رَأَتِ الضِّيَاءَ اعْتَقَدَتْ أَنَّهَا كُوَّةٌ يَظْهَرُ مِنْهَا النُّورُ فَتَقْصِدُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ فَتَحْتَرِقُ وَهِيَ لَا تَشْعُرُ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ لِضَعْفِ بَصَرِهَا فَتَظُنُّ أَنَّهَا فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَأَنَّ السِّرَاجَ مَثَلًا كُوَّةٌ فَتَرْمِي بِنَفْسِهَا إِلَيْهِ وَهِيَ مِنْ شِدَّةِ طَيَرَانِهَا تُجَاوِزُهُ فَتَقَعُ فِي الظُّلْمَةِ فَتَرْجِعُ إِلَى أَنْ تَحْتَرِقَ وَقِيلَ إِنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِشِدَّةِ النُّورِ فَتَقْصِدُ إِطْفَاءَهُ فَلِشِدَّةِ جَهْلِهَا تُوَرِّطُ نَفْسَهَا فِيمَا لَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَيْهِ ذَكَرَ مُغَلْطَايْ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ مَشَايِخِ الطِّبِّ يَقُولُهُ.

     وَقَالَ  الْغَزَالِيُّ التَّمْثِيلُ وَقَعَ عَلَى صُورَةِ الْإِكْبَابِ عَلَى الشَّهَوَاتِ مِنَ الْإِنْسَانِ بِإِكْبَابِ الْفَرَاشِ عَلَى التَّهَافُتِ فِي النَّارِ وَلَكِنَّ جَهْلَ الْآدَمِيِّ أَشَدُّ مِنْ جَهْلِ الْفَرَاشِ لِأَنَّهَا بِاغْتِرَارِهَا بِظَوَاهِرِ الضَّوْءِ إِذَا احْتَرَقَتِ انْتَهَى عَذَابُهَا فِي الْحَالِ وَالْآدَمِيُّ يَبْقَى فِي النَّارِ مُدَّةً طَوِيلَةً أَوْ أَبْدًا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  كَانَتِ امْرَأَتَانِ لَيْسَ فِي سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ تَصْرِيحٌ بِرَفْعِهِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ عِنْدَهُ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ أَوْرَدَهُ هُنَاكَ وَكَذَا هُوَ فِي نُسْخَةِ شُعَيْبٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ مِمَّا حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ.

.

قُلْتُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ وَلَا عَلَى اسْمِ وَاحِدٍ مِنَ ابْنَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ .

     قَوْلُهُ  فَتَحَاكَمَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَتَحَاكَمَتَا وَفِي نُسْخَةِ شُعَيْبٍ فَاخْتَصَمَا .

     قَوْلُهُ  فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى إِلَخْ قِيلَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْفُتْيَا مِنْهُمَا لَا الْحُكْمِ وَلِذَلِكَ سَاغَ لِسُلَيْمَانَ أَنْ يَنْقُضَهُ.

.
وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَضَى بِأَنَّهُمَا تَحَاكَمَا وَبِأَنَّ فُتْيَا النَّبِيِّ وَحُكْمَهُ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ تَنْفِيذِ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاوَرَةِ فَوَضَحَ لداود صِحَة رَأْي سُلَيْمَان فأمضاه.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ اسْتَوَيَا عِنْدَ دَاوُدَ فِي الْيَدِ فَقَدَّمَ الْكُبْرَى لِلسِّنِّ.

.
وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَحَكَى أَنَّهُ قِيلَ كَانَ مِنْ شَرْعِ دَاوُدَ أَنْ يَحْكُمَ لِلْكُبْرَى قَالَ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْكِبَرَ وَالصِّغَرَ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ كَالطُّولِ وَالْقِصَرِ وَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَلَا أَثَرَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي التَّرْجِيحِ قَالَ وَهَذَا مِمَّا يَكَادُ يُقْطَعُ بِفَسَادِهِ قَالَ وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى لِسَبَبٍ اقْتَضَى بِهِ عِنْدَهُ تَرْجِيحَ قَوْلِهَا إِذْ لَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَكَوْنُهُ لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْحَدِيثِ اخْتِصَارًا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ وُقُوعِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْوَلَدَ الْبَاقِيَ كَانَ فِي يَدِ الْكُبْرَى وَعَجَزَتِ الْأُخْرَى عَنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَالَ وَهَذَا تَأْوِيلٌ حَسَنٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَأْبَاهُ وَلَا يَمْنَعُهُ فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ سَاغَ لِسُلَيْمَانَ نَقْضُ حُكْمِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَدْ إِلَى نَقْضِ الْحُكْمِ وَإِنَّمَا احْتَالَ بِحِيلَةٍ لَطِيفَةٍ أَظْهَرَتْ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَذَلِكَ أَنَّهُمَا لَمَّا أَخْبَرَتَا سُلَيْمَانَ بِالْقِصَّةِ فَدَعَا بِالسِّكِّينِ لِيَشُقَّهُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَاطِنِ وَإِنَّمَا أَرَادَ اسْتِكْشَافَ الْأَمْرِ فَحَصَلَ مَقْصُودُهُ لِذَلِكَ لِجَزَعِ الصُّغْرَى الدَّالِّ عَلَى عَظِيمِ الشَّفَقَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى إِقْرَارِهَا بِقَوْلِهَا هُوَ بن الْكُبْرَى لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَا آثَرَتْ حَيَاتَهُ فَظَهَرَ لَهُ مِنْ قَرِينَةِ شَفَقَةِ الصُّغْرَى وَعَدَمِهَا فِي الْكُبْرَى مَعَ مَا انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهَا مَا هَجَمَ بِهِ عَلَى الْحُكْمِ لِلصُّغْرَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّنْ يَسُوغُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ أَوْ تَكُونَ الْكُبْرَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ اعْتَرَفَتْ بِالْحَقِّ لَمَّا رَأَتْ مِنْ سُلَيْمَانَ الْجِدَّ وَالْعَزْمَ فِي ذَلِكَ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ عَلَى مُدَّعٍ مُنْكِرٍ بِيَمِينٍ فَلَمَّا مَضَى لِيُحَلِّفَهُ حَضَرَ مَنِ اسْتَخْرَجَ مِنَ الْمُنْكِرِ مَا اقْتَضَى إِقْرَارَهُ بِمَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى جَحْدِهِ فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْيَمِينِ أَوْ بَعْدَهَا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ نَقْضِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ مِنْ بَاب تبدل الْأَحْكَام بتبدل الْأَسْبَاب.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ اسْتَنْبَطَ سُلَيْمَانُ لَمَّا رَأَى الْأَمْرَ مُحْتَمَلًا فَأَجَادَ وَكِلَاهُمَا حَكَمَ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ دَاوُدُ حَكَمَ بِالنَّصِّ لَمَا سَاغَ لِسُلَيْمَانَ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِهِ وَدَلَّتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ عَلَى أَنَّ الْفِطْنَةَ وَالْفَهْمَ مَوْهِبَةٌ مِنَ اللَّهِ لَا تَتَعَلَّقُ بِكِبَرِ سِنٍّ وَلَا صِغَرِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَقَّ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَسُوغُ لَهُمُ الْحُكْمُ بِالِاجْتِهَادِ وَإِنْ كَانَ وُجُودُ النَّصِّ مُمْكِنًا لَدَيْهِمْ بِالْوَحْيِ لَكِنَّ فِي ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي أُجُورِهِمْ وَلِعِصْمَتِهِمْ مِنَ الْخَطَإِ فِي ذَلِكَ إِذْ لَا يُقِرُّونَ لِعِصْمَتِهِمْ عَلَى الْبَاطِلِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ إِنَّ سُلَيْمَانَ فَعَلَ ذَلِكَ تَحَيُّلًا عَلَى إِظْهَارِ الْحَقِّ فَكَانَ كَمَا لَوِ اعْتَرَفَ الْمَحْكُومُ لَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الْحَقَّ لِخَصْمِهِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْحِيَلِ فِي الْأَحْكَامِ لِاسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إِلَّا بِمَزِيدِ الْفِطْنَةِ وَمُمَارَسَةِ الْأَحْوَالِ .

     قَوْلُهُ  لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ لَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَنْبَغِي عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَقِفَ قَلِيلًا بَعْدَ لَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لِلسَّامِعِ أَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لِأَنَّهُ إِذَا وَصَلَهُ بِمَا بَعْدَهُ يَتَوَهَّمُ السَّامِعُ أَنَّهُ دَعَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ دُعَاء لَهُ وَيَزُول الْإِبْهَام فِي مِثْلِ هَذَا بِزِيَادَةِ وَاوٍ كَأَنْ يَقُولَ لَا وَيَرْحَمُكَ اللَّهُ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ إِن الْأُم تستلحق وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقَدْ تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَعْنِي بِالْإِسْنَادِ إِلَيْهِ وَلَيْسَ تَعْلِيقًا وَقَدْ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَالْمُدْيَةُ مُثَلَّثَةٌ الْمِيمُ قِيلَ لِلسِّكِّينِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَقْطَعُ مَدَى حَيَاةِ الْحَيَوَانِ وَالسِّكِّينُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا تسكن حَرَكَة الْحَيَوَان

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3270 ... غــ : 3426 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: ( حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن عبد الرَّحمن) بن هرمز الأعرج أنه ( حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( مثلي ومثل الناس) بفتح الميم فيهما أي مثل دعائي الناس إلى الإسلام المنقذ لهم من النار ومثل ما زينت لهم أنفسهم من التمادي على الباطل ( كمثل رجل استوقد نارًا) وهي جوهر لطيف مضيء حار محرق ( فجعل الفراش) بفتح الفاء دواب مثل البعوض واحدتها فراشة ( وهذه الدواب) جمع دابة كالبرغش والبعوض والجندب ونحوها ( تقع في النار) خبر جعل لأنها من أفعال المقاربة تعمل عمل كان، والفراشة هي التي تطير وتتهافت في السراج بسبب ضعف بصرها فهي بسبب ذلك تطلب ضوء النهار، فإذا رأت السراج بالليل ظنت أنها في بيت مظلم وأن السراج كوة في البيت المظلم إلى الموضع المضيء ولا تزال تطلب الضوء وترمي بنفسها إلى الكوّة فإذا جاوزتها ورأت الظلام ظنت أنها لم تصب الكوّة ولم تقصدها على السداد فتعود إليها مرة أخرى حتى تحترق.

قال الغزالي: ولعلك تظن أن هذا لنقصانها وجهلها فاعلم أن جهل الإنسان أعظم من جهلها بل صورة الإنسان في الإكباب على الشهوات في التهافت فلا يزال يرمي بنفسه فيها إلى أن ينغمس
فيها ويهلك هلاكًا مؤبدًا فليت جهل الآدمي كان كجهل الفراش فإنها باغترارها بظاهر الضوء إن احترقت تخلصت في الحال والآدمي يبقى في النار أبد الآباد، ولذلك كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول "إنكم تتهافتون في النار تهافت الفراش وأنا آخذ بحجزكم" وقال تعالى: { يوم يكون الناس كالفراش المبثوث} [القارعة: 4] فشبههم بالفراش في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما يتطاير الفراش.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3270 ... غــ : 3427 ]
- «وَقَالَ: كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ،.

     وَقَالَ تِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ.
فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى, فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا.
فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هُوَ ابْنُهَا، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةُ».
[الحديث 3427 - طرفه في: 6769] .

( وقال) أي أبو هريرة فهو موقوف، أو النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو مرفوع كما عند الطبراني والنسائي ( كانت امرأتان) لم تسميا ( معهما ابناهما) لم يسميا أيضًا ( جاء الذئب بابن إحداهما فقالت صاحبتها إنما ذهب) الذئب ( بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك فتحاكما) كذا في الفرع وللكشميهني كما في الفتح وهي التي في اليونينية فتحاكمتا ( إلى داود) عليه الصلاة والسلام ( فقضى به) بالولد الباقي ( للكبرى) للمرأة الكبرى منهما لكونه كان في يدها وعجزت الأخرى عن إقامة البيّنة ( فخرجتا على سليمان بن داود فأخبرتاه) بالقصة ( فقال) : قاصدًا استشكاف الأمر ( ائتوني بالسكين) بكسر السين ( أشقه بينهما.
فقالت الصغرى)
منهما له: ( لا تفعل) ذلك ( يرحمك الله هو ابنها فقضى) سليمان ( به للصغرى) لما رآه من جزعها الدال على عظيم شفقتها ولم يلتفت إلى إقرارها أنه ابن الكبرى لأنه علم أنها آثرت حياته بخلاف الكبرى.

( قال أبو هريرة) : بالإسناد السابق ( والله إن) بكسر الهمزة وسكون النون كلمة نفي أي ما ( سمعت بالسكين إلا يومئذٍ وما كنا نقول إلا المدية) بضم الميم، ويجوز فتحها وكسرها.
وقيل للسكين مدية لأنها تقطع مدى حياة الحيوان والسكين لأنها تسكن حركته.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الفرائض والنسائي في القضاء.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3270 ... غــ :3426 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ أخْبرَنَا شُعَيْبٌ حدَّثنا أَبُو الزِّنادِ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ حدَّثَهُ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ سَمِعَ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقُولُ مَثَلِي ومثَلُ النَّاسِ كمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نارَاً فجعَلَ الفَرَاشُ وهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ.
وقَالَ كَانَتِ امْرَأتَانِ مَعَهُما ابناهُمَا جاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بابُنِ إحْدَيْهِمَا فقالَتْ صاحِبَتُهَا إنَّما ذَهَبَ بابُْنِكِ وقالَتِ الأخْرَى إنَّمَا ذَهَبَ بابُْنِكِ فتَحَاكَما إِلَى داوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فخَرَجَتَا علَى سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ فأخْبَرَتاهُ فَقال ائْتُونِي بالسِّكِّينِ أشُقُّهُ بَيْنَهُمَا فقَالَتِ الصُّغْرَى لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ الله هوَ ابنُهَا فَقَضَى بِهِ للْصُّغْرَى.
قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ وَالله إنْ سَمِعْتُ بالسِّكِّينِ إلاَّ يَوْمَئِذٍ وَمَا كُنَّا نَقُولُ إلاَّ المُدْيَةُ.
( الحَدِيث 7243 طرفه فِي: 9676) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (.

     وَقَالَ  كَانَت امْرَأَتَانِ)
إِلَى آخِره، فَإِن فِيهِ ذكر سُلَيْمَان، وَأما تَعْلِيق الحَدِيث الأول بِحَدِيث التَّرْجَمَة فَهُوَ أَن الرَّاوِي ذكره مَعَه كَمَا سَمعه مَعَه،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: مُتَابعَة الْأَنْبِيَاء مُوجبَة للخلاص، كَمَا أَن فِي هَذَا التحاكم خلاص الْكُبْرَى من تلبسها بِالْبَاطِلِ ووباله فِي الْآخِرَة، وخلاص الصُّغْرَى من ألم فِرَاق وَلَدهَا، وخلاص الابْن من الْقَتْل، وَتَمام الحَدِيث الأول هُوَ قَوْله: فَجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فِيهَا فَذَلِك مثلي ومثلكم أَنا آخذ بِحُجزِكُمْ عَن النَّار فتغلبوني وتقتحمون فِيهَا.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن هُرْمُز الْأَعْرَج.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفَرَائِض عَن أبي الْيَمَان أَيْضا.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْقَضَاء عَن عمرَان بن بكار وَعَن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( مثلي وَمثل النَّاس) ، بِفَتْح الْمِيم أَي: صِفَتي وحالي وشأني فِي دُعَائِهِمْ إِلَى الْإِسْلَام المنقذ لَهُم من النَّار، وَمثل مَا تزين لَهُم أنفسهم من التَّمَادِي على الْبَاطِل كَمثل رجل.
.
إِلَى آخِره، وَهَذَا من تَمْثِيل الْجُمْلَة بِالْجُمْلَةِ، وَالْمرَاد من ضرب الْمثل الزِّيَادَة فِي الْكَشْف والتنبيه للْبَيَان.
قَوْله: ( استوقد نَارا) أَي: أوقد نَارا، يُؤَيّدهُ مَا وَقع فِي رِوَايَة مُسلم وَأحمد من حَدِيث جَابر: مثلي ومثلكم كَمثل رجل أوقد نَارا،.

     وَقَالَ  بَعضهم: زِيَادَة السِّين وَالتَّاء للْإِشَارَة إِلَى أَنه عالج إيقادها وسعى فِي تَحْصِيل آلاتها.
قلت: معنى الاستفعال الطّلب، وَلَكِن قد يكون صَرِيحًا نَحْو: استكتبته، أَي: طلبت مِنْهُ الْكِتَابَة، وَقد يكون تَقْديرا نَحْو استخرجت الوتد من الْحَائِط، وَلَيْسَ فِيهِ طلب صَرِيح، واستوقد هَهُنَا من هَذَا الْقَبِيل، وَالنَّار جَوْهَر لطيف مضيء محرق حَار والنور ضوؤها.
قَوْله: ( الْفراش) ، بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الرَّاء وَفِي آخِره شين مُعْجمَة، قَالَ الْخَلِيل: يطير كالبعوض، وَقيل: هُوَ كصغار البق،.

     وَقَالَ  الْفراء: هُوَ غوغاء الْجَرَاد الَّذِي يتفرش ويتراكم ويتهافت فِي النَّار.
قَوْله: ( وَهَذِه الدَّوَابّ) ، عطف على الْفراش، وَهُوَ جمع دَابَّة، وَأَرَادَ بهَا هُنَا مثل البرغش والبعوض والجندب وَنَحْوهَا.
قَوْله: ( تقع فِي النَّار) خبر: جعل، لِأَن جعل، من أَفعَال المقاربة يعْمل عمل: كَانَ، فِي اقتضائه الِاسْم وَالْخَبَر..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شبه الْمُخَالفين لَهُ بالفراش وتساقطهم فِي نَار الْآخِرَة بتساقط الْفراش فِي نَار الدُّنْيَا مَعَ حرصهم على الْوُقُوع فِي ذَلِك وَمنعه إيَّاهُم، وَالْجَامِع بَينهمَا اتِّبَاع الْهوى وَضعف التَّمْيِيز وحرص كل من الطَّائِفَتَيْنِ على هَلَاك نَفسه،.

     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: هَذَا مثل كثير الْمعَانِي، وَالْمَقْصُود: أَن الْخلق لَا يأْتونَ مَا يجرهم إِلَى النَّار على قصد الهلكة، وَإِنَّمَا يأتونه على قصد الْمَنْفَعَة وَاتِّبَاع الشَّهْوَة، كَمَا أَن الْفراش يقتحم النَّار لَا ليهلك فِيهَا بل لما يَصْحَبهُ من الضياء، وَقد قيل: إِنَّهَا لَا تبصر بِحَال وَهُوَ بعيد جدا.
قَوْله: (.

     وَقَالَ  كَانَت امْرَأَتَانِ)
، لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِرَفْعِهِ وَهُوَ مَرْفُوع فِي نُسْخَة شُعَيْب عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَغَيره، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من طَرِيق عَليّ بن عَيَّاش عَن شُعَيْب: حَدثنِي أَبُو الزِّنَاد مِمَّا حَدثهُ عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج مِمَّا ذكر أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يحدث عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: بَينا امْرَأَتَانِ.
قَوْله: ( فتحاكما) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فتحاكمتا، وَفِي نُسْخَة شُعَيْب: فاختصما.
قَوْله: ( فَقضى بِهِ للكبرى) ، أَي: للْمَرْأَة الْكُبْرَى، قيل: إِن ذَلِك كَانَ على سَبِيل الْفتيا مِنْهُمَا لَا الحكم، فَلذَلِك سَاغَ لِسُلَيْمَان أَن ينْقضه، ورده الْقُرْطُبِيّ بِأَن فتيا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كحكمه وهما سَوَاء فِي التَّنْفِيذ.
فَإِن قلت: إِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك، فَكيف جَازَ لِسُلَيْمَان نقض حكم دَاوُد؟ قلت: إِن كَانَ حكمهمَا بِالْوَحْي فَحكم سُلَيْمَان نَاسخ لحكم دَاوُد، وَإِن كَانَ بِالِاجْتِهَادِ فاجتهاده كَانَ أقوى لِأَنَّهُ بالحيلة اللطيفة أظهر مَا فِي نفس الْأَمر،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: إِنَّمَا كَانَ بَينهمَا على سَبِيل الْمُشَاورَة، فوضح لداود صِحَة رَأْي سُلَيْمَان فأمضاه، وَقيل: إِن من شرع دَاوُد، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، الحكم للكبرى من حَيْثُ هِيَ كبرى.
ورد بِأَن هَذَا غلط، لِأَن الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى وصف طردي مَحْض لَا يُوجب شَيْء من ذَلِك تَرْجِيحا لأحد المتداعيين حَتَّى يحكم لَهُ أَو عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الطول وَالْقصر والسواد وَالْبَيَاض،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: إِن سُلَيْمَان فعل ذَلِك تحيلاً على إِظْهَار الْحق فَلَمَّا أقرَّت بِهِ الصُّغْرَى عمل بإقرارها وَإِن كَانَ الحكم قد نفذ، كَمَا لَو اعْترف الْمَحْكُوم لَهُ بعد الحكم أَن الْحق لخصمه،.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: وَإِنَّمَا حكما بِالِاجْتِهَادِ إِذْ لَو كَانَ بِنَصّ لما سَاغَ خِلَافه، وَهُوَ دَال على أَن الفطنة والفهم موهبة من الله تَعَالَى وَلَا الْتِفَات لقَوْل من يَقُول: إِن الإجتهاد إِنَّمَا يسوغ عِنْد فقد النَّص، والأنبياء، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لَا يفقدون النَّص، فَإِنَّهُم متمكنون من استطلاع الْوَحْي وانتظاره، وَالْفرق بَينهم وَبَين غَيرهم قيام الْعِصْمَة بهم عَن الْخَطَأ وَعَن التَّقْصِير فِي الِاجْتِهَاد، بِخِلَاف غَيرهم.
قَوْله: ( لَا تفعل يَرْحَمك الله) ، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم والإسماعيلي من طَرِيق وَرْقَاء عَن أبي الزِّنَاد: لَا يَرْحَمك الله، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: يَنْبَغِي أَن يكون على هَذِه الرِّوَايَة أَن يقف على: لَا، دقيقة حَتَّى يتَبَيَّن للسامع أَن مَا بعده كَلَام مستأنمف، لِأَنَّهُ إِذا وصل بِمَا بعد: لَا يتَوَهَّم للسامع أَنه دُعَاء عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ دُعَاء لَهُ.
قَوْله: ( قَالَ أَبُو هُرَيْرَة) صورته تَعْلِيق، لَكِن ادّعى بَعضهم أَنه مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الأول، وَفِيه تَأمل.
قَوْله: ( إِن سَمِعت) ، كلمة: إِن، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون النُّون كلمة نفي.
أَي: وَالله مَا سَمِعت بِلَفْظ السكين إلاَّ يَوْمئِذٍ.
قَوْله: ( المدية) بِضَم الْمِيم، وَقيل: الْمِيم مُثَلّثَة، سمي السكين بهَا لِأَنَّهَا تقطع مدى حَيَاة الْحَيَوَان، وَسمي السكين سكيناً لِأَنَّهُ يسكن حَرَكَة الْحَيَوَان، وَهُوَ يذكر وَيُؤَنث.