هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3063 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3063 حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أخبرنا روح بن عبادة ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، أنه حدثه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قاتل الله اليهود ، حرم الله عليهم الشحوم ، فباعوها وأكلوا أثمانها
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Huraira (Allah be pleased with him) reported Allah's Messenger (ﷺ) as saying: May Allah destroy the Jews for Allah forbade the use of fats for them, but they sold them and made use of their price.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قاتل الله اليهود.
حرم الله عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها.


المعنى العام

الإسلام دين الطهارة، طهارة الظاهر، وطهارة الباطن، طهارة المأكل والمشرب، يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، وطهارة العقيدة من الشرك والأوثان، وما يحل أكله وشربه يحل بيعه وشراؤه، وما لا ينفع البشرية، ويضرها في بدنها، أو عقيدتها لا يحل بيعه، فالبيع أحله الله لمنافع الإنسانية.

من هنا حرم الإسلام بيع الخمر وشراءها وهبتها، بعد أن حرم شربها، ولقد كان العرب في جاهليتهم يشربونها بكثرة، كما يشربون الماء، وكانت الشراب المفضل في سهراتهم ومسامراتهم، رغم علمهم بمضارها، وتمكنت منهم هذه العادة حتى كان من الصعب اقتلاعها بدون تمهيد وتدرج، فنزل قوله تعالى { { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما } } [البقرة: 219] فامتنع بعض من كان يشربها، وتردد بعض، فنزل قوله تعالى { { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } } [النساء: 43] فامتنع بعض آخر، وتوقع الباقون أن تحرم، وتوقع صلى الله عليه وسلم قرب تحريمها، فنصحهم أن يتخلصوا مما عندهم منها بالشرب أو بالبيع أو بالهبة ولم يمض قليل من الزمن حتى نزل قول الله تعالى { { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه } } [المائدة: 90] فقال صلى الله عليه وسلم لهم: من كان عنده خمر فلا يشربها ولا يبعها فلم يكن أمامهم إلا أن يسفكوها في طرقات المدينة.

وقرن الإسلام تحريم بيعها بتحريم بيع الميتة والخنزير والأصنام، وحذر من التحايل على التشريع، ونعى على اليهود أنهم لما حرم الله عليهم الشحوم، تحايلوا على هذا التحريم، فأذابوها، وباعوها، وأكلوا ثمنها، وتعللوا بأنهم لم يأكلوها، يحذر المسلمين أن يفعلوا فعلهم، وأن يلتفوا حول الأحكام الشرعية بالألاعيب والحيل.

المباحث العربية

( يخطب بالمدينة) في إحدى خطب الجمعة، كعظة من المواعظ التي كان ينبههم بها إلى مصالحهم.

( إن اللَّه تعالى يعرض بالخمر) وهي المتخذة من عصير العنب، ويعرض بضم الياء وفتح العين وكسر الراء المشددة من التعريض، أي يقول فيها قولاً يعيبها، ولم يصرح.
وقد مهد الله لتحريم الخمر، وعرض بها قبل التحريم بتعريضين.
الأول قوله تعالى { { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما } } فقال بعض الناس: نشربها، لمنافعها التي فيها، وقال آخرون: لا نشربها فلا خير في شيء فيه إثم.
الثاني قوله تعالى { { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } } فقال بعض الناس: نشربها بعد العشاء، ونفيق منها قبل الفجر، وبين الصلاتين المتباعدتين، أو نشرب قدرًا لا يسكر، وقال آخرون: لا نشربها، فلا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة، وكان عمر رضي الله عنه يقول: اللهم بين لنا في ذلك بيانًا شافيًا.

فكانت الخطبة المذكورة في هذا الوقت، قبل نزول آية التحريم { { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه } }

( فمن كان عنده منها شيء فليبعه، ولينتفع به) بوجه من الوجوه كالإهداء، وتحويله إلى خل، والأمر للإرشاد، حتى لا يلحقه ضرر عند التحريم.

( فما لبثنا إلا يسيرًا) أي إلا زمنًا يسيرًا، أيامًا قلائل.

( حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن اللَّه تعالى حرم الخمر) أي بعد أن نزلت الآية السابقة، وفيها { { فهل أنتم منتهون } } أي انتهوا عنها واجتنبوها.

( فمن أدركته هذه الآية، وعنده منها شيء، فلا يشرب، ولا يبع) أي من أدركته هذه الآية حيًا فلا يشرب ولا يبع، أو المعنى فمن أدرك وعلم هذه الآية فلا يشرب ولا يبع، فالآية تدرك المسلم وتصله، ويدركها المسلم ويعلمها، والمراد من الآية آية تحريم الخمر المذكورة في سورة المائدة.

وفي الرواية الثالثة لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أي من بيته إلى المسجد فاقترأهن على الناس، ثم نهى عن التجارة في الخمر وفي الرواية الرابعة لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فحرم التجارة في الخمر وظاهر هاتين الروايتين أن تحريم التجارة في الخمر والنهي عنها كان بعد نزول آيات الربا في آخريات آيات سورة البقرة، وليس بعد تحريم الخمر بالآيات التي في سورة المائدة، وليس هذا الظاهر مرادًا، فقد حرمت الخمر وبلغ صلى الله عليه وسلم تحريمها قبل نزل آية الربا بمدة طويلة، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم جدد وكرر النهي عن الخمر والإتجار فيها بعد آية الربا للتذكير والتأكيد، والمبالغة في إشاعة الحكم والاهتمام به، قال القاضي: ولعله حضر هذا من لم يكن بلغه تحريم التجارة في الخمر قبل ذلك.
قلت هذا الاحتمال بعيد، والاحتمال الأول حسن.

( فاستقبل الناس بما كان عنده منها، في طريق المدينة فسفكوها) هكذا هو في الأصول التي بين يدي فاستقبل الناس بما كان عنده بإفراد الضمير العائد على الناس باعتبار اللفظ، والأصل: بما كان عندهم، وقوله في طريق المدينة فسفكوها فيه تقديم الجار والمجرور على متعلقه، والمعنى فاستقبل الناس هذا النهي بما كان عندهم من الخمر، فسفكوها في طريق المدينة، وقد روي فلبث المسلمون زمانًا يجدون ريحها من طرق المدينة، مما أهراقوا منها.

( عما يعصر من العنب) أي عن حكم الخمر، عن حكم شربها وبيعها وهبتها، وليس السؤال عن عصير العنب قبل أن يتخمر، بدليل جواب ابن عباس.

( راوية خمر) في آخر الرواية ففتح المزادة قال أبو عبيد: الراوية والمزادة.
بمعنى، وقال ابن السكيت: إنما يقال لها: المزادة، وأما الراوية فاسم للبعير الذي يروي عليه خاصة، والحديث يشهد لأبي عبيد.

وهي وعاء من جلد، يحمل فيه الماء للمسافر ونحوه، يحمل لترًا أو لترين أو ثلاثة، وسميت مزادة لأنه يتزود بمائها في السفر وغيره، وقيل: لأنه يزاد فيها جلد لتتسع عند الحاجة، وسميت راوية لأنها تروي صاحبها ومن معه بمائها، فقوله راوية خمر من إضافة الظرف إلى المظروف، مثل كوب ماء، والمقصود الخمر، لا الراوية.

( هل علمت أن اللَّه قد حرمها؟) قال النووي: لعل السؤال كان ليعرف حاله - أي إن الاستفهام حقيقي، وليس إنكاريًا - توبيخيًا فإن كان عالمًا بتحريمها - أي تحريم شربها فقط - أنكر عليه هديتها وإمساكها وحملها، وعذره على ذلك، فلما أخبره بأنه كان جاهلاً بذلك عذره.
والظاهر أن هذه القضية كانت على قرب تحريم الخمر، قبل اشتهار ذلك.

( فسار إنسانًا) بتشديد الراء، فأسر إلى إنسان كان معه، فالمسار هو الرجل الذي أهدى الراوية.

( ففتح المزادة، حتى ذهب ما فيها) أي ففتح المزادة، وصب ما فيها على الأرض، حتى أفرغ ما فيها، والظاهر أنهم كانوا في مكان لا يؤذيه، ولا يؤذي من فيه، صب هذا القدر من الخمر.

( عام الفتح) قال الحافظ ابن حجر: فيه بيان تاريخ ذلك، وكان ذلك في رمضان سنة ثمان من الهجرة، ويحتمل أن يكون التحريم وقع قبل ذلك، ثم أعاده صلى الله عليه وسلم، ليسمعه من لم يكن سمعه.
اهـ.
المهم فيه أن الخمر كانت محرمة في ذلك التاريخ.

( إن اللَّه ورسوله حرم) قال الحافظ ابن حجر: هكذا وقع في الصحيحين، بإسناد الفعل حرم إلى الضمير الواحد، وكان الأصل حرمًا قال القرطبي: إنه صلى الله عليه وسلم تأدب، فلم يجمع بينه وبين اسم الله في ضمير الاثنين، لأنه من نوع ما رد به على الخطيب الذي قال ومن يعصهما كذا قال.
ولم تتفق الرواة في هذا الحديث على ذلك، فإن بعض طرقه في الصحيح إن الله حرم ليس فيه ورسوله وفي رواية لابن مردويه، من وجه آخر عن الليث إن الله ورسوله حرما وقد صح في حديث أنس، في النهي عن أكل الحمر الأهلية إن الله ورسوله ينهيانكم والتحقيق جواز الإفراد في مثل هذا، ويكون فيه الإشارة إلى أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم ناشئ عن أمر الله.

( والميتة) بفتح الميم مازالت عنه الحياة بغير ذكاة شرعية، وبكسر الميم الهيئة، وليست مرادة هنا.

( والأصنام) جمع صنم، قال الجوهري: هو الوثن، وقال غيره: الوثن ماله جثة، والصنم ما كان مصورًا، فبينهما عموم وخصوص وجهي، فإن كان مصورًا فهو وثن وصنم.

( أرأيت شحوم الميتة...) أي أخبرني عن شحوم الميتة، يفعل بها كذا وكذا، فهل يحل بيعها لما ذكر من المنافع؟ فإنها مقتضية لصحة البيع؟.

( ويستصبح بها الناس) أي يجعلونها في مصابيحهم لتضيء لهم.

( فقال: لا.
هو حرام)
قال النووي: هو يعود إلى البيع، لا إلى الانتفاع، ومن العلماء من حمله على الانتفاع، وسيأتي التفصيل في فقه الحديث.

( قاتل اللَّه اليهود) قاتل فاعل، وأصله أن يقع الفعل بين اثنين، ولكنه ربما جاء من واحد، كسافر، فالمعنى عليه قتل الله اليهود، أي لعن الله اليهود، فالمراد من القتل اللعن بجامع الطرد في كل، القتل طرد من الحياة، واللعن طرد من رحمة الله، فهو دعاء عليهم بذلك، أو المراد الدعاء عليهم بأن يقتلوا.

( لما حرم اللَّه عليهم شحومها أجملوه) تذكير في أجملوه على تقدير أجملوا هذا الشيء، وفي الرواية السادسة حرمت عليهم الشحوم، فجملوها وفي الرواية السابعة حرم الله عليهم الشحوم فباعوها أي أذابوها فباعوها، وفي الرواية الثامنة حرم عليهم الشحم، فباعوه يقال: أجمل الشحوم بالهمز، وجمله بالتشديد، أي أذابه، ويقال فيه جمل بالتخفيف من باب نصر.

فقه الحديث

شرب الخمر حرام بالإجماع، والكلام هنا عن بيعها، وإهدائها، والانتفاع بها بوجه من الوجوه.

أما البيع فالرواية الأولى، ولفظها فلا يشرب ولا يبع والثانية، ولفظها إن الذي حرم شربها حرم بيعها والثالثة ولفظها ثم نهى عن التجارة في الخمر والرابعة، ولفظها فحرم التجارة في الخمر هذه الروايات صريحة في تحريم بيعها، قال النووي: وهو مجمع عليه.
وقال الحافظ ابن حجر: وقد نقل ابن المنذر وغيره في ذلك الإجماع، وشذ من قال: يجوز بيعها، ويجوز بيع عنقود العنب الذي تحول ما في باطنه إلى خمر.

واختلف العلماء في علة تحريم بيعها، وهي عند الشافعي وموافقيه النجاسة، فيلحق بها كل عين نجسة كروث الحيوانات، وأجاز الكوفيون بيع النجس المنتفع به، كالسرجين وزرق الحمام، وذهب بعض المالكية إلى جواز ذلك للمشتري، دون البائع، لاحتياج المشتري دون البائع.
وقيل: لأنه ليس فيها منفعة مباحة مقصودة، فيلحق بها ما كان كذلك كالسباع والحشرات، وقيل: حرم بيعها مبالغة في التنفير عنها.

أما الهبة فهي ملحقة بالبيع، وأما تخليلها، والانتفاع بها فهو حرام عند الشافعي وأحمد والثوري ومالك في أصح الروايتين عنه، قالوا: لو جاز تخليلها، وتحويلها إلى خل لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لهم، ونهاهم عن إضاعتها ( حين سكبوها وأراقوها في طرقات المدينة) كما نصحهم وحثهم على الانتفاع بها قبل تحريمها، حين توقع نزول تحريمها، وكما نبه أهل الشاة الميتة على دباغ جلدها، والانتفاع به.

وجوز تخليلها الأوزاعي والليث وأبو حنيفة ومالك في رواية عنه.

قال النووي: وأما إذا انقلبت بنفسها خلا فتطهر عند جميعهم إلا ما حكي عن سحنون المالكي، أنه قال: لا تطهر.
اهـ ومعنى هذا أنها إذا تخللت بنفسها طهرت وجاز بيعها وهبتها، وإذا تخللت بفعل مخللها لم تطهر عند الشافعي وموافقيه، ولا يجوز بيعها، وسيأتي مزيد بحث فيما يؤخذ من حديث سمرة قريبًا.

وأما بيع الميتة فقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على تحريمه، ويستثنى من ذلك السمك والجراد، ويستثنى كذلك عند بعض العلماء ما لا تحله الحياة، كالشعر والصوف والوبر، فإنه طاهر، فيجوز بيعه، وهو قول أكثر المالكية والحنفية، وزاد بعضهم العظم والسن والقرن والظلف، وقال بنجاسة الشعور الحسن والليث والأوزاعي، ولكنها تطهر عندهم بالغسل، وكأنها عندهم متنجسة بما يتعلق بها من رطوبات الميتة.
ونحوه قال ابن القاسم في عظم الفيل، إنه يطهر إذا سلق بالماء.

وأما شحوم الميتة والانتفاع بها بغير الأكل فقد تعرضت له الرواية الخامسة، وعنه يقول النووي: الصحيح عند الشافعي وأصحابه أنه يجوز الانتفاع بشحم الميتة في طلي السفن، والاستصباح بها وغير ذلك مما ليس بأكل، وليس في بدن الآدمي، وبهذا أيضًا قال عطاء بن أبي رباح ومحمد بن جرير الطبري، وقال الجمهور: لا يجوز الانتفاع به في شيء أصلاً، لعموم النهي عن الانتفاع بالميتة إلا ما خص، وهو الجلد المدبوغ، وأما الزيت والسمن ونحوهما من الأدهان التي أصابتها نجاسة.
فهل يجوز الاستصباح بها ونحوه من الاستعمالات في غير الأكل وغير البدن؟ أو يجعل من الزيت صابون؟ أو يطعم العسل المتنجس للنحل؟ أو يطعم الميتة لكلابه؟ أو يطعم الطعام النجس لدوابه؟ فيه خلاف بين السلف، الصحيح من مذهبنا جواز جميع ذلك، ونقله القاضي عياض عن مالك وكثير من الصحابة والشافعي والثوري وأبي حنيفة وأصحابه والليث بن سعد.
قال: وأجاز أبو حنيفة وأصحابه والليث وغيرهم بيع الزيت النجس إذا بينه، وقال ابن الماجشون وأحمد بن حنبل: لا يجوز الانتفاع بشيء من ذلك كله في شيء من الأشياء.
اهـ.

ثم قال النووي: قال العلماء: وفي عموم تحريم بيع الميتة أنه يحرم بيع جثة الكافر إذا قتلناه، وطلب الكفار شراءه، أو دفع عوض عنه، وقد جاء في الحديث أن نوفل بن عبد الله المخزومي قتله المسلمون يوم الخندق، فبذل الكفار في جسده عشرة آلاف درهم للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يأخذها، ودفعه إليهم.

وأما الخنزير فمحرم بيعه بالإجماع، وعلة التحريم عند الشافعية النجاسة، والمشهور عند المالكية طهارة الخنزير، ورخص بعض العلماء في بيع القليل من شعر الخنزير للغرز، حكاه ابن المنذر عن الأوزاعي وأبي يوسف وبعض المالكية.

وأما الأصنام فبيعها حرام، والعلة في حرمتها عدم المنفعة المباحة، فعلى هذا إن كانت بحيث إذا كسرت ينتفع بمعدنها ومادتها وأجزائها جاز بيعها عند بعض العلماء من الشافعية وغيرهم، والأكثر على المنع حملاً للنهي على ظاهره، والظاهر أن النهي عن بيعها لزيادة التنفير عنها.
قال الحافظ ابن حجر: ويلتحق بها في الحكم الصلبان التي تعظمها النصارى، ويحرم نحت جميع ذلك وصنعته.

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم

1- في قوله في الرواية الأولى إن الله يعرض بالخمر...إلخ دليل على أن الأشياء قبل ورود الشرع لا تكليف فيها بتحريم ولا غيره، وفي المسألة خلاف مشهور للأصوليين، الأصح: أنه لا حكم ولا تكليف قبل ورود الشرع، لقوله تعالى { { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } } [الإسراء: 15] والثاني: أن أصلها على التحريم، حتى يرد الشرع بغير ذلك.
الثالث: أن أصلها على الإباحة، الرابع: التوقف.
وهذا الخلاف في غير الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها، كالتنفس ونحوه، فإنها ليست محرمة بلا خلاف، إلا على قول من يجوز التكليف بما لا يطاق.

2- وفي هذا الحديث أيضًا بذل النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم، لأنه صلى الله عليه وسلم نصحهم في تعجيل الانتفاع بها مادامت حلالاً.

3- ومن الرواية الثانية أن من ارتكب معصية جاهلاً تحريمها لا إثم عليه، ولا تعزير.

4- وفي قوله بم ساررته؟ دليل لجواز سؤال الإنسان عن بعض ما أسر به لآخر، فإن كان مما يجب كتمانه كتمه، وإلا ذكره.

5- وفي فتح المزادة، وتفريغها دليل للشافعي والجمهور أن أواني الخمر لا تكسر، ولا تشق، بل يراق ما فيها، وتغسل وينتفع بها، وعن مالك روايتان، إحداهما كالجمهور، والثانية يكسر الإناء، ويشق السقاء، قال النووي: وهذا ضعيف لا أصل له، أما حديث أبي طلحة أنهم كسروا الدنان فإنما فعلوا ذلك بأنفسهم مبالغة، من غير أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

6- قال القاضي عن الرواية الخامسة: تضمن هذا الحديث أن ما لا يحل أكله والانتفاع به لا يجوز بيعه، ولا يحل أكل ثمنه، كما في الشحوم المذكورة في الحديث.
اهـ وخالف في ذلك بعضهم.

7- ومن الرواية السادسة، من قول عمر: قاتل الله سمرة أخذ بعضهم جواز لعن العاصي المعين.
وهو غير مسلم إذ يحتمل أن عمر قالها لم يقصد معناها، كما يقولها العرب كثيرًا.

8- وفيه إقالة ذوي الهيئات زلاتهم، لأن عمر اكتفى بتلك الكلمة عن مزيد عقوبة.
قال ابن الجوزي والقرطبي وغيرهما: اختلف في كيفية بيع سمرة للخمر على ثلاثة أقوال: أحدها أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية، فباعها لهم، وأخذ ثمنها كجزية، معتقدًا جواز ذلك وهذا حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر ورجحه، وقال: كان ينبغي له أن يتركهم يبيعونها، ولا يدخل في المحظور، وإن أخذ منهم أثمانها بعد ذلك، لأنه حينئذ لا يكون قد تعاطى محرمًا، ويكون شبيهًا بقصة بريرة، حيث قال هو عليها صدقة، ولنا هدية والثاني: قال الخطابي: يجوز أن يكون باع العصير ممن يتخذه خمرًا، والعصير يسمى خمرًا، كما قد يسمى العنب به، لأنه يئول إليه، ثم قال الخطابي: ولا يظن بسمرة أنه باع عين الخمر بعد أن شاع تحريمها، وإنما باع العصير.

الثالث: أن يكون خلل الخمر وباعها، وكان عمر يعتقد أن ذلك لا يحلها، كما هو قول أكثر العلماء، واعتقد سمرة الجواز، كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء.

وقد أبدى الإسماعيلي فيه احتمالاً آخر، وهو أن سمرة علم تحريم الخمر، ولم يعلم تحريم بيعها، ولذلك اقتصر عمر على ذمه، دون عقوبته، وهذا هو الظن به.

9- وفيه إبطال الحيل والوسائل للوصول إلى المحرم.

10- وفيه أن الشيء إذا حرم عينه حرم ثمنه.

11- وفيه دليل على أن بيع المسلم الخمر من الذمي أو إلى الذمي لا يجوز.

12- وفيه استعمال القياس في الأشباه والنظائر.

والله أعلم