3030 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ ، وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ ، وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ ، مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ رُمْحٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَسْعُودٍ |
3030 حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي مسعود الأنصاري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ، ومهر البغي ، وحلوان الكاهن ، وحدثنا قتيبة بن سعيد ، ومحمد بن رمح ، عن الليث بن سعد ، ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا سفيان بن عيينة ، كلاهما عن الزهري ، بهذا الإسناد مثله ، وفي حديث الليث ، من رواية ابن رمح ، أنه سمع أبا مسعود |
Aba Mas'ud al-Ansari (Allah be pleased with him) reported that Allah's Messenger (ﷺ) forbade the charging of price of the dog, and earnings of a prostitute and sweets offered to a kahin.
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب تَحْرِيمِ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ السِّنَّوْرِ
[ سـ :3030 ... بـ :1567]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ رُمْحٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَسْعُودٍ
قَوْلُهُ : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ ) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ( شَرُّ الْكَسْبِ مَهْرُ الْبَغِيِّ ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ ) وَفِي رِوَايَةٍ ( ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ ) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ( سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ فَقَالَ : زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ )
أَمَّا ( مَهْرُ الْبَغِيِّ ) فَهُوَ مَا تَأْخُذُهُ الزَّانِيَةُ عَلَى الزِّنَا ، وَسَمَّاهُ مَهْرًا لِكَوْنِهِ عَلَى صُورَتِهِ ، وَهُوَ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ .
وَأَمَّا ( حُلْوَانُ الْكَاهِنِ ) فَهُوَ مَا يُعْطَاهُ عَلَى كِهَانَتِهِ .
يُقَالُ مِنْهُ : حَلَوْتُهُ حُلْوَانًا إِذَا أَعْطَيْتُهُ .
قَالَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ : أَصْلُهُ مِنَ الْحَلَاوَةِ شُبِّهَ بِالشَّيْءِ الْحُلْوِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَأْخُذُهُ سَهْلًا بِلَا كُلْفَةٍ ، وَلَا فِي مُقَابَلَةِ مَشَقَّةٍ .
يُقَالُ : حَلَوْتُهُ إِذَا أَطْعَمْتُهُ الْحُلْوَ ، كَمَا يُقَالُ : عَسَلْتُهُ إِذَا أَطْعَمْتُهُ الْعَسَلَ .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَيُطْلَقُ الْحُلْوَانُ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ هَذَا .
وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مَهْرَ ابْنَتِهِ لِنَفْسِهِ ، وَذَلِكَ عَيْبٌ عِنْدَ النِّسَاءِ .
قَالَتِ امْرَأَةٌ تَمْدَحُ زَوْجَهَا : لَا يَأْخُذُ الْحُلْوَانَ عَنْ بَنَاتِنَا .
قَالَ الْبَغَوِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَالْقَاضِي عِيَاضٌ : أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ حُلْوَانِ الْكَاهِنِ ; لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ مُحَرَّمٍ ، وَلِأَنَّهُ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ ، وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ أُجْرَةِ الْمُغَنِّيَةِ لِلْغِنَاءِ ، وَالنَّائِحَةِ لِلنَّوْحِ .
وَأَمَّا الَّذِي جَاءَ فِي غَيْرِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنَ النَّهْيِ عَنْ كَسْبِ الْإِمَاءِ فَالْمُرَادُ بِهِ كَسْبُهُنَّ بِالزِّنَا وَشِبْهِهِ لَا بِالْغَزْلِ وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهِمَا .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : وَيُقَالُ حُلْوَانُ الْكَاهِنِ الشِّنْعُ وَالصِّهْمِيمُ .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَحُلْوَانُ الْعَرَّافِ أَيْضًا حَرَامٌ .
قَالَ : وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَاهِنِ وَالْعَرَّافِ أَنَّ الْكَاهِنَ إِنَّمَا يَتَعَاطَى الْأَخْبَارَ عَنِ الْكَائِنَاتِ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ ، وَيَدَّعِي مَعْرِفَةَ الْأَسْرَارِ ، وَالْعَرَّافُ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي مَعْرِفَةَ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ وَمَكَانِ الضَّالَّةِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْأُمُورِ .
هَكَذَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ ، ثُمَّ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا فَقَالَ : إِنَّ الْكَاهِنَ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي مُطَالَعَةَ عِلْمِ الْغَيْبِ ، وَيُخْبِرُ النَّاسَ عَنِ الْكَوَائِنِ .
قَالَ : وَكَانَ فِي الْعَرَبِ كَهَنَةٌ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ كَثِيرًا مِنَ الْأُمُورِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رُفَقَاءَ مِنَ الْجِنِّ وَتَابِعَةٌ تُلْقِي إِلَيْهِ الْأَخْبَارَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ يَسْتَدِرْكُ الْأُمُورَ بِفَهْمٍ أُعْطِيَهُ ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يُسَمَّى عَرَّافًا وَهُوَ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْأُمُورَ بِمُقَدِّمَاتِ أَسْبَابٍ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى مَوَاقِعِهَا كَالشَّيْءِ يُسْرَقُ فَيَعْرِفُ الْمَظْنُونَ بِهِ السَّرِقَةُ ، وَتُتَّهَمُ الْمَرْأَةُ بِالرِّيبَةِ فَيَعْرِفُ مَنْ صَاحِبُهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُسَمِّي الْمُنَجِّمَ كَاهِنًا قَالَ : وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْكُهَّانِ يَشْتَمِلُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ ، وَعَلَى النَّهْيِ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ وَالرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِهِمْ ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَدْعُو الطَّبِيبَ كَاهِنًا ، وَرُبَّمَا سَمَّوْهُ عَرَّافًا ، فَهَذَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي النَّهْيِ .
هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ .
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي آخِرِ كِتَابِهِ ( الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ) : وَيَمْنَعُ الْمُحْتِسَبُ مَنْ يَكْتَسِبُ بِالْكِهَانَةِ وَاللَّهْوِ ، وَيُؤَدِّبُ عَلَيْهِ الْآخِذَ وَالْمُعْطِي .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَكَوْنِهِ مِنْ شَرِّ الْكَسْبِ وَكَوْنِهِ خَبِيثًا فَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ، وَلَا يَحِلُّ ثَمَنُهُ ، وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَلَّمًا أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ أَمْ لَا ، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَصِحُّ بَيْعُ الْكِلَابِ الَّتِي فِيهَا مَنْفَعَةٌ ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى مُتْلِفِهَا .
وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَابِرٍ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ جَوَازَ بَيْعِ كَلْبِ الصَّيْدِ دُونَ غَيْرِهِ .
وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَاتٌ إِحْدَاهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَلَكِنْ تَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى مُتْلِفِهِ .
وَالثَّانِيَةُ يَصِحُّ بَيْعُهُ ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ .
وَالثَّالِثَةُ لَا يَصِحُّ ، وَلَا تَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى مُتْلِفِهِ .
دَلِيلُ الْجُمْهُورِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ .
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ وَفِي رِوَايَةٍ ( إِلَّا كَلْبًا ضَرِيًّا ) وَأَنَّ عُثْمَانَ غَرَّمَ إِنْسَانًا ثَمَنَ كَلْبٍ قَتَلَهُ عِشْرِينَ بَعِيرًا ، وَعَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ التَّغْرِيمُ فِي إِتْلَافِهِ فَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ ، وَقَدْ أَوْضَحْتُهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ .