هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2568 حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، يَقُولُ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَثَلُ المُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ ، وَالوَاقِعِ فِيهَا ، مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً ، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلاَهَا ، فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلاَهَا ، فَتَأَذَّوْا بِهِ ، فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا : مَا لَكَ ، قَالَ : تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلاَ بُدَّ لِي مِنَ المَاءِ ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2568 حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، قال : حدثني الشعبي ، أنه سمع النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : مثل المدهن في حدود الله ، والواقع فيها ، مثل قوم استهموا سفينة ، فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها ، فكان الذي في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلاها ، فتأذوا به ، فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة ، فأتوه فقالوا : ما لك ، قال : تأذيتم بي ولا بد لي من الماء ، فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم ، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated An-Nu`man bin Bashir:

The Prophet (ﷺ) said, The example of the person abiding by Allah's orders and limits (or the one who abides by the limits and regulations prescribed by Allah) in comparison to the one who do wrong and violate Allah's limits and orders is like the example of people drawing lots for seats in a boat. Some of them got seats in the upper part while the others in the lower part ; those in the, lower part have to pass by those in the upper one to get water, and that troubled the latter. One of them (i.e. the people in the lower part) took an ax and started making a hole in the bottom of the boat. The people of the upper part came and asked him, (saying), 'What is wrong with you?' He replied, You have been troubled much by my (coming up to you), and I have to get water.' Now if they prevent him from doing that they will save him and themselves, but if they leave him (to do what he wants), they will destroy him and themselves.

D'après alA'mach, achCha'by [rapporte] avoir entendu anNu'mân ibn Bachîr (radiallahanho) dire: «Le parangon de celui qui simule de tomber dans les limites d'Allah et de celui qui y tombe est comme des gens qui font un tirage au sort au sujet d'un navire. Les uns eurent la partie inférieure et les autres la partie supérieure. Les premiers se mirent à faire passer de l'eau devant ceux de la partie supérieure qui éprouvèrent de la gêne à cause de cela... Et ceux de la partie inférieure de remettre une hache [à l'un d'eux] qui se mit à faire un trou au fond du navire [pour puiser de l'eau]. Ceux du haut vinrent lui dire: Qu'astu? — Eh bien! leur ditil, je vous gêne, certes, mais j'ai tant besoin d'eau.

":"ہم سے عمر بن حفص بن غیاث نے بیان کیا ، کہا ہم سے ہمارے والد نے بیان کیا ، کہا ہم سے اعمش نے ، کہا کہ ہم سے شعبی نے بیان کیا ، انہوں نے نعمان بن بشیر رضی اللہ عنہما سے سنا ، وہ کہتے تھے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اللہ کی حدود میں سستی برتنے والے اور اس میں مبتلا ہو جانے والے کی مثال ایک ایسی قوم کی سی ہے جس نے ایک کشتی ( پر سفر کرنے کے لیے جگہ کے بارے میں ) قرعہ اندازی کی ۔ پھر نتیجے میں کچھ لوگ نیچے سوار ہوئے اور کچھ اوپر ۔ نیچے کے لوگ پانی لے کر اوپر کی منزل سے گزرتے تھے اور اس سے اوپر والوں کو تکلیف ہوتی تھی ۔ اس خیال سے نیچے والا ایک آدمی کلہاڑی سے کشتی کا نیچے کا حصہ کاٹنے لگا ( تاکہ نیچے ہی سمندر سے پانی لے لیا کرے ) اب اوپر والے آئے اور کہنے لگے کہ یہ کیا کر رہے ہو ؟ اس نے کہا کہ تم لوگوں کو ( میرے اوپر آنے جانے سے ) تکلیف ہوتی تھی اور میرے لیے بھی پانی ضروری تھا ۔ اب اگر انہوں نے نیچے والے کا ہاتھ پکڑ لیا تو انہیں بھی نجات دی اور خود بھی نجات پائی ۔ لیکن اگر اسے یوں ہی چھوڑ دیا تو انہیں بھی ہلاک کیا اور خود بھی ہلاک ہو گئے ۔

D'après alA'mach, achCha'by [rapporte] avoir entendu anNu'mân ibn Bachîr (radiallahanho) dire: «Le parangon de celui qui simule de tomber dans les limites d'Allah et de celui qui y tombe est comme des gens qui font un tirage au sort au sujet d'un navire. Les uns eurent la partie inférieure et les autres la partie supérieure. Les premiers se mirent à faire passer de l'eau devant ceux de la partie supérieure qui éprouvèrent de la gêne à cause de cela... Et ceux de la partie inférieure de remettre une hache [à l'un d'eux] qui se mit à faire un trou au fond du navire [pour puiser de l'eau]. Ceux du haut vinrent lui dire: Qu'astu? — Eh bien! leur ditil, je vous gêne, certes, mais j'ai tant besoin d'eau.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2686] .

     قَوْلُهُ  مَثَلُ الْمُدْهِنِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ بَعْدَهَا نُونٌ أَيِ الْمُحَابِي بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُدْهِنُ وَالْمُدَاهِنُ وَاحِدٌ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُرَائِي وَيُضَيِّعُ الْحُقُوقَ وَلَا يُغَيِّرُ الْمُنْكَرَ .

     قَوْلُهُ  وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَذَا وَقَعَ هُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَامِرٍ وَهُوَ الشَّعْبِيُّ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمُدْهِنَ وَالْوَاقِعَ أَيْ مُرْتَكِبَهَا فِي الْحُكْمِ وَاحِدٌ وَالْقَائِمُ مُقَابِلُهُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي الشَّرِكَةِ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا وَهَذَا يَشْمَلُ الْفِرَقَ الثَّلَاثَ وَهُوَ النَّاهِي عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَالْوَاقِعُ فِيهَا وَالْمُرَائِي فِي ذَلِكَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْضًا هُنَا مَثَلُ الْوَاقِعِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَالنَّاهِي عَنْهَا وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ إِلَّا ذِكْرُ فِرْقَتَيْنِ فَقَطْ لَكِنْ إِذَا كَانَ الْمُدَاهِنُ مُشْتَرِكًا فِي الذَّمِّ مَعَ الْوَاقِعِ صَارَا بِمَنْزِلَةِ فِرْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَيَانُ وُجُودِ الْفِرَقِ الثَّلَاثِ فِي الْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ أَنَّ الَّذِينَ أَرَادُوا خَرْقَ السَّفِينَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِعِ فِي حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ عَدَاهُمْ إِمَّا مُنْكِرٌ وَهُوَ الْقَائِمُ وَإِمَّا سَاكِت وَهُوَ المدهن وَحمل بن التِّينِ قَوْلَهُ هُنَا الْوَاقِعِ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَائِمُ فِيهَا وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِذا وَقعت الْوَاقِعَة أَيْ قَامَتِ الْقِيَامَةُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَكَأَنَّهُ غَفَلَ عَمَّا وَقَعَ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْوَاقِعِ بِالْقَائِمِ وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْمُدْهِنِ فِيهَا وَهُوَ مُسْتَقِيمٌ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ قَالَ فِي الشَّرِكَةِ مَثَلُ الْقَائِمِ وَهُنَا مَثَلُ الْمُدْهِنِ وَهُمَا نَقِيضَانِ فَإِنَّ الْقَائِمَ هُوَ الْآمِرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالْمُدْهِنَ هُوَ التَّارِكُ لَهُ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ حَيْثُ قَالَ الْقَائِمِ نَظَرَ إِلَى جِهَةِ النَّجَاةِ وَحَيْثُ قَالَ الْمُدْهِنِ نَظَرَ إِلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّشْبِيهَ مُسْتَقِيمٌ عَلَى الْحَالَيْنِ.

.

قُلْتُ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ الْمُدْهِنِ وَهُوَ التَّارِكُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَعَلَى ذِكْرِ الْوَاقِعِ فِي الْحَدِّ وَهُوَ الْعَاصِي وَكِلَاهُمَا هَالِكٌ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ مَا تَقَدَّمَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ ذَكَرَ الْمُدْهِنَ وَالْقَائِمَ وَبَعْضَهُمْ ذَكَرَ الْوَاقِعَ وَالْقَائِمَ وَبَعْضَهُمْ جَمَعَ الثَّلَاثَةَ.

.
وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُدْهِنِ وَالْوَاقِعِ دُونَ الْقَائِمِ فَلَا يَسْتَقِيمُ .

     قَوْلُهُ  اسْتَهَمُوا سَفِينَةً أَيِ اقْتَرَعُوهَا فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمًا أَيْ نَصِيبًا مِنَ السَّفِينَةِ بِالْقُرْعَةِ بِأَن تكون مُشْتَركَة بَينهم إِمَّا بِالْإِجَازَةِ وَإِمَّا بِالْمِلْكِ وَإِنَّمَا تَقَعُ الْقُرْعَةُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ ثُمَّ يَقَعُ التَّشَاحُّ فِي الْأَنْصِبَةِ فَتَقَعُ الْقُرْعَةُ لفصل النزاع كَمَا تقدم قَالَ بن التِّينِ وَإِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي السَّفِينَةِ وَنَحْوِهَا فِيمَا إِذَا نَزَلُوهَا مَعًا أَمَّا لَوْ سَبَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَالسَّابِقُ أَحَقُّ بِمَوْضِعِهِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا فِيمَا إِذَا كَانَتْ مُسَبَّلَةً مَثَلًا أَمَّا لَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمْ مَثَلًا فَالْقُرْعَةُ مَشْرُوعَةٌ إِذَا تَنَازَعُوا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَتَأَذَّوْا بِهِ أَيْ بِالْمَارِّ عَلَيْهِمْ بِالْمَاءِ حَالَةَ السَّقْيِ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذَ فَأْسًا بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ مَعْرُوفٌ وَيُؤَنَّثُ .

     قَوْلُهُ  يَنْقُرُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْقَافِ أَيْ يَحْفِرُ لِيَخْرِقَهَا .

     قَوْلُهُ  فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَيْ مَنَعُوهُ مِنَ الْحَفْرِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِلرِّوَايَةِ الْمَاضِيَةِ فِي الشَّرِكَةِ حَيْثُ قَالَنَجَوْا وَنَجَوْا أَيْ كُلٌّ مِنَ الْآخِذِينَ وَالْمَأْخُوذِينَ وَهَكَذَا إِقَامَةُ الْحُدُودِ يَحْصُلُ بِهَا النَّجَاةُ لِمَنْ أَقَامَهَا وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا هَلَكَ الْعَاصِي بِالْمَعْصِيَةِ وَالسَّاكِتُ بِالرِّضَا بِهَا قَالَ الْمُهَلَّبُ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْذِيبُ الْعَامَّةِ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّعْذِيبَ الْمَذْكُورَ إِذَا وَقَعَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ مِنْ ذُنُوبِ مَنْ وَقَعَ بِهِ أَوْ يَرْفَعُ مِنْ دَرَجَتِهِ وَفِيهِ اسْتِحْقَاقُ الْعُقُوبَةِ بِتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَتبين الْعَالِمِ الْحُكْمَ بِضَرْبِ الْمَثَلِ وَوُجُوبُ الصَّبْرِ عَلَى أَذَى الْجَارِ إِذَا خَشِيَ وُقُوعَ مَا هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا وَأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى صَاحِبِ الْعُلْوِ مَا يَضُرُّ بِهِ وَأَنَّهُ إِنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ ضَرَرًا لَزِمَهُ إِصْلَاحُهُ وَأَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ مَنْعَهُ مِنَ الضَّرَرِ وَفِيهِ جَوَازُ قِسْمَةِ الْعَقَارِ الْمُتَفَاوِتِ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُلْوٌ وَسُفْلٌ تَنْبِيهٌ وَقَعَ حَدِيثُ النُّعْمَانِ هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُقَدَّمًا عَلَى حَدِيثِ أُمِّ الْعَلَاءِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَطَائِفَةٍ كَمَا أَوْرَدْتُهُ خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الشَّهَادَاتِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنَ الْقُرْعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى سِتَّةٍ وَسَبْعِينَ حَدِيثًا الْمُعَلَّقُ مِنْهَا أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا وَالْخَالِصُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى خَمْسَةِ أَحَادِيثَ وَهِيَ حَدِيثُ عُمَرَ كَانَ النَّاسُ يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِيهِ وَهُوَ مُرْسَلٌ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الاستهام فِي الْيَمين وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ أَثَرًا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم( قَـوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الصُّلْحِ) كَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَالْأَصِيلِيِّ وَأَبِي الْوَقْتِ وَلِغَيْرِهِمْ بَابُ وَفِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ أَبْوَابُ الصُّلْحِ بَابُ مَا جَاءَ وَحَذَفَ هَذَا كُلَّهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ مَا جَاءَ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَزَادَ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ إِذَا تَفَاسَدُوا وَالصُّلْحُ أَقْسَامٌ صُلْحُ الْمُسْلِمِ مَعَ الْكَافِرِ وَالصُّلْحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالصُّلْحُ بَيْنَ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ وَالْعَادِلَةِ وَالصُّلْحُ بَيْنَ الْمُتَغَاضِبَيْنِ كَالزَّوْجَيْنِ وَالصُّلْحُ فِي الْجِرَاحِ كَالْعَفْوِ عَلَى مَالٍ وَالصُّلْحُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ إِذَا وَقَعَتِ الْمُزَاحَمَةُ إِمَّا فِي الْأَمْلَاكِ أَوْ فِي الْمُشْتَرَكَاتِ كَالشَّوَارِعِ وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ أَصْحَابُ الْفُرُوعِ.

.
وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَتَرْجَمَ هُنَا لِأَكْثَرِهَا .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا من أَمر بِصَدقَة أَو مَعْرُوف إِلَى آخِرِ الْآيَةِ التَّقْدِيرُ إِلَّا نَجْوَى مِنْ إِلَخْ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ الْخَيْرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا أَيْ لَكِنْ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ إِلَخْ فَإِنَّ فِي نَجَوَاهُ الْخَيْرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي فَضْلِ الْإِصْلَاحِ .

     قَوْلُهُ  وَخُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى آخر بَقِيَّة التَّرْجَمَة ثمَّ أورد الْمُصَنِّفُ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي ذَهَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْإِمَامَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ ثَانِيهِمَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْمَعْنى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْقُرْعَةِ فِي الْمُشْكِلَاتِ)
أَيْ مَشْرُوعِيَّتِهَا وَوَجْهُ إِدْخَالِهَا فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْبَيِّنَاتِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْحُقُوقُ فَكَمَا تُقْطَعُ الْخُصُومَةُ وَالنِّزَاعُ بِالْبَيِّنَةِ كَذَلِكَ تُقْطَعُ بِالْقُرْعَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ وَحْدَهُ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ وَالْأَوَّلُ أَوْضَحُ وَلَيْسَتْ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً وَمَشْرُوعِيَّةُ الْقُرْعَةِ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَأَنْكَرَهَا بعض الْحَنَفِيَّة وَحكى بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلَ بِهَا وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ ضَابِطَهَا الْأَمْرَ الْمُشْكِلَ وَفَسَّرَهَا غَيْرُهُ بِمَا ثَبَتَ فِيهِ الْحَقُّ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَتَقَعُ الْمُشَاحَحَةُ فِيهِ فَيُقْرَعُ لِفَصْلِ النِّزَاعِ.

     وَقَالَ  إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي لَيْسَ فِي الْقُرْعَةِ إِبْطَالُ الشَّيْءِ مِنَ الْحَقِّ كَمَا زَعَمَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ بَلْ إِذَا وَجَبَتِ الْقِسْمَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُعَدِّلُوا ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يَقْتَرِعُوا فَيَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا وَقَعَ لَهُ بِالْقُرْعَةِ مُجْتَمِعًا مِمَّا كَانَ لَهُ فِي الْمِلْكِ مُشَاعًا فَيُضَمُّ فِي مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالْعِوَضِ الَّذِي صَارَ لِشَرِيكِهِ لِأَنَّ مَقَادِيرَ ذَلِكَ قَدْ عُدِّلَتْ بِالْقِيمَةِ وَإِنَّمَا أَفَادَتِ الْقُرْعَةُ أَنْ لَا يَخْتَارَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَيَخْتَارَهُ الْآخَرُ فَيُقْطَعُ التَّنَازُعَ وَهِيَ إِمَّا فِي الْحُقُوقِ الْمُتَسَاوِيَةِ وَإِمَّا فِي تَعْيِينِ الْمِلْكِ فَمِنَ الْأَوَّلِ عَقْدُ الْخِلَافَةِ إِذَا اسْتَوَوْا فِي صِفَةِ الْإِمَامَةِ وَكَذَا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَوَاتِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَالْأَقَارِبِ فِي تَغْسِيلِ الْمَوْتَى وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَالْحَاضِنَاتِ إِذَا كُنَّ فِي دَرَجَةٍ وَالْأَوْلِيَاءِ فِي التَّزْوِيجِ وَالِاسْتِبَاقِ إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَفِي إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَفِي نَقْلِ الْمَعْدِنِ وَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ وَالتَّقْدِيمِ بِالدَّعْوَى عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالتَّزَاحُمِ عَلَى أَخْذِ اللَّقِيطِ وَالنُّزُولِ فِي الْخَانِ الْمُسَبَّلِ وَنَحْوِهِ وَفِي السَّفَرِ بِبَعْضِ الزَّوْجَاتِ وَفِي ابْتِدَاءِ الْقَسْمِ وَالدُّخُولِ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَفِي الْإِقْرَاعِ بَيْنَ الْعَبِيدِ إِذَا أُوصِيَ بِعِتْقِهِمْ وَلَمْ يَسَعْهُمُ الثُّلُثُ وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ مِنْ صُوَرِ الْقِسْمِ الثَّانِي أَيْضًا وَهُوَ تَعْيِينُ الْمِلْكِ وَمِنْ صُوَرِ تَعْيِينِ الْمِلْكِ الْإِقْرَاعُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ عِنْدَ تَعْدِيلِ السِّهَامِ فِي الْقِسْمَةِ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يكفل مَرْيَم أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الِاحْتِجَاجِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ بِالْقُرْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إِذَا لَمْ يَرِدْ فِي شَرْعِنَا مَا يُخَالِفُهُ وَلَا سِيَّمَا إِذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا تَقْرِيرُهُ وَسَاقَهُ مَسَاقَ الِاسْتِحْسَانِ وَالثَّنَاءِ عَلَى فَاعِلِهِ وَهَذَا مِنْهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بن عَبَّاس الخ وَصله بن جَرِيرٍ بِمَعْنَاهُ وَقَولُهُ وَعَالَ قَلَمُ زَكَرِيَّا أَيِ ارْتَفَعَ عَلَى الْمَاءِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَعَلَا وَفِي نُسْخَة وَعدا بِالدَّال والجرية بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمُ اقْتَرَعُوا عَلَى كَفَالَةِ مَرْيَمَ أَيُّهُمْ يَكْفُلُهَا فَأَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَلَمًا وَأَلْقَوْهَا كُلَّهَا فِي الْمَاءِ فَجَرَتْ أَقْلَامُ الْجَمِيعِ مَعَ الْجِرْيَةِ إِلَى أَسْفَلَ وَارْتَفَعَ قَلَمُ زَكَرِيَّا فَأَخذهَا وَأخرج بن الْعَدِيمِ فِي تَارِيخِ حَلَبَ بِسَنَدِهِ إِلَى شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ النَّهَرَ الَّذِي أَلْقَوْا فِيهِ الْأَقْلَامَ هُوَ نَهَرُ قُوَيْقٍ النَّهَرُ الْمَشْهُورُ بِحَلَبَ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلِهِ أَيْ وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَوْله فساهم أَقرع هُوَ تَفْسِير بن عَبَّاس أخرجه بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ وَرُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ .

     قَوْلُهُ  فَسَاهَمَ أَيْ قَارَعَ وَهُوَ أَوْضَحُ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ مِنَ الْمَسْهُومِينَ هُوَ تَفْسِير بن عَبَّاس أَيْضا أخرجه بن جَرِيرٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ فَكَانَ مِنَ الْمَقْرُوعِينَ وَمن طَرِيق بن أَبِي نَجِيْحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ فَكَانَ مِنَ الْمَسْهُومِينَ وَالِاحْتِجَاجُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي إِثْبَاتِ الْقُرْعَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَرِدْ فِي شَرْعِنَا مَا يُخَالِفُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي شَرْعِهِمْ جَوَازُ إِلْقَاءِ الْبَعْضِ لِسَلَامَةِ الْبَعْضِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي شَرْعِنَا لِأَنَّهُمْ مُسْتَوُونَ فِي عِصْمَةِ الْأَنْفُسِ فَلَا يَجُوزُ إِلْقَاؤُهُمْ بِقُرْعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  أَبُو هُرَيْرَةَ عَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ وَصَلَهُ قَبْلُ بِأَبْوَابٍ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ إِذَا تَسَارَعَ قَوْمٌ فِي الْيَمِينِ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي الْعَمَلِ بِالْقُرْعَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَيْضًا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أُمِّ الْعَلَاءِ فِي قِصَّةِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ الْجَنَائِزِ وَيَأْتِي فِي الْهِجْرَةِ شَيْءٌ مِنْ تَرْجَمَةِ أُمِّ الْعَلَاءِ الْمَذْكُورَةِ وَعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهَا فِيهِ إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُ سَهْمه فِي السُّكْنَى وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ لَمَّا دَخَلُوا الْمَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَسَاكِنُ فَاقْتَرَعَ الْأَنْصَارُ فِي إِنْزَالِهِمْ فَصَارَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ لِآلِ أُمِّ الْعَلَاءِ فَنَزَلَ فِيهِمْ الثَّانِي حَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ أَوَّلِ حَدِيثِ الْإِفْكِ وَبَاقِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالْقَسْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ هِبَةِ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا وَسَبَقَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى مَحَلِّ شَرْحِهِ هُنَاكَ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وقدتقدم مَشْرُوحًا فِي أَبْوَابِ الْأَذَانِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ الْقُرْعَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِهَامِ هُنَا الْإِقْرَاعُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ هُنَاكَ الرَّابِعُ حَدِيثُ الْنُعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ

[ قــ :2568 ... غــ :2686] .

     قَوْلُهُ  مَثَلُ الْمُدْهِنِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ بَعْدَهَا نُونٌ أَيِ الْمُحَابِي بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُدْهِنُ وَالْمُدَاهِنُ وَاحِدٌ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُرَائِي وَيُضَيِّعُ الْحُقُوقَ وَلَا يُغَيِّرُ الْمُنْكَرَ .

     قَوْلُهُ  وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَذَا وَقَعَ هُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَامِرٍ وَهُوَ الشَّعْبِيُّ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمُدْهِنَ وَالْوَاقِعَ أَيْ مُرْتَكِبَهَا فِي الْحُكْمِ وَاحِدٌ وَالْقَائِمُ مُقَابِلُهُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي الشَّرِكَةِ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا وَهَذَا يَشْمَلُ الْفِرَقَ الثَّلَاثَ وَهُوَ النَّاهِي عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَالْوَاقِعُ فِيهَا وَالْمُرَائِي فِي ذَلِكَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْضًا هُنَا مَثَلُ الْوَاقِعِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَالنَّاهِي عَنْهَا وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ إِلَّا ذِكْرُ فِرْقَتَيْنِ فَقَطْ لَكِنْ إِذَا كَانَ الْمُدَاهِنُ مُشْتَرِكًا فِي الذَّمِّ مَعَ الْوَاقِعِ صَارَا بِمَنْزِلَةِ فِرْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَيَانُ وُجُودِ الْفِرَقِ الثَّلَاثِ فِي الْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ أَنَّ الَّذِينَ أَرَادُوا خَرْقَ السَّفِينَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِعِ فِي حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ عَدَاهُمْ إِمَّا مُنْكِرٌ وَهُوَ الْقَائِمُ وَإِمَّا سَاكِت وَهُوَ المدهن وَحمل بن التِّينِ قَوْلَهُ هُنَا الْوَاقِعِ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَائِمُ فِيهَا وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِذا وَقعت الْوَاقِعَة أَيْ قَامَتِ الْقِيَامَةُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَكَأَنَّهُ غَفَلَ عَمَّا وَقَعَ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْوَاقِعِ بِالْقَائِمِ وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْمُدْهِنِ فِيهَا وَهُوَ مُسْتَقِيمٌ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ قَالَ فِي الشَّرِكَةِ مَثَلُ الْقَائِمِ وَهُنَا مَثَلُ الْمُدْهِنِ وَهُمَا نَقِيضَانِ فَإِنَّ الْقَائِمَ هُوَ الْآمِرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالْمُدْهِنَ هُوَ التَّارِكُ لَهُ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ حَيْثُ قَالَ الْقَائِمِ نَظَرَ إِلَى جِهَةِ النَّجَاةِ وَحَيْثُ قَالَ الْمُدْهِنِ نَظَرَ إِلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّشْبِيهَ مُسْتَقِيمٌ عَلَى الْحَالَيْنِ.

.

قُلْتُ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ الْمُدْهِنِ وَهُوَ التَّارِكُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَعَلَى ذِكْرِ الْوَاقِعِ فِي الْحَدِّ وَهُوَ الْعَاصِي وَكِلَاهُمَا هَالِكٌ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ مَا تَقَدَّمَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ ذَكَرَ الْمُدْهِنَ وَالْقَائِمَ وَبَعْضَهُمْ ذَكَرَ الْوَاقِعَ وَالْقَائِمَ وَبَعْضَهُمْ جَمَعَ الثَّلَاثَةَ.

.
وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُدْهِنِ وَالْوَاقِعِ دُونَ الْقَائِمِ فَلَا يَسْتَقِيمُ .

     قَوْلُهُ  اسْتَهَمُوا سَفِينَةً أَيِ اقْتَرَعُوهَا فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمًا أَيْ نَصِيبًا مِنَ السَّفِينَةِ بِالْقُرْعَةِ بِأَن تكون مُشْتَركَة بَينهم إِمَّا بِالْإِجَازَةِ وَإِمَّا بِالْمِلْكِ وَإِنَّمَا تَقَعُ الْقُرْعَةُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ ثُمَّ يَقَعُ التَّشَاحُّ فِي الْأَنْصِبَةِ فَتَقَعُ الْقُرْعَةُ لفصل النزاع كَمَا تقدم قَالَ بن التِّينِ وَإِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي السَّفِينَةِ وَنَحْوِهَا فِيمَا إِذَا نَزَلُوهَا مَعًا أَمَّا لَوْ سَبَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَالسَّابِقُ أَحَقُّ بِمَوْضِعِهِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا فِيمَا إِذَا كَانَتْ مُسَبَّلَةً مَثَلًا أَمَّا لَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمْ مَثَلًا فَالْقُرْعَةُ مَشْرُوعَةٌ إِذَا تَنَازَعُوا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَتَأَذَّوْا بِهِ أَيْ بِالْمَارِّ عَلَيْهِمْ بِالْمَاءِ حَالَةَ السَّقْيِ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذَ فَأْسًا بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ مَعْرُوفٌ وَيُؤَنَّثُ .

     قَوْلُهُ  يَنْقُرُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْقَافِ أَيْ يَحْفِرُ لِيَخْرِقَهَا .

     قَوْلُهُ  فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَيْ مَنَعُوهُ مِنَ الْحَفْرِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِلرِّوَايَةِ الْمَاضِيَةِ فِي الشَّرِكَةِ حَيْثُ قَالَ نَجَوْا وَنَجَوْا أَيْ كُلٌّ مِنَ الْآخِذِينَ وَالْمَأْخُوذِينَ وَهَكَذَا إِقَامَةُ الْحُدُودِ يَحْصُلُ بِهَا النَّجَاةُ لِمَنْ أَقَامَهَا وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا هَلَكَ الْعَاصِي بِالْمَعْصِيَةِ وَالسَّاكِتُ بِالرِّضَا بِهَا قَالَ الْمُهَلَّبُ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْذِيبُ الْعَامَّةِ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّعْذِيبَ الْمَذْكُورَ إِذَا وَقَعَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ مِنْ ذُنُوبِ مَنْ وَقَعَ بِهِ أَوْ يَرْفَعُ مِنْ دَرَجَتِهِ وَفِيهِ اسْتِحْقَاقُ الْعُقُوبَةِ بِتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَتبين الْعَالِمِ الْحُكْمَ بِضَرْبِ الْمَثَلِ وَوُجُوبُ الصَّبْرِ عَلَى أَذَى الْجَارِ إِذَا خَشِيَ وُقُوعَ مَا هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا وَأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى صَاحِبِ الْعُلْوِ مَا يَضُرُّ بِهِ وَأَنَّهُ إِنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ ضَرَرًا لَزِمَهُ إِصْلَاحُهُ وَأَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ مَنْعَهُ مِنَ الضَّرَرِ وَفِيهِ جَوَازُ قِسْمَةِ الْعَقَارِ الْمُتَفَاوِتِ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُلْوٌ وَسُفْلٌ تَنْبِيهٌ وَقَعَ حَدِيثُ النُّعْمَانِ هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُقَدَّمًا عَلَى حَدِيثِ أُمِّ الْعَلَاءِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَطَائِفَةٍ كَمَا أَوْرَدْتُهُ خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الشَّهَادَاتِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنَ الْقُرْعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى سِتَّةٍ وَسَبْعِينَ حَدِيثًا الْمُعَلَّقُ مِنْهَا أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا وَالْخَالِصُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى خَمْسَةِ أَحَادِيثَ وَهِيَ حَدِيثُ عُمَرَ كَانَ النَّاسُ يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِيهِ وَهُوَ مُرْسَلٌ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الاستهام فِي الْيَمين وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ أَثَرًا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْقُرْعَةِ فِي الْمُشْكِلاَتِ
وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: { إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ اقْتَرَعُوا فَجَرَتِ الأَقْلاَمُ مَعَ الْجِرْيَةِ، وَعَال قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الْجِرْيَةَ، فَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ.

وَقَوْلِهِ: { فَسَاهَمَ} [الصافات: 141] أَقْرَعَ { فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} مِنَ الْمَسْهُومِينَ.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "عَرَضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ: أَيُّهُمْ يَحْلِفُ".

( باب) مشروعية ( القرعة في) الأشياء ( المشكلات) التي يقع النزاع فيها بين اثنين أو أكثر ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من بدل في أي لأجل المشكلات كقوله تعالى: { من خطاياهم} [العنكبوت: 12] أي لأجل خطاياهم ( وقوله) زاد أبو ذر عز وجل أي في قصة مريم { إذ يلقون} أي حين يلقون { أقلامهم} أقداحهم للاقتراع وقيل اقترعوا بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة تبركًا { أيّهم يكفل مريم} [آل عمران: 44] متعلق بمحذوف دلّ عليه يلقون أقلامهم أي يلقونها ليعلموا أيهم يكفلها أي يضمها إلى نفسه ويربيها رغبة في الأجر وذلك لما وضعتها أمها حنّة وأخرجتها في خرقتها إلى بني الكاهن بن هارون أخي موسى بن عمران وهم يومئذٍ يلون من بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة فقالت لهم: دونكم هذه النذيرة فإني حرّرتها وهي ابنتي وأنا لا أردّها إلى بيتي فقالوا: هذه ابنة إمامنا، وكان عمران يؤمهم في الصلاة فقال زكريا: ادفعوها إليّ فإن خالتها تحتي فقالوا: لا تطيب نفوسنا هي ابنة إمامنا فعند ذلك اقترعوا عليها.

( وقال ابن عباس: اقترعوا فجرت الأقلام) التي ألقوها في نهر الأردن ( مع الجرية) بكسر الجيم أي جرية الماء إلى الجهة السفلى ( وعال) بعين مهملة وبعد الألف لام أي ارتفع ( قلم زكريا الجرية) فأخذها وضمها إلى نفسه وللأصيلي: وعالا بألف بعد اللام، ولأبي ذر عن الكشميهني: وعدا بالدال بدل اللام كذا في الفرع وأصله.
وقال في فتح الباري وفي رواية الكشميهني: وعلا أي بعين فلام فألف من العلوّ قال وفي نسخة وعدا بالدال وهذا وصله ابن جرير بمعناه ( فكفلها زكريا وقوله) تعالى بالجر عطفًا على قوله الأول في قضية يونس ( فساهم) قال ابن عباس فيما أخرجه ابن جرير أي ( أقرع) { فكان من المدحضين} [الصافات: 141] قال ابن عباس أيضًا فيما أخرجه ابن جرير أي ( من المسهومين) وأشار المؤلّف بما ذكره من قصة مريم ويونس عليهما الصلاة والسلام إلى الاحتجاج بصحة الحكم بالقرعة وهو مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد ما يخالفه.

( وقال أبو هريرة) -رضي الله عنه- مما وصله قريبًا في باب: إذا تسارع قوم في اليمين ( عرض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على قوم اليمين فأسرعوا) إلى اليمين ( فأمر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أن يسهم بينهم) بكسر هاء يسهم أي يقرع ( في اليمين أيّهم يحلف) قبل الآخر وفيه دلالة لمشروعية القرعة على ما لا يخفى.


[ قــ :2568 ... غــ : 2686 ]
- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ
فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلاَهَا، فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلاَهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلاَ بُدَّ لِي مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ".

وبه قال: ( حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) بكسر الغين المعجمة آخره مثلثة ابن طلق بفتح الطاء وسكون اللام الكوفي قال: ( حدّثنا أبي) حفص قال: ( حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران ( قال: حدّثني) بالإفراد ( الشعبي) عامر بن شراحيل ( أنه سمع النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- يقول: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( مثل المدهن) بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر الهاء آخره نون أي الذي يرائي ( في حدود الله) المضيع لها ( والواقع فيها) المرتكبها ( مثل قوم استهموا) اقترعوا ( سفينة) مشتركة بينهم تنازعوا في المقام بها علوًّا أو سفلاً فأخذ كل واحد منهم نصيبًا من السفينة بالقرعة ( فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها فكان الذين في أسفلها يمرّون بالماء على الذين) وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي على الذي ( في أعلاها فتأذّوا) أي الذين أعلاها ( به) بالماء عليهم بالماء حالة السقي أو بالماء الذي مع المار ( فأخذ) الذي مرّ بالماء ( فأسًا) بهمزة ساكنة وقد تبدل ألفًا ( فجعل ينقر) بضم القاف أي يحفر ( أسفل السفينة) ليخرقها ( فأتوه) الذين أعلاها ( فقالوا: ما لك) تحفر السفينة ( قال: تأذيتم بي ولا بدّ لي من الماء فإن أخذوا على يديه) بالتثنية أي منعوه من الحفر ولأبي ذر على يده بالإفراد ( أنجوه) أي الحافر ( ونجوا أنفسهم) بتشديد الجيم من الغرق ( وإن تركوه) يحفر ( أهلكوه وأهلكوا أنفسهم) .

ومن فوائد هذا الحديث: تبيين الحكم بضرب المثل ووقع في الشركة من وجه آخر عن عامر وهو الشعبي: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها.
قال في فتح الباري: وهو أصوب لأن المدهن والواقع في الحكم واحد والقائم مقابله، وعند الإسماعيلي في الشركة: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها والمرائي في ذلك، ووقع عنده هنا أيضًا مثل الواقع في حدود الله والناهي عنها وهو المطابق للمثل المضروب فإنه لم يقع فيه إلا ذكر فرقتين فقط، لكن إذا كان المدهن مشتركًا في الذم مع الواقع فيها صار بمنزلة فرقة واحدة وبيان وجود الفرق الثلاث في المثل المضروب أن الذين أرادوا خرق السفينة بمنزلة الواقع في حدود الله ثم من عداهم إما منكر وهو القائم وإما ساكت وهو المدهن.

وهذا الحديث قد سبق في باب: هل يقرع في القسمة في الشركة؟.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ القرْعَةِ فِي المُشْكِلاَتِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة الْقرعَة فِي الْأَشْيَاء المشكلات الَّتِي يَقع فِيهَا النزاع بَين اثْنَيْنِ أَو أَكثر، وَوَقع فِي رِوَايَة السَّرخسِيّ: من المشكلات، وَكلمَة: فِي، أصوب، وَأما كلمة: من، إِن كَانَت مَحْفُوظَة فَتكون للتَّعْلِيل، أَي: لأجل المشكلات، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مِمَّا خطاياهم} ( العنكبوت: 21) .
أَي: لأجل خطاياهم.
قيل: وَجه إِدْخَال هَذَا الْبابُُ فِي كتاب الشَّهَادَات أَنَّهَا من جملَة الْبَينَات الَّتِي تثبت بهَا الْحُقُوق.
قلت: الْأَحْسَن أَن يُقَال: وَجه ذَلِك أَنه كَمَا يقطع النزاع، وَالْخُصُومَة بِالْبَيِّنَةِ، فَكَذَلِك يقطع بِالْقُرْعَةِ، وَهَذَا الْمِقْدَار كافٍ لوجه الْمُنَاسبَة.

وقَوْله {إذْ يُلْقُونَ أقْلاَمَهُمْ أيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَم} ( آل عمرَان: 44) ..
     وَقَالَ  ابنُ عَبَّاسٍ اقْتَرَعوا فَجَرَتِ الأقْلاَمُ مَعَ الجِرْيَةِ وعالَ قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الجِرْيَةَ فَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءَ} ( آل عمرَان: 44) .


وَقَوله، بِالْجَرِّ عطفا على الْقرعَة، وَذكر هَذِه الْآيَة فِي معرض الِاحْتِجَاج لصِحَّة الحكم بِالْقُرْعَةِ، بِنَاء على أَن شرع من قبلنَا هُوَ شرع لنا مَا لم يقص الله علينا بالإنكار، وَلَا إِنْكَار فِي مشروعيتها، وَمَا نسب بَعضهم إِلَى أبي حنيفَة بِأَنَّهُ أنكرها فَغير صَحِيح، وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ عَن قريب فِي تَفْسِير قصَّة أهل الْإِفْك.
وَأول الْآيَة: {ذَلِك من أنباء الْغَيْب نوحيه إِلَيْك وَمَا كنت لديهم إِذْ يلقون أقلامهم أَيهمْ يكفل مَرْيَم وَمَا كنت لديهم إِذْ يختصمون} ( آل عمرَان: 44) .
قَوْله: ذَلِك إِشَارَة إِلَى مَا ذكر من قَضِيَّة مَرْيَم.
قَوْله ( من أَبنَاء الغبيب) أَي أَخْبَار الْغَيْب، ( نوحيه إِلَيْك) أَي: نَقصه عَلَيْك {وَمَا كنت لديهم} أَي: وَمَا كنت يَا مُحَمَّد عِنْدهم {إِذْ يلقون} أَي: حِين يلقون {الأقلام أَيهمْ يكفل مَرْيَم} ، أَي: يضمها إِلَى نَفسه ويربيها، وَذَلِكَ لرغبتهم فِي الْأجر {وَمَا كنت لديهم إِذْ يختصمون} أَي: حِين يختصمون فِي أَخذهَا.
وأصل الْقِصَّة أَن امْرَأَة عمرَان، وَهِي حنة بنت فاقود، لَا تحمل: فرأت يَوْمًا طائراً يزق فرخه، فاشتهت الْوَلَد فدعَتْ الله تَعَالَى أَن يَهَبهَا ولدا، فَاسْتَجَاب الله دعاءها، فواقعها زَوجهَا فَحملت مِنْهُ، فَلَمَّا تحققت الْحمل ندرت أَن يكون محررا، أَي: خَالِصا لخدمة بَيت الْمُقَدّس، فَلَمَّا وضعت قَالَت: {رب إِنِّي وَضَعتهَا أُنْثَى} ( آل عمرَان: 63) .
ثمَّ خرجت بهَا فِي خرقتها إِلَى بني الكاهن بن هروة أخي مُوسَى بن عمرَان، وهم يَوْمئِذٍ يلون من بَيت الْمُقَدّس مَا يَلِي الحجبة من الْكَعْبَة، فَقَالَت لَهُم: دونكم هَذِه النذيرة، فَإِنِّي حررتها وَهِي ابْنَتي، وَلَا تدخل الْكَنِيسَة حَائِض، وَأَنا لَا أردهَا إِلَى بَيْتِي، فَقَالُوا: هَذِه ابْنة إمامنا، وَكَانَ عمرَان يؤمهم فِي الصَّلَاة وَصَاحب القربان، فَقَالَ زَكَرِيَّاء: إدفعوها إِلَيّ، فَإِن خَالَتهَا تحتي، فَقَالُوا: لَا تطيب نفوسنا، هِيَ ابْنة إمامنا فَعِنْدَ ذَلِك اقترعوا بأقلامهم عَلَيْهَا، وَهِي الأقلام الَّتِي كَانُوا يَكْتُبُونَ بهَا التَّوْرَاة، فقرعهم زَكَرِيَّاء، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقد ذكر عِكْرِمَة وَالسُّديّ وَقَتَادَة وَغير وَاحِد أَنهم ذَهَبُوا إِلَى نهر الْأُرْدُن واقترعوا هُنَالك على أَن يلْقوا أقلامهم فِيهِ، فَأَيهمْ ثَبت فِي جرية المَاء فَهُوَ كافلها، فَألْقوا أقلامهم فاحتملها المَاء إلاَّ قلم زَكَرِيَّاء، فَإِنَّهُ ثَبت، فَأَخذهَا فَضمهَا إِلَى نَفسه، وَقد ذكر الْمُفَسِّرُونَ أَن الأقلام هِيَ الأقلام الَّتِي كَانُوا يَكْتُبُونَ بهَا التَّوْرَاة، كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَيُقَال: الأقلام السِّهَام، وَسمي السهْم قَلما لِأَنَّهُ يقلم: أَي: يبرى.
قَوْله: {أَيهمْ يكفل مَرْيَم} ( آل عمرَان: 44) .
أَي: يَأْخُذهَا بكفالتها.
قَوْله: ( اقترعوا) ، يَعْنِي: عِنْد التنافس فِي كَفَالَة مَرْيَم.
قَوْله: ( مَعَ الجرية) بِكَسْر الْجِيم للنوع من الجريان.

     وَقَالَ  ابْن التِّين صَوَابه اقرعوا أَو قارعوا لِأَنَّهُ رباعي قلت قد جَاءَ اقترعوا كَمَا جَاءَ أقرعوا فَلَا وَجه لدعوى الصَّوَاب فِيهِ.
قَوْله: ( عَال) أَي: غلب الجرية ويروى: علا، ويروى: عدا، حَاصله: ارْتَفع قلم زَكَرِيَّاء، وَيُقَال: إِنَّهُم اقترعوا ثَلَاث مَرَّات، وَعَن ابْن عَبَّاس: فَلَمَّا وُضعت مَرْيَم فِي الْمَسْجِد اقترع عَلَيْهَا أهل الْمصلى وهم يَكْتُبُونَ الْوَحْي.

وقَوْلِهِ {فَساهَمَ} أقْرَعَ {فكانَ مِنَ المدْحَضينَ} ( الصافات: 141) .
من المَسْهومِينَ

وَقَوله، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله الأول.
قَوْله: ( أَقرع) ، تَفْسِير لقَوْله: فساهم، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى يُونُس، عَلَيْهِ السَّلَام.
وَفسّر البُخَارِيّ المدحضين بِمَعْنى: المسهومين، يَعْنِي: المغلوبين، يُقَال: ساهمته فسهمته، كَمَا يُقَال: قارعته فقرعته.
وَقَوله: {فساهم} : اقرع تَفْسِير ابْن عَبَّاس أخرجه الطَّبَرِيّ من طَرِيق مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَليّ بن أبي طالحة عَن ابْن عَبَّاس وروى عَن السدى قَالَ: قَوْله: {فساهم} أَي: قارع.
قَالَ بَعضهم: هُوَ أوضح.
قلت: كَونه أوضح بِاعْتِبَار أَنه من بابُُ المفاعلة الَّتِي هِيَ للاشتراك بَين اثْنَيْنِ.
وَحَقِيقَة المدحض المزلق عَن مقَام الظفر وَالْغَلَبَة..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: يُونُس بن مَتى لما دَعَا قومه أهل نِينَوَى من بِلَاد الْموصل على شاطىء دجلة للدخول فِي دينه أبطؤوا عَلَيْهِ، فَدَعَا عَلَيْهِم وَوَعدهمْ الْعَذَاب بعد ثَلَاث، وَخرج عَنْهُم فَرَأى قومه دخاناً ومقدمات الْعَذَاب، فآمنوا بِهِ وَصَدقُوهُ وتابوا إِلَى الله، عز وَجل، وردوا الْمَظَالِم حَتَّى ردوا حِجَارَة مَغْصُوبَة، كَانُوا بنوا بهَا وَخَرجُوا طَالِبين يُونُس فَلم يجدوه، وَلم يزَالُوا كَذَلِك حَتَّى كشف الله عَنْهُم الْعَذَاب، ثمَّ إِن يُونُس ركب سفينة فَلم تجرِ، فَقَالَ أَهلهَا: فِيكُم آبق، فاقترعوا فَخرجت الْقرعَة عَلَيْهِ، فالتقمه الْحُوت.
وَقد اخْتلف فِي مُدَّة لبثه فِي بَطْنه من يَوْم وَاحِد إِلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
فَأوحى الله تَعَالَى إِلَى الْحُوت أَن يلتقمه وَلَا يكسر لَهُ عظما.
وَذكر مقَاتل: أَنهم قارعوه سِتّ مَرَّات خوفًا عَلَيْهِ من أَن يقذف فِي الْبَحْر، وَفِي كلهَا خرج عَلَيْهِ، وَفِي يُونُس سِتّ لُغَات: ضم النُّون وَفتحهَا وَكسرهَا مَعَ الْهمزَة وَتَركه، وَالْأَشْهر ضم النُّون بِغَيْر همز.

وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ عَرَضَ النبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قَوْمٍ اليَمينَ فَأسْرَعُوا فأمَرَ أنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ أيُّهُمْ يَحْلِفُ

هَذَا التَّعْلِيق قد مر مَوْصُولا فِي: بابُُ إِذا سارع قوم فِي الْيَمين، وَقد مر عَن قريب، وَهَذَا أَيْضا يدل على مَشْرُوعِيَّة الْقرعَة.



[ قــ :2568 ... غــ :2686 ]
- حدَّثنا عُمَرَ بنُ حَفْصِ بنِ غِياثٍ قَالَ حدَّثنا أبِي قَالَ حدَّثنا الأعْمَشُ قَالَ حدَّثني الشَّعْبِيُّ أنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بنَ بَشِيرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقولُ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَثَلُ الْمُدهِنِ فِي حُدُودِ الله والواقِعِ فِيها مثَلُ قَوْمٍ اسْتهَمُوا سَفِينَةً فصارَ بَعْضُهُمْ فِي أسْفَلِهَا وصارَ بَعْضُهم فِي أعْلاهَا فكانَ الَّذِي فِي أسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بالْمَاءِ على الَّذِينَ فِي أعْلاهَا فَتأذَّوْا بهِ فأخَذَ فَأْساً فَجَعَلَ يَنْقُرُ أسْفَلَ السَّفِينَةِ فأتوْهُ فَقَالُوا مالَكَ قَالَ تأذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لي مِنَ المَاءِ فإنْ أخَذُوا على يدَيْهِ أنْجَوْه ونجَّوا أنْفُسَهُمْ وإنْ تَرَكُوا أهْلَكُوهُ وأهْلَكُوا أنْفُسَهُمْ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( استهموا سفينة) ، وَهَذَا الحَدِيث مضى فِي الشّركَة فِي: بابُُ هَل يقرع فِي الْقِسْمَة؟ والاستهام فِيهِ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي نعيم عَن زَكَرِيَّاء.
قَالَ: سَمِعت عَامِرًا، وَهُوَ الشّعبِيّ يَقُول: سَمِعت النُّعْمَان بن بشير ... إِلَى آخِره، وَفِي بعض النّسخ وَقع حَدِيث النُّعْمَان هَكَذَا فِي آخر الْبابُُ.

قَوْله: ( مثل المدهن) ، وَهُنَاكَ: مثل الْقَائِم على حُدُود الله تَعَالَى، والمدهن، بِضَم الْمِيم وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وَكسر الْهَاء، وَفِي آخِره نون من الإدهان، وَهُوَ الْمُحَابَاة فِي غير حق، وَهُوَ الَّذِي يرائي ويضيع الْحُقُوق وَلَا يُغير الْمُنكر، وَوَقع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي الشّركَة: مثل الْقَائِم على حُدُود الله وَالْوَاقِع فِيهَا والمدهن فِيهَا، وَهَذِه ثَلَاث فرق، وجودهَا فِي الْمثل الْمَضْرُوب هُوَ أَن الَّذين أَرَادوا خرق السَّفِينَة بِمَنْزِلَة الْوَاقِع فِي حُدُود الله، ثمَّ من عداهم إِمَّا مُنكر وَهُوَ الْقَائِم، وَإِمَّا سَاكِت وَهُوَ المداهن.

وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قَالَ ثمَّة، يَعْنِي: فِي كتاب الشّركَة: مثل الْقَائِم على حُدُود الله،.

     وَقَالَ  هَهُنَا: مثل المدهن، وهما نقيضان إِذْ الْآمِر هُوَ الْقَائِم بِالْمَعْرُوفِ والمدهن هُوَ التارك لَهُ، فَمَا وَجهه؟ قلت: كِلَاهُمَا صَحِيح، فَحَيْثُ قَالَ الْقَائِم نظر إِلَى جِهَة النجَاة، وَحَيْثُ قَالَ المدهن نظر إِلَى جِهَة الْهَلَاك، وَلَا شكّ أَن التَّشْبِيه مُسْتَقِيم على كل وَاحِد من الْجِهَتَيْنِ.
وَاعْترض عَلَيْهِ بَعضهم بقوله: كَيفَ يَسْتَقِيم هُنَا الِاقْتِصَار على ذكر المدهن، وَهُوَ: التارك لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وعَلى ذكر الْوَاقِع فِي الْحَد وَهُوَ العَاصِي، وَكِلَاهُمَا هَالك، وَالْحَاصِل أَن بعض الروَاة ذكر المدهن والقائم، وَبَعْضهمْ ذكر الْوَاقِع والقائم، وَبَعْضهمْ جمع الثَّلَاثَة.
وَأما الْجمع بَين المدهن وَالْوَاقِع دون الْقَائِم فَلَا يَسْتَقِيم.
انْتهى.

قلت: لَا وَجه لاعتراضه على الْكرْمَانِي، لِأَن سُؤال الْكرْمَانِي وَجَوَابه مبنيان على الْقسمَيْنِ الْمَذْكُورين فِي هَذَا الحَدِيث، وهما: المدهن الْمَذْكُور هُنَا، والقائم الْمَذْكُور هُنَاكَ، وَهُوَ لم يبين كَلَامه على التارك الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ، وَالْوَاقِع فِي الْحَد، فَلَا يرد عَلَيْهِ شَيْء أصلا، تَأمل، فَإِنَّهُ مَوضِع يحْتَاج فِيهِ إِلَى التَّأَمُّل.

قَوْله: ( استهموا سفينة) أَي: اقترعوها فَأخذ كل وَاحِد مِنْهُم سَهْما، أَي: نَصِيبا من السَّفِينَة بِالْقُرْعَةِ،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: وَإِنَّمَا يَقع ذَلِك فِي السَّفِينَة وَنَحْوهَا فِيمَا إِذا أنزلوا مَعًا، أما لَو سبق بَعضهم بَعْضًا فَالسَّابِق أَحَق بموضعه،.

     وَقَالَ  بَعضهم: هَذَا فِيمَا إِذا كَانَت مسبلة، أما إِذا كَانَت مَمْلُوكَة لَهُم مثلا فالقرعة مَشْرُوعَة: إِذا تنازعوا.
قلت: إِذا وَقعت الْمُنَازعَة تشرع الْقرعَة سَوَاء كَانَت مسبلة أَو مَمْلُوكَة، مَا لم يسْبق أحدهم فِي المسبلة.
قَوْله: ( فتأذوا بِهِ) ، أَي: بالمار عَلَيْهِم، أَو: بِالْمَاءِ الَّذِي مَعَ الْمَار عَلَيْهِم.
قَوْله: ( ينقر) ، بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون النُّون وَضم الْقَاف من النقر، وَهُوَ الْحفر سَوَاء كَانَ فِي الْخشب أَو الْحجر، أَو نَحْوهمَا، قَوْله: ( فَإِن أخذُوا على يَدَيْهِ) أَي: منعُوهُ من النقر، ويروى: على يَده.
قَوْله: ( نجوه) أَي: نجو الْمَار، ويروى: أنجوه: بِالْهَمْزَةِ، ونجوا أنفسهم، بتَشْديد الْجِيم، وَهَكَذَا إِقَامَة الْحُدُود تحصل بهَا النجَاة لمن إقامها وأقيمت عَلَيْهِ، وإلاَّ هلك العَاصِي بالمعصية والساكت بِالرِّضَا بهَا.

وَقَالَ الْمُهلب: فِي هَذَا الحَدِيث: تَعْذِيب الْعَامَّة بذنب الْخَاصَّة، وَاسْتِحْقَاق الْعقُوبَة بترك الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ، وتبيين الْعَالم الحكم بِضَرْب الْمثل.