2468 وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ ، فَحُجُّوا ، فَقَالَ رَجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ قُلْتُ : نَعَمْ لَوَجَبَتْ ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ، ثُمَّ قَالَ : ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ |
2468 وحدثني زهير بن حرب ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا الربيع بن مسلم القرشي ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج ، فحجوا ، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت : نعم لوجبت ، ولما استطعتم ، ثم قال : ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه |
Abu Huraira (Allah be pleased with him) reported:
Allah's Messenger (ﷺ) addressed us and said: O people, Allah has made Hajj obligatory for you; so perform Hajj. Thereupon a person said: Messenger of Allah, (is it to be performed) every year? He (the Holy Prophet) kept quiet, and he repeated (these words) thrice, whereupon Allah's Messenger (ﷺ) said: If I were to say Yes, it would become obligatory (for you to perform it every year) and you would not be able to do it. Then he said: Leave me with what I have left to you, for those who were before you were desroyed because of excessive questioning, and their opposition to their apostles. So when I command you to do anything, do it as much as it lies in your power and when I forbid you to do anything, then abandon it.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[1337] .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِفَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.
.
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ) هَذَا الرَّجُلُ السَّائِلُ هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ الْأَمْرَ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يَقْتَضِيهِ وَالثَّانِي يَقْتَضِيهِ وَالثَّالِثُ يَتَوَقَّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ عَلَى الْبَيَانِ فَلَا يُحْكَمُ بِاقْتِضَائِهِ ولا يمنعه وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ بِالتَّوَقُّفِ لِأَنَّهُ سَأَلَ فَقَالَ أَكُلُّ عَامٍ وَلَوْ كَانَ مُطْلَقُهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ عَدَمَهُ لَمْ يَسْأَلْ وَلَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَاجَةَ إِلَى السُّؤَالِ بَلْ مُطْلَقُهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَذَا وَقَدْ يُجِيبُ الْآخَرُونَ عَنْهُ بِأَنَّهُ سَأَلَ اسْتِظْهَارًا وَاحْتِيَاطًا وَقَولُهُ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِنَّمَا احْتَمَلَ التَّكْرَارَ عنده من وجه آخر لِأَنَّ الْحَجَّ فِي اللُّغَةِ قُصِدَ فِيهِ تَكَرُّرٌ فَاحْتَمَلَ عِنْدَهُ التَّكْرَارَ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ لَا مِنْ مُطْلَقِ الْأَمْرِ قَالَ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِمَا ذكرناه عن اهل اللغة ها هنا مَنْ قَالَ بِإِيجَابِ الْعُمْرَةِ.
وَقَالَ لَمَّا كَانَ قوله تعالى ولله على الناس حج البيت يَقْتَضِي تَكْرَارَ قَصْدِ الْبَيْتِ بِحُكْمِ اللُّغَةِ وَالِاشْتِقَاقِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ إِلَّا مَرَّةً كَانَتِ الْعَوْدَةُ الْأُخْرَى إِلَى الْبَيْتِ تَقْتَضِي كَوْنَهَا عُمْرَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ قَصْدُهُ لِغَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.
.
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ فَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُكْمِهِ أَنْ يَكُونَ بِوَحْيٍ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وَهَذَا الْقَائِلُ يُجِيبُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَأَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رسولا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.
.
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ) هَذَا الرَّجُلُ السَّائِلُ هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ الْأَمْرَ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يَقْتَضِيهِ وَالثَّانِي يَقْتَضِيهِ وَالثَّالِثُ يَتَوَقَّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ عَلَى الْبَيَانِ فَلَا يُحْكَمُ بِاقْتِضَائِهِ ولا يمنعه وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ بِالتَّوَقُّفِ لِأَنَّهُ سَأَلَ فَقَالَ أَكُلُّ عَامٍ وَلَوْ كَانَ مُطْلَقُهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ عَدَمَهُ لَمْ يَسْأَلْ وَلَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَاجَةَ إِلَى السُّؤَالِ بَلْ مُطْلَقُهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَذَا وَقَدْ يُجِيبُ الْآخَرُونَ عَنْهُ بِأَنَّهُ سَأَلَ اسْتِظْهَارًا وَاحْتِيَاطًا وَقَولُهُ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِنَّمَا احْتَمَلَ التَّكْرَارَ عنده من وجه آخر لِأَنَّ الْحَجَّ فِي اللُّغَةِ قُصِدَ فِيهِ تَكَرُّرٌ فَاحْتَمَلَ عِنْدَهُ التَّكْرَارَ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ لَا مِنْ مُطْلَقِ الْأَمْرِ قَالَ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِمَا ذكرناه عن اهل اللغة ها هنا مَنْ قَالَ بِإِيجَابِ الْعُمْرَةِ.
وَقَالَ لَمَّا كَانَ قوله تعالى ولله على الناس حج البيت يَقْتَضِي تَكْرَارَ قَصْدِ الْبَيْتِ بِحُكْمِ اللُّغَةِ وَالِاشْتِقَاقِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ إِلَّا مَرَّةً كَانَتِ الْعَوْدَةُ الْأُخْرَى إِلَى الْبَيْتِ تَقْتَضِي كَوْنَهَا عُمْرَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ قَصْدُهُ لِغَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.
.
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ فَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُكْمِهِ أَنْ يَكُونَ بِوَحْيٍ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وَهَذَا الْقَائِلُ يُجِيبُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَأَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رسولا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.
.
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ) هَذَا الرَّجُلُ السَّائِلُ هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ الْأَمْرَ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يَقْتَضِيهِ وَالثَّانِي يَقْتَضِيهِ وَالثَّالِثُ يَتَوَقَّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ عَلَى الْبَيَانِ فَلَا يُحْكَمُ بِاقْتِضَائِهِ ولا يمنعه وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ بِالتَّوَقُّفِ لِأَنَّهُ سَأَلَ فَقَالَ أَكُلُّ عَامٍ وَلَوْ كَانَ مُطْلَقُهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ عَدَمَهُ لَمْ يَسْأَلْ وَلَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَاجَةَ إِلَى السُّؤَالِ بَلْ مُطْلَقُهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَذَا وَقَدْ يُجِيبُ الْآخَرُونَ عَنْهُ بِأَنَّهُ سَأَلَ اسْتِظْهَارًا وَاحْتِيَاطًا وَقَولُهُ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِنَّمَا احْتَمَلَ التَّكْرَارَ عنده من وجه آخر لِأَنَّ الْحَجَّ فِي اللُّغَةِ قُصِدَ فِيهِ تَكَرُّرٌ فَاحْتَمَلَ عِنْدَهُ التَّكْرَارَ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ لَا مِنْ مُطْلَقِ الْأَمْرِ قَالَ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِمَا ذكرناه عن اهل اللغة ها هنا مَنْ قَالَ بِإِيجَابِ الْعُمْرَةِ.
وَقَالَ لَمَّا كَانَ قوله تعالى ولله على الناس حج البيت يَقْتَضِي تَكْرَارَ قَصْدِ الْبَيْتِ بِحُكْمِ اللُّغَةِ وَالِاشْتِقَاقِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ إِلَّا مَرَّةً كَانَتِ الْعَوْدَةُ الْأُخْرَى إِلَى الْبَيْتِ تَقْتَضِي كَوْنَهَا عُمْرَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ قَصْدُهُ لِغَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.
.
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ فَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُكْمِهِ أَنْ يَكُونَ بِوَحْيٍ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وَهَذَا الْقَائِلُ يُجِيبُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَأَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رسولا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.
.
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ) هَذَا الرَّجُلُ السَّائِلُ هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ الْأَمْرَ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يَقْتَضِيهِ وَالثَّانِي يَقْتَضِيهِ وَالثَّالِثُ يَتَوَقَّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ عَلَى الْبَيَانِ فَلَا يُحْكَمُ بِاقْتِضَائِهِ ولا يمنعه وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ بِالتَّوَقُّفِ لِأَنَّهُ سَأَلَ فَقَالَ أَكُلُّ عَامٍ وَلَوْ كَانَ مُطْلَقُهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ عَدَمَهُ لَمْ يَسْأَلْ وَلَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَاجَةَ إِلَى السُّؤَالِ بَلْ مُطْلَقُهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَذَا وَقَدْ يُجِيبُ الْآخَرُونَ عَنْهُ بِأَنَّهُ سَأَلَ اسْتِظْهَارًا وَاحْتِيَاطًا وَقَولُهُ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِنَّمَا احْتَمَلَ التَّكْرَارَ عنده من وجه آخر لِأَنَّ الْحَجَّ فِي اللُّغَةِ قُصِدَ فِيهِ تَكَرُّرٌ فَاحْتَمَلَ عِنْدَهُ التَّكْرَارَ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ لَا مِنْ مُطْلَقِ الْأَمْرِ قَالَ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِمَا ذكرناه عن اهل اللغة ها هنا مَنْ قَالَ بِإِيجَابِ الْعُمْرَةِ.
وَقَالَ لَمَّا كَانَ قوله تعالى ولله على الناس حج البيت يَقْتَضِي تَكْرَارَ قَصْدِ الْبَيْتِ بِحُكْمِ اللُّغَةِ وَالِاشْتِقَاقِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ إِلَّا مَرَّةً كَانَتِ الْعَوْدَةُ الْأُخْرَى إِلَى الْبَيْتِ تَقْتَضِي كَوْنَهَا عُمْرَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ قَصْدُهُ لِغَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.
.
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ فَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُكْمِهِ أَنْ يَكُونَ بِوَحْيٍ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وَهَذَا الْقَائِلُ يُجِيبُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَأَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رسولا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) هَذَا مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ الْمُهِمَّةِ وَمِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ الَّتِي أُعْطِيَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويدخل فيها مَا لَا يُحْصَى مِنَ الْأَحْكَامِ كَالصَّلَاةِ بِأَنْوَاعِهَا فَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ أَرْكَانِهَا أَوْ بَعْضِ شُرُوطِهَا أَتَى بِالْبَاقِي وَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْلِ غَسَلَ الْمُمْكِنَ وَإِذَا وَجَدَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ مِنَ الْمَاءِ لِطَهَارَتِهِ أَوْ لِغَسْلِ النَّجَاسَةِ فَعَلَ الْمُمْكِنَ وَإِذَا وَجَبَتْ إزالة منكرات أو فطرة جماعة من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَمْكَنَهُ الْبَعْضُ فَعَلَ الْمُمْكِنَ وَإِذَا وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بَعْضَ عَوْرَتِهِ أَوْ حَفِظَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ أَتَى بِالْمُمْكِنِ وَأَشْبَاهُ هَذَا غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ وَهِيَ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَصْلِ ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَاتَّقُوا الله ما استطعتم.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ تَعَالَى اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ فَفِيهَا مَذْهَبَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فاتقوا الله ما استطعتم وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ أَوِ الصَّوَابُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً بَلْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى فاتقوا الله ما استطعتم مُفَسِّرَةٌ لَهَا وَمُبَيِّنَةٌ لِلْمُرَادِ بِهَا قَالُوا وَحَقَّ تُقَاتِهِ هُوَ امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابُ نَهْيِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَّا بِالْمُسْتَطَاعِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.
وَقَالَ تَعَالَى وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ من حرج وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ) فَهُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فَإِنْ وُجِدَ عُذْرٌ يُبِيحُهُ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ أَوَ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ إِذَا أُكْرِهَ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي هَذَا الْحَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا مرة واحدة بأصل الشرع وقد تجب زِيَادَةٌ بِالنَّذْرِ وَكَذَا إِذَا أَرَادَ دُخُولَ الْحَرَمِ لِحَاجَةٍ لَا تُكَرَّرَ كَزِيَارَةٍ وَتِجَارَةٍ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَوْجَبَ الْإِحْرَامَ لِذَلِكَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ مَحْرَمٍ إِلَى حَجٍّ وَغَيْرِهِ)
[1337] فَقَالَ رجل أكل عَام هُوَ الْأَقْرَع بن حَابِس فَإِذا أَمرتكُم بِشَيْء فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا من قَوَاعِد الْإِسْلَام المهمة وجوامع الْكَلم الَّتِي أعطيها صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيدخل فِيهِ مَا لَا يُحْصى من الْأَحْكَام وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَدَعوهُ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا على إِطْلَاقه قلت أخرج
[ سـ
:2468 ... بـ
:1337]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَيُّهَا النَّاسُ ، قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ.
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ، ثُمَّ قَالَ : ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ ) هَذَا الرَّجُلُ السَّائِلُ هُوَ ( الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ ) كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ الْأَمْرَ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ ؟ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يَقْتَضِيهِ .
وَالثَّانِي يَقْتَضِيهِ .
وَالثَّالِثُ : يَتَوَقَّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ عَلَى الْبَيَانِ فَلَا يُحْكَمُ بِاقْتِضَائِهِ وَلَا بِمَنْعِهِ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ بِالتَّوَقُّفِ ؛ لِأَنَّهُ سَأَلَ فَقَالَ أَكُلُّ عَامٍ ؟ وَلَوْ كَانَ مُطْلَقُهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ عَدَمَهُ لَمْ يَسْأَلْ وَلَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا حَاجَةَ إِلَى السُّؤَالِ ، بَلْ مُطْلَقُهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَذَا ، وَقَدْ يُجِيبُ الْآخَرُونَ عَنْهُ بِأَنَّهُ سَأَلَ اسْتِظْهَارًا وَاحْتِيَاطًا .
وَقَوْلُهُ : ( ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِنَّمَا احْتَمَلَ التَّكْرَارَ عِنْدَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَلِأَنَّ ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فِي اللُّغَةِ قُصِدَ فِيهِ تَكَرُّرٌ ، فَاحْتَمَلَ عِنْدَهُ التَّكْرَارَ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ لَا مِنْ مُطْلَقِ الْأَمْرِ ، قَالَ : وَقَدْ تَعَلَّقَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ هَهُنَا مَنْ قَالَ بِإِيجَابِ الْعُمْرَةِ ،.
وَقَالَ : لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ يَقْتَضِي تَكْرَارَ قَصْدِ الْبَيْتِ بِحُكْمِ اللُّغَةِ وَالِاشْتِقَاقِ ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ إِلَّا مَرَّةً كَانَتِ الْعَوْدَةُ الْأُخْرَى إِلَى الْبَيْتِ تَقْتَضِي كَوْنَهَا عُمْرَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ قَصْدُهُ لِغَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ ،.
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ.
قُلْتُ : نَعَمْ لَوَجَبَتْ .
فَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُكْمِهِ أَنْ يَكُونَ بِوَحْيٍ ، وَقِيلَ : يُشْتَرَطُ ، وَهَذَا الْقَائِلُ يُجِيبُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ ذَلِكَ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ ، وَأَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) هَذَا مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ الْمُهِمَّةِ ، وَمِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ الَّتِي أُعْطِيَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَا يُحْصَى مِنَ الْأَحْكَامِ كَالصَّلَاةِ بِأَنْوَاعِهَا ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ أَرْكَانِهَا أَوْ بَعْضِ شُرُوطِهَا أَتَى بِالْبَاقِي ، وَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْلِ غَسَلَ الْمُمْكِنَ ، وَإِذَا وَجَدَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ مِنَ الْمَاءِ لِطَهَارَتِهِ أَوْ لِغَسْلِ النَّجَاسَةِ فَعَلَ الْمُمْكِنَ ، وَإِذَا وَجَبَتْ إِزَالَةُ مُنْكَرَاتٍ أَوْ فِطْرَةَ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ، وَأَمْكَنَهُ الْبَعْضُ فَعَلَ الْمُمْكِنَ ، وَإِذَا وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بَعْضَ عَوْرَتِهِ أَوْ حَفِظَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ أَتَى بِالْمُمْكِنِ ؛ وَأَشْبَاهُ هَذَا غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ ، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ ، وَالْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَصْلِ ذَلِكَ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ فَفِيهَا مَذْهَبَانِ أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ أَوِ الصَّوَابُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً ، بَلْ قَوْلُهُ تَعَالَى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ مُفَسِّرَةٌ لَهَا وَمُبَيِّنَةٌ لِلْمُرَادِ بِهَا ، قَالُوا : وَحَقَّ تُقَاتِهِ هُوَ امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابُ نَهْيِهِ ، وَلَمْ يَأْمُرْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَّا بِالْمُسْتَطَاعِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ..
وَقَالَ تَعَالَى : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَاذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ ) فَهُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ ، فَإِنْ وُجِدَ عُذْرٌ يُبِيحُهُ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ ، أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ ، أَوَ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ إِذَا أُكْرِهَ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَهَذَا لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي هَذَا الْحَالِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً بِأَصْلِ الشَّرْعِ ، وَقَدْ يَجِبُ زِيَادَةٌ بِالنَّذْرِ ، وَكَذَا إِذَا أَرَادَ دُخُولَ الْحَرَمِ لِحَاجَةٍ لَا تُكَرَّرَ ، كَزِيَارَةٍ وَتِجَارَةٍ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَوْجَبَ الْإِحْرَامَ لِذَلِكَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ، وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .