هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
224 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ هِشَامٍ ، قَالَ : حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ ، عَنْ أَسْمَاءَ ، قَالَتْ : جَاءَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ ، كَيْفَ تَصْنَعُ ؟ قَالَ : تَحُتُّهُ ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ، وَتَنْضَحُهُ ، وَتُصَلِّي فِيهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
224 حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا يحيى ، عن هشام ، قال : حدثتني فاطمة ، عن أسماء ، قالت : جاءت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : أرأيت إحدانا تحيض في الثوب ، كيف تصنع ؟ قال : تحته ، ثم تقرصه بالماء ، وتنضحه ، وتصلي فيه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَسْمَاءَ ، قَالَتْ : جَاءَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ ، كَيْفَ تَصْنَعُ ؟ قَالَ : تَحُتُّهُ ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ، وَتَنْضَحُهُ ، وَتُصَلِّي فِيهِ .

Narrated Asma':

A woman came to the Prophet (ﷺ) and said, If anyone of us gets menses in her clothes then what should she do? He replied, She should (take hold of the soiled place), rub it and put it in the water and rub it in order to remove the traces of blood and then pour water over it. Then she can pray in it.

0227 Asmâ dit : Une femme vint voir le Prophète et l’interrogea : « Que fait l’une de nous au cas où le sang menstruel touche son habit ? » « Elle doit en premier lieu enlever le sang en le frottant, puis elle froissera le vêtement et le lavera avant de le mettre pour faire la prière.«   

":"ہم سے محمد ابن المثنی نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے یحییٰ نے ہشام کے واسطے سے بیان کیا ، ان سے فاطمہ نے اسماء کے واسطے سے ، وہ کہتی ہیں کہایک عورت نے رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں حاضر ہو کر عرض کی کہ حضور فرمائیے ہم میں سے کسی عورت کو کپڑے میں حیض آ جائے ( تو ) وہ کیا کرے ، آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ( کہ پہلے ) اسے کھرچے ، پھر پانی سے رگڑے اور پانی سے دھو ڈالے اور اسی کپڑے میں نماز پڑھ لے ۔

0227 Asmâ dit : Une femme vint voir le Prophète et l’interrogea : « Que fait l’une de nous au cas où le sang menstruel touche son habit ? » « Elle doit en premier lieu enlever le sang en le frottant, puis elle froissera le vêtement et le lavera avant de le mettre pour faire la prière.«   

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    (بابُُ غَسْلِ الدَّمِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم غسل الدَّم، بِفَتْح الْغَيْن، وَأَرَادَ بِهِ دم الْحيض.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهِرَة لِأَن كلاًّ مِنْهُمَا فِي بَيَان إِزَالَة النَّجَاسَة، فَفِي الأول عَن الْبَوْل، وَفِي الثَّانِي عَن الدَّم، وَكِلَاهُمَا فِي النَّجَاسَة سَوَاء.



[ قــ :224 ... غــ :227 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المثَنَّي قَالَ حَدثنَا يَحْيىَ عنْ هِشامٍ قَالَ حدثَتْنِي فاطِمَةُ عنْ أَسْمَاءَ قالَتْ جاءَتِ امْرأَةٌ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقالَتْ أرأَيْتَ إحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ تَحتهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بالمَاءِ وتنْضَحُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ.

(الحَدِيث 227 طرفه فِي: 307) .

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة: مُحَمَّد بن الْمثنى، بِفَتْح النُّون: وَهُوَ الْمَعْرُوف بالزَّمن، وَيحيى هُوَ: ابْن سعيد الْقطَّان، وَهِشَام هُوَ: ابْن عُرْوَة بن الزبير، وَقد تقدمُوا فِي بابُُ: أحب الدّين إِلَى الله أَدْوَمه، وَفَاطِمَة هِيَ: بنت الْمُنْذر بن الزبير زَوْجَة هِشَام الْمَذْكُور، تروي عَن جدَّتهَا أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْمَعْرُوفَة: بِذَات النطاقين، تقدمتا فِي بابُُ: من أجَاب الْفتيا بِإِشَارَة.

بَيَان لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: رِوَايَة الْأُنْثَى؛ وَرُوَاته مَا بَين شَامي ومصري.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ هُنَا، وَفِي الْبيُوع أَيْضا عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك، وَفِي الصَّلَاة عَن أبي مُوسَى عَن يحيى.
وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن وَكِيع، وَعَن مُحَمَّد ابْن حَاتِم عَن يحيى، وَعَن أبي كريب عَن عبد الله بن نمير، وَعَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح، وَعَن ابْن وهب عَن يحيى بن عبد الله ابْن سَالم وَمَالك وَعَمْرو بن الْحَارِث.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الطَّهَارَة عَن القعْنبِي عَن مَالك، وَعَن مُسَدّد عَن حَمَّاد بن زيد وَعِيسَى بن يُونُس، وَعَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن حَمَّاد بن سَلمَة.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن يحيى عَن سُفْيَان، عشرتهم عَن هِشَام بن عُرْوَة بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن يحيى بن حبيب عَن حَمَّاد بن زيد بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي بكر ابْن أبي شيبَة عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن هِشَام بن عُرْوَة بِهِ.

بَيَان لغته وَإِعْرَابه قَوْله: (تَحْتَهُ) من: حت الشي عَن الثَّوْب وَغَيره يحته حتاً: فركه وقشره فانحت، وتحات.
وَفِي (الْمُنْتَهى) : الحت: حتك الْوَرق من الشّجر، والمني وَالدَّم وَنَحْوهمَا من الثَّوْب وَغَيره، وَهُوَ دون النحت.
وَعند ابْن طريف: حت الشَّيْء: نفضه.
وَقيل: مَعْنَاهُ تحكه، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة.
قَوْله: (تقرصه) قَالَ فِي (الْمغرب) : الحت: القرص بِالْيَدِ، والقرص بأطراف الْأَصَابِع.
وَفِي (الْمُحكم) القرص التخميش والغمز بالأصبع، والمقرص: المقطع الْمَأْخُوذ من شَيْئَيْنِ، وَقد قرضه وقرصه.
وَفِي (الْجَامِع) كل مقطع مقرض.
وَفِي (الصِّحَاح) : أقرصيه بِمَاء أَي: اغسليه بأطراف أصابعك، ويروى: قرضيه، بِالتَّشْدِيدِ.
.

     وَقَالَ  ابو عبيد: أَي: قطعيه.
.

     وَقَالَ  فِي (مجمع الغرائب) : هُوَ أبلغ فِي إذهاب الْأَثر عَن الثَّوْب.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: روينَاهُ بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْقَاف وَضم الرَّاء وبضم التَّاء وَفتح الْقَاف وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة.
قَالَ: وَهُوَ الدَّلْك بأطراف الْأَصَابِع مَعَ صب المَاء عَلَيْهِ حَتَّى يذهب أَثَره.
قَوْله: (وتنضحه) أَي: تغسله، قَالَه الْخطابِيّ:.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: المُرَاد بِهِ الرش، وَهُوَ من بابُُ: فتح يفتح، بِفَتْح عين الْفِعْل فيهمَا،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: تنضحه، بِكَسْر الضَّاد: وَكَذَا قَالَ مغلطاي فِي شَرحه، وَهُوَ غلط.
قَوْله: (إحدانا) مُبْتَدأ وَقَوله: (تحيض) خَبره، قَوْله: (كَيفَ تصنع) ؟ يتَعَلَّق بقوله: (أَرَأَيْت) .
بَيَان معانية قَوْله: (جَاءَت امْرَأَة) وَقع رِوَايَة الشَّافِعِي، رَحمَه الله تَعَالَى، عَنهُ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن هِشَام فِي هَذَا الحَدِيث: أَن أَسمَاء هِيَ السائلة، وَأنكر النَّوَوِيّ هَذَا، وَضعف هَذِه الرِّوَايَة، وَلَا وَجه لإنكاره، لِأَنَّهُ لَا يبعد أَن يبهم الرَّاوِي اسْم نَفسه، وَقد وَقع مثل هَذَا فِي حَدِيث أبي سعيد، رَضِي الله عَنهُ، فِي قصَّة الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب.
قَوْله: (أَرَأَيْت) أَي: أَخْبرنِي، قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ، وَفِيه تجوز لإِطْلَاق الرُّؤْيَة، وَإِرَادَة الْإِخْبَار، لِأَن الرُّؤْيَة سَبَب الْإِخْبَار، وَجعل الِاسْتِفْهَام بِمَعْنى الْأَمر بِجَامِع الطّلب.
قَوْله: (تحيض فِي الثَّوْب) أَي: يصل دم الْحيض إِلَى الثَّوْب، هَكَذَا فسره الْكرْمَانِي.
قلت: الْمَعْنى: تحيض حَال كَونهَا فِي الثَّوْب، وَمن ضَرُورَة ذَلِك وُصُول الدَّم إِلَى الثَّوْب.
وللبخاري، من طَرِيق مَالك عَن هِشَام: إِذا أصَاب ثوبها الدَّم من الْحيض، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن أَسمَاء: (سَمِعت امْرَأَة تسْأَل النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: كَيفَ تصنع إحدانا بثوبها إِذا رَأَتْ الطُّهْر أتصلى فِيهِ؟ قَالَ: تنظر، فَإِن رَأَتْ فِيهِ دَمًا فلتقرصه بِشَيْء من مَاء، ولتنضح مَا لم تَرَ ولتصل

فِيهِ) .
وَعند مُسلم: (الْمَرْأَة تصيب ثوبها من دم الْحَيْضَة) ، وَعند التِّرْمِذِيّ: (إقرصيه بِمَاء ثمَّ رشيه) .
وَعند ابْن خُزَيْمَة: (كَيفَ تصنع بثيابها الَّتِي كَانَت تلبس؟ فَقَالَ إِن رَأَتْ فِيهَا شَيْئا فلتحكه ثمَّ لتقرصه بِشَيْء من مَاء، وتنضح فِي سَائِر الثَّوْب بِمَاء، ولتصل فِيهِ) .
وَفِي لفظ: (إِن رَأَيْت فِيهِ دَمًا فحكيه) .
وَفِي لفظ: (رشيه وَصلي فِيهِ) .
وَفِي لفظ: (ثمَّ تنضحه وَتصلي فِيهِ) .
وَعند أبي نعيم: (لتحته ثمَّ لتقرصه ثمَّ لتنضحه ثمَّ لتصل فِيهِ) .
وَفِي حَدِيث مُجَاهِد عَن عَائِشَة البُخَارِيّ: (مَا كَانَ لإحدانا إلاَّ ثوب وَاحِد تحيض فِيهِ، فَإِذا أَصَابَهُ شَيْء من دم قَالَت بريقها، فمعنعته بظفرها) .
أَي: عركته.
وَاخْتلف فِي سَماع مُجَاهِد عَن عَائِشَة، فَأنكرهُ ابْن حبَان وَيحيى بن معِين وَيحيى بن سعيد وَشعْبَة وَآخَرُونَ، وأثبته البُخَارِيّ وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَمُسلم وَآخَرُونَ، وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث الْقَاسِم عَنْهَا: (ثمَّ تقرص الدَّم من ثوبها عِنْد طهرهَا فتغسله وتنضح على سائره ثمَّ تصلي فِيهِ) .
وَفِي حَدِيث أم قيس بنت مُحصن، عِنْد ابْن خُزَيْمَة، وَابْن حبَان: (إغسليه بِالْمَاءِ والسدر وحكيه وَلَو بضلع) ، زَاد ابْن حبَان قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (اغسليه بِالْمَاءِ) ، أَمر فرض، وَذكر السدر والحك بالضلع أَمر ندب وإرشاد.
.

     وَقَالَ  ابْن الْقطَّان: هُوَ حَدِيث فِي غَايَة الصِّحَّة، وَعَابَ على أبي أَحْمد قَوْله: الْأَحَادِيث الصِّحَاح لَيْسَ فِيهَا ذكر الضلع والسدر، وَعند أبي أَحْمد العسكري: (حكيه بضلع واتبعيه بِمَاء وَسدر) .
وَعند أَحْمد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (إِن خَوْلَة بنت يسَار قَالَت: يَا رَسُول الله لَيْسَ لي إلاَّ ثوب وَاحِد، وَأَنا أحيض فِيهِ، قَالَ: فَإِذا طهرت فاغسلي مَوضِع حيضك ثمَّ صلي فِيهِ، قَالَت: يَا رَسُول الله أرى لم يخرج اثره، قَالَ: يَكْفِيك المَاء وَلَا يَضرك أَثَره) .
وَلما ذكره ابْن أبي خَيْثَمَة فِي (تَارِيخه الْكَبِير) جعله من مُسْند خَوْلَة، وَكَذَلِكَ الطَّبَرَانِيّ، وَفِي (سنَن أبي دَاوُد) عَن امْرَأَة من غفار: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رأى ثِيَابهَا من الدَّم، قَالَ: أصلحي من نَفسك، ثمَّ خذي إِنَاء من مَاء واطرحي فِيهِ ملحاً، ثمَّ اغسلي مَا أصَاب حقيبة الرجل من الدَّم، ثمَّ عودي لمركبك) .
وَعند الدَّارمِيّ، بِسَنَد فِيهِ ضعف عَن أم سَلمَة، رَضِي الله عَنْهَا: (إِن إِحْدَاهُنَّ تسبقها القطرة من الدَّم.
فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أصَاب إحداكن بذلك فلتقصعه بريقها.
وَعند ابْن خُزَيْمَة: وَقيل لَهَا: كَيفَ كنتن تصنعن بثيابكن إِذا طمثن على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَت: إِن كُنَّا لنطمث فِي ثيابنا أَو فِي دروعنا، فَمَا نغسل مِنْهُ إلاَّ أثر مَا أَصَابَهُ الدَّم.
قَوْله: (تَحْتَهُ) الضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ، وَفِي قَوْله: (ثمَّ تقرصه) يرجع إِلَى الثَّوْب.
وَفِي قَوْله: و (تنضحه) يرجع إِلَى المَاء، وَقد ذكرنَا عَن قريب أَن الخاطبي قَالَ: تنضحه أَي: تغسله.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: المُرَاد بِهِ الرش، لِأَن غسل الدَّم اسْتُفِيدَ من قَوْله: (تقرصه بِالْمَاءِ) ، وَأما النَّضْح فَهُوَ لما شكّ فِيهِ من الثَّوْب.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: فعلى هَذَا الضَّمِير فِي قَوْله: (تنضحه) يعود على الثَّوْب، بِخِلَاف: تَحْتَهُ، فَإِنَّهُ يعود على الدَّم، فَيلْزم مِنْهُ إختلاف الضمائر، وَهُوَ على خلاف الأَصْل.
قلت: لَا نسلم ذَلِك، لِأَن لفظ: الدَّم، غير مَذْكُور صَرِيحًا، وَالْأَصْل فِي عود الضَّمِير أَن يكون إِلَى شَيْء صَرِيح، وَالْمَذْكُور هُنَا صَرِيحًا: الثَّوْب وَالْمَاء، فالضميران الْأَوَّلَانِ يرجعان إِلَى الثَّوْب لِأَنَّهُ الْمَذْكُور قبلهمَا، وَالضَّمِير الثَّالِث يرجع إِلَى: المَاء، لِأَنَّهُ الْمَذْكُور قبله، وَهَذَا هُوَ الأَصْل.
ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: ثمَّ إِن الرش على الْمَشْكُوك فِيهِ لَا يُفِيد شَيْئا، لِأَنَّهُ إِن كَانَ طَاهِرا فَلَا حَاجَة إِلَيْهِ، وَإِن كَانَ متنجساً لم يتَطَهَّر بذلك، فَالْأَحْسَن مَا قَالَه الخاطبي.
قلت: الَّذِي قَالَه الْقُرْطُبِيّ هُوَ الْأَحْسَن لِأَنَّهُ يلْزم التّكْرَار من قَول الخاطبي بِلَا فَائِدَة، لأَنا ذكرنَا أَن الحت هُوَ الفرك، والقرص هُوَ الدَّلْك بأطراف الاصابع مَعَ صب المَاء عَلَيْهِ حَتَّى يذهب أَثَره، لما نَقَلْنَاهُ عَن القَاضِي عِيَاض، ففهم الْغسْل من لَفْظَة القرص، فَإِذا قُلْنَا: الرش بِمَعْنى الْغسْل يلْزم التّكْرَار، ثمَّ قَوْله: ثمَّ إِن الرش ... إِلَى آخِره، كَلَام من غير رُوِيَ، لِأَن الرش هَهُنَا لإِزَالَة الشَّك المتردد فِي الخاطر، كَمَا جَاءَ فِي رش المتوضىء المَاء على سراويله بعد فَرَاغه من الْوضُوء، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ على الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ، فَافْهَم.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام مِنْهَا: مَا قَالَه الخاطبي: إِن فِيهِ دَلِيلا على أَن النَّجَاسَات إِنَّمَا تَزُول بِالْمَاءِ دون غَيره من الْمَائِعَات، لَان جَمِيع النَّجَاسَات بِمَثَابَة الدَّم، لَا فرق بَينه وَبَينهَا إِجْمَاعًا، وَكَذَلِكَ اسْتدلَّ بِهِ الْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنه) على أَصْحَابنَا فِي وجوب الطَّهَارَة بِالْمَاءِ دون غَيره من الْمَائِعَات الطاهرة.
قلت: هَذَا خرج مخرج الْغَالِب لَا مخرج الشَّرْط، كَقَوْلِه تَعَالَى: { وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم} (النِّسَاء: 23) وَالْمعْنَى فِي ذَلِك أَن المَاء أَكثر وجودا من غَيره، أَو نقُول: تَخْصِيص الشَّيْء بِالذكر لَا يدل على نفي الحكم عَمَّا عداهُ، أَو نقُول: إِنَّه مَفْهُوم لقب، وَلَا يَقُول بِهِ إمامنا.

وَمِنْهَا: أَنه يدل على وجوب غسل النَّجَاسَات من الثِّيَاب،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: حَدِيث أَسمَاء أصل عِنْد الْعلمَاء فِي غسل النَّجَاسَات من الثِّيَاب، ثمَّ قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث مَحْمُول عِنْدهم على الدَّم الْكثير، لِأَن الله تَعَالَى شَرط فِي نَجَاسَته أَن يكون مسفوحاً، وَهُوَ كِنَايَة عَن الْكثير الْجَارِي إلاَّ أَن الْفُقَهَاء اخْتلفُوا فِي مِقْدَار مَا يتَجَاوَز عَنهُ من الدَّم، فَاعْتبر الْكُوفِيُّونَ فِيهِ، وَفِي النَّجَاسَات دون الدِّرْهَم فِي الْفرق بَين قَلِيله وَكَثِيره.
.

     وَقَالَ  مَالك: قَلِيل الدَّم مَعْفُو، وَيغسل قَلِيل سَائِر النَّجَاسَات.
وَرُوِيَ عَن ابْن وهب: إِن قَلِيل دم الْحيض ككثيره وكسائر الأنجاس، بِخِلَاف سَائِر الدِّمَاء، وَالْحجّة فِي أَن الْيَسِير من دم الْحيض كالكثير قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأسماء: (حتيه ثمَّ اقرصيه) ، حَيْثُ لم يفرق بَين قَلِيله وَكَثِيره، وَلَا سَأَلَهَا عَن مِقْدَاره وَلم يحد فِيهِ مِقْدَار الدِّرْهَم وَلَا دونه.
قلت: حَدِيث عَائِشَة: (مَا كَانَ لإحدانا إلاَّ ثَوَاب وَاحِد فِيهِ تحيض فَإِن أَصَابَهُ شَيْء من دم بلته بريقها، ثمَّ قصعته بريقها) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا، وَلَفظه: (قَالَت بريقها فمصعته) ، يدل على الْفرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير،.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: هَذَا فِي الدَّم الْيَسِير الَّذِي يكون معفواً عَنهُ، وَأما الْكثير مِنْهُ فصح عَنْهَا.
أَي: عَن عَائِشَة.
أَنَّهَا كَانَت تغسله، فَهَذَا حجَّة عَلَيْهِم فِي عدم الْفرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير من النَّجَاسَة، وعَلى الشَّافِعِي أَيْضا فِي قَوْله: (إِن يسير الدَّم يغسل كَسَائِر الأنجاس إلاَّ دم الراغيث، فَإِنَّهُ لَا يُمكن التَّحَرُّز عَنهُ) .
وَقد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ، أَنه لَا يرى بالقطرة والقطرتين بَأْسا فِي الصَّلَاة، وعصر ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، بثرة فَخرج مِنْهَا دم فمسحه بِيَدِهِ وَصلى، فالشافعية لَيْسُوا بإكثر إحتياطاً من أبي هُرَيْرَة وَابْن عمر، وَلَا أَكثر رِوَايَة عَنْهُمَا حَتَّى خالفوهما، حَيْثُ لم يفرقُوا بَين الْقَلِيل وَالْكثير، على أَن قَلِيل الدَّم مَوضِع ضَرُورَة، لِأَن الْإِنْسَان لَا يَخْلُو فِي غَالب حَاله من بثرة أَو دمل أَو برغوث، فعفى عَنهُ، وَلِهَذَا حرم الله المسفوح مِنْهُ، فَدلَّ أَن غَيره لَيْسَ بِمحرم، وَأما تَقْدِير أَصْحَابنَا الْقَلِيل بِقدر الدِّرْهَم، فَلَمَّا ذكره صَاحب (الاسرار) عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود أَنَّهُمَا قدرا النَّجَاسَة بالدرهم، وكفي بهما حجَّة فِي الِاقْتِدَاء.
وَرُوِيَ عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَيْضا أَنه قدره بظفره، وَفِي (الْمُحِيط) : وَكَانَ ظفره قَرِيبا من كفنا، فَدلَّ على أَن مَا دون الدِّرْهَم لَا يمْنَع.
.

     وَقَالَ  فِي (الْمُحِيط) أَيْضا: الدِّرْهَم الْكَبِير مَا يكون مثل عرض الْكَفّ، وَفِي صَلَاة الأَصْل: الدِّرْهَم الْكَبِير المثقال يَعْنِي: يبلغ مِثْقَالا.
وَعند السَّرخسِيّ: يعْتَبر بدرهم زَمَانه، وَأما الحَدِيث الَّذِي روايه الدَّارَقُطْنِيّ فِي (سنَنه) عَن روح بن غطيف عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (تُعَاد الصَّلَاة من قدر دِرْهَم من الدَّم) ، وَفِي لفظ: (إِذا كَانَ فِي الثَّوْب قدر الدِّرْهَم من الدَّم غسل الثَّوْب وأعيدت الصَّلَاة) .
وَإِن اصحابنا لم يحتجوا بِهِ، لِأَنَّهُ حَدِيث مُنكر، بل قَالَ البُخَارِيّ: إِنَّه بَاطِل.
فَإِن قلت: النَّص وَهُوَ قَوْله: { وثيابك فطهر} (المدثر: 4) لم يفصل بَين الْقَلِيل وَالْكثير، فَلَا يُعْفَى الْقَلِيل.
قلت: الْقَلِيل غير مُرَاد مِنْهُ بِالْإِجْمَاع بِدَلِيل عَفْو مَوضِع الِاسْتِنْجَاء فَتعين الْكثير، وَقد قدر الْكثير بالآثار.

وَمِنْهَا: أَن فِيهِ الدّلَالَة على أَن الدَّم نجس بِالْإِجْمَاع.

وَمِنْهَا: أَن فِيهِ الدّلَالَة على أَن الْعدَد لَيْسَ بِشَرْط فِي إِزَالَة النَّجَاسَة بل المُرَاد الإنقاء.

وَمِنْهَا: أَنَّهَا إِذا لم تَرَ فِي ثوبها شَيْئا من الدَّم ترش عَلَيْهِ مَاء وَتصلي فِيهِ.