2149 وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ ، يَقُولُ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ ، فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ ، إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ ، فَأَسْرَجْتُ فَرَسِي وَأَخَذْتُ رُمْحِي ، ثُمَّ رَكِبْتُ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي : وَكَانُوا مُحْرِمِينَ : نَاوِلُونِي السَّوْطَ ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ ، لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، فَنَزَلْتُ فَتَنَاوَلْتُهُ ، ثُمَّ رَكِبْتُ ، فَأَدْرَكْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي فَعَقَرْتُهُ ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : كُلُوهُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا تَأْكُلُوهُ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامَنَا فَحَرَّكْتُ فَرَسِي فَأَدْرَكْتُهُ فَقَالَ : هُوَ حَلَالٌ ، فَكُلُوهُ |
Abu Qatada reported:
We went with the Messenger of Allah (ﷺ) till we reached al-Qaha (a place three stages away from Medina). Some of us were in the state of Ihram and some of us were not. I saw my companions looking towards something, and as I saw I found It to be a wild ass. I saddled my horse and took up my spear and then mounted upon (the horse) and my whip, fell down. I said to my companions as they were in the state of Ihram to pick up the whip for me but they said: By Allah, we cannot help you in any (such) thing (i. e. hunting). So i dismounted (the horse) and picked it (whip) up and mounted again and caught the wild ass after chasing it. It was behind a hillock and I attacked it with my spear and killed it. Then I brought it to my companions. Some of them said: Eat it, while others said: Do not eat it. The Apostle of Allah (ﷺ) was in front of us. I moved my horse and came to him (and asked him), whereupon he said: It is permissible, so eat it.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[1196] .
قَوْلُهُ ( سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) إِلَى آخِرِهِ الْقَاحَةِ بِالْقَافِ وبالحاء المهملةالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ ( وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا ( وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.
.
وَأَمَّا ( غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ .
قَوْلُهُ ( فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ .
قَوْلُهُ ( إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ.
.
قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ .
قَوْلُهُ ( أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا .
قَوْلُهُ ( فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَولُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا .
قَوْلُهُ ( .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ .
قَوْلُهُ ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ ( وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا ( وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.
.
وَأَمَّا ( غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ .
قَوْلُهُ ( فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ .
قَوْلُهُ ( إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ.
.
قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ .
قَوْلُهُ ( أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا .
قَوْلُهُ ( فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَولُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا .
قَوْلُهُ ( .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ .
قَوْلُهُ ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ ( وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا ( وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.
.
وَأَمَّا ( غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ .
قَوْلُهُ ( فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ .
قَوْلُهُ ( إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ.
.
قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ .
قَوْلُهُ ( أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا .
قَوْلُهُ ( فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَولُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا .
قَوْلُهُ ( .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ .
قَوْلُهُ ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ ( وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا ( وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.
.
وَأَمَّا ( غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ .
قَوْلُهُ ( فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ .
قَوْلُهُ ( إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ.
.
قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ .
قَوْلُهُ ( أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا .
قَوْلُهُ ( فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَولُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا .
قَوْلُهُ ( .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ .
قَوْلُهُ ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ ( وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا ( وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.
.
وَأَمَّا ( غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ .
قَوْلُهُ ( فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ .
قَوْلُهُ ( إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ.
.
قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ .
قَوْلُهُ ( أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا .
قَوْلُهُ ( فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَولُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا .
قَوْلُهُ ( .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ .
قَوْلُهُ ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ ( وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا ( وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.
.
وَأَمَّا ( غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ .
قَوْلُهُ ( فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ .
قَوْلُهُ ( إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ.
.
قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ .
قَوْلُهُ ( أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا .
قَوْلُهُ ( فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَولُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا .
قَوْلُهُ ( .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ .
قَوْلُهُ ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ ( وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا ( وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.
.
وَأَمَّا ( غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ .
قَوْلُهُ ( فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ .
قَوْلُهُ ( إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ.
.
قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ .
قَوْلُهُ ( أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا .
قَوْلُهُ ( فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَولُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا .
قَوْلُهُ ( .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ .
قَوْلُهُ ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ ( وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا ( وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.
.
وَأَمَّا ( غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ .
قَوْلُهُ ( فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ .
قَوْلُهُ ( إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ.
.
قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ .
قَوْلُهُ ( أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا .
قَوْلُهُ ( فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَولُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا .
قَوْلُهُ ( .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ .
قَوْلُهُ ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ ( وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا ( وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.
.
وَأَمَّا ( غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ .
قَوْلُهُ ( فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ .
قَوْلُهُ ( إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ.
.
قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ ( فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ .
قَوْلُهُ ( أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا .
قَوْلُهُ ( فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَولُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا .
قَوْلُهُ ( .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ .
قَوْلُهُ ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهعَمَّا صَادَ غَيْرُهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[1196] بالقاحة بِالْقَافِ والحاء الْمُهْملَة المخففة وَاد على ثَلَاث مراحل من الْمَدِينَة وصحف من قَالَه بِالْفَاءِ وَهُوَ غير محرم قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل كَيفَ جَاوز الْمِيقَات وَهُوَ غير محرم فَالْجَوَاب أَن الْمَوَاقِيت لم تكن وقتت بعد وَقيل لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه ورفقته لكشف عَدو بِجِهَة السَّاحِل وَقيل بل بَعثه أهل الْمَدِينَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد خُرُوجه ليعلمه أَن بعض الْأَعْرَاب يقصدون الإغارة على الْمَدِينَة طعمة بِضَم الطَّاء أَي طَعَام يضْحك بَعضهم إِلَيّ قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا وَقع فِي جَمِيع نسخ بِلَادنَا إِلَيّ بتَشْديد الْيَاء قَالَ القَاضِي وَهُوَ خطأ وَوَقع فِي رِوَايَة بعض الروَاة عَن مُسلم إِلَى بعض فأسقط لَفْظَة بعض وَالصَّوَاب إِثْبَاتهَا بغيقة بغين مُعْجمَة مَفْتُوحَة ثمَّ يَاء مثناة تحتية سَاكِنة ثمَّ قَاف مَفْتُوحَة مَوضِع فِي بِلَاد بني غفار بَين مَكَّة وَالْمَدينَة أرفع فرسي شأوا وأسير شأوا بالشين الْمُعْجَمَة مَهْمُوز أَي طلقا وَالْمعْنَى أركضه شَدِيدا وقتا وأسوقه بسهولة وقتا بتعهن بمثناة فَوق مَكْسُورَة ومفتوحة ثمَّ عين مُهْملَة سَاكِنة ثمَّ هَاء مُهْملَة مَكْسُورَة ثمَّ نون مَاء هُنَاكَ على ثَلَاثَة أَمْيَال من السقيا وَهُوَ قَائِل بِهَمْزَة من القيلولة أَي فِي عزمه أَن يقيل بالسقيا وَرُوِيَ بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ تَصْحِيف السقيا بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف ثمَّ مثناة تَحت مَقْصُور قَرْيَة جَامِعَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة إِنِّي اصطدت وَفِي رِوَايَة أصدت بتَشْديد الصَّاد بِمَعْنى اصطدت وَفِي أُخْرَى أصدت بتخفيفها أَي أثرت الصَّيْد من مَوْضِعه وَفِي أُخْرَى صدت وَمَعِي مِنْهُ أَي من الصَّيْد الَّذِي دلّ عَلَيْهِ اصطدت أَو أصدتم رُوِيَ بتَشْديد الصَّاد أَي اصطدتم وبتخفيفها أَي أمرْتُم بالصيد أَو أثرتم الصَّيْد من مَوْضِعه وَرُوِيَ صدتم
[ سـ
:2149 ... بـ
:1196]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ فَأَسْرَجْتُ فَرَسِي وَأَخَذْتُ رُمْحِي ثُمَّ رَكِبْتُ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوِلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَنَزَلْتُ فَتَنَاوَلْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ فَأَدْرَكْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي فَعَقَرْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَأْكُلُوهُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامَنَا فَحَرَّكْتُ فَرَسِي فَأَدْرَكْتُهُ فَقَالَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ
قَوْلُهُ : ( سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ ) إِلَى آخِرِهِ ( الْقَاحَةِ ) بِالْقَافِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُخَفَّفَةِ ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ ، وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ ، قَالَ الْقَاضِي : كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ ، قَالَ : وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ ، وَهُوَ وَهَمٌ ، وَالصَّوَابُ الْقَافُ ، وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا ، وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ .
( وَالسُّقْيَا ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ ، وَهِيَ مَقْصُورَةٌ ، وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَ ( الْأَبْوَاءُ وَوَدَّانُ ) قَرْيَتَانِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ أَيْضًا .