هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2111 وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ، مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ ، وَأَهْلُ الشَّامِ ، مِنَ الْجُحْفَةِ ، وَأَهْلُ نَجْدٍ ، مِنْ قَرْنٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2111 وحدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يهل أهل المدينة ، من ذي الحليفة ، وأهل الشام ، من الجحفة ، وأهل نجد ، من قرن قال عبد الله : وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ويهل أهل اليمن من يلملم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Ibn 'Umar (Allah be pleased with them) reported that the Messenger of Allah (ﷺ) said:

The people of Medina should enter upon the state of Ihram at Dhu'l-Hulaifa, and people of Syria at Juhfa, and people of Najd at Qarn (al-Manazil), and 'Abdullah (further) said: It has reached me that the Messenger of Allah (ﷺ) also caid: The people of Yemen should enter upon the state of Ihram at Yalamlam.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1182] مهل أهل الْمَدِينَة بِضَم الْمِيم وَفتح الْهَاء وَتَشْديد اللَّام أَي مَوضِع إهلامهم مهيعة بِفَتْح الْمِيم والتحتية بَينهمَا هَاء سَاكِنة وَحكي كسرهَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن.
قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويهل أهل اليمن من يلملم.

المعنى العام

قد يدرك المسلم حكمة مشروعية الكثير من العبادات، لكنه في حكمة مشروعية الحج ومناسكه، يصل في النهاية إلى أنه عبادة تعبدية، وعليه أن يفعل ما أمر بفعله من مناسكه، وأن لا يفعل ما نهي عن فعله من محرماته، وقد شاء الله تفضيل البيت الحرام عن بقاع الأرض، وجعل له من القدسية ما لم يجعله لغيره، وجعل لفريضة الحج من الفضل ما لم يجعله لعبادة من العبادات، فهو رغم أنه مرة واحدة في العمر، لكن هذه المرة تكفر ذنوبه وتمحو خطاياه، فمن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

وإذا كانت الصلاة قد طلب لها قبل التلبس بها طهارة الثوب، والبدن، والمكان والوضوء قبلها، واستقبال القبلة عندها، مما يهيئ المسلم للدخول فيها، فإن الحج كذلك شرع الله له مقدمات تتناسب وقدسية مكانه وقدسية أعماله، فجعل التهيؤ لمكانه من مكان بعيد، والتهيؤ لأفعاله بالإهلال به، وقصده ونيته قبل الدخول في أعماله بوقت غير قصير.

من هنا شرع الله نية الحج والإحرام به من الميقات المكاني الذي حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم بوحي من الله تعالى، ولا شك أن هذه المواقيت محيطة بالحرم، فذو الحليفة شامية ويلملم يمانية، فهي مقابلها، وإن كانت إحداهما أقرب من الأخرى بالنسبة لمكة، وقرن شرقية والجحفة غربية، فهي مقابلها، وإن كانت إحداهما كذلك، وذات عرق تحاذي قرناً، ولو أوصلنا خطاً بين كل من هذه المواقيت، تمت إحاطة الحرم إحاطة تامة بهذا الخط، وأصبحت كل بقعة من بقاع الأرض لا محالة تمر به، وكل من سلك طريقاً ما براً، أو بحراً، أو جواً لا محالة له ميقات يحرم منه، إما محدد بتحديد رسول الله صلى الله عليه وسلم حسب الطرق التي كانت معهودة آنذاك، وإما بمحاذة ما حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن سلك طريقاً يمر بالمكان الذي حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم فميقاته الذي عليه أن يحرم منه سواء أكانت فيه مدينة بهذا الاسم أم أقيمت مكانه مدينة باسم آخر أو به، فالعبرة بالمكان، والأسماء الواردة في الأحاديث إنما هي للإعلام عن المكان الذي كان معروفاً به في عهده صلى الله عليه وسلم.

ونعود إلى وجوب التسليم بأوامر الشرع في مناسك الحج، وإن لم تدرك عللها وحكم مشروعيتها، فلا نقول: لماذا قرب من مكة ميقات أهل نجد، وبعد عنها ميقات أهل المدينة؟ ولكن نقول: آمنا بالله وبشرعه الذي أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم.
ونسأل الله أن يتقبل منا خالص أعمالنا ودعائنا إنه سميع مجيب.

المباحث العربية

( وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم) بتشديد القاف، أي حدد، وأصل التوقيت: أن يجعل للشيء وقت يختص به، ثم اتسع فيه، فأطلق على المكان أيضاً، وقيل للموضع ميقات والجمع مواقيت، كمواعيد جمع ميعاد، والمراد هنا: حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المواضع للإحرام بالحج والعمرة.

( لأهل المدينة ذا الحليفة) بضم الحاء وفتح اللام، وأل في المدينة للعهد، أي مدينته صلى الله عليه وسلم، وصار علماً عليها بالغلبة وكثرة الاستعمال، وأهل المدينة سكانها، وذو الحليفة في طريق المسافر من المدينة إلى مكة، بينها وبين المدينة ستة أميال [نحو تسعة كيلو مترات ونصف] وبينها وبين مكة مائتا ميل وميلان [نحو خمسة وعشرين وثلاثمائة كيلو متر] ويلاحظ أن طرق اليوم ومسافاتها غير هذه الطرق ومسافاتها، والعبرة بالمكان وكان بها مسجد يعرف بمسجد الشجرة، مكانه خرب الآن، وبها بئر يقال له: بئر علي وهي تعرف الآن بآبار علي، وقد أقيم بها مسجد كبير يحرم منه الحجاج والمعتمرون.

والعبرة في هذه المواقيت بالمكان، لا بالاسم، فلو أقيمت مدينة باسم ذي الحليفة في مكان آخر، وأقيم في الموضع مدينة باسم آخر فالعبرة بالمكان.

وفي الرواية الثالثة، والرابعة يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وفي الرواية الخامسة والثامنة مهل أهل المدينة ذو الحليفة، أو من ذي الحليفة.

والمهل بضم الميم وفتح الهاء وتشديد اللام موضع الإهلال.
قال الحافظ ابن حجر: وأصله رفع الصوت، لأنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالتلبية عند الإحرام، ثم أطلق على نفس الإحرام اتساعاً.
قال أبو البقاء: هو مصدر بمعنى الإهلال، كالمدخل والمخرج بمعنى الإدخال والإخراج.
اهـ ففتح الميم، لكن ابن الجوزي يقول: وإنما يقوله بفتح الميم من لا يعرف.
اهـ

( ولأهل الشام الجحفة) بضم الجيم وسكون الحاء، قيل: سميت بذلك لأن السيل أجحفها في وقت، أي جرفها وذهب بها، وهي قرية خربة، بينها وبين مكة نحو مائة وعشرة أميال [نحو مائة وسبعين كيلو متراً] عن طريق المدينة، ولعله خفف على القادمين من بعيد ما لم يخفف على أهل المدينة.
والله أعلم.

وكان لأهل الشام إلى مكة طريقان: طريق يمر بالمدينة وطريق الساحل لا يمر بها، وهو الذي سلكه أبو سفيان لما علم بخروج المسلمين إلى بدر، فالطريق الذي يمر بالمدينة ميقاته ذو الحليفة هن لهن ولمن أتى عليهن والطريق الآخر -كما جاء في الرواية الثامنة- ميقاته الجحفة.
ويقال لها مهيعة بفتح الميم وإسكان الهاء، وفتح الياء على وزن علقمة وحكى القاضي عياض عن بعضهم كسر الهاء على وزن لطيفة، والصحيح المشهور إسكانها، وفي الرواية الخامسة ومهل أهل الشام مهيعة وهي الجحفة وفي كلام ابن الكلبي ما يفيد أنها كانت تسمى مهيعة، فلما اجتاحها السيل سميت الجحفة.

وعند النسائي من حديث عائشة ولأهل الشام ومصر الجحفة والمكان الذي يحرم منه المصريون اليوم يسمى رابغ قال الحافظ ابن حجر: وهو قريب من الجحفة.
اهـ أو محاذ بها حيث إن المصريين لا يسلكون غالباً طريق الشام نفسه، سواء قدموا جواً أو بحراً.

( ولأهل نجد قرن المنازل) النجد: كل مكان مرتفع، وهو اسم لعشرة مواضع أعلاها تهامة واليمن، وأسفلها الشام والعراق، والمراد هنا أعلاها.
وقرن قال النووي: بفتح القاف وسكون الراء بلا خلاف بين أهل العلم من أهل الحديث واللغة والتاريخ والأسماء وغيرهم، وغلط الجوهري في صحاحه فيه غلطتين فاحشتين، فقال بفتح الراء وزعم أن أويساً القرني رضي الله عنه منسوب إليه، والصواب إسكان الراء وأن أويساً منسوب إلى قبيلة معروفة، يقال لهم بنو قرن وهي بطن من مراد، القبيلة المعروفة، ينسب إليها المرادي، وبالغ النووي في تغليط الجوهري، لكن حكى القاضي عياض تعليق القابس أن من قاله بالإسكان أراد الجبل، ومن قاله بالفتح أراد الطريق.
والمنازل جمع المنزل، والمركب الإضافي هو اسم المكان، ويقال له: قرن أيضاً بدون إضافة، قال النووي: ووقع في أكثر النسخ قرن من غير إضافة، ومن غير ألف بعد النون، وفي بعضها قرناً بالألف وهو الأجود، لأنه موضع واسم جبل، فوجب صرفه ويحتمل -على بعد- أن يكون علماً على البقعة، فيترك صرفه.
وقرن المنازل جبل بينه وبين مكة نحو ستين كيلو متراً، وهو أقرب المواقيت إلى مكة وأبعدها من مكة ذو الحليفة.

قال الحافظ ابن حجر: لأهل اليمن إذا قصدوا مكة طريقان: إحداهما طريق أهل الجبال، وهم يصلون إلى قرن أو يحاذونه، فهو ميقاتهم، كما هو ميقات أهل المشرق والأخرى طريق أهل تهامة، فيمرون بيلملم أو يحاذونه، وهو ميقاتهم، لا يشاركهم فيه إلا من أتى عليه من غيرهم.

( ولأهل اليمن يلملم) بفتح الياء واللامين، ويقال أيضاً: ألملم بهمزة بدل الياء وهو الأصل، والياء تسهيل لها، لغتان مشهورتان، وهو جبل من جبال تهامة بينه وبين مكة ما يقرب من ستين كيلو متراً.

هذا.
وروايات ابن عباس [الأولى والثانية] ورواية جابر [الثامنة] ترفع صراحة وجزماً واتصالاً هذا الميقات إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

أما روايات ابن عمر [الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة] فهي مرسلة بالنسبة لهذا الميقات خاصة.

( فهن لهن) كان الأصل: هن لهم، أي المواقيت المذكورة لأهل البلاد المذكورة ووقع على الأصل عند بعض رواة البخاري ومسلم، كما في روايتنا الثانية، وكذلك رواه أبو داود وغيره، لكنها عند أكثر الرواة في الصحيحين هن لهن ووجهه القاضي: بأن الضمير في لهن عائد على المواضع والأقطار المذكورة، وهي [المدينة، والشام، واليمن، ونجد] ، أي هذه المواقيت لهذه الأقطار، والمراد: لأهلها، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه.
وسيأتي مزيد للبحث في فقه الحديث.

( ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) قيل معناه: وهن لمن أتى عليهن مطلقاً سواء أكان له ميقات أولاً، وقيل معناه: وهن لمن أتى عليهن من غير أهلهن إذا لم يكن له ميقات معين، فالعمومان في هذه الجملة والتي قبلها متعارضان، ولا بد من تقييد إحداهما.
وسيأتي مزيد للبحث في فقه الحديث.

( فمن كان دونهن فمن أهله) أي فمن كان من أهل بلد أقرب منهن لمكة فإحرامه من مسكنه، ومسكن أهله، وفي الرواية الثانية ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ أي ومن كان سكنه دون هذه المواقيت، فميقاته من حيث أنشأ الإحرام، ولا يحتاج إلى الرجوع إلى الميقات ليحرم منه، وهذا خاص بالحاج، أما المعتمر: إذا كان مسكنه في الحل وجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل، وللبحث بقية في فقه الحديث.

( وكذا فكذلك) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ، وهو صحيح ومعناه: وهكذا فهكذا.

( حتى أهل مكة يهلون منها) يجوز في لفظ أهل الجر، على أن حتى حرف جر بمنزلة إلى، ويجوز فيه الرفع على أنه مبتدأ، خبره محذوف، تقديره: حتى أهل مكة يهلون من مكة.

( ومهل أهل العراق من ذات عرق) بكسر العين، سمى المكان بذلك لأن فيه عرقاً، وهو الجبل الصغير، وهي أرض سبخة تنبت الطرفاء.
قال الكرماني: بالقرب منه بستان، منه إلى مكة ثمانية عشر ميلاً [نحو تسعة وعشرين كيلو متراً] وهل هذا الميقات بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم أو هو بتوقيت عمر رضي الله عنه؟ خلاف يأتي توضيحه في فقه الحديث.

( وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال...
)
الزعم قد يكون بمعنى القول المحقق، وهو المراد هنا.

( عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن المهل.
فقال: سمعت...
ثم انتهى.
فقال...
)
قال النووي: معنى هذا الكلام أن أبا الزبير قال سمعت جابراً، ثم انتهى.
أي وقف عن رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أراه -بضم الهمزة-، أي أظنه رفع الحديث، أي أظنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم بنسبة القول إليه.
كما قال في الرواية الثامنة أحسبه رفع...
قال النووي: ولا يحتج بهذا الحديث مرفوعاً، لكونه لم يجزم برفعه.
اهـ

فقه الحديث

للحج ميقات زماني، ومواقيت مكانية.

أما الميقات الزماني فيقول الله تعالى عنه: { { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } } [البقرة: 189] .
ويقول: { { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } } [البقرة: 197] .

ولا خلاف بين العلماء في أن أول أشهر الحج شهر شوال، والخلاف بينهم في نهايتها.

فذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد إلى أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.

واحتجوا بما أخرجه البخاري عن ابن عمر معلقاً قال: أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة لكن هذا الفريق اختلفوا في يوم النحر.
هل يدخل في عشر ذي الحجة أم لا؟ قال أبو حنيفة وأحمد: يدخل يوم النحر في أشهر الحج، على أن اليوم يتبع الليلة، أو المراد من حديث ابن عمر: الأيام والليالي، وغلب تأثيث لفظ العدد، كما يقال: صمنا عشراً، ويريدون الليالي والأيام.
وقال الشافعي: لا يدخل يوم النحر، فأشهر الحج شوال وذو القعدة وتسعة أيام من ذي الحجة، وتنتهي بفجر يوم النحر.
فهي عشر ليال وتسعة أيام من ذي الحجة.

وذهب مالك والشافعي في القديم إلى أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله، واحتج بما رواه الدارقطني عن ابن عباس قال: أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة وروي نحوه عن ابن مسعود وعن ابن الزبير -رضي الله عنهما-.

وثمرة الخلاف: أنه لا يجوز الإحرام بالحج في غير أشهر الحج عند الشافعية فإن أحرم بالحج في غير أشهره، فجمهورهم على أنه ينعقد بهذا الإحرام عمرة.
وقال داود: إن أحرم بالحج في غير أشهره فلا ينعقد حجاً ولا عمرة، وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد: يجوز الإحرام بالحج في غير أشهر الحج لكن يكره.
قالوا: فأما أعمال الحج فلا تجوز قبل أشهر الحج بلا خلاف.
ويكره الاعتمار في أشهر الحج عند مالك، فالعمرة عنده مكروهة في جميع ذي الحجة.
وعند مالك: إذا أخر طواف الإفاضة عن ذي الحجة لزمه دم.

والتحقيق: أن الخلاف في هذه الأحكام لا تتوقف على الخلاف في أشهر الحج، وإنما ترتبط بها من حيث التطبيق فقط، فليست ثمرة للخلاف في أشهر الحج.
فالشافعية لا يجيزون الإحرام بالحج في غير أشهر الحج ولا يتوقف ذلك على كونها تنتهي عند العاشر من ذي الحجة، أو عند آخر ذي الحجة، وكراهة الاعتمار في أشهر الحج عند مالك ليست ثمرة للخلاف في أشهر الحج بل هي حكم ارتضاه سواء كانت أشهر الحج ثلاثة كاملة أو ناقصة، وكذلك لزوم الدم لمن أخر طواف الإفاضة عنده، فإن غيره لا يقول بلزوم الدم مطلقاً على تأخير الطواف أشهراً، ولذلك يقول النووي في المجموع: فلا فرق بين أن يوافقونا في أشهر الحج أو يخالفونا.

وعلى أي حال فالكل يجمع على أنه لا يصح في سنة واحدة أكثر من حجة لأن الحجة الواحدة تستغرق الوقت، فلا يمكن أداء الحجة الأخرى.
على معنى أن وقت الوقوف بعرفة محدد، فلا يصح أن يقع لحجتين، لأن الحجة الواحدة تصح بكل لحظة منه.

هذا، ولم يتعرض الإمام مسلم للميقات الزماني في أحاديثه، وما ذكره البخاري إلا كحكم فقهي، وما ساق له إلا تعليقات موقوفات.

أما المواقيت المكانية فقد اتفقت الروايات على أن ميقات أهل المدينة ذو الحليفة أما في أفضل مكان يحرم منه من ذي الحليفة فسيأتي في الباب التالي إن شاء الله.
وأن ميقات أهل الشام الجحفة -وهي مهيعة- قال العلماء: وهي ميقات أهل مصر والمغرب، وأن ميقات أهل نجد قرن المنازل، قال الشافعي: قرن ميقات المتوجهين من نجد اليمن ونجد الحجاز، اهـ وأن ميقات أهل اليمن يلملم، والمراد بأهل اليمن: أهل تهامة اليمن، لا كل اليمن، فإن اليمن تشمل نجداً، وتهامة.
كذا قال النووي في المجموع.

ثم قال: وهذه الأربعة نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خلاف، وهذا مجمع عليه.

أما ذات عرق لأهل العراق فاختلف العلماء في توقيته، هل هو منصوص عليه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ أو كان باجتهاد من عمر رضي الله عنه؟.

حجة من قال إنه كان باجتهاد من عمر رضي الله عنه: ما رواه البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما فتح هذان المصران [يعني بالبصرة والكوفة، ومعنى فتحهما إنشاؤهما فإنهما أنشئا في زمن عمر رضي الله عنه، فهما مدينتان إسلاميتان] أتوا عمر، فقالوا: يا أمير المؤمنين.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنا، وهو جور عن طريقنا [أي وهو مائل بعيد عن طريقنا] وإنا إن أردنا قرنا شق علينا؟ قال: فانظروا حذوها من طريقكم، فحد لهم ذات عرق.

وقد روى الشافعي من طريق أبي الشعثاء قال: لم يوقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق شيئاً، فاتخذ الناس بحيال قرن ذات عرق وروى أحمد عن ابن عمر حديث المواقيت، وزاد فيه: قال ابن عمر: فآثر الناس ذات عرق على قرن، وفي رواية له: فقال له قائل: فأين العراق؟ فقال ابن عمر: لم يكن يومئذ عراق، فهذا كله يدل على أن ميقات ذات عرق ليس منصوصاً، وبه قطع الغزالي والرافعي في شرح المسند والنووي في شرح مسلم، وكذا وقع في المدونة لمالك، وقال الشافعي في الأم: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حد ذات عرق، وإنما أجمع عليه الناس.

وصحح الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية والرافعي في الشرح الصغير والنووي في المجموع شرح المهذب أنه منصوص.
وحجتهم ما جاء عند مسلم [روايتنا الثامنة] قال الحافظ ابن حجر: إلا أنه مشكوك في رفعه.
وقد أخرجه أحمد وابن ماجه مرفوعاً من غير شك لكن في إسنادهما ضعف، وجاء في حديث عائشة، وحديث الحارث بن عمرو السهمي، كلاهما عند أحمد وأبي داود والنسائي، لكن كل طريق لا يخلو عن ضعف، ويحتج بها على اعتبار مجموع طرقها، ويقولون: إن هذا كاف في إثبات أن للحديث أصلاً، ولعل من قال: إنه غير منصوص، لم يبلغه، أو اعتمد أن الحديث ضعيف لا يحتج به باعتبار أن كل طريق لا يخلو عن ضعف.

أما من أعل الحديث بأن العراق لم تكن فتحت يومئذ فهي غفلة منه -كما قال ابن عبد البر- لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت لأهل النواحي قبل الفتوح لكونه علم أنها ستفتح، فلا فرق في ذلك بين الشام وبين العراق.

وقد جاء في بعض الروايات عند أبي داود والترمذي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق العقيق.
ومع أنه ضعيف فقد جمع العلماء بينه وبين ذات عرق أن ذات عرق ميقات الوجوب، والعقيق ميقات الاستحباب لأنه أبعد عن مكة من ذات عرق وقيل: العقيق ميقات لبعض العراقيين، وهم أهل المدائن وذات عرق ميقات لأهل البصرة.

وسواء أكان ذات عرق ميقاتاً لأهل العراق بالنص، أو باجتهاد عمر رضي الله عنه فقد اتبعه الصحابة، واستمر العمل عليه، فهو جدير وحقيق بلزوم الاتباع.
والله أعلم.

ويستنبط من مجموعة هذه الأحاديث الأحكام الآتية:

1- استدل بقول ابن عمر -رضي الله عنهما- في روايتنا السادسة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.... إلخ على أن الإحرام من الميقات واجب.
قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد هذه المواقيت واجبة، لو تركها وأحرم بعد مجاوزتها أثم ولزمه دم، وصح حجه.

قال الشافعية: فإن عاد قبل التلبس بنسك ركن أو سنة سقط عنه الدم على الصحيح، سواء رجع من مسافة قريبة أو بعيدة، لأنه حينئذ يكون قد قطع المسافة بالإحرام وقال بعضهم: إن عاد قبل أن يبعد عن الميقات مسافة قصر سقط الدم، وإلا فلا.

وقال مالك وأحمد: لا يسقط الدم بالعود، وفي رأي للمالكية: يسقط الدم إن عاد قبل أن يبعد.

وقال أبو حنيفة: إن عاد ملبياً سقط الدم، وإلا فلا.

ويقول الجمهور: الأفضل في كل ميقات أن يحرم من طرفه الأبعد من مكة فلو أحرم من طرفه الأقرب جاز.

وعن سعيد بن جبير: لو ترك الميقات دون إحرام لم يصح حجه.

وقال عطاء والنخعي: لو ترك الميقات دون إحرام صح حجه، ولا شيء عليه.

هذا بالنسبة لتجاوز الميقات دون إحرام، أما الإحرام قبل بلوغ الميقات، فقد نقل ابن المنذر وغيره بالإجماع على الجواز.
قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، فقد نقل عن إسحق وداود وغيرهما عدم الجواز، وهو ظاهر صنيع البخاري حيث قال: [باب ميقات أهل المدينة، ولا يهلون قبل ذي الحليفة] فهو ظاهر في أنه لا يجيز الإحرام بالحج والعمرة من قبل الميقات، وهو ظاهر جواب ابن عمر [حين سئل: من أين يجوز أن أعتمر؟ قال: فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأهل نجد قرناً ولأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة أخرجه البخاري] ويؤيده القياس على الميقات الزماني، فقد أجمعوا على أنه لا يجوز التقدم عليه وفرق الجمهور بين الزماني والمكاني، فلم يجيزوا التقدم على الزماني، وأجازوا في المكاني.
قال: وذهبت طائفة كالحنفية وبعض الشافعية إلى ترجيح التقدم، وقال مالك: يكره.

ويميل الحافظ ابن حجر إلى عدم الإحرام قبل الميقات فيقول: لم ينقل عن أحد ممن حج مع النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحرم قبل ذي الحليفة، ولولا تعين الميقات لبادروا إليه، لأنه يكون أشق فيكون أكثر أجراً.
اهـ

2- استدل بقوله في الرواية الأولى فهن لهن أن الشامي مثلاً ميقاته الجحفة، وإن مر على المدينة، فله أن يمر بذي الحليفة دون إحرام حتى يحاذي أو يصل الجحفة، وإن كان الأفضل أن يحرم في هذه الحالة من ذي الحليفة، وبه قال الحنفية وأبو ثور وابن المنذر من الشافعية، وهو المعروف عند المالكية، وأطلق النووي اتفاق الشافعية على أنه يلزمه أن يحرم من ميقات المدينة، ولا يجوز له تأخيره إلى ميقات الشام الذي هو الجحفة، فإن أخر أساء ولزمه دم.
اهـ

والمعنى عند الشافعية: هن لهن إذا لم يمروا بميقات آخر مريدين الحج أو العمرة.
بدليل الجملة الآتية.

3- يستدل الشافعية بقوله ولمن أتى عليهن من غير أهلهن...
على أن الشامي إذا مر بميقات أهل المدينة لزمه الإحرام منه، إذ المعنى هن لهن، أو وهن لمن أتى عليهن من غير أهلهن سواء أكان له ميقات معين، أو لم يكن له ميقات معين، ويفسره الآخرون بأن المعنى: هن لأهل هذه البلاد مطلقاً، وهن لمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن لا ميقات له.

أما من سلك طريقاً لا ميقات فيه من بر أو بحر فميقاته إذا حاذى ميقاته الأصلي كالمصري مثلاً يمر ببدر، وهي تحاذي ذا الحليفة، فليس عليه أن يحرم منها، بل له التأخير حتى يحاذي الجحفة ، فإن كان الطريق لا يحاذي ميقاته الأصلي ويحاذي ميقاتاً آخر أو ميقاتين أحرم عند محاذاة أقربها إليه، فإن جهل المحاذاة أحرم قبل مكة بنحو مائة وعشرين كيلو متراً.
ذكره النووي في المجموع.

4- استدل بقوله في الرواية الأولى والثانية ممن أراد الحج والعمرة على أنه يجوز دخول مكة بغير إحرام.

قال النووي: ومن لا يريد حجاً ولا عمرة لا يلزمه الإحرام لدخول مكة على الصحيح من مذهبنا، سواء دخل لحاجة تتكرر، كحطاب، وحشاش وصياد، ونحوهم، أو لا تتكرر، كتجارة وزيارة ونحوهما، وللشافعي قول ضعيف أنه يجب الإحرام بحج أو عمرة إن دخل مكة أو غيرها من الحرم مطلقاً.
اهـ

وتتمثل هذه المسألة في صور:

الأولى: أن يمر بالميقات من لا يريد حجاً ولا عمرة، ولا يريد الحرم ولا يدخله، فهذا لا يجب عليه الإحرام بحج ولا بعمرة عند الجمهور، وقال أبو حنيفة: من أتى على ميقات من المواقيت لا يتجاوزه غير محرم، سواء قصد دخول مكة أو لم يقصد.

الثانية: أن يمر بالميقات من لا يريد حجاً ولا عمرة، ولا يريد الحرم، بل يريد حاجة دونه، لكنه بعد مجاوزته أراد الحج أو العمرة، فالجمهور على أنه يلزمه الإحرام من موضعه الذي بدا فيه له هذا الرأي ولا دم عليه، فإن جاوزه بلا إحرام، ثم أحرم أثم ولزمه دم، ولا يكلف الرجوع إلى الميقات، وقال أحمد وإسحاق يلزمه الرجوع إلى الميقات.

الثالثة: أن يمر بالميقات من لا يريد حجاً ولا عمرة، وهو يريد دخول مكة لحاجة لا تتكرر، كزيارة صديق أو شراء، أو بيع لا يتكرر، وهذا يجب عليه الإحرام بحج أو بعمرة عند النووي وأبي حنيفة ومالك والشافعي في المشهور عنه وأحمد، لأن مكة حرام، فلا يجوز لأحد أن يدخلها بغير إحرام، وقال الزهري، والحسن البصري، والشافعي في قول، ومالك في رواية، وداود وأصحابه من الظاهرية: لا بأس بدخول مكة بغير إحرام، وإليه ذهب البخاري أيضاً، وصرح به النووي كما سبق، وظاهر قوله ممن أراد الحج والعمرة يؤيدهم.

واستدلوا بما رواه مسلم من حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء، وبما رواه البخاري من حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر.

ويجيب الأولون بأن دخوله صلى الله عليه وسلم مكة كان وهي حلال، ثم عادت حراماً إلى يوم القيامة، فلا يجوز دخولها لأحد بغير إحرام.

الرابعة: أن يمر بالميقات من لا يريد حجاً ولا عمرة، وهو يريد مكة لحاجة تتكرر كالحطاب والصياد وناقل الماء وموصل الزاد وموزع الطعام والأمتعة على التجار، ومن كانت له ضيعة أو عمل يومي، فهذا لا يجب عليه الإحرام عند الجماهير، لأنه لو وجب عليه الإحرام لكان في جميع زمنه محرماً.
والله أعلم.

5- واستدل به على أن الحج فرض على التراخي، وهو مذهب الشافعي وطائفة، وقال أبو حنيفة ومالك وآخرون: هو على الفور، وسيأتي المبحث بالتفصيل عند باب: فرض الحج مرة في العمر.

6- استدل ابن حزم بقوله في الرواية الأولى: فمن كان دونهن فمن أهله وقوله في الرواية الثانية: ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ استدل به على أن من ليس له ميقات فميقاته من حيث شاء، وكأنه أراد من قوله دونهن أي غيرهن، وليس المراد منه الأقرب إلى مكة منهن، لذا قال الحافظ ابن حجر: ولا دلالة فيه لأنه يختص بمن كان دون الميقات، أي إلى جهة مكة.

7- قال الحافظ: ويؤخذ منه أن من سافر غير قاصد للنسك، فجاوز الميقات، ثم بدا له بعد ذلك النسك أنه يحرم من حيث جد له القصد، ولا يجب عليه الرجوع إلى الميقات لقوله فمن حيث أنشأ.

8- استدل به على أن من كان مسكنه بين مكة والميقات فميقاته مسكنه ولا يلزمه الذهاب إلى الميقات، ولا يجوز له مجاوزة مسكنه بغير إحرام.
قال النووي هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا مجاهداً فقال ميقاته مكة نفسها.

9- وظاهر قوله: حتى أهل مكة يهلون منها أن أهل مكة يهلون من مكة للحج والعمرة، ولكن هذا الظاهر غير مراد، بل هو خاص بالحاج، وأما المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل، قال المحب الطبري لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاتاً للعمرة.

واختلف في القارن من أهل مكة، فذهب الجمهور: إلى أن حكمه حكم الحاج في الإهلال من مكة، وقال ابن الماجشون: يجب عليه الخروج إلى أدنى الحل، لأن العمرة إنما تندرج في الحج فيما محله واحد، كالطواف والسعي، أما الإحرام فمحله فيها مختلف.

واختلف في الأماكن التي يحرم منها أهل مكة [والمراد من أهل مكة هنا -كما قال النووي- من كان بمكة عند إرادة الإحرام بالحج، سواء أكان مستوطناً أم عابر سبيل] .

قال النووي: ميقاته نفس مكة، ولا يجوز له ترك مكة والإحرام بالحج من خارجها سواء من الحرم أو من الحل.
ثم قال: هذا هو الصحيح عند أصحابنا وقال بعض أصحابنا: يجوز له أن يحرم بالحج من الحرم، كما يجوز من مكة، لأن حكم الحرم حكم مكة، قال: والصحيح الأول، لهذا الحديث، ثم قال: قال أصحابنا: ويجوز أن يحرم من جميع نواحي مكة بحيث لا يخرج عن نفس المدينة وسورها، وفي الأفضل قولان: أصحهما من باب داره والثاني من المسجد الحرام تحت الميزاب.

10- استدل بقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأولى والثانية وقت وقوله في الرواية السادسة أمر وقول ابن عمر في رواية البخاري فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجد قرناً....إلخ على: أنه لا يجوز الإحرام بالحج والعمرة من قبل الميقات، وهذا ظاهر صنيع البخاري حيث قال: باب فرض مواقيت الحج والعمرة، ثم قال: باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذي الحليفة.
قال الحافظ ابن حجر: وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على الجواز، وفيه نظر، فقد نقل عن إسحاق وداود وغيرهما عدم الجواز، وهو ظاهر جواب ابن عمر ويؤيده القياس على الميقات الزماني، فقد أجمعوا على أنه لا يجوز التقدم عليه وفرق الجمهور بين الزماني والمكاني، فلم يجيزوا التقدم على الزماني وأجازوا في المكاني، وذهب طائفة كالحنفية وبعض الشافعية إلى ترجيح التقدم -أي أفضليته- وقال مالك: يكره.
ويروى أن عبد الله بن عامر لما فتح خراسان قال: لأجعلن شكري لله أن أخرج من موضعي هذا محرماً، فأحرم من نيسابور، فلما قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنه لامه على ما صنع.
فاستدل به من كره الإحرام قبل الميقات المكاني، أما من أجاز فيحمل هذا الأثر على أنه ربما فهم منه أنه قدم إحرامه على الميقات الزماني، لأن بين خراسان ومكة مسافة يزيد قطعها على أشهر الحج حسب سفرهم حينئذ.

11- استدل بقوله في الرواية الثانية وما بعدها يهل، مهل على استحباب رفع الصوت بالتلبية، لأن الإهلال هنا -كما يقول الطبري-: رفع الصوت بالتلبية.
وسيأتي مزيد لهذا في الباب الذي يلي.

والله أعلم