هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
198 حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ المِصْرِيُّ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ ، حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : نَعَمْ ، إِذَا حَدَّثَكَ شَيْئًا سَعْدٌ ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ . وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ : أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدًا حَدَّثَهُ ، فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ : نَحْوَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
198 حدثنا أصبغ بن الفرج المصري ، عن ابن وهب ، قال : حدثني عمرو بن الحارث ، حدثني أبو النضر ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمر ، عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين وأن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك فقال : نعم ، إذا حدثك شيئا سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا تسأل عنه غيره . وقال موسى بن عقبة : أخبرني أبو النضر ، أن أبا سلمة ، أخبره أن سعدا حدثه ، فقال عمر لعبد الله : نحوه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : نَعَمْ ، إِذَا حَدَّثَكَ شَيْئًا سَعْدٌ ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ .

Narrated `Abdullah bin `Umar:

Sa`d bin Abi Waqqas said, The Prophet (ﷺ) passed wet hands over his Khuffs (socks made from thick fabric or leather). `Abdullah bin `Umar asked `Umar about it. `Umar replied in the affirmative and added, Whenever Sa`d narrates a Hadith from the Prophet, there is no need to ask anyone else about it.

0202 D’après Abd-ul-Lâh ben Umar, Sad ben Abu Waqqâs rapporta que le Prophète avait essuyé ses bottines pendant les ablutions mineures. Après cela, Abd-ul-Lah ben Umar interrogea Umar sur le sujet et celui-ci de répondre : « Oui, cela est vrai. Lorsque Sad te rapporte une chose sur le Prophète n’interroge aucune autre personne ! » De Mûsa ben Uqba, directement d’Abu an-Nadr, directement d’Abu Salama qui dit que Sad lui avait rapporté ce même hadith et que Umar avait dit à Abd-ul-Lâh une réponse similaire à celle qui vient d’être mentionnée.  

":"ہم سے اصبغ ابن الفرج نے بیان کیا ، وہ ابن وہب سے کرتے ہیں ، کہا مجھ سے عمرو نے بیان کیا ، کہا مجھ سے ابوالنضر نے ابوسلمہ بن عبدالرحمٰن کے واسطے سے نقل کیا ، وہ عبداللہ بن عمر سے ، وہ سعد بن ابی وقاص سے ، وہ رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے نقل کرتے ہیں کہرسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے موزوں پر مسح کیا ۔ عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے اپنے والد ماجد عمر رضی اللہ عنہ سے اس کے بارے میں پوچھا تو انھوں نے کہا ( سچ ہے اور یاد رکھو ) جب تم سے سعد رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی کوئی حدیث بیان فرمائیں ۔ تو اس کے متعلق ان کے سوا ( کسی ) دوسرے آدمی سے مت پوچھو اور موسیٰ بن عقبہ کہتے ہیں کہ مجھے ابوالنضر نے بتلایا ، انہیں ابوسلمہ نے خبر دی کہ سعد بن ابی وقاص نے ان سے ( رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی یہ ) حدیث بیان کی ۔ پھر عمر رضی اللہ عنہ نے ( اپنے بیٹے ) عبداللہ سے ایسا کہا ۔

0202 D’après Abd-ul-Lâh ben Umar, Sad ben Abu Waqqâs rapporta que le Prophète avait essuyé ses bottines pendant les ablutions mineures. Après cela, Abd-ul-Lah ben Umar interrogea Umar sur le sujet et celui-ci de répondre : « Oui, cela est vrai. Lorsque Sad te rapporte une chose sur le Prophète n’interroge aucune autre personne ! » De Mûsa ben Uqba, directement d’Abu an-Nadr, directement d’Abu Salama qui dit que Sad lui avait rapporté ce même hadith et que Umar avait dit à Abd-ul-Lâh une réponse similaire à celle qui vient d’être mentionnée.  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [202] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اخْتَارَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ الْمَسْحُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِهِ فِي الْحَضَرِ أَثْبَتُ عِنْدَنَا وَأَقْوَى مِنْ أَنْ نَتْبَعَ مَالِكًا عَلَى خِلَافِهِ وَعَمْرٌو هُوَ بن الْحَارِثِ وَهُوَ وَمَنْ دُونَهُ ثَلَاثَةٌ مِصْرِيُّونَ وَالَّذِينَ فَوْقَهُ ثَلَاثَةٌ مَدَنِيُّونَ وَالْإِسْنَادُ رِوَايَةُ تَابِعِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَصَحَابِيٌّ عَنْ صَحَابِيٍّ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ هُوَ مَعْطُوفُ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَهُوَ مَوْصُولٌ إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَإِلَّا فَأَبُو سَلَمَةَ لَمْ يُدْرِكِ الْقِصَّةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي النَّضر عَن أبي سَلمَة عَن بن عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ بِالْعِرَاقِ حِينَ تَوَضَّأَ فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا عِنْدَ عُمَرَ قَالَ لِي سَعْدٌ سَلْ أَبَاكَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَرَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ نَبِيِّنَا نَمْسَحُ عَلَى خِفَافِنَا لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا .

     قَوْلُهُ  فَلَا تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ أَيْ لِقُوَّةِ الْوُثُوقِ بِنَقْلِهِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصِّفَاتَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّرْجِيحِ إِذَا اجْتَمَعَتْ فِي الرَّاوِي كَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْقَرَائِنِ الَّتِي إِذَا حَفَّتْ خَبَرَ الْوَاحِدِ قَامَتْ مَقَامَ الْأَشْخَاصِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَقَدْ يُفِيدُ الْعِلْمَ عِنْدَ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَعَلَى أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقْبَلُ خَبَرَ الْوَاحِدِ وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنَ التَّوَقُّفِ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ وُقُوعِ رِيبَةٍ لَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِتَفَاوُتِ رُتَبِ الْعَدَالَةِ وَدُخُولِ التَّرْجِيحِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَيُمْكِنُ إِبْدَاءُ الْفَارِقِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَفِيهِ تَعْظِيمٌ عَظِيمٌ مِنْ عُمَرَ لِسَعْدٍ وَفِيهِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ الْقَدِيمَ الصُّحْبَةِ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنَ الْأُمُورِ الْجَلِيَّةِ فِي الشَّرْعِ مَا يطلع عَلَيْهِ غَيره لِأَن بن عُمَرَ أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَعَ قَدِيمِ صُحْبَتِهِ وَكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ وَقَدْ رَوَى قِصَّتَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَار أَنَّهُمَا أخبراه أَن بن عُمَرَ قَدِمَ الْكُوفَةَ عَلَى سَعْدٍ وَهُوَ أَمِيرُهَا فَرَآهُ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ سَلْ أَبَاكَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَيحْتَمل أَن يكون بن عُمَرَ إِنَّمَا أَنْكَرَ الْمَسْحَ فِي الْحَضَرِ لَا فِي السَّفَرِ لِظَاهِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْفَائِدَةُ بِحَالِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ عَلَى الْوِلَاءِ أَوَّلُهُمْ مُوسَى وَمُوسَى وَأَبُو النَّضْرِ قَرِينَانِ مَدَنِيَّانِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ سَعْدًا حَدَّثَهُ أَيْ حَدَّثَ أَبَا سَلَمَةَ وَالْمُحَدَّثُ بِهِ مَحْذُوفٌ تَبَيَّنَ مِنَ الرِّوَايَةِ الْمَوْصُولَةِ أَنَّ لَفْظَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ .

     قَوْلُهُ  نَحْوَهُ بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ مَقُولُ الْقَوْلِ وَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِمَعْنَى الرِّوَايَةِ الَّتِي وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ لَا بِلَفْظِهَا وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَلَفْظُهُ وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ أَيِ ابْنَهُ كَأَنَّهُ يَلُومُهُ إِذَا حَدَّثَكَ سَعْدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَبْتَغِ وَرَاءَ حَدِيثِهِ شَيْئًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [202] حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ الْمِصْرِيُّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو قال: حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: نَعَمْ، إِذَا حَدَّثَكَ شَيْئًا سَعْدٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدًا ...
فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ.
وبالسند قال: ( حدّثنا أصبغ) بفتح الهمزة وسكون المهملة وفتح الموحدة آخره معجمة أبو عبد الله ( بن الفرج) بالجيم القرشي الفقيه ( المصري) المتوفى سنة ست وعشرين ومائتين ( عن ابن وهب) القرشي المصري وكان أصبغ وراقًا أنه ( قال: حدّثني) وفي رواية أخبرني بالإفراد فيهما ( عمرو) بفتح العين ابن الحرث كما في رواية ابن عساكر أبو أمية المؤدب الأنصاري المصري الفقيه، المتوفى بمصر سنة ثمان وأربعين ومائة ( قال: حدّثني) بالتوحيد ( أبو النضر) بالضاد المعجمة الساكنة سالم بن أبي أمية القرشي المدني مولى عمر بن عبيد الله المتوفى سنة تسع وعشرين ومائة ( عن أبي سلمة) بفتح اللام عبد الله ( بن عبد الرحمن) بن عوف القرشي الفقيه المدني ( عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما ( عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه: ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه مسح على الخفين) القويين الطاهرين الملبوسين بعد كمال الطهر الساترين لمحل الفرض وهو القدم بكعبيه من كل الجوانب غير الأعلى، فلو كان واسعًا ترى منه لم يضر ( وأن عبد الله بن عمر) هو عطف على قوله عن عبد الله بن عمر فيكون موصولاً إن حملناه على أن أبا سلمة سمع ذلك من عبد الله، وإلا فأبو سلمة لم يدرك القضية ( سأل) أباه ( عمر) أي ابن الخطاب كما للأصيلي ( عن ذلك) أي عن مسح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الخفين ( فقال) عمر رضي الله عنه: ( نعم) مسح عليه الصلاة والسلام على الخفين ( إذا حدّثك شيئًا سعد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا تسأل عنه غيره) لثقته بنقله وقد أخرج الحديث الإمام أحمد من طريق أخرى عن أبي النضر عن أبي سلمة عن ابن عمر قال: رأيت سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهيمسح على خفّيه بالعراق حين توضأ فأنكرت ذلك عليه، فلما اجتمعنا عند عمر رضي الله عنه قال لي سعد سل أباك وذكر القصة.
ورواه ابن خزيمة من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر نحوه، وفيه أن عمر رضي الله عنه قال: كنا ونحن مع نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نمسح على خفافنا لا نرى بذلك بأسًا، وإنما أنكر ابن عمر المسح على الخفين مع قدم صحبته وكثرة روايته لأنه خفي عليه ما اطّلع عليه غيره أو أنكر عليه مسحه في الحضر كما هو ظاهر رواية الموطأ من حديث نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن ابن عمر قدم الكوفة على سعد وهو أميرها فرآه يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه فقال له سعد: سل أباك فذكر القصة.
وأما في السفر فقد كان ابن عمر يعلمه.
ورواه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه الكبير، وابن أبي شيبة في مصنفه من رواية عاصم عن سالم عنه رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمسح على الخفّين بالماء في السفر، وقد تكاثرت الروايات بالطرق المتعددة عن الصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا لا يفارقونه عليه الصلاة والسلام سفرًا ولا حضرًا، وقد صرح جمع من الحفاظ بتواتره وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين منهم العشرة المبشرة وعن ابن أبي شيبة وغيره عن الحسن البصري، حدّثني سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين.
واتفق العلماء على جوازه خلافًا للخوارج كبتهم الله لأن القرآن لم يرد به، وللشيعة -قاتلهم الله تعالى- لأن عليًّا رضي الله عنه امتنع منه ويرد عليهم صحته عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتواتره على قول بعضهم.
كما تقدم.
وأما ما ورد عن علي رضي الله عنه فلم يرد عنه بإسناد موصول يثبت بمثله كما قاله البيهقي، وقد قال الكرخي: أخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفين، وليس بمنسوخ لحديث المغيرة في غزوة تبوك وهي آخر غزواته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والمائدة نزلت قبلها في غزوة المريسيع فأمن النسخ للمسح.
ويؤيده حديث جرير رضي الله عنه أنه رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد المائدة.
ورواة الحديث السبعة ما بين مصري ومدني وفيه تابعي عن تابعي وصحابي عن صحابي، والتحديث بصيغة الجمع والإفراد والعنعنة، ولم يخرجه المؤلف في غير هذا الموضع، ولم يخرج مسلم في المسح إلا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهذا الحديث من أفراد المؤلف، وأخرجه النسائي في الطهارة أيضًا.
( وقال موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف وفتح الموحدة التابعي صاحب المغازي، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة مما وصله الإسماعيلي وغيره بهذا الإسناد.
( أخبرني) بالإفراد ( أبو النضر) التابعي ( أن أبا سلمة) التابعي أيضًا ( أخبره أن سعدًا) هو ابن أبي وقاص رضي الله عنه ( حدّثه) أي حديث أبا سلمة أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مسح على الخفّين ( فقال عمر) ابن الخطاب رضي الله عنه ( لعبد الله) ولده ( نحوه) بالنصب لأنه مقول القول أي نحو قوله في الرواية السابقة: إذا حدّثك شيئًا سعد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا تسأل عنه غيره، فقول عمر رضي الله عنه في هذه الرواية المعلقة بمعنى الموصولة السابقة لا بلفظها، والفاء في فقال عطف على قوله حدث المحذوف عند المصنف كما قدّرناه الخ، وإنما حذفه لدلالة السياق عليه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [202] حدّثنا أصْبَغُ بنُ الفَرَجِ المِصْرِيُّ عَنِ ابنِ وهْبٍ قالَ حدّثنى عمْرٌ وقَالَ حدّثنا أبُو النَّضْرِ عَنْ أبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ عنْ سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ وأنّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ سَألَ عُمرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ إذَا حَدَّثكَ شَيْئاً سَعْدٌ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
بَيَان رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: أصبغ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره عين مُعْجمَة: ابو عبد الله بن وهب الْقرشِي الْمصْرِيّ، وَلم يكون فِي المصريين أحد أَكثر حَدِيثا مِنْهُ، وَأصبغ كَانَ وراقاً لَهُ، مر فِي بَاب من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين.
الثَّالِث: عَمْرو، بِالْوَاو و: ابْن الْحَارِث أَبُو امية الْمُؤَدب الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ القارىء الْفَقِيه، مَاتَ بِمصْر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة.
الرَّابِع: أَبُو النَّضر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة: سَالم بن أبي أُميَّة الْقرشِي الْمدنِي، مولى عمر بن عبد الله التَّيْمِيّ وكاتبه، مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة.
الْخَامِس: أَبُو سَلمَة، بِفَتْح اللَّام: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْقرشِي الْفَقِيه الْمدنِي، مر فِي كتاب الْوَحْي.
السَّادِس: عبد الله بن عمر بن الْخطاب.
السَّابِع: سعد بن أبي وَقاص، مر فِي بَاب: إِذا لم يكن الْإِسْلَام على الْحَقِيقَة.
أبي بكر بن أبي دَاوُد والخوارج وَالرَّوَافِض..
     وَقَالَ  الْمَيْمُونِيّ عَن أَحْمد: فِيهِ سَبْعَة وَثَلَاثُونَ صحابياً، وَفِي رِوَايَة الْحسن بن مُحَمَّد عَنهُ أَرْبَعُونَ، وَكَذَا قَالَه الْبَزَّار فِي ( مُسْنده) .

     وَقَالَ  ابْن حَاتِم: أحد وَأَرْبَعُونَ صحابياً.
وَفِي ( الْأَشْرَاف) عَن الْحسن: حَدثنِي بِهِ سَبْعُونَ صحابياً..
     وَقَالَ  أَبُو عمر بن عبد الْبر: مسح على الْخُفَّيْنِ سَائِر أهل بدر وَالْحُدَيْبِيَة وَغَيرهم من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَسَائِر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وفقهاء الْمُسلمين، وَقد أَشَرنَا إِلَى رِوَايَة وَخمسين من الصَّحَابَة فِي الْمسْح فِي شرحنا ( لمعاني الْآثَار) للطحاوي، فَمن أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِ فَليرْجع إِلَيْهِ.
الثَّانِي: فِيهِ تَعْظِيم لسعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
الثَّالِث: فِيهِ أَن الصَّحَابِيّ الْقَدِيم الصُّحْبَة قد يخفى عَلَيْهِ من الْأُمُور الجليلة فِي الشَّرْع مَا يطلع عَلَيْهِ غَيره، لِأَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أنكر الْمسْح على الْخُفَّيْنِ مَعَ قدم صحبته وَكَثْرَة رِوَايَته.
الرَّابِع: فِيهِ أَن خبر الْوَاحِد إِذا حُف بالقرائن يُفِيد الْيَقِين، وَقد تكاثرت الرِّوَايَات بالطرق المتعددة من الصَّحَابَة الَّذين كَانُوا لَا يفارقون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْحَضَر وَلَا فِي السّفر، فَجرى ذَلِك مجْرى التَّوَاتُر.
وَحَدِيث الْمُغيرَة كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك، فَسقط بِهِ من يَقُول آيَة الْوضُوء مَدَنِيَّة، وَالْمسح مَنْسُوخ بهَا، لِأَنَّهُ مُتَقَدم، إِذْ غَزْوَة تَبُوك آخر غَزْوَة كائنة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نزلت قبلهَا، وَمِمَّا يدل على أَن الْمسْح غير مَنْسُوخ حَدِيث جرير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح على الْخُفَّيْنِ، وَهُوَ أسلم بعد الْمَائِدَة، وَكَانَ الْقَوْم يعجبهم ذَلِك.
وَأَيْضًا فَإِن حَدِيث الْمُغيرَة فِي الْمسْح كَانَ فِي السّفر فيعجبهم اسْتِعْمَال جرير لَهُ فِي الْحَضَر..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: لما كَانَ إِسْلَام جرير مُتَأَخِّرًا علمنَا أَن حَدِيثه يعْمل بِهِ، وَهُوَ مُبين أَن المُرَاد بِآيَة الْمَائِدَة غير صَاحب الْخُف، فَتكون السّنة مخصصة لِلْآيَةِ.
الْخَامِس: فِيهِ دَلِيل على أَنهم كَانُوا يرَوْنَ نسخ السّنة بِالْقُرْآنِ، قَالَه الْخطابِيّ.
وقالَ مُوسَى بنُ عُقْبَةَ: أخْبَرَنِي أبُو النَّضْرِ أنّ أَبَا سَلَمَةَ أخْبَرَهُ أنَ سَعْداً حَدَّثَهُ فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ.
مُوسَى بن عقبَة، بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف: التَّابِعِيّ، صَاحب الْمَغَازِي، مَاتَ سنة إِحْدَى واربعين وَمِائَة.
وَفِيه ثَلَاثَة من التَّابِعين وهم: مُوسَى، وَأَبُو النَّضر سَالم، وَأَبُو سَلمَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وهم على الْوَلَاء مدنيون.
وَهَذَا تَعْلِيق وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا، فالإسماعيلي عَن أبي يعلى: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج حَدثنَا وهيب عَن مُوسَى بن عقبَة عَن عُرْوَة ابْن الزبير أَن سَعْدا وَابْن عمر اخْتلفَا فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ، فَلَمَّا اجْتمعَا عِنْد عمر قَالَ سعد لِابْنِ عمر: سل أَبَاك عَمَّا أنْكرت عَليّ! فَسَأَلَهُ، فَقَالَ عمر: نعم، وَإِن ذهبت إِلَى الْغَائِط.
قَالَ مُوسَى: وَأَخْبرنِي سَالم أَبُو النَّضر عَن أبي سَلمَة بِنَحْوِ من هَذَا عَن سعد وَابْن عمر وَعمر،.

     وَقَالَ  عمر لِابْنِهِ، كَأَنَّهُ يلومه: إِذا حدث سعد عَن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلَا تَبْغِ وَرَاء حَدِيثه شَيْئا.
وَالنَّسَائِيّ عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد.
والْحَارث بن مِسْكين عَن ابْن وهب، وَعَن قُتَيْبَة عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن مُوسَى.
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم من حَدِيث وهيب بن خَالِد عَن مُوسَى،.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ: وَرِوَايَة عُرْوَة وَأبي سَلمَة عَن سعد وَابْن عمر فِي حَيَاة عمر مُرْسلَة..
     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ: حَدِيث أبي سَلمَة عَن ابْن عمر فِي الْمسْح صَحِيح، قَالَ: وَسَأَلت البُخَارِيّ عَن حَدِيث ابْن عمر فِي الْمسْح مَرْفُوعا فَلم يعرفهُ..
     وَقَالَ  الْمَيْمُونِيّ: سَأَلت أَحْمد عَنهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيح، ابْن عمر يُنكر على سعد الْمسْح.
قلت: إِنَّمَا أنكر عَلَيْهِ مَسحه فِي الْحَضَر، كَمَا هُوَ مُبين فِي بعض الرِّوَايَات، وَأما السّفر فقد كَانَ ابْن عمر يُعلمهُ.
وَرَوَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا رَوَاهُ ابْن ابي خَيْثَمَة فِي ( تَارِيخه الْكَبِير) ، وَابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) من رِوَايَة عَاصِم عَن سَالم عَنهُ: ( رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح على الْخُفَّيْنِ بِالْمَاءِ فِي السّفر) .
وَاعْلَم أَن خبر: إِن، فِي قَوْله: ( إِن سَعْدا) مَحْذُوف، تَقْدِيره: إِن سَعْدا حدث أَبَا سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح على الْخُفَّيْنِ.
وَقَوله: ( فَقَالَ) : الْفَاء، عطف على ذَلِك الْمُقدر.
قَوْله: ( نَحوه) مَنْصُوب بِأَنَّهُ مقول القَوْل، أَي: نَحْو إِذا حَدثَك سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تسْأَل عَنهُ غَيره.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْمسْح على الْخُفَّيْنِ)
نقل بن الْمُنْذر عَن بن الْمُبَارَكِ قَالَ لَيْسَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَنِ الصَّحَابَةِ اخْتِلَافٌ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْهُمْ إِنْكَارُهُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إِثْبَاتُهُ.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ فُقَهَاءِ السَّلَفِ إِنْكَارُهُ إِلَّا عَنْ مَالِكٍ مَعَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةَ عَنْهُ مُصَرِّحَةٌ بِإِثْبَاتِهِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إِلَى إِنْكَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ وَالْمَعْرُوفُ الْمُسْتَقِرُّ عِنْدَهُمُ الْآنَ قَوْلَانِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا ثَانِيهُمَا لِلْمُسَافِرِ دُونَ الْمُقِيمِ وَهَذَا الثَّانِي مُقْتَضى مَا فِي الْمُدَوَّنَة وَبِه جزم بن الْحَاجِب وَصحح الْبَاجِيّ الأول وَنَقله عَن بن وهب وَعَن بن نَافِعٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ نَحْوَهُ وَأَنَّ مَالِكًا إِنَّمَا كَانَ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مَعَ إِفْتَائِهِ بِالْجَوَازِ وَهَذَا مِثْلُ مَا صَحَّ عَنْ أبي أَيُّوب الصَّحَابِيّ.

     وَقَالَ  بن الْمُنْذِرِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَوْ نَزْعُهُمَا وَغَسْلُ الْقَدَمَيْنِ قَالَ وَالَّذِي أَخْتَارُهُ أَنَّ الْمَسْحَ أَفْضَلُ لِأَجْلِ مَنْ طَعَنَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ قَالَ وَإِحْيَاءُ مَا طَعَنَ فِيهِ الْمُخَالِفُونَ مِنَ السُّنَنِ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ اه.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ وَقَدْ صَرَّحَ جَمْعٌ مِنَ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ الْغَسْلَ أَفْضَلُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْمَسْحَ رَغْبَةً عَنِ السُّنَّةِ كَمَا قَالُوهُ فِي تَفْضِيلِ الْقَصْرِ عَلَى الْإِتْمَامِ وَقَدْ صَرَّحَ جَمْعٌ مِنَ الْحُفَّاظِ بِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مُتَوَاتِرٌ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ رُوَاتَهُ فَجَاوَزُوا الثَّمَانِينَ وَمِنْهُم الْعشْرَة وَفِي بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

[ قــ :198 ... غــ :202] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اخْتَارَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ الْمَسْحُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِهِ فِي الْحَضَرِ أَثْبَتُ عِنْدَنَا وَأَقْوَى مِنْ أَنْ نَتْبَعَ مَالِكًا عَلَى خِلَافِهِ وَعَمْرٌو هُوَ بن الْحَارِثِ وَهُوَ وَمَنْ دُونَهُ ثَلَاثَةٌ مِصْرِيُّونَ وَالَّذِينَ فَوْقَهُ ثَلَاثَةٌ مَدَنِيُّونَ وَالْإِسْنَادُ رِوَايَةُ تَابِعِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَصَحَابِيٌّ عَنْ صَحَابِيٍّ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ هُوَ مَعْطُوفُ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَهُوَ مَوْصُولٌ إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَإِلَّا فَأَبُو سَلَمَةَ لَمْ يُدْرِكِ الْقِصَّةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي النَّضر عَن أبي سَلمَة عَن بن عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ بِالْعِرَاقِ حِينَ تَوَضَّأَ فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا عِنْدَ عُمَرَ قَالَ لِي سَعْدٌ سَلْ أَبَاكَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَرَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ نَبِيِّنَا نَمْسَحُ عَلَى خِفَافِنَا لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا .

     قَوْلُهُ  فَلَا تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ أَيْ لِقُوَّةِ الْوُثُوقِ بِنَقْلِهِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصِّفَاتَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّرْجِيحِ إِذَا اجْتَمَعَتْ فِي الرَّاوِي كَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْقَرَائِنِ الَّتِي إِذَا حَفَّتْ خَبَرَ الْوَاحِدِ قَامَتْ مَقَامَ الْأَشْخَاصِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَقَدْ يُفِيدُ الْعِلْمَ عِنْدَ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَعَلَى أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقْبَلُ خَبَرَ الْوَاحِدِ وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنَ التَّوَقُّفِ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ وُقُوعِ رِيبَةٍ لَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِتَفَاوُتِ رُتَبِ الْعَدَالَةِ وَدُخُولِ التَّرْجِيحِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَيُمْكِنُ إِبْدَاءُ الْفَارِقِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَفِيهِ تَعْظِيمٌ عَظِيمٌ مِنْ عُمَرَ لِسَعْدٍ وَفِيهِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ الْقَدِيمَ الصُّحْبَةِ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنَ الْأُمُورِ الْجَلِيَّةِ فِي الشَّرْعِ مَا يطلع عَلَيْهِ غَيره لِأَن بن عُمَرَ أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَعَ قَدِيمِ صُحْبَتِهِ وَكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ وَقَدْ رَوَى قِصَّتَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَار أَنَّهُمَا أخبراه أَن بن عُمَرَ قَدِمَ الْكُوفَةَ عَلَى سَعْدٍ وَهُوَ أَمِيرُهَا فَرَآهُ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ سَلْ أَبَاكَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَيحْتَمل أَن يكون بن عُمَرَ إِنَّمَا أَنْكَرَ الْمَسْحَ فِي الْحَضَرِ لَا فِي السَّفَرِ لِظَاهِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْفَائِدَةُ بِحَالِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ عَلَى الْوِلَاءِ أَوَّلُهُمْ مُوسَى وَمُوسَى وَأَبُو النَّضْرِ قَرِينَانِ مَدَنِيَّانِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ سَعْدًا حَدَّثَهُ أَيْ حَدَّثَ أَبَا سَلَمَةَ وَالْمُحَدَّثُ بِهِ مَحْذُوفٌ تَبَيَّنَ مِنَ الرِّوَايَةِ الْمَوْصُولَةِ أَنَّ لَفْظَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ .

     قَوْلُهُ  نَحْوَهُ بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ مَقُولُ الْقَوْلِ وَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِمَعْنَى الرِّوَايَةِ الَّتِي وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ لَا بِلَفْظِهَا وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَلَفْظُهُ وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ أَيِ ابْنَهُ كَأَنَّهُ يَلُومُهُ إِذَا حَدَّثَكَ سَعْدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَبْتَغِ وَرَاءَ حَدِيثِهِ شَيْئًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
( باب) حكم ( المسح على الخفين) في الوضوء بدلاً عن غسل الرجلين.


[ قــ :198 ... غــ : 202 ]
- حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ الْمِصْرِيُّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو قال: حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: نَعَمْ، إِذَا حَدَّثَكَ شَيْئًا سَعْدٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ.


وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدًا ... فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ.

وبالسند قال: ( حدّثنا أصبغ) بفتح الهمزة وسكون المهملة وفتح الموحدة آخره معجمة أبو عبد الله ( بن الفرج) بالجيم القرشي الفقيه ( المصري) المتوفى سنة ست وعشرين ومائتين ( عن ابن وهب) القرشي المصري وكان أصبغ وراقًا أنه ( قال: حدّثني) وفي رواية أخبرني بالإفراد فيهما ( عمرو) بفتح العين ابن الحرث كما في رواية ابن عساكر أبو أمية المؤدب الأنصاري المصري الفقيه، المتوفى بمصر سنة ثمان وأربعين ومائة ( قال: حدّثني) بالتوحيد ( أبو النضر) بالضاد المعجمة الساكنة سالم بن أبي أمية القرشي المدني مولى عمر بن عبيد الله المتوفى سنة تسع وعشرين ومائة ( عن أبي سلمة) بفتح اللام عبد الله ( بن عبد الرحمن) بن عوف القرشي الفقيه المدني ( عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما ( عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه: ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه مسح على الخفين) القويين الطاهرين الملبوسين بعد كمال الطهر الساترين لمحل الفرض وهو القدم بكعبيه من كل الجوانب غير الأعلى، فلو كان واسعًا ترى منه لم يضر ( وأن عبد الله بن عمر) هو عطف على قوله عن عبد الله بن عمر فيكون موصولاً إن حملناه على أن أبا سلمة سمع ذلك من عبد الله، وإلا فأبو سلمة لم يدرك القضية ( سأل) أباه ( عمر) أي ابن الخطاب كما للأصيلي ( عن ذلك) أي عن مسح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الخفين ( فقال) عمر رضي الله عنه: ( نعم) مسح عليه الصلاة والسلام على الخفين ( إذا حدّثك شيئًا سعد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا تسأل عنه غيره) لثقته بنقله وقد أخرج الحديث الإمام أحمد من طريق أخرى عن أبي النضر عن أبي سلمة عن ابن عمر قال: رأيت سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يمسح على خفّيه بالعراق حين توضأ فأنكرت ذلك عليه، فلما اجتمعنا عند عمر رضي الله عنه قال لي سعد سل أباك وذكر القصة.
ورواه ابن خزيمة من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر نحوه، وفيه أن عمر رضي الله عنه قال: كنا ونحن مع نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
نمسح على خفافنا لا نرى بذلك بأسًا، وإنما أنكر ابن عمر المسح على الخفين مع قدم صحبته وكثرة روايته لأنه خفي عليه ما اطّلع عليه غيره أو أنكر عليه مسحه في الحضر كما هو ظاهر رواية الموطأ من حديث نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن ابن عمر قدم الكوفة على سعد وهو أميرها فرآه يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه فقال له سعد: سل أباك فذكر القصة.
وأما في السفر فقد كان ابن عمر يعلمه.

ورواه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه الكبير، وابن أبي شيبة في مصنفه من رواية عاصم عن سالم عنه رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمسح على الخفّين بالماء في السفر، وقد تكاثرت الروايات بالطرق المتعددة عن الصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا لا يفارقونه عليه الصلاة والسلام سفرًا ولا حضرًا، وقد صرح جمع من الحفاظ بتواتره وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين منهم العشرة المبشرة

وعن ابن أبي شيبة وغيره عن الحسن البصري، حدّثني سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين.

واتفق العلماء على جوازه خلافًا للخوارج كبتهم الله لأن القرآن لم يرد به، وللشيعة -قاتلهم الله تعالى- لأن عليًّا رضي الله عنه امتنع منه ويرد عليهم صحته عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتواتره على قول بعضهم.
كما تقدم.

وأما ما ورد عن علي رضي الله عنه فلم يرد عنه بإسناد موصول يثبت بمثله كما قاله البيهقي، وقد قال الكرخي: أخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفين، وليس بمنسوخ لحديث المغيرة في غزوة تبوك وهي آخر غزواته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والمائدة نزلت قبلها في غزوة المريسيع فأمن النسخ للمسح.

ويؤيده حديث جرير رضي الله عنه أنه رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد المائدة.


ورواة الحديث السبعة ما بين مصري ومدني وفيه تابعي عن تابعي وصحابي عن صحابي، والتحديث بصيغة الجمع والإفراد والعنعنة، ولم يخرجه المؤلف في غير هذا الموضع، ولم يخرج مسلم في المسح إلا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهذا الحديث من أفراد المؤلف، وأخرجه النسائي في الطهارة أيضًا.

( وقال موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف وفتح الموحدة التابعي صاحب المغازي، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة مما وصله الإسماعيلي وغيره بهذا الإسناد.
( أخبرني) بالإفراد ( أبو النضر) التابعي ( أن أبا سلمة) التابعي أيضًا ( أخبره أن سعدًا) هو ابن أبي وقاص رضي الله عنه ( حدّثه) أي حديث أبا سلمة أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مسح على الخفّين ( فقال عمر) ابن الخطاب رضي الله عنه ( لعبد الله) ولده ( نحوه) بالنصب لأنه مقول القول أي نحو قوله في الرواية السابقة: إذا حدّثك شيئًا سعد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا تسأل عنه غيره، فقول عمر رضي الله عنه في هذه الرواية المعلقة بمعنى الموصولة السابقة لا بلفظها، والفاء في فقال عطف على قوله حدث المحذوف عند المصنف كما قدّرناه الخ، وإنما حذفه لدلالة السياق عليه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْمسْح على الْخُفَّيْنِ.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهِرَة، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي حكمٍ من أَحْكَام الْوضُوء.



[ قــ :198 ... غــ :202 ]
- حدّثنا أصْبَغُ بنُ الفَرَجِ المِصْرِيُّ عَنِ ابنِ وهْبٍ قالَ حدّثنى عمْرٌ وقَالَ حدّثنا أبُو النَّضْرِ عَنْ أبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ عنْ سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ وأنّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ سَألَ عُمرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ إذَا حَدَّثكَ شَيْئاً سَعْدٌ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ.

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: أصبغ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره عين مُعْجمَة: ابو عبد الله بن وهب الْقرشِي الْمصْرِيّ، وَلم يكون فِي المصريين أحد أَكثر حَدِيثا مِنْهُ، وَأصبغ كَانَ وراقاً لَهُ، مر فِي بابُُ من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين.
الثَّالِث: عَمْرو، بِالْوَاو و: ابْن الْحَارِث أَبُو امية الْمُؤَدب الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ القارىء الْفَقِيه، مَاتَ بِمصْر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة.
الرَّابِع: أَبُو النَّضر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة: سَالم بن أبي أُميَّة الْقرشِي الْمدنِي، مولى عمر بن عبد الله التَّيْمِيّ وكاتبه، مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة.
الْخَامِس: أَبُو سَلمَة، بِفَتْح اللَّام: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْقرشِي الْفَقِيه الْمدنِي، مر فِي كتاب الْوَحْي.
السَّادِس: عبد الله بن عمر بن الْخطاب.
السَّابِع: سعد بن أبي وَقاص، مر فِي بابُُ: إِذا لم يكن الْإِسْلَام على الْحَقِيقَة.
بينان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وبصيغة الْإِفْرَاد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ ثَلَاثَة من رُوَاته مصريون، وهم: أصبغ وَابْن وهب وَعَمْرو، وَثَلَاثَة مدنيون وهم: أَبُو النَّضر وَأَبُو سَلمَة وَابْن عمر.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ: أَبُو النَّصْر عَن أبي سَلمَة.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ.
وَمِنْهَا: أَن مُعظم الروَاة قرشيون فُقَهَاء أَعْلَام.
وَمِنْهَا: أَن هَذَا من مُسْند سعد بِحَسب الظَّاهِر، وَكَذَا جعله أَصْحَاب الْأَطْرَاف، وَيحْتَمل أَن يكون من مُسْند عمر أَيْضا..
     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: رَوَاهُ أَبُو أَيُّوب الإفْرِيقِي عَن أبي النَّضر عَن أبي سَلمَة عَن ابْن عمر عَن عمر وَسعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَالصَّوَاب قَول عَمْرو بن الْحَارِث عَن أبي النَّضر عَن أبي سَلمَة عَن ابْن عمر عَن سعد.

بَيَان من أخرجه غَيره لم يُخرجهُ البُخَارِيّ إلاَّ هَهُنَا، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَلم يخرج مُسلم فِي الْمسْح إلاَّ لعمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد، والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن ابْن وهب بِهِ.

بَيَان الْمَعْنى وَالْإِعْرَاب قَوْله: ( وَأَن عبد الله بن عمر) عطف على قَوْله: ( عَن عبد الله بن عمر) فَيكون مَوْصُولا إِن حمل على أَن أَبَا سَلمَة سمع ذَلِك من عبد الله، وإلاَّ فَأَبُو سَلمَة لم يدْرك الْقِصَّة، وَعَن ذَلِك قَالَ الْكرْمَانِي: وَهَذَا إِمَّا تَعْلِيق من البُخَارِيّ، وَإِمَّا كَلَام أبي سَلمَة، وَالظَّاهِر هُوَ الثَّانِي.
قَوْله: ( عَن ذَلِك) أَي: عَن مسح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْخُفَّيْنِ.
قَوْله: ( شَيْئا) نكرَة عَام، لِأَن الْوَاقِع فِي سِيَاق الشَّرْط كالواقع فِي سِيَاق النَّفْي فِي إِفَادَة الْعُمُوم.
وَقَوله: ( حَدثَك) جملَة من الْفِعْل وَالْمَفْعُول.
وَقَوله: ( سعد) بِالرَّفْع فَاعله.
قَوْله: ( فَلَا تسْأَل عَنهُ) أَي: عَن الشَّيْء الَّذِي حَدثهُ سعد.
قَوْله: ( غَيره) أَي: غير سعد، وَذَلِكَ لقُوَّة وثوقه بنقله.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام الأول: فِيهِ جَوَاز الْمسْح على الْخُفَّيْنِ وَلَا يُنكره إلاَّ المبتدع الضال..
     وَقَالَ ت الخوراج: لَا يجوز..
     وَقَالَ  صَاحب ( الْبَدَائِع) : الْمسْح على الْخُفَّيْنِ جَائِز عِنْد عامفة الْفُقَهَاء، وَعَامة الصَّحَابَة إلاَّ شَيْئا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه لَا يجوز، وَهُوَ قَول الرافضة.
ثمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ: أدْركْت سبعين بَدْرِيًّا من الصَّحَابَة كلهم يرى الْمسْح على الْخُفَّيْنِ، وَلِهَذَا رَآهُ أَبُو حنيفَة من شَرَائِط أهل السّنة وَالْجَمَاعَة.
فَقَالَ: نَحن نفضل الشَّيْخَيْنِ، ونحب الخنتين، ونرى الْمسْح على الْخُفَّيْنِ، وَلَا نحرم نَبِيذ الْجَرّ.
يَعْنِي: المثلث؛ وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: مَا قلت بِالْمَسْحِ حَتَّى جَاءَنِي مثل ضوء النَّهَار، فَكَانَ الْجُحُود ردا على كبار الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ونسبته إيَّاهُم إِلَى الْخَطَأ، فَكَانَ بِدعَة، وَلِهَذَا قَالَ الْكَرْخِي: أَخَاف الْكفْر على من لَا يرى الْمسْح على الْخُفَّيْنِ، وَالْأمة لم تخْتَلف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح..
     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: وَإِنَّمَا جَاءَ كَرَاهَة ذَلِك عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
فَأَما الرِّوَايَة عَن عَليّ سبق الْكتاب بِالْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ فَلم يرو ذَلِك عَنهُ بِإِسْنَاد مَوْصُول يثبت مثله.
وَأما عَائِشَة فَثَبت عَنْهَا أَنَّهَا أحالت بِعلم ذَلِك على عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأما ابْن عَبَّاس فَإِنَّمَا كرهه حِين لم يثبت مسح النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بعد نزُول الْمَائِدَة، فَلَمَّا ثَبت رَجَعَ إِلَيْهِ..
     وَقَالَ  الْجَوْز قاني فِي ( كتاب الموضوعات) : إِنْكَار عَائِشَة غير ثَابت عَنْهَا..
     وَقَالَ  الكاشاني: وَأما الرِّوَايَة عَن ابْن عَبَّاس فَلم تصح لِأَن مَدَاره على عِكْرِمَة، وَرُوِيَ أَنه لما بلغ عَطاء قَالَ: كذب عِكْرِمَة، وَرُوِيَ عَن عَطاء أَنه قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يُخَالف النَّاس فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ فَلم يمت حَتَّى تَابعهمْ، وَفِي ( الْمُغنِي) لِابْنِ قدامَة: قَالَ أَحْمد: لَيْسَ فِي قلبِي من الْمسْح شَيْء، فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثا عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَا رفعوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا لم يرفعوا؛ وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: الْمسْح أفضل، يَعْنِي من الْغسْل، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه إِنَّمَا طلبُوا الْفضل، وَهَذَا مَذْهَب الشّعبِيّ وَالْحكم وَإِسْحَاق.
وَفِي ( هِدَايَة الْحَنَفِيَّة) : الْأَخْبَار فِيهِ مستفيضة حَتَّى إِن من لم يره كَانَ مبتدعاً، لَكِن من رَآهُ ثمَّ لم يمسح أَخذ بالعزيمة، وَكَانَ مأجوراً.
وَحكى الْقُرْطُبِيّ مثل هَذَا عَن مَالك أَنه قَالَ عِنْد مَوته: وَعَن مَالك فِيهِ أَقْوَال.
أَحدهمَا: أَنه لَا يجوز الْمسْح أصلا.
الثَّانِي: أَنه يجوز وَيكرهُ.
الثَّالِث، وَهُوَ الْأَشْهر: يجوز أبدا بِغَيْر تَوْقِيت.
الرَّابِع: أَنه يجوز بتوقيت.
الْخَامِس: يجوز للْمُسَافِر دون الْحَاضِر.
السَّادِس: عَكسه..
     وَقَالَ  إِسْحَاق وَالْحكم وَحَمَّاد الْمسْح أفضل من غسل الرجلَيْن، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن احْمَد..
     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: هما سَوَاء، وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد..
     وَقَالَ  أَصْحَاب الشَّافِعِي: الْغسْل أفضل من الْمسْح بِشَرْط أَن لَا يتْرك الْمسْح رَغْبَة عَن السّنة، وَلَا يشك فِي جَوَازه.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: لَا أعلم أحدا من الْفُقَهَاء رُوِيَ عَنهُ إِنْكَار الْمسْح إلاَّ مَالِكًا، وَالرِّوَايَات الصِّحَاح عَنهُ بِخِلَاف ذَلِك.
قلت: فِيهِ نظر لما فِي ( مُصَنف) ابْن أبي شيبَة من أَن مُجَاهدًا وَسَعِيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة كرهوه، وَكَذَا حكى أَبُو الْحسن النسابة عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن وَأبي إِسْحَاق السبيعِي وَقيس بن الرّبيع، وَحَكَاهُ القَاضِي أَبُو الطّيب عَن أبي بكر بن أبي دَاوُد والخوارج وَالرَّوَافِض..
     وَقَالَ  الْمَيْمُونِيّ عَن أَحْمد: فِيهِ سَبْعَة وَثَلَاثُونَ صحابياً، وَفِي رِوَايَة الْحسن بن مُحَمَّد عَنهُ أَرْبَعُونَ، وَكَذَا قَالَه الْبَزَّار فِي ( مُسْنده) .

     وَقَالَ  ابْن حَاتِم: أحد وَأَرْبَعُونَ صحابياً.
وَفِي ( الْأَشْرَاف) عَن الْحسن: حَدثنِي بِهِ سَبْعُونَ صحابياً..
     وَقَالَ  أَبُو عمر بن عبد الْبر: مسح على الْخُفَّيْنِ سَائِر أهل بدر وَالْحُدَيْبِيَة وَغَيرهم من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَسَائِر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وفقهاء الْمُسلمين، وَقد أَشَرنَا إِلَى رِوَايَة وَخمسين من الصَّحَابَة فِي الْمسْح فِي شرحنا ( لمعاني الْآثَار) للطحاوي، فَمن أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِ فَليرْجع إِلَيْهِ.

الثَّانِي: فِيهِ تَعْظِيم لسعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

الثَّالِث: فِيهِ أَن الصَّحَابِيّ الْقَدِيم الصُّحْبَة قد يخفى عَلَيْهِ من الْأُمُور الجليلة فِي الشَّرْع مَا يطلع عَلَيْهِ غَيره، لِأَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أنكر الْمسْح على الْخُفَّيْنِ مَعَ قدم صحبته وَكَثْرَة رِوَايَته.

الرَّابِع: فِيهِ أَن خبر الْوَاحِد إِذا حُف بالقرائن يُفِيد الْيَقِين، وَقد تكاثرت الرِّوَايَات بالطرق المتعددة من الصَّحَابَة الَّذين كَانُوا لَا يفارقون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْحَضَر وَلَا فِي السّفر، فَجرى ذَلِك مجْرى التَّوَاتُر.
وَحَدِيث الْمُغيرَة كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك، فَسقط بِهِ من يَقُول آيَة الْوضُوء مَدَنِيَّة، وَالْمسح مَنْسُوخ بهَا، لِأَنَّهُ مُتَقَدم، إِذْ غَزْوَة تَبُوك آخر غَزْوَة كائنة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نزلت قبلهَا، وَمِمَّا يدل على أَن الْمسْح غير مَنْسُوخ حَدِيث جرير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح على الْخُفَّيْنِ، وَهُوَ أسلم بعد الْمَائِدَة، وَكَانَ الْقَوْم يعجبهم ذَلِك.
وَأَيْضًا فَإِن حَدِيث الْمُغيرَة فِي الْمسْح كَانَ فِي السّفر فيعجبهم اسْتِعْمَال جرير لَهُ فِي الْحَضَر..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: لما كَانَ إِسْلَام جرير مُتَأَخِّرًا علمنَا أَن حَدِيثه يعْمل بِهِ، وَهُوَ مُبين أَن المُرَاد بِآيَة الْمَائِدَة غير صَاحب الْخُف، فَتكون السّنة مخصصة لِلْآيَةِ.

الْخَامِس: فِيهِ دَلِيل على أَنهم كَانُوا يرَوْنَ نسخ السّنة بِالْقُرْآنِ، قَالَه الْخطابِيّ.

وقالَ مُوسَى بنُ عُقْبَةَ: أخْبَرَنِي أبُو النَّضْرِ أنّ أَبَا سَلَمَةَ أخْبَرَهُ أنَ سَعْداً حَدَّثَهُ فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ.


مُوسَى بن عقبَة، بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف: التَّابِعِيّ، صَاحب الْمَغَازِي، مَاتَ سنة إِحْدَى واربعين وَمِائَة.
وَفِيه ثَلَاثَة من التَّابِعين وهم: مُوسَى، وَأَبُو النَّضر سَالم، وَأَبُو سَلمَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وهم على الْوَلَاء مدنيون.
وَهَذَا تَعْلِيق وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا، فالإسماعيلي عَن أبي يعلى: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج حَدثنَا وهيب عَن مُوسَى بن عقبَة عَن عُرْوَة ابْن الزبير أَن سَعْدا وَابْن عمر اخْتلفَا فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ، فَلَمَّا اجْتمعَا عِنْد عمر قَالَ سعد لِابْنِ عمر: سل أَبَاك عَمَّا أنْكرت عَليّ! فَسَأَلَهُ، فَقَالَ عمر: نعم، وَإِن ذهبت إِلَى الْغَائِط.
قَالَ مُوسَى: وَأَخْبرنِي سَالم أَبُو النَّضر عَن أبي سَلمَة بِنَحْوِ من هَذَا عَن سعد وَابْن عمر وَعمر،.

     وَقَالَ  عمر لِابْنِهِ، كَأَنَّهُ يلومه: إِذا حدث سعد عَن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلَا تَبْغِ وَرَاء حَدِيثه شَيْئا.
وَالنَّسَائِيّ عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد.
والْحَارث بن مِسْكين عَن ابْن وهب، وَعَن قُتَيْبَة عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن مُوسَى.
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم من حَدِيث وهيب بن خَالِد عَن مُوسَى،.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ: وَرِوَايَة عُرْوَة وَأبي سَلمَة عَن سعد وَابْن عمر فِي حَيَاة عمر مُرْسلَة..
     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ: حَدِيث أبي سَلمَة عَن ابْن عمر فِي الْمسْح صَحِيح، قَالَ: وَسَأَلت البُخَارِيّ عَن حَدِيث ابْن عمر فِي الْمسْح مَرْفُوعا فَلم يعرفهُ..
     وَقَالَ  الْمَيْمُونِيّ: سَأَلت أَحْمد عَنهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيح، ابْن عمر يُنكر على سعد الْمسْح.
قلت: إِنَّمَا أنكر عَلَيْهِ مَسحه فِي الْحَضَر، كَمَا هُوَ مُبين فِي بعض الرِّوَايَات، وَأما السّفر فقد كَانَ ابْن عمر يُعلمهُ.
وَرَوَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا رَوَاهُ ابْن ابي خَيْثَمَة فِي ( تَارِيخه الْكَبِير) ، وَابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) من رِوَايَة عَاصِم عَن سَالم عَنهُ: ( رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح على الْخُفَّيْنِ بِالْمَاءِ فِي السّفر) .

وَاعْلَم أَن خبر: إِن، فِي قَوْله: ( إِن سَعْدا) مَحْذُوف، تَقْدِيره: إِن سَعْدا حدث أَبَا سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح على الْخُفَّيْنِ.
وَقَوله: ( فَقَالَ) : الْفَاء، عطف على ذَلِك الْمُقدر.
قَوْله: ( نَحوه) مَنْصُوب بِأَنَّهُ مقول القَوْل، أَي: نَحْو إِذا حَدثَك سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تسْأَل عَنهُ غَيره.