هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1721 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ : هُمُ الْأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ : فَجِئْتُ حَتَّى جَلَسْتُ ، فَلَمْ أَتَقَارَّ أَنْ قُمْتُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : هُمُ الْأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ، مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ ، وَلَا بَقَرٍ ، وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ ، وَأَسْمَنَهُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا ، كُلَّمَا نَفِدَتْ أُخْرَاهَا ، عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ وحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنِ الْمَعْرُورِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ وَكِيعٍ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ رَجُلٌ يَمُوتُ ، فَيَدَعُ إِبِلًا أَوْ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا ، لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم ، ما من صاحب إبل ، ولا بقر ، ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت ، وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها ، كلما نفدت أخراها ، عادت عليه أولاها ، حتى يقضى بين الناس وحدثناه أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن المعرور ، عن أبي ذر ، قال : انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة ، فذكر نحو حديث وكيع ، غير أنه قال : والذي نفسي بيده ما على الأرض رجل يموت ، فيدع إبلا أو بقرا أو غنما ، لم يؤد زكاتها
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Dharr reported:

I went to the Messenger of Allah (ﷺ) and he was sitting under the shade of the Ka'ba. As he saw me he said: By the Lord of the Ka'ba, they are the losers. I came there till I sat and I could not stay (longer) and (then) stood up. I said: Messenger of Allah, let my father, be ransom for you, who are they (the losers)? He said: They are those having a huge amount of wealth except so and so and (those who spend their wealth generously on them whom they find in front of them, behind them and on their right side and on their left side) and they are a few. And no owner of camels, or cattle or goat and sheep, who does not pay Zakat (would be spared punishment) but these (camels, cattle, goats and sheep) would come on the Day of Resurrection wearing more flesh and would gore him with their horns and trample them with their hooves. And when the last one would pass away, the first one would return (to trample him) till judgment would be pronounced among people.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي ذر رضي الله عنه قال انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال هم الأخسرون ورب الكعبة قال فجئت حتى جلست فلم أتقار أن قمت فقلت يا رسول الله فداك أبي وأمي من هم؟ قال هم الأكثرون أموالاً إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ( من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله) وقليل ما هم ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه، تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس.


المعنى العام

وعيد ترتعد منه الفرائص، وتقشعر منه الأبدان، ويشيب لهوله الولدان ذلك لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

{ { اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد } } [الحديد: 20] لكنها: { { كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } } [الحديد: 20] .

لماذا نجمع الأموال والثروات؟ وفيم ننفقها؟ وما نتيجتها؟ وما نهايتها؟ وما جزاؤنا عليها؟.

أسئلة يعلم جوابها كل الناس، لكنهم لا يعملون بما يعلمون: { { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } } [الروم: 7] .

يعلمون أنه: ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت.

إنما لابن آدم من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدق فأقنى، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس.

وما الناس إلا جامع أو مضيع
وذو نصب يسعى لآخر نائم

نصيبك مما تجمع الدهر كله
رداءان تلوى فيهما وحنوط

والكيس من أخذ من دنياه لآخرته، وعمل في ماله لما بعد موته، والغافل من خدعه ماله وأشرب حبه في قلبه، وجمعه وعدده، واكتنزه ولم يخرج زكاته، ولم يشكر نعمة ربه فلم يعط الفقراء والمساكين ما فرضه الله لهم فيه.

وعيد مخيف تصوره الأحاديث، ما من صاحب ذهب ولا فضة يجمع نصاباً يحول عليه الحول لا يخرج زكاته حتى يموت إلا جاء يوم القيامة وقد صفح هذا المال في هيئته صفائح، في هيئة ألواح حديدية سميكة، يحمى عليها في نار جهنم حتى تصير ناراً حمراء، يكوى بها جبين صاحبها، فتخرج النار من خلف رأسه ويكوى بها جنبه، فتخرج النار من جنبه الآخر، ويكوى به صدره وبطنه فتخرج النار من ظهره، توضع على ثدييه حتى تخرج من عظم كتفيه، وتوضع على عظم كتفيه فتخرج من حملة ثدييه، لا تبرد أبداً، بل كلما بردت قطعة كانت الأخرى جاهزة موقدة، تحل محلها، ثم تعود الأولى ناراً كما كانت، وإلى متى هذا العذاب وهذا الكي؟ لقد تمتع هذا المسكين بماله عدد سنين، لا تتجاوز الستين، فكم يوماً وكم سنة يحرق بماله؟ لنفرض أنه سيعذب يوماً واحداً، لكن مقدار هذا اليوم خمسون ألف سنة، فيالهول العذاب؟؟؟؟ ويالهول الزمن!!!!.

ويا ليت عذاب الكانز يقتصر على هذا.
فإن عذاباً آخر في انتظاره، عذاب الرعب والإهانة والسخرية والتوبيخ بعد عذاب الكي بالنار، يحول الله ماله إلى ثعبان كبير أسود، له على جانبي رأسه قرنان مملوءان سماً وناراً حامية، ويحمل في شدقيه أنياباً كأسنان الرمح، فيفتح فاه، ويجري وراء صاحبه، وصاحبه يفر منه هنا وهناك يناديه الثعبان بصوت مزعج رهيب، لا خلاص لك ولا مهرب، هذا مالك في بطني فتعال خذه فأنا لا أحتاجه، هذا كنزك في أحشائي، ولا بد أن تدخل يدك في فمي لعلك تخرجه، فإذا أيقن الكانز أن لا مهرب ولا مفر، أدخل يده في فم الثعبان، فقضمها الثعبان بأنيابه الحادة الموقدة، لا هو يقطعها، ولا هو يدعها، حتى يقضي الله أمره.

هذا عذاب كانز المال، أما جامع الإبل والبقر والغنم الذي لم يؤد حق الله فيها ولم يخرج زكاتها فإن الله يجمعها له يوم القيامة، كاملة العدد، لا ينقص منها رضيعاً، كاملة الخلقة، ليس فيها مكسورة القرن، كأقوى حالة كانت عليها في الدنيا، يجمعها في ساحة كبيرة، ويؤتي بصاحبها، فيقعد القرفصاء، لا يستطيع حراكاً أو فكاكاً، فتنطحه بقرونها وتعضه بأفواهها، ثم تبطحه وتلقيه على وجهه، فتطؤه بأظلافها، تمر عليه واحدة واحدة، كلما انتهت أخراها عادت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي الله بين العباد فينصرف إلى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار.

وكان من الطبيعي أن يسأل أهل الخيل عن زكاة الخيل، حيث لم يتعرض لها صلى الله عليه وسلم، فأجابهم: الخيل تستخدم في الدنيا لثلاث مهام: بعض الناس يربطها رياء وفخراً ومناوأة ومعاداة لأهل الإسلام فهي له وزر، في كل حركة من حركاتها إثم وجرم.

وبعض الناس يربطها ويعدها للجهاد في سبيل الله، يعني بمطعمها ومشربها وصحتها وتدريبها على الكر والفر، يعدها لنفسه خاصة، يبادر إليها عند الداعي، يعير فحلها، ويعين الناس بها، فهي له ستر من النار يوم القيامة.

وبعض الناس يربط خيله الكثيرة، ويعدها للمجاهدين الذين لا يجدون ولا يملكون، يوقفها على سبيل الله، ولأهل الإسلام، فهي له أجر وحسنات، ما تحركت في مرعاها وما سكنت في مربطها، إلا كتب له بذلك حسنات، بل يكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات، بل إذا مرت على ماء فشربت حتى دون أن يقصد سقيها فله بعدد جرعاتها حسنات.

وهنا سأل أصحاب الحمر عن زكاة الحمر، فأجابهم صلى الله عليه وسلم أنها لم ترد فيها زكاة، وإنما تدخل في القاعدة العامة، الدعوة إلى الخير { { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } } [الزلزلة: 7] .

ووضحت معالم الزكاة في الإسلام، ووضحت واجبات المال ومندوباته ووضح محرماته ومكروهاته ومباحاته، واستقرت أحكامه عند الصحابة.

لكن أبا ذر كان يرى في ذلك غير ما يراه جمهور المسلمين.

لقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيش فقيراً، ويلزم أهل بيته الكفاف من العيش يمر الشهر والشهران ثلاثة أهله في شهرين ولا يوقد في بيته نار، لعدم وجود ما يطهى بالنار، وكان يوزع كل الفيء والغنائم والزكاة على المصارف التي شرعها الله.

ثم هو ذا أبو ذر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد عثمان يعيش في الشام، في دمشق مع معاوية بن أبي سفيان، أمير الشام، الذي يعيش في قصره كالملوك، بل كالأكاسرة والقياصرة من حيث النعيم والأبهة وزينة الحياة.

بدأ أبو ذر يقارن في نفسه بين رسول الله وقائده وحاكمه وبين معاوية.
من أين لمعاوية ما هو فيه؟ أليس من مال المسلمين؟ ومن حول معاوية من الحاشية والمقربين؟ من أين لهم هذا الغنى؟ أليس من مال المسلمين؟.

إنه يتذكر ليلة مشى مع النبي صلى الله عليه وسلم في حصباء المدينة، ساعة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر.
قال لبيك يا رسول الله قال: انظر إلى جبل أحد فنظر.
قال صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر.
ما أحب أن مثل جبل أحد هذا عندي ذهباً، أبيت ثلاث ليال وعندي منه شيء.
إلا دينار أرصده لدين علي، بل أوزعه على عباد الله هكذا وهكذا.
يحثو بيده صلى الله عليه وسلم قابضة ويفرغها جهة اليمين تارة وجهة الشمال أخرى.
ثم تابعا السير فترة فقال: يا أبا ذر.
فقال: لبيك يا رسول الله.
قال: إن المكثرين من المال هم المقلون من الأعمال الصالحة إلا من فعل بماله هكذا وهكذا.
يشير إلى التوزيع والإنفاق كما فعل في المرة الأولى، وفي رواية: إلا من أعطاه الله خيراً فنفخ فيه يمينه وشماله، وبين يديه ووراءه، وعمل فيه خيراً.

لقد استقر في نفس أبي ذر أن صورة الولاة والأمراء ينبغي أن تحاكي صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن الرجل الذي يرى الخطأ ويسكت عنه، لقد فاتح معاوية ونصحه، وجاء له معاوية بالعلماء يناقشونه، يستدل أبو ذر بقوله تعالى: { { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون } } [التوبة: 34، 35] .

ويقول معاوية: إن الآية في اليهود، ويقول أبو ذر: فيهم وفينا، ويقول العلماء: إن ما أدى زكاته ليس بكنز، ولا يدخل في الآية، ويقول أبو ذر: بل يدخل في الآية مادام في المسلمين فقراء، وتجاوزت دعوة أبي ذر معاوية وحاشيته إلى الأغنياء عامة، فأصبح يدخل على مجتمعاتهم فيقول: بشر الكانزين بكي في جنوبهم، ونفر منه الناس، فكتب معاوية إلى عثمان أن أبا ذر يفسد عليه حكمه في الشام، فأرسل إليه عثمان يدعوه إلى المدينة، فجاء فأبقاه عثمان فيها، فسار في المدينة بمثل ما سار عليه في دمشق، يمشي أخشن الجسد، أخشن الوجه، يلبس أخشن الثياب، لا يجد جماعة مجتمعين إلا ألقى عليهم وعيده فسخر منه الأغنياء، وأغروا به الصبيان يجتمعون حوله، ويمشون وراءه، ولم يكن يعبأ بكل ذلك، لكن عثمان رأى حرصاً عليه وعلى هدوء الناس بالمدينة أن يعرض عليه الحياة الهادئة بالربذة، وهي القرية الصغيرة التي كان يذهب إليها منذ أزمان، فذهب إليها وعاش فيها حتى مات رضي الله عنه وأرضاه.

المباحث العربية

( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها) قيل: سمي الذهب ذهباً لأنه يذهب ولا يبقى، وسميت الفضة فضة لأنها تنفض، أي تنصرف وعاد الضمير منفرداً مؤنثاًَ منها حقها والمذكور اثنان: ذهب وفضة ذهاباً إلى المعنى، لا إلى اللفظ، فكل واحد منهما ذو عدد، دنانير ودراهم، على معنى لا يؤدي حق أفرادهما.
وقيل: الضمير عائد على الفضة.
وحذف الكلام عن الذهب اكتفاء، والمعنى لا يؤدي منها حقها، ولا يؤدي منه حقه، وتنكير ذهب وفضة قد يستدل به على وجوب الزكاة في عمومهما، مصوغاً أو مضروباً أو غيرها.

( إلا إذا كان يوم القيامة) كان تامة، ويوم القيامة فاعلها، أي حتى إذا جاء يوم القيامة، والاستثناء مفرغ من عموم الأخبار، والتقدير: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي الزكاة مخبر عنه بخبر ما إلا بخبر كذا.

( صفحت له صفائح) أي صهرت وبسطت صفائح وحمي عليها في النار حتى تصير كالنار.

( فأحمي عليها في نار جهنم) أي أوقد عليها، وقيل في جهنم: أنه اسم أعجمي يمنع من الصرف للعلمية والعجمة، وقيل: هو اسم عربي، ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، مستمد من الجهومة، وهي الغلظ، لغلظ أمرها في العذاب، وقيل: سميت بذلك لعمق مقرها، يقال: بئر جهنام، أي بعيدة القعر.

( فيكوى بها) أي بصفائح النار.

( جنبه وجبينه وظهره) في الرواية الثانية فيكوى بها جنباه وجبينه، وفي الرواية الثانية عشرة بشر الكانزين بكي في ظهورهم يخرج من جنوبهم وبكي من قبل أقفائهم يخرج من جباههم ولكل إنسان جنبان، فإفراد جنبه يراد به الجنس، والمقصود جنباه، وهو المقصود في قوله تعالى: { { يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم } } [التوبة: 35] لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحاداً، فتكون الآية من جنس روايتنا الأولى، والمراد من الجبين الجبهة، وخصت هذه المواضع من بين أماكن الجسم المتعددة لأن الكي في الوجه أبشع وأشهر، وفي الظهر والجنب آلم وأوجع، أو لأنها مواضع تصل إليها الحرارة بسرعة؛ أو لأن الغنى إذا أقبل عليه الفقير قبض جبهته، وزوى ما بين عينيه، وطوى جنبه، أو لأن الغني إذا جاءه الفقير من قبل وجهه ولى عنه وجهه والتفت إلى جنبه، ثم يدور الفقير فيوليه ظهره، كذا قيل.
وحاصله أنه لا يكوى من الجسد إلا هذه المواضع، والأولى أن يقال: إن هذه الأعضاء إشارة إلى الجسد كله، فالجبهة إشارة إلى مقدم البدن، والظهر إشارة إلى خلفه، والجنبان يمينه وشماله، وإنما خصت بالذكر للتخويف والإرهاب.

( كلما بردت أعيدت له) قال النووي: هكذا هو في بعض النسخ بردت بالباء، وفي بعضها ردت بضم الراء، وذكر القاضي الروايتين قال: والثانية رواية الجمهور، والأولى هي الصواب.

( فيرى سبيله) قال النووي: ضبطناه بضم الياء وفتحها، وبرفع لام سبيله ونصبها.

( قيل.....فالإبل) الفاء فصيحة وفي الكلام مضاف محذوف.
أي هذا إثم صاحب الذهب والفضة، فما إثم صاحب الإبل؟

( لا يؤدي منها حقها) أي لا يخرج منها زكاتها، وفي الرواية الثانية والخامسة لا يؤدي زكاتها.

( ومن حقها حلبها يوم وردها) حلبها قال النووي: هو بفتح اللام على اللغة المشهورة، وحكى إسكانها، وهو غريب ضعيف وإن كان هو القياس.
اهـ والمراد حلبها على الماء كما جاء في الرواية الرابعة والخامسة، ليسقي من لبنها أبناء السبيل والمساكين الذين ينزلون على الماء ليكون أسهل على المحتاج من قصد المنازل، وأرفق بالماشية.
قال ابن بطال: كانت عادة العرب التصدق باللبن على الماء، فكان الضعفاء يرصدون ذلك منهم.
وذكره الداودي بالجيم جلبها وفسره بالإحضار إلى المصدق، وجزم بأنه تصحيف، وفي المراد بالحق هنا خلاف يأتي في فقه الحديث.

( بطح لها بقاع قرقر) بطح مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير الذي لم يؤد زكاتها، أي بطح صاحبها لها أي ألقي على وجهه، وقيل: بسط وطرح ومد، وقد يكون على وجهه، وقد يكون على ظهره، وفي الرواية الرابعة وقعد بها بقاع قرقر وفاعل قعد صاحب الإبل.
ولعله يبطح تارة ويقعد أخرى وهي تطؤه مبطوحاً أو قاعداً، أو لعله يقعد فتنطحه بقرونها فيبطح فتطؤه.
والقاع المستوي الواسع من الأرض يعلوه ماء السماء فيمسكه، وجمعه قيعة وقيعان.
والقرقر المستوي أيضاً من الأرض الواسع وهو بفتح القافين، ذكره النووي.
والظاهر أن المراد بالقاع هنا الأرض المستوية المنخفضة عما حولها، وبالقرقر الواسعة، فوصف المكان بالانخفاض والسعة يبعد الهروب ويسمح بالتجمع الكثير والانحصار فيكون أنكى.
وقاع قرقر يحتمل تنوين قاع وعدم تنوينه على الوصف والإضافة.

( أوفر ما كانت) في الرواية الثانية كأوفر ما كانت وفي الرواية الرابعة أكثر ما كانت وفي الرواية السابعة أعظم ما كانت وأسمنه وفي رواية البخاري على خير ما كانت والمعنى على أحسن الحالات التي كانت عليها عند صاحبها مانع الزكاة، لأنها عنده على حالات، مرة هزيلة ومرة سمينة ومرة صغيرة ومرة كبيرة، ومرة قليلة، ومرة كثيرة.
فتأتي على أكملها ليكون ذلك أنكى له لثقلها.

( لا يفقد منها فصيلاً واحداً) هذا تأكيد لأوفر ما كانت من حيث الكثرة أي حتى مولودها الذي ذبح صغيراً يجيء على خير حالة عاش عليها وهذا هو المراد بالشيء في قوله عن البقر والغنم لا يفقد منها شيئاً وفاعل يفقد ضمير يعود على صاحبها.

( تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها) في الرواية الرابعة تستن عليه بقوائمها وأخفافها أي تجري عليه بأرجلها، وماضي تطأ وطئ، فحذفت الواو في المضارع، والأخفاف جمع خف، وهو للبعير بمنزلة الظلف للبقر والغنم والظباء، وكل ذي حافر منشق منقسم وبمنزلة القدم للآدمي والحافر للحمار والبغل والفرس.

( كلما مر عليه أولاها) قال النووي: هكذا هو في جميع الأصول في هذا الموضع.
قال القاضي عياض: قالوا: هو تغيير وتصحيف، وصوابه ما في الرواية التي بعده -روايتنا الثانية- كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها روايتنا السابعة كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها ووجه الخطأ في الرواية الأولى أنه إنما يرد الأول الذي قد مر من قبل، وأما الآخر فلم يمر بعد، فلا يقال: رد أخراها.

وقد حاول بعض العلماء توجيه هذه الرواية بأنه يحتمل أن المعنى أن أول الماشية تتلاحق حتى تصل إلى أخراها، ثم إذا أرادت الرجوع بدأت أخراها بالرجوع فتصير أول الرد، وهذا التوجيه حسن ومقبول إذا كانت الإبل ستتلاحق في صف مستقيم، فتكون الأخيرة عند الرد أولى مرة، وتكون الأولى عند الرد أولى مرة، ويصبح تقدير العبارة: كلما مر عليه أخراها حتى أولاها رد عليه أولاها.
لكن هذا التوجيه إن أصلح الرواية الأولى بهذا التصوير نقل الإشكال إلى الروايات الأخرى.
أما إذا كان تلاحق الإبل على هيئة دائرة فلا يقال: كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها، وإنما يقال: كلما مر عليه أخراها رد عليه أولاها.

( ليس فيها عقصاء، ولا جلحاء، ولا عضباء) في الرواية الرابعة ليس فيها جماء، ولا منكسر قرنها وكذا في الرواية الخامسة، والعقصاء ملتوية القرنين، والقرن الملتوي مثل الطوق لا ينكل مثل المدبب الذي يصيب بسنه مرة وبعرضه أخرى، والجلحاء التي لا قرن لها، والعضباء مكسورة القرن الداخلي، والجماء كالجلحاء لا قرن لها.

وليس معنى نفي وجود هذه الموصوفات استبعاد ما كانت من النعم كذلك في الدنيا، بل المراد حضورها كاملة الأعضاء، فمعنى قوله في الرواية الخامسة: وتنطحه ذات القرن بقرنها أي ما هي بطبيعتها ذات قرن سواء أكانت في دنياها بقرن أم لا.

( تنطحه بقرونها) تنطحه بكسر الطاء، ويجوز الفتح.

( الخيل ثلاثة) أي ثلاثة أصناف من حيث ما تعود به على أصحابها من خير وشر.

( فأما التي هي له وزر) قال النووي: هكذا هو في أكثر النسخ التي وقع في بعضها الذي وهو أوضح وأظهر.

( ونواء على أهل الإسلام) نواء بكسر النون، وبالمد، أي مناوأة ومعاداة.

( فرجل ربطها في سبيل الله) أي أعدها للجهاد، وأصله من الربط، ومنه الرباط، وهو حبس الرجل نفسه في الثغر، وإعداده الأهبة لذلك.

( في مرج وروضة) المرج بسكون الراء الأرض الواسعة ذات الزروع والمراعي الخضراء، والروضة البستان.

( ولا تقطع طولها) بكسر الطاء وفتح الواو، ويقال: طيلها بالياء، والطول والطيل الحبل الذي تربط فيه.

( فاستنت شرفاً أو شرفين) استنت أي جرت، والشرف بفتح الشين والراء: العالي من الأرض، أي جرت وارتفعت عالياً أو عاليين، وقيل: المراد شوطاً أو شوطين.

( ولا يريد أن يسقيها) جملة حالية من صاحبها سيقت لإثبات الأجر عند إرادة السقي من باب أولى، لأنه إذا حصل له هذه الحسنات من غير أن يقصد سقيها فإذا قصده فأولى بأضعاف الحسنات.

( هذه الآية الفاذة الجامعة) الفاذة قليلة النظير، والجامعة العامة المتناولة لكل خير ومعروف، أي لم ينزل فيها بعينها نص، لكن هذه الآية العامة { { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } } [الزلزلة: 7] .

( ما من صاحب كنز) في كتب اللغة: الكنز اسم للمال المدفون.
وقيل: هو الذي لا يدري من كنزه، وقال الطبري: هو كل شيء مجموع بعضه إلى بعض، في باطن الأرض كان أو على ظهرها.
وقال القرطبي: أصله الضم والجمع، ولا يختص ذلك بالذهب والفضة.

أما الكنز المستحق عليه الوعيد في الآية ففيه خلاف يأتي في فقه الحديث.

( الخيل في نواصيها الخير) أي في وجهها وفي مقدمها، فهو كناية عن اقتران الخير بها، وقد فسر هذا الخير في الحديث الصحيح بالأجر والمغنم.

( إلى يوم القيامة) الغاية خارجة، بل قيل: إن المراد إلى قبيل يوم القيامة بيسير.

( فلا تغيب شيئاً في بطونها) أي فلا تأكل شيئاً ولا تشرب شيئاً، فقوله ولو رعاها وقوله ولو سقاها تفسير لما قبلها.

( أشراً وبطراً وبذخاً ورياء الناس) الأشر بفتح الهمزة والشين هو المرح واللجاج، والبطر الطغيان عند الحق، والبذخ بفتح الباء والذال بمعنى الأشر والبطر.
قاله النووي.

( جاء كنزه يوم القيامة شجاعاً أقرع) في الرواية الخامسة تحول يوم القيامة شجاعاً أقرع وفي رواية البخاري: مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع أي صور له ماله أو ضمن مثل معنى التصيير.
والشجاع هنا الحية الذكر.
وقيل: نوع من الحيات يقوم على ذنبه ويواثب الفارس على فرسه.
والأقرع هنا قيل: الذي تمعط شعر رأسه وتلون لكثرة سمه.
وقيل: إنه الحية لا شعر برأسها.
فالأقرع الذي تمعط وتلون جلد رأسه لكثرة ما جمع فيها من السم.
وفي رواية البخاري له زبيبتان قيل: لحمتان على رأسه مثل القرنين.
وقيل نابان يخرجان من فيه.
وقيل نكتتان سودوان فوق عينيه.
وقيل: هما في حلقه مثل زنمتي العنز .

( يتبعه فاتحاً فاه) يوهمه بأن كنزه بداخل فمه ومعدته.

( فيناديه) الشجاع الأقرع يقول له:

( خذ كنزك) من جوفي.

( الذي خبأته) عن الناس والفقراء في الدنيا، وكنت تبخل به.

( فإذا رأى أنه لا بد منه) أي لا بد من الانقياد لأمر الشجاع.

( فقضمها قضم الفحل) الفحل الذكر من الأنعام.

( حلبها على الماء) لفظه لفظ الخبر، أي حقها على صاحبها حلبها على الماء ومعناه الأمر والطلب.
قاله النووي.

( وإعارة دلوها) أي الدلو الذي تسقى به، ويرفع لها فيه الماء.

( وإعارة فحلها) أي ذكرها، والمقصود من إعارته إعارته لمن عنده إناث لتذكيرها.
وهذا هو المراد من قوله في الرواية الخامسة: وإطراق فحلها أي جعله يطرق الأنثى عند غيره تكرماً.

( ومنيحتها) أي إعارة ذات اللبن ليحلب لبنها هدية وهبة.
قال أهل اللغة: المنيحة ضربان: أحدهما أن يعطي الإنسان آخر شيئاً هبة، وهذا النوع يكون في الحيوان والأرض والأثاث وغير ذلك.

الثاني أن المنيحة ناقة أو بقرة أو شاة ينتفع بلبنها ووبرها وصوفها وشعرها زماناً ثم يردها.

( فلم أتقار أن قمت) أي لم يمكني القرار والثبات فقمت.

( إلا من قال....
)
المراد من القول هنا الفعل، أي إلا من فعل بماله الكثير.

( هكذا.
وهكذا.
وهكذا)
الظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال هذه الكلمات كان يشير بيده إلى الأمام وإلى الخلف وإلى اليمين وإلى الشمال، وتكون هناك لفظة هكذا رابعة لم يذكرها الراوي، وعبارة من بين يديه ومن خلفه....
إلخ من كلام الراوي توضيحاً لإشارات الرسول صلى الله عليه وسلم، فالضمير فيها للرسول صلى الله عليه وسلم.

ويجوز أن تكون من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم توضيحاً لإشارته، فالضمير للمنفق.

والمقصود أن الأكثرين أموالهم الأخسرون إلا من أنفق في وجوه الخير المتعددة.

( كلما نفدت أخراها) قال النووي: هكذا ضبطناه نفدت بدال مهملة [وكسر الفاء] ، ونفذت بالذال المعجمة وفتح الفاء، وكلاهما صحيح.
اهـ.

( وعندي منه دينار إلا دينار) الرفع بدل من دينار الأولى، وفي بعض النسخ إلا ديناراً بالنصب على الاستثناء.

( ما أحب أن أحداً ذاك عندي ذهب) ذهب بالرفع خبر أن وفي بعض النسخ ذهباً بالنصب على التمييز، وعندي الخبر.

( أمسى ثالثة عندي منه دينار) أمسى بفتح السين فعل ماض، ودينار فاعل، أي أمسى ودخل في مساء الليلة الثالثة دينار من هذا الذهب عندي.

( هكذا.
حثا بين يديه....
)
عبارة الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا وهكذا وهكذا بلسانه مع الإشارة بيديه، وعبارة الراوي توضيحاً للإشارات حثا بين يديه وعن يمينه وعن شماله أي رمى ما يشبه القبضة إلى الجهات حوله.

( كما أنت) معمول لمحذوف تقديره ألزم وضعاً مشبهاً ما أنت عليه.

( سمعت لغطاً) بفتح الغين وسكونها، لغتان، أي جلبة وصوتاً غير مفهوم.

( عرض له) أي عرض له ما يؤذيه.

( وإن زنى وإن سرق) جواب الشرط محذوف، والتقدير: وإن زنى وإن سرق دخل الجنة؟، وخص الزنى والسرقة بالذكر لكونهما من أفحش الكبائر.

( تعاله) أصله تعال دخلت عليها هاء السكت.

( إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة) أي إن المكثرين مالاً في الدنيا هم المقلون حسنات يوم القيامة.

( إلا من أعطاه الله خيراً) أي مالاً.

( فنفخ فيه) كناية عن إنفاقه.

( وعمل فيه خيراً) أي طاعة لله.

( فأجلسني في قاع حوله حجارة) القاع المستوي من الأرض.

( فانطلق في الحرة) الحرة الأرض الملبسة حجارة سوداء.

( ما سمعت أحداً يرجع إليك شيئاً) أي يرجع إليك كلاماً ويرد عليك أي ما علمت أحداً معك تكلمه؟.

( بينا أنا في حلقة فيها ملأ من قريش) بين ظرف، زيدت عليه الألف أي بين أوقات قعودي في حلقة، والحلقة بإسكان الحاء، وحكى فتحها في لغة رديئة، والملأ الجماعة، ويطلق على الأشراف.

ورواية البخاري جلست إلى ملإ من قريش وهذا الجلوس والحلقة كان في مسجد المدينة، ففي بعض الروايات قدمت المدينة، فدخلت مسجدها.

( أخشن الثياب.
أخشن الجسد.
أخشن الوجه)
قال النووي: هو بالخاء والشين في الألفاظ الثلاثة، ونقله القاضي عياض هكذا عن الجمهور، وهو من الخشونة، وعند بعضهم في اللفظ الأخير حسن الوجه من الحسن، وعند البعض حسن الشعر والثياب والهيئة من الحسن، والأصوب خشن من الخشونة.

( فقام عليهم) أي وقف.

( بشر الكانزين) في رواية الإسماعيلي بشر الكنازين جمع كناز مبالغة كانز، وبشر في الأصل معناه أخبر بخبر يظهر أثره على البشرة من خير أو شر، لكنه غلب على الخير، وأصبح استعماله في الشر من قبيل التهكم، كما في قوله تعالى: { { وبشر الذين كفروا بعذاب أليم } } [التوبة: 3] .

( برضف يحمي عليه في نار جهنم) الرضف الحجارة المحماة، واحدها رضفة.

( فيوضع على حلمة ثدي أحدهم) الثدي يذكر ويؤنث.
والحلمة بفتح الحاء واللام هي طرف الثدي ورأسه، وفي بعض كتب اللغة: لا يقال: ثدي إلا في المرأة، ويقال في الرجل ثندوة.

( حتى يخرج من نغض كتفيه) نغض الكتف بضم النون وإسكان الغين بعدها ضاد هو العظم الرقيق الذي على طرف الكتف، وقيل: هو أعلى الكتف.
ويقال له أيضاً: الناغض، وقيل: النغضان اللتان ينغضان من أسفل الكتف فيتحركان إذا مشي.

( يتزلزل) أي يتحرك ويضطرب الرضف والحجارة المحماة في مرورها من حلمة الثدي إلى عظم الكتف.
فضمير الفاعل للرضف، وجعله بعضهم لنغض الكتف، والمعنى أنه يتهرى ويتحرك لنضجه بمرور الرضف.

قال القاضي عياض: والصواب أن الحركة والتزلزل إنما هو للرضف.

( فوضع القوم رءوسهم) أي خفضوها وأطرقوا، ولم يواجهوه.

( فأدبر واتبعته حتى جلس إلى سارية) وهي الاسطوانة أو العمود، والمعنى أنه أدبر وولى عن القوم ولم يخرج من المسجد، وفي رواية البخاري وأنا لا أدري من هو؟ وفي روايتنا الثانية عشرة ثم تنحى فقعد.
قال: قلت: من هذا؟ قالوا: هذا أبو ذر.
قال: فقمت إليه فهاتان الروايتان متعارضتان من حيث معرفة الأحنف له أو عدم معرفته له حين جلس إليه، والقول بتعدد الوقعة مستبعد، ولعل جملة وأنا لا أدري من هو في رواية البخاري مؤخرة من تقديم وترتيب الحديث قال كذا ثم ولى فجلس إلى سارية، وأنا لا أدري من هو؟ فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا أبو ذر.
فتبعته.

( ما رأيت هؤلاء القوم إلا كرهوا ما قلت لهم) في الرواية الثانية عشرة ما شيء سمعتك تقوله قبيل؟ أي قبيل مجيئك وجلوسك؟ وفي رواية البخاري لا أرى القوم إلا قد كرهوا الذي قلت؟

( قال: إن هؤلاء لا يعقلون شيئاً) حين يلهثون وراء المال والكنز، فالذين يفعلون ذلك لا يعقلون مصلحتهم ولا يعقلون هدف من ينهاهم، وقد فسر هذه الجملة في الحديث نفسه بقوله: ثم هؤلاء يجمعون الدنيا لا يعقلون شيئاً.
فهي من كلام أبي ذر، وليست من تتمة كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.

( فقال: أترى أحداً؟) أي أترى جبل أحد؟ وكانا قريبين منه.

( فنظرت ما علي من الشمس، وأنا أظن أنه يبعثني في حاجة له) في رواية البخاري فنظرت إلى الشمس ما بقي من النهار وكأن أبا ذر فهم من قوله: أترى أحداً؟ أنه إشارة إلى قرب نهاية النهار ودخول الظلمة والليل.

( مالك ولإخوتك من قريش؟) أي: أي شيء حصل لك وحصل لإخوتك من قريش حتى تهاجمهم هذا الهجوم.

( لا تعتريهم وتصيب منهم) في رواية الإسماعيلي لا تعتريهم ولا تصيب منهم.
يقال: عروته واعتريته واعتررته: إذا أتيته تطلب منه حاجة، ولا نافية والمراد النهي، أي لا تأتهم في مجالسهم ولا تصبهم، ولا تطلب منهم ما تطلب من عدم جمع المال.

( لا أسألهم عن دنيا) في رواية البخاري لا أسألهم دنيا قال النووي: الأجود حذف عن كما في رواية للبخاري، اهـ وفي رواية ثم قال: لا أسألهم شيئاً من متاعها.

( فمر أبو ذر وهو يقول) في الكلام طي، أي فمر أبو ذر، فوقف عليهم وهو يقول....

( بكي في ظهورهم....
إلخ)
يحتمل أن تكون الرواية في إحدى الروايتين بالمعنى، ويحتمل أن يكون أبو ذر قد قال كل ألفاظ الروايتين، فاقتصر الأحنف على جزء في كل منهما.

( ثم تنحى، فقعد) أي ثم تنحى وانصرف عن القوم.
فسألت القوم: من يكون؟ فقيل: أبو ذر، فجلس إلى سارية فاتبعته، فقلت له....
إلخ.

( ما شيء سمعتك تقول قبيل؟) قبيل بضم القاف وفتح الباء تصغير قبل ظرف مبني على الضم منقطع عن الإضافة، والأصل قبيل هذه اللحظة.

( قلت: ما تقول في هذا العطاء؟) كأن الأحنف خاف من التهديد والوعيد الذي رواه أبو ذر أن يشمل أعطيات الأمراء التي يقطعونها ويهبونها لأفراد المسلمين، وكان أبو ذر يرفض قبولها لنفسه، على أساس أنها مال المسلمين لا يملكها الأمير.

فقه الحديث

يؤخذ من الأحاديث:

1- من قوله في الرواية الأولى ما من صاحب ذهب ولا فضة.
إلخ وجوب الزكاة في الذهب والفضة.

قال النووي: هذا صريح في وجوب الزكاة في الذهب والفضة، ولا خلاف فيه؛ وكذا باقي المذكورات من الإبل والبقر والغنم.

2- وعن قوله ولا صاحب بقر قال النووي: هذا أصح الأحاديث الواردة في زكاة البقر، وفيه دليل على وجوب الزكاة في البقر.

3- ومن قوله أوفر ما كانت.
لا يفقد منها فصيلاً واحداً ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء شدة الوعيد بأنكى وأشد الأمور والأحوال، لأنها تكون عنده على حالات مختلفة من العظم والسمن والكثرة، والعقاب بأكمل حالاتها.

4- من قوله عن الخيل ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها أخذ أبو حنيفة وجوب الزكاة في الخيل، ومذهبه التفريق بين ما إذا كانت الخيل كلها ذكوراً فلا زكاة فيها، وبين ما إذا كانت إناثاً فقط، أو إناثاً وذكوراً فتجب فيها الزكاة، وهذا التفريق يضعف من استدلاله بالحديث لأن الحديث لم يفرق بين الذكور والإناث، ثم هو معارض بالحديث الصحيح الصريح الذي سبق في باب النصاب ومقدار الزكاة برقم [7] ولفظه ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة.

ومذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير العلماء أنه لا زكاة في الخيل بحال ويتأولون حديث الباب بعدة تأويلات:

( أ) يحتمل أن المراد بحق الله في ظهورها ورقابها الجهاد في سبيل الله والجهاد قد يكون واجباً بها إذا تعين.

( ب) ويحتمل أن يراد بحق الله في ظهورها إطراق فحلها إذا طلبت عاريته وهذا على الندب، ويراد بحق الله في رقابها الإحسان إليها، والقيام بعلفها وسائر مؤنها.

( جـ) ويحتمل أن المراد بحق الله في ظهورها ورقابها حق الله مما يكسب عن طريقها.

قالها النووي.
ومن المعلوم أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.

5- ومن قوله فشربت منه ولا يريد أن يسقيها....
إلخ، التنبيه بالأقل على الأكثر.
لأنه إذا كانت هذه الحسنات حاصلة له، من غير أن يقصد سقيها كان السقي مع القصد أولى بأضعاف الحسنات.

6- ومن قوله ما أنزل علي في الحمر شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة { { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } } الإشارة إلى التمسك بالعموم.

7- وقد يحتج به من قال: لا يجوز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان يحكم بالوحي، قال النووي: ويجاب للجمهور القائلين بجواز الاجتهاد بأنه لم يظهر له فيها شيء.
اهـ أي لم يتبين له وجه يجتهد به ويحكم، فجواز اجتهاده لا يوجب اجتهاده هنا.

8- ومن قوله في الرواية الثانية ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته...إلخ أخذ أن الكنز المتوعد عليه هو الذي لم تخرج منه الزكاة، وأن ما بقي بعد إخراج الزكاة لا وعيد على تملكه، وأن المال الذي لم يبلغ نصاباً لا يكون كنزاً.
قال الحافظ ابن حجر ملخصاً كلام ابن رشيد: مال لم تجب فيه الصدقة لا يسمى كنزاً، لأنه معفو عنه، فليكن ما أخرجت منه الزكاة كذلك، لأنه عفي عنه بإخراج ما وجب منه، فلا يسمى كنزاً.

ثم عرض الحافظ ابن حجر أحاديث تؤيد هذا فقال: أخرج مالك والشافعي عن ابن عمر موقوفاً: ما أدي زكاته فليس بكنز.
وأخرجه البيهقي بلفظ: كل ما أديت زكاته وإن كان تحت سبع أرضين فليس بكنز، وكل ما لا تؤدى زكاته فهو كنز وإن كان ظاهراً على وجه الأرض.
وأخرجه الحاكم عن جابر بلفظ: إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك.
وأخرجه أبو داود مرفوعاً بلفظ: إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم.
ثم نقل قول ابن عبد البر: والجمهور على أن الكنز المذموم ما لم تؤد زكاته، ولم يخالف في ذلك إلا طائفة من أهل الزهد كأبي ذر.
وسيأتي شرح ما ذهب إليه من ذلك قريباً.

ونقل النووي عن القاضي عياض قوله: اختلف السلف في المراد بالكنز المذكور في القرآن والحديث، فقال أكثرهم: هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد.
فأما مال أخرجت زكاته فليس بكنز وقيل: الكنز هو المذكور عن أهل اللغة ولكن الآية منسوخة بوجوب الزكاة.
وقيل: المراد بالآية: أهل الكتاب المذكورون قبل ذلك.
وقيل: كل ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز وإن أديت زكاته.
وقيل: هو ما فضل عن الحاجة، ولعل هذا كان في أول الإسلام وضيق الحال.
واتفق أئمة الفتوى على القول الأول، وهو الصحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته... وذكر عقابه، وفي الحديث الآخر عند البخاري: من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له شجاعاً أقرع....
وفي آخره، فيقول: أنا كنزك.
اهـ.

9- ومن قوله في الرواية الثانية الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة دليل على بقاء الإسلام والجهاد إلى يوم القيامة.

10- ومن ظاهر قوله في الرواية الرابعة والخامسة في حق الإبل حلبها على الماء وإعارة دلوها وإعارة فحلها ومنيحتها وحمل عليها في سبيل الله.
ظاهر هذا أن في المال حقاً سوى الزكاة.

قال المازري: يحتمل أن يكون هذا الحق في موضع ووقت تتعين فيه المواساة.

وقال القاضي عياض: لعل الحق كان قبل وجوب الزكاة.

وقال النووي: اختلف السلف في معنى قول الله تعالى: { { وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم } } [الذاريات: 19] فقال الجمهور: المراد به الزكاة، وأنه ليس في المال حق سوى الزكاة، وأما ما جاء غير ذلك فعلى وجه الندب ومكارم الأخلاق، لأن الآية إخبار عن وصف قوم أثنى عليهم بخصال كريمة، فلا يقتضي الوجوب كما لا يقتضيه قوله تعالى: { { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون } } [الذاريات: 17] فالمراد من الحق القدر الزائد على الواجب، ولا عقاب بتركه، وإنما ذكره في الحديث استطراداً، كأنه لما ذكر حقها الواجب أولاً أتبعه بكمال الحق، ولما ذكر ما يذم على فعله ذكر ما يمتدح بفعله.
وقال بعضهم: هي منسوخة بالزكاة.
وذهب جماعة إلى أن الآية محكمة، وأن في المال حقاً سوى الزكاة من فك الأسير وإطعام المضطر والمواساة في العسرة وصلة القرابة.
اهـ.

11- ومن قوله حلبها على الماء الرفق بالفقراء والمساكين، والحث على تيسير حصولهم على حقهم، فوصولهم إلى موضع السقي أسهل وأمكن من وصولهم إلى المنازل.

12- ومن قوله خذ كنزك الذي خبأته فأنا عنه غني، هذا مالك الذي كنت تبخل به.
أن من أنواع التعذيب يوم القيامة التقريع والتوبيخ والإيلام بالقول والفعل.

13- ومن الرواية الخامسة وما قبلها يؤخذ أن الله يحيي البهائم ليعاقب بها مانع الزكاة.

14- وأن العقاب من جنس العمل، وبنقيض القصد، لأنه منع حق الله منها لينتفع هو بما يمنعه فكان ما قصد الانتفاع به أضر الأشياء عليه.

قال الحافظ ابن حجر: والحكمة في كونها تعاد كلها مع أن حق الله فيها إنما هو في بعضها؛ أن الحق في جميع المال غير متميز، ولأن المال لما لم تخرج زكاته كان كله غير مطهر.

15- ومن قوله في الرواية السادسة هم الأخسرون ورب الكعبة جواز الحلف من غير تحليف.
قال النووي: بل هو مستحب إذا كان فيه مصلحة كتوكيد أمر وتحقيقه، ونفي المجاز عنه، وقد كثرت الأحاديث الصحيحة في حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا النوع لهذا المعنى.

16- ومن قوله في الرواية السادسة من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله الحث على الصدقة في وجوه الخير المتعددة، بحيث لا يقتصر على نوع واحد من وجوه الخير، بل يعدد الوجوه ما وجد إلى ذلك سبيلاً.

17- ومن قوله في الرواية الثامنة يا أبا ذر مناداة العالم والكبير صاحبه بكنيته إذا كان جليلاً.

18- ومن قوله في الرواية الثامنة أيضاً فهممت أن أتبعه، ثم ذكرت قوله: لا تبرح حتى آتيك، فانتظرته مدى التزام الصحابة بأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم ومدى حرصهم وخوفهم عليه صلى الله عليه وسلم.

19- وفي قوله قال: وإن زنى وإن سرق دليل لمذهب أهل الحق أنه لا يخلد في النار أصحاب الكبائر من المؤمنين، خلافاً للخوارج والمعتزلة.

20- ومن الرواية التاسعة من قوله: فقلت: أبو ذر جواز تسمية الإنسان نفسه بكنيته إذا كان مشهوراً بها وقد كثر مثله في الحديث.

21- ومن الرواية العاشرة زهد أبي ذر وتقشفه، وجرأته في دعوته إلى ما يعتقد أنه حق، من غير أن يخشى في الله لومة لائم.

قال النووي: والمعروف من مذهب أبي ذر أن الكنز كل ما فضل عن حاجة الإنسان.
اهـ.

أي إن كل مال مجموع يفضل عن القوت وسداد العيش فهو كنز يذم فاعله.
وحمل على ذلك الآية والأحاديث.

وقد روى البخاري قصته مع معاوية ومع عثمان ومع الملأ من قريش وحاصلها من واقع شرح الحافظ ابن حجر وغيره: أن أبا ذر كان قد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: إذا بلغ البناء بالمدينة سلعاً -جبل قريب من المدينة- فارتحل إلى الشام.
فلما بلغ البناء سلعاً في عهد عثمان ارتحل إلى الشام، فأقام بها فرأى ما عليه معاوية وأغنياء المسلمين من البذخ والإسراف في مظاهر الدنيا وبهجتها، وصورة فقراء المسلمين والمحتاجين في مخيلته، فاستقر عنده أن الإسلام لا يقبل هذا الوضع ولا يستسيغه، فدعا الأغنياء إلى بذل أموالهم مستدلاً بقوله تعالى: { { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون } } [التوبة: 34، 35] .
وكان يقول للناس: لا يبيتن عند أحدكم دينار ولا درهم إلا ما ينفقه في سبيل الله أو يعده لغريم.
وانتشر خبره في دمشق وانزعج المسلمون لدعوته، فدعاه معاوية وناقشه، وقال له إن الآيات نزلت في أهل الكتاب، فصدرها يقول: { { يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة....
}
}
إلخ الآية: قال له أبو ذر: نزلت فينا وفيهم.
وذكر له الأحاديث التي رواها الإمام مسلم -روايتنا السابعة وما بعدها- واشتد النقاش والجدل، وأبو ذر متمسك بقوله، فكتب معاوية إلى عثمان يقول: إن أبا ذر يفسد علينا، إن كان لك بالشام حاجة فابعث إليه.
فكتب إليه عثمان: أن أقدم علي.
فقدم، فدخل على عثمان، وهو يخشى أن يتهمه بأنه من الخوارج، فكشف أبو ذر رأسه، وقال: والله ما أنا منهم، سيماهم التحليق يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، والله لو أمرتني أن أقوم ما قعدت.
قال له عثمان: إنما أرسلنا إليك لتجاورنا بالمدينة.

لكن أبا ذر وقف مع أهل المدينة الموقف نفسه الذي وقفه مع أهل الشام وكان منه ما كان، وما جاء في رواياتنا، حتى أصبح الناس يفرون من لقائه وحتى اشتكوا إلى عثمان من إيذائه لهم، فدعاه عثمان وقال له: اختر مكاناً تقيم فيه وتنح عن المدينة، فاختار الربذة، وهي قرية بين مكة والمدينة، وكان يذهب إليها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل أهلها كانوا فقراء فعاش بينهم أبو ذر دون شكوى بقية حياته، ومات بها، رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

22- ومن قوله إلا دينار أرصده لدين جواز الاستقراض.

23- وتقديم وفاء الدين على صدقة التطوع.

24- والحث على وفاء الديون وأداء الأمانات.

25- وفيه الحض على إنفاق المال في الحياة وفي الصحة، وترجيحه على إنفاقه عند الموت، وذلك أن كثيراً من الأغنياء يشح بإخراج ما عنده مادام في عافية، فيأمل البقاء، ويخشى الفقر، فمن خالف شيطانه وقهر نفسه إيثاراً لثواب الآخرة فاز، ومن بخل بذلك لم يأمن الجور في الوصية، وإن سلم لم يأمن تأخير تنجيز ما أوصى به أو تركه أو غير ذلك من الآفات، ولا سيما إن خلف وارثاً غير موفق، فيبذره في أسرع وقت، ويبقى وباله على الذي جمعه.
ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح.