هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
158 حَدَّثَنَا عَبْدَانُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
158 حدثنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا يونس ، عن الزهري ، قال : أخبرني أبو إدريس ، أنه سمع أبا هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من توضأ فليستنثر ، ومن استجمر فليوتر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أبي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ .

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, Whoever performs ablution should clean his nose with water by putting the water in it and then blowing it out, and whoever cleans his private parts with stones should do it with odd number of stones.

0161 D’après Abu Hurayra, le Prophète dit : « Que celui qui fait des ablutions mineures rejette l’eau aspirée par le nez et que celui qui se nettoie les parties intimes avec des cailloux en emploie un nombre impair !«   

":"ہم سے عبدان نے بیان کیا ، کہا انہیں یونس نے زہری کے واسطے سے خبر دی ، کہا انہیں ابوادریس نے بتایا ، انھوں نے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے سنا ، وہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے نقل کرتے ہیں کہآپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا جو شخص وضو کرے اسے چاہیے کہ ناک صاف کرے اور جو پتھر سے استنجاء کرے اسے چاہیے کہ طاق عدد ( یعنی ایک یا تین یا پانچ ہی ) سے کرے ۔

0161 D’après Abu Hurayra, le Prophète dit : « Que celui qui fait des ablutions mineures rejette l’eau aspirée par le nez et que celui qui se nettoie les parties intimes avec des cailloux en emploie un nombre impair !«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [161] .

     قَوْلُهُ  أَبُو إِدْرِيسَ هُوَ الْخَوْلَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ بن الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِ عَنْ يُونُسَ أَبَا سَعِيدٍ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ .

     قَوْلُهُ  فَلْيَسْتَنْثِرْ ظَاهِرُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ فَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْشَاقِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهِ كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْر وبن الْمُنْذِرِ أَنْ يَقُولَ بِهِ فِي الِاسْتِنْثَارِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُغْنِي يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِذَلِكَ وَأَن مَشْرُوعِيَّة الِاسْتِنْشَاق لاتحصل الا بالاستنثار وَصرح بن بَطَّالٍ بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْثَارِ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلنَّدْبِ بِمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ فَأَحَالَهُ عَلَى الْآيَةِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الِاسْتِنْشَاقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْأَمْرِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ آيَةِ الْوُضُوءِ فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَلَمْ يَحْكِ أَحَدٌ مِمَّنْ وَصَفَ وُضُوءَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِنْشَاقَ بَلْ وَلَا الْمَضْمَضَةَ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ لَمْ يُوجِبِ الْمَضْمَضَةَ أَيْضًا وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِهَا أَيْضًا فِي سُنَنِ أبي دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح وَذكر بن الْمُنْذِرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَحْتَجَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِنْشَاقِ مَعَ صِحَّةِ الْأَمْرِ بِهِ إِلَّا لِكَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ تَارِكَهُ لَا يُعِيدُ وَهَذَا دَلِيلٌ قَوِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يُحْفَظُ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ إِلَّا عَنْ عَطَاءٍ وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَن إِيجَاب الاعاده ذكره كُله بن الْمُنْذِرِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَدَدًا وَقَدْ وَرَدَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَلَفْظُهُ وَإِذَا اسْتَنْثَرَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وِتْرًا أَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَأَصْلُهُ لِمُسْلِمٍ وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِنْثَارِ فِي الْوُضُوءِ التَّنْظِيفُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَعُونَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ بِتَنْقِيَةِ مَجْرَى النَّفَسِ تَصِحُّ مَخَارِجُ الْحُرُوفِ وَيُزَادُ لِلْمُسْتَيْقِظِ بِأَنَّ ذَلِكَ لِطَرْدِ الشَّيْطَانِ وَسَنَذْكُرُ بَاقِيَ مَبَاحِثِهِ فِي مَكَانِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَمَنِ اسْتَجْمَرَ أَيْ اسْتَعْمَلَ الْجِمَارَ وَهِيَ الْحِجَارَةُ الصِّغَارُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْعَلَى اسْتِعْمَالِ الْبَخُورِ فَإِنَّهُ يُقَالُ فِيهِ تَجَمَّرَ واستجمر حَكَاهُ بن حبيب عَن بن عمر وَلَا يَصح عَنهُ وبن عبد الْبر عَن مَالك وروى بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْهُ خِلَافَهُ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَيْضًا بِمُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ فَلْيُوتِرْ فِي الْكَلَام على حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ نَفَى وُجُوبَ الِاسْتِنْجَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِلْإِتْيَانِ فِيهِ بِحَرْفِ الشَّرْطِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ أَو بالأحجار وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ الِاسْتِجْمَارِ وِتْرًا) اسْتَشْكَلَ إِدْخَالُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي أَثْنَاءِ أَبْوَابِ الْوُضُوءِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِالِاسْتِشْكَالِ فَإِنَّ أَبْوَابَ الِاسْتِطَابَةِ لَمْ تَتَمَيَّزْ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ لِتَلَازُمِهِمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّنْ دُونَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرْتُ تَوْجِيهَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [161] حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ».
[الحديث طرفه في: 162] .
وبه قال ( حدّثنا عبدان) اسمه عبد الله بن عثمان المروزي ( قال: أخبرنا عبد الله) أي ابن المبارك ( قال: أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( قال: أخبرني) بالتوحيد ( أبو إدريس) عائذ الله بالهمزة والذال المعجمة ابن عبد الله الخولاني بالمعجمة التابعي الجليل قاضي دمشق لمعاوية المتوفى سنة ثمانين.
( أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه ( عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) وفي رواية أبوي الوقت وذر عن المستملي أنه قال: ( من توضأ فليستنثر) بأن يخرج ما في أنفه من أذى بعد الاستنشاق لما فيه من تنقية مجرى النفس الذي به تلاوة القرآن وبإزالة ما فيه من الثفل تصح مجاري الحروف، وفيه طرد الشيطان لما عند المؤلف رحمه الله تعالى في بدء الخلق: إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثًا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه، والخيشوم أعلى الأنف ونوم الشيطان عليه حقيقة أو هو على الاستعارة لأن ما ينعقد من الغبار ورطوبة الخياشيم قذارة توافق الشياطين فهو على عادة العرب في نسبتهم المستخبث والمستبشع إلى الشيطان، أو ذلك عبارة عن تكسيله عن القيام إلى الصلاة ولا مانع من حمله على الحقيقة، وهل مبيته لعموم النائمين أو مخصوص بمن لم يفعل ما يحترس به في منامه كقراءة آية الكرسي وظاهر الأمر فيه للوجوب فيلزم من قال بوجوب الاستنشاق لورود الأمر به كأحمد وإسحاق وغيرهما أن يقول به في الاستنثار.
وظاهر كلام صاحب المغني من الحنابلة أنهم يقولون بذلك، وأن مشروعية الاستنشاق لا تحصل إلا بالاستنثار وقول العيني: إن الإجماع قائم على عدم وجوبه، يردّه تصريح ابن بطال بأن بعض العلماء قال بوجوبه، وقال الجمهور: إن الأمر فيه للندب مستدلين له بما أخرجه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للأعرابي: من توضأ كما أمر الله فأحال على الآية وليس فيها ذكر الاستنشاق.
( ومن استجمر) أي مسح محل النجو بالجمار وهي الأحجار الصغار ( فليوتر) وحمله بعضهم على استعمال البخور، فإنه يقال تجمر واستجمر أي فليأخذ ثلاث قطع من الطيب ويتطيب ثلاثًا أو أكثر وترًا حكاه ابن حبيب عن ابن عمرو لا يصح، وكذا حكاه ابن عبد البرّ عن مالك، وروى ابن خزيمة في صحيحه عنه خلافه والأظهر الأوّل.
26 - باب الاِسْتِجْمَارِ وِتْرًا ( باب الاستجمار) بالأحجار حال كونه ( وترًا) .
162 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْثُرْ.
وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ.
وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ».
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) إمام دار الهجرة ابن أنس الأصبحي ( عن أبي الزناد) بكسر الزاي وبالنون واسمه عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ( إذا توضأ) أي إذا أراد أن يتوضأ ( أحدكم فليجعل في أنفه) كذا في فرع اليونينية كهي بحذف المفعول لدلالة الكلام عليه وهو رواية الأكثرين أي فليجعل في أنفه ماء، ولأبي ذر إثباته كمسلم من رواية سفيان عن أبي الزناد ( ثم لينثر) بمثلثة مضمومة بعد النون الساكنة من باب الثلاثي المجرد، ولأبي ذر والأصيلي ثم لينتثر على وزن ليفتعل من باب الافتعال.
يقال: نثر الرجل وانتثر إذا حرك النثرة وهي طرف الأنف في الطهارة، ( ومن استجمر) بالأحجار ( فليوتر) بثلاث أو خمس أو سبع أو غير ذلك، والواجب الثلاثة لحديث مسلم: لا يستنجي أحدكم بأقل من ثلاثة أحجار، فأخذ بهذا الحديث الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث، فاشترطوا أن لا ينقص من الثلاثة فإن حصل الإنقاء بها وإلا وجبت الزيادة، واستحب الإيتار إن حصل الإنقاء بشفع للحديث الصحيح: "ومن استجمر فليوتر" وليس بواجب لزيادة لأبي داود بإسناد حسن قال: ومن لا فلا حرج والمدار عند المالكية والحنفية على أن الإنقاء حيث وجد اقتصر عليه.
( وإذا استيقظ أحدكم من نومه) عطف على قوله: إذا توضأ ( فليغسل) ندبًا ( يده) بالإفراد وفي مسلم ثلاثًا ( قبل أن يدخلها) أي قبل إدخالها ( في) دون القلتين من ( وضوئه) بفتح الواو وهو الماء الذي يتوضأ به، وللكشميهني كمسلم قبل أن يدخلها في الإناء وهو ظرف الماء المعد للوضوء لا يبلغ قلتين، ( فإن أحدكم لا يدري أين باتتيده) من جسده أي: هل لاقت مكانًا طاهرًا منه أو نجسًا بثرة أو جرحًا أو أثر الاستنجاء بالأحجار بعد بلل المحل أو اليد بنحو عرق، ومفهومه أن من درى أين باتت يده كمن لفّ عليها خرقة مثلاً فاستيقظ وهي على حالها أنه لا كراهة.
نعم يستحب غسلهما في الماء القليل، فقد صح عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غسلهما قبل إدخالهما في الإناء في حالة اليقظة فاستحبابه بعد النوم أولى، ومن قال كمالك إن الأمر للتعبد لا يفرق بين شاكٍّ ومتيقن، والأمر في قوله: فليغسل للندب عند الجمهور، فإنه علّله بالشك في قوله: فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده، والأمر المضمن بالشك لا يكون واجبًا في هذا الحكم استصحابًا لأصل الطهارة، وحمله الإمام أحمد رحمه الله على الوجوب في نوم الليل دون نوم النهار لقوله في آخر الحديث: أين باتت يده، لأن حقيقة المبيت تكون في الليل، ووقع التصريح به في رواية أبي داود بلفظ: إذا قام أحدكم من الليل، وكذا عند الترمذي وأجيب: بأن التعليل يقتضي إلحاق نوم النهار بنوم الليل، وإنما خصّ نوم الليل بالذكر للغلبة.
قال الرافعي في شرح المسند: يمكن أن يقال الكراهة في الغمس لمن نام ليلاً أشد منها لمن نام نهارًا لأن الاحتمال في نوم الليل أقرب لطوله عادة وليس الحكم مختصًّاً بالنوم، بل المعتبر الشك في نجاسة اليد، واتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضرّ الماء خلافًا لإسحاق وداود وغيرهما، وحيث ثبتت الكراهة فلا تزول إلا بتثليث الغسل كما نص عليه في البويطي، وهي المطلوبة عند كل وضوء.
قال الإمام: حتى لو كان يتوضأ من قمقمة فيستحب غسلها احتياطًا لتوقع خبث وإن بعد لا للحدث واحترز بالإناء عن البرك والحياض، ويستفاد من الحديث استحباب غسل النجاسات ثلاثًا لأنه إذا أمر به في المشكوك ففي المحقق أولى، والأخذ بالاحتياط في العبادات وأن الماء ينجس بورود النجاسة عليه وفي الإضافة إلى المخاطبين في قوله: فإن أحدكم إشارة إلى مخالفة نومه عليه الصلاة والسلام لذلك فإن عينه تنام ولا ينام قلبه.
وهذا الحديث أخرجه الستة، وهاهنا تنبيه وهو أنه ينبغي للسامع لأقواله عليه الصلاة والسلام أن يتلقاها بالقبول ودفع الخواطر الرادّة لها، فقد بلغنا أن شخصًا سمع هذا الحديث فقال: وأين تبيت يده منه فاستيقظ من النوم ويده داخل دبره محشوّة فتاب عن ذلك وأقلع، فنسأل الله تعالى أن يحفظ قلوبنا من الخواطر الرديئة والله الموفّق.
27 - باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلاَ يَمْسَحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ ( باب غسل الرجلين) زاد أبو ذر فيما أفاده في الفتح ( ولا يمسح على القدمين) أي إذا كانتا عاريتين وهي كذا في الفرع ثابتة من غير تعيين.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [161] حدّثنا عَبْدَانُ قَالَ أخْبرنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أخْبرنا يُونسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبرني أبُو إدْرِيسَ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَن النَّبيِّ صلى الله عليْه وَسلم أنَّهُ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ومَنِ اسْتجْمَرَ فَلْيُوتِرْ.
( الحَدِيث 161 طرفه فِي: 162) .
مُطَابقَة الحَدِيث فِي قَوْله: ( من تَوَضَّأ فليستنثر) .
بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة.
الأول: عَبْدَانِ هُوَ لقب ابْن عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي.
الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك.
الثَّالِث: يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: أَبُو إِدْرِيس عَائِذ الله بِالْهَمْزَةِ والذال الْمُعْجَمَة: ابْن عبد الله الْخَولَانِيّ، بِالْمُعْجَمَةِ، التَّابِعِيّ الْجَلِيل الْقدر، الْكَبِير الشَّأْن، كَانَ قَاضِيا بِدِمَشْق لمعاوية مَاتَ سنة ثَمَانِينَ.
السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فالأربعة الأول تقدم ذكرهم بِهَذَا التَّرْتِيب فِي كتاب الْوَحْي، وَأَبُو إِدْرِيس مر ذكره فِي كتاب الْإِيمَان.
بَيَان لطائف اسناده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار بِصِيغَة الجمة والإفراد وَالسَّمَاع.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين مروزي وأيلي ومدني وشامي.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ: الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس.
بَيَان من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ بِهِ، وَعَن سعيد بن مَنْصُور عَن حسان بن إِبْرَاهِيم وَعَن حَرْمَلَة ابْن يحيى عَن ابْن وهب، كِلَاهُمَا عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد، كِلَاهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَعَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن ابْن مهْدي وَابْن مَاجَه أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن زيد ابْن الْحباب وَدَاوُد بن عبد الله الْجَعْفَرِي أربعتهم عَن مَالك بِهِ،.

     وَقَالَ  ابْن الفلكي: رَوَاهُ كَامِل بن طَلْحَة الجحدري عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي.
قَالَ ابو احْمَد الْحَافِظ: إِن كَامِلا أَخطَأ فِيهِ.
بَيَان إعرابه وَمَعْنَاهُ قَوْله: ( من تَوَضَّأ) كلمة: من، مَوْصُولَة تَتَضَمَّن معنى الشَّرْط.
وَقَوله: ( فليستنثر) جَوَاب الشَّرْط، فَلذَلِك دَخلته الْفَاء، وَكَذَلِكَ قَوْله: ( وَمن استجمر فليوتر) .
قَوْله: ( فليستنثر) أَي: فَليخْرجْ المَاء من الْأنف بعد الِاسْتِنْشَاق مَعَ مَا فِي الْأنف من مخاط وغبار، وَشبهه، قيل ذَلِك لما فِيهِ من المعونة على الْقِرَاءَة وتنقية مجْرى النَّفس الَّذِي بِهِ التِّلَاوَة، وبإزالة مَا فِيهِ من التفل تصح مجاري الْحُرُوف، وَيُقَال: الْحِكْمَة فِيهِ التَّنْظِيف وطرد الشَّيْطَان، لِأَنَّهُ روى فِي رِوَايَة عِيسَى بن طَلْحَة عَن أبي هُرَيْرَة أخرجهَا البُخَارِيّ فِي بَدْء الْخلق: ( إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من مَنَامه فَليَتَوَضَّأ فليستنثر ثَلَاثًا، فَإِن الشَّيْطَان يبيت على خيشومه) .
قَوْله: ( وَمن استجمر) من الِاسْتِجْمَار، وَهُوَ مسح مَحل الْبَوْل وَالْغَائِط بالجمار، وَهِي: الْأَحْجَار الصغار، وَيُقَال:26 - ( بابُ الاسْتجْمَارِ وِتْراً) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الِاسْتِجْمَار وترا، وَقد مر تَفْسِير الِاسْتِجْمَار فِي الْبَاب السَّابِق، وَالْوتر خلاف الشفع، وانتصابه على الْحَال.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَدِيث إِن الْمَذْكُور فِي الْبَاب السَّابِق حكمان: أَحدهمَا: الاستنثار.
وَالْآخر الِاسْتِجْمَار وترا، وَكَانَ الْبَاب مَقْصُورا على الحكم الأول.
وَهَذَا الْبَاب الْمَذْكُور فِيهِ ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحدهمَا: الِاسْتِجْمَار وترا فاقتضت الْمُنَاسبَة أَن يعْقد بَابا على الحكم.
الآخر: الَّذِي عقد لقرينه وَلم يعْقد لَهُ لِأَن مَا فِيهِ حكمان أَو أَكثر ذكر بَعْضهَا تلو بعض من وُجُوه الْمُنَاسبَة، وَلَا يلْزم أَن تكون الْمُنَاسبَة فِي الذّكر بَين الشَّيْئَيْنِ من كل وَجه، سِيمَا فِي كتاب يشْتَمل على أَبْوَاب كَثِيرَة، وَالْمَقْصُود مِنْهَا عقد التراجم، فَانْدفع بِهَذَا كَلَام من يَقُول: تَخْلِيل هَذَا الْبَاب بَين أَبْوَاب الْوضُوء، وَهُوَ بَاب الِاسْتِنْجَاء، ومرتبته التَّقْدِيم على أَبْوَاب الْوضُوء غير موجه.
وَجَوَاب الْكرْمَانِي، بقوله: مُعظم نظر البُخَارِيّ إِلَى نقل الحَدِيث، وَإِلَى مَا يتَعَلَّق بِتَصْحِيحِهِ غير مهتم بتحسين الْوَضع وتزيين تَرْتِيب الْأَبْوَاب، لِأَن أمره سهل غير مرضِي، وَلَا هُوَ عذر يقبل مِنْهُ.
وَكَذَا قَول بَعضهم: لِأَن أَبْوَاب الاستطابة لم تتَمَيَّز فِي هَذَا الْكتاب عَن أَبْوَاب صفة الْوضُوء لتلازمها، وَيحْتَمل أَن يكون ذكل مِمَّن دون المُصَنّف.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الِاسْتِنْثَارِ)
هُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ النَّثْرِ بِالنُّونِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ طَرْحُ الْمَاءِ الَّذِي يَسْتَنْشِقُهُ الْمُتَوَضِّئُ أَيْ يَجْذِبُهُ بِرِيحِ أَنْفِهِ لِتَنْظِيفِ مَا فِي دَاخِلِهِ فَيَخْرُجُ بِرِيحِ أَنْفِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِعَانَةِ يَدِهِ أَمْ لَا وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهِيَةُ فِعْلِهِ بِغَيْرِ الْيَدِ لِكَوْنِهِ يُشْبِهُ فِعْلَ الدَّابَّةِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَإِذَا اسْتَنْثَرَ بِيَدِهِ فالمستحب أَن يكون باليسرى بَوَّبَ عَلَيْهِ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُقَيَّدًا بِهَا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ .

     قَوْلُهُ  ذَكَرَهُ أَيْ رَوَى الِاسْتِنْثَارَ عُثْمَانُ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زيد وَسَيَأْتِي حَدِيثه قَوْله وبن عَبَّاسٍ تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ فِي بَابِ غَسْلِ الْوَجْهِ مِنْ غَرْفَةٍ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الِاسْتِنْثَارِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِهِ مَرْفُوعًا اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلِأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَاسْتَنْثَرَ فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ

[ قــ :158 ... غــ :161] .

     قَوْلُهُ  أَبُو إِدْرِيسَ هُوَ الْخَوْلَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ بن الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِ عَنْ يُونُسَ أَبَا سَعِيدٍ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ .

     قَوْلُهُ  فَلْيَسْتَنْثِرْ ظَاهِرُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ فَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْشَاقِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهِ كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْر وبن الْمُنْذِرِ أَنْ يَقُولَ بِهِ فِي الِاسْتِنْثَارِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُغْنِي يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِذَلِكَ وَأَن مَشْرُوعِيَّة الِاسْتِنْشَاق لاتحصل الا بالاستنثار وَصرح بن بَطَّالٍ بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْثَارِ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلنَّدْبِ بِمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ فَأَحَالَهُ عَلَى الْآيَةِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الِاسْتِنْشَاقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْأَمْرِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ آيَةِ الْوُضُوءِ فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَلَمْ يَحْكِ أَحَدٌ مِمَّنْ وَصَفَ وُضُوءَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِنْشَاقَ بَلْ وَلَا الْمَضْمَضَةَ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ لَمْ يُوجِبِ الْمَضْمَضَةَ أَيْضًا وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِهَا أَيْضًا فِي سُنَنِ أبي دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح وَذكر بن الْمُنْذِرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَحْتَجَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِنْشَاقِ مَعَ صِحَّةِ الْأَمْرِ بِهِ إِلَّا لِكَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ تَارِكَهُ لَا يُعِيدُ وَهَذَا دَلِيلٌ قَوِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يُحْفَظُ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ إِلَّا عَنْ عَطَاءٍ وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَن إِيجَاب الاعاده ذكره كُله بن الْمُنْذِرِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَدَدًا وَقَدْ وَرَدَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَلَفْظُهُ وَإِذَا اسْتَنْثَرَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وِتْرًا أَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَأَصْلُهُ لِمُسْلِمٍ وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِنْثَارِ فِي الْوُضُوءِ التَّنْظِيفُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَعُونَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ بِتَنْقِيَةِ مَجْرَى النَّفَسِ تَصِحُّ مَخَارِجُ الْحُرُوفِ وَيُزَادُ لِلْمُسْتَيْقِظِ بِأَنَّ ذَلِكَ لِطَرْدِ الشَّيْطَانِ وَسَنَذْكُرُ بَاقِيَ مَبَاحِثِهِ فِي مَكَانِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَمَنِ اسْتَجْمَرَ أَيْ اسْتَعْمَلَ الْجِمَارَ وَهِيَ الْحِجَارَةُ الصِّغَارُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْبَخُورِ فَإِنَّهُ يُقَالُ فِيهِ تَجَمَّرَ واستجمر حَكَاهُ بن حبيب عَن بن عمر وَلَا يَصح عَنهُ وبن عبد الْبر عَن مَالك وروى بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْهُ خِلَافَهُ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَيْضًا بِمُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ فَلْيُوتِرْ فِي الْكَلَام على حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ نَفَى وُجُوبَ الِاسْتِنْجَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِلْإِتْيَانِ فِيهِ بِحَرْفِ الشَّرْطِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ أَو بالأحجار وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الاِسْتِنْثَارِ فِي الْوُضُوءِ
ذَكَرَهُ عُثْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهم- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( باب الاستنثار في الوضوء) وهو دفع الماء الذي يستنشقه المتوضئ أي يجذبه بريح أنفه لتنظيف ما في داخله فيخرجه بريح أنفه سواء كان بإعانة يده أم لا ( ذكره) أي الاستنثار ( عثمان) بن عفان رضي الله عنه فيما رواه المؤلف موصولاً في باب مسح الرأس كله كما تقدم، ( وعبد الله بن زيد) فيما وصله المؤلف فيما سيأتي إن شاء الله تعالى، ( وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، وفي رواية ابن عساكر والأصيلي وعبد الله بن عباس وتقدم حديثه موصولاً عند المؤلف، في باب غسل الوجه من غرفة، لكن ليس فيه ذكر الاستنثار، قال في الفتح: كأن المصنف أشار بذلك إلى ما رواه أحمد وأبو داود والحاكم من حديثه موقوفًا استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثًا.

[ قــ :158 ... غــ : 161 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ».
[الحديث 161 - طرفه في: 162] .

وبه قال ( حدّثنا عبدان) اسمه عبد الله بن عثمان المروزي ( قال: أخبرنا عبد الله) أي ابن المبارك ( قال: أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( قال: أخبرني) بالتوحيد ( أبو إدريس) عائذ الله بالهمزة والذال المعجمة ابن عبد الله الخولاني بالمعجمة التابعي الجليل قاضي دمشق لمعاوية المتوفى سنة ثمانين.


( أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه ( عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) وفي رواية أبوي الوقت وذر عن المستملي أنه قال: ( من توضأ فليستنثر) بأن يخرج ما في أنفه من أذى بعد الاستنشاق لما فيه من تنقية مجرى النفس الذي به تلاوة القرآن وبإزالة ما فيه من الثفل تصح مجاري الحروف، وفيه طرد الشيطان لما عند المؤلف رحمه الله تعالى في بدء الخلق: إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثًا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه، والخيشوم أعلى الأنف ونوم الشيطان عليه حقيقة أو هو على الاستعارة لأن ما ينعقد من الغبار ورطوبة الخياشيم قذارة توافق الشياطين فهو على عادة العرب في نسبتهم المستخبث والمستبشع إلى الشيطان، أو ذلك عبارة عن تكسيله عن القيام إلى الصلاة ولا مانع من حمله على الحقيقة، وهل مبيته لعموم النائمين أو مخصوص بمن لم يفعل ما يحترس به في منامه كقراءة آية الكرسي وظاهر الأمر فيه للوجوب فيلزم من قال بوجوب الاستنشاق لورود الأمر به كأحمد وإسحاق وغيرهما أن يقول به في الاستنثار.
وظاهر كلام صاحب المغني من الحنابلة أنهم يقولون بذلك، وأن مشروعية الاستنشاق لا تحصل إلا بالاستنثار وقول العيني: إن الإجماع قائم على عدم وجوبه، يردّه تصريح ابن بطال بأن بعض العلماء قال بوجوبه، وقال الجمهور: إن الأمر فيه للندب مستدلين له بما أخرجه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للأعرابي: من توضأ كما أمر الله فأحال على الآية وليس فيها ذكر الاستنشاق.

( ومن استجمر) أي مسح محل النجو بالجمار وهي الأحجار الصغار ( فليوتر) وحمله بعضهم على استعمال البخور، فإنه يقال تجمر واستجمر أي فليأخذ ثلاث قطع من الطيب ويتطيب ثلاثًا أو أكثر وترًا حكاه ابن حبيب عن ابن عمرو لا يصح، وكذا حكاه ابن عبد البرّ عن مالك، وروى ابن خزيمة في صحيحه عنه خلافه والأظهر الأوّل.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الاستنثار فِي الْوضُوء، والاستنثار استفعال من النثر، بالنُّون والثاء الْمُثَلَّثَة، وَالْمرَاد بِهِ الِاسْتِنْشَاق، وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ فِي الْبابُُ الَّذِي قبله.

وَوجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي هَذَا الْبابُُ بعض الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول.

ذكَرَهُ عثْمانُ وعَبْدُ اللَّهِ بنُ زَيْدٍ وابنُ عَباس رَضِي اللَّهُ عَنْهُمْ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

أَي: ذكر الاستنثار فِي الْوضُوء عُثْمَان بن عَفَّان وَعبد الله بن زيد بن عَاصِم وَعبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَالْمعْنَى أَن هَؤُلَاءِ رووا الاستنثار فِي الْوضُوء.
أما الَّذِي رَوَاهُ عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فقد أخرجه مَوْصُولا فِي الْبابُُ الَّذِي قبله، وَأما الَّذِي رَوَاهُ عبد الله بن زيد فقد أخرجه مَوْصُولا فِي بابُُ مسح الرَّأْس كُله، وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فقد أخرجه مَوْصُولا فِي بابُُ غسل الْوَجْه من غرفَة،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الاستنثار، وَكَانَ المُصَنّف أَشَارَ بذلك إِلَى مَا رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم من حَدِيثه مَرْفُوعا: ( استنثروا مرَّتَيْنِ بالغتين أَو ثَلَاثًا) ، وَلأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: ( إِذا تَوَضَّأ أحدكُم واستنثر فَلْيفْعَل ذَلِك مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا) ، وَإِسْنَاده حسن قلت: لَيْسَ الْأَمر كَمَا ذكره، بل فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ ذكر الاستنثار، فَإِن فِي بعض النّسخ ذكر: واستنثر، مَوضِع قَوْله: واستنشق، وَقَوله: وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بذلك إِلَى مَا رَوَاهُ أَحْمد ... إِلَى آخِره، بعيد على مَا لَا يخفى، وَحَدِيث ابي دَاوُد أخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا، وَذكر الْخلال عَن أَحْمد أَنه قَالَ: فِي إِسْنَاده شَيْء، وَذكره الْحَاكِم فِي الشواهد وَابْن الْجَارُود فِي الْمُنْتَقى،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : وَكَانَ يَنْبَغِي للْبُخَارِيّ إِذا عدرواة الاستنثار أَن يذكر بعد حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ من صَحِيح مُسلم، وَحَدِيث عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من ( صَحِيح) ابْن حبَان، وَحَدِيث وَائِل بن حجر وَسَنَده جيد عِنْد الْبَزَّار، وَحَدِيث لَقِيط بن صبرَة وَقد تقدم، وَكَذَا حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَحَدِيث الْبَراء بن عَازِب روينَاهُ فِي كتاب ( الْحِلْية) لأبي نعيم بِسَنَد جيد، وَحَدِيث سَلمَة بن قيس، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح، وَحَدِيث أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي رَوَاهُ كَامِل بن طَلْحَة الجحدري عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس عَنهُ، قَالَ ابو احْمَد الْحَاكِم: أَخطَأ فِيهِ كَامِل، وَحَدِيث الْمِقْدَام بن معدي كرب بِسَنَد جيد عِنْد ابي دَاوُد.
قلت: لم يظْهر لي وَجه قَوْله: وَكَانَ يَنْبَغِي، فَإِن البُخَارِيّ مَا الْتزم بِذكر أَحَادِيث الْبابُُ، وَلَا بتخريج كل حَدِيث صَحِيح، وَكم من صَحِيح عِنْد غَيره فَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيح عِنْده.



[ قــ :158 ... غــ :161 ]
- حدّثنا عَبْدَانُ قَالَ أخْبرنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أخْبرنا يُونسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبرني أبُو إدْرِيسَ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَن النَّبيِّ صلى الله عليْه وَسلم أنَّهُ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ومَنِ اسْتجْمَرَ فَلْيُوتِرْ.

( الحَدِيث 161 طرفه فِي: 162) .

مُطَابقَة الحَدِيث فِي قَوْله: ( من تَوَضَّأ فليستنثر) .

بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة.
الأول: عَبْدَانِ هُوَ لقب ابْن عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي.
الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك.
الثَّالِث: يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: أَبُو إِدْرِيس عَائِذ الله بِالْهَمْزَةِ والذال الْمُعْجَمَة: ابْن عبد الله الْخَولَانِيّ، بِالْمُعْجَمَةِ، التَّابِعِيّ الْجَلِيل الْقدر، الْكَبِير الشَّأْن، كَانَ قَاضِيا بِدِمَشْق لمعاوية مَاتَ سنة ثَمَانِينَ.
السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فالأربعة الأول تقدم ذكرهم بِهَذَا التَّرْتِيب فِي كتاب الْوَحْي، وَأَبُو إِدْرِيس مر ذكره فِي كتاب الْإِيمَان.

بَيَان لطائف اسناده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار بِصِيغَة الجمة والإفراد وَالسَّمَاع.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين مروزي وأيلي ومدني وشامي.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ: الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس.

بَيَان من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ بِهِ، وَعَن سعيد بن مَنْصُور عَن حسان بن إِبْرَاهِيم وَعَن حَرْمَلَة ابْن يحيى عَن ابْن وهب، كِلَاهُمَا عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد، كِلَاهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَعَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن ابْن مهْدي وَابْن مَاجَه أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن زيد ابْن الْحبابُ وَدَاوُد بن عبد الله الْجَعْفَرِي أربعتهم عَن مَالك بِهِ،.

     وَقَالَ  ابْن الفلكي: رَوَاهُ كَامِل بن طَلْحَة الجحدري عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي.
قَالَ ابو احْمَد الْحَافِظ: إِن كَامِلا أَخطَأ فِيهِ.

بَيَان إعرابه وَمَعْنَاهُ قَوْله: ( من تَوَضَّأ) كلمة: من، مَوْصُولَة تَتَضَمَّن معنى الشَّرْط.
وَقَوله: ( فليستنثر) جَوَاب الشَّرْط، فَلذَلِك دَخلته الْفَاء، وَكَذَلِكَ قَوْله: ( وَمن استجمر فليوتر) .
قَوْله: ( فليستنثر) أَي: فَليخْرجْ المَاء من الْأنف بعد الِاسْتِنْشَاق مَعَ مَا فِي الْأنف من مخاط وغبار، وَشبهه، قيل ذَلِك لما فِيهِ من المعونة على الْقِرَاءَة وتنقية مجْرى النَّفس الَّذِي بِهِ التِّلَاوَة، وبإزالة مَا فِيهِ من التفل تصح مجاري الْحُرُوف، وَيُقَال: الْحِكْمَة فِيهِ التَّنْظِيف وطرد الشَّيْطَان، لِأَنَّهُ روى فِي رِوَايَة عِيسَى بن طَلْحَة عَن أبي هُرَيْرَة أخرجهَا البُخَارِيّ فِي بَدْء الْخلق: ( إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من مَنَامه فَليَتَوَضَّأ فليستنثر ثَلَاثًا، فَإِن الشَّيْطَان يبيت على خيشومه) .
قَوْله: ( وَمن استجمر) من الِاسْتِجْمَار، وَهُوَ مسح مَحل الْبَوْل وَالْغَائِط بالجمار، وَهِي: الْأَحْجَار الصغار، وَيُقَال: الاستطابة والاستجمار والإستنجاء لتطهير مَحل الْغَائِط وَالْبَوْل، والاستجمار مُخْتَصّ بِالْمَسْحِ بالأحجار، والاستطابة والاستنجاء يكونَانِ بِالْمَاءِ وبالأحجار..
     وَقَالَ  ابْن حبيب: وَكَانَ ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، يتَأَوَّل الِاسْتِجْمَار هُنَا على إجمار الثِّيَاب بالمجمر، وَنحن نستحب الْوتر فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا.
يُقَال فِي هَذَا تجمر واستجمر فَيَأْخُذ ثَلَاث قطع من الطّيب أَو يتطيب مرّة وَاحِدَة، لما بعد الأولى، وَحكي عَن مَالك أَيْضا، وَالْأَظْهَر الأول، وَيُقَال: إِنَّمَا سمي بِهِ التمسح بالجمار الَّتِي هِيَ الْأَحْجَار الصغار لِأَنَّهُ يطيب الْمحل كَمَا يطيبه الِاسْتِجْمَار بالبخور، وَمِنْه سميت جمار الْحَج وَهِي: الحصيات الَّتِي يَرْمِي بهَا.
قَوْله: ( فليوتر) أَي: فليجعل الْحِجَارَة الَّتِي يستنجى بهَا وترا، إِمَّا وَاحِدَة، أَو ثَلَاثًا أَو خمْسا،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: المُرَاد بالإيتار أَن يكون عدَّة المسحات ثَلَاثًا أَو خمْسا أَو فَوق ذَلِك من الأوتار.
قلت: لم يذكر الْوَاحِد، مَعَ أَنه يُطلق عَلَيْهِ الإيتار هروباً عَن أَن لَا يكون الحَدِيث حجَّة عَلَيْهِم، على مَا نذكرهُ عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

بَيَان استنباط الاحكام الأول: فِيهِ مطلوبية الاستنثار فِي الْوضُوء وَالْإِجْمَاع قَائِم على عدم وُجُوبه، وَالْمُسْتَحب أَن يستنثر بِيَدِهِ الْيُسْرَى، وَقد بوب عَلَيْهِ النَّسَائِيّ، وَيكرهُ أَن يكون بِغَيْر يَده، حُكيَ ذَلِك عَن مَالك أَيْضا لكَونه يشبه فعل الدَّابَّة، وَقيل: لَا يكره.
فان قلت: السّنة فِي الاستنثار ثَلَاث مثل الِاسْتِنْشَاق أم لَا؟ قلت: قد ورد فِي رِوَايَة الْحميدِي فِي ( مُسْنده) عَن سُفْيَان عَن ابي الزِّنَاد، وَلَفظه: ( إِذا استنثر فليستنثر وترا) .
وَقَوله: ( وترا) يَشْمَل الْوَاحِد وَالثَّلَاث وَمَا فَوْقهمَا من الأوتار، وَورد فِي رِوَايَة البُخَارِيّ: ( فليستنثر ثَلَاثًا) .
كَمَا ذَكرنَاهَا، وَيُمكن أَن تكون هَذِه الرِّوَايَة مبينَة لتِلْك الرِّوَايَة، فَتكون السّنة فِيهِ أَن تكون ثَلَاثًا كالاستنشاق فَافْهَم.
الثَّانِي: من فسر الاستنثار بالاستنشاق ادّعى أَن الِاسْتِنْشَاق وَاجِب،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: فِيهِ دلَالَة لمَذْهَب من يَقُول: إِن الِاسْتِنْشَاق وَاجِب لمُطلق الْأَمر، وَمن لم يُوجِبهُ يحمل الْأَمر على النّدب بِدَلِيل أَن الْمَأْمُور بِهِ حَقِيقَة، وَهُوَ: الاستنثار لَيْسَ بِوَاجِب بالِاتِّفَاقِ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: الاستنثار هُوَ دفع المَاء الْحَاصِل فِي الْأنف بالاستنشاق، وَلم يذكر هَهُنَا الِاسْتِنْشَاق لِأَن ذكره الاستنثار دَلِيل عَلَيْهِ إِذْ لَا يكون إلاَّ مِنْهُ، وَقد أوجب بعض الْعلمَاء الاستنثار بِظَاهِر الحَدِيث، وَحمل أَكْثَرهم على النّدب، وَاسْتَدَلُّوا بِأَن غسله بَاطِن الْوَجْه غير مَأْخُوذ علينا فِي الْوضُوء: قلت: الَّذين أوجبوا الِاسْتِنْشَاق هم: أَحْمد وَإِسْحَاق وَأَبُو عبيد وَأَبُو ثَوْر وَابْن الْمُنْذر، وَاحْتَجُّوا بِظَاهِر الْأَمر، وَلكنه للنَّدْب عِنْد الْجُمْهُور بِدَلِيل مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ محسناً، وَالْحَاكِم مصححاً من قَوْله: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للأعرابي: ( تَوَضَّأ كَمَا أَمرك الله تَعَالَى) ، فأحاله على الْآيَة وَلَيْسَ فِيهَا ذكر الإستنشاق..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَأجِيب: بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يُرَاد بِالْأَمر مَا هُوَ أَعم من آيَة الْوضُوء، فقد أَمر الله تَعَالَى بِاتِّبَاع نبينه، وَلم يحك أحد مِمَّن وصف وضوءه على الِاسْتِقْصَاء أَنه ترك الِاسْتِنْشَاق، بل وَلَا الْمَضْمَضَة، وَهَذَا يرد على من لم يُوجب الْمَضْمَضَة أَيْضا، وَقد ثَبت الْأَمر بهَا أَيْضا فِي ( سنَن أبي دَاوُد) بِإِسْنَاد صَحِيح.
قلت: القرنية الحالية والمقالية مناطقة صَرِيحًا بِأَن المُرَاد من قَوْله: ( كَمَا أَمرك الله تَعَالَى) الْأَمر الْمَذْكُور فِي آيَة الْوضُوء، وَلَيْسَ فِيهَا مَا يدل على وجوب الِاسْتِنْشَاق وَلَا على الْمَضْمَضَة، فَإِن اسْتدلَّ على هَذَا الْقَائِل على وُجُوبهَا بمواظبة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِمَا من غير ترك فَإِنَّهُ يلْزمه أَن يَقُول بِوُجُوب التَّسْمِيَة أَيْضا، لِأَنَّهُ لم ينْقل أَنه ترك التَّسْمِيَة فِيهِ، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ سنة أَو مُسْتَحبَّة عِنْد إِمَام هَذَا الْقَائِل.
الثَّالِث: فِيهِ مطلوبية الإيتار فِي الِاسْتِنْجَاء.
قَالَ الْكرْمَانِي: مَذْهَبنَا أَن اسْتِيفَاء الثَّلَاث وَاجِب، فَإِن حصل الْإِبْقَاء بِهِ فَلَا زِيَادَة إلاَّ وَجَبت الزِّيَادَة، ثمَّ إِن حصل بِوتْر فَلَا زِيَادَة، وَإِن حصل بشفع اسْتحبَّ الإيتار..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: فِيهِ دَلِيل على وجوب عدد الثَّلَاث، إِذْ مَعْلُوم أَنه لم يرد بِهِ الْوتر الَّذِي هُوَ وَأحد لِأَنَّهُ زِيَادَة صفة على الِاسْم، وَالِاسْم لَا يحصل بِأَقَلّ من وَاحِد، فَعلم أَنه قصد بِهِ مَا زَاد على الْوَاحِد وَأَدْنَاهُ الثَّلَاث.
قلت: ظَاهر الحَدِيث حجَّة لأبي حنيفَة وَأَصْحَابه فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ من أَن الِاسْتِنْجَاء لَيْسَ فِيهِ عدد مسنون، لِأَن الإيتار يَقع على الْوَاحِد كَمَا يَقع على الثَّلَاث والْحَدِيث دَال على الايتار فَقَط فَإِن قلت تعْيين الثَّلَاث من نَهْيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَن أَن يستنجي بِأَقَلّ من ثَلَاث أَحْجَار.
قلت: لما دلّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة ( من فعل فقد أحسن، وَمن لَا فَلَا حرج) على عدم اشْتِرَاط العيين، حمل هَذَا على أَن النَّهْي فِيهِ كَانَ لأجل الِاحْتِيَاط، لِأَن التَّطْهِير غَالِبا إِنَّمَا يحصل بِالثلَاثِ، وَنحن أَيْضا نقُول: إِذا تحقق شخص أَنه لَا يطهر إلاَّ بِالثلَاثِ يتَعَيَّن عَلَيْهِ الثَّلَاث، وَالتَّعْيِين لَيْسَ لأجل التوفية فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ للانقاء الْحَاصِل فِيهِ حَتَّى إِذا احْتَاجَ إِلَى رَابِع وخامس وهلم جراً يتَعَيَّن عَلَيْهِ ذَلِك.
فَافْهَم.