هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1454 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1454 حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Sa'id al-Khudri reported Allah's Messenger (ﷺ) as saying:

Taking a bath on Friday is essential for every adult person.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [846] وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ أَيْ مُتَأَكِّدٌ فِي حَقِّهِ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ حَقُّكَ وَاجِبٌ عَلَيَّ أَيْ مُتَأَكِّدٌ لَا أَنَّ الْمُرَادَ الْوَاجِبُ الْمُحَتَّمُ الْمُعَاقَبُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْمِنْبَرِ لِلْخُطْبَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلْيَكُنْ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ لِيَبْلُغَ صَوْتُهُ جَمِيعَهُمْ وَلْيَنْفَرِدَ فَيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النُّفُوسِ وَفِيهِ أَنَّ الْخَطِيبَ يَكُونُ قَائِمًا وَسُمِّيَ مِنْبَرًا لِارْتِفَاعِهِ مِنَ النَّبْرِ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [846] الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب أَي متأكد كَمَا يُقَال حَقك وَاجِب عَليّ أَي متأكد

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم.

المعنى العام

إن هذا اليوم الذي فضله الله، وهدى أمة الإسلام إلى تعظيمه وتكريمه بالاجتماع لعبادته استحق من التشريع ما يتناسب وقدسيته.
ماذا ينبغي عند الاجتماعات الكبيرة التي يلتقي فيها الزارع والصانع والعامل؟ والتي يلتقي فيها الغني الذي يجد ألوان الثياب فيغير كل يوم ثوباً، والفقير الذي لا يجد إلا ما يستر به عورته فلا يخلع ثوب الصوف عن بدنه يتكدس بين طياته العرق وريحه الكريهة تزداد يوماً بعد يوم؟

الإسلام دين النظافة، ودين الألفة والمحبة، ودين مراعاة المشاعر والأحاسيس، فليدع إلى ما يحصل هذا الهدف السامي، وما يجعل من هذا اللقاء الأسبوعي فرصة راحة وسعادة وهدوء نفسي يستمتع بالذكر والوعظ والصلاة في جو ملائكة الرحمة وفي مظلة عفو الله وكرمه وفضله.

كم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للاستعداد إلى هذا الموكب: إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل.
غسل يوم الجمعة واجب على كل -بالغ- محتلم.
غسل يوم الجمعة واجب على كل مسلم.
نعم الغسل يزيل العرق والرائحة الكريهة من البدن فليعمل المسلم على إزالة الرائحة المتخلفة من الطعام في الفم وبين الأسنان وليحافظ على السواك للجمعة، وفوق هذا وذاك عليه بالطيب وأن يمس من طيب نفسه أو من طيب زوجه عند خروجه إلى الجمعة.

وإذا كان الشوق إلى شيء والحرص عليه يدفع المرء إلى التعجل بلقائه، وإذا كان خير ما يسعى إليه المسلم مائدة الرحمن في المسجد يوم الجمعة، كان لا بد من تسابق المسلمين إلى الذهاب، وكان من العدل والكرم أن ينال المبكر من الأجر أكثر من الذي يليه، وهذا أمر واضح غير خفي، لكن النفس البشرية قد تنشغل عنه بمباهج الحياة الدنيا والجري وراءها، فكان تنبيهه صلى الله عليه وسلم وترغيبه في السبق والتبكير بقوله: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر.

وهكذا يبين صلى الله عليه وسلم أن لله ملائكة يقفون يوم الجمعة على أبواب المساجد يكتبون من جاء إليها في الساعة الأولى، فيكتبون أوائل الحاضرين في فترة زمنية يعلمها الله، ولهم من أجر السبق إلى المسجد مثل أجر من يتصدق بالناقة، وإن اختلفت الناقة من حيث أوصافها حسناً وضعفاً باختلاف المتسابقين.
ثم يبدأ ترتيب الحاضرين في الفترة الزمنية التي تليها، ولهم من أجر السبق إلى المسجد مثل أجر من يتصدق ببقرة، ثم الحاضرون في الفترة الزمنية التالية لهم من الأجر مثل أجر المتصدق بكبش، ثم الحاضرون في الفترة الزمنية الرابعة لهم من الأجر مثل أجر المتصدق بدجاجة، وآخر من يثاب على السبق والتبكير هم الحاضرون في الفترة الزمنية التي تنتهي بخروج الإمام وصعوده المنبر، فمن جاء بعد ذلك فليس له أجر سبق ولا أجر تبكير، لأن صحف الفضائل الخاصة به تكون قد طويت، ولأن الملائكة الموكلين بتسجيل درجات المبكرين انتهوا من مهمتهم وجاءوا داخل المسجد بين المصلين يستمعون خطبة الجمعة.
ولم يبق للداخل بعد ذلك إلا الملكان الموكلان بكتابة أعماله اليومية خيرها وشرها يكتبون إنصاته للخطبة أو عبثه أثناءها، يكتبون خشوعه أو عدم خشوعه في صلاته وغير ذلك.

هكذا عرف الصحابة درجات التبكير والسعي إلى الجمعة فحرصوا عليها، وحرص عليها بصفة أشد كبارهم، حتى عد المتأخر إلى وقت صعود الخطيب المنبر مذنباً يلام ويعنف أمام الناس وإن كان كبير القدر.

فهذا عمر بن الخطاب أمير المؤمنين يصعد المنبر ليخطب، فيدخل عثمان بن عفان رضي الله عنه ساعياً شاعراً بالخطأ والتقصير، فيراه عمر، فيعرض به، ويقول: ما بال رجال يتأخرون عن المسجد، ويحس عثمان بالخجل -وكان شديد الحياء- لكن عمر الشديد القاسي في الحق لم يرحم حياءه، فقال له: يا ابن عفان.
أتدري ما هذه الساعة؟ أتدري أنك تأخرت كثيراًَ عما كان يرغبنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من التبكير؟ فلم يجد عثمان بداً من الدفاع عن نفسه، وإعلان عذره، فقال: يا أمير المؤمنين.
سهوت عن الوقت وشغلتني أموري بالسوق فلم أنتبه إلا والمؤذن يؤذن، فأسرعت إلى وضوئي بالسوق، ولم أذهب إلى بيتي، ثم جئت إلى المسجد مسرعاً.

والتقط عمر من كلام عثمان تقصيراً آخر.
لقد اكتفى عثمان بالوضوء عن الغسل وكيف ومتى يمكن له أن يغتسل وهو لم يشعر بنفسه إلا عند الأذان؟ أيترك سماع الخطبة ويذهب ليغتسل؟ إنه يعتقد أن سماع الخطبة أهم وأوجب، ولعله كان قد اغتسل بعد الفجر أول النهار.
لكن عمر لم يرحمه للمرة الثانية، فقال له: وفعلت الوضوء أيضاً بدلاً عن الغسل؟ ألم تسمع كما سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل؟ ولم يجب عثمان رضي الله عنه حياء واحتراماً لمقام أمير المؤمنين، واكتفى بأنه قدم اعتذاره عن التأخر، وهو اعتذار وجيه عن عدم الغسل.

المباحث العربية

( وهو قائم على المنبر) سمي منبراً لارتفاعه، من النبر وهو الارتفاع.

( من جاء منكم الجمعة فليغتسل) فيه مجاز المشارفة، أي من أشرف على المجيء للجمعة وأراده، فظاهره غير مراد، لأن ظاهره أن الغسل يعقب المجيء، ونظيره قوله تعالى: { { إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } } [المجادلة: 12] .

( بينا هو يخطب) بينا أصله بين وأشبعت الفتحة، وقد تبقى بلا إشباع ويزاد فيها ما فتصير بينما وهي ظرف زمان فيه معنى المفاجأة.

( دخل رجل) هو عثمان بن عفان المصرح به في الرواية الرابعة.

( فناداه) أي قال له: يا فلان.

( أية ساعة هذه؟) أية بتشديد الياء، تأنيث أي، يستفهم بها، والتأنيث وعدمه جائزان، قال تعالى: { { وما تدري نفس بأي أرض تموت } } [لقمان: 34] .
والساعة اسم لجزء من اليوم مقدر، وتطلق على الوقت الحاضر، وهو المراد هنا، وهذا الاستفهام توبيخ وإنكار، وكأنه يقول: لم تأخرت إلى هذه الساعة؟ وقد ورد التصريح بالإنكار في رواية لأبي هريرة ولفظها: فقال عمر: لم تحبسون عن الصلاة؟.
وفي روايتنا الرابعة: فعرض به عمر فقال: ما بال رجال يتأخرون عن النداء؟.
قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن عمر قال ذلك كله، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ الآخر، ومراد عمر رضي الله عنه التلميح إلى ساعات التبكير التي وقع الترغيب فيها.

( إني شغلت اليوم) شغلت بالبناء للمجهول، وقد بين جهة شغله في بعض الروايات، إذ جاء فيها انقلبت من السوق فسمعت النداء.

( حتى سمعت النداء) قال النووي: بكسر النون وضمها والكسر أشهر.
اهـ والمراد الأذان بين يدي الخطيب.

( فلم أزد على أن توضأت) أي لم أشتغل بشيء بعد أن سمعت النداء إلا بالوضوء.

( والوضوء أيضاً) الواو عاطفة على محذوف، والوضوء بالنصب مفعول لفعل محذوف، والتقدير: أشغلت عن الوقت وتأخرت، وتوضأت الوضوء فقط ولم تغتسل؟ أي ما اكتفيت بتأخير الوقت وتفويت الفضيلة حتى تركت الغسل واقتصرت على الوضوء؟ وجوز القرطبي رفع الوضوء على أنه مبتدأ والخبر محذوف، أي والوضوء أيضاً يقتصر عليه؟ وأيضاً منصوب على المصدر من آض يئيض إذا رجع وعاد.

قال الحافظ ابن حجر: ولم أقف في شيء من الروايات على جواب عثمان عن ذلك، والظاهر أنه سكت عنه اكتفاء بالاعتذار الأول، لأنه قد أشار إلى أنه كان ذاهلاً عن الوقت، وأنه بادر عند سماع النداء، وإنما ترك الغسل لأنه تعارض عنده إدراك سماع الخطبة والاشتغال بالغسل، وكل منهما مرغب فيه، فآثر سماع الخطبة.
اهـ.

( واجب على كل محتلم) المراد بالمحتلم البالغ، وفي المراد بواجب توجيهات تأتي في فقه الحديث.

( كان الناس ينتابون الجمعة) أي يحضرونها نوباًَ، والانتياب افتعال من النوبة.
وفي القاموس: وانتابهم انتياباً: أتاهم مرة بعد أخرى.
أي يحضرون الجمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من منازلهم البعيدة مرة بعد أخرى.

( من منازلهم من العوالي) العوالي القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها، وأقرب هذه القرى من المدينة آنذاك على بعد خمسة كيلو مترات، وأبعدها كانت على مسافة أربعة عشر كيلو متراً.

( فيأتون في العباء) بالمد جمع عباءة بالهمز، وعباية بالياء، لغتان مشهورتان.
والعباءة من الصوف يسارع إليها الريح غير الطيب لأصل صوف الغنم.

( إنسان منهم) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه.
اهـ.
وكانوا لا يعنون بذكر الاسم عندما يكون المسند إليه غير حسن، أدباً وكرماً.

( لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا) لو هنا للتمني، ويصح أن تكون شرطية محذوفة الجواب، أي لكان حسناً، ولو تختص بالدخول على الأفعال، فالتقدير: لو ثبت أنكم تطهرتم.

( ولم يكن لهم كفاة) بضم الكاف، جمع كاف، كقاض وقضاة، أي لم يكن من يكفيهم مؤونة العمل من عبيد أو خدم.

( فكانوا يكون لهم تفل) بفتح التاء والفاء رائحة كريهة.

( غسل يوم الجمعة على كل محتلم) قال النووي: هكذا وقع في جميع الأصول، وليس فيه ذكر واجب.
اهـ.
والجار والمجرور يتعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وتقديره المناسب هنا: لفظ مشروع أو مندوب.

( وسواك) معطوف على المبتدأ، أي وسواك يوم الجمعة مشروع على كل محتلم.

( ويمس من الطيب ما قدر عليه) يمس بفتح الميم وضمها، وقوله: ما قدر عليه.
يحتمل أن يراد منه التكثير، وأن يراد منه التأكيد، أي يفعله ما أمكنه ذلك ولو من طيب امرأته.
والفعل يمس يصح أن يكون مسبوكاً بمصدر من غير سابك ويعطف على المبتدأ ، أي ومس طيب مشروع.

( ولو من طيب المرأة) كان للنساء طيب مخصوص لا يستعمله الرجال إلا لضرورة، لأن له لوناً ظاهراً.

( ويمس طيباً أو دهناً) المراد من الدهن ما يشبه زيت الشعر ونحوه في زمننا مما يقصد به إزالة شعث الشعر مع الرائحة الطيبة.

( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة) قال النووي: معناه غسلاً كغسل الجنابة في الصفات [احترازاً من إطلاق الغسل على الوضوء مجازاً] هذا هو المشهور في تفسيره.
وقال بعض أصحابنا في كتب الفقه: المراد غسل الجنابة حقيقة.
قالوا: ويستحب له مواقعة زوجته ليكون أغض للبصر وأسكن لنفسه.
وهذا ضعيف أو باطل، والصواب ما قدمناه.
اهـ.

( ثم راح) الرواح الذهاب أول النهار، ولما كان وقت الجمعة على المشهور من الزوال قال بعضهم: إن المراد من الرواح هنا مطلق الذهاب، وللمسألة تتمة في فقه الحديث.

( فكأنما قرب بدنة) أي فكأنما تصدق ببدنة متقرباً بها إلى الله، والبدنة تقع على الواحدة من الإبل والبقر والغنم كما يقول جمهور أهل اللغة، وخصها جماعة لغة بالإبل، والمراد هنا الإبل بالاتفاق لورود البقر بعدها.
قالوا: والبدنة والبقرة يقعان على الذكر والأنثى باتفاقهم، والهاء فيها للواحدة، كقمحة وشعيرة ونحوهما من أفراد الجنس.

( فكأنما قرب كبشاً أقرن) وصف بالأقرن لأنه أكمل وأحسن صورة.

( فكأنما قرب دجاجة) قال أهل اللغة هي بكسر الدال وفتحها لغتان مشهورتان ويقع على الذكر والأنثى

( فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة) حضرت بفتح الضاد وكسرها لغتان مشهورتان، والفتح أفصح وأشهر، وبه جاء القرآن { { وإذا حضر القسمة أولوا القربى.... } } [النساء: 8] .

( يستمعون الذكر) أي ذكر الله والثناء عليه والدعوة إلى الطاعة والتقوى في الخطبة.

فقه الحديث

يتناول هذا الباب النقاط التالية:

1- السفر يوم الجمعة.

2- البيع ساعة الجمعة.

3- الغسل للجمعة.

4- التسوك والادهان ولبس أحسن الثياب.

5- التبكير بالذهاب إلى المسجد ودرجات المبكرين.

6- دخول المسجد وانتظار الخطبة.

7- ما يؤخذ من الأحاديث.

وهذا هو الشرح والإيضاح:1- السفر يوم الجمعة: مع أن أحاديث الباب لا تتعرض للسفر صراحة لكن أحاديث التبكير إلى المسجد تثير موضوع السفر، وقد أخرج الدار قطني عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سافر من دار إقامة يوم جمعة دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره، وأن لا يعان على حاجته.
وقال يحيى بن كثير: قلما خرج رجل يوم الجمعة إلا رأى ما يكره.
وكذا قال الإمام أحمد.

وقد وضع الفقهاء أحكاماًَ لصور السفر المختلفة، نلخصها فيما يلي:

( أ) سفر من لا تجب عليه الجمعة جائز بلا خلاف.

( ب) سفر من تجب عليه الجمعة بعد الزوال وبعد أن يؤديها جائز باتفاق.

( جـ) سفر من تجب عليه الجمعة ليلتها قبل طلوع فجرها جائز عند العلماء كافة إلا ما حكى عن إبراهيم النخعي أنه قال: لا يسافر بعد دخول العشاء من يوم الخميس حتى يصلي الجمعة.
وهذا مذهب باطل.

( د) سفر من تجب عليه الجمعة قبل الزوال أو بعده إذا تحقق أنه سيؤديها بعد الوصول أو في طريق السفر، جائز ولا كراهة إذا أداها بعد الوصول أو في الطريق.

( هـ) سفر من تجب عليه الجمعة بعد أذانها الثاني حرام باتفاق.
قال ابن حزم: اتفقوا على أن السفر حرام على من تلزمه الجمعة إذا نودي لها، لوجوب حضورها عليه بالنداء.
اهـ.
وقيد هذا بعدم إدراكها في طريقه أو في محل وصوله، وبعدم خوف فوت رفقة يتضرر بالتخلف عنهم، فإن خاف فوت رفقة يتضرر بالتخلف عنهم في سفر طاعة أو سفر مباح جاز.

( و) سفر من تجب عليه الجمعة بعد الزوال وقبل أذانها الثاني مع عدم خوف فوت رفقة يتضرر بالتخلف عنهم في سفر مباح حرام عند الجمهور.
قال به الشافعية ومالك وأحمد، وذلك لاستقرارها في ذمته بدخول أول وقتها، وهو الزوال، فلم يجز له تفويتها بالسفر، بخلاف غيرها من الصلوات لإمكان فعلها حال السفر.
وقال أبو حنيفة: يجوز.

( ز) سفر من تجب عليه الجمعة بعد فجرها وقبل الزوال وفيه خلاف طويل.
قيل: يحرم، لأنه وقت لوجوب التسبب، بدليل أن من كانت داره على بعد لزمه القصد قبل الزوال، ووجوب التسبب كوجوب الفعل، فإذا لم يجز السفر بعد وجوب الفعل لم يجز بعد وجوب التسبب.
قاله الرافعي في المهذب.

وقيل: يجوز، لأن الجمعة لم تجب عليه بعد، لأنها لا تجب إلا بالزوال، فلا يحرم التفويت، كبيع المال قبل الحول، فلا تجب الزكاة ولا حرمة، ويقويه ما أخرجه أبو داود من أن ابن شهاب خرج لسفر يوم الجمعة من أول النهار، فقيل له في ذلك، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لسفر يوم الجمعة من أول النهار.
وقد حاول أصحاب هذا الرأي أن يستندوا إلى مسألة: لا جمعة على مسافر.
لكنه استناد خاطئ، لأن المراد بها من أبيح له السفر، أو من سافر قبل يوم الجمعة، وأحرى الآراء بالقبول أنه يكره، لحديث الدارقطني الذي ذكرناه أول المسألة.
والله أعلم.

2- البيع ساعة الجمعة: أما البيع [ومثله الشراء، لأنه إذا أمر بترك البيع فقد أمر بترك الشراء، ولأن المشتري والبائع يطلق عليهما البيعان] فهو بعد الأذان الثاني حرام لقوله تعالى: { { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } } [الجمعة: 9] .
وجمهور العلماء على أن البيع والشراء حرام من حين النداء، وعلى أن المراد من النداء في الآية الأذان الذي بين يدي الخطيب، لأنه الأذان الأصلي الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال الطحاوي: هو المعتبر في وجوب السعي وحرمة البيع.
اهـ.

وأما الأذان الذي عند الزوال فيجوز عند الجمهور البيع فيه مع الكراهة.
وعند الحنفية: يكره مطلقاً ولا يحرم.
قال الشافعي في الأم: ولو تبايع رجلان ليسا من أهل فرض الجمعة لم يحرم بحال ولا يكره، وإذا تبايع رجلان من أهل فرضها، أو أحدهما من أهل فرضها، فإن كان قبل الزوال فلا كراهة، وإن كان بعده وقبل ظهور الإمام أو قبل جلوسه على المنبر، أو قبل شروع المؤذن في الأذان بين يدي الخطيب كره كراهة تنزيه، وإن كان بعد جلوسه وشروع المؤذن فيه حرم على المتبايعين جميعاً، سواء كانا من أهل الفرض أو أحدهما.
اهـ.

وإنما حرم على من ليس من أهل الفرض لأنه شغل من عليه الفرض وتسبب في ارتكابه محرماً، لكن قال البندنيجي وصاحب العدة: إذا كان أحدهما من أهل الفرض دون الآخر حرم على صاحب الفرض وكره للآخر ولا يحرم.
قال النووي: وهذا شاذ باطل، والصواب الجزم بالتحريم عليهما.

وحيث قلنا بحرمة البيع هل ينعقد ويصح أو لا؟ ذهب الشافعي وأبو حنيفة ومحمد وزفر والجمهور إلى أن البيع صحيح وينعقد.
وقال مالك وأحمد والظاهرية: يبطل البيع.

وهل يحرم غير البيع من إجارة ونكاح وهبة ورهن ونحوها.
قال ابن التين: كل من لزمه التوجه إلى الجمعة يحرم عليه كل ما يمنعه منه، من بيع أو نكاح أو عمل، وهذا قول الجمهور.
ولا يحرم عند مالك نكاح ولا إجارة ولا سلم، وأباح الهبة والقرض والصدقة.
ونحن نميل إلى رأي الجمهور.

فقد قال عطاء: إذا نودي بالأذان حرم اللهو والبيع والصناعات كلها والرقاد وأن يأتي الرجل أهله وأن يكتب كتاب.

3- الغسل للجمعة: أما غسل الجمعة فإن الروايات الإحدى عشرة الأول تتعرض له، إما بالأمر فليغتسل وإما بالتحضيض أي الأمر برفق: لو اغتسلتم يوم الجمعة أو بما يشعر بالوجوب أو الطلب القوي: حق على كل مسلم أن يغتسل في سبعة أيام.
غسل يوم الجمعة على كل محتلم.
ولاختلاف التعبيرات اختلف العلماء في حكم غسل يوم الجمعة:

فذهب أهل الظاهر وأحمد في إحدى الروايتين، وحكى عن مالك، أن غسل يوم الجمعة واجب حيث قالوا: لو لم يكن واجباً لما قطع عمر الخطبة، ولما أنكر على عثمان تركه على ملإ من الصحابة، كما استدلوا بالأمر بالغسل يوم الجمعة، كما جاء في الروايات الأولى والثانية والثالثة، وجعلوا الأمر للوجوب.

والجمهور من السلف والخلف وفقهاء الأمصار على أنه سنة مستحبة ليس بواجب يعصي بتركه، بل له حكم سائر المندوبات، وهو مذهب الشافعي وأبو حنيفة وإحدى الروايتين عن أحمد، وهو المعروف في مذهب مالك، وحملوا لفظ واجب على الوجوب في الاختيار ومكارم الأخلاق، والنظافة، وأجابوا عن قصة عمر وعثمان بأنها دليل على أنه سنة لا واجب، وذلك لأن عثمان لم يترك الصلاة لأجل الغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، وأن من حضر من الصحابة وافقوهما على ذلك، فكان إجماعاً منهم على أن الغسل ليس شرطاً في صحة الصلاة.
قال الحافظ ابن حجر: وهو استدلال قوي، وقد نقل الخطابي وغيره الإجماع على أن صلاة الجمعة بدون الغسل مجزئة، كما استدلوا بحديث: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل.
أخرجه أصحاب السنن الثلاثة وابن خزيمة وابن حبان.
وكما اختلف العلماء في حكمه اختلفوا في وقته.

فذهب الظاهرية إلى كفاية الغسل في أي ساعة من ساعات يوم الجمعة من الفجر حتى غروب الشمس مستدلين بظاهر روايتنا الخامسة والثامنة، وفيهما إضافة الغسل لليوم، والسادسة والسابعة وكلاهما يربط الغسل باليوم.
قال ابن دقيق العيد: وقد أبعد الظاهرية إبعاداً يكاد يكون مجزوماً ببطلانه.
وحكى ابن عبد البر الإجماع على أن من اغتسل بعد الصلاة لم يغتسل للجمعة، ولم يفعل ما أمر به.
اهـ.
والرواية الأولى والثانية والثالثة والرابعة صريحة في طلبه قبل صلاة الجمعة.

لكن الإمام مالكاًَ راعى أن الحكمة في الأمر بالغسل يوم الجمعة التنظيف رعاية للحاضرين من التأذي بالرائحة الكريهة، فشرط اتصال الذهاب إلى الجمعة بالغسل، لاحتمال حدوث ما يزيل التنظيف أثناء النهار بين الغسل المبكر وبين الذهاب إلى المسجد.

ولم يراع الجمهور هذا الاحتمال البعيد، فذهب إلى أن وقته من طلوع فجر يوم الجمعة إلى وقت الصلاة، وإن كان الأفضل اتصاله بالذهاب إلى المسجد.

وشذ من قال: إن وقته يدخل بالنصف الثاني من الليل، وأكثر شذوذاً منه من قال: إن وقته يدخل بصلاة العشاء ليلة الجمعة.

ولو أحدث حدثاً أصغر بعد الغسل لم يبطل الغسل وتوضأ، بل قيل: لو أجنب بجماع أو غيره لم يبطل غسل الجمعة ووجب غسل الجنابة، والثمرة في هذا أنه لو لم يجد ماء لغسل الجنابة حينئذ وتيمم صح واحتفظ بأداء السنة.

واختلفوا فيمن يطالب بغسل الجمعة، فالرواية الأولى والثانية تصرحان بأن الغسل مشروع لكل من أراد الجمعة من الرجال والصبيان والنساء، وظاهر الرواية الخامسة أن مشروعية الغسل خاصة بالرجال، لأن النساء يبلغن بالحيض، والرواية العاشرة ظاهرها مشروعيته للمسلم.

قال النووي: يقال في الجمع بين الأحاديث أن الغسل يستحب لكل مريد الجمعة، ومتأكد في حق الذكور أكثر من النساء، ومتأكد في حق البالغين أكثر من الصبيان.
اهـ.

والذي تستريح إليه النفس أنه مستحب لكل مسلم ومسلمة بالغ وغير بالغ، إذ هو للنظافة وإزالة ما يكره في أسبوع، يقوي هذا روايتنا العاشرة: حق على كل مسلم -أي ومسلمة- أن يغتسل في سبعة أيام، يغسل رأسه وجسده.

ويتأكد في حق مريد الجمعة من النساء والصبيان، ويزداد تأكداً في حق مريد الجمعة من الرجال.
وهذا أفضل طريق للجمع بين الأحاديث، فالرواية الخامسة والثامنة ربطته باليوم وبالبلوغ، والرواية العاشرة ربطته بكل مسلم، أعم من البالغ وغير البالغ فإذا قيل: إن الوجوب يختص بالبالغ، قلنا: جرينا على أنه مستحب لا واجب، والمستحب لا يختص بالبالغين، أما النساء فهن شقائق الرجال، عليهن من الأحكام ما عليهم إلا ما صرح بخصوصه.
والله أعلم.

4- التسوك والادهان ولبس أحسن الثياب: وأما السواك والطيب فإن الرواية الثامنة تصرح بطلبهما، قال القرطبي: وليساًَ بواجبين اتفاقاً.
اهـ.
قال ابن المنير: إن دعوى الإجماع على عدم وجوب الطيب مردودة، فقد روى سفيان بن عيينة في جامعه عن أبي هريرة: أنه كان يوجب الطيب يوم الجمعة.
وإسناده صحيح.
وكذا قال بوجوبه بعض أهل الظاهر.
اهـ.

وأما السواك فقد جاء في الصحيح: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة.
قال الزين بن المنير: لما خصت الجمعة بطلب تحسين الظاهر من الغسل والتنظيف والتطيب ناسب ذلك تطييب الفم الذي هو محل الذكر والمناجاة، وإزالة ما يضر الملائكة وبني آدم.
اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: ويلحق بالسواك والطيب التزين باللباس.
اهـ.

وقد جاء في صحيح ابن خزيمة في مثل روايتنا الحادية عشرة: ولبس أحسن ثيابه.
وعند أبي داود: ولبس من أحسن ثيابه.
وفي الموطأ وأبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبى مهنته.

5- التبكير بالذهاب إلى المسجد ودرجات المبكرين: أما التبكير إلى المسجد ودرجات المبكرين فقد مثلت له الرواية الحادية عشرة والثانية عشرة، وقد اختلف العلماء في المراد بالساعات في الحديث وفي تحديد بدئها ونهايتها، فقيل: المراد بالساعات بيان مراتب المبكرين من أول النهار إلى الزوال.
وقسمها الغزالي إلى خمس، فقال: الأولى من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
والثانية إلى ارتفاعها.
والثالثة إلى انبساطها.
والرابعة إلى أن ترمض الأقدام -أي تحس بحرارة الرمال.
والخامسة إلى الزوال.
واعترض ابن دقيق العيد بأن الرد إلى الساعات المعروفة أولى، وإلا لم يكن لتخصيص هذا العدد بالذكر معنى، لأن المراتب متفاوتة جداً.

وأفضل ما قيل في ذلك: أن المراد بالساعات الخمس لحظات لطيفة، أولها زوال الشمس، وآخرها قعود الخطيب على المنبر.
وأبعد الأقوال عن القبول ما نقل عن مالك من كراهية التبكير إلى الجمعة، محتجاً بأنه يستلزم تخطي الرقاب في الرجوع لمن عرضت له حاجة فخرج لها ثم رجع.
وتعقب بأنه لا حرج عليه في هذه الحالة، لأنه قاصد للوصول لحقه، وإنما الحرج على من تأخر عن المجيء ثم جاء فتخطى الرقاب، وقد اشتد إنكار الإمام أحمد لهذا القول، فقال: هذا خلاف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن الخطأ أن يدفع الحرص على التبكير إلى العجلة في المشي والإسراع والجري إلى المسجد، ففي الصحيح: إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا.

6- دخول المسجد وانتظار الخطبة: فإذا دخل المسجد كره أن يتخطى الرقاب من غير ضرورة، ففي ذلك رفع رجليه على الرءوس أو الأكتاف، وربما تعلق بثياب الناس شيء مما في رجليه، فإن رأي فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي لم يكره، لأن الجالسين وراءها مفرطون بتركها.
قيل: سواء في ذلك الفرجة القريبة والبعيدة.
وقيل: يكره إذا تخطى من أجلها أكثر من رجلين.
وقيل: يكره التخطي ولو من أجل فرجة، لأن الأذى يحرم قليله وكثيره، والتخطي أذى، ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن رآه يتخطى: اجلس فقد آذيت.

فإذا أراد الجلوس لم يفرق بين اثنين، فلا يزاحم، ولا يقيم أحداً من مكانه ليجلس، ويسن الدنو من الإمام من غير إيذاء.

فإذا جلس اشتغل بذكر الله حتى يدخل الإمام للخطبة.

ويؤخذ من الأحاديث

1- مشروعية غسل الجمعة.

2- من الرواية الثانية يؤخذ مشروعية المنبر للخطبة واستحبابه، قال النووي: فإن تعذر فليكن على موضع عال.

3- والقيام أثناء الخطبة.

4- ويؤخذ من الرواية الثالثة والرابعة تفقد الإمام لرعيته.

5- وأمره لهم بمصالح دينهم.

6- وإنكاره على من أخل بالفضل وإن كان عظيم القدر.

7- ومواجهته بالإنكار ليرتدع من هو دونه بذلك.

8- وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أثناء الخطبة لا يفسدها.

9- وأن الصمت وعدم الكلام أثناء الخطبة لا يجب على المصلي في مثل هذه الحالة، بل له أن يدافع عن نفسه ويعتذر.

10- وفي الحديث الاعتذار إلى ولاة الأمر، وقد اعتذر عثمان عن التأخر، ولم يرد أنه اعتذر عن عدم الغسل.
قال الحافظ ابن حجر: والظاهر أنه سكت اكتفاء بالاعتذار الأول، لأنه أشار إلى أنه كان ذاهلاً عن الوقت، وأنه بادر عند سماع النداء، وأنه إنما ترك الغسل لأنه تعارض عنده إدراك سماع الخطبة والاشتغال بالغسل، وكل منهما مرغب فيه، فآثر سماع الخطبة، ولعله كان يرى فرضية سماع الخطبة واستحباب الغسل فآثر ما هو واجب.

11- وفيه إباحة الشغل والتصرف يوم الجمعة قبل النداء.

12- واستدل به مالك على أن السوق لا تمنع يوم الجمعة قبل النداء لكونها كانت في زمن عمر، ولكون الذاهب إليها عثمان.

13- وفيه شهود الفضلاء السوق.

14- ومعاناتهم الإتجار فيها.

15- وأن فضيلة التبكير إلى الجمعة إنما تحصل قبل التأذين.
قال عياض: فيه حجة لكون السعي إنما يجب بسماع الأذان.

16- استدل به بعضهم على أن شهود الخطبة ليس بواجب أخذاً من تأخير عثمان، وهو مقتضى قول أكثر المالكية، وتعقب بأنه يلزم من التأخير إلى سماع النداء فوت الخطبة، بل في بعض الروايات أن عثمان لم يفته شيء من الخطبة، وعلى تقدير أن يكون فاته منها شيء فليس فيه دليل على أنه لا يجب شهود الخطبة على من تنعقد بهم الجمعة.
قاله الحافظ ابن حجر.

17- واستدل به بعضهم على أن غسل الجمعة واجب، بقطع عمر الخطبة وإنكاره على عثمان تركه، ورد هذا الاستدلال بأن عمر قطع الخطبة وأنكر عليه ترك السنة، وهي التبكير إلى الجمعة، فيكون الغسل كذلك.

18- واستدل به على أن الغسل ليس شرطاً لصحة الجمعة، حيث لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، فمن قال بوجوبه كمن قال: يحرم أكل الثوم لمن قصد صلاة الجمعة.

19- استدل بقوله: كان يأمرنا وبحمل الجمهور له على الندب، استدل به على أن الأمر لا يحمل على الوجوب إلا بقرينة.

20- ومن الرواية السادسة والسابعة ما كان عليه الصحابة من الجد والعمل في الدنيا والسعي لكسب الرزق.

21- وما كانوا عليه من الكد وضيق العيش وقلة الثياب.

22- ومن قوله في الرواية الثامنة: غسل يوم الجمعة.
أخذ بعضهم أن ليوم الجمعة غسلاً مخصوصاً لا يجزئ عنه غسل الجنابة.
وقد روي عن أبي قتادة أنه قال لابنه وقد رآه يغتسل يوم الجمعة: إن كان غسلك عن جنابة فأعد غسلاً آخر للجمعة.

23- وقد استدل بعضهم بقوله في الرواية الحادية عشرة: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة.
على أنه يستحب الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة، وقالوا: إن الحكمة في ذلك أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه.
وهذا الاستدلال ضعيف وبعيد، لأن الكلام على التشبيه، أي من اغتسل يوم الجمعة غسلاً كغسل الجنابة، وذلك لإبعاد احتمال إرادة النظافة من الغسل، وقد سبق توضيح ذلك من المباحث العربية.

24- استدل بعضهم بالرواية الأولى والثانية أن الغسل لا يشرع لمن لم يحضر الجمعة كالمسافر.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا هو الأصح عند الشافعية، وبه قال الجمهور خلافاً لأكثر الحنفية.
اهـ.
والرواية الثامنة والعاشرة تبعد هذا الاستدلال.

كما استدل بالروايتين المذكورتين أن من يحضر الجمعة من غير الرجال إن حضرها لابتغاء الفضل شرع له الغسل وسائر آداب الجمعة.
نقل ذلك عن مالك.

26- استدل بالرواية الحادية عشرة على فضل التبكير إلى المسجد للجمعة.

27- وتفاوت المصلين في الثواب بتفاوت تبكيرهم.

28- وأن مراتب الناس في الفضل على حسب أعمالهم.

29- وأن القليل من الصدقة غير محتقر في الشرع.

30- وأن التقرب بالإبل أفضل من التقرب بالبقر.

قال النووي في شرح المهذب: إن التساوي الذي وقع في مسمى البدنة لا يتنافى والتفاوت في صفاتها: فمن جاء في أول ساعة البدنة أفضل ممن جاء في آخر ساعتها.

31- استدل بالرواية الحادية عشرة: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح.
على أن الفضل المذكور إنما يحصل لمن جمع بين الغسل والتبكير.
قال الحافظ ابن حجر: وعليه يحمل ما أطلق في باقي الروايات من ترتب الفضل على التبكير من غير تقييد بالغسل.

32- من قوله في الرواية الحادية عشرة: فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر.
استنبط الماوردي أن التبكير لا يستحب للإمام.
قال ويدخل للمسجد من أقرب أبوابه إلى المنبر.
ورد الحافظ ابن حجر هذا الاستنباط قال: لإمكان أن يجمع الإمام بين الأمرين، بأن يبكر ولا يخرج من المكان المعد له في الجامع إلا إذا حضر الوقت، أو يحمل على الإمام الذي ليس له مكان معد في المسجد.

33- وأن الملائكة الكاتبين يحضرون الخطبة.
وقد أخرج أبو نعيم في الحلية مرفوعاً: إذا كان يوم الجمعة بعث الله ملائكته بصحف من نور وأقلام من نور.
قال الحافظ ابن حجر: وهو دال على أن الملائكة المذكورين غير الحفظة، والمراد بطي الصحف طي صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة دون غيرها من سماع الخطبة وإدراك الصلاة والذكر والدعاء والخشوع ونحو ذلك فإنه يكتبه الحافظان قطعاً.

34- ويؤخذ من الرواية الثامنة من قوله: ما قدر عليه ولو من طيب امرأته.
تأكيد مشروعية الطيب للجمعة.

35- ومن التعبير بالمس الأخذ بالتخفيف تنبيهاً على الرفق وعلى تيسير الأمر في التطيب بأن يكون بأقل ما يمكن، حتى إنه يجزئ مسه من غير تناول قدر ينقصه تحريضاً على امتثال الأمر فيه.

36- كما يؤخذ من الرواية نفسها استحباب السواك للجمعة، ويلحق بهما باقي سنن الفطرة من قص الظفر وحلق العانة وقص الشارب وحلق شعر الإبط.
والله أعلم.