هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1015 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الحَسَنِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الوَارِثِ ، وَشُعْبَةُ ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ يُونُسَ : يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ ، وَتَابَعَهُ أَشْعَثُ ، عَنِ الحَسَنِ ، وَتَابَعَهُ مُوسَى ، عَنْ مُبَارَكٍ ، عَنِ الحَسَنِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1015 حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن يونس ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، ولكن الله تعالى يخوف بها عباده وقال أبو عبد الله : ولم يذكر عبد الوارث ، وشعبة ، وخالد بن عبد الله ، وحماد بن سلمة ، عن يونس : يخوف الله بها عباده ، وتابعه أشعث ، عن الحسن ، وتابعه موسى ، عن مبارك ، عن الحسن ، قال : أخبرني أبو بكرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى يخوف بهما عباده
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أَبِي بَكْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ.

Narrated Abu Bakra:

Allah's Messenger (ﷺ) said: The sun and the moon are two signs amongst the signs of Allah and they do not eclipse because of the death of someone but Allah frightens His devotees with them.

Abu Bakra dit: Le Messager d'Allah (r ) a dit: Le soleil et la lune sont deux signes parmi les signes d'Allah; ils ne s'éclipsent guère pour la mort d'une personne. Cependant par ces deux [signes], Allah, le TrèsHaut, apeuré ses adorateurs. »

":"ہم سے قتیبہ بن سعید نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے حماد بن زید نے بیان کیا ، ان سے یونس بن عبید نے ، ان سے امام حسن بصری نے ، ان سے ابوبکرہ رضی اللہ عنہ نے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا سورج اور چاند دونوں اللہ تعالیٰ کی نشانیاں ہیں اور کسی کی موت و حیات سے ان میں گرہن نہیں لگتا بلکہ اللہ تعالیٰ اس کے ذریعہ اپنے بندوں کو ڈراتا ہے ۔ عبدالوارث ، شعبہ ، خالد بن عبداللہ اور حماد بن سلمہ ان سب حافظوں نے یونس سے یہ جملہ کہ ” اللہ تعالیٰ ان کو گرہن کر کے اپنے بندوں کو ڈراتا ہے “ بیان نہیں کیا اور یونس کے ساتھ اس حدیث کو موسیٰ نے مبارک بن فضالہ سے ، انہوں نے امام حسن بصری سے روایت کیا ۔ اس میں یوں ہے کہ ابوبکرہ رضی اللہ عنہ نے آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم سے سن کر مجھ کو خبر دی کہ اللہ تعالیٰ ان کو گرہن کر کے اپنے بندوں کو ڈراتا ہے اور یونس کے ساتھ اس حدیث کو اشعث بن عبداللہ نے بھی امام حسن بصری سے روایت کیا ۔

Abu Bakra dit: Le Messager d'Allah (r ) a dit: Le soleil et la lune sont deux signes parmi les signes d'Allah; ils ne s'éclipsent guère pour la mort d'une personne. Cependant par ces deux [signes], Allah, le TrèsHaut, apeuré ses adorateurs. »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1048] .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الْوَارِثِ وَشُعْبَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ أَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ الْوَارِثِ فَأَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَ عَشَرَةِ أَبْوَابٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْهُ وَلَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ لَكِنَّهُ ثَبَتَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَارِثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ وَذَكَرَ فِيهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو مَعْمَرٍ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ شُعْبَةَ فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَسَبَقَتْ فِي أول الْكُسُوف وَمَا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَوَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ عَنْهُ بِلَفْظِ رِوَايَةِ خَالِدٍ وَمَعْنَاهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَإِذَا كَسَفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَصَلُّوا وَادْعُوا .

     قَوْلُهُ  وَتَابَعَهُ أَشْعَثُ يَعْنِي بن عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيَّ عَنِ الْحَسَنِ يَعْنِي فِي حَذْفِ قَوْلِهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ وَقَدْ وصل النَّسَائِيّ هَذِه الطَّرِيق وبن حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ وَلَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَتَابَعَهُ مُوسَى عَنْ مُبَارَكٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَر أَن الله تَعَالَى ومُوسَى هُوَ بن إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ.

     وَقَالَ  الدمياطي وَمن تبعه هُوَ بن دَاوُد الضَّبِّيّ وَالْأول أرجح لِأَن بن إِسْمَاعِيل مَعْرُوف فِي رجال البُخَارِيّ دون بن دَاوُدَ وَلَمْ تَقَعْ لِي هَذِهِ الرِّوَايَةُ إِلَى الْآنِ مِنْ طَرِيقِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة أَبى الْوَلِيد وبن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ هُدْبَةَ وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ كُلُّهُمْ عَنْ مُبَارَكٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ هُدْبَةَ لَيْسَ فِيهَا يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ أَشْعَثُ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ عَقِبَ مُتَابَعَةِ مُوسَى وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُهُ لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ خُلُوِّ رِوَايَةِ أَشْعَثَ مِنْ قَوْلِهِ يخوفاللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ .

     قَوْلُهُ  يُخَوِّفُ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ مِنْ أَهْلِ الْهَيْئَةِ أَنَّ الْكُسُوفَ أَمْرٌ عَادِيٌّ لَا يَتَأَخَّرُ وَلَا يَتَقَدَّمُ إِذْ لَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَخْوِيفٌ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْجَزْرِ وَالْمَدِّ فِي الْبَحْر وَقد رد ذَلِك عَلَيْهِم بن الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْآتِي حَيْثُ قَالَ فَقَامَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةَ قَالُوا فَلَوْ كَانَ الْكُسُوفُ بِالْحِسَابِ لَمْ يَقَعِ الْفَزَعُ وَلَوْ كَانَ بِالْحِسَابِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ بِالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ مَعْنًى فَإِنَّ ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ التَّخْوِيفَ وَأَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَةِ يُرْجَى أَنْ يُدْفَعَ بِهِ مَا يُخْشَى مِنْ أَثَرِ ذَلِكَ الْكُسُوفِ وَمِمَّا نقض بن الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ لَا تَنْكَسِفُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا يَحُولُ الْقَمَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعُقْدَتَيْنِ فَقَالَ هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ أَضْعَافُ الْقَمَرِ فِي الْجِرْمِ فَكَيْفَ يَحْجُبُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ إِذَا قَابَلَهُ أَمْ كَيْفَ يُظْلَمُ الْكَثِيرُ بِالْقَلِيلِ وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَيْفَ تَحْجُبُ الْأَرْضُ نُورَ الشَّمْسِ وَهِيَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ أَكْبَرُ مِنَ الْأَرْضِ بِتِسْعِينَ ضِعْفًا وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلْكُسُوفِ سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُ مَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ الْهَيْئَةِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيّ وبن ماجة وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ الْغَزَالِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ.

     وَقَالَ  إِنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ فَيَجِبُ تَكْذِيبُ نَاقِلِهَا قَالَ وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ تَأْوِيلُهَا أَهْوَنَ مِنْ مُكَابَرَةِ أُمُورٍ قَطْعِيَّةٍ لَا تصادم أصلا من أصُول الشَّرِيعَة قَالَ بن بَزِيزَةَ هَذَا عَجَبٌ مِنْهُ كَيْفَ يُسَلِّمُ دَعْوَى الْفَلَاسِفَةِ وَيَزْعُمُ أَنَّهَا لَا تَصَادِمُ الشَّرِيعَةَ مَعَ أَنَّهَا مَبْنِيَّة على أَن الْعَالم كرى الشَّكْلِ وَظَاهِرُ الشَّرْعِ يُعْطِي خِلَافَ ذَلِكَ وَالثَّابِتُ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْكُسُوفَ أَثَرُ الْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ وَفِعْلُ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ فَيَخْلُقُ فِي هَذَيْنِ الْجِرْمَيْنِ النُّورَ مَتَى شَاءَ وَالظُّلْمَةَ مَتَى شَاءَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى سَبَبٍ أَوْ رَبْطٍ بِاقْتِرَابٍ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَدَّهُ الْغَزَالِيُّ قَدْ أَثْبَتَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا لِأَنَّ النُّورِيَّةَ وَالْإِضَاءَةَ مِنْ عَالَمِ الْجَمَالِ الْحِسِّيِّ فَإِذَا تَجَلَّتْ صِفَةُ الْجَلَالِ انْطَمَسَتْ الْأَنْوَارُ لِهَيْبَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا اهـ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ وَقَدِ انْكَسَفَتْ فَبَكَى حَتَّى كَادَ أَنْ يَمُوتَ.

     وَقَالَ  هِيَ أخوف لله منا.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ رُبَّمَا يَعْتَقِدُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَهْلُ الْحِسَابِ يُنَافِي قَوْلَهُ يُخَوِّفُ اللَّهُ بهما عباده وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّ لِلَّهِ أَفْعَالًا عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ وَأَفْعَالًا خَارِجَةً عَنْ ذَلِكَ وَقُدْرَتَهُ حَاكِمَةٌ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ فَلَهُ أَنْ يَقْتَطِعَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَاتِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ لِقُوَّةِ اعْتِقَادِهِمْ فِي عُمُومِ قُدْرَتِهِ عَلَى خَرْقِ الْعَادَةِ وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ إِذَا وَقَعَ شَيْءٌ غَرِيبٌ حَدَثَ عِنْدَهُمُ الْخَوْفُ لِقُوَّةِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَسْبَابٌ تَجْرِي عَلَيْهَا الْعَادَةُ إِلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ خَرَقَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يذكرهُ أهل الْحساب إِن كَانَ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يُنَافِي كَوْنَ ذَلِك مخوفا لعباد الله تَعَالَىاللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ .

     قَوْلُهُ  يُخَوِّفُ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ مِنْ أَهْلِ الْهَيْئَةِ أَنَّ الْكُسُوفَ أَمْرٌ عَادِيٌّ لَا يَتَأَخَّرُ وَلَا يَتَقَدَّمُ إِذْ لَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَخْوِيفٌ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْجَزْرِ وَالْمَدِّ فِي الْبَحْر وَقد رد ذَلِك عَلَيْهِم بن الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْآتِي حَيْثُ قَالَ فَقَامَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةَ قَالُوا فَلَوْ كَانَ الْكُسُوفُ بِالْحِسَابِ لَمْ يَقَعِ الْفَزَعُ وَلَوْ كَانَ بِالْحِسَابِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ بِالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ مَعْنًى فَإِنَّ ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ التَّخْوِيفَ وَأَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَةِ يُرْجَى أَنْ يُدْفَعَ بِهِ مَا يُخْشَى مِنْ أَثَرِ ذَلِكَ الْكُسُوفِ وَمِمَّا نقض بن الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ لَا تَنْكَسِفُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا يَحُولُ الْقَمَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعُقْدَتَيْنِ فَقَالَ هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ أَضْعَافُ الْقَمَرِ فِي الْجِرْمِ فَكَيْفَ يَحْجُبُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ إِذَا قَابَلَهُ أَمْ كَيْفَ يُظْلَمُ الْكَثِيرُ بِالْقَلِيلِ وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَيْفَ تَحْجُبُ الْأَرْضُ نُورَ الشَّمْسِ وَهِيَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ أَكْبَرُ مِنَ الْأَرْضِ بِتِسْعِينَ ضِعْفًا وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلْكُسُوفِ سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُ مَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ الْهَيْئَةِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيّ وبن ماجة وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ الْغَزَالِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ.

     وَقَالَ  إِنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ فَيَجِبُ تَكْذِيبُ نَاقِلِهَا قَالَ وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ تَأْوِيلُهَا أَهْوَنَ مِنْ مُكَابَرَةِ أُمُورٍ قَطْعِيَّةٍ لَا تصادم أصلا من أصُول الشَّرِيعَة قَالَ بن بَزِيزَةَ هَذَا عَجَبٌ مِنْهُ كَيْفَ يُسَلِّمُ دَعْوَى الْفَلَاسِفَةِ وَيَزْعُمُ أَنَّهَا لَا تَصَادِمُ الشَّرِيعَةَ مَعَ أَنَّهَا مَبْنِيَّة على أَن الْعَالم كرى الشَّكْلِ وَظَاهِرُ الشَّرْعِ يُعْطِي خِلَافَ ذَلِكَ وَالثَّابِتُ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْكُسُوفَ أَثَرُ الْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ وَفِعْلُ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ فَيَخْلُقُ فِي هَذَيْنِ الْجِرْمَيْنِ النُّورَ مَتَى شَاءَ وَالظُّلْمَةَ مَتَى شَاءَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى سَبَبٍ أَوْ رَبْطٍ بِاقْتِرَابٍ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَدَّهُ الْغَزَالِيُّ قَدْ أَثْبَتَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا لِأَنَّ النُّورِيَّةَ وَالْإِضَاءَةَ مِنْ عَالَمِ الْجَمَالِ الْحِسِّيِّ فَإِذَا تَجَلَّتْ صِفَةُ الْجَلَالِ انْطَمَسَتْ الْأَنْوَارُ لِهَيْبَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا اهـ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ وَقَدِ انْكَسَفَتْ فَبَكَى حَتَّى كَادَ أَنْ يَمُوتَ.

     وَقَالَ  هِيَ أخوف لله منا.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ رُبَّمَا يَعْتَقِدُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَهْلُ الْحِسَابِ يُنَافِي قَوْلَهُ يُخَوِّفُ اللَّهُ بهما عباده وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّ لِلَّهِ أَفْعَالًا عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ وَأَفْعَالًا خَارِجَةً عَنْ ذَلِكَ وَقُدْرَتَهُ حَاكِمَةٌ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ فَلَهُ أَنْ يَقْتَطِعَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَاتِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ لِقُوَّةِ اعْتِقَادِهِمْ فِي عُمُومِ قُدْرَتِهِ عَلَى خَرْقِ الْعَادَةِ وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ إِذَا وَقَعَ شَيْءٌ غَرِيبٌ حَدَثَ عِنْدَهُمُ الْخَوْفُ لِقُوَّةِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَسْبَابٌ تَجْرِي عَلَيْهَا الْعَادَةُ إِلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ خَرَقَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يذكرهُ أهل الْحساب إِن كَانَ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يُنَافِي كَوْنَ ذَلِك مخوفا لعباد الله تَعَالَىالْقَمَرُ كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا يُقَالُ كَسَفَ وَإِذَا اخْتَصَّ الْقَمَرُ بِالْخُسُوفِ أَشْعَرَ بِاخْتِصَاصِ الشَّمْسِ بِالْكُسُوفِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّ الَّذِي يَتَّفِقُ لِلشَّمْسِ كَالَّذِي يَتَّفِقُ لِلْقَمَرِ وَقَدْ سُمِّيَ فِي الْقُرْآنِ بِالْخَاءِ فِي الْقَمَرِ فَلْيَكُنِ الَّذِي لِلشَّمْسِ كَذَلِكَ ثُمَّ سَاقَ الْمُؤَلِّفُ حَدِيثَ بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ عُرْوَةُ لَكِنْ رِوَايَاتُ غَيْرِهِ بِلَفْظِ كَسَفَتْ كَثِيرَةٌ جِدًّا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1048] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ».
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الْوَارِثِ وَشُعْبَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ: «يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ».
وَتَابَعَهُ أشعثُ عن الحسنِ.
وَتَابَعَهُ مُوسَى عَنْ مُبَارَكٍ عَنِ الْحَسَنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ».
وبه قال ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء الثقفي البغلاني، وسقط: ابن سعيد، لأبي ذر في نسخة، ولأبي الوقت، وابن عساكر، والأصيلي: ( قال: حدّثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي الجهضمي البصري ( عن يونس) بن عبيد ( عن الحسن) البصري ( عن أبي بكرة) نفيع بن الحرث، رضي الله عنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما كسفت الشمس، وقالوا: إنما كسفت لموت إبراهيم: ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله) أي: كسوفهما، لأن التخويف إنما هو بخسوفهما، لا بذاتهما، وإن كان كل شيء من خلقه آية من آياته.
ولذا قال الشافعي، فيما رأيته في سنن البيهقي، في قوله: { وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت: 37] الآية وقوله: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} [البقرة: 164] مع ما ذكر الله من الآيات في كتابه، ذكر الله الآيات ولم يذكر معها سجودًا إلا مع الشمس والقمر، فأمر بأن لا يسجد لهما.
وأمر بأن يسجد له، فاحتمل أمره أن يسجد له عند ذكر حادث في الشمس والقمر.
واحتمل أن يكون إنما نهى عن السجود لهما، كما نهى عن عبادة ما سواه، فدلّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على: أن يصلّى لله عند كسوفهما، ولا يفعل ذلك في شيء من الآيات غيرهما .. اهـ.
( لا ينكسفان لموت أحد) إذ هما خلقان مسخران، ليس لهما سلطان في غيرهما، ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما، وزاد أبو ذر هنا: ولا لحياته.
بلام قبل الحاء، وله في أخرى: ولا حياته بحذفها ( ولكن الله تعالى يخوف بها) أي بالكسفة، وللأصيلي، وابن عساكر: بهما ( عباده) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ولكن يخوف الله بهما عباده.
ولأبي ذر عن الكشميهني: ولكن الله يخوّف بها عباده.
فالكسوف من آياته تعالى المخوّفة.
أما إنه آية من آيات الله فلأن الخلق عاجزون عن ذلك، وأما إنه من الآيات المخوفة فلأن تبديل النور بالظلمة تخويف، والله تعالى إنما يخوف عباده ليتركوا المعاصي، ويرجعوا لطاعته التي بها فوزهم، وأفضل الطاعات بعد الإيمان الصلاة.
وفيه رد على أهل الهيئة حيث قالوا: إن الكسوف أمر عادي لا تأخير فيه ولا تقديم.
لأنه لو كان كما زعموا لم يكن فيه تخويف ولا فزع، ولم يكن للأمر بالصلاة والصدقة معنى: ولئن سلمنا ذلك، فالتخويف باعتبار أنه يذكر القيامة لكونه إنموذخًا قال الله تعالى: { فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ( 7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة: 7 - 8] ...
ومن ثم، قام عليه الصلاة والسلام فزعًا، فخشي أن تكون الساعة، كما في رواية أخرى.
وكان عليه الصلاة والسلام إذا اشتد هبوب الرياح تغير ودخل وخرج خشية أن تكون كريح عاد، وإن كان هبوب الرياح أمرًا عاديًا.
وقد كان أرباب الخشية والمراقبة يفزعون من أقل من ذلك إذ كل ما في العالم، علويه وسفليه، دليل على نفوذ قدرة الله تعالى، وتمام قهره.
فإن قلت: التخويف عبارة عن إحداث الخوف بسبب، ثم قد يقع الخوف وقد لا يقع، وحينئذ يلزم الخلف في الوعيد.
فالجواب كما في المصابيح: المنع، لأن الخلف وضده من عوارض الأقوال، وأما الأفعال، فلا.
إنما هي من جنس المعاريض، والصحيح عندنا فيما يتميز به الواجب، أنه التخويف ولهذا لم يلزم الخلف على تقدير المغفرة.
فإن قيل: الوعيد لفظ فكيف يخلص من الخلف؟.
فالجواب: أن لفظ الوعيد عام أريد به الخصوص، غير أن كل واحد يقول: لعلي داخل في العموم، فيحصل له التخويف، فيحصل الخوف وإن كان الله تعالى لم يرده في العموم، ولكن أراد تخويفه بإيراد العموم، وستر العاقبة عنه في بيان أنهخارج منه، فيجتمع حينئذ الوعيد والمغفرة، ولا خلف.
ومصداقه في قوله تعالى: { وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59] قاله الدماميني.
( وقال أبو عبد الله) أيّ البخاري، وسقط ذلك كله للأربعة ( لم) ولأبي الوقت، والأصيلي، وابن عساكر: ولم ( يذكر عبد الوارث) بن سعيد التنوري بفتح المثناة الفوقية وتشديد النون، البصري فيما أخرجه المؤلّف في صلاة كسوف القمر ( وشعبة) بن الحجاج، مما سيأتي إن شاء الله تعالى في كسوف القمر ( وخالد بن عبد الله) الطحان الواسطي، مما سبق في أول الكسوف ( وحماد بن سلمة) بفتح اللام، ابن دينار الربعي، مما وصله الطبراني من رواية حجاج بن منهال عنه ( عن يونس) بن عبيد المذكور: ( ويخوف الله بها) وللحموي: بهما ( عباده) .
وسقطت الجلالة لغير أبي ذر.
( وتابعه) أي: تابع يونس في روايته عن الحسن ( أشعث) بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح المهملة وبالمثلثة، ابن عبد الملك الحمراني، بضم الحاء المهملة، البصري، مما وصله النسائي ( عن الحسن) البصري يعني في حذف قوله: "يخوّف الله بهما عباده".
( وتابعه موسى) هو: ابن إسماعيل التبوذكي، كما جزم به المزي أو هو: ابن داود الضبي، كما قاله الدمياطي، لكن رجح الحافظ ابن حجر الأول بأن ابن إسماعيل معروف في رجال البخاري، بخلاف ابن داود ( عن مبارك) بضم الميم وفتح الموحدة، هو ابن فضالة بن أبي أمية القرشي العدوي البصري، وقد روى هذا الطبراني من رواية أبي الوليد، وقاسم بن أصبغ من رواية سليمان بن حرب، كلاهما عن مبارك ( عن الحسن، قال: أخبرني) بالإفراد ( أبو بكرة) رضي الله عنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( إن الله تعالى يخوّف بهما) أي: بالكسوفين، ولابن عساكر: بها أي: بالكسفة، ولأبي الوقت: عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يخوّف الله بهما، ولأبي ذر كذلك إلا أنه قال: يخوّف بهما ( عباده) فأسقط لفظ الجلالة بعد: يخوّف، ولفظ: إن الله تعالى، قبلها، كأبي الوقت.
وفي هذه المتابعة الرد على ابن خيثمة، حيث نفى سماع الحسن من أبي بكرة، فإنه قال فيها: أخبرني أبو بكرة، والمثبت مقدم على النافي، وقد سبق مزيد لذلك قريبًا.
ووقع في اليونينية في رواية غير أبي ذر متابعة أشعث عن الحسن عقب قوله في آخر متابعة موسى: يخوّف بهما عباده قال في الفتح: والصواب تقديمها لخلو رواية أشعث من قوله: يخوّف بهما عباده.
نعم في بعض النسخ سقوط متابعة أشعث، وثبتت في هامش اليونينية، لأبوي ذر، والوقت، والأصيلي وابن عساكر متقدمة على متابعة موسى، والله أعلم.
7 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي الْكُسُوفِ ( باب التعوذ) بالله ( من عذاب القبر في) صلاة ( الكسوف) حين يدعو فيها، أو بعد الفراغ منها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَوِّفُ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالْكُسُوفِ)
قَالَهُ أَبُو مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَأْتِي حَدِيثُهُ مَوْصُولًا بَعْدَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُونُسَ وَفِيهِ وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُخَوِّفُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْكُسُوفِ

[ قــ :1015 ... غــ :1048] .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الْوَارِثِ وَشُعْبَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ أَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ الْوَارِثِ فَأَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَ عَشَرَةِ أَبْوَابٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْهُ وَلَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ لَكِنَّهُ ثَبَتَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَارِثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ وَذَكَرَ فِيهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو مَعْمَرٍ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ شُعْبَةَ فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَسَبَقَتْ فِي أول الْكُسُوف وَمَا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَوَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ عَنْهُ بِلَفْظِ رِوَايَةِ خَالِدٍ وَمَعْنَاهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَإِذَا كَسَفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَصَلُّوا وَادْعُوا .

     قَوْلُهُ  وَتَابَعَهُ أَشْعَثُ يَعْنِي بن عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيَّ عَنِ الْحَسَنِ يَعْنِي فِي حَذْفِ قَوْلِهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ وَقَدْ وصل النَّسَائِيّ هَذِه الطَّرِيق وبن حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ وَلَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَتَابَعَهُ مُوسَى عَنْ مُبَارَكٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَر أَن الله تَعَالَى ومُوسَى هُوَ بن إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ.

     وَقَالَ  الدمياطي وَمن تبعه هُوَ بن دَاوُد الضَّبِّيّ وَالْأول أرجح لِأَن بن إِسْمَاعِيل مَعْرُوف فِي رجال البُخَارِيّ دون بن دَاوُدَ وَلَمْ تَقَعْ لِي هَذِهِ الرِّوَايَةُ إِلَى الْآنِ مِنْ طَرِيقِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة أَبى الْوَلِيد وبن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ هُدْبَةَ وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ كُلُّهُمْ عَنْ مُبَارَكٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ هُدْبَةَ لَيْسَ فِيهَا يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ أَشْعَثُ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ عَقِبَ مُتَابَعَةِ مُوسَى وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُهُ لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ خُلُوِّ رِوَايَةِ أَشْعَثَ مِنْ قَوْلِهِ يخوف اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ .

     قَوْلُهُ  يُخَوِّفُ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ مِنْ أَهْلِ الْهَيْئَةِ أَنَّ الْكُسُوفَ أَمْرٌ عَادِيٌّ لَا يَتَأَخَّرُ وَلَا يَتَقَدَّمُ إِذْ لَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَخْوِيفٌ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْجَزْرِ وَالْمَدِّ فِي الْبَحْر وَقد رد ذَلِك عَلَيْهِم بن الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْآتِي حَيْثُ قَالَ فَقَامَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةَ قَالُوا فَلَوْ كَانَ الْكُسُوفُ بِالْحِسَابِ لَمْ يَقَعِ الْفَزَعُ وَلَوْ كَانَ بِالْحِسَابِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ بِالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ مَعْنًى فَإِنَّ ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ التَّخْوِيفَ وَأَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَةِ يُرْجَى أَنْ يُدْفَعَ بِهِ مَا يُخْشَى مِنْ أَثَرِ ذَلِكَ الْكُسُوفِ وَمِمَّا نقض بن الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ لَا تَنْكَسِفُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا يَحُولُ الْقَمَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعُقْدَتَيْنِ فَقَالَ هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ أَضْعَافُ الْقَمَرِ فِي الْجِرْمِ فَكَيْفَ يَحْجُبُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ إِذَا قَابَلَهُ أَمْ كَيْفَ يُظْلَمُ الْكَثِيرُ بِالْقَلِيلِ وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَيْفَ تَحْجُبُ الْأَرْضُ نُورَ الشَّمْسِ وَهِيَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ أَكْبَرُ مِنَ الْأَرْضِ بِتِسْعِينَ ضِعْفًا وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلْكُسُوفِ سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُ مَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ الْهَيْئَةِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيّ وبن ماجة وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ الْغَزَالِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ.

     وَقَالَ  إِنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ فَيَجِبُ تَكْذِيبُ نَاقِلِهَا قَالَ وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ تَأْوِيلُهَا أَهْوَنَ مِنْ مُكَابَرَةِ أُمُورٍ قَطْعِيَّةٍ لَا تصادم أصلا من أصُول الشَّرِيعَة قَالَ بن بَزِيزَةَ هَذَا عَجَبٌ مِنْهُ كَيْفَ يُسَلِّمُ دَعْوَى الْفَلَاسِفَةِ وَيَزْعُمُ أَنَّهَا لَا تَصَادِمُ الشَّرِيعَةَ مَعَ أَنَّهَا مَبْنِيَّة على أَن الْعَالم كرى الشَّكْلِ وَظَاهِرُ الشَّرْعِ يُعْطِي خِلَافَ ذَلِكَ وَالثَّابِتُ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْكُسُوفَ أَثَرُ الْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ وَفِعْلُ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ فَيَخْلُقُ فِي هَذَيْنِ الْجِرْمَيْنِ النُّورَ مَتَى شَاءَ وَالظُّلْمَةَ مَتَى شَاءَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى سَبَبٍ أَوْ رَبْطٍ بِاقْتِرَابٍ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَدَّهُ الْغَزَالِيُّ قَدْ أَثْبَتَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا لِأَنَّ النُّورِيَّةَ وَالْإِضَاءَةَ مِنْ عَالَمِ الْجَمَالِ الْحِسِّيِّ فَإِذَا تَجَلَّتْ صِفَةُ الْجَلَالِ انْطَمَسَتْ الْأَنْوَارُ لِهَيْبَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا اهـ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ وَقَدِ انْكَسَفَتْ فَبَكَى حَتَّى كَادَ أَنْ يَمُوتَ.

     وَقَالَ  هِيَ أخوف لله منا.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ رُبَّمَا يَعْتَقِدُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَهْلُ الْحِسَابِ يُنَافِي قَوْلَهُ يُخَوِّفُ اللَّهُ بهما عباده وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّ لِلَّهِ أَفْعَالًا عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ وَأَفْعَالًا خَارِجَةً عَنْ ذَلِكَ وَقُدْرَتَهُ حَاكِمَةٌ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ فَلَهُ أَنْ يَقْتَطِعَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَاتِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ لِقُوَّةِ اعْتِقَادِهِمْ فِي عُمُومِ قُدْرَتِهِ عَلَى خَرْقِ الْعَادَةِ وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ إِذَا وَقَعَ شَيْءٌ غَرِيبٌ حَدَثَ عِنْدَهُمُ الْخَوْفُ لِقُوَّةِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَسْبَابٌ تَجْرِي عَلَيْهَا الْعَادَةُ إِلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ خَرَقَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يذكرهُ أهل الْحساب إِن كَانَ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يُنَافِي كَوْنَ ذَلِك مخوفا لعباد الله تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُخَوِّفُ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالْكُسُوفِ»
قَالَهُ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

(باب قول النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يخوف الله عباده بالكسوف قاله أبو موسى) كذا للأربعة، ولغيرهم: وقال أبو موسى (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما وصله المؤلّف، بعد ثمانية أبواب.


[ قــ :1015 ... غــ : 1048 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ»..
     وَقَالَ  أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الْوَارِثِ وَشُعْبَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ: «يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ».
وَتَابَعَهُ أشعثُ عن الحسنِ.
وَتَابَعَهُ مُوسَى عَنْ مُبَارَكٍ عَنِ الْحَسَنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ».

وبه قال (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء الثقفي البغلاني، وسقط: ابن سعيد، لأبي ذر في نسخة، ولأبي الوقت، وابن عساكر، والأصيلي: (قال: حدّثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي الجهضمي البصري (عن يونس) بن عبيد (عن الحسن) البصري (عن أبي بكرة) نفيع بن الحرث، رضي الله عنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما كسفت الشمس، وقالوا: إنما كسفت لموت إبراهيم:
(إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله) أي: كسوفهما، لأن التخويف إنما هو بخسوفهما، لا بذاتهما، وإن كان كل شيء من خلقه آية من آياته.

ولذا قال الشافعي، فيما رأيته في سنن البيهقي، في قوله: { وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت: 37] الآية وقوله: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} [البقرة: 164] مع ما ذكر الله من الآيات في كتابه، ذكر الله الآيات ولم يذكر معها سجودًا إلا مع الشمس والقمر، فأمر بأن لا يسجد لهما.
وأمر بأن يسجد له، فاحتمل أمره أن يسجد له عند ذكر حادث في الشمس والقمر.
واحتمل أن يكون إنما نهى عن السجود لهما، كما نهى عن عبادة ما سواه، فدلّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على: أن يصلّى لله عند كسوفهما، ولا يفعل ذلك في شيء من الآيات غيرهما .. اهـ.


(لا ينكسفان لموت أحد) إذ هما خلقان مسخران، ليس لهما سلطان في غيرهما، ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما، وزاد أبو ذر هنا: ولا لحياته.
بلام قبل الحاء، وله في أخرى: ولا حياته بحذفها (ولكن الله تعالى يخوف بها) أي بالكسفة، وللأصيلي، وابن عساكر: بهما (عباده) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ولكن يخوف الله بهما عباده.
ولأبي ذر عن الكشميهني: ولكن الله يخوّف بها عباده.

فالكسوف من آياته تعالى المخوّفة.
أما إنه آية من آيات الله فلأن الخلق عاجزون عن ذلك، وأما إنه من الآيات المخوفة فلأن تبديل النور بالظلمة تخويف، والله تعالى إنما يخوف عباده ليتركوا المعاصي، ويرجعوا لطاعته التي بها فوزهم، وأفضل الطاعات بعد الإيمان الصلاة.

وفيه رد على أهل الهيئة حيث قالوا: إن الكسوف أمر عادي لا تأخير فيه ولا تقديم.
لأنه لو كان كما زعموا لم يكن فيه تخويف ولا فزع، ولم يكن للأمر بالصلاة والصدقة معنى:
ولئن سلمنا ذلك، فالتخويف باعتبار أنه يذكر القيامة لكونه إنموذخًا قال الله تعالى: { فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة: 7 - 8] ... ومن ثم، قام عليه الصلاة والسلام فزعًا، فخشي أن تكون الساعة، كما في رواية أخرى.

وكان عليه الصلاة والسلام إذا اشتد هبوب الرياح تغير ودخل وخرج خشية أن تكون كريح عاد، وإن كان هبوب الرياح أمرًا عاديًا.
وقد كان أرباب الخشية والمراقبة يفزعون من أقل من ذلك إذ كل ما في العالم، علويه وسفليه، دليل على نفوذ قدرة الله تعالى، وتمام قهره.

فإن قلت: التخويف عبارة عن إحداث الخوف بسبب، ثم قد يقع الخوف وقد لا يقع، وحينئذ يلزم الخلف في الوعيد.

فالجواب كما في المصابيح: المنع، لأن الخلف وضده من عوارض الأقوال، وأما الأفعال، فلا.
إنما هي من جنس المعاريض، والصحيح عندنا فيما يتميز به الواجب، أنه التخويف ولهذا لم يلزم الخلف على تقدير المغفرة.

فإن قيل: الوعيد لفظ فكيف يخلص من الخلف؟.

فالجواب: أن لفظ الوعيد عام أريد به الخصوص، غير أن كل واحد يقول: لعلي داخل في العموم، فيحصل له التخويف، فيحصل الخوف وإن كان الله تعالى لم يرده في العموم، ولكن أراد تخويفه بإيراد العموم، وستر العاقبة عنه في بيان أنه خارج منه، فيجتمع حينئذ الوعيد والمغفرة، ولا خلف.
ومصداقه في قوله تعالى: { وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59] قاله الدماميني.

(وقال أبو عبد الله) أيّ البخاري، وسقط ذلك كله للأربعة (لم) ولأبي الوقت، والأصيلي، وابن عساكر: ولم (يذكر عبد الوارث) بن سعيد التنوري بفتح المثناة الفوقية وتشديد النون، البصري

فيما أخرجه المؤلّف في صلاة كسوف القمر (وشعبة) بن الحجاج، مما سيأتي إن شاء الله تعالى في كسوف القمر (وخالد بن عبد الله) الطحان الواسطي، مما سبق في أول الكسوف (وحماد بن سلمة) بفتح اللام، ابن دينار الربعي، مما وصله الطبراني من رواية حجاج بن منهال عنه (عن يونس) بن عبيد المذكور:
(ويخوف الله بها) وللحموي: بهما (عباده).
وسقطت الجلالة لغير أبي ذر.

(وتابعه) أي: تابع يونس في روايته عن الحسن (أشعث) بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح المهملة وبالمثلثة، ابن عبد الملك الحمراني، بضم الحاء المهملة، البصري، مما وصله النسائي (عن الحسن) البصري يعني في حذف قوله: "يخوّف الله بهما عباده".

(وتابعه موسى) هو: ابن إسماعيل التبوذكي، كما جزم به المزي أو هو: ابن داود الضبي، كما قاله الدمياطي، لكن رجح الحافظ ابن حجر الأول بأن ابن إسماعيل معروف في رجال البخاري، بخلاف ابن داود (عن مبارك) بضم الميم وفتح الموحدة، هو ابن فضالة بن أبي أمية القرشي العدوي البصري، وقد روى هذا الطبراني من رواية أبي الوليد، وقاسم بن أصبغ من رواية سليمان بن حرب، كلاهما عن مبارك (عن الحسن، قال: أخبرني) بالإفراد (أبو بكرة) رضي الله عنه (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إن الله تعالى يخوّف بهما) أي: بالكسوفين، ولابن عساكر: بها أي: بالكسفة، ولأبي الوقت: عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يخوّف الله بهما، ولأبي ذر كذلك إلا أنه قال: يخوّف بهما (عباده) فأسقط لفظ الجلالة بعد: يخوّف، ولفظ: إن الله تعالى، قبلها، كأبي الوقت.

وفي هذه المتابعة الرد على ابن خيثمة، حيث نفى سماع الحسن من أبي بكرة، فإنه قال فيها: أخبرني أبو بكرة، والمثبت مقدم على النافي، وقد سبق مزيد لذلك قريبًا.

ووقع في اليونينية في رواية غير أبي ذر متابعة أشعث عن الحسن عقب قوله في آخر متابعة موسى: يخوّف بهما عباده قال في الفتح: والصواب تقديمها لخلو رواية أشعث من قوله: يخوّف بهما عباده.
نعم في بعض النسخ سقوط متابعة أشعث، وثبتت في هامش اليونينية، لأبوي ذر، والوقت، والأصيلي وابن عساكر متقدمة على متابعة موسى، والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَوِّفُ الله عِبَادَهُ بالكُسُوفِ قَالَه أبُو مُوسَى عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ: ( يخوف الله، عز وَجل، عباده بالكسوف) ، وَسَيَأْتِي حَدِيث أبي مُوسَى هَذَا فِي: بابُُ الذّكر الْكُسُوف.



[ قــ :1015 ... غــ :1048 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ يُوُنُسَ عنِ الحَسَنِ عنْ أبي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آياتِ الله لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولاَ لِحَيَاتِهِ ولاكِنَّ الله تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ..
قد مضى الْكَلَام فِي حَدِيث أبي بكرَة فِي أول أَبْوَاب الْكُسُوف، ومطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

قَوْله: ( وَلَكِن الله يخوف بهما) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( وَلَكِن الله يخوف) .
قَوْله: ( يخوف) ، فِيهِ رد على أهل الْهَيْئَة حَيْثُ يَزْعمُونَ أَن الْكُسُوف أَمر عادي لَا يتَأَخَّر وَلَا يتَقَدَّم، فَلَو كَانَ كَذَلِك لم يكن فِيهِ تخويف، فَيصير بِمَنْزِلَة الجزر وَالْمدّ فِي الْبَحْر، وَقد جَاءَ فِي حَدِيث أبي مُوسَى، على مَا يَأْتِي: ( فَقَامَ فَزعًا يخْشَى أَن تكون السَّاعَة) ، فَلَو كَانَ الْكُسُوف بِالْحِسَابِ لم يَقع الْفَزع، وَلم يكن لِلْأَمْرِ بِالْعِتْقِ وَالصَّدَََقَة وَالصَّلَاة وَالذكر معنى، وَقد رددنا عَلَيْهِم فِيمَا مضى، وَيرد عَلَيْهِم أَيْضا بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَة أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا: ( إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا ينكسفا لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، ولكنهما آيتان من آيَات الله، وَإِن الله إِذا تجلى لشَيْء من خلقه خضع لَهُ) ..
     وَقَالَ  الْغَزالِيّ: هَذِه الزِّيَادَة لم تثبت فَيجب تَكْذِيب ناقلها، وَلَو صحت لَكَانَ أَهْون من مُكَابَرَة أُمُور قَطْعِيَّة لَا تصادم الشَّرِيعَة، ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ: كَيفَ يسلم دَعْوَى الفلاسفة وَيَزْعُم أَنَّهَا لَا تصادم الشَّرِيعَة مَعَ أَنَّهَا مَبْنِيَّة على أَن الْعَالم كري الشكل وَظَاهر الشَّرْع خلاف ذَلِك؟ وَالثَّابِت من قَوَاعِد الشَّرْع أَن الْكُسُوف أثر الْإِرَادَة الْقَدِيمَة، وَفعل الْفَاعِل الْمُخْتَار فيخلق فِي هذَيْن الجرمين النُّور مَتى شَاءَ والظلمة مَتى شَاءَ من غير تَوْقِيف على سَبَب أَو ربط باقتراب، وَكَيف يرد الحَدِيث الْمَذْكُور وَقد أثْبته جمَاعَة من الْعلمَاء وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم؟ وَلَئِن سلمنَا أَن مَا ذكره أهل الْحساب صَحِيح فِي نفس الْأَمر، فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي كَون ذَلِك مخوفا لعباد الله تَعَالَى.

وَقَالَ أبُو عُبَيه الله لَمْ يَذْكُرْ عبْدُ الوَارِثِ وشُعْبَةُ وخالِدُ بنُ عَبْدِ الله وحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ عنْ يُونُسَ يُخوِّفُ بِهِمَا عِبَادِهِ
أَشَارَ بِهَذَا الْكَلَام إِلَى أَن عبد الْوَارِث بن سعيد التنوري وَشعْبَة بن الْحجَّاج وخَالِد بن عبد الله الطَّحَّان الوَاسِطِيّ وَحَمَّاد بن سَلمَة، بِفَتْح اللَّام، لم يذكرُوا فِي روايتهم عَن يُونُس بن عبيد الْمَذْكُور عَن قريب لفظ: ( يخوف الله بهما عباده) فِي رِوَايَته عَن الْحسن الْبَصْرِيّ عَن أبي بكرَة.
أما رِوَايَة عبد الْوَارِث فَذكرهَا البُخَارِيّ بعد عشرَة أَبْوَاب فِي بابُُ الصَّلَاة فِي كسوف الْقَمَر، وَلَيْسَ فِيهَا هَذَا اللَّفْظ، على مَا ستقف عَلَيْهَا، وَلَكِن ثَبت ذَلِك عَن عبد الْوَارِث من وَجه آخر رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن عمرَان بن مُوسَى عَن عبد الْوَارِث، قَالَ: حَدثنَا يُونُس عَن الْحسن عَن أبي بكرَة قَالَ: ( كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانكسفت الشَّمْس فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجر رِدَاءَهُ حَتَّى انْتهى إِلَى الْمَسْجِد وثاب إِلَيْهِ النَّاس، فصلى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انكشفت قَالَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله يخوف الله بهما عباده، وإنهما لَا ينخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فصلوا حَتَّى يكسف مَا بكم، وَذَلِكَ أَن ابْنا لَهُ مَاتَ يُقَال لَهُ: إِبْرَاهِيم، فَقَالَ نَاس فِي ذَلِك) .
وَأما رِوَايَة شُعْبَة فأخرجها البُخَارِيّ فِي: بابُُ كسوف الْقَمَر، حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن عَامر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة عَن يُونُس عَن الْحسن ( عَن أبي بكرَة قَالَ: انكسفت الشَّمْس على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى رَكْعَتَيْنِ) .
وَأما رِوَايَة خَالِد بن عبد الله فقد مَضَت فِي أول أَبْوَاب الْكُسُوف.
وَأما رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة فأخرجها الطَّبَرَانِيّ فِي ( المعجم الْكَبِير) : عَن عَليّ بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: حَدثنَا حجاج بن منهال حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن يُونُس فَذكره، وأخرجها الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من طَرِيق أبي زَكَرِيَّا السيلَحِينِي عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن يُونُس فَذكره.

وتَابَعَهُ مُوسى عنْ مُبَارَكٍ عنِ الحَسَنِ قَالَ أَخْبرنِي أبُو بَكْرَةَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّ الله تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ
أَي: تَابع يُونُس فِي رِوَايَته عَن الْحسن مُوسَى عَن مبارك، وَاخْتلف فِي المُرَاد بمُوسَى، فَقيل: هُوَ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي وَجزم بِهِ الْحَافِظ الْمزي، وَقيل: هُوَ مُوسَى بن دَاوُد الضَّبِّيّ، وَمَال إِلَيْهِ الْحَافِظ الدمياطي وَجَمَاعَة.
قيل: الأول أرجح لكَون مُوسَى بن إِسْمَاعِيل مَعْرُوفا فِي رجال البُخَارِيّ، ومبارك هُوَ: ابْن فضَالة بن أبي أُميَّة الْقرشِي الْعَدوي الْبَصْرِيّ، وَفِيه مقَال، وَأَرَادَ بِهِ البُخَارِيّ تنصيص الْحسن على سَمَاعه من أبي بكرَة، فَإِن ابْن خَيْثَمَة ذكر فِي ( تَارِيخه الْكَبِير) عَن يحيى أَنه لم يسمع مِنْهُ، وَذكر هَذِه الْمُتَابَعَة للرَّدّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ صرح فِيهَا أَن الْحسن قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو بكرَة، وَقد علم أَن الْمُثبت يرجح على النَّافِي.
قَوْله: ( يخوف الله بهما) أَي: بكسوف الشَّمْس وكسوف الْقَمَر، ويروى: ( بهَا) ، أَي: بِالْآيَةِ، فَإِن كسوفهما آيَة من الْآيَات، وَفِي رِوَايَة غير أبي ذَر: ( إِن الله يخوف) .

وتابَعَهُ أشْعَثُ عنِ الحَسَنِ

يَعْنِي: تَابع مبارك بن فضَالة أَشْعَث بن عبد الْملك الحمراني عَن الْحسن كَذَلِك، لَكِن بِلَا ذكر التخويف، رَوَاهُ النَّسَائِيّ كَذَلِك عَن الفلاس عَن خَالِد بن الْحَارِث عَن أَشْعَث عَن الْحسن ( عَن أبي بكرَة، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكسفت الشَّمْس فَوَثَبَ يجر ثَوْبه فصلى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انجلت الشَّمْس) ..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَقع قَوْله: ( تَابعه أَشْعَث) ، فِي بعض الرِّوَايَات عقيب مُتَابعَة مُوسَى، وَالصَّوَاب تَقْدِيمه لخلو رِوَايَة أَشْعَث عَن ذكر التخويف.
قلت: لَا يلْزم من مُتَابعَة أَشْعَث لمبارك بن فضَالة فِي الرِّوَايَة عَن الْحسن أَن يكون فِيهِ ذكر التخويف، لِأَن مُجَرّد الْمُتَابَعَة تَكْفِي فِي الرِّوَايَة، وَقد ذهل صَاحب ( التَّلْوِيح) هُنَا حَيْثُ قَالَ: فِي قَوْله: ( تَابعه أَشْعَث عَن الْحسن) يَعْنِي: تَابع مبارك بن فضَالة عَن الْحسن بِذكر التخويف رَوَاهُ النَّسَائِيّ إِلَى آخِره، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ عَن الْأَشْعَث ذكر التخويف، وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال.