وَأَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَاسْمُهُ هِشَامُ بْنُ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ , وَأُمُّهُ بُرَيْهَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ , وَأُمُّ أَبِي ذِئْبٍ أُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ , وَكَانَ أَبُو أُحَيْحَةَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ خَالَهُ , وَكَانَ أَبُو ذِئْبٍ قَدْ أَتَى قَيْصَرَ فَسَعَى بِهِ عُثْمَانُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : شَيْطَانُ قُرَيْشٍ إِلَى قَيْصَرَ , فَحَبَسَ قَيْصَرُ أَبَا ذِئْبٍ حَتَّى مَاتَ فِي حَبْسِه وَقَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ يُكْنَى أَبَا الْحَارِثِ , وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِينَ عَامَ الْجَحَّافِ , وَكَانَ مِنْ أَرْوَعِ النَّاسِ وَأَفْضَلِهِمْ , وَكَانُوا يَرْمُونَهُ بِالْقَدَرِ , وَمَا كَانَ قَدَرِيًّا , لَقَدْ كَانَ يَنْفِي قَوْلَهُمْ وَيَعِيبُهُ , وَلَكِنْ كَانَ رَجُلًا كَرِيمًا يَجْلِسُ إِلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ وَيَغْشَاهُ فَلَا يَطْرُدُهُ , وَلَا يَقُولُ لَهُ شَيْئًا , وَإِنْ هُوَ مَرَضَ عَادَهُ , فَكَانُوا يَتَّهِمُونَهُ بِالْقَدَرِ لِهَذَا وَشِبْهِهِ , وَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أَجْمَعَ , وَيَجْتَهِدُ فِي الْعِبَادَةِ , وَلَوْ قِيلَ لَهُ : إِنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ غَدًا مَا كَانَ فِيهِ مَزِيدٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ . وَأَخْبَرَنِي أَخُوهُ قَالَ : يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا , فَوَقَعَتِ الرَّجْفَةُ بِالشَّامِ , فَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَسَأَلَهُ عَنِ الرَّجْفَةِ , فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُهُ وَهُوَ يَسْتَمِعُ لِقَوْلِهِ فَلَمَّا قَضَى حَدِيثَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ إِفْطَارِهِ قُلْتُ لَهُ : قُمْ نُغَدَّ , قَالَ : دَعْهُ الْيَوْمَ , قَالَ : فَسَرَدَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى أَنْ مَاتَ , وَكَانَ شَدِيدَ الْحَالِ , يَتَعَشَّى بِالْخُبْزِ وَالزَّيْتِ , وَكَانَ لَهُ طَيْلَسَانٌ , وَقَمِيصٌ , فَكَانَ يَشْتُو فِيهِ وَيُصَيِّفُ , وَكَانَ مِنْ رِجَالِ النَّاسِ صَرَامَةً وَقُولًا بِالْحَقِّ , وَكَانَ يَتَشَبَّبُ فِي حَدَاثَتِهِ حَتَّى كَبِرَ وَطَلَبَ الْحَدِيثَ . وَقَالَ : لَوْ طَلَبْتُهُ وَأَنَا صَغِيرٌ كُنْتُ أَدْرَكْتُ مَشَايِخَ فَرَّطْتُ فِيهِمْ , وَكُنْتُ أَتَهَاوَنُ بِهَذَا الْأَمْرِ حَتَّى كَبِرْتُ وَعَقَلْتُ , وَكَانَ يَحْفَظُ حَدِيثَهُ كُلَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ , وَلَا شَيْءَ يُنْظَرُ فِيهِ وَلَا لَهُ حَدِيثٌ مُثْبَتٌ فِي شَيْءٍ قَالَ : وَسَأَلْتُ سَلَّامَةَ أُمَّ وَلَدِهِ أَنَّهُ كَتَبَ ؟ قَالَتْ : لَا , مَا لَهُ كِتَابٌ وَاحِدٌ قَالَ : وَأَوَّلُ يَوْمٍ جِئْتُهُ أَنَا وَأَخِي شَمْلَةُ انْقَلَبْنَا مِنَ الْكُتَّابِ , فَعَمَدَتْ أُمِّي إِلَيْنَا فَأَلْبَسَتْنَا ثِيَابًا وَأَخَذَتْ دَفْتَرًا لِي قَدْ كَتَبْتُ فِيهِ بَعْضَ أَحَادِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ , فَجِئْتُهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ قِرَاءَةً رَدِيئَةً وَخَطًّا رَدِيئًا , فَتَتَعْتَعْتُ فِيهِ , قَالَ : فَضَجِرَ وَأَخَذَ الدَّفْتَرَ فَطَرَحَهُ فَقَالَ : صِبْيَانٌ لَا يُحْسِنُونُ شَيْئًا , قُومُوا عَنَّا فَقُمْنَا , فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ وَانْقَلَبْنَا مِنَ الْكُتَّابِ , قَالَتْ أُمِّي : اذْهَبُوا إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ , فَأَمَّا أَخِي شَمْلَةُ فَحَلَفَ أَلَا يَذْهَبَ إِلَيْهِ , وَأَمَّا أَنَا فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ فَحِينَ رَآنِي , قَالَ : تَعَالَ تَعَالَ اذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ , فَخُذْ مِنْهُ كِتَابَهُ وَتَعَالَ , قَالَ : فَصَبَّرَنِي حَتَّى فَرَغْتُ مِنْهُ كُلِّهِ قَالَ : فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ اللَّهَ , قَالَ : ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ أَخِي بَعْدُ وَكُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَيْهِ كِلَانَا , ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى سَمِعْتُهَا مِنْهُ سَمَاعًا مِمَّا يُرَدِّدُهَا وَحَتَّى صَارَ إِذَا شَكَّ فِي حَدِيثٍ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : مَا تَقُولُ فِي كَذَا وَكَذَا , كَيْفَ حَدَّثْتُكَ ؟ فَأَقُولُ : حَدَّثْتَنَا بِهِ كَذَا وَكَذَا , فَيَرْجِعُ إِلَى قَوْلِي قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ , وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَ : يَا أَبَا الْحَارِثِ , مَا قَرَأْتُ عَلَيْكَ مِنَ الْحَدِيثِ أَقُولُ حَدَّثَنِي ؟ قَالَ : نَعَمْ , وَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ تَبَاعَةٍ فَهُوَ فِي عُنُقِي قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : وَكَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يَرُوحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى الصَّلَاةِ بَاكِرًا , فَيُصَلِّي حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ , وَمَا رَأَيْتُهُ نَظَرَ إِلَى شَمْسٍ قَطُّ يَعْنِي فِي قَوْلِ مَنْ رَأَى الْكَرَامَةَ لِلصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ يَأْتِي دَارَ أَجْدَادِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , فَيَأْخُذُ كِرَاءَهَا فَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ , وَيَقْسِمُ عَلَيْهِمْ حِصَصَهُمْ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : وَكَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لَا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : لَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بِالْمَدِينَةِ لَزِمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بَيْتَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ حَتَّى قُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ إِذَا جَلَسَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَاقْتَعَدَهُ سَأَلَ أَهْلَ الْمَجْلِسِ مَا فَعَلَ صَاحِبُكُمْ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا نَدْرِي , قَالَ : أَيْنَ مَنْزِلَهُ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا نَدْرِي , ضَجَرَ عَلَيْهِمْ , وَقَالَ : لِأَيِّ شَيْءٍ تَصْلُحُونَ ؟ يَجْلِسُ إِلَيْكُمْ رَجُلٌ لَا تَدْرُونُ إِذَا أَعْقَلَ لَمْ تَعُودُوهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ لَمْ تُعيِنُوهُ فَإِنْ عَرَفُوا مَنْزِلَهُ , قَالَ : قُومُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ فِي مَنْزِلِهِ , فَنَسْأَلُ بِهِ وَنَعُودُهُ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ أَبِي ذِئْبٍ إِذْ أَتَاهُ شَيْخٌ , فَقَالَ : تَذْكُرُ يَا أَبَا الْحَارِثِ يَوْمَ سَابَقْنَا بِالْحَمَامِ فَعَدَوْنَا تَحْتَهَا , فَكَانَ وَكَانَ , قَالَ : وَأَقْبَلَ يُحَدِّثُهُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يَتَغَافَلُ عَنْهُ سَاكِتٌ فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ , قَالَ : نَعَمْ , فَكُنْتُ فِيهَا لَئِيمًا رَاضِعًا قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : دَعَا زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ لِيَسْتَعْمِلَهُ عَلَى بَعْضِ عَمَلِهِ فَأَبَى , فَحَلَفَ زِيَادٌ لَيَعْمَلَنَّ , فَحَلَفَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ أَنْ لَا يَفْعَلَ , فَقَالَ زِيَادٌ : ادْفَعُوا إِلَيْهِ كِتَابَهُ , قَالَ : لَا أَقْبَلُهُ , قَالَ : ادْفَعُوهُ إِلَيْهِ شَاءَ أَوْ أَبَى , وَاسْحَبُوهُ بِرِجْلِهِ , وَقَالَ لَهُ زِيَادٌ : ابْنَ الْفَاعِلَةِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ : وَاللَّهِ مَا هُوَ مِنْ هَيْبَتِكَ تَرَكْتُ أَنْ أَرُدَّهَا عَلَيْكَ مِائَةَ مَرَّةٍ , وَلَكِنْ تَرَكْتُهَا لِلَّهِ تَعَالَىقَالَ : وَنَدِمَ زِيَادٌ عَلَى مَا قَالَ لَهُ , وَصَنَعَ لَهُ , وَقَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ : إِنَّ مِثْلَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ لَا يُصْنَعُ بِهِ مِثْلُ هَذَا إِنَّ مِنْ شَرَفِهِ وَحَالِهِ فِي نَفْسِهِ وَقَدْرِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ أَمْرًا عَظِيمًا , فَازْدَادَ زِيَادٌ نَدَامَةً وَغَمَّهُ مَا صَنَعَ بِهِ , وَقَالَ : فَأَنَا آتِيهِ فَأَتَرَضَّاهُ وَأَتَحَلَّلُهُ مِمَّا قُلْتُ لَهُ , قَالُوا : أَلَا تَفْعَلُ فَإِنَّهُ أَمْحَكُ مَا يَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ , وَلَا نَأْمَنُ أَنْ يُسْمِعَكَ مَا تَكْرَهُ , فَأَرْسَلَ إِلَى أَخِيهِ طَالُوتَ , فَقَالَ : هَذِهِ مِائَةُ دِينَارٍ خُذْهَا وَأَعْطِهَا أَخَاكَ وَتَحَلَّلْ لِي مِنْهُ فَقَالَ طَالُوتُ : مَا أَجْتَرِئُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهُوَ لَا يَحْلُلْكَ أَبَدًا قَالَ : فَخُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فَأَوْصِلْهَا إِلَيْهِ قَالَ : إِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ قِبَلِكَ لَمْ يَقْبَلْهَا , قَالَ : فَخُذْهَا وَاصْنَعْ لَهُ بِهَا شَيْئًا يَصِلُ إِلَيْهِ نَفْعُهُ , قَالَ : فَأَخَذَهَا فَاشْتَرَى لَهُ مِنْهَا جَارِيَةً فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ اسْمُهَا سَلَّامَةُ وَلَا يَعْلَمُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بِذَلِكَ وَلَوْ عَلِمَ مَا قَبِلَهَا أَبَدًا قَالَ : وَكَانَ لَا يَذْكُرُ فِرْيَةَ زِيَادٍ عَلَيْهِ إِلَّا بَكَى وَتَلَهَّفَ , فَقَالَ : لَوْلَا خَوْفُ اللَّهِ لَرَدَدْتُهَا عَلَيْهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : كَانَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ يَجْرِي عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فِي كُلِّ شَهْرٍ , فَلَمَّا غَضِبَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ عَلَى حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ عَزَلَهُ عَنِ الْمَدِينَةِ , وَوَلَّى عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيٍّ وَأَمَرَ بِحَبْسِ حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ , وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِ فَأَرْسَلَ الْمَهْدِيُّ إِلَى عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ سِرًّا أَنْ وَسِّعْ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ , وَلَا تَضَيِّقْ عَلَيْهِ فَأَرْسَلَ عَبْدُ الصَّمَدِ إِلَى عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فِيهِمُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , فَقَالَ : ادْخُلُوا عَلَى حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ فَانْظُرُوا إِلَيْهِ وَإِلَى مَا هُوَ فِيهِ , فَدَخَلُوا عَلَيْهِ , وَنَظَرُوا إِلَيْهِ وَخَرَجُوا وَدَعَا بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ , وَرَسُولُ الْمَهْدِيِّ عِنْدَهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ مَقَالَهُمْ فَيُخْبِرُ بِذَلِكَ الْمَهْدِيَّ فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الصَّمَدِ : كَيْفَ رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ وَحَالَهُ فِي حَبْسِهِ ؟ فَقَالُوا : رَأَيْنَاهُ فِي سَعَةٍ وَفِي خَيْرٍ وَطَبْرًى , وَعِنْدَهُ رَيْحَانٌ , قَالُوا : وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ سَاكِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ , فَقَالَ : مَا تَقُولُ أَنْتَ ؟ قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ : كَذَبُوكَ , وَخَدَعُوكَ , وَغَرُّوكَ , الرَّجُلُ فِي مَكَانٍ ضِيقٍ وَيُحْدِثُ تَحْتَهُ , وَرَأَيْتُ ضَيْعَةً , ثُمَّ قَامَ لِيَخْرُجَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ : تَعَالَ أَيُّ شَيْءٍ عِنْدَكَ ؟ قَالَ : عِنْدِي الَّذِي أَخْبَرْتُكَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : دَخَلَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَلَى عَبْدِ الصَّمَدِ , وَهُوَ وَالِي الْمَدِينَةِ فَكَلَّمَهُ فِي شَيْءٍ , فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ : إِنِّي لَأَرَاكَ مُرَائِيًا , فَأَخَذَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عُودًا , أَوْ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ , فَقَالَ : مَنْ أُرَائِي فَوَاللَّهِ لَلنَّاسُ عِنْدِي أَهْوَنُ مِنْ هَذَا قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ فَدَعَا الْحَسَنَ بْنَ زَيْدٍ , وَدَعَا ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ , فَأَرَادَ أَنْ يُغْرِيَ الْحَسَنَ بِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَعَرَفَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ صَاحِبَ الْحَسَنِ غَيْرُ مَغْفُولٍ عَنْهُ , فَقَالَ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ : نَشَدْتُكَ اللَّهَ مَا تَعْلَمُ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ ؟ قَالَ : أَمَا إِذْ نَشَدْتَنِي , فَإِنَّهُ يَدْعُونَا فَيَسْتَشِيرُنَا فَنُخْبِرُهُ بِالْحَقِّ فَيَدَعُهُ وَيَعْمَلُ بِهَوَاهُ إِنِ اشْتَهَى شَيْئًا أَخَذَ بِهِ , وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ تَرَكَهُ قَالَ : فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ : نَشَدْتُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا سَأَلْتَهُ عَنْ نَفْسِكَ , قَالَ : فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ : نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ مَا تَعْلَمُ مِنِّي ؟ أَلَسْتُ أَعْمَلُ بِالْحَقِّ ؟ أَلَيْسَ تَرَانِي أَعْدِلُ ؟ فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ : أَمَا إِذْ نَشَدْتَنِي بِاللَّهِ , فَأَقُولُ : اللَّهُمَّ لَا مَا أَرَاكَ تَعْدِلُ , وَإِنَّكَ لَجَائِرٌ وَإِنَّكَ لَتَسْتَعْمِلُ الظَّلَمَةَ وَتَدَعُ أَهْلَ الْخَيْرِ وَالْفَضْلِ قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , وَأُخْبِرْتُ عَنْ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ , قَالُوا : نَحْنُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ حِينَ كَلَّمَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بِمَا كَلَّمَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْكَلَامِ الشَّدِيدِ فَظَنَنَّا أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ سَيُعَالِجُهُ فَجَعَلْنَا نَكُفُّ إِلَيْنَا ثِيَابَنَا وَنَتَنَحَّى مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنَا مِنْ دَمِهِ , قَالَ : وَجَزَعَ أَبُو جَعْفَرٍ وَاغْتَمَّ قَالَ لَهُ : قُمْ فَاخْرُجْ قَالَ : وَرَزَقَهُ اللَّهُ السَّلَامَةَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ , فَخَرَجَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ إِلَى أُمِّ وَلَدِهِ سَلَّامَةَ وَهِيَ مَعَهُ فَقَالَ : احْتَسِبِي دَنَانِيرَكِ الَّتِي كَانَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ يُجْرِيهَا عَلَيْكِ , قَالَتْ : وَلِمَ ؟ قَالَ : سَأَلَنِي أَبُو جَعْفَرٍ عَنْهُ , فَقُلْتُ لَهُ : كَذَا وَكَذَا وَحَسَنٌ حَاضِرٌ فَقَالَتْ : فَفِي اللَّهِ خَلَفٌ وَعِوَضٌ مِنْهَا . قَالَ : فَخَرَجَ حَسَنُ بْنُ زَيْدٍ , وَذَكَرَ ذَلِكَ لِابْنِ أَبِي الزِّنَادِ , قَالَ : وَاللَّهِ مَا سَاءَنِي كَلَامُهُ وَلَقَدْ عَلِمْتُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ اللَّهَ بِذَلِكَ , وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الدُّنْيَا , وَلَا رَضَّا أَبَا جَعْفَرٍ , وَلَكِنْ كَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ عِنْدَهُ فَأَرَادَ اللَّهَ بِهِ فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ الْهِلَالِ زَادَهُ حَسَنُ بْنُ زَيْدٍ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ أَخْرَى فِي كُلِّ شَهْرٍ فَصَارَتْ عَشَرَةً فَلَمْ يَزَلْ يُجْرِيهَا عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ , حَتَّى مَاتَ . وَقَالَ : إِنَّمَا زِدْتُهُ ذَلِكَ لِإِرَادَتِهِ اللَّهَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : لَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى الْمَدِينَةِ الْمَرَّةَ الْأُولَى أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَاشْتَرَى مِنْهَا سَاجًا كُرْدِيًّا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَبِسَهُ عُمْرَهُ , ثُمَّ لَبِسَهُ وَلَدُهُ بَعْدَهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً , وَكَانَتْ حَالُهُ ضَعِيفَةً جِدًّا وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَدِمَ بِهِ عَلَيْهِمْ بِبَغْدَادَ فَلَمْ يَزَالُو بِهِ حَتَّى قَبِلَ مِنْهُمْ فَأَعْطُوهُ أَلْفَ دِينَارٍ , فَلَمْ يَقْبَلْ فَقَالُوا : خُذْهَا وَفَرِّقْهَا فِيمَنْ رَأَيْتَ فَأَخَذَهَا وَانْصَرَفَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ فَلَمَّا كَانَ بِالْكُوفَةِ اشْتَكَى وَمَاتَ فَدُفِنَ بِالْكُوفَةِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً , وَكَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يُفْتِي بِالْمَدِينَةِ , وَكَانَ عَالِمًا ثِقَةً فَقِيهًا وَرِعًا عَابِدًا فَاضِلًا وَكَانَ يُرْمَى بِالْقُدْرَةِ , وَلَمْ يَكُنِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِذَلِكَ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

وَأَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَاسْمُهُ هِشَامُ بْنُ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ , وَأُمُّهُ بُرَيْهَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ , وَأُمُّ أَبِي ذِئْبٍ أُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ , وَكَانَ أَبُو أُحَيْحَةَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ خَالَهُ , وَكَانَ أَبُو ذِئْبٍ قَدْ أَتَى قَيْصَرَ فَسَعَى بِهِ عُثْمَانُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : شَيْطَانُ قُرَيْشٍ إِلَى قَيْصَرَ , فَحَبَسَ قَيْصَرُ أَبَا ذِئْبٍ حَتَّى مَاتَ فِي حَبْسِه وَقَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ يُكْنَى أَبَا الْحَارِثِ , وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِينَ عَامَ الْجَحَّافِ , وَكَانَ مِنْ أَرْوَعِ النَّاسِ وَأَفْضَلِهِمْ , وَكَانُوا يَرْمُونَهُ بِالْقَدَرِ , وَمَا كَانَ قَدَرِيًّا , لَقَدْ كَانَ يَنْفِي قَوْلَهُمْ وَيَعِيبُهُ , وَلَكِنْ كَانَ رَجُلًا كَرِيمًا يَجْلِسُ إِلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ وَيَغْشَاهُ فَلَا يَطْرُدُهُ , وَلَا يَقُولُ لَهُ شَيْئًا , وَإِنْ هُوَ مَرَضَ عَادَهُ , فَكَانُوا يَتَّهِمُونَهُ بِالْقَدَرِ لِهَذَا وَشِبْهِهِ , وَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أَجْمَعَ , وَيَجْتَهِدُ فِي الْعِبَادَةِ , وَلَوْ قِيلَ لَهُ : إِنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ غَدًا مَا كَانَ فِيهِ مَزِيدٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ .
وَأَخْبَرَنِي أَخُوهُ قَالَ : يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا , فَوَقَعَتِ الرَّجْفَةُ بِالشَّامِ , فَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَسَأَلَهُ عَنِ الرَّجْفَةِ , فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُهُ وَهُوَ يَسْتَمِعُ لِقَوْلِهِ فَلَمَّا قَضَى حَدِيثَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ إِفْطَارِهِ قُلْتُ لَهُ : قُمْ نُغَدَّ , قَالَ : دَعْهُ الْيَوْمَ , قَالَ : فَسَرَدَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى أَنْ مَاتَ , وَكَانَ شَدِيدَ الْحَالِ , يَتَعَشَّى بِالْخُبْزِ وَالزَّيْتِ , وَكَانَ لَهُ طَيْلَسَانٌ , وَقَمِيصٌ , فَكَانَ يَشْتُو فِيهِ وَيُصَيِّفُ , وَكَانَ مِنْ رِجَالِ النَّاسِ صَرَامَةً وَقُولًا بِالْحَقِّ , وَكَانَ يَتَشَبَّبُ فِي حَدَاثَتِهِ حَتَّى كَبِرَ وَطَلَبَ الْحَدِيثَ .
وَقَالَ : لَوْ طَلَبْتُهُ وَأَنَا صَغِيرٌ كُنْتُ أَدْرَكْتُ مَشَايِخَ فَرَّطْتُ فِيهِمْ , وَكُنْتُ أَتَهَاوَنُ بِهَذَا الْأَمْرِ حَتَّى كَبِرْتُ وَعَقَلْتُ , وَكَانَ يَحْفَظُ حَدِيثَهُ كُلَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ , وَلَا شَيْءَ يُنْظَرُ فِيهِ وَلَا لَهُ حَدِيثٌ مُثْبَتٌ فِي شَيْءٍ قَالَ : وَسَأَلْتُ سَلَّامَةَ أُمَّ وَلَدِهِ أَنَّهُ كَتَبَ ؟ قَالَتْ : لَا , مَا لَهُ كِتَابٌ وَاحِدٌ قَالَ : وَأَوَّلُ يَوْمٍ جِئْتُهُ أَنَا وَأَخِي شَمْلَةُ انْقَلَبْنَا مِنَ الْكُتَّابِ , فَعَمَدَتْ أُمِّي إِلَيْنَا فَأَلْبَسَتْنَا ثِيَابًا وَأَخَذَتْ دَفْتَرًا لِي قَدْ كَتَبْتُ فِيهِ بَعْضَ أَحَادِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ , فَجِئْتُهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ قِرَاءَةً رَدِيئَةً وَخَطًّا رَدِيئًا , فَتَتَعْتَعْتُ فِيهِ , قَالَ : فَضَجِرَ وَأَخَذَ الدَّفْتَرَ فَطَرَحَهُ فَقَالَ : صِبْيَانٌ لَا يُحْسِنُونُ شَيْئًا , قُومُوا عَنَّا فَقُمْنَا , فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ وَانْقَلَبْنَا مِنَ الْكُتَّابِ , قَالَتْ أُمِّي : اذْهَبُوا إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ , فَأَمَّا أَخِي شَمْلَةُ فَحَلَفَ أَلَا يَذْهَبَ إِلَيْهِ , وَأَمَّا أَنَا فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ فَحِينَ رَآنِي , قَالَ : تَعَالَ تَعَالَ اذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ , فَخُذْ مِنْهُ كِتَابَهُ وَتَعَالَ , قَالَ : فَصَبَّرَنِي حَتَّى فَرَغْتُ مِنْهُ كُلِّهِ قَالَ : فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ اللَّهَ , قَالَ : ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ أَخِي بَعْدُ وَكُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَيْهِ كِلَانَا , ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى سَمِعْتُهَا مِنْهُ سَمَاعًا مِمَّا يُرَدِّدُهَا وَحَتَّى صَارَ إِذَا شَكَّ فِي حَدِيثٍ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : مَا تَقُولُ فِي كَذَا وَكَذَا , كَيْفَ حَدَّثْتُكَ ؟ فَأَقُولُ : حَدَّثْتَنَا بِهِ كَذَا وَكَذَا , فَيَرْجِعُ إِلَى قَوْلِي قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ , وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَ : يَا أَبَا الْحَارِثِ , مَا قَرَأْتُ عَلَيْكَ مِنَ الْحَدِيثِ أَقُولُ حَدَّثَنِي ؟ قَالَ : نَعَمْ , وَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ تَبَاعَةٍ فَهُوَ فِي عُنُقِي قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : وَكَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يَرُوحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى الصَّلَاةِ بَاكِرًا , فَيُصَلِّي حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ , وَمَا رَأَيْتُهُ نَظَرَ إِلَى شَمْسٍ قَطُّ يَعْنِي فِي قَوْلِ مَنْ رَأَى الْكَرَامَةَ لِلصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ يَأْتِي دَارَ أَجْدَادِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , فَيَأْخُذُ كِرَاءَهَا فَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ , وَيَقْسِمُ عَلَيْهِمْ حِصَصَهُمْ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : وَكَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لَا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : لَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بِالْمَدِينَةِ لَزِمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بَيْتَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ حَتَّى قُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ إِذَا جَلَسَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَاقْتَعَدَهُ سَأَلَ أَهْلَ الْمَجْلِسِ مَا فَعَلَ صَاحِبُكُمْ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا نَدْرِي , قَالَ : أَيْنَ مَنْزِلَهُ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا نَدْرِي , ضَجَرَ عَلَيْهِمْ , وَقَالَ : لِأَيِّ شَيْءٍ تَصْلُحُونَ ؟ يَجْلِسُ إِلَيْكُمْ رَجُلٌ لَا تَدْرُونُ إِذَا أَعْقَلَ لَمْ تَعُودُوهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ لَمْ تُعيِنُوهُ فَإِنْ عَرَفُوا مَنْزِلَهُ , قَالَ : قُومُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ فِي مَنْزِلِهِ , فَنَسْأَلُ بِهِ وَنَعُودُهُ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ أَبِي ذِئْبٍ إِذْ أَتَاهُ شَيْخٌ , فَقَالَ : تَذْكُرُ يَا أَبَا الْحَارِثِ يَوْمَ سَابَقْنَا بِالْحَمَامِ فَعَدَوْنَا تَحْتَهَا , فَكَانَ وَكَانَ , قَالَ : وَأَقْبَلَ يُحَدِّثُهُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يَتَغَافَلُ عَنْهُ سَاكِتٌ فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ , قَالَ : نَعَمْ , فَكُنْتُ فِيهَا لَئِيمًا رَاضِعًا قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : دَعَا زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ لِيَسْتَعْمِلَهُ عَلَى بَعْضِ عَمَلِهِ فَأَبَى , فَحَلَفَ زِيَادٌ لَيَعْمَلَنَّ , فَحَلَفَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ أَنْ لَا يَفْعَلَ , فَقَالَ زِيَادٌ : ادْفَعُوا إِلَيْهِ كِتَابَهُ , قَالَ : لَا أَقْبَلُهُ , قَالَ : ادْفَعُوهُ إِلَيْهِ شَاءَ أَوْ أَبَى , وَاسْحَبُوهُ بِرِجْلِهِ , وَقَالَ لَهُ زِيَادٌ : ابْنَ الْفَاعِلَةِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ : وَاللَّهِ مَا هُوَ مِنْ هَيْبَتِكَ تَرَكْتُ أَنْ أَرُدَّهَا عَلَيْكَ مِائَةَ مَرَّةٍ , وَلَكِنْ تَرَكْتُهَا لِلَّهِ تَعَالَىقَالَ : وَنَدِمَ زِيَادٌ عَلَى مَا قَالَ لَهُ , وَصَنَعَ لَهُ , وَقَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ : إِنَّ مِثْلَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ لَا يُصْنَعُ بِهِ مِثْلُ هَذَا إِنَّ مِنْ شَرَفِهِ وَحَالِهِ فِي نَفْسِهِ وَقَدْرِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ أَمْرًا عَظِيمًا , فَازْدَادَ زِيَادٌ نَدَامَةً وَغَمَّهُ مَا صَنَعَ بِهِ , وَقَالَ : فَأَنَا آتِيهِ فَأَتَرَضَّاهُ وَأَتَحَلَّلُهُ مِمَّا قُلْتُ لَهُ , قَالُوا : أَلَا تَفْعَلُ فَإِنَّهُ أَمْحَكُ مَا يَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ , وَلَا نَأْمَنُ أَنْ يُسْمِعَكَ مَا تَكْرَهُ , فَأَرْسَلَ إِلَى أَخِيهِ طَالُوتَ , فَقَالَ : هَذِهِ مِائَةُ دِينَارٍ خُذْهَا وَأَعْطِهَا أَخَاكَ وَتَحَلَّلْ لِي مِنْهُ فَقَالَ طَالُوتُ : مَا أَجْتَرِئُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهُوَ لَا يَحْلُلْكَ أَبَدًا قَالَ : فَخُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فَأَوْصِلْهَا إِلَيْهِ قَالَ : إِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ قِبَلِكَ لَمْ يَقْبَلْهَا , قَالَ : فَخُذْهَا وَاصْنَعْ لَهُ بِهَا شَيْئًا يَصِلُ إِلَيْهِ نَفْعُهُ , قَالَ : فَأَخَذَهَا فَاشْتَرَى لَهُ مِنْهَا جَارِيَةً فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ اسْمُهَا سَلَّامَةُ وَلَا يَعْلَمُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بِذَلِكَ وَلَوْ عَلِمَ مَا قَبِلَهَا أَبَدًا قَالَ : وَكَانَ لَا يَذْكُرُ فِرْيَةَ زِيَادٍ عَلَيْهِ إِلَّا بَكَى وَتَلَهَّفَ , فَقَالَ : لَوْلَا خَوْفُ اللَّهِ لَرَدَدْتُهَا عَلَيْهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : كَانَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ يَجْرِي عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فِي كُلِّ شَهْرٍ , فَلَمَّا غَضِبَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ عَلَى حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ عَزَلَهُ عَنِ الْمَدِينَةِ , وَوَلَّى عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيٍّ وَأَمَرَ بِحَبْسِ حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ , وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِ فَأَرْسَلَ الْمَهْدِيُّ إِلَى عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ سِرًّا أَنْ وَسِّعْ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ , وَلَا تَضَيِّقْ عَلَيْهِ فَأَرْسَلَ عَبْدُ الصَّمَدِ إِلَى عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فِيهِمُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , فَقَالَ : ادْخُلُوا عَلَى حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ فَانْظُرُوا إِلَيْهِ وَإِلَى مَا هُوَ فِيهِ , فَدَخَلُوا عَلَيْهِ , وَنَظَرُوا إِلَيْهِ وَخَرَجُوا وَدَعَا بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ , وَرَسُولُ الْمَهْدِيِّ عِنْدَهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ مَقَالَهُمْ فَيُخْبِرُ بِذَلِكَ الْمَهْدِيَّ فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الصَّمَدِ : كَيْفَ رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ وَحَالَهُ فِي حَبْسِهِ ؟ فَقَالُوا : رَأَيْنَاهُ فِي سَعَةٍ وَفِي خَيْرٍ وَطَبْرًى , وَعِنْدَهُ رَيْحَانٌ , قَالُوا : وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ سَاكِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ , فَقَالَ : مَا تَقُولُ أَنْتَ ؟ قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ : كَذَبُوكَ , وَخَدَعُوكَ , وَغَرُّوكَ , الرَّجُلُ فِي مَكَانٍ ضِيقٍ وَيُحْدِثُ تَحْتَهُ , وَرَأَيْتُ ضَيْعَةً , ثُمَّ قَامَ لِيَخْرُجَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ : تَعَالَ أَيُّ شَيْءٍ عِنْدَكَ ؟ قَالَ : عِنْدِي الَّذِي أَخْبَرْتُكَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : دَخَلَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَلَى عَبْدِ الصَّمَدِ , وَهُوَ وَالِي الْمَدِينَةِ فَكَلَّمَهُ فِي شَيْءٍ , فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ : إِنِّي لَأَرَاكَ مُرَائِيًا , فَأَخَذَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عُودًا , أَوْ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ , فَقَالَ : مَنْ أُرَائِي فَوَاللَّهِ لَلنَّاسُ عِنْدِي أَهْوَنُ مِنْ هَذَا قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ فَدَعَا الْحَسَنَ بْنَ زَيْدٍ , وَدَعَا ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ , فَأَرَادَ أَنْ يُغْرِيَ الْحَسَنَ بِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَعَرَفَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ صَاحِبَ الْحَسَنِ غَيْرُ مَغْفُولٍ عَنْهُ , فَقَالَ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ : نَشَدْتُكَ اللَّهَ مَا تَعْلَمُ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ ؟ قَالَ : أَمَا إِذْ نَشَدْتَنِي , فَإِنَّهُ يَدْعُونَا فَيَسْتَشِيرُنَا فَنُخْبِرُهُ بِالْحَقِّ فَيَدَعُهُ وَيَعْمَلُ بِهَوَاهُ إِنِ اشْتَهَى شَيْئًا أَخَذَ بِهِ , وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ تَرَكَهُ قَالَ : فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ : نَشَدْتُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا سَأَلْتَهُ عَنْ نَفْسِكَ , قَالَ : فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ : نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ مَا تَعْلَمُ مِنِّي ؟ أَلَسْتُ أَعْمَلُ بِالْحَقِّ ؟ أَلَيْسَ تَرَانِي أَعْدِلُ ؟ فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ : أَمَا إِذْ نَشَدْتَنِي بِاللَّهِ , فَأَقُولُ : اللَّهُمَّ لَا مَا أَرَاكَ تَعْدِلُ , وَإِنَّكَ لَجَائِرٌ وَإِنَّكَ لَتَسْتَعْمِلُ الظَّلَمَةَ وَتَدَعُ أَهْلَ الْخَيْرِ وَالْفَضْلِ قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , وَأُخْبِرْتُ عَنْ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ , قَالُوا : نَحْنُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ حِينَ كَلَّمَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بِمَا كَلَّمَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْكَلَامِ الشَّدِيدِ فَظَنَنَّا أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ سَيُعَالِجُهُ فَجَعَلْنَا نَكُفُّ إِلَيْنَا ثِيَابَنَا وَنَتَنَحَّى مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنَا مِنْ دَمِهِ , قَالَ : وَجَزَعَ أَبُو جَعْفَرٍ وَاغْتَمَّ قَالَ لَهُ : قُمْ فَاخْرُجْ قَالَ : وَرَزَقَهُ اللَّهُ السَّلَامَةَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ , فَخَرَجَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ إِلَى أُمِّ وَلَدِهِ سَلَّامَةَ وَهِيَ مَعَهُ فَقَالَ : احْتَسِبِي دَنَانِيرَكِ الَّتِي كَانَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ يُجْرِيهَا عَلَيْكِ , قَالَتْ : وَلِمَ ؟ قَالَ : سَأَلَنِي أَبُو جَعْفَرٍ عَنْهُ , فَقُلْتُ لَهُ : كَذَا وَكَذَا وَحَسَنٌ حَاضِرٌ فَقَالَتْ : فَفِي اللَّهِ خَلَفٌ وَعِوَضٌ مِنْهَا .
قَالَ : فَخَرَجَ حَسَنُ بْنُ زَيْدٍ , وَذَكَرَ ذَلِكَ لِابْنِ أَبِي الزِّنَادِ , قَالَ : وَاللَّهِ مَا سَاءَنِي كَلَامُهُ وَلَقَدْ عَلِمْتُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ اللَّهَ بِذَلِكَ , وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الدُّنْيَا , وَلَا رَضَّا أَبَا جَعْفَرٍ , وَلَكِنْ كَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ عِنْدَهُ فَأَرَادَ اللَّهَ بِهِ فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ الْهِلَالِ زَادَهُ حَسَنُ بْنُ زَيْدٍ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ أَخْرَى فِي كُلِّ شَهْرٍ فَصَارَتْ عَشَرَةً فَلَمْ يَزَلْ يُجْرِيهَا عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ , حَتَّى مَاتَ .
وَقَالَ : إِنَّمَا زِدْتُهُ ذَلِكَ لِإِرَادَتِهِ اللَّهَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : لَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى الْمَدِينَةِ الْمَرَّةَ الْأُولَى أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَاشْتَرَى مِنْهَا سَاجًا كُرْدِيًّا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَبِسَهُ عُمْرَهُ , ثُمَّ لَبِسَهُ وَلَدُهُ بَعْدَهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً , وَكَانَتْ حَالُهُ ضَعِيفَةً جِدًّا وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَدِمَ بِهِ عَلَيْهِمْ بِبَغْدَادَ فَلَمْ يَزَالُو بِهِ حَتَّى قَبِلَ مِنْهُمْ فَأَعْطُوهُ أَلْفَ دِينَارٍ , فَلَمْ يَقْبَلْ فَقَالُوا : خُذْهَا وَفَرِّقْهَا فِيمَنْ رَأَيْتَ فَأَخَذَهَا وَانْصَرَفَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ فَلَمَّا كَانَ بِالْكُوفَةِ اشْتَكَى وَمَاتَ فَدُفِنَ بِالْكُوفَةِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً , وَكَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يُفْتِي بِالْمَدِينَةِ , وَكَانَ عَالِمًا ثِقَةً فَقِيهًا وَرِعًا عَابِدًا فَاضِلًا وَكَانَ يُرْمَى بِالْقُدْرَةِ , وَلَمْ يَكُنِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِذَلِكَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،